المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا

(بَابُ الْإِجَارَةِ)

بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا وَهِيَ لُغَةً: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ مَعْلُومَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ، وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ، وَالْجِعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذَكَرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ، وَبِعِوَضٍ مَعْلُومٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَالْوَصِيَّةُ بِهَا، وَالْإِعَارَةُ، وَالْمُسَاقَاةُ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ حَقِّ الْمَمَرِّ وَنَحْوُهُ، وَالْجِعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ. وَعُلِمَ مِنْ تَفْرِيعِهَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِيلَ: الْعَيْنُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ لِإِضَافَةِ اللَّفْظِ إلَيْهَا غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَمَوْرِدُ الْعَقْدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ خِلَافًا مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْعَيْنَ تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ كَمَا تُمْلَكُ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: بَلْ هُوَ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ.

فَفِي الْبَحْرِ وُجِّهَ أَنَّ حُلِيَّ الذَّهَبِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِهَا وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إلَّا التَّخْرِيجَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَأَيْضًا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا: مَوْرِدُهَا الْعَيْنُ لَمْ يَصِحَّ إيرَادُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهَا، أَوْ الْمَنْفَعَةُ جَازَ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] . وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا نَظَرٌ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَالصِّدِّيقَ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ» . وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: عَاقِدٌ، وَصِيغَةٌ، وَأُجْرَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ إلَّا أَنَّ النَّاظِمَ تَرَكَ بَيَانَ الْعَاقِدِ؛ اكْتِفَاءً بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْبَقِيَّةِ فَقَالَ:(صِحَّةُ الْإِيجَارِ بِإِيجَابٍ) مِنْ الْمُؤَجِّرِ (كَمَا) لَوْ قَالَ: (أَكْرَيْتُ، أَوْ أَجَرْت) فُلَانًا هَذَا سَنَةً بِكَذَا (أَوْ نَحْوَهُمَا) : كَجَعَلْتُ لَك مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا، أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ

ــ

[حاشية العبادي]

(بَابُ الْإِجَارَةِ)(قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرِدُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهِ إلَى غَايَةِ مَعْلُومَةٍ؛ لِيَخْرُجَ هَذَا الْمَوْرِدُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالذَّهَبِ) ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِهَا هَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّفَاضُلِ، أَوْ أَعَمُّ نَظَرًا؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَ قَبْضِ مَنْفَعَتِهِ بِمَنْزِلَةِ تَأَخُّرِ قَبْضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا نَظَرٌ) يُشِيرُ إلَى اعْتِرَاضِ الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ، إذَا وَقَعَ الْإِرْضَاعُ اُسْتُحِقَّتْ الْأُجْرَةُ لَا أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَالَ: وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ تَجِبُ أُجْرَتُهُ عَلَى مَنْ شَغَلَهُ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ. اهـ. وَنُوقِشَ بِأَنَّ لَفْظَ أُجُورِهِنَّ ظَاهِرٌ فِيمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. وَقَدْ يُنَاقَشُ فِي هَذِهِ الْمُنَاقَشَةِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ كَانَ الظَّاهِرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَالِكَ هُنَا لَمَّا كَانَ هُوَ عَاقِدُ الْمُسَاقَاةِ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا شَرَطَهُ لِلْعَامِلِ؛ لِالْتِزَامِهِ لَهُ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَلْيُتَأَمَّلْ

[بَابُ الْإِجَارَةِ]

(بَابُ الْإِجَارَةِ)(قَوْلُهُ: قَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ، وَالْإِبَاحَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْبَذْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بِقَابِلَةٍ لِمَا ذَكَرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، فَخَرَجَ بِقَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ نَحْوُ الْبِضْعِ وَبِالْإِبَاحَةِ نَحْوُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ وَإِنْ قَبِلَتْ الْبَذْلَ لَا تَقْبَلُ الْإِبَاحَةَ، وَأَمَّا الْبِضْعُ فَلَا يَقْبَلُ الْبَذْلَ أَيْضًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَنْفَعَةُ الْبِضْعِ) فَإِنْ قِيلَ مَنْفَعَتُهُ لَمْ تَدْخُلْ حَتَّى يُحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلِذَا اُحْتِيجَ لِإِخْرَاجِهَا. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُسَاقَاةُ) هِيَ خَارِجَةٌ بِمَعْلُومَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ دَائِمًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) يُمْكِنُ إخْرَاجُهُمَا بِأَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صِيغَتِهَا الْآتِيَةِ أَنَّهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، أَوْ نَحْوِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْجِعَالَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَا إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ق ل. (قَوْلُهُ: لِإِضَافَةِ اللَّفْظِ إلَيْهَا غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) رَدَّهُ فِي ش الرَّوْضِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَيْنًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً مُلْحَقَةٌ بِالْمَوْجُودَةِ وَلِهَذَا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَوْلَا إلْحَاقُهَا بِالْمَوْجُودَةِ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا إلَخْ أَيْ: لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ، وَلَوْ قُلْنَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْعَيْنُ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَالْمَوْجُودَةِ لَمْ يَصِحَّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِاتِّفَاقِ الْفَرِيقَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ حُلِيَّ الذَّهَبِ إلَخْ) هَلْ الْحُلِيُّ قَيْدٌ؟ فَإِنْ كَانَ قَيْدًا أَمْكَنَ إجْرَاءُ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّ الْحُلِيَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ سِوَى عَيْنِهِ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ إلَخْ) أَيْ: مَعَ التَّفَاوُتِ لِيَظْهَرَ التَّخْرِيجُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إلَخْ) رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ شُهْبَةَ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْفَعَةُ جَازَ) يُمْكِنُ مَنْعُهُ بِأَنَّهُ لِعَدَمِ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَيْنِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا لِحَقِّهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَجَرْت فُلَانًا إلَخْ) تَقَدَّمَ

ص: 310

كَذَا بِكَذَا (وَنَحْوَ مَلَكْتُك) ، أَوْ أَعْطَيْتُك مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا (أَوْ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ) هَذَا (الشَّيْءِ) سَنَةً بِكَذَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَمْلُوكَةٌ بِالْإِجَارَةِ فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ كَمَا فِي بِعْتُك رَقَبَةَ هَذَا، أَوْ عَيْنَهُ (خِلَافَ بِعْتُكَا) مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهَا بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ كَالْبَيْعِ وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهَا بِقَوْلِهِ: اُسْكُنْ الدَّارَ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً بِكَذَا، وَجَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً بِكَذَا (وَبِقَبُولِهِ) أَيْ: صِحَّةِ الْإِيجَارِ بِالْإِيجَابِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَقَبُولِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَاكْتَرَيْتُهُ وَاسْتَأْجَرْته وَاسْتَأْجَرْت مَنْفَعَتَهُ لَا اشْتَرَيْت مَنْفَعَتَهُ (بِأُجْرَةٍ تُرَى) أَيْ: مَعَ أُجْرَةٍ رُئِيَتْ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِقَدْرِهَا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ.

(أَوْ عُلِمَتْ) جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً، إنْ كَانَتْ (فِي ذِمَّةِ الَّذِي اكْتَرَى) كَالثَّمَنِ، فَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك هَذَا بِمِلْءِ كَفِّي دَرَاهِمَ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ بِنَفَقَتِهِ، وَكُسْوَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ جَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي، وَالْمَعُونَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَمَّا إيجَارُ عُمَرَ أَرْضَ السَّوَادِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ

فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ

(لَا) إجَارَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

تَعْلِيقَ الْإِيتَاءِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الرَّضَاعِ لِمِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ وَاسْتِحْقَاقِهِ اسْتِيفَاءَهَا، إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ بَلْ يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: سَنَةً) لَيْسَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: أَجَّرْتُك وَانْتَفِعْ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] أَنَّ التَّقْدِيرَ أَمَاتَهُ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ رَأْسِ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ بِهِ حَقُّ الْبِنَاءِ لَا الْعَيْنُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافُهُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلْت لَك إلَخْ) كَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ جَعَلْته لَك بِكَذَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْبَيْعِ احْتِمَالًا ظَاهِرًا وَجَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً بِكَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ وَكَانَ هَذَا مَلْحَظُ شَيْخِنَا؛ حَيْثُ قَرَنَهَا بِذِكْرِ الصَّرَائِحِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ حَجَرٌ وَقَدْ يُقَالُ: كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الْعَرْضِ يَحْتَمِلُ الْغَيْرَ احْتِمَالًا ظَاهِرًا وَمَعَ مُلَاحَظَتِهِ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْمَقْصُودَ، وَالْمُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَلَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ عَنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي شَرْحِ التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ جَعَالَةٌ؛ حَيْثُ قَالَ: وَبِمَعْلُومٍ أَيْ: وَخَرَجَ بِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ، وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ. اهـ. إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ نَظِيرًا لَا مِثَالًا. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَعَلَّهُ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَوْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ. اهـ. وَفِي تَخْرِيجِهِ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ، الثَّانِي: أَنَّ الْقَائِلَ بِالصِّحَّةِ يُوجِبُ الرِّزْقَ لَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ: وَتَخْرِيجُهُ أَيْضًا عَلَى الْجِعَالَةِ مَعَ جَهْلِ الْجُعْلِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ تَوَسُّعًا فِي طَرِيقِ تَحْصِيلِ الْحَجِّ بِرّ قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْقِيَامَ دَلِيلُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ لُزُومُ الْخُرُوجِ عَنْ قَاعِدَةِ الْإِجَارَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِالْعِوَضِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ لُزُومُ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ الْجِعَالَةِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ فِي عِوَضِهَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ مَعْلُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا عَلَى جَرِيبِ الْبُرِّ وَمَا عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ وَمَا عَلَى جَرِيبِ الْقَصَبِ وَهَكَذَا وَيُجَابُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْخِطَابِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَنَعَمْ مِنْ الْمُوجِبِ بَعْدَ قَوْلِ الْقَابِلِ بِعْتنِي هَذَا بِكَذَا، أَوْ يَعْتَبِرُ فِي الْإِجَارَةِ مَا يَعْتَبِرُ فِي الْبَيْعِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ هُنَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَلَفْظُ الْإِرْشَادِ أَجَرْت، أَوْ أَكْرَيْتُ فَقَدَّرَ الشَّارِحُ حَجَرٌ الْكَافَ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) أَيْ: أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَبَّدَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَوَجْهُهُ تَهَافُتُ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِلتَّمْلِيكِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ سَنَةً مَثَلًا مُنَافٍ لِلتَّأْبِيدِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَجَعَلْت إلَخْ) كَذَا مَثَّلَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ لِلْكِنَايَةِ. اهـ. ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَا اشْتَرَيْت مَنْفَعَتَهُ) لَمْ يَقُلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً كَمَا مَرَّ فِي بِعْتُك، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَهُوَ يُفِيدُ مَنْعَ كَوْنِهِ جِعَالَةً أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَتَبَرَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحَجِّ وَصَاحِبَهُ يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَالِكَ يَقُولُ لِآخَرَ: بِعْ هَذَا بِكَذَا، وَمَا زَادَ فَهُوَ لَك فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ بَعْدُ مِنْ دَفْعِ الزَّائِدِ فَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ؛ إذْ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَلَا صَحِيحٌ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلِمَا فِيهِ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِهَذَا اُغْتُفِرَ أَيْضًا تَأَخُّرُ الْإِيجَابِ

ص: 311

الشَّيْءِ (بِالْعِمَارَةِ) لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَصْرِفَهَا فِي الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّرْفِ مَجْهُولٌ، فَإِنْ صَرَفَهَا فِي الْعِمَارَةِ رَجَعَ بِهَا، فَلَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِيهَا، وَصَرَفَ جَازَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ؛ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ: أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا (وَلَا جُزْءِ الْمَحَلْ لِعَمَلٍ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِجُزْءٍ مِنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ (إنْ كَانَ) اسْتِحْقَاقُهُ (مِنْ بَعْدِ الْعَمَلْ) كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَحْنِ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ مِنْ دَقِيقِهَا، أَوْ لِسَلْخِ شَاةٍ بِجِلْدِهَا، أَوْ لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ بِنِصْفِهِ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفَسَّرُوهُ بِاسْتِئْجَارِ الطَّحَّانِ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِبَعْضِ دَقِيقِهَا، وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ فِي الْحَالِ بِالْهَيْئَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا وَلِلْجَهْلِ بِهَا حِينَئِذٍ، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَحْنِ الْحِنْطَةِ بِصَاعٍ مِنْهَا، أَوْ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ بِنِصْفِهِ الْآنَ فَيَجُوزُ.

وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ أَنْ يَقَعَ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَقَالَا: الْقِيَاسُ الْجَوَازُ وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرِكِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ سَاقَاهُ الْآخَرُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرَةِ جَازَ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي الْمُشْتَرِكِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَا مَالَا إلَيْهِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهِ جَرَى النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إطْلَاقُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ أَجِيرًا عَلَى شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ مِثْلُ اطْحَنْ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ وَلَك مِنْهَا رُبْعٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ كَمَا نَقَلَاهُ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْكُلِّ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ، أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي انْتَهَى

ــ

[حاشية العبادي]

بِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَجَرَهَا بِكَذَا، إنْ زُرِعَتْ كَذَا، وَكَذَا، إنْ زُرِعَتْ كَذَا وَهَكَذَا فَالْأُجْرَةُ مَجْهُولَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّرْفِ مَجْهُولٌ) قَالَ فِي ش الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا صَحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشَرْطُ عَمَلٍ فِيهِ يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي الْأَمْلَاكِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ. فِيهِ فَقَدْ يُقَالُ: يُمْنَعُ مَا وُجِّهَ بِهِ النَّظَرُ بَلْ حَاصِلُ هَذَا جَعْلُ الْأُجْرَةِ مَجْمُوعَ الدَّرَاهِمِ الْمَعْلُومَةِ، وَالْعَمَلَ الْمَعْلُومَ. (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَتَبَرَّعَ بِهِ أَيْ: تَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالصَّرْفِ جَازَ. اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالتَّبَرُّعِ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ وَأَنَّهُ لَوْ ضَبَطَ الصَّرْفَ وَاسْتَأْجَرَهُ لَهُ صَحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِصَاعٍ) لَمْ يَقُلْ الْآنَ كَمَا قَالَهُ فِيمَا بَعْدَهُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ: مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْكُلِّ) أَيْ: كَقَوْلِهِ: اكْتَرَيْتُكَ لِتَطْحَنَ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ بِرُبْعِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ: كَاكْتَرَيْتُكَ بِرُبْعِ هَذِهِ الْوَيْبَةِ لِتَطْحَنَ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ إلَخْ) فَبِضَمِّ الْمَجْهُولِ لِلْمَعْلُومِ صَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِهَا) أَيْ: إنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَإِلَّا فَلَا ش م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ فَحَرِّرْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ش م ر أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا قَالَ ع ش: لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصِّحَّةِ أَصْلًا. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ، إذَا عَمِلَ هُنَا طَامِعًا اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلسُّكْنَى، وَالْعِنَادُ لِشَيْءٍ آخَرَ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ جَازَ) هَذَا فِي الْمِلْكِ، أَمَّا الْوَقْفُ فَقَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ قَاضٍ، وَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ مُطْلَقًا وَقَالَ م ر إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ جَازَ وَكَفَى إذْنُ النَّاظِرِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِي الْعِمَارَةِ قَرْضًا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي قَالَ ق ل: وَاكْتَفَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا لَزِمَ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي غَرَامَةُ مَالٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ وَجِيهٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي.

