المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع وقف وقفا ليحج عنه منه] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: ‌[فرع وقف وقفا ليحج عنه منه]

وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا وَالِانْتِفَاعِ بِكِتَابٍ وَقَفَهُ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ بِقِدَرٍ وَقَفَهَا لِلطَّبْخِ أَوْ بِكِيزَانٍ وَقَفَهَا لِلشُّرْبِ بِهَا وَلَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةً فَوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْهَاشِمِيَّ إذَا انْتَصَبَ عَامِلًا لِلزَّكَاةِ هَلْ لَهُ سَهْمُ الْعَامِلِ؟ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَرْجَحُ هُنَا جَوَازُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ إلَّا مَنْ أَجَازَ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ جَازَ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ غَلَّتِهِ فَإِنْ ارْتَدَّ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ فِي الْحَجِّ وَصُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُعِيدَ الْوَقْفُ إلَى الْحَجِّ عَنْهُ.

(وَجَازَ) لَهُ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ (لَوْ وَقَفَ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ بِالْفَقْرِ اتَّصَفْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ وَإِنَّمَا وُجِدَتْ فِيهِ الْجِهَةُ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا وَفِي مَعْنَى الْفُقَرَاءِ الْعُلَمَاءُ وَنَحْوُهُمْ إذَا اتَّصَفَ بِصِفَتِهِمْ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَغَيْرِهِ بِثَمَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَةَ الْوَقْفِ لَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ أَنَّهُ يَأْخُذُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَ) لَا عَلَى (نَفْسِ عَبْدٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ، وَأَمَّا صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَقَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ الْجِهَةُ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عَلَفِ الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ.

(وَ) الْوَقْفُ عَلَى الْعَبْدِ (بِإِطْلَاقٍ) أَيْ: مَعَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِنَفْسِهِ وَقْفٌ (عَلَى مَالِكِهِ) كَمَا فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الدَّابَّةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ بِتَمْلِيكِ مَالِكِهِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ وَعَلَى مُكَاتَبٍ بِعَيْنِهِ وَالْمُتَوَلِّي يَصِحُّ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ فَإِنْ عَجَزَ بَعْضُهُمْ فَاسْتِرْجَاعُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى مُكَاتَبٍ بِعَيْنِهِ نُصَحِّحُهُ فِي الْحَالِ وَنَصْرِفُ إلَيْهِ فَوَائِدَهُ وَنُدِيمُ حُكْمَهُ إذَا عَتَقَ، إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْوَقْفَ بِدَوَامِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِهِ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِنْ عَجَزَ بَانَ أَنَّ الْوَقْفَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ أَيْ: إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَصَدَرَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَنَفْسِ عَبْدٍ) وَفِي الرَّوْضِ وَعَبْدِهِ أَيْ: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَعَلَى رَقِيقِ الْوَاقِفِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ. اهـ.

فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدِهِ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصِّفَةُ إنْ تَقَدَّمَتْ إلَخْ كَوَقَفْتُ عَلَى مُسْتَوْلَدٍ أَتَى إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَمِثْلُهُ فِي الْعُبَابِ أَيْضًا كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ قُلْنَا: إنَّهُ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) هَذَا يَرُدُّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِنَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فِي وَقْفِ نَحْوِ الْبِئْرِ وَالْمَسْجِدِ يَضُرُّ سم وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْوَقْفِ الَّذِي يُرِيدُهُ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. ع ش وَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا أَوْلَى؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمَنْعِ ثَابِتٌ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

(قَوْلُهُ: جَوَازُهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لَا الْوَقْفِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَيَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) فَإِنْ زَادَ الْوَقْفُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ

[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ غَلَّتِهِ) وَفَرَّقَ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا حَيْثُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ مَعَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهِ أَيْضًا؛ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا انْتِفَاعٌ ظَاهِرٌ بِالْبَدَنِ فَعَادَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ ذَلِكَ رِفْقٌ دُنْيَوِيٌّ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الْحَجِّ وَالْأُضْحِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أُعِيدَ الْوَقْفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا صُرِفَ لِلْفُقَرَاءِ لَا يُسْتَرَدُّ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَصْرِفًا وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا وُقِفَ عَلَى ذِمِّيٍّ وَحَارَبَ إنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَصْرِفًا صُرِفَ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ الذِّمِّيُّ حَيًّا وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُصْرَفُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَالِكِهِ) وَإِنْ اسْتَقَلَّ الرَّقِيقُ بِالْقَبُولِ. اهـ. عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُكَاتَبِينَ) هَلْ يَدْخُلُ فِيهِمْ مُكَاتَبُهُ كَمَا لَوْ وُقِفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مِنْهُمْ الظَّاهِرُ دُخُولُهُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ إلَخْ) كَانَ مَعْنَاهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَارِّ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُكَاتَبٍ بِعَيْنِهِ) أَيْ: مُكَاتَبِ غَيْرِهِ: مُكَاتَبُهُ هُوَ فَلَا يَصِحُّ كَأُمِّ وَلَدِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَيَّدَهُ بِهِ إلَخْ) مِثْلُ التَّقْيِيدِ بِهِ مَا إذَا قَالَ: وَقَفْته عَلَى مُكَاتَبِ فُلَانٍ فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ وَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَإِنْ قَيَّدَ بِهِ) أَيْ: وَأَدَّى النُّجُومَ وَعَتَقَ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَقْفَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ) فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ وَمَا اسْتَوْفَاهُ مُدَّةَ الْكِتَابَةِ يُسْتَرَدُّ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا أُتْبِعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ. اهـ. م ر وع ش. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ قَصَدَ شَيْئًا أُتْبِعَ حَتَّى لَوْ وُقِفَ فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عُمِلَ بِهِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ

ص: 370

سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(وَمَنْ يُعَيَّنْ قُبِلَا) أَيْ: وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ يَقْبَلُ الْوَقْفَ وُجُوبًا لِيَصِحَّ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلْيَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ كَالْهِبَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَآخَرِينَ وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيِّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَئُولُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ وَكَذَا جِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَجْعَلُوا الْحَاكِمَ نَائِبًا فِي الْقَبُولِ كَمَا جَعَلُوهُ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَالْأَمْوَالِ وَلَوْ صَارُوا إلَيْهِ لَكَانَ قَرِيبًا. قَالَ: وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِلْمَسْجِدِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَا وَقْفٌ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقَيِّمِ وَقَبْضُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ (بِشَرْطِ نَفْيِ رَدِّ بَطْنِ ثَانِي) أَيْ: صَحَّ الْوَقْفُ بِمَا مَرَّ بِشَرْطِ قَبُولِ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا مَرَّ وَعَدَمِ رَدِّ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهِمْ الْوَقْفَ فَإِنْ قُلْنَا: يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ اسْتِحْقَاقُهُمْ بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلَا كَالْمِيرَاثِ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ وَإِنْ شُرِطَ قَبُولُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى.

وَحَيْثُ شَرَطْنَا قَبُولَهُمْ أَوْ عَدَمَ رَدِّهِمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا أَوْ رَدُّوا لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ مِنْ أَصْلِهِ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ وَسَيَأْتِي

(وَحَيْثُ عَمَّتْ) أَيْ: الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا (عَدَمُ الْعِصْيَانِ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا قُرْبَةٌ كَالْأَغْنِيَاءِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَائِرِ الْفَسَقَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْمُبَعَّضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ

(قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ) فَيَبْطُلَ إذَا لَمْ يُقْبَلْ م ر. (قَوْلُهُ فَهُوَ تَمْلِيكٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَفْظُ كِنَايَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ احْتِيَاجُهُ لِلنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِسُكُوتِهِ عَنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَإِنْ فَاتَ الْقَبُولُ بِطُولِ الْفَصْلِ لَكِنْ يَبْطُلُ حَقُّهُ وَيَسْتَحِقُّ الثَّانِي إذَا دَخَلَ وَقْتُهُ وَقَبِلَ م ر لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقَ لِيُصْبِحَ فِي شَرْحٍ وَمَنْ تَعَيَّنَ قَبْلًا يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ إذَا انْتَفَى الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ) فَلَوْ رَجَعُوا بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُمْ وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ يَعُودُ لَهُمْ إنْ رَجَعُوا قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) أَيْ: فَمَا خَصَّ الْحُرِّيَّةَ فَهُوَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ فَلَهُ رِيعُهُ وَمَا خَصَّ الرِّقَّ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى رَقِيقٍ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ وَمِنْهُ أَنْ يَقْصِدَهُ نَفْسَهُ فَيَبْطُلُ وَقَضِيَّةُ هَذَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: يَقْبَلُ الْوَقْفَ) وُجُوبًا اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْجَائِزِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْقَبُولُ بَلْ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِرَدِّهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وم ر. (قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ: مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ لِتَأَخُّرِهِ ضَرُورَةً فَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: الْجِهَةُ الْعَامَّةُ) أَيْ: وَإِنْ انْحَصَرَتْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: جِهَةُ التَّحْرِيرِ) أَيْ: الْجِهَةُ الْمُشْبِهَةُ لِلتَّحْرِيرِ فِي أَنَّهُ إخْرَاجٌ عَنْ مِلْكِهِ لَا إلَى مَالِكٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَنَافِعِ وَقَوْلُهُ كَالْمَسْجِدِ أَيْ: وَالرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْمَقْبَرَةِ لِمُشَابَهَتِهَا فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ جَمَلٌ وع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَارُوا إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ م ر: وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ وَجِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ فَلَا قَبُولَ فِيهِ جَزْمًا وَلَمْ يَنُبْ الْإِمَامُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ نَاظِرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُهِبَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ رَدِّ مُعَيَّنِ الْبَطْنِ الثَّانِي) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الرَّدِّ مَا لَوْ وَقَفَ الْمَالِكُ الثُّلُثَ عَلَى الْوَارِثِ الْحَائِزِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ بِهِ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْوَاقِفِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَهْرًا عَنْ الْوَارِثِ، فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ الزَّائِدِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا مَعْنَى لِلْقَبُولِ مَعَ عَدَمِ الِاتِّصَالِ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَجَّحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّلَقِّي مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُمْ لَفٌ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوَّلًا وَقَدْ تَمَّ الْوَقْفُ أَوَّلًا فَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ ثَانٍ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ) أَيْ: فَلَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُمْ مُتَأَخِّرًا ضَرُورَةً لَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُ قَبُولٍ مِنْهُمْ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْبَلُوا) أَيْ إنْ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَوْ رَدُّوا إنْ شَرَطْنَا عَدَمَ الرَّدِّ أَمَّا إذَا قَبِلُوا، ثُمَّ رَدُّوا فَلَا عِبْرَةَ بِالرَّدِّ بَلْ يَسْتَمِرُّ صَحِيحًا

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْقُرْبَةِ. (قَوْلُهُ: كَالْأَغْنِيَاءِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُقَرَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْمُكْتَسِبَ لِمَا يَكْفِيهِ فَهُوَ هُنَا مِنْ الْفُقَرَاءِ وَبِالْأَغْنِيَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ الْأَغْنِيَاءُ الْمُقَابِلُونَ لِلْفُقَرَاءِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ. اهـ. ق ل

ص: 371

بِنَاءً عَلَى الْأَشْبَهِ مِنْ أَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْوَصِيَّةِ لَا جِهَةُ الْقُرْبَةِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ الْأَحْسَنَ تَوَسُّطٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ صِحَّتُهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَبُطْلَانُهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَائِرِ الْفَسَقَةِ لِتَضَمُّنِهِ الْإِعَانَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ عَدَمِ الْعِصْيَانِ الْوَقْفُ عَلَى بِيَعِ التَّعَبُّدِ وَكَنَائِسِهِ وَكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَمَنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ أَوْ يَتَهَوَّدُ أَوْ يَتَنَصَّرُ وَآلَاتِ الْمَعَاصِي كَالسِّلَاحِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَمَّا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ فَيُقِرُّ حَيْثُ تُقِرُّ الْكَنَائِسُ.

وَلِلْوَقْفِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ بَيَانُ الْمَصْرِفِ وَالتَّنْجِيزُ وَالتَّأْبِيدُ وَالْإِلْزَامُ وَقَدْ عُلِمَ الْأَوَّلُ مِمَّا مَرَّ، وَأَخَذَ فِي بَيَانِ الْبَقِيَّةِ فَقَالَ:(مُنَجَّزًا) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ مُنَجَّزًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَالْهِبَةِ كَوَقَفْتُ دَارِي إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَقَدْ وَقَفْتهَا، لَكِنْ لَوْ قَالَ: وَقَفْت دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بِصِحَّةِ وَقْفِهَا وَوُقُوعِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَعِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَسَاعَدَهُ أَئِمَّةُ الزَّمَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْلِ الْقَفَّالِ لَوْ عَرَضَهَا عَلَى الْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا وَقَالَ الْإِمَامُ: هَذَا تَعْلِيقٌ، بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ صِحَّةُ الْوَقْفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْأُسْتَاذُ قَالَ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّهُ تَعْلِيقٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ فِي التَّمْلِيكَاتِ يَصِحُّ وَصِيَّةً فَالْوَقْفُ أَوْلَى.

وَقَوْلُهُ: بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ يُقَالُ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَا إيقَاعَ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الْحَقُّ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَنَا تَصَرُّفٌ نَاجِزٌ وَأَثَرُهُ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، بَلْ قَالَ: وَالْأَظْهَرُ صِحَّتُهُ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ قَالَ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَكَنَائِسِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَنَصَّرُ) أَيْ: أَوْ يَفْسُقُ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ، أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَالْمُكْتَسِبُ مَا يَكْفِيهِ وَلَا مَالَ لَهُ يَكْفِيهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ فَقَطْ وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجَرٍ وَمِثْلُهُ م ر الْغَنِيُّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هُوَ شَامِلٌ لِلْمُكْتَسِبِ السَّابِقِ إلْحَاقُهُ بِالْفُقَرَاءِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا الشُّمُولِ يَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُكْتَسِبُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ ع ش وَالتَّمْثِيلُ بِالْأَغْنِيَاءِ صَحِيحٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ صِحَّتِهِ لِسَنِّ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ لَا يَظْهَرُ فِيهِمْ قَصْدُ الْقُرْبَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَا يَظْهَرُ وَمَا لَا يُوجَدُ وَالسَّنُّ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُودَ لَا الظُّهُورَ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَشْبَهِ إلَخْ) وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ إنْ كَانَ فِيهِمَا قُرْبَةٌ لِمَا فِي الْخَبَرِ «أَنَّ فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّاءَ» أَجْرٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمْلِيكُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَمَامِ مَكَّةَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَقَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ عَلَى بِيَعِ التَّعَبُّدِ) بِأَنْ وَقَفَ عَلَى بِيَعٍ وَكَانَتْ لِلتَّعَبُّدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَإِنْ شَرَّكَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ قَالَ ع ش: وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ تُفَرَّقْ الصَّفْقَةُ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم وَكَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَنَفْسِهِ حَيْثُ صَحَّ فِي نِصْفِهِ وَبَطَلَ فِي نِصْفِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ وَلِنُزُولِ الْمَارَّةِ مَعًا فَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ) بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى مَنْ يَتَهَوَّدُ أَوْ يَتَنَصَّرُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ مَعَ صِحَّتِهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقْطَعُ أَوْ يَتَهَوَّدُ أَوْ يَتَنَصَّرُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى إيجَادِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ مَثَلًا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْمُتَّصِفُ بِهَذَا الْوَصْفِ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدُ وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَمَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: مُنَجَّزًا) هَذَا فِي غَيْرِ مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا هُوَ كَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَقَدْ وَقَفْت هَذَا مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعِتْقِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ كَعِتْقِ الْمُدَبَّرِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا عَرَضَ الْمُدَبَّرَ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمُدَبَّرِ وَهُوَ الْعِتْقُ أَقْوَى فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ الْبَيْعِ دُونَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ. اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ) قِيَاسُ مَا نَقَلَهُ الرَّشِيدِيُّ عَنْ حَجَرٍ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْته عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي مِنْ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ عَلَى الْمَوْتِ وَعَلَى إجَازَةِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ إنْ زَادَ عَلَيْهِ وَمَا حَصَلَ مِنْ الْفَوَائِدِ قَبْلَ الْمَوْتِ يَكُونُ لِلْوَاقِفِ وَوَقْفٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ بَلْ يُؤَبَّدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى قَوْلِ م ر هُنَا قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: م ر

ص: 372

إذَا مِتُّ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي إذْ الْمَعْنَى فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ وَقَفْتهَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ وَقَفْتهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَالثَّانِيَ تَعْلِيقُ إنْشَاءٍ وَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ وَعْدٌ مَحْضٌ.

(وَلَمْ يَجُزْ) أَيْ: الْوَقْفُ (مُؤَقَّتَا) إذَا كَانَ التَّأْقِيتُ صَرِيحًا كَوَقَفْتُهُ سَنَةً كَالْهِبَةِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ سَنَةً، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ صَحَّ وَرُوعِيَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنْ كَانَ ضِمْنًا كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يَزِدْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا سَيَأْتِي وَمِنْهُ وَقْفُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاظِمُ كَالشَّيْخَيْنِ فِيمَا مَرَّ.

(وَلَا) يَصِحُّ الْوَقْفُ لِشَيْءٍ (بِشَرْطِ الْبَيْعِ) لَهُ (أَوْ) بِشَرْطِ (عَوْدٍ) لَهُ فِيهِ (مَتَى يَشَا أَوْ) بِشَرْطِ (خِيَارِهِ) أَيْ: الْخِيَارِ فِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ يُحَرِّمَ أَوْ يَزِيدَ أَوْ يُقَدِّمَ أَوْ يُؤَخِّرَ مَنْ شَاءَ إذْ وُضِعَ الْوَقْفُ عَلَى اللُّزُومِ (وَلَا) يَصِحُّ (عَلَى مَنْ يُوجَدُونَ) مِنْ أَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْمَسَاجِدِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (لِانْقِطَاعٍ) لَهُ (أَوَّلَا) وَمِنْ هُنَا سُمِّيَ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ، وَالتَّعْلِيلُ لِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ، فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يُوجَدُ بِلَا زِيَادَةٍ فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ.

(وَوَسَطٍ وَآخِرٌ) أَيْ: أَوْ آخِرٍ. (إنْ انْقَطَعْ) كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي ثَمَّ بَهِيمَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ عَبْدِ فُلَانٍ نَفْسِهِ أَوْ بَهِيمَتِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ أَوْ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يَزِدْ (فَهْوَ) أَيْ: الْوَقْفُ الْمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ صَحِيحٌ لِمُصَادَفَتِهِ مَصْرِفًا صَحِيحًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَلَا يَعُودُ مِلْكًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّوَامِ؛ وَلِأَنَّهُ صَرَفَ مَالَهُ إلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ مِلْكًا، كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا بَلْ (إلَى أَقْرَبِ) النَّاسِ إلَى (وَاقِفٍ) لَهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ (رَجَعْ) وَقْفًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَقْيِيدُ الِانْقِطَاعِ الْمُقْتَضِي لِرُجُوعِ الْوَقْفِ إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ بِالْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَالْمُعْتَبَرُ قُرْبُ الرَّحِمِ لَا الْإِرْثُ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ وَإِذَا اجْتَمَعَ أَقَارِبُ، فَالْقَوْلُ فِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا.

وَيَخْتَصُّ بِفُقَرَائِهِمْ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إذَا مِتُّ إلَخْ) يُتَّجَهُ الصِّحَّةُ هُنَا وَالْفَرْقُ مَمْنُوعٌ م ر

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ مُؤَقَّتًا) قِيلَ وَلَا أَثَرَ لِلتَّأْقِيتِ الصَّرِيحِ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْبِيدُ لَا حَقِيقَةُ التَّأْقِيتِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَفْته أَلْفَ سَنَةٍ مَثَلًا نَظِيرَ بِعْته أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ. (قَوْلُهُ: كَوَقَفْتُهُ سَنَةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ مَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَقَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: كَالْعِتْقِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَمَتَى شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ أَوْ عَوْدَهُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ مَا بَطَلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصَايَا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَفِي عَدَمِ صَرْفِهِ لِلْوَارِثِ وَحُكْمِ الْأَوْقَافِ فِي تَأْبِيدِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْمَعْنَى إلَخْ) إذْ لَا يُمْكِنُ إنْشَاؤُهُ وَقْفًا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَعْلِيقُ إنْشَاءٍ وَهُوَ بَاطِلٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُتَّجَهُ صِحَّتُهُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَا إذَا قَصَدَ أَنَّهُ يَقِفُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِيمَا قَبْلُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ مُؤَقَّتًا) أَيْ: إنْ لَمْ يُشْبِهْ التَّحْرِيرَ كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا سَنَةً وَالْأَصَحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَيَلْغُو ذِكْرُ السَّنَةِ. اهـ. حَجَرٌ وق ل. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) هَذَا تَأْقِيتٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلْوَقْفِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ) وَلَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قَبُولِهِ وَرَدِّهِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَكَذَا بِشَرْطِ إلَخْ) أَيْ: فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. رَوْضَةٌ قِيلَ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعٍ لَهُ أَوَّلًا) فَتَكُونُ الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَاطِلَةً وَمَا بَعْدَهَا فَرْعُهَا فَأَشْبَهَ ذَلِكَ تَسْيِيبَ السَّوَائِبِ الَّتِي هِيَ أَوْقَافُ الْجَاهِلِيَّةِ. اهـ. عَمِيرَةُ سم. (قَوْلُهُ: فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ) أَيْ: فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ) أَيْ وَالْوَسَطِ أَيْضًا وَبَقِيَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ دُونَ الْوَسَطِ بِأَنْ وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ مَجْهُولٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ وَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ آخِرٍ إنْ انْقَطَعَ إلَخْ) فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى رِبَاطٍ أَوْ مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَصْرِفَ إنْ خَرِبَ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ حَفِظَ الرِّيعَ، وَإِلَّا صُرِفَ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إنْ كَانَ ثَمَّ مَسَاجِدُ وَإِلَّا صُرِفَ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَحُمِلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْأَقْوَالُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَهُمْ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ يُشْكِلُ عَلَى تَقْدِيمِ صَرْفِهِ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ عَلَى صَرْفِهِ لِلْأَقْرَبِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ عَدَمِ التَّوَقُّعِ. اهـ. سم عَلَى الْغَايَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ) وَأَفْضَلُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ عَلَى أَقْرَبِهِمْ فَأَقْرَبِهِمْ عَنْ ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: قُرْبُ الرَّحِمِ) فَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ

ص: 373

الْأَصَحِّ لَكِنْ هَلْ يَخْتَصُّ بِهِمْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا؟ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلُ فَإِنْ عُدِمَتْ أَقَارِبُهُ فَالْمَنْصُوصُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ رِيعَهُ إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ: يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ أَمَدِ الِانْقِطَاعِ أَمَّا إذَا وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ رَجُلٍ مَجْهُولٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ بَعْدَ زَيْدٍ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا أَثَرَ لِهَذَا الِانْقِطَاعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي أَخْذًا مِنْ تَفْرِيعِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ (كَالْوَقْفِ إذْ) أَيْ: وَقْتُ أَرْبَابِهِ أَيْ: مُسْتَحِقُّوهُ (لَا تُعْرَفُ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ.

(وَمَا عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو) مَثَلًا (يُوقَفُ وَبَعْدَ هَذَيْنِ عَلَى ضِدِّ الْغَنِيّ) أَيْ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ فَنِيَ أَحَدُهُمَا (فَلِلَّذِي لَمْ يَفْنَ) لَا لِلْفُقَرَاءِ (حَظُّ مَنْ فَنِيَ) إذْ شَرْطُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ انْقِرَاضُهُمَا وَلَمْ يُوجَدْ وَالصَّرْفُ إلَى مَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ أَوْلَى وَقِيلَ لِلْفُقَرَاءِ وَأَبْدَى الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا فَقَالَ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْوَقْفَ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ أَيْ: فَيُصْرَفُ مَصْرِفُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُفَصِّلْ فَإِنْ فَصَّلَ فَقَالَ وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا فَهُوَ وَقْفَانِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَلِمَ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا بَعْدَهُمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا. فَهَلْ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ أَوْ كَمَا لَوْ مَاتَا؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ. أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِهِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْعِتْقِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.

. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ تَصْرِيحِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَالِ فِي الزَّكَاةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْوَقْفِ حَتَّى يَخْتَصَّ بِفُقَرَائِهِ وَمَسَاكِينِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إذْ أَرْبَابُهُ لَا يُعْرَفُ) لِانْدِرَاسِ شَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى ضِدِّ الْغِنَى) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ آخِرَ الْبَابِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْفُقَرَاءُ الْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْبَلَدِ أَيْ فُقَرَاءُ أَهْلِهَا وَالْمُرَادُ بَلَدُ الْوَقْفِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ أَطْمَاعَهُمْ تَتَعَلَّقُ بِبَلَدِ الْوَقْفِ لَا مَكْفِيٌّ بِأَبٍ أَوْ زَوْجٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَرْبَابُ صَنَائِعَ تَكْفِيهِمْ وَلَا مَالَ لَهُمْ. اهـ. ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ السُّبْكِيّ الْفَرْقُ بَيْنَ إعْطَاءِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا دُونَ الزَّكَاةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَلِلَّذِي لَمْ يَفْنَ حَظُّ مَنْ فَنِيَ) . (تَنْبِيهٌ)

هَذَا كُلُّهُ إذَا قَبِلَ زَيْدٌ وَعَمْرو فَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ قِيَاسُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ بُطْلَانَ الْوَقْفِ فِي نَصِيبِ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ لَكِنْ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَيْ: الْإِرْشَادِ حَقُّ مَيِّتٍ مَا لَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْقَبُولَ أَوْ شَرَطْنَاهُ وَقَبِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَالَ بَعْضٌ: لَمْ أَرَهَا مَسْطُورَةً وَقِيَاسُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ وَبِهِ قَالَ الْخَفَّافُ وَغَيْرُهُ. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ: فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ يَحْتَمِلُ انْتِقَالَهُ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنْ قَالَ: ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ قَالَ: ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) وَيَسْتَوِي الْعَمُّ وَالْخَالُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُدِمَتْ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُدِمَتْ أَقَارِبُهُ أَيْضًا) أَيْ: أَوْ كَانَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَ وَوَقَفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. ش الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) حُمِلَ هَذَا عَلَى كَوْنِهِ الْأَهَمَّ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ أَخْذًا إلَخْ) فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْبُطْلَانُ، فَإِنْ صَحَّحْنَا نَظَرٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ انْتِظَارُ مَنْ ذَكَرَهُ كَقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ مَيِّتٍ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَهُوَ فِي الْحَالِ مَصْرُوفٌ إلَى الْفُقَرَاءِ وَذِكْرُ الْأَوَّلِ لَغْوٌ وَإِنْ أَمْكَنَ بِانْقِرَاضِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى عَبْدٍ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى الْوَاقِفِ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَوَّلُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُصْرَفُ فِي الْحَالِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا صُرِفَ إلَى الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. اهـ. بِحَذْفِ كَثِيرٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُصْرَفُ عِنْدَ تَوَسُّطِ الِانْقِطَاعِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ إلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ الْمَصَالِحِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. اهـ. وَلَا يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ الْخِلَافُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ التَّفْصِيلُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَبْدَى الرَّافِعِيُّ إلَخْ) صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي بِحِكَايَةِ هَذَا وَجْهًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ: وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا) فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ انْتَقَلَ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْفُقَرَاءِ مَعَ وُجُودِ

ص: 374

وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو، ثُمَّ بَكْرٍ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ كَمَا إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ، ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةٍ طَوِيلَةٍ حَاصِلُهَا: أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْوَقْفِ لِحَجْبِهِ بِمَنْ فَوْقَهُ أَنَّ وَلَدَهُ يُشَارِكُ مَنْ بَعْدَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ.

(وَاتْبَعْهُ) أَيْ: الْوَاقِفُ وُجُوبًا (فِي) قَوْلِهِ (لَا تُوجِرُوا) الْوَقْفَ أَصْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَا يُورَدُ عَقْدٌ عَلَى عَقْدٍ فَخَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ إلَّا بِإِيجَارِهِ سِنِينَ أَنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي اعْتِبَارِ التَّقْيِيدِ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ وَإِذَا شَرَطَ مَنْعَ الْإِجَارَةِ وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ تَهَايَئُوا فِي السَّكَنِ وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ قَالَهُ الْجُورِيُّ: (وَالتَّسْوِيَهْ) أَيْ اتَّبَعَ الْوَاقِفَ فِيمَا ذُكِرَ وَفِي قَوْلِهِ سَوُّوا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْإِنَاثِ (وَفِي) قَوْلِهِ (الذُّكُورِ فَضِّلُوا) عَلَى الْإِنَاثِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا يَتْبَعُ سَائِرَ شُرُوطِهِ حَتَّى لَوْ خَصَّصَ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ كَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَوْ الرَّأْيِ أُتْبِعَ رِعَايَةً لِغَرَضِهِ وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ الشَّافِعِيَّةُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ الْحَنَفِيَّةُ قَالَ وَهُوَ عُرْفُ خُرَاسَانَ.

(وَالتَّوْلِيَهْ لِعَادِلٍ كَافٍ عَلَيْهِ يَجْعَلُهْ) أَيْ: وَالتَّوْلِيَةُ وَهِيَ النَّظَرُ عَلَى أَمْرِ الْوَقْفِ إنَّمَا تَثْبُتُ لِعَدْلٍ كَافٍ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَالَ وَقْفِهِ مُتَوَلِّيًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ كَمَا فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَأَتْبَعَهُ فِي لَا يُؤَجِّرُوا) قَالَ الشَّارِحُ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِعَارَةُ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً مَلَكَ إعَادَتَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ الْإِعَارَةِ. (قَوْلُهُ: فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ) وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ قُلْت بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ) قَالَ الشَّارِحُ قَالَ: فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ هُنَا وُجُوبُ الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَتِمُّ مَقْصُودُ الْوَقْفِ وَيُحْفَظُ فَإِنَّ إخْلَاءَهُ مَفْسَدَةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَ وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ يَتِمُّ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ قُلْت لَا يَحْصُلُ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ إلَّا بِالْمُهَايَأَةِ فَإِذَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُتَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

وَأَقُولُ يُتَّجَهُ جَوَازُ تَرْكِ الْمُهَايَأَةِ بِرِضَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ أَنْ يَتَرَاضَوْا بِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّوْلِيَةُ لِعَادِلٍ إلَخْ) هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ الْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ فَلِذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْحَصْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْأَبِ وَإِنْ افْتَرَقَا وَفِي فَوْرِ شَفَقَةِ الْأَبِ وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاعْتَبَرَ فِيهِ الْبَاطِنَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَثْبُتُ لِعَدْلٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إعْرَابِ لِعَادِلٍ خَبَرُ التَّوْلِيَةِ. (قَوْلُهُ: الْوَاقِفُ) يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْوَاقِفِ السِّيَاقَ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مُتَوَلِّيًا عَلَيْهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إعْرَابِ عَلَيْهِ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِجَعَلَ. (فَرْعٌ)

فِي الرَّوْضِ وَلِلنَّاظِرِ الِاقْتِرَاضُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَحَدِهِمَا فَهُوَ كَالْمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَإِنْ قَالَ: ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ) ؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ بَعْدَ عَمْرٍو وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ مِنْهُ شَيْئًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَنَى عَلَى أَنَّهُ يَتَلَقَّى مِنْ الْوَاقِفِ اسْتَحَقَّ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ وَانْظُرْ كَيْفَ انْتَقَلَ عَلَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ كَوْنِهِمْ بَعْدَ عَمْرٍو فَكَانَ الْقِيَاسُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ تَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْوَاقِفِ إيَّاهُمْ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُنْقَطِعَ الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَنْتَقِلَ أَوَّلًا لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا رَجَعَ إلَيْهِمْ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرَجَعَ أَوَّلًا لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ لَا تُؤَجِّرُوا الْوَقْفَ أَصْلًا) أَيْ: فَيَتْبَعُ شَرْطَهُ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا: يَفْسُدُ الْوَقْفُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ظَنِّي أَنَّ ع ش نَقَلَ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُخَالِفَ شَرْطَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أُتْبِعَ) ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِعَدْلٍ) أَيْ: عَدَالَةٍ بَاطِنَةٍ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ وق ل حَتَّى فِي الْوَاقِفِ إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَالَ وَقْفِهِ إلَخْ) فَإِنْ وَقَفَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّوْلِيَةَ لِأَحَدٍ فَاَلَّذِي يَقْتَضِي كَلَامَ

ص: 375

سَوَاءٌ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ اخْتَلَّتْ الصِّفَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا انْتَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ فَإِنْ زَالَ الِاخْتِلَالُ عَادَتْ وِلَايَتُهُ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْوَقْفِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَوَظِيفَةُ الْمُتَوَلِّي (يَعْمُرُ) و (يُكْرِي وَالنَّمَا يُحَصِّلُهْ) و (يَصْرِفُهُ مَصْرِفَهُ) وَيَحْفَظُ الْأُصُولَ وَالْغَلَّاتِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَإِقْرَاضُ مَالِ الْوَاقِفِ كَإِقْرَاضِ مَالِ الطِّفْلِ (وَأَخَذَا) أَيْ: الْمُتَوَلِّي مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ (مَشْرُوطَهُ) أَيْ: مَا شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ وَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ تَقَيَّدَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ شَيْئًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَمُقْتَضَى تَشَبُّهِهِ بِالْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْحَاجَةِ، إمَّا قَدْرَ نَفَقَتِهِ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْوَلِيِّ إنَّمَا وَقَعَ فِي حُكْمِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ (وَالْبَعْضَ) مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ يَرْسُمْ) أَيْ: يَجْعَلَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُتَوَلِّي (فَذَا) أَيْ: الْبَعْضُ الْمَرْسُومُ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْمُتَوَلِّي اتِّبَاعًا لِرَسْمِ الْوَاقِفِ (وَجَازَ) لِلْوَاقِفِ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ (أَنْ يَعْزِلَهُ) أَيْ: مَنْ وَلَّاهُ (وَاسْتَبْدَلَا) بِهِ (سِوَاهُ) كَمَا يَعْزِلُ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ وَيُنَصِّبُ

ــ

[حاشية العبادي]

دُونَ إذْنِهِ. اهـ. وَفِي شَرْحِهِ مُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَا مَشْرُوطَهُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ اسْتِقْلَالِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَهُوَ مَا أَخَذَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ لِلْوَلِيِّ الْمُتَبَرِّمِ الِاسْتِقْلَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ يُرَاجَعُ.

(قَوْلُهُ: مَشْرُوطَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ شَرَطَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ جَازَ، ثُمَّ إنْ عَزَلَهُ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ أُجْرَةً اسْتَحَقَّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ) أَيْ: الْوَاقِفُ وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ أَيْ: الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ) أَيْ: لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ رَفَعَ الْوَاقِفُ الَّذِي لَمْ يَشْرِطْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا كَشَرْحِ الشَّارِحِ فَرْضُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي عَدَمَ شَرْطِ شَيْءٍ لِلنَّاظِرِ وَرَفْعَهُ الْأَمْرَ حِينَئِذٍ لِلْحَاكِمِ فِي النَّاظِرِ غَيْرِ الْوَاقِفِ أَوْ فِيمَا يَشْمَلُهُ لَا فِي خُصُوصِ الْوَاقِفِ وَعَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا يَكُونُ الْوَاقِفُ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ) أَيْ: مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ) وَكَانَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ النَّفَقَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ النَّفَقَةُ ثَمَّ لِوُجُوبِهِمَا عَلَى فَرْعِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَلِيًّا عَلَى مَالِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ النَّاظِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ لِوُجُوبِهَا عَلَى فَرْعِهِ مَعَ أَنَّ الْوَلِيَّ ثَمَّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ الْفَتْوَى بِهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ فَالتَّوْلِيَةُ لِلْحَاكِمِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ جَعَلْنَاهُ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَ الِاخْتِلَالُ إلَخْ) فَعُرُوضُهُ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبٌ لِوِلَايَتِهِ فَقَوْلُهُ: عَادَتْ وِلَايَتُهُ أَيْ عَادَ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تَزُلْ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً إلَخْ) وَإِلَّا بِأَنْ وَلَّاهُ النَّظَرَ بَعْدَ الْوَاقِفِ بِأَنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ، وَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ عَنْهُ لَمْ تَعُدْ لِزَوَالِ الِاخْتِلَالِ بَلْ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ لَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَهْلِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُتَأَخِّرِ نَظَرًا إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا سَبَبَ لِنَظَرِهِ غَيْرَ فَقْدِهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا انْتِقَالُ النَّظَرِ عِنْدَ تَغَيُّرِ حَالِ الْأَرْشَدِ لِمَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِعَمْرٍو فَقْدُ زَيْدٍ وَبِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يُفْقَدْ وَفِي ذَلِكَ جَعَلَ الِاسْتِحْقَاقَ بِفَقْدِ الصِّفَةِ وَحَيْثُ فُقِدَتْ مِنْ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ الثَّانِي. اهـ.

