الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَالْحُرِّيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ جَمِيعُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ
(وَحَيْثُ بِالْعَيْبِ، أَوْ الْإِقَالَهْ يَرُدُّهُ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَهْ) أَيْ وَحَيْثُ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، أَوْ بِإِقَالَةٍ (، أَوْ بِتَحَالُفٍ، أَوْ الْخِيَارِ) بِمَجْلِسٍ، أَوْ شَرْطٍ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ فِيمَا (إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى غَرِيمِهِ لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَمْ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحَالَ زَوْجَتَهُ بِصَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبٌ حَادِثٌ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْفَسْخِ؛ وَلِأَنَّ الصَّدَاقَ أَثْبَتُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلِهَذَا لَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إلَّا بِرِضَاهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَقَضِيَّةُ الثَّانِي عَدَمُ انْفِسَاخِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ أَحَالَهَا ثُمَّ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِرِدَّتِهَا، أَوْ فُسِخَ بِعَيْبٍ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَقْبِضُهُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْبَائِعِ يَقَعْ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيمَا قَبَضَهُ الْبَائِعُ حَتَّى لَا يَجُوزَ إبْدَالُهُ إنْ بَقِيَتْ عَيْنُهُ وَأَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ كَقَبْضِهِ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ فَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِمِثْلِ الْمُحَالِ بِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ.
(لَا) فِيمَا إذَا أَحَالَ (الشَّارِي) أَيْ الْبَائِعَ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ هُنَا بِثَالِثٍ فَيَبْعُدُ ارْتِفَاعُهَا بِفَسْخٍ يَخْتَصُّ بِالْعَاقِدَيْنِ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ لِذَلِكَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، ثُمَّ إذَا أَخَذَ الْغَرِيمُ حَقَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ كَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا
.
(بَابُ الضَّمَانِ)
هُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ وَشَرْعًا: يُقَالُ لِالْتِزَامِ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ، أَوْ إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ. وَيُقَالُ لِلْعَقْدِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، وَيُسَمَّى الْمُلْتَزِمُ لِذَلِكَ ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَكَافِلًا وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا وَقَبِيلًا وَسَيَأْتِي أَكْثَرُهَا فِي النَّظْمِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ الضَّمِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْحَمِيلَ فِي الدِّيَاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
، وَالْأَوْجَهُ يَحْلِفُ وَيُوَجَّهُ بِمَا وَجَّهَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ صِحَّةَ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُحْتَالِ مِنْ أَنَّ لَهُ إجْبَارَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ عَلَى قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُحْضِرُهُ لَهُ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ قَبْضِهِ فَيَحْكُمُ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِالْحُرِّيَّةِ اهـ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ) فِي الرَّوْضِ: وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي الْحَوَالَةِ بِالثَّمَنِ وَكَذَا عَلَيْهِ لَا فِي حَقِّ مُشْتَرٍ لَمْ يَرْضَ فَإِنْ فَسَخَ بَطَلَتْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: فَإِنْ فَسَخَ بَطَلَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى مَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بَعْدَ بُطْلَانِ الْخِيَارِ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى الثَّمَنِ لَا تَبْطُلُ بِالْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ
وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ وَمَنَعَ بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَيُسْتَثْنَى الْفَسْخُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى الْمَتْنِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ مُخَالِفٌ لِلرَّوْضِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ) هَذَا الْإِبْرَاءُ كَالْأَخْذِ لَوْلَا أَنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ شَيْئًا وَلَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ
(بَابُ الضَّمَانِ)
(قَوْلُهُ: أَوْ إحْضَارِ) عَطْفٌ عَلَى حَقٍّ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَحْلِيفُهُ مَا لَمْ يُحَلِّفْهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يُحَلِّفُهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ خُصُومَتَهَا وَاحِدَةٌ. اهـ. م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ أَحَالَ آخَرَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ حِينَئِذٍ بِثَالِثٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَجَزَمَ بِهِ ق ل وَع ش (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) مِثْلُهُ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِعَيْبٍ مَثَلًا فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ فِي الْكُلِّ اهـ رَوْضٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
[بَابُ الضَّمَانِ]
(قَوْلُهُ: بَابُ الضَّمَانِ) قَالَ ق ل: ذُكِرَ عَقِبَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَوُّلِ حَقٍّ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحَوُّلَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى مَعَ بَقَاءِ شَغْلِ الْأُولَى، كَذَا بِهَامِشِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: بَقَاءُ شَغْلِ الْأُولَى وَإِنْ مُنِعَ تَحَوُّلُهُ حَقِيقَةً لَا يُمْنَعُ تَحَوُّلُهُ بِمَعْنَى الْتِزَامِ الذِّمَّةِ الْأُخْرَى لَهُ، تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لِلْعَقْدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هُنَاكَ عَقْدًا غَيْرَ الِالْتِزَامِ السَّابِقِ مُرَكَّبٌ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ هُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَضْمُونِ لَهُ، وَهَذَا مَا فَهِمَهُ الرَّشِيدِيُّ وَقَالَ ع ش الضَّمَانُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَنَفْسِ الْمَصْدَرِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْفَاعِلِ وَالْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الْأَوَّلِ مَصْدَرٌ وَمَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الثَّانِي اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ وَيُسَمَّى الْحَاصِلَ بِالْمَصْدَرِ. اهـ. فَالضَّمَانُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ هُوَ الْمَصْدَرُ وَبِمَعْنَى الِالْتِزَامِ هُوَ الْحَاصِلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُحَصِّلٌ لِلِالْتِزَامِ كَمَا فِي عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمَصْدَرَ وَالْحَاصِلَ بِهِ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ، مُخْتَلِفَانِ بِالِاعْتِبَارِ. وَفِيهِ كَلَامٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ
وَالزَّعِيمَ فِي الْأَمْوَالِ الْعِظَامِ، وَالْكَفِيلَ فِي النُّفُوسِ، وَالصَّبِيرَ فِي الْجَمِيعِ، وَكَالضَّمِينِ فِيمَا قَالَهُ الضَّامِنُ وَكَالْكَفِيلِ الْكَافِلُ وَكَالصَّبِيرِ الْقَبِيلُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: وَالزَّعِيمُ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْحَمِيلُ لُغَةُ أَهْلِ مِصْرَ، وَالْكَفِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ
، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَكَانَ حِمْلُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَخَبَرِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَامْتِنَاعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ شَفَاعَةٌ وَشَفَاعَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَنَفْسُ الْمَرْءِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ قَالَ جَابِرٌ فِي رِوَايَةٍ: «كَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْمَالِ قِلَّةٌ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْفُتُوحَ قَالَ: صلى الله عليه وسلم أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ خَلَّفَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ خَلَّفَ كَلًّا، أَوْ دَيْنًا فَكَلُّهُ إلَيَّ وَدَيْنُهُ عَلَيَّ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدَك؟ قَالَ: وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدِي» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَلَى كُلِّ إمَامٍ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم كَعِدَاتِهِ بِدَلِيلِ قَضَائِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى تَأَكُّدِ نَدْبِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلِلضَّمَانِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ ضَامِنٌ وَمَضْمُونٌ لَهُ وَمَضْمُونٌ عَنْهُ وَمَضْمُونٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ كَمَا سَتَرَاهُ
(صَحَّ ضَمَانُ) الْمُخْتَارُ الْمَعْلُومُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ (الْأَهْلِ لِلتَّبَرُّعِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَلَوْ رَقِيقًا بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَلَا مِنْ الرَّقِيقِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُسْتَوْلَدَةً وَمُبَعَّضًا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ.
وَفَارَقَ صِحَّةَ خُلْعِ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الضَّمَانِ، وَالْأَمَةُ قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُلْعِ لِسُوءِ الْعِشْرَةِ فَإِنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: شَرْعٌ لَنَا إلَخْ) فِي قَوْلِ الْأَصَحِّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) لَك أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ قَضَاءٌ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا فِيهِ ضَمَانٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وُجُودُ الْمَرْجِعِ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَلَّفَ كَلًّا، أَوْ دَيْنًا) أَيْ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرِ فِي قَوْلِهِ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: الْأَهْلُ لِلتَّبَرُّعِ وَأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الْأَهْلُ لِلتَّبَرُّعِ) قَالَ: الشَّارِحُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَالْوَلِيُّ، وَالْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَيِّرَ الْمَوْلَى ضَامِنًا كَأَنْ يَقُولَ: جَعَلْته ضَامِنًا دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ شَغْلَ ذِمَّةِ الْمَوْلَى بِثَمَنِ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ وَبِالْمَهْرِ فِي تَزْوِيجِهِ إيَّاهُ وَبِدَيْنِ الْقَرْضِ فِي الِاقْتِرَاضِ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ أَيْضًا شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِدَيْنِ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا السَّكْرَانَ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) فَيَصِحُّ ضَمَانُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُخْتَصَرِ الْعَضُدِيِّ (قَوْلُهُ: ابْنُ حِبَّانَ) هُوَ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. اهـ. إيعَابٌ. اهـ. شَوْبَرِيُّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ إلَخْ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) أَيْ أَوْ يُضَمْنَ عَنْهُ،
وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً وَإِنَّمَا تَكُونُ مُرْتَهَنَةً إذَا عَصَى بِتَرْكِ الْوَفَاءِ، أَوْ اسْتَدَانَ فِي مَعْصِيَةٍ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَيُشْكِلُ عَلَيَّ حَدِيثُ الصَّحَابِيِّ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ الظَّنَّ بِهِ عَدَمُ الْعِصْيَانِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: كَعِدَاتِهِ) فَإِنَّهُ كَانَ إذَا وَعَدَ بِشَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى تَأْكِيدِ نَدْبِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلِلضَّمَانِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ) أَيْ الضَّمَانُ مُقَابِلُ الْكَفَالَةِ أَمَّا هِيَ فَلَهَا أَرْبَعَةٌ فَقَطْ كَافِلٌ وَمَكْفُولٌ وَمَكْفُولٌ لَهُ وَصِيغَةٌ. اهـ. تَقْرِيرٌ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ
(قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكْرَهِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَضْمَنَ فُلَانًا ثُمَّ امْتَنَعَ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الضَّمَانِ فَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ) قَدْ يُقَالُ: هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَقِيقًا بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ) وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَمِنْهُ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ إمَّا أَنْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيًّا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِسَيِّدِهِ، أَوْ سَيِّدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، فَفِي الْأُولَى يَصِحُّ بِالْإِذْنِ وَإِذَا غَرِمَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالرُّجُوعُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ بَعْدَهُ فَالرُّجُوعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مِنْ مِلْكِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَصِحُّ بِالْإِذْنِ، فَحِينَئِذٍ إذَا أَدَّى وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الضَّمَانِ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ السَّيِّدُ أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَصِحُّ مِنْهُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بِإِذْنٍ وَأَمَّا ضَمَانُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِمُعَامَلَةٍ فَصَحِيحٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الضَّمَانِ وَأَمَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْإِتْلَافِ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ أَفَادَهُ م ر وع ش وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الَّذِي ضَمَّنَ أَجْنَبِيًّا لِسَيِّدِهِ
بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَضَمَانُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ كَشِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ وَيُطَالَبُ بِمَا ضَمِنَهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُ الضَّمَانِ تَبَرُّعًا حَيْثُ لَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَاضٌ لَا مَحْضُ تَبَرُّعٍ بِدَلِيلِ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمِنْ الثُّلُثِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا فَاسِدٌ فَإِنَّهُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ كَانَ الْقَرْضُ تَبَرُّعًا وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ حُسْبَانَ ضَمَانِ الْمَرِيضِ بِالْإِذْنِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَحَلُّهُ إذَا وَجَدَ مَرْجِعًا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ آخِرَ الْبَابِ (وَعَنْ صَرِيعٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ عَنْ حَيٍّ وَعَنْ مَيِّتٍ (مُفْلِسٍ وَمُوسِعِ) أَيْ مُوسِرٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْمُفْلِسِ وَقِيَاسًا فِي الْمُوسِرِ (وَ) عَنْ (ضَمَانٍ) كَالْأَصِيلِ بِجَامِعِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَعَاجِلٍ تَأْجِيلَا) أَيْ وَعَنْ حَالٍّ مُؤَجَّلًا (وَاعْكِسْهُ) أَيْ وَعَنْ مُؤَجَّلٍ حَالًّا إذْ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ لِلْحَاجَةِ (، وَالتَّأْجِيلُ لَا الْحُلُولَا أَثْبِتْ) أَيْ
ــ
[حاشية العبادي]
يَدْخُلُ فِيهِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ السَّابِقَةِ الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ) وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ قَدْرَ الدَّيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَالِ السَّيِّدِ لَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا إذَا ضَمِنَ عَنْ السَّيِّدِ أَيْضًا وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَالِ السَّيِّدِ يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَهَلْ يَخْرُجُ الْمُبَعَّضُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ) بِأَنْ يَضْمَنَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى السَّيِّدِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَاسِدًا) لَك أَنْ تَقُولَ الَّذِي اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ مَحْضِ التَّبَرُّعِ لَا نَفْيُ التَّبَرُّعِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قِيلَ يَبْطُلُ الضَّمَانُ.
وَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ فَيُطَالِبُهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْيَسَارِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِإِيضَاحٍ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دُيُونٌ فَإِنْ سَبَقَتْ الضَّمَانَ تَعَلَّقَتْ بِمَا فِي يَدِهِ، وَلَا يُصْرَفُ لِلضَّمَانِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَا يُصْرَفُ لِلدُّيُونِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْجُرْ الْقَاضِي عَلَى الْعَبْدِ أَمَّا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِهِ حَتَّى يَنْفَكَّ الْحَجْرُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الدُّيُونُ عَلَى الضَّمَانِ، أَوْ تَأَخَّرَتْ أَفَادَهُ ع ش فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّقِيقُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ) فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ حَالَ الْإِذْنِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الضَّمَانِ لَا بَعْدَهُ ضَمِنَ كَسْبَهُ أَوْ غَيَرَهُ قَضَى مِنْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِهِ وَانْتَقَلَ التَّعَلُّقُ إلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ لِلدَّيْنِ نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مُعَيَّنٍ بِالشَّخْصِ كَأَدِّ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّعَلُّقُ مِنْهُ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِمَا فِي يَدِهِ وَقْتَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَرِبْحٍ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ سَابِقًا عَلَى الْإِذْنِ وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْإِذْنِ وَلَوْ انْتَفَى فِي صُورَةِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ الْكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ فَإِنْ حَدَثَ كَسْبٌ فَيَنْبَغِي التَّعَلُّقُ بِهِ. اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ.
أَمَّا هُمَا فَيُؤَدِّيَانِ بِمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ وَقَوْلُ ق ل وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ اعْتَمَدَ سم عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا فَالتَّقْيِيدُ بِهَا فِيهِ مُعْتَبَرٌ لَكِنْ لَا يُقَيَّدُ بِمَا بَعْدَ الضَّمَانِ بِخِلَافِهِ فِي مُؤَنِ النِّكَاحِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي النِّكَاحِ أَوْ الضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ جِهَةٍ يُؤَدِّي مِنْهَا إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ وَكَسْبًا وَلَوْ حَصَلَ فِي يَدِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الْمُؤَنِ فِي النِّكَاحِ، أَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَتْ الْمُؤَنُ وَغَرِمَ الضَّمَانَ بِكَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَيُزَادُ فِي الْمُؤَنِ كَوْنُهُ حَاصِلًا بَعْدَ وُجُوبِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الضَّمَانِ فَصَارَ أَقْوَى مِنْ الْمُؤَنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ عَلَى أَحَدٍ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ مَعْنًى (قَوْلُهُ: صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إذْ قَدْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ غَرَضٌ فِي عَدَمِ تَعَلُّقِ دَيْنِهِ بِهِ. اهـ. سم عَنْ م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ) هَذَا جَارٍ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إذَا ضَمِنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ دَيْنِ الضَّمَانِ مُسْتَغْرِقٌ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ. اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ مَرْجِعًا) وَإِلَّا بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ كَانَ الضَّمَانُ لِمُعْسِرٍ وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ إلَى
وَأَثْبِتْ أَنْتَ التَّأْجِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَتَّى لَا يُطَالَبَ بِهِ إلَّا بَعْدَ حُلُولٍ عَلَيْهِ كَمَا الْتَزَمَ دُونَ الْحُلُولِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الْأَصِيلُ التَّعْجِيلَ وَإِذَا أَطْلَقَ الضَّمَانَ كَانَ ضَمَانُ الْحَالِّ حَالًّا، وَالْمُؤَجَّلِ (بِحَقٍّ) أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِحَقٍّ (ثَابِتٍ) سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَمْ عَمَلًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِنْ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ كَنَفَقَةِ الْغَدِ
وَإِبِلُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تَوْثِقَةٌ فَلَا يَتَقَدَّمُ ثُبُوتُ الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ وَيَكْفِي ثُبُوتُهُ بِاعْتِرَافِ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ أَوَاخِرَ الْإِقْرَارِ: وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ وَأَنَا ضَامِنُهُ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو فَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ فِي الْأَصَحِّ قَالَا: وَيَصِحُّ ضَمَانُ الزَّكَاةِ عَمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَكَفَالَةِ بَدَنِ الشَّاهِدِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَعَلَى الصَّحِيحِ يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ لِافْتِقَارِ الزَّكَاةِ إلَى النِّيَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصُورَتُهُ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْحَيِّ أَمَّا الْمَيِّتُ فَيَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَهُ ضَمَانٌ أَمْ لَا، قَالَ: ثُمَّ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَوَاضِحٌ، أَوْ فِي الْعَيْنِ فَيَظْهَرُ صِحَّتُهَا أَيْضًا كَمَا أَطْلَقُوهُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ. انْتَهَى. وَإِنَّمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَقِّ حَيْثُ (يَعْرِفُ) الضَّامِنُ (مَنْ يَمْلِكُهُ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْإِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءِ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلًا.
وَتَكْفِي مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ نَسَبُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَكِيلِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَمَعْرِفَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ الْتِزَامٍ وَلَا رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِجَوَازِ أَدَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَالْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ أَجْوَزُ
(كَدَرَكٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا فِي النَّظْمِ وَإِسْكَانِهَا وَهُوَ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ، وَالْمُؤَاخَذَةُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ وَيُسَمَّى ضَمَانَ الْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ ثَابِتٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِتَقْدِيرِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي (إنَّ الثَّمَنَ وُفِّرَ) أَيْ قَبَضَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ ضَمَانُ الزَّكَاةِ) يُمْكِنُ أَنْ يُفَارِقَ الْحَوَالَةَ بِالزَّكَاةِ حَيْثُ لَمْ تَصِحَّ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يُؤَدِّي عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُحِيلِ وَالضَّامِنُ يُؤَدِّي عَنْ جِهَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ضَمَانُ الزَّكَاةِ) لِمَنْ يَتَوَلَّى قَبْضَهَا كَالسَّاعِي وَكَالْمَحْصُورِينَ إذَا مَلَكُوهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْعَيْنِ هُنَا بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا وَفِي مَعْنَى الزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ صُورَةَ ضَمَانِ الدَّرْكِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: ضَمِنْت لَك الثَّمَنَ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا إلَخْ. لَكِنَّ تَصْوِيرَهُ ضَمَانَ الدَّرْكِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَيَشْمَلُ الْكُلَّ ضَمَانُ الدَّرَكِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: ضَمِنْت لَك دَرَكَ الثَّمَنِ إلَخْ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا صَوَّرَهُ فِيمَا يَأْتِي بِمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى النِّزَاعُ فِي شُمُولِهِ وَعَدَمِ شُمُولِهِ لِلْكُلِّ وَلَمْ يَذْكُرْ نَظِيرَ التَّصْوِيرِ الثَّانِي فِي الْفَسَادِ كَأَنَّهُ لِعَدَمِ تَأَتِّيه فِيهِ إذْ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: ضَمِنْت لَك فَسَادَ الْبَيْعِ، أَوْ الثَّمَنِ مَثَلًا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يُتَّجَهُ أَنْ يَقُولَ: عُهْدَةُ فَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِهِ أَيْضًا ضَمَانُ الْفَسَادِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَمِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَالًا إلَخْ) أَيْ مُلْتَزَمًا فِي الذِّمَّةِ وَبِإِجَارَةٍ، أَوْ مُسَاقَاةٍ (قَوْلُهُ: بِحَقٍّ ثَابِتٍ) أَيْ دَيْنٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ حَقَّ الْقَسْمِ لِلْمَظْلُومَةِ حَقٌّ ثَابِتٌ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَيْنًا. وَلَوْ قِيلَ: حَقٌّ ثَابِتٌ، دَيْنٌ أَوْ عَيْنٌ، لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ) أَيْ لِجَوَازِ الِاسْتِقْلَالِ بِالنِّيَّةِ عَنْهُ اهـ تُحْفَةٌ
(قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ) قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْعَيْنِ هُنَا بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا اهـ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ نَسَبَهُ)، وَلَا يَكْفِي مَعْرِفَتُهُ نَسَبَهُ فَقَطْ وَاسْتَظْهَرَ ع ش أَنَّهُ لَوْ اشْتَهَرَ بِالنَّسَبِ كَسَادَتِنَا الْوَفَائِيَّةِ كَفَى (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْأَعْمَى كَذَا بِهَامِشِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ) لَكِنَّهُ يَبْطُلُ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُطَالَبَةُ، وَالْمُؤَاخَذَةُ) قَالَ: ق ل سُمِّيَ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِوُجُودِ الْغُرْمِ فِيهِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ اهـ وَهُوَ خَاصٌّ بِمَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِهَذَا إذَا أُطْلِقَ اخْتَصَّ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ سم: أَصْلُ الدَّرَكِ: التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ، وَالْمُؤَاخَذَةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الثَّمَنُ، أَوْ الْمَبِيعُ لَا نَفْسُ التَّبِعَةِ، فَالدَّرَكُ هُنَا إمَّا بِمَعْنَى الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذَاتُ دَرَكٍ وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ الثَّمَنُ، أَوْ الْمَبِيعُ. وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِالدَّرَكِ كَوْنُهُ مَضْمُونًا بِتَقْدِيرِ الدَّرَكِ أَيْ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ، وَمُطَالَبَتُهُ وَمُؤَاخَذَتُهُ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَخْ) أَيْ جَمِيعَهُ إنْ خَرَجَ مُقَابِلَهُ جَمِيعُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَبِيعًا، وَرَدَّ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ إنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ رَدَّ بَعْضَهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّ وَلَكِنْ نَقَصَ، وَذَلِكَ
لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ بِالتَّقْدِيرِ السَّابِقِ.
وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ بَدَلَ الثَّمَنِ لَشَمِلَ كَلَامُهُ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمَبِيعَ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا، إلَّا أَنَّهُ تَبِعَ الْجُمْهُورَ فِي فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ: إنَّ الثَّمَنَ وَفْرٌ عَنْ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا، وَفِي صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ لِلْمُكْتَرِي وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ صَحَّحَ السُّبْكِيُّ مِنْهُمَا الصِّحَّةَ (وَ) كَضَمَانِ (الْفَسَادِ) بِأَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ أَوْ الْمَبِيعَ بِتَقْدِيرِ فَسَادِ الْبَيْعِ بِمُفْسِدٍ آخَرَ غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ: وَكَضَمَانِ رَدَاءَةِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ بِأَنْ شَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ نَوْعِ كَذَا فَيَضْمَنُ عَنْهُ ضَامِنٌ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمَضْمُونُ لَهُ بِمَا شَرَطَ (وَ) كَضَمَانِ (عَيْبِ مَا بِيعَ)، أَوْ الثَّمَنِ (وَ) كَضَمَانِ (نَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ (وَيَشْمَلُ الْكُلَّ) أَيْ: كُلًّا مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (ضَمَانُ الدَّرَكِ) أَوْ الْعُهْدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: ضَمِنْتُ لَك دَرَكَ، أَوْ عُهْدَةَ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ فَسَادٍ أَوْ رَدَاءَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ نَقْصِ صَنْجَةٍ وَهَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ.
وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ عَدَمُ شُمُولِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَسُمِّيَ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ الْغُرْمَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَضَمَانَ الْعُهْدَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ) أَيْ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ح ج (قَوْلُهُ: مُسْتَحَقًّا) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمَضْمُونُ لَهُ بِمَا شَرَطَ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِتَقْدِيرِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا، أَوْ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ يَعْنِي أَنَّ السَّلَفَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ الثَّمَنُ لَا مَا شَرَطَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَجْهٌ) مَرْجُوحٌ يُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِهِ الْآتِي فِي قَوْلٍ حُكِيَ أَيْضًا لِقَوْلِهِ: وَيَشْمَلُ الْكُلَّ ضَمَانُ الدَّرَكِ وَإِنْ تَسَمَّحَ فِي تَعْبِيرِهِ عَنْ الْوَجْهِ بِالْقَوْلِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحَقِّ) هَلْ الْمُرَادُ عِنْدَ طَلَبِ الْإِدْرَاكِ، وَالْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِحَسَبِ صِيغَةِ ضَمَانِهِ فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْته إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ، أَوْ ضَمِنْت نَقْصَهُ لِصِحَّةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِعَيْبٍ وَهَكَذَا، فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ وَقْتَ ضَمَانِهِ بَاقِيًا ضَمِنَ عَيْنَهُ فَقَطْ وَيُسَمَّى ضَمَانَ عَيْنٍ فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ.
وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِلَا تَلَفٍ لَا يَجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَا يَجِبُ عَلَى مُلْتَزِمِهِمَا شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَقْتَ ضَمَانِهِ تَالِفًا لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَعْدَ الْعَقْدِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَيُسَمَّى فِي هَذَيْنِ ضَمَانَ ذِمَّةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الثَّانِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وع ش وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَجْرِي هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا لِمُخَالَفَةِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ لِلْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ هُنَا أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ لِرَدِّ الْمُعَيَّنِ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ مَا فِي الذِّمَّةِ، كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَرَيَانِ هَذَا الْفَرْقِ هُنَا بِأَنْ يُفْرَضَ خُرُوجُ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا هُوَ صَرِيحُ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: فَعُلِمَ أَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ ضَمَانُ عَيْنٍ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا لَمْ يَتَوَجَّهْ لِبَدَلٍ أَصْلًا بَلْ لِلْعَيْنِ الْمُتَعَيِّنَةِ بِالْعَقْدِ وَأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ ضَمَانُ ذِمَّةٍ فَلَا بُطْلَانَ بِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا لَمْ يَتَوَجَّهْ لِلْعَيْنِ بَلْ لِمَالِيَّتِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا اهـ.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّدَّ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: ضَمَانُ عَيْنٍ وَضَمَانُ ذِمَّةٍ لَكِنَّ قَوْلَهُ: الثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ يَشْمَلُ الْمُعَيَّنَ الْغَيْرَ الْبَاقِي بِيَدِ الْبَائِعِ مَعَ الْبُطْلَانِ بِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ ضَمَانَ ذِمَّةٍ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ) أَيْ مَعْلُومٌ ثُبُوتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا مَعَهُ ثَابِتٌ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا بِالشُّفْعَةِ أَوْ مَعِيبًا، فَإِنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْأَخْذِ بِهَا وَعِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ضَمَانُ الْعُهْدَةِ) الْعُهْدَةُ اسْمٌ لِلْوَثِيقَةِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا ذَلِكَ فَسُمِّيَ الْحَالُّ بِاسْمِ مَحَلِّهِ. اهـ. ق ل، فَالْعُهْدَةُ حِينَئِذٍ جُزْءٌ مِنْ الِاسْمِ لَا مُضَافٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الثَّمَنُ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ ق ل (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْمَبِيعِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي فِي الثَّمَنِ وَالظَّاهِرُ التَّقْيِيدُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّمَنَ وُفِّرَ) مِثْلُهُ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ ضَمَانِ دَرَكِهِ مِنْ قَبْضِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ نَعَمْ ضَمَانُ عُهْدَةِ التَّلَفِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ صَحِيحٌ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا (قَوْلُهُ: لِلْمُكْتَرِي) بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَ الْأُجْرَةِ إنْ خَرَجَتْ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِ الضَّامِنِ الْغُرْمَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ: عِنْدَ مُطَالَبَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ
لِالْتِزَامِهِ مَا فِي الْعُهْدَةِ وَهِيَ الصَّكُّ الْمَكْتُوبُ فِيهِ الثَّمَنُ، وَالْمُثَمَّنُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك خَلَاصَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَخْلِيصِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِخِلَافِ ضَمِنْت لَك خَلَاصَك مِنْهُ فَإِنَّهُ كَضَمَانِ الدَّرَكِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي نَقْصِ صَنْجَةِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّقْصِ، وَلَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّته إلَّا إذَا اعْتَرَفَ، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ، وَالضَّامِنُ صُدِّقَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ ذِمَّتَهُ كَانَتْ مَشْغُولَةً، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
(وَ) كَضَمَانِ مَا سَيَجِبُ مِثْلُ (نَفَقَاتِ الْغَدِ) لِزَوْجَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ (فِي قَوْلٍ حُكِيَ) عَنْ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ، وَالْجَدِيدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: ثَابِتٌ أَيْضًا بِخِلَافِ ضَمَانِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ وَمَا مَضَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِثُبُوتِ الْحَقِّ، وَذِكْرُ الْخِلَافَ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي وَعِبَارَتُهُ: لَا نَفَقَةُ الْغَدِ (لَازِمٌ) أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ لَازِمٍ (أَوْ مِنْ أَصْلِهِ اللُّزُومُ) بِزِيَادَةِ مِنْ سَوَاءٌ الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ كَالثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَقَبْلَهُ وَلَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ بِخِلَافِ نَحْوِ النُّجُومِ، وَالْجُعْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَمَلِ كَمَا فِي الرَّهْنِ بِذَلِكَ (فِي غَيْرِ إبِلٍ دِيَةٍ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ مُخَفَّفًا مِنْ كَسْرِهَا (مَعْلُومُ) أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ لَازِمٍ، هُوَ مَعْلُومٌ لِلضَّامِنِ فِي غَيْرِ إبِلِ الدِّيَةِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالْبَيْعِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ مُبْهَمًا قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَا يُتَبَرَّعُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَازِمٌ) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ ضَمَانِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَدْ مَرَّتْ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ
وَقَدْ فَرَّقَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِمَا يُتَأَمَّلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَمُؤَاخَذَتِهِ إيَّاهُ، نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي الدَّرَكِ الْإِدْرَاكَ لَاسْتَقَامَ كَلَامُهُ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِالثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ضَمَانِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ وَمَا مَضَى) أَيْ لِلُزُوجِهِ وَخَادِمِهَا، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ) الْمُرَادُ بِاللَّازِمِ مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى فَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ اهـ م ر وَدُفِعَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ مَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ لَازِمٍ وَثَابِتٍ إذْ اللَّازِمُ لَا يَكُونُ إلَّا ثَابِتًا وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ اللَّازِمَ قَدْ يُطْلَقُ بِاعْتِبَارِ مَا وَضَعَهُ ذَلِكَ فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يُقَالُ لَهُ لَازِمٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ وَضْعَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَأَحَدُهُمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ: كَالثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَقَبْلَهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الثَّابِتَ مَعْنَاهُ: الْمُتَحَقِّقُ الْمَوْجُودُ فَيَخْرُجُ بِهِ نَفَقَةُ الْغَدِ وَيَدْخُلُ فِيهِ دَيْنُ الْكِتَابَةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَيَحْتَاجُ لِلُّزُومِ، وَلَا يُغْنِي اللُّزُومُ عَنْ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْغَدِ تُوصَفُ فِي نَفْسِهَا بِاللُّزُومِ وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ عَنْ ق ل فَتَدَبَّرْ.
وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّ قَيْدَ الثُّبُوتِ لِإِخْرَاجِ ضَمَانِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فِي الْغَدِ وَنَحْوِهَا وَقَيْدَ اللُّزُومِ بِمَعْنَى عَدَمِ تَطَرُّقِ الْإِبْطَالِ إلَيْهِ بِلَا سَبَبٍ لِإِخْرَاجِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ بِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مَا خَرَجَ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ) الِاسْتِقْرَارُ هُنَا بِمَعْنَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَلَا فِي الْحَوَالَةِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ بِمَعْنَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ؛ لِأَنَّهَا اعْتِيَاضٌ، أَوْ اسْتِيفَاءٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ الرَّهْنُ فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدَيْنِ السَّلَمِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالزَّكَاةُ إذْ لَا اعْتِيَاضَ فِيهِمَا اهـ مِنْ التُّحْفَةِ وسم عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ) الْمُسْتَقِرُّ مَا لَيْسَ مُعَرَّضًا لِلِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُ مَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِذَلِكَ بِذَلِكَ، فَالثَّمَنُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مُسْتَقِرٌّ وَقَبْلَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَهُمَا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ. اهـ. ح ل أَيْ لِعَدَمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. جَمَلٌ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الضَّمَانَ يُوقَفُ فَإِنْ بَانَ مِلْكُ الْبَائِعِ لَهُ لِوُجُودِ التَّفْرِيقِ بَانَتْ صِحَّةُ الضَّمَانِ كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَجَرٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ إذَا كَانَ لَهُمَا. انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ لِمَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ كَحَقِّ الْقَسْمِ لِلْمَظْلُومَةِ يَصِحُّ تَبَرُّعُهَا بِهِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَعَلَى عَكْسِهِ أَيْ مَفْهُومُهُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَدَيْنٌ لِمَرِيضٍ مُعْسِرٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُ الْمُسْتَحَقِّينَ بِالزَّكَاةِ، وَلَا الْمَرِيضِ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْقِصَاصَ وَمَا مَعَهُ لَا يُسَمَّى دَيْنًا
بِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ أَمَّا فِي إبِلِ الدِّيَةِ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ، وَالْعَدَدِ وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ.
(كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُ الْمُبَرَّإِ مِنْهُ مَعْلُومًا فِي غَيْرِ إبِلِ الدِّيَةِ فَلَا يَصِحُّ عَنْ الْمَجْهُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا إسْقَاطٌ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا تَرْجِيحُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ: الْمُخْتَارُ أَنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا، أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَ مِنْ مَجْهُولٍ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ: أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ لَمْ يُبَرَّأْ مِنْ الْوَاحِدِ وَيَحْتَاجُ إلَى إبْرَائِهِ مِنْ دِرْهَمٍ ثَانِيًا وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُبَرَّأْ وَلَهُ الْعَوْدُ إلَى الدَّعْوَى أَمَّا فِي إبِلِ الدِّيَةِ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَبَعًا لَهُ
(وَكَالْإِقْرَارِ مِنْ فَرْدٍ إلَى الْعَشْرَةِ) بِإِسْكَانِ الشَّيْنِ (تِسْعَةً ضَمِنْ) أَيْ وَفِي قَوْلِهِ ضَمِنْت مَا لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ يَضْمَنُ تِسْعَةً كَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ تِسْعَةٌ فِي قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالنَّذْرُ، وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِالطَّلَاقِ وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ تَدْخُلُ الْأُولَى دُونَ الْأَخِيرَةِ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَدْخُلَ الْأُولَى أَيْضًا كَقَوْلِهِ: بِعْتُك مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ. قَالَ: الْقُونَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَرْضَ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَاهُ، أَوْ النَّخِيلَ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: هُنَا تَرْجِيحُهُ) أَيْ عِلْمُهُمَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الثَّمَنَ عَلَيْهِ) لَعَلَّ هَذَا التَّقْيِيدَ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ لَا بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ يَزِيدُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَأَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَاحِدِ) قَدْ يَتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَوَّلُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالدِّرْهَمِ فِي قَوْلِهِ: مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِقَوْلِهِ الْآتِي إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلُ فَقَطْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْآخَرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: قَالَ: الْقُونَوِيُّ وَقَدْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلَا دُخُولَ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْإِخْرَاجِ بِهَذَا الشَّرْطِ الْمُعْتَرِضِ طَرْدًا وَعَكْسًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ: بِحَقٍّ ثَابِتٍ أَيْ دَيْنٍ فَلَا يَرِدُ حَقُّ الْقَسْمِ بَلْ لَوْ جُعِلَ كَلَامُهُ شَامِلًا لِلْعَيْنِ لَمْ يَرِدْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَالْقِصَاصِ وَالشُّفْعَةِ إلَخْ) فَذَلِكَ لَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي، وَالْقَاذِفِ وَالشَّرِيكِ الْجَدِيدِ، وَأَمَّا إسْقَاطُهُ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ تَبَرُّعًا بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ فَلَا إشْكَالَ. أَفَادَهُ عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: أَيْ إنْ كَانَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَخُلْعٍ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ لَهَا وَإِلَّا فَيَكْفِي عِلْمُ الْمُبَرِّئِ فَقَطْ وَيَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَيَكْفِي الْعِلْمُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الضَّمَانُ وَوُجُودُهُ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَنْ كَانَتْ دُيُونًا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ يَعْلَمُ قَدْرَهَا، أَوْ عَلِمَ بِهَا بَعْدُ عِنْدَ قِسْمَتِهَا، أَوْ أَبْرَأهُ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ قَدْرٍ لَا يَعْلَمُ نَقْصَهُ عَنْ دَيْنِهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (فَرْعٌ)
يَكْفِي فِي الْغِيبَةِ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا بِأَنْ بَلَغَتْهُ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِحْلَالُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا وَتَعْيِينِ حَاضِرِهَا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ هَذَا إنْ بَلَغَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ فَإِنْ بَلَغَتْهُ بَعْدَهُمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الِاسْتِحْلَالِ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش وَنَقَلَ ع ش أَيْضًا عَنْ حَجَرٍ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا ظَاهِرٌ فِي سُقُوطِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْمُغْتَابِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَالنَّدَمِ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْمُغْتَابِ فَقَطْ فَرَاجِعْ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا إلَخْ) وَغَلَّبُوا فِي عِلْمِهِ شَائِبَةَ التَّمْلِيكِ وَفِي قَبُولِهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ أَدْوَنُ أَلَا تَرَى إلَى اخْتِيَارِ كَثِيرٍ جَوَازَ الْمُعَاطَاةِ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ) فَهُوَ كَالْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجِ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّرَفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَرِعَايَةُ الْيَقِينِ أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ يُقَوِّي إخْرَاجَهَا (قَوْلُهُ: الْإِبْرَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ) وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ حُمِلَ الْمَجْهُولُ عَلَى جُمْلَةِ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحِسَابَ بِقَوْلِهِ: إعْطَاؤُهُ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ جَمْعِ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ عَلَى تَوَالِي الْعَدَدِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَهُ الْجُمْلَةُ قَطْعًا اهـ مِنْ بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ وَمِثْلُهُ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْفَرْقُ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ
الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ: مَا بَيْنَ وَاحِدٍ وَعَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْكَفَالَةِ بِنَوْعَيْهَا الْمُسَمَّى أَحَدُهُمَا بِكَفَالَةِ الْبَدَنِ وَكَفَالَةِ الْوَجْهِ، وَالْآخَرُ بِكَفَالَةِ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ فَقَالَ:(وَصَحَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ (التَّكْفِيلُ) بِمَعْنَى التَّكَفُّلِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (بِبَدَنٍ) لِمَنْ يُذْكَرُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَاسْتُؤْنِسَ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: 66] وَمُقَابِلُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: عِنْدَ الْأَكْثَرِ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ كَالْكَفَالَةِ بِبَدَنِ الشَّاهِدِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ عَنْ الْحَقِّ (إنْ رَضِيَ الْمَكْفُولُ) بِالْكَفَالَةِ وَعَرَفَهُ الْكَفِيلُ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ إلْزَامُ غَيْرِهِ بِالْحُضُورِ إلَى الْحَاكِمِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَمَعْرِفَتِهِ، بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ بِأَدَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اُعْتُبِرَ إذْنُ وَلِيِّهِ وَيُطَالِبُهُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، أَوْ مَيِّتًا فَيَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ اعْتِبَارُ إذْنِ وَارِثِهِ، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِيهًا.
فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ حَتَّى لَا يَكْفِيَ إذْنُ السَّيِّدِ، وَالْوَلِيِّ فَلَوْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ فَإِنْ قَالَ لَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ: أَحْضِرْهُ، فَلَهُ إحْضَارُهُ بِالْوَكَالَةِ لَا بِالْكَفَالَةِ وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: أَخْرِجْ عَنْ حَقِّي فَهَلْ لَهُ إحْضَارُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ، أَوْ لَا كَالضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. أَمَّا الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْوَلِيِّ مِنْ وَرَثَتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ ش م ر (قَوْلُهُ: إذْنُ وَارِثِهِ) أَيْ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَإِذْنُ وَلِيِّهِ الْوَجْهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ ذِمِّيًّا لَا وَارِثَ لَهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّكْفِيلِ بِهِ، وَلَا يُقَالُ: يَصِحُّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ لَا إرْثٌ م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ) لَعَلَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) فِي الرَّوْضَةِ رَجَّحَ الثَّانِي فِي الرَّوْضِ وَفِي شَرْحِهِ أَنَّ التَّرْجِيحَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَكْفُولُ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلَوْ جَهِلَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ، يُوهِمُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ اهـ وَمِنْ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: أَنْ تُوجِبَ لِرَدِّ مُؤْنَةٍ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ كَوَدِيعَةٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَرْضَ لَا تَكُونُ النَّخْلَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ إذْ الْمُلْتَزَمُ الْأَرْضُ لَا النَّخْلَةُ وَمِثْلُهُ مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ النَّخِيلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَبْدَأَ الِالْتِزَامِ فَتَكُونُ دَاخِلَةً؛ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ) أَيْ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَهُ أَصَالَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى أَدَائِهِ فِيمَا إذَا حُبِسَ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ حِينَئِذٍ فَإِنْ أَدَّاهُ بَرِئَ اهـ فَانْدَفَعَ مَا فِي ع ش
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْمَكْفُولُ) وَلَا بُدَّ مَعَ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْإِذْنِ فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَتْ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مُطْلَقُ الْإِذْنِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ إلْزَامُ إلَخْ) فَاحْتِيجَ لِرِضَاهُ لِيَجِبَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْكَفِيلِ إذَا أَرَادَ إحْضَارَهُ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إذْنِ وَارِثِهِ) أَيْ كُلُّ وَارِثٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَارِثٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) قَالَ: م ر السَّفِيهُ يُعْتَبَرُ إذْنُ وَلِيِّهِ أَيْضًا، وَالْقِنُّ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ لَا إذْنُ سَيِّدِهِ لَكِنْ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السَّيِّدِ كَإِتْلَافِهِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ اهـ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي السَّفِيهِ اعْتِبَارُ إذْنِهِ. اهـ. ع ش لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْمُحَشِّي عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ م ر اعْتَمَدَ فِي السَّفِيهِ تَفْصِيلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ إنْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ كَفَالَتِهِ فَوَاتُ إكْسَابِهِ، وَلَا احْتِيَاجٌ إلَى مُؤْنَةٍ فِي إحْضَارِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إذْنُ وَلِيِّهِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: أَحْضِرْهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالطَّلَبِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَحْضِرْهُ فَلِلْكَفِيلِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ مُطَالَبَةُ الْمَكْفُولِ بِالْحُضُورِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فِي الطَّلَبِ عَنْ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَزِمَ الْمَكْفُولَ الْإِجَابَةُ بِشَرْطِ اسْتِدْعَاءِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالطَّلَبِ بَلْ قَالَ لِلْكَفِيلِ: أَخْرِجْ عَنْ حَقِّي لَمْ يَلْزَمْ الْمَكْفُولَ إجَابَتُهُ وَإِنْ اسْتَدْعَاهُ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ بِطَلَبِهِ صَرِيحًا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ وَفِي ق ل تَقْيِيدُ لُزُومِ الْإِجَابَةِ بِاسْتِدْعَاءِ الْحَاكِمِ بِمَا إذَا اسْتَدْعَاهُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَلَهُ
وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهُ كَمَا فِي الضَّمَانِ فِيهِمَا، وَالْمَكْفُولُ هُوَ (كُلُّ امْرِئٍ) مُعَيَّنٍ (حُضُورُهُ) إلَى الْحَاكِمِ (اُسْتُحِقَّا) عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَالْمُدَّعِي زَوْجِيَّتَهَا، وَالْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا حَقَّ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ حَقٌّ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِيَانِ (وَبِاَلَّذِي بِدُونِهِ لَا يَبْقَى) أَيْ صَحَّ التَّكَفُّلُ بِالْبَدَنِ كَمَا مَرَّ وَبِمَا لَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ، وَالرُّوحِ، وَالْقَلْبِ، وَالْكَبِدِ، وَالدِّمَاغِ، وَالْجُزْءِ الشَّائِعِ كَالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَّا بِتَسْلِيمِ كُلِّ الْبَدَنِ فَكَانَ كَالتَّكَفُّلِ بِكُلِّهِ، بِخِلَافِ مَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعٍ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُصَحِّحْ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا بَلْ حَكَى فِيهَا أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالرَّأْسِ، وَالرَّقَبَةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
(إلَّا) التَّكَفُّلَ بِبَدَنِ مَنْ اُسْتُحِقَّ حُضُورُهُ (بِحَقٍّ هُوَ لِلْقَيُّومِ) أَيْ لِلدَّائِمِ الْقَائِمِ بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ وَحِفْظِهِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرْءِ نَعَمْ تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِأَجْلِهَا كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا وَفِي مَعْنَاهُ الْكَفَّارَةُ (وَ) إلَّا التَّكَفُّلَ بِبَدَنِ (الْعَبْدِ لَوْ كُوتِبَ لِلنُّجُومِ) أَيْ لِأَجَلِهَا فَلَا تَصِحُّ لِعَدَمِ لُزُومِهَا أَمَّا التَّكَفُّلُ بِبَدَنِهِ لِغَيْرِ النُّجُومِ كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَصَحِيحٌ (كَكَافِلٍ) مِثَالٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ حُضُورَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِهِ كَالْأَصِيلِ (وَلَوْ تَلَتْهَا الْبَيِّنَهْ) أَيْ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مُسْتَحِقِّ الْحُضُورِ وَلَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَهَا بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ إذَا أَنْكَرَ الْحَقَّ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْتِزَامُ إحْضَارِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْكَفَالَاتِ يَقَعُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ
(، وَالْعَيْنِ) أَيْ وَصَحَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ التَّكَفُّلُ بِالْعَيْنِ (إنْ نُوجِبْ) نَحْنُ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (لِرَدٍّ مُؤَنَهْ) أَيْ مُؤَنِ رَدِّهَا بِأَنْ تَكُونَ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَعِيرِ كَالتَّكَفُّلِ بِالْبَدَنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْمَالُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا أَمَانَةً كَالْمُودَعِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ، فَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً وَعِبَارَةُ الْأَصْحَابِ: يَصِحُّ ضَمَانُ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ دُونَ غَيْرِهَا؛ وَمِنْ هُنَا قَالَ النَّشَائِيُّ: لَوْ تَرَكَ الْحَاوِي مُؤْنَةً فِي قَوْلِهِ: وَعَيْنٌ يَلْزَمُ مُؤْنَةُ رَدِّهَا حَصَلَ الْغَرَضُ فَكُلُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ تَجِبُ مُؤْنَتُهُ قَالَ: قَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيقَةِ إنَّهُ احْتَرَزَ بِهَا عَمَّا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهِ كَالدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَكَلَامُ أَهْلِ الْفَنِّ يَأْبَاهُ وَخَرَجَ بِالْعَيْنِ قِيمَتُهَا لَوْ تَلِفَتْ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ مَحَلُّ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ إذَا أَذِنَ فِيهَا وَاضِعُ
ــ
[حاشية العبادي]
يَصِحُّ التَّكَفُّلُ بِبَدَنِهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ تِلْكَ الْعَيْنِ
(قَوْلُهُ: مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ) ظَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ التَّكَفُّلِ بِبَدَنِهِ لِدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ وَلَوْ لِلسَّيِّدِ وَيَشْمَلُ عَلَيْهِ أَنَّ شَرْطَ التَّكَفُّلِ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ كَوْنُ ذَلِكَ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ
وَدَيْنُ مُعَامَلَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ (فَصْلٌ)
لَا يَصِحُّ ضَمَانُ غَيْرِ اللَّازِمِ كَنَحْوِ الْمُكَاتَبِ وَيَصِحُّ أَيْ الضَّمَانُ عَنْهُ بِغَيْرِهَا لَا لِلسَّيِّدِ اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكْتَفِيَ بِكَوْنِ الْمَالِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ مُعَامَلَةِ السَّيِّدِ كَذَلِكَ نَظَرًا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ
(قَوْلُهُ: لَوْ تَلِفَتْ) أَيْ تَكَفَّلَ قَبْلَ التَّلَفِ بِقِيمَتِهَا عَلَى تَقْدِيرِ تَلَفِهَا (قَوْلُهُ: ثُبُوتِهَا)
ــ
[حاشية الشربيني]
وَجْهٌ فَرَاجِعْ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ) أَيْ اسْتَحَقَّ حُضُورَهُ وَلَوْ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ بِدُونِ كَفَالَةٍ أَمَّا الْكَفَالَةُ فَتَصِحُّ وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِحَقِّ آدَمِيٍّ) وَلَوْ قِصَاصًا وَحَدَّ قَذْفٍ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. مِنْهَاجٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتِ) أَيْ إنْ لَمْ يُنْقَلْ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ) وَلَوْ بِإِدْلَائِهِ فِي الْقَبْرِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: كَنُجُومٍ) مِثْلُهَا دَيْنُ السَّيِّدِ غَيْرُ النُّجُومِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا لَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ حَيًّا، أَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يَصِحُّ التَّكَفُّلُ بِجُزْئِهِ الَّذِي لَا يَبْقَى بِدُونِهِ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهِ بِدُونِ تَسْلِيمِ الْجُمْلَةِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَحَاشِيَةُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ) نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ ع ش الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْجُمْلَةَ. اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ وَلَوْ قَالَ: كَفَلْت عَيْنَهُ صَحَّ إنْ أَرَادَ بِهَا النَّفْسَ، أَوْ أَطْلَقَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا التَّكَفُّلَ بِبَدَنِ الْعَبْدِ إلَخْ) مَعَ أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُ لِلْحَاكِمِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ سم عَلَى تُحْفَةٍ وَبِهِ صِحَّةُ اسْتِثْنَائِهِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ حُضُورَهُ وَإِخْرَاجَهُ فِيمَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ نَفْسِ النُّجُومِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ امْتِنَاعٌ مِنْ الْأَدَاءِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ) أَيْ لِغَيْرِ السَّيِّدِ أَمَّا لَهُ فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ اسْتَحَقَّ حُضُورَهُ إلَى الْحَاكِمِ سم
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ التَّكَفُّلُ إلَخْ) أَيْ إذْنُ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، أَوْ قَدَرَ الْكَفِيلُ عَلَى انْتِزَاعِهَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِرَدِّهَا مُؤْنَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيقَةِ) أَيْ الطَّاوُسِيِّ (قَوْلُهُ: الْمَعْنَى) أَيْ الْعِلَّةُ فِي تَصْحِيحِ الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ أَهْلِ الْفَنِّ يَأْبَاهُ) وَلِذَا قَالَ: م ر وَيَصِحُّ التَّكَفُّلُ لِمَالِكِ عَيْنٍ وَلَوْ خَفِيفَةً لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا (قَوْلُهُ:
الْيَدِ، أَوْ كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَمِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ مَا لَوْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ الْعَبْدِ الْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا وَمَا لَوْ ضَمِنَ عُهْدَةَ مَا بِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَالثَّمَنُ بَاقٍ بِيَدِ الْبَائِعِ وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَضَمِنَ رَجُلٌ قِيمَتَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ وَلَوْ رَهَنَ ثَوْبًا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فَضَمِنَ رَجُلٌ تَسْلِيمَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ انْتَهَى
(وَوُرِثَتْ) أَيْ الْكَفَالَةُ (عَنْهُ) أَيْ الْمَكْفُولَةِ لَهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْكَلَامِ كَمَا يُورَثُ الضَّمَانُ فَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ وَلَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَغُرَمَاءَ وَقَدْ أَوْصَى إلَى زَيْدٍ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِهِ لَمْ يُبَرَّأْ الْكَفِيلُ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِلْوَرَثَةِ، وَالْغُرَمَاءِ، وَالْوَصِيِّ فَلَوْ سَلَّمَهُ لِلْوَرَثَةِ، وَالْغُرَمَاءِ، وَالْمُوصَى لَهُ دُونَ الْوَصِيِّ فَفِي بَرَاءَتِهِ وَجْهَانِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْكِتَابَةِ مَا يُخَالِفُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
(وَيَبْرَا) عَنْ الْكَفَالَةِ (كَافِلُ سَلَّمَ) الْمَكْفُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (حَيْثُ الشَّرْطُ) أَيْ فِي مَوْضِعِ شَرَطَا تَسْلِيمَهُ فِيهِ (إذْ لَا حَائِلُ) أَيْ وَقْتَ لَا مَانِعَ كَيَدِ مُتَغَلِّبٍ وَسُلْطَانٍ وَحُبِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيَنْتَفِعَ بِتَسْلِيمِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ (أَوْ) لَمْ يَشْرِطَا لِتَسْلِيمِهِ مَوْضِعًا بَلْ (أُطْلِقَا فَمَوْضِعَ التَّكْفِيلِ) أَيْ فَيُبَرَّأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي مَوْضِعِ التَّكَفُّلِ، فَلَوْ سَلَّمَهُ لَهُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَلِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ كَفَوْتِ حَاكِمٍ، أَوْ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ لُزُومُ قَبُولِهِ، فَإِنْ أَبَى رَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَتَسَلَّمَهُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ سَلَّمَهُ إلَيْهِ.