(قَوْلُهُ: عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ) لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقْبَضَ الْمُؤَجِّرَ، ثُمَّ قَبَضَ مِنْهُ لِلصَّرْفِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: وَقَبْضُ الْمُؤَجِّرِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فَهُوَ إنَّمَا قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ فَاتَّحَدَ الْقَابِضُ، وَالْمُقْبِضُ. (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا) عَلَى أَنَّهُ لَا اتِّحَادَ تَنْزِيلًا لِلْقَابِضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً. اهـ. م ر وَبَحَثَ فِيهِ ع ش بِأَنَّ هَذَا التَّنْزِيلَ إنَّمَا أَفَادَ صِحَّةَ الْقَبْضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَبْقَى الْمَأْخُوذُ فِي يَدِ الْقَابِضِ أَمَانَةً لِلْمُؤَجِّرِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ قَابِضًا عَنْ الْمُؤَجِّرِ مُقْبِضًا لِنَفْسِهِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَأَصْلُهُ لسم عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْقَابِضَ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ كَالْمُحْتَالِ قَبْضُهُ قَبْضٌ لِلْمُحِيلِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ إنَّ التَّنْزِيلَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَأَتَّى، إذَا أَجَرَ لَهُ الدَّابَّةَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الصَّرْفِ فِي عَلَفِهَا وَعَلَفَهَا بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا قَابِضَ حِينَئِذٍ سم بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ الِاكْتِرَاءَ إنَّمَا هُوَ لِإِرْضَاعِهَا مِلْكَهُ فَقَطْ وَإِرْضَاعُهَا مِلْكَهُ إنَّمَا وَقَعَ تَبَعًا أَيْ: فَالصِّحَّةُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ، أَوْ أَطْلَقَ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. لَكِنْ نَقَلَ ق ل عَنْ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ، إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِإِرْضَاعِ هَذَا الرَّقِيقِ كُلِّهِ، أَوْ جَمِيعِهِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي كُتُبِهِ. اهـ. وَعِبَارَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَيْ: فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ الصِّحَّةُ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ لَا يَقَعُ لِلْبَعْضِ نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ، فَإِنَّ طَحْنَ الْكُلِّ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ طَحْنَ الْبَعْضِ الَّذِي لَهُ، أَوْ صَرَّحَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّ عِبَارَةَ ع ش تُفِيدُ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ) قَالَ سم عَلَى

ص: 312

وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ (فَرْعٌ)

قَالَ السُّبْكِيُّ: يَقَعُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي جُبَاةِ الْأَمْوَالِ أَنْ يُجْعَلَ لَهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ مِمَّا يَجْبُونَهُ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَفِيزَ الطَّحَّانِ وَبَعْضُهُمْ يَحْتَرِزُ فَيَقُولُ نَظِيرَ نِصْفِ الْعُشْرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إجَارَةً وَهَلْ يَصِحُّ جِعَالَةً فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جِعَالَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَعْلُومًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ

. (وَمُطْلَقُ الْأَجْرِ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِتَعْجِيلٍ وَلَا تَأْجِيلٍ يُحْمَلُ (عَلَى التَّعْجِيلِ) كَالثَّمَنِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِتَعْجِيلٍ، أَوْ تَأْجِيلٍ فَالْأَمْرُ كَمَا قَيَّدَ، إلَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَيَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. فَلَوْ أَخَّرَهَا إلَيْهَا كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ وَصَفَ الْأُجْرَةَ بِقَوْلِهِ:(مَوْصُوفَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاتَّصَفَتْ (بِالْقَبْضِ، وَالْحُلُولِ) أَيْ: بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَجْلِسِ حَالَّةٍ، إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ (فَلَا تُجِزْ عَنْهَا لَهُ اسْتِبْدَالَهْ وَلَا عَلَيْهَا وَبِهَا الْحَوَالَهْ) أَيْ: فَلَا تُجِزْ لِمَالِكِ الْأُجْرَةِ اسْتِبْدَالَهُ عَنْهَا وَلَا الْحَوَالَةَ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا (كَذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِهِ (لَا فِي إجَارَةٍ عَيْنِيَّةٍ) أَيْ: لَا يُعْتَبَرُ فِي أُجْرَتِهَا الْقَبْضُ، وَالْحُلُولُ وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا، وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا كَالثَّمَنِ وَمَثَّلَ لِلْعَيْنِيَّةِ بِقَوْلِهِ:(كَالْكَافِ مَعَ لَفْظَةِ اسْتَأْجَرْت) أَيْ: كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِعَمَلِ كَذَا وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إجَارَةٌ عَيْنِيَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اسْتَأْجَرْت عَيْنَك، أَوْ نَفْسَك لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ وَقِيلَ: إجَارَةُ ذِمَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ جِهَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا لِلْحَمْلِ، أَوْ الرُّكُوبِ، أَوْ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ لِلْخِيَاطَةِ، أَوْ الْبِنَاءِ، وَوَارِدَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ لِلْحَمْلِ، أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ عَمَلًا وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ، إلَّا عَيْنِيَّةً بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: (فِي أَنْ تُرْضِعَهْ امْرَأَةٌ) أَيْ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِمَا ذُكِرَ فِي إرْضَاعِ الْمَرْأَةِ الطِّفْلَ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ الْحَضَانَةِ، أَوْ نَفْيِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

لِي بَاقِيَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ) أَيْ: لِلْجَهْلِ

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الذِّمِّيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا حُلُولُ الْأُجْرَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَقْدِهَا بِلَفْظِ السَّلَمِ قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ أَيْ: اسْتَأْجَرْتُك إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إجَارَةَ السُّفُنِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً لِمَنْعِ السَّلَمِ فِيهَا، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيِهَا) ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الصُّغْرَى؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ بَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْأَصْلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَنْهَجِ: مَالَ م ر إلَى اعْتِمَادِ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك بِرُبْعِهِ لِتَطْحَنَهُ، إذَا أَطْلَقَ وَيُنَزَّلُ عَلَى مَا عَدَا الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ) قَالَ م ر: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ إلَخْ) خِلَافًا لِحَجَرٍ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجُزْ إلَخْ) فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي عَقْدِهِ خِيَارًا، وَمَا ذَكَرَ إجَارَةٌ فَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ: لَا عَنْ الْحَوَالَةِ بَلْ عَنْ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ لَعَلَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ أَنَّهُ، إذَا أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِإِذْنِ الْمُسْلِمِ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، أَوْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَرَدَّهُ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ كَفَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّارِحِ وَهَذَا فِي الْحَوَالَةِ بِهِ.

أَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَهِيَ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بِهَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْفَعُ عَنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَتَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا فِي السَّلَمِ نَعَمْ إنْ أُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ بَطَلَتْ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ق ل أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهَا وَبِهَا الْحَوَالَةُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: إذَا قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ إذْ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، إذَا قُبِضَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ قُلْنَا لَا فَرْقَ وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ. (قَوْلُهُ: سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِهِ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ الشَّارِحِ وَم ر لَكِنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَابِعَةٌ لِلْمَعْنَى ظَاهِرٌ أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ م ر مِنْ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ فَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ بَيْعِ الذِّمَّةِ الْجَارِي بِلَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ مَا اُعْتُبِرَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَيُجَابُ بِضَعْفِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ، وَرَدَتْ عَلَى مَعْدُومٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ وُجُودُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ. اهـ. م ر وَسم عَلَى حَجَرٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إجَارَةُ ذِمَّةٍ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: عَيْنَكَ، أَوْ نَفْسَك فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ إلَخْ) أَيْ الْعَقَارِ كُلِّهِ، أَوْ مَا فَوْقَ النِّصْفِ، أَمَّا النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَيَجُوزُ

ص: 313

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ مَنْفَعَةً لِلْحَاجَةِ؛ إذْ لَوْ مُنِعَتْ لَاحْتِيجَ إلَى شِرَاءِ اللَّبَنِ كُلَّ دَفْعَةً وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ كَيْفَ وَالشِّرَاءُ إنَّمَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْحَلْبِ وَلَا تَتِمُّ تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ بِاللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ؟ وَهَذِهِ بِصُوَرِهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا عَطَفَهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَ) فِي (خَالِصٍ مِنْ مَنْفَعَهْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا اسْتِئْجَارُ بِئْرٍ، أَوْ قَنَاةٍ لِلِانْتِفَاعِ بِمَائِهَا لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاسْتِئْجَارُ الْمَرْأَةِ لِلْإِرْضَاعِ مُطْلَقًا يَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ اللَّبَنِ، وَالْحَضَانَةَ الصُّغْرَى وَهِيَ وَضْعُ الطِّفْلِ فِي الْحِجْرِ وَإِلْقَامُهُ الثَّدْيَ وَعَصْرُهُ لَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالْأَصْلُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ فِيمَا ذَكَرَ فِعْلُهَا، وَاللَّبَنُ تَابِعٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لِتَعَلُّقِ الْأَجْرِ فِي الْآيَةِ بِفِعْلِ الْإِرْضَاعِ لَا بِاللَّبَنِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ بِهَا عَيْنٌ لِضَرُورَةٍ فَهِيَ تَابِعَةٌ كَالْبِئْرِ تُسْتَأْجَرُ لِيُسْقَى مَاؤُهَا، أَمَّا الْحَضَانَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ حِفْظُ الطِّفْلِ وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ، وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَشْمَلُهَا الْإِرْضَاعُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي. وَدَخَلَ فِي الْمَرْأَةِ الصَّغِيرَةُ فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى طَهَارَةِ لَبَنِهَا. وَفِي مَعْنَاهَا الرَّجُلُ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِهَا الْبَهِيمَةُ كَاسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِإِرْضَاعِ السَّخْلَةِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَبِخَالِصِ الْمَنْفَعَةِ نَحْوُ اسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا، أَوْ نِتَاجِهَا، أَوْ صُوفِهَا؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ لِلْحَاجَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَنْفَعَةُ الْحَالِيَّةُ فَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْمَنَافِعِ.

ثُمَّ وَصَفَ الْمَنْفَعَةَ بِصِفَاتٍ أُخَرَ وَعَقَّبَهَا بِذِكْرِ مَا يَخْرُجُ بِهَا فَقَالَ: (مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا) وَحِسًّا كَمَا فِي الْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَعْمَى لِلْحِفْظِ وَلَا آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ، وَغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (قُوِّمَتْ) لِيُحْسِنَ بَذْلَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لَهُ فَهِيَ كَحَبَّةِ بُرٍّ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْمِسْكِ، وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ وَمِنْ التُّفَّاحِ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفَرَّقَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِسْكِ، وَالرَّيَاحِينِ الشَّمُّ وَمِنْ التُّفَّاحِ الْأَكْلُ دُونَ الرَّائِحَةِ. (وَحَصَلَتْ لِمُكْتَرٍ) لَا لِلْمُكْرِي لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْعِوَضَانِ فِي مِلْكِ وَاحِدٍ، فَلَوْ قَالَ: اكْتَرَيْت دَابَّتَك لِتَرْكَبَهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ (وَعُلِمَتْ) عَيْنًا، وَصِفَةً، وَقَدْرًا كَمَا فِي الْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ

ــ

[حاشية العبادي]

فِعْلُهَا، وَهُوَ الْحَضَانَةُ الصُّغْرَى، وَاللَّبَنُ يُسْتَحَقُّ تَبَعًا فَلَا يُحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفَى الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الصُّغْرَى وَكَلَامِ الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ فِيهِ، لَكِنْ وَصَفَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْحَضَانَةَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ نَفَى الْحَضَانَةَ جَازَ بِقَوْلِهِ الْكُبْرَى. (قَوْلُهُ: النَّظْمِ وَأَصْلِهِ) أَيْ: إنَّ قَوْلَهُ: فِي أَنْ تُرْضِعَهُ يُفِيدُ كَوْنَ مَوْرِدِ الْعَقْدِ الْإِرْضَاعَ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ.

(قَوْلُهُ: لِإِرْضَاعِ السَّخْلَةِ، أَوْ الطِّفْلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِارْتِضَاعِ السَّخْلَةِ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْحِفْظِ) أَيْ: الْمُحْتَاجِ لِلْبَصَرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْبَصَرِ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ: فَتَرْكُ قَوْلِهِ وَحِسًّا اخْتِصَارًا لِفَهْمِهِ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَمِنْ التُّفَّاحِ الْأَكْلُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْأَكْلَ دُونَ الرَّائِحَةِ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا) أَيْ: أَنْتَ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُهُ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ شِقْصٍ مِنْ عَقَارٍ بِشَرْطِ كَوْنِهِ النِّصْفَ فَأَقَلَّ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ إجَارَةُ شِقْصٍ مِنْ عَقَارٍ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، إذَا كَانَ نِصْفُهُ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) ؛ لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَا تَنْقَادُ بِطَبْعِهَا لِلْإِرْضَاعِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ أَيْ: فَلَيْسَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَانْظُرْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِذَبْحِهَا، وَرَدَ عَلَيْهِ صِحَّةُ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ السَّخْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَالِبِ وَاقْتَصَرَ ق ل فِي التَّعْلِيلِ عَلَى عَدَمِ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ) لَا دَاعِيَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا اُسْتُحِقَّ بِهَا الْفِعْلُ، وَالْعَيْنُ تَابِعَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمَنْفَعَةُ الْحَالِيَّةُ) جَوَّزَهَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: شَرْعًا) فَلَا يَصِحُّ مَا لَيْسَ بِمَقْدُورٍ شَرْعًا كَإِيجَارِ أَبْنِيَةٍ مِنًى لِعَجْزِ مَالِكِهَا عَنْ تَسْلِيمِهَا شَرْعًا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَعْمَى إلَخْ) هَذَا أَمْثِلَةٌ لِغَيْرِ الْمَقْدُورِ حِسًّا. (قَوْلُهُ: لِلْحِفْظِ) أَيْ: بِالْبَصَرِ، وَالْإِجَارَةِ عَلَى عَيْنِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ) أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا يَقْدِرُ هُوَ، أَوْ الْمُؤَجِّرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَحَصَلَتْ لِمُكْتَرٍ) أَيْ: أَوْ لِمُوَكِّلِهِ، أَوْ مُوَلِّيهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ قَالَ إلَخْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ: فِي إجَارَةِ

ص: 314

أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا إيجَارُ مَا تَعَدَّدَتْ جِهَةُ مَنْفَعَتِهِ بِلَا تَعَيُّنٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ: إنْ شِئْت فَازْرَعْ، وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ، أَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَهَا لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت صَحَّ.

بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُك الدَّابَّةَ لِتَحْمِلَهَا مَا شِئْت لِلضَّرَرِ وَلَا يَصِحُّ إيجَارُ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ وَلَا الْإِيجَارُ بِلَا تَقْدِيرٍ، وَالتَّقْدِيرُ إمَّا بِالْوَقْتِ، أَوْ بِالْعَمَلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْعِلْمُ بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَاجِبٌ، وَإِنْ وَرَدَ الْإِيجَارُ عَلَى الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ مُشَاهَدَةَ الْمَبِيعِ فِيهِ تُغْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ؛ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْمَنَافِعِ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ.

وَخَرَجَ بِكَوْنِهَا مُتَقَوِّمَةً مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَبَطَلَتْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (فِي كَلِمَةٍ) أَيْ: لِكَلِمَةِ إيجَابٍ، أَوْ قَبُولٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (بِلَا تَعَبْ) فِيهَا، وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةَ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: هَذَا فِي مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ كَالْخُبْزِ، وَاللَّحْمِ، أَمَّا الثِّيَابُ، وَالْعَبِيدُ وَمَا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلِلْبَيَّاعِ فِيهِ مَزِيدُ نَفْعٍ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ، أَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى تَعَبٍ كَحِفْظٍ وَحَمْلٍ إلَى سُوقٍ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَحَيْثُ بَطَلَتْ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ، إنْ لَمْ يَتْعَبْ، فَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ، وَالْكَلَامِ وَتَأْلِيفِ أَمْرِ الْمُعَامَلَةِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَيَّاعُونَ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ، إلَّا بِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ (وَزِينَةٍ) أَيْ: وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِزِينَةِ الْحَوَانِيتِ، وَنَحْوِهَا (بِالنَّقْدِ وَرْقًا) أَيْ: فِضَّةً كَانَ (أَوْ ذَهَبْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (وَبِالطَّعَامِ) بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا؛ إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَلَا تَقَابُلَ بِمَالٍ، وَالْوَرِقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا كَمَا فِي النَّظْمِ مَعَ فَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا. وَتَعْبِيرُهُ بِالنَّقْدِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: وَرْقًا، أَوْ ذَهَبْ إيضَاحٌ

. (وَحُرَّاسِ الْكَلْبِ وَصَيْدِ كَلْبٍ) أَيْ: وَبَطَلَتْ إجَارَةُ الْكَلْبِ لِحِرَاسَةِ زَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ دَرْبٍ، أَوْ لِصَيْدٍ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لِمَنْفَعَتِهِ شَرْعًا بِخِلَافِ إجَارَةِ الْفَهْدِ، وَالْبَازِي، وَالشَّبَكَةِ لِلصَّيْدِ، وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ.