م ر وع ش مَعْنَى وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ إذَا عَادَتْ بَعْدَ زَوَالِهَا وَقَدْ كَانَ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ لَا تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَرْشَدِ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ عَادَتْ الْأَهْلِيَّةُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ إنْ كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِالنَّصِّ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَالنَّصُّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ النَّظَرِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قُوَّتُهُ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَزْلُهُ وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْوَاقِفِ إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ النَّاظِرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ فَإِنْ اخْتَلَّتْ صِفَةٌ مِنْهُمَا انْتَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ وَلَا تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِ الصِّفَةِ إلَّا إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ

ص: 376

سِوَاهُ (إلَّا حَيْثُ شَرْطًا جَعَلَا تَوْلِيَةً مِنْهُ) لَوْ عَبَّرَ بِلَا كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى أَيْ: لَا حَيْثُ جَعَلَ الْوَاقِفُ تَوْلِيَةَ مَنْ وَلَّاهُ شَرْطًا بِأَنْ شَرَطَهَا فِي الْوَقْفِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ نَفْسَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ نَصْبُ غَيْرِهِ بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ نَاظِرًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَأَقَرَّهُ.

(وَتِلْكَ) أَيْ: التَّوْلِيَةُ (تَثْبُتُ لِحَاكِمٍ) لَا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (إنْ كَانَ) الْوَاقِفُ (عَنْهَا يَسْكُتُ) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لِأَحَدٍ إذْ الْحَاكِمُ هُوَ النَّاظِرُ الْعَامُّ (وَالْوَاوُ لِلتَّشْرِيكِ فِيهَا مَعْنَى) أَيْ: وَالْوَاوُ الْعَاطِفَةُ فِيهَا مَعْنًى لِلتَّشْرِيكِ أَيْ: مَعْنًى هُوَ التَّشْرِيكُ وَلَوْ اقْتَصَرَ كَأَصْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَالْوَاوُ لِلتَّشْرِيكِ كَفَى وَكَانَ أَحْسَنَ فَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ اشْتَرَكُوا كُلُّهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ فَمَنْ دُونَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَبَدًا أَوْ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ نَحْوَهُ (وَلَوْ بِمَا) أَيْ: وَلَوْ مَعَ مَا (تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنَا مِنْ بَعْدِ بَطْنٍ) فَإِنَّ الْوَاوَ لِلتَّشْرِيكِ إذْ الزِّيَادَةُ الْأُولَى لِلتَّعْمِيمِ فِي النَّسْلِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةَ (قُلْت جُلُّ الْفُقَهَا بِثُمَّ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ شَبَّهَا) أَيْ: شَبَّهَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ بِثُمَّ فَتَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَعَلَيْهِ هُوَ لِلتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فَقَطْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَصْلًا. (قَوْلُهُ: شَرْطًا) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَعَلَ وَقَوْلُهُ: تَوْلِيَةً مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِجَعَلَ وَقَوْلُهُ: مِنْهُ صِفَةُ تَوْلِيَةً. (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) يُتَأَمَّلُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَطَهَا فِي الْوَقْفِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلِقَبُولِهِ أَيْ: الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ حُكْمُ قَبُولِ الْوَكِيلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ نَاظِرًا) وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ انْعَزَلَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَرَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي لِيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِ فَتَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَيْسَ لِانْعِزَالِهِ بَلْ لِامْتِنَاعِهِ فَإِذَا عَادَ أَعَادَ النَّظَرَ لَهُ وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْفِسْقِ فَمَا دَامَ فَاسِقًا هُوَ كَالْمُمْتَنِعِ فَيُقِيمُ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ فَإِذَا صَارَ عَدْلًا عَادَ النَّظَرُ إلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته إلَى أَنْ قَالَ: وَمَتَى اخْتَلَّتْ الْعَدَالَةُ أَوْ الْكِفَايَةُ نَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ فَإِنْ عَادَتْ عَادَ نَظَرُهُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: تَثْبُتُ لِحَاكِمٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا بَلَدِ الْوَقْفِ كَمَالِ الْيَتِيمِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لِأَحَدٍ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلتَّشْرِيكِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ لِلتَّشْرِيكِ خَبَرَ الْوَاوِ وَجُمْلَةُ فِيهَا مَعْنَى حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ مِنْ التَّشْرِيكِ هَذَا بِاعْتِبَارِ حَاصِلِ الْمَعْنَى فَلْيُحَرَّرْ إعْرَابُ الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ كَقَوْلِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: الْآتِي بَلْ جَعَلَ الْمُرَادَ بِهِ التَّعْمِيمَ إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَنْصُوبَ الْحَاكِمِ أَوْ شَرْطًا فِي الْوَقْفِ بِالْوَصْفِ كَالْأَرْشَدِيَّةِ أَوْ نَصَّبَهُ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ يُسْنِدُهُ لِمَنْ شَاءَ هَذَا فِي اخْتِلَالِ الصِّفَةِ، وَأَمَّا الْعَزْلُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَا يَسُوغُ بِدُونِ قَادِحٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ لَمْ يَسُغْ إلَّا إذَا كَانَ نَائِبًا عَنْهُ وَقَدْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ وَأَمَّا الْمُقَرَّرُ فِي الْوَظَائِفِ كَالْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ فَلَا يَعْزِلُهُ الْمُنِيبُ وَلَوْ الْحَاكِمَ إلَّا بِسَبَبٍ وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ حَيْثُ اشْتَدَّتْ دِيَانَتُهُ وَعِلْمُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ طُولِبَ بِالْبَيَانِ، وَأَمَّا عَزْلُ النَّاظِرِ نَفْسَهُ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ، بَلْ هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ وَحِينَئِذٍ يُقِيمُ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَإِذَا عَادَ عَادَ النَّظَرُ لَهُ وَانْقَطَعَ تَصَرُّفُ الْأَوَّلِ هَذَا حَاصِلُ الرَّاجِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ اهـ.

مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ. (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ مَوْقُوفٌ فِيمَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لِلْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: إلَّا حَيْثُ إلَخْ مَعْنَاهُ إلَّا إذَا كَانَ النَّظَرُ مَشْرُوطًا مِنْ الْوَاقِفِ لِغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ تِلْكَ نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ إلَّا بِمَعْنَى لَا وَيَكُونَ الْمَعْنَى لَهُ عَزْلُهُ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ لَا إذَا كَانَ شَرْطُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَطَهَا فِي الْوَقْفِ) أَيْ: بِأَنْ وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ التَّوْلِيَةُ لِفُلَانٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَطَهَا فِي الْوَقْفِ) : إذَا كَانَتْ التَّوْلِيَةُ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ فَلِلْوَاقِفِ أَنْ يَعْزِلَهُ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ إلَخْ بِأَنْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ التَّوْلِيَةَ فِي النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَوَلَّاهُ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: اشْتَرَكُوا كُلُّهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) فَإِنْ زَادَ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ اخْتَصَّ وَلَدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَصِيبِهِ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ إذَا سَاوَاهُمْ فِي الدَّرَجَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ إذَا سَاوَاهُمْ فِي الدَّرَجَةِ وَلَدُ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ نَصِيبَ وَالِدِهِ بِالشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: مَا تَنَاسَلُوا) هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَفَلُوا. اهـ. عَمِيرَةُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَاوَ لِلتَّشْرِيكِ) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ بَعْدَ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] أَيْ: مَعَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ التَّفَاسِيرِ وَتَأْتِي لِلِاسْتِمْرَارِ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ حَتَّى لَا يَصِيرَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ مَا تَنَاسَلُوا. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ) فِي شَرْحِ

ص: 377

فَيَنْتَقِلُ بِانْقِرَاضِ الثَّانِي لِمَصْرِفٍ آخَرَ إنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ (لَا الرَّافِعِيُّ) فَإِنَّهُ لَمْ يُشَبِّهْهُ بِثُمَّ، بَلْ جَعَلَ الْمُرَادَ بِهِ التَّعْمِيمَ فِي النَّسْلِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْبَغَوِيّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يُمْعِنْ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ نَقَلَ التَّرْتِيبَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ نَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ (وَبِثُمَّ رَتَّبَا) حُكْمَ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ فَلَا يُصْرَفُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي شَيْءٌ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الْأَوَّلِ (كَذَاك) رَتَّبَ فِي قَوْلِهِ (فَالْأَقْرَبَ بَعْدَ) قَوْلِهِ (الْأَقْرَبَا وَمِثْلُهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا عَلَى) كَأَنْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَوْ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ أَوْ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى.

و (يَجِبْ تَنَاوُلُ الْحَافِدِ) بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ وَفَاعِلِهِ (نَسْلٌ وَعَقِبٌ وَمِثْلُهُ ذُرِّيَّةٌ) فَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى نَسْلِي أَوْ عَقِبِي أَوْ ذُرِّيَّتِي تَنَاوَلَ الْحَافِدَ وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ} [الأنعام: 84] إلَى أَنَّهُ ذَكَرَ عِيسَى وَلَيْسَ هُوَ إلَّا وَلَدَ الْبِنْتِ (و) يَتَنَاوَلُ (الْوَلَدُ) وَلَدًا (خُنْثَى وَوَاضِحَيْنِ) أَيْ: الِابْنَ وَالْبِنْتَ (لَا مَنْ يَحْفِدُ) أَيْ: لَا الْحَافِدَ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَلَدُ لِعَدَمِ صِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً إذْ يُقَالُ فِي حَافِدِ الْإِنْسَانِ لَيْسَ وَلَدَهُ بَلْ وَلَدُ وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا حَافِدٌ حُمِلَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ وَصِيَانَةً لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَعَلَيْهِ لَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الصَّرْفُ إلَيْهِ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَيُؤَيِّدُهُ فَرْقُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَوَالِي وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ وَأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ كَالْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ.

(وَلَا) الْوَلَدُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِثُمَّ رَتَّبَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ وَلَوْ قَالَ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَإِنْ قَالَ أَيْ: بَدَلَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ قَالَ، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا تَرَتَّبُوا فَلَا يَأْخُذُ بَطْنٌ وَهُنَاكَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إحْدَاهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ مَا تَنَاسَلُوا بِالْأَخِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَهَلْ بَلْ إنْ ذَكَرَهُ فِيهَا وَفِي الْبَقِيَّةِ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ وَالتَّرْتِيبُ خَاصَّيْنِ بِالطَّبَقَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَإِلَّا اخْتَصَّا بِهِمَا. اهـ.

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ وَالتَّرْتِيبَ فِي وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ خَاصَّيْنِ بِالطَّبَقَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ جَاءَ بِثُمَّ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَالْوَاوِ فِيهِمَا بَعْدَهُ فَالتَّرْتِيبُ لَهُ دُونَهُمْ وَإِنْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ. اهـ.

