الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العشرون في المخصصات المتصلة، ووقوع التخصيص بها، وما يتفرع عن ذلك
اعلم أن الأصوليين مطبقون على أن من جملة ما يخصص العمومات، المخصصات المتصلة، وهي عندهم أربعة: الاستثناء، والشرط، والغاية، والصفة، هذا مما لم أر فيه خلافا ولا تفصيلا/، بل ذلك مطلق عندهم، ولم أر أحدا زاد على هذه الأربعة شيئا. (140/ أ)
والحق في هذا الباب: إما أن لا تكون هذه الأمور مخصصة مطلقا وهو الحق، أو تكون مخصصة، إن سلم ذلك، ولا يكون الحصر واقعا في الأربعة، بل هي نحو العشرة، كل جار على ما ذكروه من الأسئلة في تلك الأربعة.
فإن قلنا: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة في الاستثناء، أو: إن حاربوا، في الشرط، أو: حتى يعطوا الجزية، في الغاية، أو: اقتلوا المشركين المحاربين، فإن ذلك يخصص العموم في الأول بغير أهل الذمة، ويخرج أهل الذمة من العموم، ويخرج غير المحاربين بالشرط المذكور، فيكون تخصيصا؛ وتخصيص الغاية من إعطاء الجزية، فيخرجه عن حكم العموم، وكذلك الصفة تخرج غير المحاربين من العموم.
فإن قلنا هذا، تساويه
الحال
، فإنها كالصفة، كقولنا: اقتلوا المشركين محاربين، ولا فرق بينهما في معنى التخصيص.
وكذلك المفعول من أجله، نحو: اقتلوهم منعا لهم من الحرابة،
والحال إلى ترك القتال، فهذا يقتضي أيضا أن كل من لا يحارب لا يقاتل ولا يقتل.
وكذلك الظروف من الزمان -وهو السابع في العدد- نحو: اقتلوهم مستهل هذه السنة، فإن التقييد بهذا الظرف يقتضي عدم قتل من وجد من المشركين قبل هذا القيد أو بعده، كالتقييد بالصفة سواء.
الثامن: التقييد بظرف المكان، نحو: اقتلوهم في جزيرة العرب، فإن هذا التقييد أيضا يقتضي أنهم لا يقتلون في غير هذا المكان، كالتقييد بالصفة، وأن من وجد منهم بغير هذا المكان لا يقتل، ويكون مخرجا من العموم مخصصا.
التاسع: المجرور، نحو: اقتلوهم بحرابتهم، أو اقتلوهم بما حملوا من السيوف، ونحو ذلك من المجرورات، فإن هذا التقييد بهذه المجرورات يقتضي أن يخرج من العموم من ليس له حرابة ومن لم يحمل سيفا كالتقييد بالصفة والغاية.
العاشر: التمييز، نحو قولنا: اقتلوهم ثلاثا، ونحو قول القائل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، نصبا على التمييز، فإن التقييد بهذا التمييز يقتضي أنه من وجد بعد الثلاث من مواقع القتال لا يقتل، وقد كان يقتل لولا هذا التقييد، فكان ذلك تخصيصا/ على قاعدتهم في التقييد بالغاية والصفة. (140 م ب)
فهذه عشرة ذكرتها على سبيل الحصر؛ للتنبيه على أن الحصر ليس واقعا فيما ذكروه.
ويتمهد هذا الباب بفصلين:
أحدهما مشتمل على بيان أن هذه الأمور العشرة وما جرى مجراها ليس مخصصا كما زعموه.
وثانيهما: في فروع هذه الأمور ومباحثها المرتبة على تسليم كونها مخصصة، فإن في ذلك فوائد ومسائل تتفرع عليها.