وَخَرَجَ بِمَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَ) بَطَلَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ (لِزَرْعِ الْحَبِّ وَمُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِهِ (أَنْ يَتَوَقَّعَ) فِي الثَّانِي زَرْعَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا شِئْت صَحَّ) فَهِيَ مَعَ التَّعْمِيمِ صَحِيحَةٌ وَمَعَ الْإِطْلَاقِ لِمَا لَهُ مَنَافِعُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي التَّعْمِيمِ يَنْتَفِعُ بِهَا كَيْفَ شَاءَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا أَحْسَنُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ) أَيْ: قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ

(قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ) أَوْ كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَوْ إيجَابًا وَقَبُولًا، أَوْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِهِ ح ج. (قَوْلُهُ: بِلَا تَعَبٍ) نَعَمْ فِي الْإِحْيَاءِ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ضَرْبَةٍ مِنْ مَاهِرٍ يُصْلِحُ بِهَا اعْوِجَاجَ سَيْفٍ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَشَقَّةٌ إلَخْ ح ج. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ) قَضِيَّتُهُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَخْ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَبٍ الْجَوَازُ مَعَ عَدَمِ التَّعَبِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ م ر بَلْ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ كَالصَّرِيحِ فِي الْمَنْعِ فِي غَيْرِ مُسْتَقِرِّ الْقِيَمِ أَيْضًا؛ حَيْثُ لَا تَعَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا مُسَلَّمٌ، إنْ حَصَلَ تَعَبٌ، وَإِلَّا فَلَا م ر. (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَدَرَاهِمَ لَا بِعُرًى. اهـ. أَيْ: لِإِحَالَةَ كَوْنِهَا بِعُرًى تَعَلَّقَ بِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ حُلِيٌّ وَاسْتِئْجَارُ الْحُلِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَيْنِ، وَقَدْرًا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ وَصِفَةً فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت فَازْرَعْ إلَخْ) فَلَهُ فِعْلُهُ أَيْ: وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَهُ التَّبْعِيضُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِمَا. اهـ. جَمَلٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: صَحَّ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ فَعَلَيْهِ إرَاحَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا فِي إرَاحَةِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ، وَالتَّعْمِيمَ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا؛ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِالْمَالِكِ بِمُخَالَفَتِهَا فَيَجِبُ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ إرَاحَتُهَا إذَا اُعْتِيدَتْ كَالدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ بِحَذْفٍ وَتَغْيِيرٍ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِالْوَقْتِ إلَخْ) فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: مَا لَا يُقَدَّرْ إلَّا بِالزَّمَنِ، وَمَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْعَمَلُ، أَوْ الزَّمَنُ، وَمَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالْعَمَلِ. اهـ. فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَاجِبٌ) أَيْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَجَرَ دَارًا مُعَيَّنَةً بِالْمُشَاهَدَةِ فَكَانَتْ مُتَّصِلَةً بِأَبْنِيَةٍ لِغَيْرِهَا وَجَبَ ذِكْرُ حُدُودِهَا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْمُشَاهَدَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ

(قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ) وَإِنْ عَظُمَ نَفْعُهَا كَطَبِيبٍ انْفَرَدَ بِمَعْرِفَةِ شَيْءٍ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ؛ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ وَعِلْمُهُ لَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.

(قَوْلُهُ: بِلَا تَعَبٍ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ بِهَا تَعَبٌ قَالَ السَّنْبَاطِيُّ: فَإِنْ حَصَلَ تَعَبٌ فِيمَا شَأْنُهُ عَدَمُ التَّعَبِ اسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ: فِي الْمُوَاكَسَةِ وَعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ بَطَلَتْ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فِيمَا، إذَا كَانَتْ لِمَا شَأْنُهُ عَدَمُ التَّعَبِ لَكِنْ عَرَضَ لَهُ التَّعَبُ.

(قَوْلُهُ: لِزِينَةِ الْحَوَانِيتِ) وَكَذَا الضَّرْبُ عَلَى صُورَتِهِمَا عِنْدَ م ر وَقَالَ ز ي بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِمَا، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنْ عُرًى وَلَوْ مِنْهَا وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْحُلِيِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ) قَالَ ع ش: وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً لِلْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا بِالْحِفْظِ، وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكُهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمَلُّكُهَا بِالِاصْطِيَادِ

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ أَنَّهُ، إذَا تَوَقَّعَ

ص: 315

(وَ) قَدْ (انْتَفَى) عَنْهَا فِي الْحَالَيْنِ (مَاءٌ) دَائِمٌ مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ وَعَيْنٍ (وَمَا يُعْتَادُ مِنْ غَيْثٍ) أَيْ: مَطَرٍ وَنَدَاوَةِ ثَلْجٍ (كَفَى) أَيْ: يَكْفِيهَا؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ، أَوْ مُعْتَادٌ يَكْفِيهَا وَمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ زَرْعَهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَأَنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَا يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُهَا؛ عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ فِي الْأُولَى، وَاكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَمَحَلُّ بُطْلَانِ إيجَارِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهَا، وَإِلَّا فَتَصِحُّ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ نَفْيِهِ أَنَّ الْإِيجَارَ لِغَيْرِ الزَّرْعِ وَلَهُ الزَّرْعُ لَا الْبِنَاءُ، وَالْغِرَاسُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَفَرَضَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ: لِتَصْنَعَ بِهَا مَا شِئْت غَيْرَ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَقُومُ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِعَدَمِ الْمَاءِ مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهَا الْإِجَارَةُ لِلزَّرْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ صَارِفٍ، وَلَوْ عَلَا الْمَاءُ الْأَرْضَ وَلَمْ يُرْجَ انْحِسَارُهُ، أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ إيجَارُهَا، وَإِنْ رُجِيَ فَالنَّصُّ صِحَّتُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ، وَالْمَاءَ يَمْنَعُهُ وَبِأَنَّهُ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ الْأَرْضِ، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا كَإِيجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا سَبَقَتْ الرُّؤْيَةُ، أَوْ أَمْكَنَتْ مَعَ الْمَاءِ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تُرَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا؛ لِمَا ذُكِرَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ

. (وَ) بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ (لِزَمَانٍ قَابِلٍ حَيْثُ جَرَى) الْعَقْدُ (فِي عَيْنِهَا) أَيْ: عَيْنِ مَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ أَيْ: فِي الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ كَأَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا غَدًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي الْغَدِ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك تَحْصِيلَ الْحَجِّ عَنِّي فِي الْعَامِ الْقَابِلِ كَمَا فِي السَّلَمِ (إلَّا) إذَا جَرَى الْعَقْدُ فِي الْعَيْنِيَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

صَحِيحٌ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُ الصِّحَّةِ هُنَا بِمَا إذَا انْحَصَرَتْ الْمَنْفَعَةُ، أَوْ عَمَّمَ لَهُ الِانْتِفَاعَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا لَهُ مَنَافِعُ شَرْطٌ، وَالْإِطْلَاقَ مُفْسِدٌ. (قَوْلُهُ: وَاكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ فِي الثَّانِيَةِ) فَعُلِمَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي تُرْوَى مِنْ نَحْوِ النِّيلِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا قَبْلَ رَيِّهَا، إنْ وَثِقَ بِحُصُولِهِ غَالِبًا، ثُمَّ قَالَ: وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ عِنْدَ الْإِجَارَةِ إمْكَانُ التَّشَاغُلِ أَيْ: بِالزَّرْعِ، أَوْ أَسْبَابِهِ مِنْ تَكْرِيبِ الْأَرْضِ، أَوْ نَحْوِهِ، إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَإِلَّا كَفَى الِاسْتِيلَاءُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصِحُّ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ، إنْ ضَمَّ لِذَلِكَ قَوْلَهُ لِتَنْتَفِعَ بِهَا، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُكهَا لِلزِّرَاعَةِ، وَلَا مَاءٍ لَهَا غَالِبٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ، إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَاءٍ لَهَا بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ صَحَّ أَوْ تَوَقَّعَهُ مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ نَادِرٍ فَلَا. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِيجَارَ لِغَيْرِ الزَّرْعِ) أَيْ: مِمَّا هُوَ الْعَادَةُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الزَّرْعُ) أَيْ: وَغَيْرُهُ مَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، فَإِنْ نَفَاهُ فَلَهُ غَيْرُ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ التَّفْرِيغُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَهُمَا لِلتَّأْبِيدِ فَاشْتُرِطَ التَّصْرِيحُ بِهِمَا، أَوْ ذِكْرُ مَا يَعُمُّهُمَا كَذَا فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِهِمَا بَلْ يَنْتَفِيَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ: لِتَصْنَعَ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ بَقَاءَ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ فِي مَعْنَى التَّشَاغُلِ بِأَسْبَابِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِ دَارٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ اعْتِبَارُ إمْكَانِ الصَّرْفِ فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَضِيَّةُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ خِلَافُهُ م ر. (قَوْلُهُ: كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ) فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا مَسْتُورَةً بِالْمَاءِ كَمَا يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية الشربيني]

زَرْعَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا صَحَّ وَلَهُ مَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ مِنْ زَرْعٍ وَغَيْرِهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: لِتَصْنَعَ بِهَا مَا شِئْت غَيْرَ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ فِي أَرْضٍ لَا مَاءَ لَهَا أَنَّهُ إنْ أَجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ اسْتِئْجَارَهَا، وَلَمْ يَتَوَقَّعْ زَرْعَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ صَحَّ، وَإِنْ تَوَقَّعَ فَإِنْ صَرَّحَ أَنَّهُ لَا مَاءَ لَهَا صَحَّ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَانْظُرْ حَيْثُ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا، إذَا عَمَّمَ مَثَلًا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ) لِقَبُولِ الدَّيْنِ لِلتَّأْجِيلِ، بِخِلَافِ

ص: 316

(مِنْ الَّذِي اكْتَرَى) كَأَنْ أَجَرَهُ دَارًا سَنَةً، ثُمَّ أَجَرَهَا مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا سَنَةً أُخْرَى تَلِيَهَا فَتَصِحُّ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ أَجَرَهُمَا دَفْعَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمُكْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُك سَنَةً، فَإِذَا مَضَتْ فَقَدْ أَجَّرْتُك أُخْرَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ، وَلَوْ أَجَرَهَا لِزَيْدٍ سَنَةٍ، ثُمَّ أَجَرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو لَمْ يَجُزْ لِلْمَالِكِ إجَارَتُهَا السَّنَةَ الْقَابِلَةَ لِزَيْدٍ وَفِي جَوَازِ إجَارَتِهَا لِعَمْرٍو الْخِلَافُ فِي إجَارَتِهَا لِلْمُكْتَرِي حَكَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَبِهَا أَفْتَى الشَّارِحُ، ثُمَّ حَكَى أَعْنِي الرَّافِعِيَّ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِزَيْدٍ لَا لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّ زَيْدًا هُوَ الَّذِي عَاقَدَهُ قَالَ يَعْنِي الْقَفَّالَ: وَلَوْ أَجَرَهَا سَنَةً، ثُمَّ بَاعَهَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَجِّرَهَا السَّنَةَ الْقَابِلَةَ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ إذْ لَا مُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا وَتَرَدَّدَ فِي تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْ ذَلِكَ إذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ انْتَهَى وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْجَوَازُ فِيهِمَا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي حَقِّ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ.

وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُكْتَرِي اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ (أَوْ بَعْدَ الرَّحِيلِ فِي الْحَجِيجِ وَهَيَّأَ الْأَجِيرُ) أَيْ: وَإِلَّا إذَا جَرَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ لِلْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَقَدْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بِحَيْثُ لَا تَنْقَطِعُ فِي أَشْهُرِهِ، وَوَقَعَ الْعَقْدُ زَمَنَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِ الْأَجِيرِ، أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ عَقِبَهُ (لِلْخُرُوجِ) بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِهِ مِنْ شِرَاءِ زَادٍ، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْمَالُ الْحَجِّ لَا تَقَعُ، إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِلْعُذْرِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَاحْتَاجَ لِزَمَنٍ يَتَهَيَّأُ فِيهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ (أَوْ لِرُكُوبِ نِصْفِ دَرْبٍ بَشَرُ وَنِصْفِهِ ثَانٍ) بِرَفْعِ بِشْرٌ فَاعِلًا لِرُكُوبِ، وَجَرِّ نِصْفِهِ عَطْفًا عَلَى نِصْفِ دَرْبٍ وَثَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِشْرٌ أَيْ: وَإِلَّا إذَا جَرَى عَقْدُ إجَارَةِ دَابَّةٍ لِاثْنَيْنِ كَبِشْرٍ وَآخَرَ لِيَرْكَبَهَا بِشْرٌ نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَالْآخَرُ نِصْفَهُ الْآخَرَ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِكِرَاءِ الْعَقِبِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًا، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ.

وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ مَنْ يُوجَرُ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الثَّانِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ بِأَنْ أَجَرَهَا لِغَيْرِهِ لِيَرْكَبَهَا زَمَنًا، ثُمَّ هُوَ زَمَنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَرَهَا لَهُ لِيَرْكَبَهَا هُوَ زَمَنًا، ثُمَّ الْمُكْتَرِي زَمَنًا لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ الرُّكُوبِ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَالنُّزُولُ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

رُؤْيَتُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهَا غَائِبَةً كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَجَرَهُمَا دَفْعَةً) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ فُسِخَتْ الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ فَسْخُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعُرُوضِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي) مَفْهُومُهُ صِحَّةُ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجَرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو إلَخْ) . (فَرْعٌ)

أَجَرَ عَيْنًا فَأَجَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ، وَالْآخَرُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: الْجَوَازُ فِيهِمَا) قِيَاسُهُ الْجَوَازُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِهَا بَعْدَ إيجَارِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَأَجَرَهَا الْمُوصَى لَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةً أُخْرَى. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَشْهُرِهِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ صَحَّ مُطْلَقًا، وَإِنْ بَعُدَ الرَّحِيلُ لِإِمْكَانِ الشُّرُوعِ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ وَاقْتَضَى أَنَّهُ؛ حَيْثُ أَمْكَنَ الْخُرُوجُ فِي أَشْهُرِهِ وَالْوُصُولُ لَا يَصِحُّ الْإِيجَارُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَلَوْ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ أَيْ: إذَا كَانَ الْخُرُوجُ مُمْكِنًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِهِ مَعَ تَيَسُّرِ الْوُصُولِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا زَمَنًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا قَاصِرٌ بَلْ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ قَالَا: لِيَرْكَبَ أَحَدُنَا، أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُكْتَرِي زَمَنًا) فَلَا يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا أَنْ يَرْكَبَ أَحَدُهُمَا نَهَارًا فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَيْنِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ أَجَرَ مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِلْمَالِكِ) مُعْتَمَدٌ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي) وَالْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَأَنْ تَتَوَقَّفَ عِمَارَتُهُ عَلَى أَكْثَرَ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: وَيَجُوزُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمَاشِي، أَوْ الدَّابَّةِ وَإِلَّا جَازَ إنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ

ص: 317

لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ، بَلْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَادَةٌ مَضْبُوطَةٌ كَيَوْمِ رُكُوبٍ وَيَوْمِ مَشْيٍ، أَوْ فَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ ابْتِدَاءً، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ، وَلَوْ أَجَرَهَا لَهُمَا وَأَطْلَقَ وَاحْتَمَلَتْ رُكُوبَهُمَا مَعًا رَكِبَا، وَإِلَّا فَبِالْمُهَايَأَةِ مَسَافَةً، أَوْ زَمَانًا وَإِذَا اقْتَسَمَا بِالزَّمَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَالزَّمَانُ الْمَحْسُوبُ زَمَانُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ، أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ نَفْسَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ أَجَرَهُ نِصْفَ دَابَّةٍ صَحَّ كَمَا يَصِحُّ إجَارَتُهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ وَهِيَ إجَارَةُ مَشَاعٍ وَاسْتَثْنَى صُوَرَ أُخْرَى مِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَهُ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ فَتَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ التَّسْلِيمُ، إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِالْأَمْتِعَةِ فَتَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِزَمَنِ التَّفْرِيغِ أُجْرَةٌ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ الْأَرْضَ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَاءُ قَبْلَ انْحِسَارِهِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً لِعَمَلٍ مُدَّةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي بِخِلَافِ الْحَانُوتِ، وَنَحْوِهِ

. (وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (لِقَلْعِ سِنٍّ صَحَّتْ) أَيْ: صَحِيحَةٍ لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا نَعَمْ، إنْ اسْتَحَقَّ قَلْعَهَا لِقِصَاصٍ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لَهُ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ وَخِدْمَتِهِ وَلَا الْإِجَارَةُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ وَلَا إجَارَةُ الْجَاهِلِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجْهَلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، ثُمَّ يُعَلِّمَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ عَيْنِهِ، وَالْمَنَافِعُ الْمُعَيَّنَةُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ وَخَرَجَ بِالصَّحِيحَةِ الْوَجِعَةُ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِقَلْعِهَا إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: قَلْعُهَا يُزِيلُ الْوَجَعَ، فَإِنْ سَكَنَ الْوَجَعُ بَعْدَ ذَلِكَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَ.