فَتَفَطَّنْ فَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ وَيُتَوَهَّمُ أَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ، ثُمَّ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا حَافِدٌ حُمِلَ عَلَيْهِ) فَلَوْ حَدَثَ لَهُ حَافِدٌ آخَرُ فَيَنْبَغِي دُخُولُهُ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

م ر أَنَّ تَصْحِيحَ السُّبْكِيّ فِي قَوْلِهِ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْأَمْرُ سَهْلٌ؛ لِأَنَّ مَا تَنَاسَلُوا لَا يُرِيدُ سِوَى التَّعْمِيمِ. (قَوْلُهُ: بَلْ جَعَلَ) الْمُرَادَ بِهِ التَّعْمِيمَ مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ) ضَعِيفٌ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِثُمَّ رَتَّبَا) . (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ كَانَ لِلتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْبَطْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَهَكَذَا سَائِرُ الْبُطُونِ وَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ، ثُمَّ إنَّمَا أَتَى بِهَا بَيْنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ وَمَا بَعْدَ، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ حَرْفُ تَرْتِيبٍ وَيُجَابُ، بِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْمَذْكُورِ قَرِينَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ فِيمَا تَنَاوَلَهُ مَا تَنَاسَلُوا وَنَحْوُهُ تَأَمَّلْ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} [الأنعام: 84] الضَّمِيرُ لِنُوحٍ أَوْ إبْرَاهِيمَ كَمَا فِي الْكَشَّافِ. (قَوْلُهُ: خُنْثَى) وَيُصْرَفُ لَهُ الْمُتَيَقَّنُ إنْ فَاضَلَ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ق ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَافِدٌ حُمِلَ عَلَيْهِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لَا حَمْلٌ فَهَلْ يَدْخُلُ كَالْحَافِدِ بِجَامِعِ صُورَةِ صَوْنِ الْكَلَامِ عَنْ الْإِلْغَاءِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَافِدَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَمَلُّكِهِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ لِتَعَذُّرِ مِلْكِهِ مَعَ كَوْنِ الْوَقْفِ لَهُ تَسْلِيطًا فِي الْحَالِ وَبِهِ فَارَقَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَلَا نَظَرَ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجَنِينِ قَصْدًا وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ لَكِنْ تَقَدَّمَ بِهَامِشِ الشَّارِحِ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْجَنِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَرَاجِعْهُ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هِيَ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ السَّابِقَةُ بِلَفْظِهَا.

(قَوْلُهُ: إلَّا حَافِدٌ) وَمِثْلُهُ وَلَدُهُ ع ش. (قَوْلُهُ: لَوْ حَدَثَ) لَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ هَلْ يَأْخُذُ أَيْضًا حَمْلًا لِلَفْظِ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالذُّرِّيَّةُ كَمَا تَشْمَلُ الْمَوْجُودَ تَشْمَلُ الْحَادِثَ بَعْدَ الْوَقْفِ أَوْ لَا اقْتِصَارًا عَلَى الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَقْفِ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمَوْجُودِ ابْتِدَاءً لَمْ يُعْطَ الْوَلَدُ الْحَادِثُ فَلَزِمَ حَمْلُهُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَهِيَ تَشْمَلُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ) يُوهِمُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا صُرِفَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ التَّعَذُّرُ بِوُجُودِهَا وَهَذَا

ص: 378

(الَّذِي يُنْفَى) أَيْ: الْمَنْفِيُّ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَلَدُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ وَلَدًا، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ اسْتَحَقَّ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الرِّيعِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ وَبَعْدَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّهُ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ (وَلَا الْجَنِينَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَإِذَا انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ مِنْ الرِّيعِ الْحَادِثِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ كَمَا فِي الْوَلَدِ الْحَادِثِ عُلُوقُهُ بَعْدَ الْوَقْفِ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْبَنُونَ الْبَنَاتِ وَبِالْعَكْسِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ دَخَلَتْ بَنَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْقَبِيلَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

(وَجَازَ) بِمَعْنَى دَخَلَ (فِي) الْوَقْفِ عَلَى (الْبَنَاتِ وَالْبَنِينَا خُنْثَاهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَالِاشْتِبَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُعْطِي الْمُتَيَقِّنَ فِيمَا إذَا فُوضِلَ بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ (لَا) فِي الْوَقْفِ عَلَى (أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ) أَيْ: الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْمَالَ يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِنَصِيبِ الْخُنْثَى بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ

(بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ أَيْ: وَالْوَقْفُ (عَلَى الْمَوَالِي مَعَ وُجُودِ مَنْ سَفَلْ) مِنْهُمْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ (وَمَنْ عَلَا) مِنْهُمْ وَهُوَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ (يَفْسُدُ) لِلْجَهْلِ بِالْمُرَادِ مِنْهُمَا وَامْتِنَاعُ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (أَوْ قَدْ صُحِّحَا) أَيْ: الْوَقْفَ (وَ) يَكُونُ (لَهُمَا) سَوَاءً لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا (وَجْهَانِ كُلٌّ) مِنْهُمَا (رُجِّحَا) كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ النَّصِّ وَقِيلَ الْوَقْفُ لِلْأَعْلَى وَقِيلَ لِلْأَسْفَلِ وَقِيلَ يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

(وَ) الْوَقْفُ عَلَى الْمَوَالِي (مَعَ) وُجُودِ (وَاحِدٍ) مِمَّنْ سَفَلَ أَوْ عَلَا يَكُونُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَاحِدِ فَلَوْ طَرَأَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فَيَظْهَرُ عِنْدَ مَنْ يُشَرِّكُ أَنْ يَدْخُلَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْإِخْوَةِ، ثُمَّ حَدَثَ آخَرُ قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ.؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْوُجُودِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٍ فِي الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْإِخْوَةِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ الْوَقْفَ بِالْمَوْجُودِينَ حَالَةَ الْوَقْفِ فَيُتْبَعُ تَقْيِيدُهُ وَالْوَقْفُ عَلَى مَوْلَاهُ بِالْإِفْرَادِ كَالْوَقْفِ عَلَى مُوَالِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَدِ الْوَلَدِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَقْفِ وَقَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ، أَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ حُدُوثِ الْوَلَدِ أَوْ مَعَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْقَاقُهُ أَيْضًا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ الْأَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ بِعُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ بِالْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَقَضِيَّةُ الْحَمْلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى اسْتِمْرَارُ حُكْمِهِ وَأَنْ يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الْوَلَدِ الْحَادِثُ بَعْدَ حُدُوثِ الْوَلَدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ الْوَاقِفُ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَالْوَجْهُ اسْتِحْقَاقُهُمْ أَيْضًا وَيَكُونُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِمْ فَلَوْ حَدَثَ لَهُ أَوْلَادٌ فَالْوَجْهُ أَيْضًا اسْتِحْقَاقُهُمْ لَكِنْ هَلْ يَسْتَمِرُّ اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّا لَمَّا أَلْغَيْنَا حُكْمَ التَّرْتِيبِ أَوَّلًا فِي حَقِّهِمْ لِيَصِحَّ الْوَقْفُ اسْتَمَرَّ لَاغِيًا فِي حَقِّهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاسْتِمْرَارُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَادِثَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ حُدُوثِ الْأَوْلَادِ لَا يَسْتَحِقُّ هُنَا شَيْئًا مَعَ وُجُودِهِمْ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ إذْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا مَانِعٌ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِهِ) اُنْظُرْ الْحَادِثَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ: لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنَاتِ تَمِيمٍ لَا يَدْخُلُ بَنُوهُ

(قَوْلُهُ: يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الصَّرْفَ الْمَذْكُورَ وَعَدَمَ وَقْفِ شَيْءٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَعْلِيلُ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الصَّرْفِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ فَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلَدِ يُحْمَلُ لَفْظُ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَقَدْ وُجِدُوا كَانَ أَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ: مَعْنَاهُ إنَّ اللَّفْظَ حُمِلَ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَوَّلًا لِلضَّرُورَةِ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَإِذَا زَالَتْ الضَّرُورَةُ وَاللَّفْظُ لَمْ يَبْطُلْ تَنَاوَلَ حِينَئِذٍ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ فَعُمِلَ بِهِمَا مَعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ أَنَّهُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُعَمَّمَةِ مُجْمَلٌ أَيْ غَيْرُ مُتَّضِحِ الْمُرَادَ مِنْهُ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ: أَوْ عُمُومًا يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي تَنَاوُلِ الْمَعْنَيَيْنِ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِمَا لِظُهُورِهِ فِيهِمَا لَا لِلِاحْتِيَاطِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ هُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: وَالْعَامُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِسْمَانِ قِسْمٌ مُتَّفِقُ الْحَقِيقَةِ وَقِسْمٌ مُخْتَلِفُهَا وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي حُكْمِ الْعَامِّ لَا نَفْسِهِ لِأَنَّ الْعَامَّ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنَّمَا شَابَهُ الْعَامَّ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ مُتَعَدِّدًا وَأَنَّهُ

ص: 379

بِالْجَمْعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا يُتَّجَهُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ وَتَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ.

و (فِي) قَوْلِ (الْقَائِلِ) وَقَفْت كَذَا (وَقْفًا عَلَى بَنَاتِي الْأَرَامِلِ أَوْ لِبَنِيَّ الْفُقَرَاءِ) قَالُوا (الْوَصْفُ) وَهُوَ الْأَرْمَلِيَّةُ وَالْفَقْرُ (إنْ فَاتَ) فِي الْأَوَّلِ بِالتَّزَوُّجِ وَفِي الثَّانِي بِالْغِنَى (فَاسْتِحْقَاقُ هَذَيْنِ) الصِّنْفَيْنِ (انْفُوا وَهْوَ) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُمَا (بِعَوْدِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (يَعُودُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا تَعَرُّضًا لِاسْتِحْقَاقِهَا حَالَ الْعِدَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَلَا تَسْتَحِقُّ بِخِلَافِ الْبَائِنِ وَأَفَادَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ بِجَعْلِهِ الْأَرْمَلِيَّةَ وَالْفَقْرَ وَصْفَيْنِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ عَدَمَ التَّزْوِيجِ أَوْ عَدَمَ الْغِنَى غَيْرَ وَصْفٍ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَدْ كَتَبْت مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِهَامِشٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا نَصُّهُ. (فَرْعٌ)

لَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ أَوْ مَوْلَاهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى وَهُوَ الْمُعْتِقُ أَوْ مِنْ أَسْفَلَ وَهُوَ الْعَتِيقُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ وُجِدَا قَسَمَ بَيْنَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قِسْمَتُهُ عَلَى الْجِهَةِ لَا الرُّءُوسِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَوْلَاهُ مِنْ أَسْفَلَ تَنَاوَلَ أَوْلَادَ الْمَوَالِي أَيْ عُتَقَاءَهُ دُونَ مَوَالِي الْمَوَالِي وَيُتَّجَهُ أَنَّ دُخُولَ مَنْ يُعْتَقُ بِهِ فِي اسْمِ الْمَوْلَى كَمِثْلِهِ فِي الْوَصِيَّةِ وَسَيَأْتِي أَوْ عَلَى مَوْلَاهُ مِنْ أَعْلَى وَلَهُ مُعْتِقٌ وَمُعْتِقُ مُعْتَقٍ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لِلْمُعْتِقِ فَقَطْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

يُحْمَلُ عَلَى النَّوْعَيْنِ. اهـ. وَمَا قَالَهُ مُنْدَفِعٌ بِمَا قَالَهُ الْعَضُدُ مَا قَالَاهُ فِي الْمُتَّفَقِ الْحَقِيقَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي بَحْرِهِ الْأُصُولِيِّ: وَمِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ وَحَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى إفْرَادِهِ أَنَّ الْعَامَّ يَسْتَرْسِلُ عَلَى آحَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْوُجُودِ حَالَ الْوَقْفِ فَيَكُونُ الْوَقْفُ لِلْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَقْفِ وَلِمَنْ يَحْدُثُ بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ عَامَّةٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ صُرِفَ إلَيْهِمَا لَا لِمَنْ يَحْدُثُ مِنْ الْمَوْلَى مِنْ الْأَسْفَلِ. اهـ. أَيْ:؛ لِأَنَّ عُمُومَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَعَانِيهِ لَا لِأَفْرَادِ كُلِّ مَعْنًى قَالَ سم فِي الْآيَاتِ: الظَّاهِرُ إنَّهُ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَفْرَادِ الْمَعَانِي شَمِلَهَا وَإِلَّا فَلَا فَلْيُحَرَّرْ هَذَا الْأَخِيرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ مِنْ أَسْفَلَ دَخَلَ أَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا لَا مَوَالِيهِمْ. اهـ. أَيْ:؛ لِأَنَّ نِعْمَةَ وَلَاءِ الْعَتِيقِ تَشْمَلُ فُرُوعَ الْعَتِيقِ فَسُمُّوا مَوَالٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر وق ل

(قَوْلُهُ عَلَى بَنَاتِي الْأَرَامِلِ) وَتُعْطَى مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا وَمَنْ طَلُقَتْ بَعْدَ زَوَاجِهَا بِشَرْطِ فَقْرِهَا فِيهِمَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: الْأَرَامِلِ) جَمْعُ أَرْمَلَةٍ وَهِيَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَرْمَلَةٌ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِمَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا الَّتِي فُورِقَتْ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَيْ: بَائِنٍ أَوْ وَفَاةٍ وَكَأَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ نَقْلُ الْأَزْهَرِيِّ تَارَةً أَنَّهَا تُسَمَّى وَأُخْرَى أَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَقْرُ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفَقْرُ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ: التَّفْرِقَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَاوِي يُفَوِّتُ الْوَصْفَ إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّ فَوَاتَ التَّزَوُّجِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْبَيْنُونَةِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ وَصْفٍ) مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهُ بِفَقْرِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَصْفَيْنِ)

ص: 380

كَوَقَفْتُ عَلَى مُسْتَوْلَدَاتِي إلَّا مَنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَغْنَتْ فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ اسْتَغْنَتْ لَمْ يَعُدْ اسْتِحْقَاقُهَا بِالطَّلَاقِ وَالْفَقْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَغْنَتْ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعَبَّادِيُّ فِي مَسْأَلَةِ التَّزَوُّجِ وَأَقَرَّاهُ وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ الْغِنَى.