وَلَوْ تَكَفَّلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يُبَرَّأْ عَنْ الْآخَرِ. وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ مَوْضِعُ التَّكَفُّلِ أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالتَّكَفُّلُ مَحْضُ الْتِزَامٍ
(وَ) يُبَرَّأُ أَيْضًا (بِحُضُورٍ مِنْهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ التَّسْلِيمَ وَلَا حَائِلَ (لِلْكَفِيلِ) أَيْ لِأَجْلِ بَرَاءَتِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: سَلَّمْت نَفْسِي إلَيْك عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ كَمَا يُبَرَّأُ الضَّامِنُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ عَنْ جِهَتِهِ، أَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ وَلَوْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يُبَرَّأْ الْكَفِيلُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ لَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ فَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ عَنْ جِهَتِهِ بِإِذْنِهِ بَرِئَ وَكَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ قَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي. وَيُبَرَّأُ أَيْضًا بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ الْمَكْفُولِ، أَوْ عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُبَرَّأُ الْأَصِيلُ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ الْآنَ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّلَفِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ) وَالثَّمَنُ بَاقٍ بِيَدِ الْبَائِعِ. قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ وَضَمَانَ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِذَا قَبَضَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ تَعَيَّنَ وَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي الْعَقْدِ؟ قُلْت بَلْ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِ فَالْمَضْمُونُ هُنَا رَدُّ الْعَيْنِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعَقْدِ عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا مَرَّ، وَالْمَضْمُونُ ثَمَّ مَالِيَّةُ الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ وَخَرَجَ الْمُقَابِلُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَفَقُّهًا اهـ
(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيَكُونُ ضَمَانَ ذِمَّةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَفِي بَرَاءَتِهِ وَجْهَانِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ أَيْ فَيُبَرَّأُ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ. قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ اهـ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَقِلَّ اُنْظُرْ إطْلَاقَهُ
(قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مَوْضِعُ التَّكْفِيلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، أَوْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَكَان صَالِحٍ م ر
(قَوْلُهُ: عَنْ جِهَتِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْكَفِيلِ (قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ أَقْرَبُ وَأَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالثَّمَنُ بَاقٍ) يَعْنِي أَنَّهُ ضَمِنَهُ وَهُوَ بَاقٍ فَإِنْ تَلِفَ حِينَئِذٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ كَمَا مَرَّ عَنْ ق ل وع ش (قَوْلُهُ: فَضَمِنَ رَجُلٌ قِيمَتَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَانَ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ) وَالثَّمَنُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَتَعَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ رَجُلٌ وَتَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا مَرَّ عَنْ ق ل
(قَوْلُهُ: إذْ لَا حَائِلَ) فَلَوْ قَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعَ الْحَائِلِ مُخْتَارًا بَرِئَ. اهـ. ع م (قَوْلُهُ: كَيَدِ مُتَغَلِّبٍ وَسُلْطَانٍ) بِأَنْ حَضَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمَنَعَ الْمَكْفُولَ لَهُ مِنْ التَّسَلُّمِ (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ) بِأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ مُتَغَلِّبٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَالتَّكَفُّلُ مَحْضُ الْتِزَامٍ) وَأَيْضًا الْمُؤْنَةُ فِي حُضُورِ الْمَكْفُولِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْكَفِيلِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ اهـ.
، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّ مُؤْنَةَ سَفَرِ الْكَفِيلِ عَلَيْهِ دُونَ مُؤْنَةِ سَفَرِ الْمَكْفُولِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمَكْفُولِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا يُبَرَّأُ الْأَصِيلُ، وَالْكَفِيلُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الْحَقِّ ع ش (قَوْلُهُ:
وَالْكَفِيلُ، وَالثَّانِي يُرَاجَعُ فَإِنْ فَسَّرَ بِنَفْيِ الدَّيْنِ فَذَاكَ، أَوْ بِنَفْيِ وَدِيعَةٍ وَشَرِكَةٍ وَنَحْوِهِمَا قُبِلَ قَوْلُهُ، فَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَفَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لِلْكَفِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفِيلٍ دُونَ كَفِيلٍ لَا يُبَرَّأُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ لَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ لَا يُبَرَّأُ الْآخَرُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِلًا بَدَنَ صَاحِبِهِ، ثُمَّ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْمَكْفُولَ بَرِئَ الْمُسَلِّمُ عَنْ الْكَفَالَتَيْنِ وَيُبَرَّأُ صَاحِبُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ دُونَ الْكَفَالَةِ الْأُولَى (وَإِنْ يَمُتْ ذَا) أَيْ الْمَكْفُولُ (أَوْ تَخَفَّى، أَوْ هَرَبْ) فَلَمْ يُعْرَفْ مَكَانُهُ (أَوْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ) الْمَكْفُولَةُ (فَلَا شَيْءٌ) مِنْ الْمَالِ (وَجَبْ) عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَانْقَطَعَ لَا يُطَالَبُ بِرَأْسِ الْمَالِ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَثِيقَةٌ فَيُسْتَوْفَى الْمَالُ مِنْهَا إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ كَالرَّهْنِ،
وَالتَّصْرِيحُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمُفْسِدٌ شَرْطُ اللُّزُومِ) أَيْ وَشَرْطُ لُزُومِ الْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ، أَوْ تَخَفَّى، أَوْ هَرَبَ، أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَكْفُولَةُ مُفْسِدٌ لِلْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا، وَلِالْتِزَامِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَ الضَّمَانَ مُعَلَّقًا (فِي الْأَصَحْ) مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُمَا وَيَغْرَمُ الْكَفِيلُ الْمَالَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ، أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ، أَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ بِشَرْطِ الْحُلُولِ بِجَامِعِ أَنَّهُ زَادَ خَيْرًا؟ انْتَهَى. وَيُجَابُ: بِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي تِلْكَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَفِي هَذِهِ أَصْلٌ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ (وَمَوْضِعُ الْمَكْفُولِ) الْغَائِبِ (إنْ يُعْرَفْ) أَيْ أَنْ يَعْرِفَهُ الْكَفِيلُ، وَالطَّرِيقُ آمِنٌ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْكَفَالَةِ، أَوْ غَابَ بَعْدَهَا كَمَا يَلْزَمُ الْمَدِينَ إحْضَارُ مَالِهِ الْغَائِبِ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَكِنْ (فَسَحْ) لَهُ أَيْ أُمْهِلَ (وَقْتًا) أَيْ زَمَنًا (مَضَى وَعَادَ) فِيهِ أَيْ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَى مَوْضِعِهِ، وَالْعَوْدُ مِنْهُ إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ. قَالَ: وَإِذَا أَعْطَى الْكَفِيلُ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ، ثُمَّ قَدِمَ فَفِي اسْتِرْدَادِ مَا أَعْطَاهُ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ بَحْثِهِ الْأَوَّلُ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ خَاصَّةً وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ نَظَرٌ (ثُمَّ) إنْ مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ (اعْتَقَلَا) أَيْ حُبِسَ إلَى تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ فَلَا يُحْبَسُ لِتَعَذُّرِ إحْضَارِهِ كَالْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ
وَإِنَّمَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ (بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ) لِيَدُلَّ عَلَى الرِّضَا مِثَالُهُ فِي الضَّمَانِ (نَحْوُ مَا) لَك (عَلَى زَيْدٍ تَكَفَّلْت بِهِ) أَوْ (ضَمِنْتُهُ كَذَا تَحَمَّلْت، أَوْ الْتَزَمْتُهُ كَذَا تَقَلَّدْت) وَلَفْظَةُ لَك، ذَكَرَهَا الْحَاوِي كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْهَا.
وَمِثَالُهُ فِي الْكَفَالَةِ (كَفَلْت) بِفَتْحِ الْفَاءِ (بِبَدَنْ فُلَانٍ) وَمِثَالُهُ فِيهِمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَنَا بِذَا الْمَالِ وَأَنْ أُحْضِرَ ذَا الشَّخْصِ) أَيْ: أَوْ بِإِحْضَارِ هَذَا الشَّخْصِ (زَعِيمٌ، أَوْ كَفِيلْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: دُونَ الْكَفَالَةِ الْأَوْلَى) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَاحِبُهُ فِي تَسْلِيمِهِ، أَوْ يُسَلِّمْهُ عَنْ كَفَالَةِ صَاحِبِهِ أَيْضًا وَيَقْبَلْ الْمَكْفُولَ لَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ كَفَالَتِهِ) أَيْ الْمُسَلِّمِ (قَوْلُهُ: الْكَفَالَةِ الْأُولَى) أَيْ كَفَالَةِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: وَلِالْتِزَامِ الْمَالِ) عَطْفٌ عَلَى الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ:، وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ بَحْثًا: إنْ أَرَادَ الدَّفْعَ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْإِحْضَارِ اتَّجَهَ الرُّجُوعُ وَإِنْ أَرَادَ وَفَاءَ الْحَقِّ عَنْ الْغَيْرِ فَلَا. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ: كَيْفَ يَرْجِعُ مَعَ أَنَّهُ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَا ضَمَانٍ؟ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ خَلَاصَ نَفْسِهِ لَا تَوْفِيَةَ دَيْنِ الْغَيْرِ
(قَوْلُهُ: لَهُ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُبِسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ أَيْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ
(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ) قَدْ سَلَفَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَكْفُولِ قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّهُ الصَّرِيحُ مِنْهُ.
وَيَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَقِبَ الِالْتِمَاسِ بِرّ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَا عَلَى زَيْدٍ تَكَفَّلْت بِهِ) عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ كَضَمِنْتُ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ لَا يُبَرَّأُ الْآخَرُ) وَإِنْ سَلَّمَهُ عَنْهُمَا وَقَبِلَهُ الدَّائِنُ، أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفَارَقَ الْأَجْنَبِيُّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ هُنَا وَاجِبٌ فَيَقَعُ عَنْ وَاجِبِهِ فَقَطْ، وَالْأَجْنَبِيُّ مُتَبَرِّعٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ هُوَ: إنَّهُ يُبَرَّأُ فِيهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: دُونَ الْكَفَالَةِ الْأُولَى) فَلَوْ كَانَ أَذِنَ لِلْأَوَّلِ فِي تَسْلِيمِهِ عَنْ كَفَالَتِهِ الْأُولَى، أَوْ قَبِلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَقَعُ عَنْهَا؟ قَالَ م ر: لَا يَقَعُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ قَالَ: وَيُفَارِقُ تَسْلِيمُ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ هُنَا وَاجِبٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَقَعُ عَنْ وَاجِبِهِ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: يُفْرَدُ بِعَقْدٍ) وَهُوَ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: فَسَحَ) فِي الْقَامُوسِ فَسَحَ لَهُ كَمَنَعَ وَسَّعَ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَدِمَ) أَيْ: أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ:، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ إذَا دَفَعَهُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ بِهِ فَإِنْ تَلِفَ اسْتَرَدَّ بَدَلَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا م ر كَابْنِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ لِخَلَاصِ نَفْسِهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ق ل أَيْضًا
(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ) أَيْ غَالِبًا وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُمَا بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَنَا بِذَا الْمَالِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي كِفَايَةِ هَذَا فِي الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الْخِطَابَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الضَّمَانِ فَلَعَلَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَأَمَّا الْكَفَالَةُ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا ذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى تَعْيِينِ الْمَكْفُولِ الَّذِي هُوَ كَالْمَالِ الْمَضْمُونِ، فَالْمَالُ تَعَيُّنُهُ بِالْخِطَابِ كَضَمِنْتُ
أَوْ ضَامِنٌ كَذَا حَمِيلٌ وَقَبِيلْ) وَصَبِيرٌ وَضَمِينٌ وَكَافِلٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَيَصِحُّ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَبِالْكِنَايَةِ كَالْخَطِّ وَكَقَوْلِهِ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ، أَوْ خَلِّ عَنْ فُلَانٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عِنْدِي (قَوْلُهُ: أُحْضِرَ ذَا) الشَّخْصِ، أَوْ (أُؤَدِّي ذَا الْمَالِ لَا يُفْهِمُ غَيْرَ وَعْدِ) بِذَلِكَ، وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، نَعَمْ إنْ صَحِبَهُ قَرِينَةُ الْتِزَامٍ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَشَرْطُ إبْرَاءِ الْأَصِيلِ) عَنْ الْحَقِّ فِي الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ (أَبْطَلَهْ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُ (كَشَرْطِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ، وَالْكَفِيلِ (الْخِيَارَ) فِيهِمَا لَهُ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُمَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ.