قَالَ فِي الشَّامِلِ: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لَكِنْ إذَا سَلَّمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ الْعَمَلِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ، إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: كَمَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَقْتَسِمَانِ بِالزَّمَانِ، أَوْ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ، وَإِنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ وَأَنَّهُ يَحْسِبُ مِنْهُ زَمَانَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ، أَوْ أَكْثَرَهَا لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ أَنْ لَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا بِالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُعَيَّنِ فِي الْمُدَّةِ م ر. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ) هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ؛ إذْ إجَارَةُ الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهَا إنَّهُ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ فِيهَا فِي الذِّمَّةِ لَا تَرْتَبِطُ بِدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا بِبَلَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ مَعَ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ، وَحُسْبَانُ زَمَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْإِيجَارِ لِزَمَنٍ قَابِلٍ بَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ وُجُوبُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ وَعَدَمُ سُقُوطِ أُجْرَةِ زَمَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِيهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُ الْمَسَافَةِ إلَّا فِي زَمَنٍ لَهُ أُجْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلْيُفَرَّقْ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ إلَخْ) أَيْ: إجَارَةَ عَيْنٍ قَالَ فِي الرَّوْضِ: بِخِلَافِ الذِّمَّةِ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ، إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ تَمْكِينِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ. وَجَزَمَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمَةِ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ تَبْدِيلِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا إجَارَةُ الْجَاهِلِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَ) أَيْ: الْوَجَعُ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ رَدَّ الْأُجْرَةَ كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا، ثُمَّ فَارَقَ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ: وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ أَيْ: عَدَمَ الِاسْتِقْرَارِ فِيمَا ذَكَرَ وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنْ وَقَعَ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَرَهَا لَهُمَا وَأَطْلَقَ وَاحْتَمَلَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ إتْيَانِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا كُلٌّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ وَأَطْلَقَ، وَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ إلَخْ) فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَجَرَ دَابَّةً بِبَلَدٍ آخَرَ) قَالَ ع ش: وَهَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ، أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ؟ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوُصُولِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ؟ فِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ. اهـ. سم. اهـ. مُلَخَّصًا وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى م ر: لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ زِيَادَةِ زَمَنِهَا عَلَى زَمَنِ الْوُصُولِ وَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقِسْطِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ. اهـ. مَعْنَى وَعَلَى

ص: 318

(وَدُونَ إذْنِ الزَّوْجِ) لَا يَجُوزُ (مِنْ مَنْكُوحَةِ) لَهُ حُرَّةٍ إجَارَةُ نَفْسِهَا إجَارَةً عَيْنِيَّةً لِاسْتِغْرَاقِ أَوْقَاتِهَا فِي حَقِّهِ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى تَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَتْهُ بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ، أَمَّا الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا إيجَارُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ اسْتِئْجَارُهَا لِلْإِرْضَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ؛ إذْ لَا سُلْطَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا (لَكِنْ لَهُ، وَلَوْ لِإِرْضَاعِ صَبِيّ مِنْهَا أَجِزْ) أَيْ: لَكِنْ أَجِزْ لِلزَّوْجِ اكْتِرَاءَ زَوْجَتِهِ، وَلَوْ لِإِرْضَاعٍ وَلَدِهِ مِنْهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْقُونَوِيِّ، وَغَيْرِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ اللِّبَأُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَمَا قَالَهُ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا اللِّبَأَ وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَفِي وَجْهٍ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَا أُجْرَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا يَلْزَمُ بَذْلُ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ انْتَهَى وَخَرَجَ بِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُكْتَرِي مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:

(وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (لِلْقُرَبِ) الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ (كَالْحُكْمِ، وَالتَّدْرِيسِ) الْعَامِّ؛ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِمَا، وَلِأَنَّهُمَا كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُكْتَرِي

ــ

[حاشية العبادي]

تَمْكِينِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ لَمْ يُكَلَّفْ تَمْكِينَهُ، لَكِنْ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ وَإِمْكَانِ الْعَمَلِ تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ. اهـ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ؛ إذْ لَمْ يَطْرَأْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا. وَكَأَنَّ حَاصِلَ جَوَابِهِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ هُنَا قَلْعُ السِّنِّ وَبِسُقُوطِهَا تَعَذَّرَ قَلْعُهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ الْخِيَاطَةُ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ لِوُجُودِ مَحَلِّهَا. (قَوْلُهُ: وَدُونَ إذْنِ الزَّوْجِ) الْوَجْهُ جَوَازُ إيجَارِهَا نَفْسَهَا إجَارَةً عَيْنِيَّةً فِي غَيْبَتِهِ مُدَّةً تَأْتِي فِيهَا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَإِنْ نَهَاهَا عَنْ ذَلِكَ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَنَافِعِهَا حَالَ غَيْبَتِهِ، نَعَمْ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى إيجَارِهَا خُرُوجٌ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ امْتَنَعَ، وَكَذَا إدْخَالُ طِفْلٍ أَجَرَتْ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِهِ فِي مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَمْتَنِعُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَبْدًا وَغَائِبًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً، أَوْ طِفْلًا فَأَجَرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلِهِ بِمَنْزِلِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ فَرَاغُهَا مِنْهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ حَضَرَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ فِي الْبَاقِي م ر لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيجَارُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ إذْنِ الزَّوْجِ فِيهِ وَعَدَمِ غَيْبَتِهِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَنْكُوحَةٍ) وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً وَرَتْقَاءَ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا) يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤَجِّرُهَا فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا فِيهِ، وَهُوَ النَّهَارُ وَمَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الْخِدْمَةُ عَادَةً مِنْ اللَّيْلِ فَلَيْسَ لَهُ إيجَارُهَا لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا يَسْتَمْتِعُ بِهَا. (فَرْعٌ)

لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ إيجَارِ حِصَّتِهِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَأَجَرَ جَمِيعَهُ فِي نَوْبَتِهِ فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فَلَوْ رَجَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ؛ إذْ هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيَنْبَغِي انْفِسَاخُهَا فِي حِصَّتِهِ، دُونَ حِصَّةِ الْمُؤَجِّرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ دُونَ مَا مَضَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: بَعْدَ فَرَاغِهَا أَيْ: فِي أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ

(قَوْلُهُ: الْعَامِّ) هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ فِي جَعْلِ هَذَا الْقَيْدِ لِلتَّدْرِيسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ الْفَرْقُ خُصُوصًا وَقَدْ عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّ الْمُتَصَدِّيَ لَهُ يَتَعَلَّقُ عَمَلُهُ بِأَمْرِ النَّاسِ عَامَّةً، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْقَاضِي غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إلَخْ) هَذَا شَامِلٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ لِلْمُكْتَرِي فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) يُشْكِلُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُكْتَرِي إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

كُلٍّ فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إجَارَةِ دَارٍ مَشْغُولَةٍ بِأَمْتِعَةٍ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِيهَا إمْكَانُ التَّفْرِيغِ فِي زَمَنٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَيُجْرِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ تَقْصِيرُهُمَا فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِمَا حَيْثُ كَانَتْ الدَّارُ بِالْبَلَدِ أَنْ يُفْرِغَاهَا ثُمَّ يَعْقِدَا أَفَادَهُ ع ش

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اسْتِئْجَارُهَا لِلْإِرْضَاعِ) أَيْ: وَإِنْ خِيفَ الْحَبَلُ فَيَنْقَطِعُ اللَّبَنُ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَهَّمٌ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ الْمُسْتَحَقِّ شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتُكَلَّفُ الْمُرْضِعَةُ تَرْكَ مَا يَضُرُّ اللَّبَنَ كَوَطْءِ حَلِيلٍ يَضُرُّ، بِخِلَافِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجَرِهَا لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْحَبَلِ فَأَجَابُوا عَنْ التَّنَافِي بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا حَمْلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزَّوْجِ، وَمَا هُنَا فِي امْتِنَاعِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا قَالَ ع ش: وَهَلْ تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ وَحْدَهَا لِحَاجَتِهَا أَمْ لَا؟ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَالْإِذْنُ لَهَا إنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهَا الْإِثْمَ فَقَطْ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَتَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. اهـ مَعْنًى بِحَذْفٍ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي زَوْجَةِ الْحُرِّ الْمُؤَجَّرَةِ، أَمَّا زَوْجَةُ الرَّقِيقِ غَيْرِ الْآذِنِ فَلَا يَظْهَرُ؛ إذْ كَيْفَ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْوَطْءِ لَيْلًا، إذَا كَانَ يَضُرُّ، وَلَا إذْنَ مِنْهُ؟ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَالتَّدْرِيسِ الْعَامِّ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَمَا يُعَلِّمُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي أَنَّهُ إقَامَةُ

ص: 319

شَخْصًا، أَوْ جَمَاعَةً يُعَلِّمُهُمْ مَسْأَلَةً، أَوْ مَسَائِلَ مَضْبُوطَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ لِعُرُوضِهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ (وَالْإِمَامَهْ)، وَلَوْ فِي التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَحْصُلُ لِلْمُكْتَرِي (وَمَنْ لِتَفْرِيقِ الزَّكَاةِ رَامَهْ يَجُوزُ) أَيْ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَنْ أَرَادَهُ لِتَفْرِيقِ الزَّكَاةِ أَيْ: وَنَحْوِهَا كَكَفَّارَةٍ، وَنَذْرٍ، وَتَطَوُّعٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ.

(كَالتَّعْلِيمِ) أَيْ: كَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِلتَّعْلِيمِ (لِلْقُرَانِ) ، وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَمَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا يُرْجَى إسْلَامُهُ (وَ) كَالْإِجَارَةِ (لِجَهَازِ الْمَيْتِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مِنْ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَغَيْرِهِمَا؛ إذْ الْأَجِيرُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ (وَالْأَذَانِ) أَيْ: وَكَالْإِجَارَةِ لِلْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَالُوا: وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يُرْزَقُ عَلَيْهِ فَجَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي التَّرَاوِيحِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ لِنَافِلَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالتَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ كَذَا فِي الرَّوْضِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ التَّدْرِيسِ السَّابِقَةِ: وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ الْأَحَادِيثِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ مُقْرِئٍ يَقْرَأُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَفْرُوضٍ عَلَى الْكِفَايَةِ ثَابِتٍ عَلَى الشُّيُوعِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَكَالتَّدْرِيسِ الْعَامِّ إقْرَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي م ر وَع ش؛ لِأَنَّ نَشْرَ الْقُرْآنِ وَإِشَاعَتَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَائِلَ مَضْبُوطَةٍ) أَيْ: يَعْرِفُهَا الْعَاقِدَانِ بِالشَّخْصِ مَعَ مَعْرِفَةِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَسَائِلُ مِنْ صُعُوبَةٍ، أَوْ سُهُولَةٍ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَيَّنَ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِعُرُوضِهِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ بِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ كَمَا هُنَا وَيُدْفَعُ بِأَنَّ تَجْهِيزَ الْمَيِّتِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ مَنْ يُجَهِّزُ الْمَيِّتَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى مُبَاشِرِ تَجْهِيزِهِ التَّرْكُ، بِخِلَافِ مَنْ حَضَرَ الصَّفَّ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْصِرَافُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَقَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامَةِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ جَعْلِ جَامَكِيَّةٍ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِرْزَاقِ، وَالْإِحْسَانِ، وَالْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ. اهـ. وَقَالَ ح ل: إنَّ ذَلِكَ جِعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ. اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تُمْلَكُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَيَلْزَمُ أَنْ تَقَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ فَتَأَمَّلْ هَذَا وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ إتْعَابِ نَفْسِهِ بِالْحُضُورِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَالْقِيَامِ بِهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي التَّرَاوِيحِ) رَدٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) أَيْ: لِحُصُولِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِلتَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ) أَيْ: لِأَنَّ الَّذِي مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ نَشْرُهُ وَإِشَاعَتُهُ لَا تَعْلِيمُهُ لِمُعَيَّنٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَيَّنَ) رُدَّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيمَا، إذَا تَعَيَّنَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْأَجِيرُ غَيْرُ مَقْصُودٍ) ؛ لِأَنَّ فَرْضِيَّةَ هَذَا مُخْتَصٌّ فِي الْأَصْلِ بِشَخْصٍ، وَمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ غَيْرُهُ إنْ عَجَزَ، فَإِنَّ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ كَالتَّكْفِينِ، وَالْغُسْلِ، وَالْحَفْرِ، وَالْحَمْلِ، وَالدَّفْنِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا فَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ، وَمِنْ هَذَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ نَشْرُ الْقُرْآنِ وَإِشَاعَتُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ مِنْ الْقُرْبِ إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ كَالْجِهَادِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مُسْلِمٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ، أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ غَيْرَ شَائِعٍ كَتَجْهِيزِهِ الْمَيِّتَ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى تَقَعَ عَنْهُ وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ، وَمَعْنَى عَدَمِ شُيُوعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الْأَصْلِ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَجْهِيزَهُ بِالْمَوْتِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ، ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا وَفِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْمُؤْنَةِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الْمُتَعَلِّمِ، ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَذَانِ) لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِمَامَ مِنْ مَالِهِ، بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَتَصِحُّ بِدُونِ بَيَانِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ رِزْقُ لَا أُجْرَةُ. اهـ. م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَضَ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مَنْفَعَةٌ حَاصِلَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: قَالُوا: وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ إلَخْ) لَعَلَّهُ

ص: 320

كَكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ. وَالْمُقَابَلُ بِالْأُجْرَةِ جَمِيعُ الْأَذَانِ بِصِفَاتِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ لَهُ الْإِقَامَةُ وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِيهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ (وَقَدْ أُجِيزَ لِإِمَامِ الْأُمَّهْ أَنْ يَكْتَرِي لِلْغَزْوِ) أَيْ: الْجِهَادِ (أَهْلَ الذِّمَّهْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِأَعْمَالِ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي مُعَامَلَاتِ الْكُفَّارِ لِمَصَالِحِ الْقِتَالِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَمَّا الْآحَادُ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَخَرَجَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمُونَ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا غَيْرِهِ أَنْ يَكْتَرِيَهُمْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُمْ

. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: (وَعَيَّنَ الْمُوجِرُ قَدْرَ الْمَنْفَعَهْ إمَّا بِوَقْتٍ مِثْلُ سُكْنَى جَمْعَهْ) بِمَكَانٍ، وَالتَّمْثِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: أَجَرْتُكَهُ لِتَسْكُنَهُ، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهُ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: لِتَسْكُنَهُ وَحْدَك ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ بِالْجِهَاتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (وَلَوْ بِطُولٍ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ التَّأْقِيتُ مَعَ طُولِ الْوَقْتِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ) الْمُكْتَرَاةِ إلَيْهِ غَالِبًا فَيُؤَجِّرُ الدَّابَّةَ إلَى عَشَرِ سِنِينَ، وَنَحْوِهَا، وَالْعَبْدَ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَنَحْوِهَا، وَالثَّوْبَ إلَى سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ، وَنَحْوِهِمَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضَ إلَى مِائَةٍ وَأَكْثَرَ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْفُ، وَالطَّلْقُ (أَوْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ) كَالْإِيجَارِ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ، أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالْوَقْتِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ، إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ، وَوَصْفِهِ، وَقَدْ يُمْكِنُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ. اهـ. فَالْإِقْرَاءُ الْعَامُّ لِقُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ كَالتَّدْرِيسِ الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ مُدَّةٍ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ. (فَرْعٌ)

لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ لِلْجِهَادِ قَبْلَ التَّمَامِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا لَوْ حَاضَتْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهَا لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (تَنْبِيهٌ)