(وَالصِّفَهْ إنْ قُدِّمَتْ فِي الْجُمَلِ الْمُنْعَطِفَهْ بَعْضٌ) بِرَفْعِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَعْضًا بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ الْمُنْعَطِفِ بَعْضُهَا (عَلَى بَعْضٍ وَوَصْفٌ قَدْ وَقَعْ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ الْجُمَلِ (وَالِاسْتِثْنَا إلَى الْكُلِّ رَجَعْ) أَيْ: وَالصِّفَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ يُرْجِعُ كُلًّا مِنْهَا إلَى كُلِّ الْجُمَلِ مِثَالُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَفْت عَلَى مَحَاوِيجِ أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي. وَمِثَالُ الْمُتَأَخِّرَةِ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي الْمَحَاوِيجِ مِنْهُمْ. وَمِثَالُ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي إلَّا الْفَاسِقَ مِنْهُمْ كَذَا أَطْلَقُوهُ. وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ بِثُمَّ اخْتَصَّ الْوَقْفُ وَالِاسْتِثْنَاءُ أَيْ الْمُتَأَخِّرَانِ بِالْأَخِيرَةِ وَأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ الْجُمْلَتَيْنِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فَإِنْ تَخَلَّلَ كَقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي إلَّا أَنْ يَفْسُقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ بِأَوَّلِهِمَا وَالزَّرْكَشِيُّ فِي دِيبَاجِهِ بِهِمَا وَبِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِاتِّحَادِهِ مَا يَشْمَلُ اتِّحَادَهُ مَعْنًى لِيَدْخُلَ نَحْوُ مِثَالِ الْإِمَامِ الْآتِي وَيَخْرُجَ أَوْلَادِي وَقَفْت عَلَيْهِمْ دَارِي وَعُتَقَايَ الْمُحْتَاجُونَ وَقَفْت عَلَيْهِمْ بُسْتَانِي فَيَخْتَصُّ الْوَصْفُ وَنَحْوُهُ بِالْأَخِيرَةِ لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْخَبَرِ الْمُبْتَدَأُ وَهُوَ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مُخْتَلِفٌ وَقَدْ يُؤَيَّدُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ حَفْصَةُ لَا عَمْرَةُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَلِيهِ وَقِيلَ إلَيْهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا ذِكْرُهُ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ مِنْ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ فَقَدْ خَالَفَهُ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ قَالَ الْمُخْتَارُ: إنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاوِ بَلْ الضَّابِطُ وُجُودُ عَاطِفٍ جَامِعٍ بِالْوَضْعِ كَالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَثُمَّ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْأُصُولِ انْتَهَى وَقَالَ الشَّارِحُ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الْعَطْفَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ. قَالَ وَلَدُهُ وَغَيْرُهُ: وَسَكَتُوا عَنْ حُكْمِ الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ انْتَهَى وَفِي تَمْثِيلِ الْأَصْحَابِ لِلْحَمْلِ بِالْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ تَسَمُّحٌ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِرَفْعِهِ) يُمْكِنُ كَوْنُ الدَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْمُنْعَطِفَةِ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ) عَطْفٌ عَلَى وَصْفٍ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ هَذَا الْمِثَالُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي عَوْدَ الْوَصْفِ إلَى مَا يَلِيهِ غَيْرَ الْفَصْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ التَّرْتِيبَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَ بِشَيْءٍ يَكُونُ الْمَانِعُ الْفَصْلَ فَقَطْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْوَاوِ، أَمَّا عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَيْهِمَا) هُوَ الْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِمَا قَرَّرُوهُ م ر أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الشَّرْطِ قَبْلَ فَرَاغِ الْكَلَامِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ فِي الْجُمْلَتَيْنِ رَجَعَ لَهُمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا اخْتَصَّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لَمْ يَرْجِعْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُهَا) بِمَا وَلِيَتْهُ سَوَّى الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَيْنَ الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَغَيْرِهَا فِي الرُّجُوعِ لِلْجَمِيعِ فَتَرْجِعُ الْمُتَوَسِّطَةُ لِمَا قَبْلَهَا وَلِمَا بَعْدَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَإِلْحَاقِي الصِّفَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ بِغَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْقُولُ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مِنْ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَا قَبْلَهَا وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي عَلَى شَرْحِهِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: تَسَمُّحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَالَ كَالْوَصْفِ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يُفِيدُ قَيْدًا فِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ صِفَةً نَحْوِيَّةً أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: كَوَقَفْتُ) أَيْ: كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى مُسْتَوْلَدَاتِي فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ. اهـ. ع ش وَفِي الرَّشِيدِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ يَصِحُّ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا. (قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ الصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ يَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: الْمُنْعَطِفَةِ) مِثْلُهَا غَيْرُ الْمُنْعَطِفَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَيْمَانِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ) مِثْلُ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْطُ وَالضَّمِيرُ إنْ صَلَحَ لِلْجَمِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) وَالشَّرْطِ وَالْوَصْفِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ مَحَاوِيجِ أَوْلَادِي) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْحَاجَةُ هُنَا تُعْتَبَرُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ قَالَ ع ش: وَلَوْ هَاشِمِيًّا فَالْمُرَادُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ لَوْلَا الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ الْحَرْفِ الْمُشَرِّكِ حَتَّى بِخِلَافِ لَا وَبَلْ وَلَكِنْ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَبَلْ هُنَا لِلِانْتِقَالِ لَا لِلْإِبْطَالِ فَإِذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي بَلْ إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ رَجَعَ الْوَصْفُ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ وَتُعْطَى الْأَوْلَادُ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجِينَ وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا لِلْإِبْطَالِ فِي صِيَغِ الْإِخْبَارِ لَا الْإِنْشَاءِ كَمَا هُنَا أَفَادَهُ السَّيِّدُ الْحِفْنِيُّ وَمِثْلُ بَلْ فِي رُجُوعِ الْوَصْفِ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ وَإِعْطَاءِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا لَكِنْ، وَأَمَّا لَا فَتُقْصِرُ الْوَقْفَ عَلَى مَا قَبْلَهَا فَإِذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي لَا عَلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ فَالْوَقْفُ عَلَى الْأَوْلَادِ فَقَطْ فَيُعْطَوْا وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجِينَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الذَّهَبِيِّ رحمه الله. (قَوْلُهُ الِاسْتِثْنَاءَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ

ص: 381

وَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لَهَا بِمَا مَثَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْأُصُولِ كَقَوْلِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَحَبَسْت ضَيْعَتِي عَلَى أَقَارِبِي وَسَبَّلْت بُسْتَانِي عَلَى عُتَقَائِي الْمَحَاوِيجِ مِنْهُمْ (تَنْبِيهٌ) لَا يَتَقَيَّدُ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمَلِ بِالْعَطْفِ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِلَا عَطْفٍ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ عَبْدِي حُرٌّ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ يُعْتَقْ.

(وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ) فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَلَا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَالْعِتْقِ (فَيُطَّرَحْ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (تَصَرُّفٌ فِي غَرَضِ الْوَقْفِ قَدَحْ) أَيْ: تَصَرُّفٌ قَادِحٌ فِي غَرَضِ الْوَقْفِ كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ. (وَ) فِي (شَرْطِ وَاقِفٍ) كَإِيجَارِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَنْعَ إيجَارِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَمِلْكِ الْبَارِي الْوَقْفُ) أَيْ: وَالْوَقْفَ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنِ مِلْكِ الْبَارِي تَعَالَى أَيْ: يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهِ (وَالْمَسْجِدُ كَالْأَحْرَارِ) فِي أَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ وَفِي أَنَّهُ يَمْلِكُ كَالْحُرِّ وَفِي أَنَّهُ لَوْ مَنَعَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ بِغَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِطَائِفَةٍ لَا يَخْتَصُّ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ.

(وَيُنْفِقُ الَّذِي عَلَيْهِ وُقِفَا لِفَقْدِ شَرْطٍ ثُمَّ كَسْبُهُ انْتَفَى) أَيْ: وَيُنْفِقُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطِ الْوَاقِفِ جِهَةً لِنَفَقَتِهِ ثُمَّ انْتِفَاءُ كَسْبِهِ الَّذِي يَفِي بِهَا وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَسْبِ بَعْدَ اعْتِبَارِ الْجِهَةِ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَحَاصِلُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مُفْرَدَاتٌ لَا جُمَلٌ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ آنِفًا عَنْ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَمُجَرَّدُ الْعَطْفِ ثَمَّ لَا هُنَا لَا أَثَرَ لَهُ فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَيْهِمَا بِدُونِ الْعَطْفِ فَمَعَ الْعَطْفِ أَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ) نَعَمْ مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ نَقْضَهُ وَهُنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِي جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إذْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَأَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ وَعَلَّقَ الْإِعْطَاءَ بِالْمَوْتِ جَازَ وَالْأَوْجَهُ فِي رِيعِهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ خَاصَّةً حَجَرٌ فَعُلِمَ صِحَّتُهُ فَلَا يُقَالُ. إنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ

(قَوْلُهُ: أَيْ: يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَصَّ الْوَقْفَ بِبَعْضِ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ فَقَطْ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَمْرَانِ الْأَخِيرَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ وَالرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَنَحْوُهُمَا وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّحْرِيرِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأُمُورِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالْأَمْرَانِ الْأَخِيرَانِ هُمَا مَا قَبْلَ قَوْلِهِ هُنَا وَيُفْهَمُ إلَخْ أَيْ: الْمِلْكُ كَالْحُرِّ وَعَدَمِ الْأُجْرَةِ إذَا مَنَعَ مِنْهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَعَ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ شَغَلَ جَمِيعًا وَجَبَ أُجْرَةُ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ أَغْلَقَهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ أُجْرَةُ مَا شَغَلَهُ فَقَطْ م ر

(قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ الَّذِي عَلَيْهِ وَقْفًا) وَانْظُرْ لَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِرُكُوبِ إنْسَانٍ فَإِنَّ فَوَائِدَهَا لِلْوَاقِفِ كَمَا سَيَأْتِي فَهَلْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَكَيْفَ تُوَزَّعُ؟ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَسْبِهِ) عَطْفٌ عَلَى شَرْطٍ. (قَوْلُهُ انْتَفَى) لَعَلَّهُ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَيْسَ يُقَيِّدُ بَلْ الصِّفَةُ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ: فَيَطَّرِحُ) تَفْرِيعٌ عَلَى اللُّزُومِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَيَمْنَعُ لِلُزُومِهِ تَصَرُّفًا نَافَاهُ لِقَدْحِهِ فِي غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَصَحَّ التَّصَرُّفُ وَكَانَ رُجُوعًا عَنْ الْوَقْفِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَنْفَكَّ إلَخْ) فَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَمْلُوكَةً لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ إلَخْ) فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَ عَامًّا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: فَيَنْتَفِعُ بِهِ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَلَّا قِيلَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ انْقَرَضَ وَهُوَ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْفَقِيرِ الْأَقْرَبِ رَحِمًا فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يُصْرَفُ لَهُمْ مَا كَانَ يُصْرَفُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى الْوَقْفِ. اهـ. بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِانْتِفَاعِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ لَا مِنْ

ص: 382

أَنَّهُ إنْ شَرَطَ لِنَفَقَتِهِ جِهَةً أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ يَفِ بِهَا فَهِيَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لَهُ فَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا جَزَمَ بِهِ فِيمَا مَرَّ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَإِنْ بَنَى) وُجُوبَهَا (عَلَى الْأَقْوَالِ فِي الْمِلْكِ فَالْأَصَحُّ) أَنَّ مَحَلَّهَا (بَيْتُ الْمَالِ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا كَسْبَ لَهُ قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْقُونَوِيِّ وَلَعَلَّ الْحَاوِيَ أَرَادَ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا قَالَاهُ يُوَافِقُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُجَابِ لَكِنَّهُ قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ نَفَقَةَ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ بَلْ تَكُونُ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِهِ فَلَا يَتَمَشَّى كَلَامُهُ إذًا إلَّا إذَا قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ نَاقَضَ مَا جَزَمَ بِهِ قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يُجَابُ؛ بِأَنَّ لِلْمَوْقُوفِ تَعَلُّقًا خَاصًّا بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ نَفَقَتُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمَحَاوِيجِ، أَمَّا عِمَارَةُ الْمَوْقُوفِ فَمِنْ حَيْثُ شَرَطَ، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فَمِنْ غَلَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ لَمْ تَجِبْ عَلَى أَحَدٍ عِمَارَتُهُ كَالْمِلْكِ الْخَالِصِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حِفْظًا لِرُوحِهِ.