وَلِهَذَا قِيلَ: الضَّمَانُ أَوَّلُهُ حَمَاقَةٌ وَأَوْسَطُهُ نَدَامَةٌ وَآخِرُهُ غَرَامَةٌ. أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَيْسَ بِمُبْطِلٍ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي الْإِبْرَاءِ، وَالطَّلَبِ إلَيْهِ أَبَدًا (وَ) كَشَرْطِهِ (التَّعْلِيقَ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ نَحْوُ إذَا جَاءَ رَجَبٌ ضَمِنْت، أَوْ كَفَلْت (وَ) مِثْلُ (شَرْطِ تَأْقِيتٍ) لَهُ كَضَمِنْتُ، أَوْ كَفَلْت إلَى رَجَبٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُبْطِلُهُ كَالْبَيْعِ (كَفِي الْإِبْرَاءِ) فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ
(لَا) إنْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ (بِشَرْطِ مَعْلُومِ حُضُورٍ أُجِّلَا) أَيْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَفِي الْأَصْلِ لَفْظُ لَك بَعْدَ ضَمِنْت فَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِكْرِ لَك بَعْدَ ضَمِنْت، لَا فِي ذِكْرِهَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَكْفِيَ ضَمِنْت مَا عَلَى زَيْدٍ بِإِسْقَاطِهَا بِخِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عِنْدِي) بِخِلَافِ عَلَيَّ فَصَرِيحٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ صَحِبَهُ قَرِينَةٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ فِي صِحَّتِهِ بِالْقَرِينَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا لِيَكُونَ كِنَايَةً، وَالْكِنَايَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَرِينَةِ، نَعَمْ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى النِّيَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِشَرْطِ (قَوْلُهُ: لَهُ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ) يَنْبَغِي أَوْ لِلْمَكْفُولِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْأَجْنَبِيِّ نَحْوُ قَوْلِهِ: إذَا جَاءَ رَجَبٌ ضَمِنْت إلَخْ. لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ شَرْطِ التَّعْلِيقِ بَلْ مِنْ نَفْسِ شَرْطِ التَّعْلِيقِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ قَوْلِ الشَّارِحِ كَشَرْطٍ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ وَيُمْكِنُ عَطْفُ التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَشَرْطِهِ الْخِيَارَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَأْقِيتٍ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا لَك عَلَيْهِ، أَوْ بِالْإِشَارَةِ، وَالْمَكْفُولُ تَعْيِينُهُ بِاسْمِهِ، أَوْ بِالْإِشَارَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا صَرَائِحُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ نَحْوُ: أُؤَدِّي الْمَالَ، أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ فَلَيْسَ بِضَمَانٍ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ أَيْ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ إلَخْ أَيْ لَا صَرِيحًا، وَلَا كِنَايَةً؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُشْعِرَ شَامِلًا لَهُمَا فَقَوْلُهُ: وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ، الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ النِّيَّةِ فَيَكُونُ هَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ كَلَامُهُ وَأَمَّا حَمْلُ الْقَرِينَةِ فِيهِ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي م ر فَلَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَعَ الْقَرِينَةِ يَكُونُ كِنَايَةً وَهُوَ قَدْ جَعَلَهُ خَارِجًا مِنْ الْمُشْعِرِ الشَّامِلِ لِلصَّرِيحِ، وَالْكِنَايَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى حَجَرٌ وَعَلَى الثَّانِي م ر وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ هُنَا قِسْمٌ ثَالِثٌ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ
، ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ مَا نَصُّهُ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَإِنَّمَا فَصَّلُوهُ لِضَعْفِ الْإِشْعَارِ فِيهِ فَإِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ انْعَقَدَتْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ يَقُولَ الْمَضْمُونُ: أَنَا خَائِفٌ مِنْ الدَّائِنِ يَحْبِسُنِي مَثَلًا فَيَقُولُ الْآخَرُ أَنَا أُؤَدِّي الْمَالَ أَمْ لَمْ تُوجَدْ تَأَمَّلْ. وَقَالَ ح ل: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَرِينَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ زِيَادَةً عَلَى النِّيَّةِ لَا مُجَرَّدَ النِّيَّةِ كَمَا يَقُولُ شَيْخُنَا م ر؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِوَاءُ مَا أَشْعَرَ بِالْتِزَامٍ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ عَامِّيٌّ: قَصَدْت بِهِ الْتِزَامَ الضَّمَانِ، أَوْ الْكَفَالَةَ صَحَّ. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: إلَخْ يَدُلُّ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْقَرِينَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْعِلْمِ بِالنِّيَّةِ لَا لِذَاتِهَا وَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْكِنَايَةِ، وَلَا حَاجَةَ فِيهِ لِلْقَرِينَةِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ) لَا النَّاطِقِ وَلَوْ مُفْهِمَةً. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: كَالْخَطِّ) وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ خَلِّ عَنْ فُلَانٍ وَاَلَّذِي إلَخْ) لَمْ يُقَيِّدُوا فِي هَذَا بِالْخِطَابِ فَيُحْتَمَلُ كِفَايَةُ الْمَوْصُولِ عَنْهُ فَلْيُنْظَرْ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَلِّ عَنْ فُلَانٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عِنْدِي) بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ فَصَرِيحٌ وَقَيَّدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الصِّحَّةَ بِمَا إذَا أَرَادَ خَلِّ عَنْهُ الْآنَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ، أَوْ أَرَادَ خَلِّ عَنْهُ أَبَدًا وَنَازَعَهُ حَجَرٌ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَرَدَّهُ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ فَرَاجِعْهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَفَالَةُ) صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلِي ع ش وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَكْفُولِ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ) هَلْ يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِزَمَنٍ ق ل وَيُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيمِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ شَيْئًا مُسْتَحَقًّا لَهُ شَرْطٌ أَوْ لَا اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إلَخْ) قَالَ: ق ل عَلَى الْجَلَالِ إلَّا فِي نَحْوِ جَعَالَةٍ كَإِذَا رَدَدْت عَبْدِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي فَإِذَا رَدَّهُ بَرِئَ وَنَحْوُ وَصِيَّةٍ كَأَبْرَأْتُك بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتَّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي
(قَوْلُهُ: أَجَلًا) لَعَلَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ
مَعَ شَرْطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ وَأُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَوْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ فَهُوَ كَإِحْضَارِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ وَقَدْ مَرَّ وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ مَا لَوْ شَرَطَ أَجَلًا مَجْهُولًا كَالْحَصَادِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا (وَطُولِبَا) أَيْ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ بِالْحَقِّ أَيْ يُطَالِبُهُمَا بِهِ جَمِيعًا، أَوْ أَيَّهمَا شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ.
وَلَا تَسْقُطُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْعَقْدِ التَّوَثُّقُ (وَبِخِلَافِ الْعَكْسِ إنْ أَبْرَا الْأَصِيلُ) بِحَذْفِ هَمْزَةِ أَبْرَأَ لِلْوَزْنِ (بَرِئَ الَّذِي ضَمِنْ) أَيْ وَإِنْ أَبْرَأ الْمُسْتَحِقُّ الْأَصِيلَ مِنْ الْحَقِّ بَرِئَ مِنْهُ الضَّامِنُ وَضَامِنُ الضَّامِنِ لِسُقُوطِ الْحَقِّ عَنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِأَنْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ لَا يُبَرَّأُ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ تَوْثِقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ كَفَكِّ الرَّهْنِ. أَمَّا غَيْرُ الْإِبْرَاءِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ، وَالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَالْحَوَالَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ بَلْ وُجُودُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا مُبَرِّئٌ لِلْآخَرِ
(وَهُوَ عَلَى مَنْ قَدْ قَضَى) أَيْ: وَالْحَقُّ الْمُؤَجَّلُ (يَحِلُّ) عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ ضَامِنٍ وَأَصِيلٍ وَلَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ مِلْكَهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ فِي عَيْنٍ لَا فِي ذِمَّةٍ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ
(وَلَا كَذَا الْآخَرُ) أَيْ الْحَيُّ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَلَوْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَقَّ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ لَمْ تَرْجِعْ وَرَثَتُهُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ.
(وَ) لَا (الْمُقِلُّ) أَيْ الْمُفْلِسُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِإِفْلَاسِهِ لِبَقَاءِ ارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ (فَرْعٌ)
يَحِلُّ الدَّيْنُ بِجُنُونِ الْمَدِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا تَرْجِيحَ فِيهِ فِي الرَّافِعِيِّ بَلْ كَلَامُهُ يَمِيلُ إلَى خِلَافِهِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْقُونَوِيُّ فَقَالَ: وَلَا يَحِلُّ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْتَاعَ لِلْمَجْنُونِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ الْجُنُونُ التَّأْجِيلَ ابْتِدَاءً فَلَأَنْ لَا يَقْطَعَ الْأَجَلَ دَوَامًا أَوْلَى. قَالَ السُّبْكِيُّ:
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ إلَخْ) وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الدَّيْنُ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَمَانٌ فِي رَقَبَتِهَا دُونَ الذِّمَّةِ وَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ مِثَالٌ، وَالْمَدَارُ عَلَى تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ بِضَمَانٍ، أَوْ رَهْنٍ لَهَا ح ج (قَوْلُهُ: يَمِيلُ إلَى خِلَافِهِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ بِالْجُنُونِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَالْأَصْلُ لَا بِشَرْطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِلْحُضُورِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ يُعْجِبُنِي طِيبُ زَيْدٍ أَبًا اهـ (قَوْلُهُ: وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) فَلَوْ أَسَقْطُو وَأَحْضَرَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: ضَمِنْت إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنْ نَوَى تَعْلِيقَ بَعْدٍ بِإِحْضَارِهِ صَحَّ، أَوْ بِكَفِيلٍ بَطَلَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنْ الْإِلْغَاءِ حَجَرٌ. وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ لِمَا قَالُوهُ فِي الْكِنَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ لَغَتْ وَلَمْ يَقُولُوا بِصِحَّتِهَا صَوْنًا لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ وَأَيْضًا الْأَصْلُ هُنَا بَرَاءَةُ الضَّامِنِ، وَالْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ الْفِعْلُ فَإِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ فِعْلٌ وَغَيْرُهُ تَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِالْفِعْلِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) مَحَلُّهُ إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ الدَّيْنِ بُرْئًا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَارْتَضَاهُ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُبَرَّأُ الْأَصِيلُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعَكْسِ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْحَقِّ فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَا يُنَافِيه تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ بِذَلِكَ إسْقَاطٌ لَهَا فَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.
نَعَمْ إنْ قَصَدَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ إبْرَاءِ الضَّامِنِ إسْقَاطَ الدَّيْنِ عَنْ الْأَصِيلِ سَقَطَ، وَمَتَى بَرِئَ ضَامِنٌ بِإِبْرَاءٍ تُرَتَّبُ فُرُوعُهُ فَقَطْ، أَوْ بِأَدَاءٍ وَحَوَالَةٍ وَنَحْوِهَا بَرِئَ الْأَصِيلُ اهـ وَمَا قَالَهُ ق ل أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَوْ أَدَّى الضَّامِنُ بَعْضَ مَا ضَمِنَهُ وَأَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْبَاقِي لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا أَدَّى وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحَوَالَةِ بِهِ) بِأَنْ يُحِيلَ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) كَأَنْ يُحِيلَ الْمَضْمُونُ لَهُ شَخْصًا عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْحَوَالَةِ قَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الْأَصِيلِ. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى مَنْ قَدْ قَضَى إلَخْ) لَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ مُؤَجَّلًا حَلَّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ بِأَجَلٍ أَقْصَرَ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ لَا قَبْلَهُ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَجَلَ فِيهِمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا اهـ وَانْظُرْ مَوْتَ الضَّامِنِ فِيهِمَا وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ أَصْلِيٌّ حِينَئِذٍ وَانْظُرْ إذَا ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا.
وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ) وَيَقْضِي حِينَئِذٍ مِنْ تِجَارَتِهِ وَمَا بِيَدِهِ وَكَسْبِهِ، أَوْ مَا عَيَّنَهُ السَّيِّدُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلْحُلُولِ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ رَهَنَ مِلْكَهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهَا فَإِنَّ الرَّهْنَ يَصِحُّ وَلَا يَحِلُّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَكَتَبَ الْمُحَشِّي بِهَامِشِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ ضَمِنَ الدَّيْنَ فِي عَيْنٍ
وَلَا رِيبَةَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِي حُلُولِهِ بِاسْتِرْقَاقِهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْفَلَسِ وَأَوْلَى بِالْحُلُولِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي السِّيَرِ وَجَزَمَ بِالْحُلُولِ فِي الْكِتَابَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ
(لِضَامِنٍ بِالْإِذْنِ أَنْ طَالَبَ ذَا حَقٍّ) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ وَلِلضَّامِنِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا مَاتَ الْأَصِيلُ عَنْ مِيرَاثٍ (بِأَنْ يُبْرِئَهُ) عَنْ الْحَقِّ وَلَوْ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ (أَوْ يَأْخُذَا مِنْ إرْثِ أَصْلٍ) أَيْ مِنْ مِيرَاثِ الْأَصِيلِ (حَقَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ.
(كَطَلَبِهْ) أَيْ الضَّامِنِ بِالْإِذْنِ أَيْ كَمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَ (تَخْلِيصَهُ) أَيْ أَنْ يُخَلِّصَهُ (الْمَضْمُونَ) عَنْهُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ لِيُبَرَّأَ هُوَ بِبَرَاءَتِهِ (إنْ طُولِبَ بِهْ) أَيْ بِالْحَقِّ كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إذْ غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا طُولِبَ بِشَيْءٍ، بِخِلَافِ الْمُعِيرِ لِلرَّهْنِ، لَهُ طَلَبُ فَكِّهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَنْهُ بِالْحَقِّ، وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَنِي وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي التَّتِمَّةِ. قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِبًى فَلِلضَّامِنِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ طُولِبَ طَلَبَ الْوَلِيَّ بِتَخْلِيصِهِ مَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ فَإِنْ زَالَ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيُقَاسُ بِالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِمَا قَبْلَ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ أَمْ يَأْذَنُ وَلِيُّهُمَا بَعْدُ (أَمَّا) طَلَبُهُ مِنْ الْأَصِيلِ (بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَدْ كَفِلَ) أَيْ مَا ضَمِنَهُ بِهِ لِيَدْفَعَهُ، أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (فَلَا) يُمَكَّنُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ شَيْءٌ.
(وَلَا اعْتِقَالُهُ لَوْ يَعْتَقِلْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَإِنْ حُبِسَ، قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا مُلَازَمَتُهُ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ. وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْمُطَالَبَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ بَلْ مِنْ فَوَائِدِهَا: إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ، أَمَّا إذَا غَرِمَ فَلَهُ حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ (ثُمَّ يَعُودُ) عَلَى الْأَصِيلِ (مَنْ بِإِذْنِهِ ضَمِنْ) بَعْدَ غُرْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَوْدَ سَوَاءٌ غَرِمَ بِإِذْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَمَّا بِإِذْنِهِ فَلِصَرْفِ مَالِهِ لِمَصْلَحَةِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ كَعَلَفِ دَابَّتِهِ بِأَمْرِهِ كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْمَقِيسَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ، وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُضْطُرَّتْ الدَّابَّةُ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ، أَوْ عَلَى مَا إذَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَفِي حُلُولِهِ بِالرِّدَّةِ أَقْوَالٌ: الْمِلْكُ قَالَ: ابْنُ الرِّفْعَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِالْحُلُولِ فِي الْكِتَابَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: طَلَبَ الْوَلِيَّ بِتَخْلِيصِهِ) فِي النَّاشِرِيِّ بَعْدَ نَحْوِ هَذَا قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُعْدَمًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُطَالَبُ بِخَلَاصِ الضَّامِنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُوسِرًا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ حُبِسَ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا مُلَازَمَتُهُ، فِي الْعُبَابِ بَعْدَ نَحْوِ هَذَا: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَهُ طَلَبُ حَبْسِهِ مَعَهُ اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُودُ مَنْ بِإِذْنِهِ ضَمِنْ) أَيْ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ، أَمَّا لَوْ نَهَاهُ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ قَارَنَهُ أَفْسَدَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ فَإِذَا ضَمِنَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ كَانَ ضَامِنًا بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ) تَرَكَ غَيْرُهُ الْحَمْلَ وَفَرَّقَ م ر بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ بِإِطْعَامِ الْخُبْزِ (فَرْعٌ)
قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّ الْمَدِينَ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْضَ دَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَكَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنِ أَجِيرِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَامْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ، أَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ لَزِمَهُ الْقَبُولُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَلَوْ جَاءَ الْأَصِيلُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالدَّيْنِ وَطَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهُ جَرَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أَوْ لَا وَنَازَعَ فِيهِ م ر فَلْيُنْظَرْ مُسْتَنَدُهُ: نَقْلٌ أَوْ فَهْمٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ إلَّا إذَا غَرِمَ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا إذَا طُولِبَ اهـ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَخْ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَ الْأَصْلَ، أَوْ يُبَرِّئَهُ مِنْ الضَّمَانِ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ قَبْلَ مُطَالَبَتِهِ أَنْ يَقُولَ: إلَخْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي إلَخْ) فَإِنْ طَالَبَهُ طَالَبَ حِينَئِذٍ الْأَصِيلَ بِتَخْلِيصِهِ. اهـ. سم بِهَامِشِ النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحَبْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: احْبِسْهُ مَعِي، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَهُ مَعَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ) أَيْ مَعَ يَسَارِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُودُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا عَنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ لع ش وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدٌ أَدَّى عَنْ عَبْدِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا قَبْلَ تَعْجِيزِهِ. اهـ. ق ل بج
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا لِعَوْدِ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَقَالَ حَجَرٌ: الْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الصَّارِفِ مِنْ قَصْدِ نَحْوِ التَّبَرُّعِ لِانْصِرَافِ الْأَدَاءِ فِيهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الضَّامِنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ:، وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحَمْلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا وَاغْسِلْ ثِيَابِي بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي، أَوْ عَبْدِي، أَوْ اعْلِفْ دَابَّتِي لِوُجُوبِ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَمِّرْ دَارِي، فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيرَ لَيْسَ وَاجِبًا
الْتَزَمَ الْبَدَلَ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَطْعِمْنِي خُبْزَك، فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلْإِذْنِ فِي سَبَبِ الْأَدَاءِ.
نَعَمْ إنْ ثَبَتَ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَغَرَّمَهُ لَمْ يَعُدْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ إذَا كَانَ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَبْطُلُ غَيْرُ ظَالِمِهِ، أَمَّا مَنْ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ فَلَا عَوْدَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي
. (وَدَافِعٌ لِلدَّيْنِ فِي الدَّفْعِ أَذِنْ) أَيْ وَيَعُودُ الدَّافِعُ لِدَيْنِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ إنْ أَذِنَ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْعَوْدَ لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ فَإِنْ دَفَعَهُ بِلَا إذْنٍ فَلَا عَوْدَ لِتَبَرُّعِهِ وَيُخَالِفُ مَنْ أَوْجَرَ طَعَامَهُ لِمُضْطَرٍّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ إبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لَا ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَدَاءُ بِالْإِذْنِ) دَفْعًا لِإِيهَامِ شُمُولِ مَا قَبْلَهُ لِلضَّامِنِ بِغَيْرِ إذْنٍ إذَا دَفَعَ بِالْإِذْنِ، أَيْ لَا ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَصِيلِ فَلَا عَوْدَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَدَاءُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.
نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْعَوْدَ عَادَ كَغَيْرِ الضَّامِنِ، أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِتَبَرُّعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الْعَوْدُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِبَقَاءِ الْحَقِّ وَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ دَيْنَ مَحْجُورِهِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ، أَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ كَذَلِكَ عَادَ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَحَيْثُ ثَبَتَ الْعَوْدُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَعُودَ فِي الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ صُورَةً (بِالْأَقَلِّ مِنْ مَا أَدَّاهُ فِي يَوْمِ الْأَدَا، وَالدَّيْنُ فِي صُلْحٍ جَرَى) أَيْ وَإِنَّمَا يَعُودُ الضَّامِنُ، وَالْمُؤَدِّي بِالْإِذْنِ فِيمَا إذَا جَرَى صُلْحٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ مَا أَدَّاهُ يَوْمَ الْأَدَاءِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى ثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى ثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ: فِي يَوْمِ الْأَدَاءِ وَفِي صُلْحٍ جَرَى يَوْمُ الضَّمَانِ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ الْأَدَاءِ وَغَيْرُ الصُّلْحِ بِأَنْ أَدَّى الْحَقَّ بِصِفَتِهِ فَيَعُودُ بِهِ
، أَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ بِعَشَرَةٍ قُدِّرَ الدَّيْنُ وَتَقَاصَّا فَيَعُودُ بِالْعَشَرَةِ لِثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِمَا ضَمِنْته لَك عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَدَّى الضَّامِنُ بَعْضَ مَا ضَمِنَهُ وَأَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْبَاقِي لَمْ يَعُدْ إلَّا بِمَا أَدَّاهُ وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذِهِ قَدْ تَرِدُ عَلَى تَقْيِيدِ النَّظْمِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مُكَذِّبًا بِالْبَيِّنَةِ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَ وَصَدَّقَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) وَلَيْسَ وَلِيًّا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَ) أَيْ فِي الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ) أَبًا، أَوْ جَدًّا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ) اسْتَشْكَلَهُ السُّبْكِيُّ بِمَسْأَلَةِ الصُّلْحِ السَّابِقَةِ أَيْ فَإِنَّ الصُّلْحَ فِيهَا بَيْعٌ.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَاَلَّذِي يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمُشَارِ إلَيْهَا أَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ أَيْضًا يُبَرَّأُ مِنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ، أَوْ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْوَثِيقَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ) أَفْهَمَ ذِكْرُ " قَدْ " أَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَرِدَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ: بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ مَا أَدَّاهُ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ الدَّيْنِ، أَوْ بَعْضِهِ فَيَخْرُجُ بِالصُّلْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ الْأَدَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ فَيَعُودُ بِمَا أَدَّاهُ فَقَطْ وَالدَّيْنُ يَشْمَلُ الْكُلَّ، وَالْبَعْضَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلَا يَلْحَقُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ آلَةُ التَّعْمِيرِ لِمَالِكِ الدَّارِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، رَاجِعْ ع ش (قَوْلُهُ: وَغَائِبٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ كُلًّا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَى زَيْدٍ خَمْسُمِائَةٍ وَكَانَ ضَامِنًا لِلْغَائِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَمَدَارُ التَّصْوِيرِ عَلَى كَوْنِ الْحَاضِرِ مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً وَضَمَانًا
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنْ تَقَدَّمَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ ضَمَانٍ) إنْ أَذِنَ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِوُجُودِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ غَيْرِ الْإِذْنِ إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ السَّابِقِ. اهـ. ق ل عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْعَوْدَ) أَيْ الْإِذْنَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ق ل وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا شَرَطَهُ الْمُؤَدِّي وَوَافَقَهُ الْآذِنُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَادَ) أَيْ إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْآذِنِ. اهـ. ق ل أَيْ لِوُجُودِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ غَيْرِ الْإِذْنِ فَعُلِمَ مِنْ هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْقَصْدِ إلَّا إذَا ضَمِنَ بِالْإِذْنِ، أَوْ أَذِنَ فِي الدَّفْعِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ ضَمَانٌ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ يَتَأَخَّرْ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ لِلْأَدَاءِ عَنْ الْآذِنِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الْعَوْدُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا بِقِيمَتِهِ أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَيَعُودُ بِالْعَشَرَةِ ع ش عَلَى م ر إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الصُّلْحِ، أَوْ الْبَيْعِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ كَوْنَ حُكْمِهِ حُكْمَ الْقَرْضِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَدَّى مِثْلَ الْمَضْمُونِ فَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ مُتَقَوِّمًا اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصُّلْحِ وَقَالَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا
بِالصُّلْحِ
وَإِنَّمَا يَعُودُ الضَّامِنُ، وَالدَّافِعُ بِالْإِذْنِ (إنْ أَشْهَدَا) بِالْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَلَوْ (مَنْ سُتِرَا) عَدَالَةً لِإِتْيَانِهِ بِحُجَّةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ لَفْظَةَ " وَلَوْ " كَمَا ذَكَرْتهَا كَانَ أَوْلَى وَإِنْ فُهِمَ حُكْمُ الْمُقَدَّرِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) أَشْهَدَا رَجُلًا (وَاحِدًا لِيَحْلِفَا مَعَهُ) إذْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ حُجَّةٌ كَافِيَةٌ وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ كَمَا لَا يَضُرُّ غَيْبَتُهُ وَلَا مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَقَ الشَّهِيدُ انْكَشَفَا) أَيْ يَعُودُ مَنْ ذُكِرَ فِيمَا لَوْ أَشْهَدَ وَإِنْ انْكَشَفَ فِسْقُ الشَّاهِدِ لِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ فَكَانَ مَعْذُورًا، وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ مَنْ يُعْلَمُ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ إذْ لَا يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ.
وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِيَحْلِفَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ بِحُضُورٍ مِنْ مَدِينٍ أَوْصَلَهْ) أَيْ يَعُودُ إنْ أَشْهَدَ بِالْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ، أَوْ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ فَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهِ فَتَرَكَهُ (أَوْ صَدَّقَ الْمُؤَدِّيَ) بِالنَّصْبِ (الْمَضْمُونُ لَهْ)، أَوْ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمَدِينُ خَاصَّةً فَلَا عَوْدَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ إذْ الطَّلَبُ بِحَالِهِ (وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ إشْهَادًا) أَيْ لِمُنْكِرِ الْإِشْهَادِ فَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت وَمَاتَ الشَّاهِدُ، أَوْ غَابَ، أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الْإِشْهَادَ صُدِّقَ الْمَدِينُ بِيَمِينِهِ فَلَا عَوْدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِشْهَادِ وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَذَّبَاهُ لَمْ يَعُدْ، أَوْ قَالَا: لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا نَسِينَا فَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الْعَوْدِ وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إنْكَارَ الْمَدِينِ الْإِشْهَادَ مَعَ مُوَافَقَةِ الشَّاهِدِ مُدَّعِي الْإِشْهَادِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَمَتَى لَمْ يُقِمْ حُجَّةً بِالْأَدَاءِ وَحَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَدِينِ فَذَاكَ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ مُدَّعِي الْأَدَاءِ ثَانِيًا فَقِيلَ لَا عَوْدَ بِشَيْءٍ لِتَقْصِيرِهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْأَوَّلِ بِلَا إشْهَادٍ وَاعْتِرَافِهِ بِالظُّلْمِ بِالثَّانِي.
وَالْأَصَحُّ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَعُودُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، أَوْ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلطَّلَبِ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، أَوْ الثَّانِي فَهُوَ الْمُبَرِّئُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ وَسَبَقَهُ إلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي
(وَإِنْ مَرِيضُ مَوْتٍ دَيْنَ تِسْعِينَ ضَمِنْ) أَيْ وَإِنْ ضَمِنَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ دَيْنًا تِسْعِينَ (وَمِثْلُهُ) أَيْ تِسْعُونَ فَقَطْ (لَهُ) أَيْ لِلْمَرِيضِ وَمَاتَا (وَنِصْفٌ) مِنْ ذَلِكَ أَيْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَقَطْ (لِلْأَصِيلْ) فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
فَإِنَّ الرُّجُوعَ هُنَا بِالْأَقَلِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا الصُّلْحُ (قَوْلُهُ: قَدْ تَرِدُ) قَدْ يُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوُرُودِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ صَرِيحُ بَيْعٍ أَوَّلًا بَلْ إبْرَاءٌ عَنْ الْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ
(قَوْلُهُ: إشْهَادُ مَنْ يُعْلَمُ إلَخْ) خَرَجَ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ، أَوْ مَنْ عُلِمَ عَدَمُ سَفَرِهِ عَنْ قُرْبٍ فَطَرَأَ لَهُ السَّفَرُ لِعَارِضٍ
(قَوْلُهُ: دَيْنَ تِسْعِينَ) مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَشَجَرِ أَرَاكٍ، وَفِي الرَّوْضِ: فَصْلُ ضَمَانِ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا عَنْ مُعْسِرٍ عِنْدَ مَوْتِ الضَّامِنِ، أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَإِنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: (تَنْبِيهٌ)
قَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَوَّلًا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ تَسَلُّطَ الْمُوصَى لَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْلِيطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ الْمَوْجُودَ هُنَا حَاضِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَغِبْ بَاقِي مَالِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ هُنَا لَوْ كَانَ غَائِبًا كَانَ الْحُكْمُ كَمَا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَرِمَهُ وَالدَّيْنِ لَشَمِلَهَا وَحَيْثُ قَيَّدَ بِالصُّلْحِ خَرَجَتْ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا غَرِمَ وَالدَّيْنِ وَالِاعْتِذَارُ بِأَنَّهُ زَادَ التَّقْيِيدُ بِالصُّلْحِ لِإِخْرَاجِ مَسْأَلَتَيْ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ وُرُودَهَا فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: فِي صُلْحٍ، أَوْ إبْرَاءٍ عَنْ الْبَعْضِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْ سُتِرَا) قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ يَأْبَى إشْهَادَ الْوَاحِدِ لِاحْتِمَالِ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِهِ هُنَا لِتَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ اهـ:(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا إلَخْ) قَالَ: م ر إلَّا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْقُطْرِ حَنَفِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي عِنْدَهُمْ الْوَاحِدُ، وَالْيَمِينُ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ الْمَدِينُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ أَقَامَ شَاهِدًا لَا يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى بَاطِنِهِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِانْتِفَاعِ الْمَدِينِ نَظَرٌ لِلْغَالِبِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَا عَوْدَ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِإِذْنِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صِحَاحًا، وَالْآخَرُ مُكَسَّرًا مَثَلًا. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ: فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصْلِ وَثُلُثَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ وَفَاتَ عَلَيْهِ الْبَاقِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَا دَوْرَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ سِتِّينَ وَضَارَبَ بِهَا وَرَثَتَهُ مَعَ الْغَرِيمِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ فَيَكُونُونَ قَدْ رَجَعُوا عَلَى تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِثَلَاثِينَ إذْ هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَهُ ثَلَاثُونَ وَلِوَرَثَةِ الضَّامِنِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ سِتُّونَ وَيَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ أَخَذَ مِنْ وَرَثَةِ الْأَصِيلِ بِالْمُضَارَبَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ إذْ هِيَ ثُلُثُهَا وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا.
وَالْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ سِتُّونَ
الْمَرِيضِ لَزِمَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يَغْرَمُهُ وَرَثَتُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِالْمُضَارَبَةِ فَتَزِيدُ تَرِكَةُ الْمَرِيضِ فَيَزِيدُ الْمَغْرُومُ فَيَزِيدُ الرَّاجِعُ.
وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يُقَالَ: الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ، وَالرَّاجِعُ مِثْلُ نِصْفِهِ إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ نِصْفُ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ نِصْفُ شَيْءٍ فَمِثْلَاهُ شَيْءٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا، فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئًا وَنِصْفًا فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْمَأْخُوذُ سِتِّينَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(فَيَأْخُذُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (الثُّلُثَيْنِ) أَيْ ثُلُثَيْ التِّسْعِينَ (مِنْ إرْثِ الْعَلِيلْ) أَيْ الْمَرِيضِ وَيَكُونَانِ دَيْنًا لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَقَدْ بَقِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ ثَلَاثُونَ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَا لَهُمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمَيْنِ وَسَهْمٍ وَتَرِكَتُهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَأْخُذُ مِنْهَا الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَرَجَعَتْ وُرَّاثُهُ بِنِصْفِ ذَا) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ. وَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرُبْعِهِ مِنْ إرْثِ أَصْلٍ أَخَذَا) أَيْ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ رُبْعَ الْمَأْخُوذِ وَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ قَدْرُهُ وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ سِتِّينَ نِصْفُهَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ وَنِصْفُهَا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَذَلِكَ مِثْلَا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ وَيَقَعُ الْفَائِتُ تَبَرُّعًا إذْ لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا (أَوْ) كَانَ (لِلْأَصِيلِ) بَدَلُ نِصْفِ الدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (ثُلْثَهُ) وَهُوَ ثَلَاثُونَ.
فَطَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ: الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ، وَالرَّاجِعُ مِثْلُ ثُلُثِهِ إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ ثُلُثَا شَيْءٍ فَمِثْلَاهُ شَيْءٌ وَثُلُثٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئَيْنِ فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْمَأْخُوذُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(يَأْخُذُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (مِنْ وَرَثَةِ الْكَفِيلِ) أَيْ الضَّمِينِ (نِصْفَ مَا ضَمِنْ) وَيَكُونُ دَيْنًا لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْأَصِيلِ
وَيَبْقَى مِثْلُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَالِهِمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمٍ وَسَهْمٍ فَتُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبَيْنَهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ، وَالْمُسْتَحِقِّ (إرْثُ الْأَصِيلِ نِصْفَهْ) أَنْتَ وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفًا وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمَعَهُمْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَذَلِكَ مِثْلَا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ وَيَقَعُ الْفَائِتُ تَبَرُّعًا لِمَا مَرَّ وَإِنْ أَخَذَ أَوَّلًا فِي الصُّورَتَيْنِ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ فَلَا دَوْرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(أَوْ حَازَ كُلَّمَا الْأَصِيلُ خَلَّفَهْ) وَفِي نُسْخَةٍ خَلَّفَا وَهُوَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثُونَ (وَ) حَازَ مَعَ ذَلِكَ (ثُلُثَ مَا خَلَّفَهُ مَنْ يَكْفُلُ) أَيْ الْكَفِيلُ (أَيْ فِيهِمَا) أَيْ الصُّورَتَيْنِ (مَعًا) وَهُوَ ثَلَاثُونَ وَتَقَعُ تَبَرُّعًا لِمَا مَرَّ فَتَلَخَّصَ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْأَخْذِ طَرِيقَيْنِ (وَهَذِي) أَيْ الثَّانِي مِنْهُمَا (أَسْهَلُ) مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهِ وَلَا دَوْرَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِهِمَا لَا يَخْتَلِفُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الثُّلُثَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِرْشَادِ وَأَصْلِهِ كَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَرَثَةِ الضَّامِنِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَيَرْجِعُونَ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ وَلَا أَنْ يَأْخُذَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ وَرَثَةِ الضَّامِنِ سِتِّينَ وَيَرْجِعُونَ بِثَلَاثِينَ وَهِيَ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ وَلَا دَوْرَ، قَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ حَيْثُ أَرَادَ الْمَضْمُونُ لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَخْذِ مَا دُونَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا إذَا وَفَّتْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ بِالثُّلُثَيْنِ حَيْثُ صَرَّحُوا بِجَوَازِ أَخْذِ الْمَضْمُونِ لَهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ مِنْ وَرَثَةِ الضَّامِنِ اهـ
ــ
[حاشية الشربيني]
نِصْفُهَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ وَنِصْفُهَا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَذَلِكَ مِثْلَا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ وَيَقَعُ الْفَائِتُ تَبَرُّعًا إنْ لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا دَوْرٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ بِطَرِيقِ اسْتِخْرَاجِهِ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الِاسْتِخْرَاجِ الْآتِي لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهَا بِالْفِعْلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَالَهُ أَخَذَ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا رَجَعَ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ عَلَى تَرِكَةِ الْأَصِيلِ لَا يَضِيعُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَجِدُوا مُرَاجِعًا (قَوْلُهُ: مَا يَغْرَمُهُ وَرَثَتُهُ) وَهُوَ سِتُّونَ (قَوْلُهُ: بِالْمُضَارَبَةِ) أَيْ مَعَ صَاحِبِ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ: الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ) هُوَ فِي الْوَاقِعِ سِتُّونَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْآنَ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِعُ مِثْلُ نِصْفِهِ) هُوَ فِي الْوَاقِعِ ثَلَاثُونَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْآنَ (قَوْلُهُ: أَنَّ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ إلَّا مَا وَجَدَهُ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَهُوَ نِصْفُ مَا غَرِمَ أَيًّا كَانَ إذْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ غَرِمَ الْكُلَّ أَخَذَ كُلَّ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَهُوَ تَمَامُ النِّصْفِ فَإِنْ غَرِمَ أَقَلَّ مِنْهُ حِينَئِذٍ أَخَذَ نِصْفَ غُرْمِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ كُلَّهَا إنْ غَرِمَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا فَاتَ) ؛ لِأَنَّ مَا يَضْمَنُهُ الْمَرِيضُ فِيمَا نَحْنُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَبَرْنَا إلَخْ) الْجَبْرُ هُوَ زِيَادَةُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَابَلْنَا) الْمُرَادُ بِالْمُقَابَلَةِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي الْمُعَادَلَةُ لَا الِاصْطِلَاحِيَّةُ وَهِيَ إزَالَةُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَوْ قُلْنَا: عَشَرَةُ أَشْيَاءَ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَإِذَا جَبَرْنَا صَارَتْ الْمَسْأَلَةُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ، تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَوَقَعَ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَالْمُقَابَلَةُ أَنْ يُطْرَحَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَشْيَاءَ فَتَصِيرُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، تَعْدِلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَالشَّيْءُ دِرْهَمَانِ