إطْلَاقُهُمْ امْتِنَاعَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بِحُضُورِهِ الصَّفَّ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمِّيًّا يَنُوبُ عَنْهُ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ جِهَادَ الذِّمِّيِّ الَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ يَقَعُ لَهُ، بَلْ هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ مَعَ الْكَلَامِ فِي قُصُورِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ؛ فَإِنَّ الْآحَادَ لَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ اسْتِئْجَارُهُمْ الذِّمِّيَّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ، وَلَا غَيْرِهِ) سَوَاءٌ قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ لَهَا. (قَوْلُهُ: جَمِيعُ الْأَذَانِ) وَقِيلَ رِعَايَةُ الْمَوَاقِيتِ وَقِيلَ رَفْعُ الصَّوْتِ وَقِيلَ الْحَيْعَلَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا ذِكْرًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُو إلَخْ) لِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا فِيهَا كُلْفَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ صِبْيَانًا لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِمْ حُكْمًا، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ، وَحَضَرَ الصَّفَّ كَانَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكْتَرِيَهُمْ لِذَلِكَ) أَيْ: وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ إبْدَالُ نَفْسِهِ بِذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِوَقْتٍ إلَخْ) وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ، أَوْ ذِمِّيًّا لِلْجِهَادِ فَيَكْفِي كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ إذْ يَنْتَظِمُ مَعَهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: لِتَسْكُنَهُ، وَحْدَك) أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتهَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لَهُ سُكْنَى زَوْجَتِهِ مَعَهُ، وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ. اهـ. ق ل وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا الْمُؤَجِّرُ، أَوْ الْقَابِلُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ خَاصًّا كَانَ، أَوْ عَامًّا، وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْوَارِثِ فِي السُّكْنَى لِلْمَيِّتِ. اهـ. وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ) هَذَا عَامٌّ لِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ خَاصٌّ بِالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَلْزَمُ تَحْدِيدُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ، وَالْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ) إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ إلَخْ) فَلَا تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ. (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ مَحَلِّهِ) أَيْ: كَوْنِهِ قَمِيصًا، أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ، وَوَصْفِهِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ، إذَا قَالَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ فَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ خِيَاطَةُ الثَّوْبِ بِتَمَامِهِ

ص: 321

الطَّرِيقَانِ كَأَنْ اكْتَرَى شَخْصًا لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا خِيَاطَةً مَوْصُوفَةً، أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ الْيَوْمَ مَثَلًا، أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَأَيُّهُمَا كَانَ كَفَى، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالْوَقْتِ كَمَا فِي الْعَقَارِ، وَالْإِرْضَاعِ؛ إذْ مَنَافِعُ الْعَقَارِ وَتَقْدِيرُ اللَّبَنِ إنَّمَا يُضْبَطُ بِالْوَقْتِ وَكَمَا فِي الِاكْتِحَالِ، فَإِنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَمَا فِي التَّطْيِينِ، وَالتَّجْصِيصِ فَإِنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا (لَا ذَيْنِ) أَيْ: الْوَقْتِ وَمَحَلِّ الْعَمَلِ أَيْ: لَا يُقَدَّرُ بِهِمَا مَعًا، فَلَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بَيَاضَ النَّهَارِ، أَوْ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ لَمْ يَصِحَّ لِلْغَرَرِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ، أَوْ يَتَأَخَّرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُرٍّ بِشَرْطِ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ يَزِيدُ، أَوْ يَنْقُصُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَغَيْرِهِمَا وَفِي الْبَحْرِ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ: كَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِي الْبُوَيْطِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الِاكْتِرَاءِ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ دَارٍ. وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فِي عَمَلِهِ وَسَمَّى الْفَرَاغَ إلَى أَجَلٍ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَهُ فَذَاكَ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْأَجَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَعْمَلُ لَهُ طَاقَتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ قَالَ: فَهَذَا نَصٌّ عَلَى الصِّحَّةِ وَأَفْضَلِيَّةِ ذِكْرِ الْأَجَلِ إذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ فِيهِ، وَهُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عِنْدِي.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكُنْت أَظُنُّ أَنَا، وَغَيْرِي أَنَّ ذَلِكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ وَقَفْت عَلَى كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ فَرَأَيْت فِيهِ مَا بَانَ بِهِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْبُوَيْطِيِّ نَفْسِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَعَلَى الصِّحَّةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِهِمَا تَمَامًا، وَالثَّانِي الْعِبْرَةُ بِالْعَمَلِ الْمَقْصُودِ، فَإِنْ تَمَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ، وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ انْقَضَى الْيَوْمُ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَجَبَ تَمَامُهُ (وَعَيَّنَا) أَيْ: الْعَاقِدَانِ فِي الِاكْتِرَاءِ لِلْإِرْضَاعِ (مُرْتَضِعًا) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ (وَالْمَسْكَنَا) الَّذِي بِهِ الْإِرْضَاعُ أَهُوَ بَيْتُهَا، أَوْ بَيْتُهُ؟ لِأَنَّهُ بِبَيْتِهَا أَسْهَلُ وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ (وَ) عَيَّنَا فِي اكْتِرَاءِ مَوْضِعٍ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَائِدَتِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ أَوْجُهُ مِمَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ تَرْجِيحِ الصِّحَّةِ فِي الثَّانِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْأَجِيرِ مَعَ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ سم

(قَوْلُهُ: الطَّرِيقَانِ) أَيْ: التَّقْدِيرُ بِالْوَقْتِ، وَالتَّقْدِيرُ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا، أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ) فِيهِ تَقْسِيمٌ إلَى الْمُعَيَّنِ، وَالْمَوْصُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِ الْإِجَارَةِ عَلَى عَيْنِ الْأَجِيرِ، أَوْ ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْكَلَامَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَذَكَرَ بَدَلَهُ مَا نَصُّهُ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ. اهـ. وَأَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْمُوَافِقُ لِمَا ذُكِرَ هُنَا عَنْ الْبُوَيْطِيِّ مَا قَالُوهُ، وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ. (فَصْلٌ)

اسْتَأْجَرَهَا أَيْ: امْرَأَةً إجَارَةَ عَيْنٍ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ فَحَاضَتْ انْفَسَخَتْ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا بِخِلَافِ الذِّمَّةِ أَيْ: بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا فِي الذِّمَّةِ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ انْتَهَتْ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ كَمَا تَرَى عَلَى صِحَّةِ اسْتِئْجَارِهَا إجَارَةَ عَيْنٍ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا، إنْ لَمْ تَحِضْ وَإِجَارَةَ ذِمَّةٍ وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا مُطْلَقًا، مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَمَحَلِّ الْعَمَلِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ إذْ كَنْسُ الْمَسْجِدِ لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يُفْرَغُ مِنْ خِيَاطَتِهِ عَادَةً فِي دُونَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُفْرَغُ مِنْهُ عَادَةً كَذَلِكَ، وَقَدْ جَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ لَهُ، مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْيَوْمِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ هُنَا لَيْسَ إلَّا بِالْعَمَلِ وَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْيَوْمِ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعْجِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ هُنَا لَيْسَ إلَّا بِالْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارَ الْكَنْسِ حَتَّى يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْوَقْتِ، وَالْعَمَلِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيُصْرَفَ هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي هُوَ الْكَنْسُ سم. (قَوْلُهُ: مُرْتَضِعًا)

ــ

[حاشية الشربيني]

سَوَاءٌ كَانَ بَطِيءَ الْيَدِ، أَوْ خَفِيفَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ الَّتِي صِفَتُهَا كَيْتَ وَكَيْتَ فِي قَمِيصٍ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ مِقْدَارُ الْخِيَاطَةِ بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ الْيَدِ فِي الْخِيَاطَةِ وَبُطْئِهَا، وَمُجَرَّدُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ تَمَامِ قَمِيصٍ طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّمَنِ، وَمَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ تَدَبَّرْ. اهـ. ع ش بِزِيَادَةٍ وَلَا يُقَالُ: هَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا لَوْ اكْتَرَى شَخْصًا لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا لِتَعَيُّنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالْوَقْتِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَنَافِعَ الْعَقَارِ، وَالثِّيَابِ، وَالْأَوَانِي وَنَحْوِهَا لَا تُقَدَّرُ إلَّا بِالزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ فِيهَا وَكَذَا الْإِرْضَاعُ، وَالِاكْتِحَالُ، وَالْمُدَاوَاةُ، وَالتَّجْصِيصُ، وَالتَّطْيِينُ وَنَحْوُهَا لِاخْتِلَافِ أَقْدَارِهَا. اهـ. وَجَمَعَهُ م ر بِقَوْلِهِ وَضَابِطُهُ مَا لَا يَنْضَبِطُ بِالْعَمَلِ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَا عَمَلَ فِيهِ، وَمَا فِيهِ عَمَلٌ لَا يَنْضَبِطُ وَبَحَثَ سم عَلَى التُّحْفَةِ فَقَالَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ ضَبْطِ التَّطْيِينِ بِالْعَمَلِ كَتَطْيِينِ هَذَا الْجِدَارِ تَطْيِينًا سُمْكُهُ قَدْرُ شِبْرٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بَعْدَهُ: وَالثَّانِي يَقُولُ ذِكْرُ الزَّمَانِ لِلتَّعْجِيلِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّرْحِ فِيمَا يَأْتِي: وَعَلَى الصِّحَّةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِهِمَا تَمَامًا؛ إذْ مُقْتَضَى كَوْنِ ذِكْرِ الزَّمَانِ لِلتَّعْجِيلِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَدْرَكَ الثَّانِي إمْكَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الزَّمَنِ مِثْلَهُ وَاحْتِمَالُ عُرُوضِ عَائِقٍ خِلَافُ الْغَالِبِ، وَإِنْ كَانَ مَرْدُودًا بِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاحْتِمَالِ كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: مُرْتَضِعًا) أَيْ: بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ الْوَصْفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَبْلُ، وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ، وَمَحَلِّ الْعَمَلِ لِلضَّرُورَةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْجَمْعِ نَظَرٌ؛ إذْ الْجَمْعُ الْمُمْتَنِعُ هُوَ مَا يُخْشَى فِيهِ

ص: 322

وَفِي اكْتِرَاءِ بِنَاءٍ لِيَبْنِيَ لَهُ (الطُّولَ) لِلْبِنَاءِ، وَهُوَ الِامْتِدَادُ مِنْ إحْدَى الزَّاوِيَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَالْعَرْضَ) لَهُ، وَهُوَ الْمَسَافَةُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْ الْجِدَارِ إلَى الْآخَرِ (وَمَوْضِعَ الْبَنَّا) ، سَوَاءٌ فِي الثَّلَاثَةِ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى أَرْضٍ، أَمْ غَيْرِهَا كَسَقْفٍ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ (بِالِارْتِفَاعَاتِ وَبِالْكَيْفِيَّةِ لَوْ فَوْق سَقْف كَانَتْ الْبَنِيَّهْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِمَعْنَى الْبِنَاءِ أَيْ: وَعَيَّنَا الثَّلَاثَةَ مَعَ ارْتِفَاعِ الْبِنَاءِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَمَعَ كَيْفِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا، أَوْ خَالِي الْأَجْوَافِ بِحَجَرٍ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى عُلْوٍ كَسَقْفٍ (أَوْ) حَيْثُ (اكْتَرَى) شَخْصًا (لِعَمَلٍ) أَيْ: لِعَمَلِ الْبِنَاءِ وَقَدَّرَاهُ بِالْعَمَلِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَدَّرَاهُ بِالْوَقْتِ لَمْ يَحْتَجْ، إلَّا إلَى تَعْيِينِ الْكَيْفِيَّةِ وَكَالسَّقْفِ فِي ذَلِكَ الْجِدَارُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينِ الِارْتِفَاعِ، وَالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَيَعْرِفُ) مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ إجَارَةَ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ (رَاكِبَهَا بِرُؤْيَةٍ) لَهُ (أَوْ يَصِفُ) أَيْ: أَوْ بِوَصْفِهِ بِكَوْنِهِ (ضَخْمًا) ، أَوْ (نَحِيفًا) وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ اشْتِرَاطُ رُؤْيَتِهِ.

ثُمَّ قَالَا: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْوَصْفَ التَّامَّ يَكْفِي عَنْهَا، ثُمَّ قِيلَ: يَصِفُهُ بِالْوَزْنِ وَقِيلَ: بِالضَّخَامَةِ، وَالنَّحَافَةِ لِيَعْرِفَ وَزْنَهُ تَخْمِينًا فَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا، بَلْ قِيَاسُ مَا رَجَّحَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَحْمِلَ، وَنَحْوَهُ يُوزَنُ أَنَّ الرَّاكِبَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَزْنَهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِالسِّمَنِ، وَالْهُزَالِ فَلَا يَنْضَبِطُ بِالْوَزْنِ بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ، وَنَحْوِهِ (وَلِمَحْمِلٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ تَقْوِيَةً لِلْعَامِلِ الْمُؤَخَّرِ، وَهُوَ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ:(ذَكَرْ الضِّيقَ، وَالْوُسْعَ، وَوَزْنًا) أَيْ: وَذَكَرَ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ الْمَحْمِلَ الَّذِي لِلرَّاكِبِ أَيْ: وَصَفَهُ بِضِيقِهِ، أَوْ سِعَتِهِ، وَوَزْنِهِ.

(أَوْ نَظَرْ) إلَيْهِ هَذَا إذَا تَفَاوَتَتْ الْمَحَامِلُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى مَعْهُودِهِمْ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ مَحْمِلٌ أَيْ: أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يُرْكَبُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالرُّؤْيَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا بِالْوَصْفِ فِي الرَّضِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِالِارْتِفَاعَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ بِالِارْتِفَاعِ وَكَيْفِيَّتِهِ فِي سَقْفٍ لِبِنَاءٍ أَيْ: فِي اسْتِئْجَارِ سَقْفٍ لِبِنَاءٍ وَمَا قُدِّرَ بِعَمَلٍ أَيْ: وَفِيمَا قُدِّرَ بِعَمَلٍ كَأَنْ قَالَ: لِيَبْنِيَ لِي حَائِطًا (قَوْلُهُ: بِحَجَرٍ، أَوْ لَبِنٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَمَا يُبْنَى بِهِ مِنْ طِينٍ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقُدِّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْعَمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يُبْنَى بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ؛ حَيْثُ اكْتَرَى شَخْصًا) قَدْ يَشْمَلُ الذِّمَّةَ، وَالْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّرَاهُ بِالْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالطُّولَ، وَالْعَرْضَ إلَخْ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِيهِ مَا عَدَا الْكَيْفِيَّةَ، وَالِارْتِفَاعَاتِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ مَا عَدَاهُمَا مُطْلَقًا، ثُمَّ اعْتَبَرَ زِيَادَتَهُمَا فِي الْبِنَاءِ فَوْقَ السَّقْفِ وَفِي اكْتِرَاءِ الشَّخْصِ لِعَمَلٍ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ إلَّا إلَى تَعْيِينِ الْكَيْفِيَّةِ) وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ مَا يُبْنَى بِهِ بِوَصْفٍ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ بِوَصْفِهِ) لَعَلَّهُ تَفْسِيرُ مَعْنًى، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ: أَوْ يَصِفُهُ بِمَعْنَى يَعْرِفُهُ بِوَصْفِهِ عَطْفٌ عَلَى يَعْرِفُ رَاكِبَهَا بِرُؤْيَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيرَ أَنْ، مَعَ يَصِفُ فَيُعْطَفُ عَلَى رُؤْيَةٍ. (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَمْ يَشْتَرِطُوا، مَعَ رُؤْيَةِ الرَّاكِبِ امْتِحَانَهُ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهِ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَصْفَهُ بِضِيقِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَصْبِ الضِّيقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ نَصْبِهَا بِالْمَفْعُولِيَّةِ لِذَكَرَ وَجَعْلِ لِمَحْمِلٍ حَالًا مِنْهَا مُقَدَّمَةً، وَاللَّامُ أَصْلِيَّةٌ، أَوْ مُتَعَلِّقًا بِذَكَرَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهِ) أَلْحَقَ الشَّيْخَانِ الْمَحْمِلَ بِالزَّامِلَةِ فِي اعْتِبَارِ امْتِحَانِهَا بِالْيَدِ، مَعَ رُؤْيَتِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

عَدَمُ سَعَةِ الزَّمَنِ لِلْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ) الْأَوْلَى عَمَّا يُبْنَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ فَوْقَ سَقْفٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ: مِمَّا تَضَمَّنَهُ. (قَوْلُهُ: بِالِارْتِفَاعَاتِ إلَخْ) وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ الطُّولِ وَتَالِيَيْهِ، ثُمَّ قِيلَ يَصِفُهُ بِالْوَزْنِ إلَخْ هَذَا كُلُّهُ، إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَزْنَ فَإِنْ شَرَطَ اُتُّبِعَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ كِفَايَةُ النَّظَرِ وَفِي الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الِامْتِحَانِ بِالْيَدِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدُهُمَا إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ، وَأَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى، أَوْ. (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا تَفَاوَتَتْ الْمَحَامِلُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر إنْ فَحُشَ تَفَاوُتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ. اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَفَاوِتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَا الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ فِيهِ بَلْ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ، بِخِلَافِهِ لَمْ يَضُرَّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَشَرَطَ مَعْرِفَةَ الرَّاكِبِ، وَمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ وَفَحُشَ تَفَاوُتُهُ. اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَا. اهـ.