(وَرَيْعَهُ) أَيْ: الْوَقْفِ وَهُوَ مَنَافِعُهُ وَفَوَائِدُهُ (يَمْلِكُ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَذَلِكَ (كَالنِّتَاجِ) وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ لِلدَّابَّةِ الْمَوْقُوفَةِ نَعَمْ لَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِرُكُوبِ إنْسَانٍ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ فَهُمَا لِلْوَاقِفِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ أَتَتْ الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ بِحُرٍّ كَأَنْ حَبِلَتْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَقِيمَتُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْبَهِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ الْمَأْكُولَةِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ إلَّا إذَا قُطِعَ بِمَوْتِهَا لَوْ لَمْ تُذْبَحْ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهَا لِلضَّرُورَةِ وَيُبَاعُ اللَّحْمُ وَيُشْتَرَى بِبَدَلِهِ بَهِيمَةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ وَإِذَا مَاتَتْ، فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِجِلْدِهَا وَإِذَا دَبَغَهُ فَالظَّاهِرُ عَوْدُهُ وَقْفًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجَوَازِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ شَجَرَةً مَلَكَ ثِمَارَهَا دُونَ أَغْصَانِهَا إلَّا مَا يُعْتَادُ قَطْعُهُ كَشَجَرَةِ الْخِلَافِ.

(وَبَدَلٍ لِلْبُضْعِ) أَيْ: وَكَبَدَلِ بُضْعِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَهُوَ الْمَهْرُ إذَا وُطِئَتْ مُكْرَهَةً أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قُلْت وَإِنْ بَنَى عَلَى الْأَقْوَالِ فِي الْمِلْكِ إلَخْ) الْأَرْجَحُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الْمُلْكُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا خَاصًّا بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْأَغْنِيَاءِ م ر. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيمِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ) فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنَافِعُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ مِنْ فَوَائِدِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ لَا الْمَنْفَعَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ) عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِالْفَوَائِدِ. (قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ اللَّحْمُ) وَقِيلَ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ بِهِ بِإِبْرَاءِ مَصْلَحَةٍ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِي بِبَدَلِهِ بَهِيمَةً مِنْ جِنْسِهَا) يَنْبَغِي فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ بَهِيمَةٍ فَشِقْصٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِجِلْدِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهَا كَدَرِّهَا أَوْ صُوفِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا دَبَغَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ انْدَفَعَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ ذَلِكَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

حَيْثُ صَرْفُ الرِّيعِ فَيَكُونُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ حَرِّرْهُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: كَوْنُهَا بَعْدَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَكَسْبُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ إلَخْ) أَيْ: هِيَ بَعْدَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَكَسْبُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَقْوَالِ) أَيْ: أَظْهَرِهَا كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَنَى إلَخْ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ: الْأَرْجَحُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: بِالرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ: الْأَقْوَالِ) أَيْ: أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ أَوْ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَحَلُّهَا فِيمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ، أَمَّا نَحْوُ الْمَسْجِدِ كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلَّهِ قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلَّهِ إلَّا أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَهُ تَعَلُّقٌ خَاصٌّ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ م ر تَبَعًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَزَتْ عَنْهُ) جَازَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ ق ل. (قَوْلُهُ أَوْلَى بِجِلْدِهَا) وَلَا يَجُوزُ النُّزُولُ عَنْهُ بِعِوَضٍ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِي غَيْرِهِ. اهـ. ح ش. (قَوْلُهُ: مَلَكَ ثِمَارَهَا) أَيْ: الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً وَإِلَّا فَهِيَ وَقْفٌ تُبَاعُ وَتُشْرَى بِقَدْرِ ثَمَنِهَا مِنْ جِنْسِ أَصْلِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَغَيْرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغَيْرُ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصُّوفِ وَنَحْوِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَشَجَرَةِ الْخِلَافِ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَوْ نَفْسُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: مُكْرَهَةً) أَيْ: لِغَيْرِ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَنْ ق ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَمِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَمِنْهُ نِكَاحُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الْعُذْرِ فِيهِمَا

ص: 383

(لَا الْإِيلَاجِ) فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ لِعَدَمِ مِلْكِهِمَا أَوْ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمَا نَاقِصٌ لَمْ يَحْدُثْ نُقْصَانُهُ بِوَطْءٍ سَابِقٍ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَرِيعَهُ يُمْلَكُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ وَقَفَ فِي نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ (وَزَوَّجَ الْقَاضِي) الْأَمَةَ الْمَوْقُوفَةَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى (بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا.

(وَلَا جَبْرَ) عَلَيْهَا لِأَحَدٍ فِي تَزْوِيجِهَا كَالْعَتِيقَةِ (وَذَا) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (إنْ يَتَزَوَّجْ) مَا وَقَفَ عَلَيْهِ (بَطَلَا) تَزْوِيجُهُ وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلَّهِ تَعَالَى احْتِيَاطًا وَعَلَيْهِ لَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الْوَاقِفُ بَطَلَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: وَلَا جَبْرَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَسَوِّهِمْ إذْ شَرْطُ وَقْفٍ يُدْرَسُ) أَيْ: وَسَوِّ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَقْتَ انْدِرَاسِ شَرْطِ الْوَاقِفِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ سَوَّى الْوَاقِفُ بَيْنَهُمْ أَوْ فَاضَلَ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ. (قُلْت تَوَقُّفٌ لِصُلْحٍ) لَهُمْ. (أَقْيَسُ) مِنْ التَّسْوِيَةِ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَتَبِعَ فِيمَا زَادَهُ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ الْوَجْهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ.

(وَبَدَلُ الْمَوْقُوفِ حَيْثُ يَتْلَفُ خُذْ مِثْلًا أَوْ شِقْصًا بِهِ) أَيْ: خُذْ بَدَلَهُ مِثْلَ الْمَوْقُوفِ إنْ أَمْكَنَ وَشِقْصًا إنْ لَمْ يُمْكِنْ (وَيُوقَفُ) مَكَانَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) بَلْ يُحَدُّ بِهِ كَالْوَاقِفِ م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْحَمْلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الصُّوفُ وَنَحْوُهُ. اهـ. فَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ وَقْفٌ فِي نَفْسِهِ) وَأَلْحَقَ بِهِ نَحْوَ صُوفٍ مُقَارَنٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا جَبْرَ عَلَيْهَا) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا.

(قَوْلُهُ: وَسَوِّهِمْ إذْ شُرِطَ وَقْفٌ يُدْرَسُ) نَعَمْ يَعْتَمِدُ الِاسْتَيمَارَاتِ الْقَدِيمَةَ وَكَذَا عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِتَفْضِيلِ نَحْوِ الْإِمَامِ وَالْمَأْذُونِ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَشَرْحِهِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا لِأَحَدِهِمْ يَدٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهُ بِالْيَدِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا عُمِلَ بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَزَادَا فَقَالَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ يَرْجِعُ إلَى وَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ لَهُ نَاظِرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ رَجَعَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَإِنْ وُجِدَا وَاخْتَلَفَا فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ أَوْ إلَى النَّاظِرِ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَدَلَ الْمَوْقُوفِ حَيْثُ يَتْلَفُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ خُذْ مَثَلًا أَوْ شِقْصًا بِهِ وَيُوقَفُ وَاَلَّذِي يُشْتَرَى بِالْبَدَلِ الْمِثْلُ أَوْ الشِّقْصُ وَيَقِفُهُ هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِمَا وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بَلْ يَشْتَرِي بِهِ أَمَةً أَوْ بَعْضَهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ وَقْفًا وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُورَثُ عَنْهُ وَيَجِبُ فِي صُورَةِ الْعُذْرِ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاقِفِ لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَلَامُهُ رُبَّمَا أَفَادَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِلَا شُبْهَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَيَشْتَرِي بِهِ مَا مَرَّ لَكِنْ صَرَّحَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَطْ وَفِي الرَّوْضَةِ مِثْلُ مَا فِي الْخَطِيبِ وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَهْرِ بِوَطْءِ الزَّانِي مَعَ شُبْهَتِهَا حَيْثُ مَلَكَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ بِوَطْءِ الْوَاقِفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَيُحَدَّانِ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لَهُمَا قَالَ: حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِلْقَوْلِ بِمِلْكِهِمَا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ لِضَعْفِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا أَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ قَطَعَ بِنَفْيِ الْحَدِّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ أَيْ: وَلَمْ يَبْنِهِ عَلَى الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ. اهـ. فَكَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ نَظَرَ فِيهِ لِمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ الْحُدُودِ وَعَدَمَ النَّظَرِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَوْقُوفَةِ لَا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِيهَا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْ: لِعَدَمِ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهِ وَلَوْ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّرِيكِ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ حَيْثُ لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَنَّ مِلْكَهُ لَوْ تَمَّ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِهِمَا فَإِنَّ مِلْكَهُمَا تَامٌّ مَعَ امْتِنَاعِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ انْفَسَخَ) أَيْ: إنْ قَبِلَ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ ق ل بِزِيَادَةٍ وَحَذْفٍ

(قَوْلُهُ وَسَوِّهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى الْغَايَةِ فَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَلَمْ يَعْرِفْ مَقَادِيرَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ كَيْفِيَّةَ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ حَلِفِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ اسْتِفَاضَةٌ إذْ شُرُوطُ الْوَقْفِ لَا تَثْبُتُ بِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ بِلَا يَمِينِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَزَادَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهُ إلَى وَارِثِهِ، ثُمَّ إلَى النَّاظِرِ مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ وَنَاظِرٌ وَاخْتَلَفَا فَوَجْهَانِ رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعَ إلَى قَوْلِ النَّاظِرِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اخْتَلَفَ النَّاظِرُ وَأَهْلُ الْوَقْفِ فِي تَفْضِيلٍ أَوْ تَوْقِيتٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَفْتَرِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النُّظَّارِ تَفَاوُتٌ اُتُّبِعَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِنَادُ تَصَرُّفِهِمْ إلَى الْأَصْلِ وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَ فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ اُسْتُحِبَّ الِاحْتِيَاطُ وَقَالَ فِي غَيْرِهَا: إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى عَادَةِ نُظَّارِ الْوَقْفِ إنْ اتَّفَقَتْ عَادَتُهُمْ وَهُوَ شَامِلٌ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ عَادَةَ النُّظَّارِ الْمُتَّفِقَةَ مَعَ تَعَوُّدِهِمْ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ فَلَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يَبْعُدْ اعْتِبَارُ عَادَةِ الْأَكْثَرِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ) أَيْ: يَقِفُهُ الْحَاكِمُ لَا النَّاظِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ: امَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ عَمَرَهُ مُسْتَقِلًّا كَبِنَاءِ بَيْتٍ لِلْمَسْجِدِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَوْ بَنَى ذَلِكَ الْبَيْتَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ نَعَمْ مَا بَنَاهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ إذْ الْأَرْضُ تَسْتَتْبِعُ الْيَسِيرَ لَا الْخَطِيرَ. اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ:

ص: 384

وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَى بِقِيمَتِهَا شِقْصُ شَاةٍ لِتَعَذُّرِ التَّضْحِيَةِ بِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْمِثْلِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا بِقِيمَةِ أَمَةٍ وَلَا عَكْسَهُ وَلَا صَغِيرًا بِقِيمَةِ كَبِيرٍ وَلَا عَكْسَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبُطُونِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَفَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصَ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْفِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالْمَوْقُوفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ.

