الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: العموم المتناول للنبي صلى الله عليه وسلم والأمة كقوله تعالى: {يا أيها الناس} ،} يا أيها الذين آمنوا} ، يعم الحكم الجميع
.
وقال بعضهم: يختص بالأمة؛ لأن علو قدره صلى الله عليه وسلم يقتضي إفراده بالذكر إذا أريد بالحكم، فحيث لم يفرد لم يكن مرادا، وهي عادة الملوك والعظماء إذا خاطبوا عامة رعيتهم خصصوا وزراءهم، (وكبراء خاصتهم) بخطاب يخصهم، إذا كانوا مرادين بذلك الحكم، وإذا كانت هذه العادة في الخطاب، وكلام الله تعالى يخصص بالعوائد، فيخصص بهذه العادة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم البرية، وسيد الكونين.
وأجاب الجمهور عن هذه النكتة: أن عوائد الملوك إنما كانت كذلك؛ لأن عظماء دولتهم يقاربوهم في الجلالة والعظمة، فاقتضى الحال في سياستهم أن
يميزوا عن الرعية، حفظًا لقلوبهم عن الفساد، وما يخشى من غوائلهم في إفساد الممالك.
وأما الله سبحانه وتعالى، فالعلم كله وجميع المخلوقات بالنسبة إلى عظمة جلاله، لا أقول كالذرة الملقاة في الفلاة، بل كالعدم الصرف، فالتسوية بين أجزاء العالم وجلال الله تعالى ضعيفة جدا، بل ذلك جناب عظيم، كل عظيم بالنسبة إليه ليس بعظيم.
فهذا فرق عظيم يمنع من ملاحظة عوائد الملوك في خطاب الله تعالى.
وقل الصيرفي: كل خطاب لم يصدر بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه، يتناوله، وإن صدر بأمره بتبليغه، لم يتناوله، كقوله تعالى:{قل يا أيها الناس} .
وهذا صحيح من اللغة، أما من جهة العوائد فلا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ الشريعة كلها، وهو داخل فيها كلها بإجماع الأمة إلا ما خصه الدليل.