ص: 323

كَزَامِلَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَيَرْكَبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ سَرْجٍ وَإِكَافٍ وَزَامِلَةٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَظَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقَدْرَ مَطْعُومٍ لِأَكْلٍ) أَيْ: وَيَعْرِفُ قَدْرَ الْمَطْعُومِ الَّذِي (يُحْمَلُ) لِلْأَكْلِ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ بِتَقْدِيرِهِ بِالْوَزْنِ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ (وَعِنْدَنَا مَعَالِقًا) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ (يُفَصِّلُ) أَيْ: وَيَعْرِفُ تَفْصِيلَ الْمَعَالِيقِ الَّتِي لِلرَّاكِبِ كَالسُّفْرَةِ، وَالْمَطْهَرَةِ، وَالْقُمْقُمَةِ، وَغَيْرِهَا بِرُؤْيَتِهَا، أَوْ بِوَصْفِهَا، وَوَزْنِهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حَمْلِهَا فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، أَوْ شَرَطَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَطَلَ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا وَخَرَجَ بِعِنْدَنَا الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي مَذْهَبُ غَيْرِنَا فَلَا يُوجِبُ تَعْيِينَهَا بَلْ يُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَنَا أَيْضًا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ وَقَوْلُ النَّظْمِ، وَقَدْرَ مَطْعُومٍ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَمَحْمُولًا إلَى آخِرِهِ.

(وَلْيَرَ) الْمُكْتَرِي لِلرُّكُوبِ (مَا يَرْكَبُهُ) ، إنْ كَانَ مُعَيَّنًا (أَوْ ذَكَرَا) ، إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ (الْجِنْسَ) كَكَوْنِهِ فَرَسًا، أَوْ بَغْلًا (وَالنَّوْعَ) كَكَوْنِهِ عَرَبِيًّا، أَوْ بِرْذَوْنًا (وَسَيْرًا) كَكَوْنِهِ مُهَمْلِجًا، أَوْ بَحْرًا، أَوْ قَطُوفًا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَذَا كَوْنُهُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى فَإِنَّ الْأُنْثَى أَسْهَلُ سَيْرًا، وَالذَّكَرَ أَقْوَى (وَ) ذَكَرَ فِي إجَارَةِ الدَّابَّةِ عَيْنِيَّةً، أَوْ فِي الذِّمَّةِ (السُّرَى) ، وَهُوَ السَّيْرُ لَيْلًا (وَسَيْرَهَا) ، وَهُوَ السَّيْرُ نَهَارًا، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ سَيْرَ النَّهَارِ تَأْوِيبٌ، وَأَمَّا السَّيْرُ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ (وَمَنْزِلًا) مِنْ كَوْنِهِ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا وَكَوْنِهِ فِي الْقَرْيَةِ، أَوْ الصَّحْرَاءِ هَذَا (إنْ عَدِمَا عُرْفٌ) فِي السُّرَى وَتَالِيَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْدَمْ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا مُجَاوَزَةَ الْمَشْرُوطِ، أَوْ النُّزُولَ دُونَهُ لِخَوْفٍ، أَوْ خِصْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْخَوْفِ بَحْثًا وَبِمَا بَحَثَاهُ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي نَظِيرِهِ فَقَالَ: فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ لِيَعُودَ مِنْهَا رَاكِبًا أَنَّهُ لَا يُقِيمُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، فَإِنْ أَقَامَ بِهَا احْتِيَاطًا لِلدَّابَّةِ لِخَوْفٍ كَانَ كَالْمُودَعِ الْمُؤْتَمَنِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَيْ: حَتَّى لَا تُحْتَسَبَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخَوْفُ عُذْرًا لَحُسِبَتْ عَلَيْهِ (فَرْعٌ)

قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْصِدِ، إلَّا طَرِيقٌ، أَوْ طُرُقٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْمَعْهُودُ وَاحِدٌ مِنْهَا حُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ كَالنَّقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مَعْهُودَةً، وَجَبَ الْبَيَانُ، فَإِنْ أَطْلَقَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ (وَمَحْمُولًا رَأَى) أَيْ: وَيَعْرِفُ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ الْمَحْمُولَ بِأَنْ رَآهُ، إنْ حَضَرَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ظَرْفٍ (أَوْ عَلِمَا مِقْدَارَهُ) ، إنْ غَابَ بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ وَتَقْدِيرُ الْمَكِيلِ بِالْوَزْنِ أَحْصَرُ (أَوْ بِيَدَيْهِ امْتَحَنَا) أَيْ: الْمَحْمُولَ، إنْ كَانَ بِظَرْفٍ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ، وَلَوْ قَرَنَ هَذَا بِالرُّؤْيَةِ كَانَ أَوْلَى لِاعْتِبَارِ حُضُورِ الْمَحْمُولِ فِيهِمَا وَيُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا غَابَ مَعَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ ذِكْرُ جِنْسِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْحَدِيدِ، وَالْقُطْنِ فِي الدَّابَّةِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ مُخْتَلِفٌ؛ إذْ الْقُطْنُ يَتَثَاقَلُ بِالرِّيحِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ مَا شِئْت صَحَّ وَيَكُونُ رِضًى مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْت فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فِي الثِّقَلِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ رِضًى بِأَثْقَلِ الْأَجْنَاسِ كَمَا جُعِلَ فِي الْوَزْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَنَازَعَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْإِلْحَاقِ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ حَالُ الرَّاكِبِ وَمَا يَلِيقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِوَصْفِهَا، وَوَزْنِهَا) أَيْ: مَعًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَوَزْنِهَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ وَوَصْفِ وَزْنِهَا؛ إذْ لَوْ أُرِيدَ وَزْنُهَا بِالْفِعْلِ لَزِمَ رُؤْيَتُهَا. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ الشَّيْخَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ طَالِبُ النَّقْضِ لِلْخِصْبِ؛ حَيْثُ لَا عَلَفَ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْخَوْفِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا شِئْت) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ وَبِدُونِ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَالْأَصْلُ عَنْ حُذَّاقِ الْمَرَاوِزَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْح الرَّوْضِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِبَيَانِ مَحَلِّ عَدَمِ الْخِلَافِ. اهـ. وَبِهَذَا، مَعَ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هَكَذَا، وَإِذَا شُرِطَ أَيْ: الْمَحْمِلُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ: يَكْفِي إطْلَاقُهُ لِتَقَارُبِ تَفَاوُتِهِ وَقَالَ ابْنُ كج وَالْمُتَوَلِّي: يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ، أَوْ وَصْفُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ فِيهِ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ كَفَى الْإِطْلَاقُ. اهـ. وَكَأَنَّ مَا فِي شَرْحِ م ر، وَالْمَنْهَجِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَزَامِلَةٍ) هِيَ مَجْمُوعُ ثِيَابٍ يُرْكَبُ عَلَيْهَا كَالْبَرْذعَةِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَيَرْكَبُهُ الْمُؤَجِّرُ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ: أَوْ امْتِحَانِهِ بِيَدِهِ إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا هُنَا فِي الْمُؤَجِّرِ لِلرُّكُوبِ، وَمَا يَأْتِي فِي الْمُؤَجِّرِ لِلْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَسَيْرًا) أَيْ: كَيْفِيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: مُهَمْلِجًا) الْمُهَمْلِجُ هُوَ: حَسَنُ السَّيْرِ فِي سُرْعَةٍ، وَالْبَحْرُ: الْوَاسِعُ الْمَشْيُ، وَالْقَطُوفُ بِفَتْحِ الْقَافِ: الْبَطِيءُ السَّيْرِ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: السُّرَى) أَيْ: قَدْرُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي سَيْرِهَا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي الرَّوْضِ بِمَا، إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الضَّرَرُ بِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ ضَرَرٍ بِسَبَبِ الْخَوْفِ كَانَ عُذْرًا وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَتَّجِهُ غَيْرُ هَذَا التَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِظَرْفٍ) أَيْ: أَوْ فِي ظُلْمَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ م ر

ص: 324

رِضًى بِأَضَرِّهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصَّوَابُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ. وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِهِ فِي الْكَيْلِ وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ؟ ،

وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الدَّابَّةِ، وَوَصْفِهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ نَعَمْ، إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا، أَوْ نَحْوَهُ كَخَزَفٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ صَوْنًا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَ) إيجَارُهَا (لِلزُّجَاجِ) أَيْ: لِحَمْلِهِ (وَصْفُهَا) فِيهِ مَعَ مَا مَرَّ (تَعَيَّنَا) وَكَالزِّجَاجِ مَا لَوْ كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ قَالَهُ الْقَاضِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إلَى تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكَيْفِيَّةِ سَيْرِ الدَّابَّةِ سُرْعَةً وَبُطْئًا وَقُوَّةً وَضَعْفًا، وَلَوْ نَظَرُوا إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. وَالْكَلَامُ فِي الْمَعَالِيقِ، وَالسَّيْرِ، وَالسُّرَى عَلَى مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ، وَلَوْ اكْتَرَى (لِأَلْفِ) أَيْ: لِحَمْلِ أَلْفٍ (مَنٍّ) مِمَّا شَاءَ دَخَلَ فِيهِ الْمَظْرُوفُ (مَعَ مَا قَدْ ظَرَفَا) بِفَتْحِ حُرُوفِهِ أَيْ: صَارَ ظَرْفًا أَيْ: مَعَ ظَرَفِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ (وَ) لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ أَلْفٍ (مَنِّ بُرٍّ) دَخَلَ فِيهِ الْمَظْرُوفُ (دُونَهُ) أَيْ: دُونَ ظَرْفِهِ (فَعَرَفَا) أَيْ: فَيَعْرِفُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ الْوَزْنِ (لِفَقْدِ ضَبْطٍ) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ ضَبْطِهِ، فَإِنْ ضُبِطَ بِعُرْفٍ كَغَرَائِرَ مُتَمَاثِلَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ

. (أَوْ) اكْتَرَى شَخْصًا (لِحَرْثٍ) الْأَرْضِ (قَالَا) أَيْ: الْأَجِيرُ يَعْنِي عَرَفَ أَنَّ (ذِي) أَيْ: الْأَرْضَ (صُلْبَةٌ، أَوْ رِخْوَةٌ) ؛ لِاخْتِلَافِ الْأَرَاضِي

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مِمَّا شِئْت وَغَيْرِهِ يَشْكُلُ (قَوْلُهُ: هُنَا) وَيُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا غَابَ، مَعَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ ذِكْرُ جِنْسِهِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِالتَّقْدِيرِ بِالْكَيْلِ دُونَ ذِكْرِ مِمَّا شِئْت وَأَمَّا، مَعَ ذِكْرِهِ فَهُوَ مَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي الْفَرَجِ وَغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِلزُّجَاجِ) أَيْ: وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْرِعُ انْكِسَارُهُ كَالْخَزَفِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ: إيجَارِهَا. (قَوْلُهُ: وَكَالزُّجَاجِ مَا لَوْ كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَدَابَّةٌ أَيْ: وَعُرِفَتْ دَابَّةٌ بِرُؤْيَةٍ وَلِذِمَّةٍ بِجِنْسٍ وَنَوْعٍ وَذُكُورَةٍ، أَوْ ضِدِّهَا لِنَحْوِ زُجَاجٍ، مَعَ سَيْرٍ وَسُرًى وَضِدِّهِ لِرَاكِبٍ لَا لِغَيْرِهِمَا وَلِكُلِّ مَحَطٍّ اخْتَلَفَ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) : وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَ تَعْيِينِهَا فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لِاخْتِلَافِ السَّيْرِ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالسَّيْرُ، وَالسُّرَى عَلَى مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ) قَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطٌ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَكَذَا الثَّانِي، إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى سَلَفٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالِاسْتِئْجَارِ لِلرُّكُوبِ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ السَّابِقَةِ قَرِيبًا وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَاجَعْت الْقُونَوِيَّ فَرَأَيْته صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ فَعَلِمْت أَنَّهُ سَلَفُهُ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلْيُنْظَرْ فِي ذَلِكَ وَفِي تَصْرِيحِ الْإِرْشَادِ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ تَنَاقُضٌ وَقَدْ أَقَرَّ الْإِرْشَادَ شَارِحَاهُ عَلَى مَا فِيهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ بُرٍّ دُونَهُ فَعَرَفَا) أَطْلَقَهُ وَرَأَيْت مَنْ صَوَّرَ عِبَارَةَ الْإِرْشَادِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَحَجَرٍ: وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْمَحْمُولِ التَّعَرُّضَ لِسَيْرِ الدَّابَّةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سُرْعَةً وَإِبْطَاءً عَنْ الْقَافِلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنَازِلَ تَجْمَعُهُمْ، وَالْعَادَةَ تُبَيِّنُ، وَالضَّعْفَ فِي الدَّابَّةِ عَيْبٌ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى الْبُطْءِ وَعَدَمِهِ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَ تَعْيِينِهَا فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لِاخْتِلَافِ السَّيْرِ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ.

(قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ) أَيْ: بَاقِيهَا غَيْرِ الزُّجَاجِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَالسَّيْرِ) أَيْ: كَوْنِهِ مُهَمْلِجًا، أَوْ بَحْرًا، أَوْ قَطُوفًا. (قَوْلُهُ: إلَى تَعَلُّقِ الْغَرَضِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تِلْكَ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا شَاءَ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ: نَعَمْ لَوْ