(وَبِالْجَفَافِ) لِلْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ قَلْعِ الرِّيحِ لَهَا (صَارَتْ الْأَشْجَارُ) مِلْكًا (لَهُ) أَيْ: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ) لَهَا بِأَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا إلَّا بِإِحْرَاقِهَا لَكِنْ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ إيجَارُهَا فَلَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِإِيجَارٍ وَغَيْرِهِ إبْقَاءً لِلْوَقْفِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ كَمَا رَأَيْت وَاقْتَصَرَ الْحَاوِي عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ جَفَّ الشَّجَرُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا بِحَالٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ.

(وَنُحْتُ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنًى قَوْلِ الْحَاوِي وَنُحَاتَةٌ وَالْمُرَادُ وَالْبَالِي مِنْ (حُصْرِ مَسْجِدٍ وَخُشْبِهِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ جَمْعُ خَشَبَةٍ (وَجِذْعُهُ) بِالرَّفْعِ (الْكَسِيرُ) أَيْ: الْمُنْكَسِرُ أَوْ الْمُشْرِفُ عَلَى الِانْكِسَارِ حَيْثُ (لَا نَفْعَ بِهِ إلَّا بِإِحْرَاقٍ وَدَارُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (الَّتِي تَهَدَّمَتْ أَوْ بِانْهِدَامٍ دَلَّتْ) أَيْ: أَشْرَفَتْ عَلَيْهِ (بِيعَتْ) أَيْ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ جَوَازًا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهَا لِئَلَّا تَضِيعَ وَتُضَيِّقَ الْمَكَانَ بِلَا فَائِدَةٍ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا (لِمَا يُصْلِحُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ أَيْ: لِمَصَالِحِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ وَلَوْ حَصَلَ فَوَائِدُ مِمَّا اشْتَرَاهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِهَا أَيْضًا وَلَا تَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَوَائِدَ مَوْقُوفٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ: عَلَى رَأْيٍ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ شِرَاءُ الشِّقْصِ فِيهَا م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ) فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ شِقْصٍ فَيَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَلْعِ الرِّيحِ لَهَا) أَيْ: وَلَمْ يَتَأَتَّ نَبَاتُهَا بِغَرْسِهَا فِيمَا يَنْبَغِي، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَشَارَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لِمَنْفَعَةِ الْإِحْرَاقِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ ذَلِكَ: أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ تَأَتَّى بَيْعُهَا وَإِلَّا أَخَذَ بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا بَلْ تُبَاعُ وَيُؤْخَذُ بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا أَوْ نَحْوُهُ وَيُوقَفُ مَكَانَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهِبَتُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا نَفْعَ بِهِ إلَّا بِإِحْرَاقٍ) الْوَجْهُ رُجُوعُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَصْرِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي نَحْوِ سَقِيفَةٍ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ بَيْعُهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي إحْرَاقِهَا لِطَبْخِ آجُرٍّ أَوْ جَصٍّ لِلْمَسْجِدِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا أَيْضًا وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَعَلَى هَذَا يُتَّجَهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالشَّيْخَيْنِ وَيَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَدَارُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَجِدَارُ دَارِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَعْبِيرُهُ بِالْجِدَارِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّارِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَشْتَرِي إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ اشْتَرَى بِقِيمَتِهَا شَاةً أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَنَوَى فَهِيَ أُضْحِيَّةٌ بِدُونِ جَعْلٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بِالْعَيْنِ أَوْ مَعَ النِّيَّةِ، وَالْقِيمَةُ هُنَا لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ فَاحْتِيجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفِ مَا يُشْتَرَى بِهَا. اهـ. م ر: لَوْ اشْتَرَى شَاةً فِي الذِّمَّةِ لَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ أُضْحِيَّةً. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ ش الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: وَلَا صَغِيرٌ بِقِيمَةِ كَبِيرٍ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ عَبْدٍ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِقِيمَةِ أَمَةٍ قَالَهُ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: شِقْصَ عَبْدٍ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِالْفَاضِلِ حَفِظَ إنْ تَوَقَّعَ وَإِلَّا صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ م ر بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: صَارَتْ الْأَشْجَارُ مِلْكًا) أَيْ: وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ فَمَعْنَى صَيْرُورَتِهَا مِلْكًا جَوَازُ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَلَوْ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهَا كَالْإِحْرَاقِ وَمَعْنَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ أَنَّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَمْلَاكِ مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْقَوْلِ بِصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَلَا بَيْنَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ وَالْقَوْلِ بِصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَسم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ) أَيْ: وَلَوْ بِجَعْلِهِ أَبْوَابًا إنْ لَمْ تُمْكِنْ إجَارَتُهُ خَشَبًا بِحَالِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَفِعُ بِهِ) أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِيجَارُ وَحِينَئِذٍ فَلَا انْتِفَاعَ سِوَى الْإِحْرَاقِ إذْ الْبَيْعُ مُمْتَنِعٌ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَانْتِفَائِهِ فَائِدَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَجِذْعُهُ) أَيْ: وَكَذَا جُذُوعُ عَقَارِهِ أَيْ: الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ وَأَبْنِيَتُهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِيعَتْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّجَرَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى إنْسَانٍ إذَا لَمْ تَصْلُحْ إلَّا بِالْإِحْرَاقِ حَيْثُ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ

ص: 385

وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْحَصِيرِ حَصِيرًا وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ انْتَهَى وَغَيْرُ الْحَصِيرِ كَالْحَصِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي أَفْتَيْتُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرْضِ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي سَقِيفَةٍ أَوْ طَبْخِ جَصٍّ أَوْ آجُرٍّ لِلْمَسْجِدِ أَمَّا إذَا نَفَعَ الْجِذْعُ لِغَيْرِ إحْرَاقٍ كَأَنْ أَمْكَنَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُ أَبْوَابٌ وَأَلْوَاحٌ فَيَجْتَهِدَ فِيهِ الْحَاكِمُ وَيَعْمَلَ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ، وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ لِلْمَسْجِدِ أَوْ اتَّهَبَهُ لَهُ مِنْ الْحُصْرِ وَنَحْوِهَا وَلَمْ يُوقِفْهُ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ الدَّارَ بِالْمَسْجِدِ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا تُبَاعُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْمُقْرِي فَارِقًا بِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يُفْهِمُ تَرْجِيحَ جَوَازِ بَيْعِ الدَّارِ سَوَاءٌ وُقِفَتْ عَلَى مَسْجِدٍ أَمْ غَيْرِهِ وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مَنْعَ بَيْعِهَا وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ جَوَازُ الْبَيْعِ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ وَذِكْرُ نُحَاتَةِ الْخَشَبِ وَالدَّارِ الْمُشْرِفَةِ عَلَى الِانْهِدَامِ وَتَقْيِيدُ الْجِذْعِ بِأَنَّهُ لَا نَفْعَ بِهِ إلَّا بِالْإِحْرَاقِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.

(لَا الْمَسْجِدُ) الْمُنْهَدِمِ وَإِنْ تَفَرَّقَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ وَتَعَطَّلَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُمْلَكُ بِحَالٍ كَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ، ثُمَّ زَمِنَ وَلَيْسَ كَجَفَافِ الشَّجَرِ حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ لِتَوَقُّعِ عِمَارَتِهِ وَعَوْدِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: الرَّاجِحُ امْتِنَاعُ بَيْعِ الدَّارِ سَوَاءٌ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْمَوْقُوفَةُ عَلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ الْعَرْصَةِ وَالْجِدَارِ وَنَقْضِهِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْهُ حَمْلُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ عَلَى النَّقْضِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ تَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ بَيْعَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُمْلَكُ) شَامِلٌ لِجِدَارِهِ وَنَقْضِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَيْهِ لَمَّا أَمْكَنَ انْتِفَاعُهُ بِهَا بِعَيْنِهَا بِنَفْسِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِنَفْسِهِ فَجَازَ الْبَيْعُ. اهـ. م ر وسم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ انْتِفَاعُ الْمَسْجِدِ بِإِحْرَاقِهَا بِأَنْ يُطْبَخَ بِهَا آجُرٌّ أَوْ جَصٌّ لَهُ امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَاسْتَقَرَّ بِهِ سم وَقَالَ: إنَّهُ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي إلَخْ) وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَاظِرٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى ح ش. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) مُعْتَمَدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَصْلُحَ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ قَالَ سم: وَلَمْ يَحْتَجْ لَهَا لِإِحْرَاقِ آجُرٍّ أَوْ جَصٍّ لِلْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى حَسَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يُفْرَشَ الْمَسْجِدُ أَوْ تُشْتَرَى أَخْشَابٌ لِعِمَارَتِهِ مِنْ رِيعِ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَفِي التُّحْفَةِ مَا يُوَافِقُهُ فَرَاجِعْهَا. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ) أَيْ: وَيُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي شِرَاءِ حُصْرٍ بَدَلَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِلْكُهُ) حَتَّى إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لِلْمَسْجِدِ شِقْصًا كَانَ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْغِبْطَةِ. اهـ. رَوْضَةٌ.

(قَوْلُهُ فَارِقًا بِمَا فِيهِ نَظَرٌ) وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْبُطُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَدَارٌ لِلْمَسْجِدِ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمَقْصُودُ بِهَا مَصْلَحَتُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهَا جَازَ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْبَطْنِ التَّالِي فِي بَيْعِهَا لِمَصْلَحَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ. اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي بَلْ الْوَاجِبُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَوْقُوفِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يُفْهِمُ تَرْجِيحُ جَوَازِ بَيْعِ الدَّارِ إلَخْ) قَالَ م ر: إنَّهُ ضَعِيفٌ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: جَوَازِ بَيْعِ الدَّارِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: إنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا كَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ) نَقَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَقَالَةَ السُّبْكِيّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنْ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضِ بِتَعْبِيرِهِ بِالْجِدَارِ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الشَّارِحَ يَمْنَعُ بَيْعَ الْجِدَارِ الْمُنْهَدِمِ أَيْضًا وَقَوْلُ م ر إنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْجِدَارِ أَسْهَلُ مِنْ التَّضْعِيفِ يُفِيدُ اعْتِمَادُهُ صِحَّةَ بَيْعِ الْجِدَارِ، وَلَعَلَّهُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ لَهَا فَائِدَةً أَصْلًا وَخِيفَ ضَيَاعُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ حُرٌّ فَكَمَا لَا تُبَاعُ الْأَحْرَارُ لَا يُبَاعُ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَقِيلَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَكَذَا لَا يَعُودُ مِلْكًا خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّهُ يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَوَافَقَنَا أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُبَاعُ وَيُشْرَى بِثَمَنِهِ مَوْضِعٌ فِي مَحَلَّةٍ عَامِرَةٍ لِيَكُونَ مَسْجِدًا فِيهَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يَمْلِكُ إشَارَةٌ لِرَدِّ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّعِ عِمَارَتِهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِفْظُ نَقْضِهِ لِعِمَارَتِهِ الْمُتَوَقَّعَةِ قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ وَخِيفَ عَلَى نَقْضِهِ نُقِضَ وَحُفِظَ لِيُعْمَرَ بِهِ مَسْجِدٌ آخَرُ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ وَالْأَقْرَبُ أَوْلَى لَا نَحْوُ بِئْرِ رِبَاطٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ نَقْلُهُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدٍ خُصَّ بِطَائِفَةٍ خَصَّ بِهَا الْمُنْهَدِمَ إنْ وُجِدَ وَإِنْ بَعُدَ. اهـ.

(فَرْعٌ)

ص: 386