ص: 325

وَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ، إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ: لِتَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّرَهَا بِالْوَقْتِ كَأَنْ قَالَ: لِتَحْرُثَ هَذَا الشَّهْرَ، أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةً وَزَادَ قَوْلَهُ:(مِثَالَا) إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي نَحْوِ الْحَرْثِ كَحَفْرِ نَهْرٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ قَنَاةٍ وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ التُّرَابِ الْمَحْفُورِ لَا مَا انْهَارَ مِنْ الْجَوَانِبِ وَإِذَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ صُلْبٍ، أَوْ حِجَارَةٍ، فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ الْمِعْوَلُ وَجَبَ حَفْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ، أَوْ نَبَعَ الْمَاءُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ، وَتَعَذَّرَ الْحَفْرُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا عَمِلَ وَمَا بَقِيَ (وَلِاسْتِقَاءٍ مَوْضِعَ الْبِئْرِ عَرَفْ) أَيْ: وَعَرَفَ الْأَجِيرُ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْ بِئْرٍ مَوْضِعَهَا (وَالدَّلْوَ، وَالْعُمْقَ) بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ بِالْوَصْفِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(عِيَانًا، أَوْ وَصَفْ وَ) عَرَفَ (عَدَدَ الدِّلَاءِ) ، إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ (أَوْ وَقْتَ اسْتِقَاء) كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ إنْ قُدِّرَ بِالْوَقْتِ وَلَا يُقَدَّرُ بِالْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(وَمَا كَفَتْ) أَيْ: مَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِلِاسْتِقَاءِ فِي قَوْلِهِ: أَكْرَيْتُك (لِسَقْيِ) هَذِهِ (الْأَرْضِ مُطْلَقَا) عَنْ التَّقْدِيرِ بِالْوَقْتِ، أَوْ الْعَمَلِ لِاخْتِلَافِ رَيِّهَا بِكَيْفِيَّةِ حَالِهَا، وَبِحَرَارَةِ الْهَوَاءِ، وَبُرُودَتِهِ وَآلَاتُ السَّقْيِ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يُسَلِّمَا) الْمُكْتَرِيَ (دَارًا) أَجَرَهَا لَهُ (وَسِنْدَاسًا) لَهَا، وَهُوَ مَا يَقْضِي فِيهِ الْحَاجَةَ (وَبَالُوعَةَ مَا) وَزَادَ لَفْظَةَ مَا إشَارَةً إلَى تَفْسِيرِ الْبَالُوعَةِ بِأَنَّهَا الَّتِي يُصَبُّ فِيهَا الْمَاءُ، أَوْ إلَى التَّعْمِيمِ أَيْ: أَيَّ بَالُوعَةٍ كَانَتْ وَعَلَيْهِ تَرَكَ تَنْوِينَ بَالُوعَةَ لِلضَّرُورَةِ (خَالِيَةً) أَيْ: الثَّلَاثَةُ عَمَّا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ التَّامَّ كَالْقُمَامَاتِ، وَالرَّمَادِ (بَدْءًا) أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ الْإِجَارَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ التَّامِّ فَتَفْرِيغُهَا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ التَّامَّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَتَفْرِيغُهَا عَلَى الْمُكْتَرِي مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً؛ لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهِ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ قَدَّرَ الْحَدَثَ فِيهَا بِزَمَانٍ وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ لَا، إنْ قَدَّرَ بِالْأَرْضِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَالرَّوْضَةِ وَتَجِبُ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ فِي الْعَيْنِيَّةِ، وَكَذَا فِي الذِّمَّةِ، إنْ قَدَّرَ بِزَمَنٍ لَا بِالْأَرْضِ الْمَحْرُوثَةِ انْتَهَتْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ فِي الْعَيْنِيَّةِ مُطْلَقًا وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فِي الذِّمَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَمَلِ أَيْ: وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ ذِمِّيَّةً، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ، إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِيَّةِ هُنَا اسْتِئْجَارَ عَيْنِ الْأَجِيرِ فَقَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ تَمْثِيلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِتَحْرُثَ اسْتِئْجَارٌ لِعَيْنِهِ وَقَدْ قَابَلَ بِهِ الْعَيْنِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ اسْتِئْجَارَ عَيْنِ الدَّابَّةِ فَلَا إشْكَالَ بِهَذَا، لَكِنْ يَشْكُلُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ يُنَافِي كَوْنَهَا فِي الذِّمَّةِ، إنْ أُرِيدَ مَعْرِفَةُ عَيْنِهَا فَكَيْفَ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ الدَّابَّةِ، إذَا كَانَتْ ذِمِّيَّةً وَقَدَّرَ بِالْوَقْتِ؟ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْرِفَتِهَا حِينَئِذٍ مَعْرِفَتُهَا بِالْوَصْفِ هَذَا وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الشِّقَّ الثَّانِيَ، وَهُوَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالذِّمِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ الدَّابَّةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِيَّةِ مُشَاهَدَتَهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيَّةِ مَعْرِفَتَهَا بِالْوَصْفِ، ثُمَّ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ تَفْسِيرَ الْعَيْنِيَّةِ هُنَا بِاسْتِئْجَارِ عَيْنِ الدَّابَّةِ وَتَفْسِيرَ مَعْرِفَتِهَا بِمَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَبِذَلِكَ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ كَوْنُ الدَّابَّةِ هُنَا عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْأَجِيرِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِعَيْنِهِ، أَوْ ذِمَّتِهِ، وَلَا بَيْنَ حَالَةِ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَتِهَا وَغَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. لَكِنَّ هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ جَعَلَهَا الْمَالِكُ عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَرْثِ عَلَى دَابَّتِي هَذِهِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: انْفَسَخَ الْعَقْدُ) قَدْ يَشْكُلُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّعَ هَذَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مِنْ نَحْوِ الِاسْتِئْجَارِ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ فَبَرِئَتْ، أَوْ إرْضَاعِ صَبِيٍّ فَتَعَذَّرَ إرْضَاعُهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى التَّعْمِيمِ) وَعَلَيْهِ فَمَا زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ فِيهَا إلَخْ) شَامِلٌ لِحُصُولِ نَحْوِ الْقُمَامَاتِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ أَنَّ الْكُنَاسَةَ الْحَادِثَةَ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَضَتْ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَالَ: أَجَرْتُكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت صَحَّ وَسَبَقَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا فِيهِ. اهـ. أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ الْإِجَارَةِ أَيْ ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا.

ص: 326

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَالْمُكْتَرِي إجْبَارَهُ عَلَيْهِ، بَلْ إنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمُؤَجِّرُ مَا عَلَيْهِ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، أَوْ الْمُكْتَرِي مَا عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا وَمَا حَصَلَ فِي سُفْلِ الدَّارِ مِنْ ثَلْجٍ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كَسْحُهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَى السَّطْحِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَمِفْتَاحًا) أَيْ: وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يُسَلِّمُ مِفْتَاحَ الْمَغَالِيقِ الْمُثْبَتَةِ لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا بِخِلَافِ الْقُفْلِ وَمِفْتَاحِهِ حَيْثُ اُعْتِيدَ الْإِغْلَاقُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ الْمَنْقُولِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَقَارِ، وَإِذَا سُلِّمَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْتَرِي، فَإِنْ ضَاعَ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَلَمْ يُعِدْ لَهُ) الْمُؤَجِّرُ مِفْتَاحًا آخَرَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعَادَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِهِ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا مَرَّ حَتَّى إذَا تَرَكَهَا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا أَنْ (يَعْمُرَ الَّذِي انْهَدَمْ) مِنْ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ (بِغَيْرِ كُرْهٍ) أَيْ: إجْبَارٍ عَلَيْهِ، بَلْ إنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَيْهِ فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ. وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَا إذَا قَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ وَعَلِمَ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُزِيلُهُ، وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا سِيَّمَا وَالْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَمْ تُقْبَضْ إلَى الْآنَ فَفِي إلْزَامِهِ الْبَقَاءَ مَعَ مُصَابَرَةِ الضَّرَرِ عُسْرٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ ابْتِدَاءً؟ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُكْتَرِي كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَخُصُّوهُ بِحَالَةِ الْجَهْلِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ فَلَا إشْكَالَ (كَانْتِزَاعِ مَا غُصِبْ) بَعْدَ إيجَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ، وَإِنْ قَدَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقُمَامَاتِ الْحَادِثَةِ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي لَيْسَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، لَكِنْ فِي الرَّوْضِ أَنَّ تَنْظِيفَ الدَّارِ مِنْ كُنَاسَةٍ حَدَثَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّوَامِ، وَالِانْتِهَاءِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ وَمُنْتَقَعِ الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَفَارَقَ حُكْمُ الِانْتِهَاءِ هُنَا حُكْمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَا، مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ضَرُورِيٌّ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الِانْتِهَاءِ إلَّا تَفْرِيغُ الدَّارِ مِنْهَا؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّخْيِيرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ فَالْمُتَّجَهُ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ قَرَنَهُ بِالْوُجُوبِ فِي الِانْتِهَاءِ فَمَا دَامَتْ الْمُدَّةُ فَلَا خِيَارَ لَهُ بِمَا حَدَثَ بِفِعْلِهِ فَإِذَا انْتَهَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِزَالَةُ م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى السَّطْحِ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَقْيِيدَهُ بِسَطْحٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالْجَمَلُونِ، وَأَنَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَعَرْصَةِ الدَّارِ فَتَنْظِيفُهُ عَلَى الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كَسْحُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ أَيْ: فِي الثَّلْجِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ فِعْلُهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ، وَكَذَا التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا سَلَّمَ) أَيْ: مِفْتَاحَ الدَّارِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) وَإِنْ كَانَ تَلَفُ الْمِفْتَاحِ بِتَقْصِيرِ الْمُكْتَرِي وَإِنْ ضَمِنَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ الْآخَرُ مَحْمُولٌ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمُؤَجِّرُ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ؛ إذْ لَا خِيَارَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ أَيْضًا وَعَلَّلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ يَقْتَضِيهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ) أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ الدَّوَامِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ السَّاكِنُ يَنْتَفِعُ بِالسَّطْحِ فَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) وَإِنْ ضَاعَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةَ الِامْتِنَاعِ. اهـ. م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: لَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِالدَّارِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ ضَاعَ الْمِفْتَاحُ قَبْلَ فَتْحِهَا، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ أَيْ: سُقُوطِ الْقِسْطِ مِنْ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَمِّرَ الَّذِي انْهَدَمَ بِغَيْرِ كُرْهٍ) أَيْ: إجْبَارٍ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى عَيْنٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ لَا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ: يُجْبَرُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى عَيْنٍ جَدِيدَةٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ وَهَذَا إنْ لَمْ يُقَارِنْ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ قَطْعًا هَذَا فِي الْإِجْبَارِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْخِيَارُ فَإِنْ بَادَرَ الْمُؤَجِّرُ لِلْإِصْلَاحِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ نَقَضَتْ الْمَنْفَعَةُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: فَرْعٌ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَمُنْتَقَعِ الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ الْعَقْدِ عَالِمًا بِذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر فِي الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا أَيْ: مِنْ بَاقِي الْعُيُوبِ الْمُقَارِنَةِ لِلْعَقْدِ كَمَيْلِ جِدَارٍ، وَكَسْرِ سَقْفٍ فَهَلْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لِلْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا؟ . اهـ. ثُمَّ وَجَدْت بَعْضَهُمْ بِهَامِشِ الشَّارِحِ فَرَّقَ بِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الرَّوْضَةِ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَشِّ، وَالْبَالُوعَةِ بِمَا مَرَّ، وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ إلَخْ ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ إلَخْ) دَفَعَهُ م ر بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِإِقْدَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: الْآخَرُ مَحْمُولٌ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَقَدَّمَ لسم عَنْ اعْتِمَادِ م ر خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْعِمَارَةِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُكْتَرِي إنْ لَمْ يَنْتَزِعْ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ مِنْ

ص: 327

عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ الْبَابِ فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ الْحَرِيقَ، وَالنَّهْبَ، وَغَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ وَرَدُّ الْأُجْرَةِ، إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ، وَأَمَّا الْمُكْتَرِي، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ لَزِمَهُ كَالْمُودَعِ، لَكِنَّهُ قَالَ هُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ وُجُوبَ الِانْتِزَاعِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَنْتَزِعْ مَا سَلَّمَهُ يُطَالَبُ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ

. (وَ) يَلْزَمُ مُؤَجِّرَ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ إجَارَةُ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ أَنْ يُسْلِمَ (بُرَةً) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَفَسَّرَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(حَلْقَةَ أَنْفٍ) لِلْبَعِيرِ مِنْ صُفْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَيَجِبْ) عَلَيْهِ أَيْضًا (ثَفَرُهُ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ: ثَفَرُ الْحَيَوَانِ الْمُؤَجَّرِ وَضَبَطَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (بِالْفَتْحِ) أَيْ: بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْفَاءِ سُمِّيَ بِهِ لِمُجَاوَرَتِهِ ثُفْرَ الدَّابَّةِ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَهُوَ: فَرْجُهَا (وَ) عَلَيْهِ (الْحِزَامُ وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (الْإِكَافُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا يُقَالُ لِلْبَرْذعَةِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَلِمَا تَحْتَهَا وَتَفْسِيرَاهُ الْأَخِيرَانِ يُنَاسِبَانِ جَمْعَ الشَّيْخَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرْذعَةِ، وَهُوَ مَا يُحْشَى وَيُعَدُّ لِلرُّكُوبِ عَلَيْهِ لَكِنْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِالْحِلْسِ الَّذِي يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (الْخِطَامُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ: الزِّمَامُ، وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ فِي الْبُرَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ التَّامِّ بِدُونِهَا، وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِهَا وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَفَاهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَالْأَصَحُّ فِي سَرْجِ الْفَرَسِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ وَقِيلَ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالْإِكَافِ.

(كَذَا) يَجِبُ (عَلَيْهِ؛ إذْ بِذِمَّةٍ تَقَعْ) أَيْ: إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ (إعَانَةُ) الرَّاكِبِ (الْمُحْتَاجِ) لِلْإِعَانَةِ وَإِنْ طَرَأَ احْتِيَاجُهُ لَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ، وَالضَّعِيفِ، وَالْمُفْرِطِ فِي السِّمَنِ، وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ، وَالْحِمَارَ مِنْ نَشْزٍ لِيَسْهُلَ الرُّكُوبُ وَيَقِفُ بِالدَّابَّةِ لِيَنْزِلَ الرَّاكِبُ لِمَا لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ فِعْلُهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَفْعَلَهُ وَيَعُودَ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْوُضُوءِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ، وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ وَلَا الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ (وَالْحِمْلُ رَفَعْ) أَيْ: الْمُؤَجِّرُ (وَ) رَفَعَ (مَحْمِلًا) أَيْ: عَلَيْهِ رَفْعُهُمَا (وَالْحَطُّ) أَيْ: حَطُّهُمَا وَشَدُّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ (وَالظَّرْفُ) الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَحْمُولُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ الْفِعْلَ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ وَلِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقُ الدَّابَّةِ وَقَائِدُهَا وَأُجْرَةُ الْخَفِيرِ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ يُقَالُ امْتِلَاءُ الْخَلَاءِ أَشَدُّ ضَرَرًا بِرّ وَكَالْخَلَاءِ الْبَالُوعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، الْوَجْهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ مُطْلَقًا فِيهِمَا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ أَمْ لَا م ر. (قَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ إلَخْ) نَقَلَ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ، إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الِانْتِزَاعِ، مَعَ الْقُدْرَةِ جَزْمًا لِتَحْصِيلِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَالَ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأُجِيبَ أَيْ: عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِتَخَالُفِ الْمَوْضِعَيْنِ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ أَيْ: آخِرَ الْبَابِ فِيمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ، أَوْ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ أَوْ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ. هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ مُقَابِلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ انْتَهَتْ، وَالْأَوْجَهُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ م ر

(قَوْلُهُ: الْبَرْذعَةِ) أَيْ: فِيمَا لَهُ بَرْذعَةٌ بِخِلَافِ الْإِبِلِ فَلَهَا الرَّحْلُ. (قَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ وَآلَةُ الِاسْتِقَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَا الْعَيْنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ فِي جَعْلِ ظَرْفِ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُكْتَرِي مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَمِنْ بُرٍّ دُونَهُ فَعَرَفَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الظَّرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي لَا عَلَى الْمُكْرِي، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِ مَعْرِفَتِهِ، وَلَوْ صَوَّرَ ذَاكَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَا إشْكَالَ إلَّا أَنِّي رَأَيْت مَنْ صَوَّرَ عِبَارَةَ الْإِرْشَادِ هُنَاكَ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ وَيَحْتَمِلُ اسْتِثْنَاءَ ذَاكَ مِنْ هَذَا.

(قَوْلُهُ: وَلِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْبَيَانُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَنْزِلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ حَالَ السَّيْرِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ لُزُومَ أُجْرَةِ الْخَفَرِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْغَاصِبِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ مَعْنَى وُجُوبِ الِانْتِزَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ أَيْضًا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْخِلَافِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ كَالْمُودَعِ) قَالَ م ر: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ، وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ: لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَمُ اللُّزُومِ، إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَاللُّزُومُ قَبْلَ غُرْمِهَا. اهـ. ع ش وَالْأَحْسَنُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَسم عَنْ م ر مِنْ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ مِنْ الْغَاصِبِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى خُصُومَةٍ بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْخُصُومَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَلَا وَكِيلُ الْمَالِكِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْفَعَةِ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ

(قَوْلُهُ: وَالْفَاءِ) أَيْ: وَفَتْحِ الْفَاءِ م ر

ص: 328

ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ خَاصَّةً (وَفِي اسْتِقَاءٍ) أَيْ: وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِلِاسْتِقَاءِ (دَلْوُهُ وَحَبْلُهُ) ، وَالْأَحْسَنُ لِلرَّوِيِّ نَصْبُ حَبْلِهِ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ (وَ) يَجِبُ (الصِّبْغُ) بِكَسْرِ الصَّادِ، وَهُوَ مَا يُصْبَغُ بِهِ (وَالذَّرُورُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ (وَالْحِبْرُ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ) لِلصِّبْغِ، وَالْكُحْلِ، وَالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ. وَأَمْرُ اللَّبَنِ، وَنَحْوِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْمَشْهُورِ، وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهَا إلَى الْعَادَةِ وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْأَشْبَهِ قَالَ: فَإِنْ اضْطَرَبَتْ وَجَبَ الْبَيَانُ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ.

وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ بِمَا فِي الشَّرْحِ عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ (مَحْمِلٌ وَمَا تَلَا) أَيْ: وَمَا تَبِعَهُ مِمَّا يُحْتَاجُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَيْهِ حِفْظُ الْمَتَاعِ أَنَّهُ لَوْ ضَاعَ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ الْمَضْبُوطِ هُنَا بِنَظِيرِهِ فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ضَمِنَهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي حَمْلِهَا مِنْ بَرْذعَةٍ وَنَحْوِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُؤَجِّرِ أَيْ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: دَلْوُهُ وَحَبْلَهُ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالصِّبْغُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَالْمَذْكُورَاتِ فِيمَا ذَكَرَ: قَلَمُ النُّسَّاخِ وَمِدَادُهُ وَمِرْوَدُ الْكَحَّالِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَنَحْوُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْحِبْرُ) شَامِلٌ لِأَنْوَاعِ الْحِبْرِ كَالْأَسْوَدِ، وَالْأَحْمَرِ، وَاللَّازُورِدِيِّ حَتَّى، إذَا اُعْتِيدَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، أَوْ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ مِنْهَا اُتُّبِعَتْ الْعَادَةُ فِيهِ وِفَاقًا لمر خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ، إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُدَّةٍ، وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اضْطَرَبَتْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ عَرَفَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْبَيَانُ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ أَيْ: ذِكْرَ مَا ذَكَرَ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُرْفُ فَشَرَطَهُ بِلَا تَقْدِيرٍ بَطَلَ أَيْ: الْعَقْدُ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْبَيَانِ لَا يَجِبُ التَّقْدِيرُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ هَذَا مَحْصُولُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا فَعَلَى مَنْ الْحِبْرُ فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا الرُّجُوعُ إلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ اضْطَرَبَتْ وَجَبَ الْبَيَانُ، وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ وَأَشْهَرُهَا الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَّاقِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ اللَّبَنَ هَلْ يَتْبَعُ الْحَضَانَةَ، وَإِذَا أَوْجَبْنَاهُ عَلَى الْوَرَّاقِ فَهُوَ كَاللَّبَنِ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ، وَإِنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْإِرْضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ وَإِذَا لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهِ فَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا إلَخْ. اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ خَصَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّقْدِيرِ بِمَا إذَا أَوْجَبْنَاهُ عَلَى الْوَرَّاقِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْتَضِيَ الْعُرْفُ أَنَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهِ بَطَلَ الْعَقْدُ بِشَرْطِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ؟ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِوُجُوبِ التَّقْدِيرِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِ شَارِحِ الرَّوْضِ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ التَّقْدِيرِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنْ قُلْت: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّهُ لَا يَجِبُ التَّقْدِيرُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قُلْت: مِنْ ذِكْرِهِ عَدَمَ وُجُوبِ التَّقْدِيرِ فِيمَا إذَا وَجَبَ الْبَيَانُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْبَيَانِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَالْبَيَانُ حِينَئِذٍ شَامِلٌ لِشَرْطِهِ عَلَى الْأَجِيرِ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: لِلرُّكُوبِ) وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ حَجَرٌ. (تَنْبِيهٌ)

ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْمَحْمِلَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَذَكَرَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلِمَحْمِلٍ ذَكَرَ الضِّيقَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: الرُّجُوعَ إلَى الْعَادَةِ) أَيْ: الْعُرْفِ وَعِنْدَ اقْتِضَائِهِ دُخُولَهَا تَكُونُ تَابِعَةً لَا مَقْصُودَةً وَيَصِحُّ شَرْطُهُ عَلَى مَنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَطَّرِدْ لِفَقْدِهِ، أَوْ اضْطِرَابِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إلَّا إنْ بُيِّنَ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى مَنْ هُوَ، وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَيَانَ الْقَدْرِ لَا يَجِبُ عِنْدَ الِاطِّرَادِ إلَّا إنْ شُرِطَ عَلَى مَنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ الِاطِّرَادِ مَعَ الْبَيَانِ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا إذَا شُرِطَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَتْ كَذَلِكَ عَلَى الْأَجِيرِ، ثُمَّ إنَّ بَيَانَ الْقَدْرِ إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا ذَكَرَ إنْ

ص: 329

إلَيْهِ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ لَا لِأَصْلِهِ كَالْمِظَلَّةِ، وَالْغِطَاءِ، وَالْوِطَاءُ وَمَا يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ وَأَحَدُ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ لِلْعُرْفِ، وَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً إلَى بَلَدِهِ فَغَايَةُ اسْتِحْقَاقِهِ تَبْلِيغُهُ عِمْرَانَهَا لَا دَارِهِ وَلَا يَنَامُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّوْمِ، فَإِنْ اُعْتِيدَ نُزُولٌ لِإِرَاحَةٍ، أَوْ لِعَقَبَةٍ صَعْبَةٍ، فَإِنْ شَرَطَ اهـ، أَوْ عَدَمَهُ اتَّبَعَ، وَإِنْ أَطْلَقَا فَلَا نُزُولَ عَلَى امْرَأَةٍ وَمَرِيضٍ وَكُلِّ عَاجِزٍ وَفِي لُزُومِهِ لِلرَّجُلِ الْقَوِيِّ وَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ لِلْعَقَبَةِ دُونَ الْإِرَاحَةِ (وَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلْخِيَاطَةِ (الْخَيْطُ) لِلْعُرْفِ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي هَذِهِ، وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُدَّةٍ، وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ، أَوْ الصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ هَلْ نَقُولُ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ، أَوْ إنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْكَلَامُ فِي مَاءِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزُّرُوعِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَفِي اللَّبَنِ، وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَيْطُ، وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحَوِّجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مَالِكِهِ انْتَهَى

. (وَالرَّضَاعُ لَيْسَ يَتْبَعُ حَضَانَةً) كُبْرَى وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا مَعَ الصُّغْرَى (وَ) كَذَا (عَكْسُهُ) لَا تَتْبَعُ الْحَضَانَةُ الرَّضَاعَ لِجَوَازِ إفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْإِجَارَةِ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ (وَوَزَّعُوا) الْمُسَمَّى فِيمَا (لَوْ لَهُمَا اسْتَأْجَرَ، وَالدَّرُّ) أَيْ: اللَّبَنُ (انْقَطَعْ) عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْحَضَّانَةِ وَلِمَا مَضَى وَلِمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَسَقَطَتْ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ فِي الرَّضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَيَلْزَمُ الْمُرْضِعَةَ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُكَلِّفَهَا ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَضُرُّ بِاللَّبَنِ.

(وَبُدِّلَ الْمَأْكُولُ) أَيْ: وَلِلْمُكْتَرِي إبْدَالُ مَا تَلِفَ بِأَكْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ لِلْأَكْلِ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَتُهُ فِي سَائِرِ الْمَنَازِلِ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إذَا بَاعَهَا، أَوْ تَلِفَتْ (إلَّا، إنْ وَقَعَ شَرْطٌ بِأَنْ لَا) يُبَدِّلَ فَلَا يُبَدِّلُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَلَا يُؤَثِّرُ الشَّرْطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (لَا يُقَالَ فِيهِ شَرْطٌ وَلَيْسَ الْعَقْدُ يَقْتَضِيهِ) فَيَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِهِ إذَا اقْتَضَى خِلَافَهُ لَا إذَا لَمْ يَقْتَضِهِ وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ شَرَطَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْوُسْعَ، وَوَزَنَا، أَوْ نَظَرَ اشْتِرَاطَ مَعْرِفَةِ الْمُؤَجِّرِ بِهِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَيُرْكِبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا شَاءَ مِمَّا يَلِيقُ بِدَابَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَصْلِهِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْبَرْذعَةِ، وَالرَّحْلِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلْخِيَاطَةِ إلَخْ) وَكَالْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِيَاطَةِ فِيمَا ذَكَرَ، أَوْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِجَعْلِ جِلْدٍ نَعْلًا فَفِيمَا يَخِيطُ بِهِ النَّعْلَ مِنْ جِلْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِيمَا يَخِيطُ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِلْدٍ كَالسُّيُورِ الرَّقِيقَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي نَحْوِ خِيَاطَةِ الثِّيَابِ، نَعَمْ يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِخِيَاطَةٍ شِرَاكٍ مَثَلًا لِنَعْلِهِ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ جِلْدِ الشِّرَاكِ عَلَى الْمَالِكِ وَأَمَّا مَا يُخَاطُ بِهِ الشِّرَاكُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبَ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ) فَالْإِبْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ: وَهُوَ الْأَجِيرُ

(قَوْلُهُ: وَوَزَّعُوا الْمُسَمَّى إلَخْ) يَعْنِي يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْحَضَانَةِ وَعَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلرَّضَاعِ فِيمَا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَبَعْدَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ: مُدَّةَ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْمُكْتَرِي إلَخْ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَبْطُلُ، إذَا اقْتَضَى خِلَافَهُ) فَإِنْ قِيلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَمْ يَطَّرِدْ بِهِ عُرْفٌ أَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَصْلِهِ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) حَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْحِبْرَ، وَالْخَيْطَ، وَالصِّبْغَ يَنْتَقِلُ فِيهَا الْمِلْكُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَالثَّوْبِ، وَالْوَرَقِ، وَأَمَّا الْكُحْلُ، وَاللَّبَنُ، وَمَاءُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْكَحَّالِ، وَالْمُرْضِعَةِ، وَمَالِكِ الْأَرْضِ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ إنَّمَا يَنْتَفِعُ فَقَطْ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِلنَّقْلِ هُنَا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَقَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الشَّارِحِ وَإِلْحَاقِهِ الْحِبْرَ بِالْخَيْطِ، وَالصِّبْغِ: إنَّ الْمَعْنَى الْفَارِقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَمَلِ، وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ، فَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدُ كَالْخَيْطِ، وَالصِّبْغِ، فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالثَّوْبِ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ بِدُونِ الْخَيْطِ، وَلَا بَعْدَ صَبْغِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَصْبُوغًا بِدُونِ الصَّبْغِ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ شُرْبِهَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا، وَإِنْ انْفَصَلَ مَا شَرِبَتْ مِنْهُ عَيْنًا، وَكَالْكُحْلِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْعَيْنِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَالْحَطْبِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ حَمْيِ التَّنُّورِ بِإِحْرَاقِهِ، وَالْخَبْزِ يُسْتَغْنَى عَنْ رَمَادِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحِبْرَ مِنْ الْقِسْمِ سم الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِالْمَكْتُوبِ بِدُونِ الْحِبْرِ، وَأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ الْقِسْمِ سم الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي الْمَعِدَةِ يَحْصُلُ التَّغَذِّي، ثُمَّ يُسْتَغْنَى عَنْهُ حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ كَانَ التَّغَذِّي بِحَالِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا عَوَّلَ عَلَيْهِ م ر مِنْ ضَرُورَةِ النَّقْلِ وَعَدَمِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِبْرَ، وَالْخَيْطَ تَبْقَى أَعْيَانُهَا فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْكُحْلِ، وَاللَّبَنِ، وَمَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهَا لِعَدَمِ بَقَاءِ عَيْنِهَا لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَخْ) أَيْ: يُوَزَّعُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِمَا وَيُسْقَطُ قِسْطُ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِيهِ، فَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ عِشْرِينَ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْمَاضِي عَشَرَةً وَفِي الْبَاقِي عِشْرِينَ سَقَطَ خُمُسُ الْمُسَمَّى. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْتَرِي إلَخْ) أَيْ: عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ؛ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْعَقْدِ لِإِبْدَالِهِ، وَلَا لِعَدَمِهِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ حَمْلُ كَذَا إلَى كَذَا، وَمَا أُكِلَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حُمِلَ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ. اهـ. م ر وَع ش.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ شَرْطٌ بِأَنْ لَا يُبَدِّلَ إلَخْ) مِثْلُ الْمَأْكُولِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ

ص: 330

قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرٍ أَكَلَهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِالْعَقْدِ لَهَا مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى بِهِ وَمُسْتَوْفًى مِنْهُ وَمُسْتَوْفًى فِيهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ إبْدَالِ غَيْرِ الْأَخِيرِ فَقَالَ:(يُبْدَلُ) جَوَازًا فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ، وَالذِّمَّةِ (مُسْتَوْفٍ) ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الِاسْتِيفَاءِ بِغَيْرِهِ فَفِي الرُّكُوبِ يُرْكَبُ مِثْلَهُ ضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَطُولًا وَقِصَرًا، وَمَنْ هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَفِي اللُّبْسِ يُلْبِسُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ، أَوْ دُونَهُ.

(وَ) يُبَدِّلُ فِيمَا ذَكَرَ (مَا اسْتَوْفَى) أَيْ: الْمُسْتَوْفَى (بِهِ) الْمَنْفَعَةُ بِغَيْرِهِ كَصَبِيٍّ عُيِنَ لِلْإِرْضَاعِ، أَوْ التَّعْلِيمِ وَثَوْبٍ عُيِنَ لِلْخِيَاطَةِ فَيُبَدَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا شَيْئًا، بَلْ نَقَلَا ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَبِي عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الِانْفِسَاخَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ، أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ فَبَرِئَتَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبَدَّلُ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَمَرَهُ بِقَلْعِ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ فِيهَا فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ الِانْفِسَاخُ وَرَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ انْتَهَى.، وَهُوَ جَوَابٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْفَتْوَى قَالَ: وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ فِي الرَّضَاعِ؛ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (وَ) يُبَدَّلُ الْمُسْتَوْفَى (مِنْهُ) الْمَنْفَعَةُ بِغَيْرِهِ (فِي) إجَارَةِ (ذِمَّتِهِ) كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مَوْصُوفَةً لِلرُّكُوبِ، أَوْ الْحَمْلِ، أَوْ أَلْزَمَ شَخْصًا عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ فَيُبَدِّلُهُمَا الْمُؤَجِّرُ بِغَيْرِهِمَا (بِعَابِهِ وَتَلَفِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: بِتَعَيُّبِهِ، أَوْ تَلَفِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبٌ وَلَا تَلَفٌ لَمْ يُبَدَّلْ، إلَّا بِالتَّرَاضِي، أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَبِيعُ، بَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ الْمَنْفَعَةُ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَخْرُجَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى مُسَاوِيَةٍ لَهَا فِي الطَّرِيقِ قَدْرًا وَخُشُونَةً وَخَوْفًا، وَغَيْرَهَا (وَاللِّبْسَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: الْمَلْبُوسُ (نَزَعْ) مُسْتَأْجِرُهُ وُجُوبًا (إنْ نَامَ لَيْلًا) ، سَوَاءٌ الْمَلْبُوسُ الْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلُ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى سِتْرِ الْعَوْرَةِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى الْعَادَةِ لَعَمَّمَ الْحُكْمَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ أَسْفَلَ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَكِنَّ كَلَامَهُمْ كَالْمُصَرِّحِ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْرِطَهُ (وَمِنْ الْأَعْلَى يَدَعْ قَيْلُولَةً، أَوْ خَلْوَةً لَا يُعْذَرُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَخَلْوَةً أَيْ: وَلَا يُعْذَرُ مَنْ يَتْرُكُ الْمَلْبُوسَ الْأَعْلَى عَلَيْهِ فِي نَوْمِ الْقَيْلُولَةِ وَفِي الْخَلْوَةِ فَيَلْزَمُهُ نَزْعُهُ دُونَ الْأَسْفَلِ فِيهِمَا وَثِيَابُ التَّجَمُّلِ إنَّمَا تُلْبَسُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ، وَنَحْوِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ عَلَيْهِ (وَيُرْتَدَى بِهِ) أَيْ: بِالْمُسْتَأْجَرِ لِلُبْسِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الِارْتِدَاءِ دُونَ ضَرَرِ اللُّبْسِ. (وَلَا يَأْتَزِرُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالْقَمِيصِ مِنْ اللُّبْسِ قَالَ الشَّيْخَانِ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِذَا اكْتَرَى لِلِارْتِدَاءِ لَمْ يَجُزْ الِاتِّزَارُ وَيَجُوزُ التَّعَمُّمُ.

(وَهْوَ) أَيْ: الْمُكْتَرِي (أَمِينٌ) عَلَى مَا اكْتَرَاهُ (ضَامِنُ التَّقْصِيرِ) أَيْ: ضَامِنٌ فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَى مَا اكْتَرَاهُ كَالنَّخْلَةِ الْمُبْتَاعِ ثَمَرَتُهَا بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ (كَحَافِظِ الْحَمَّامِ)

ــ

[حاشية العبادي]

هُوَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِبْدَالَ وَلِذَا اسْتَحَقَّ الْإِبْدَالَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَفْقَهُ الْأَوَّلُ اهـ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُبْدِلُ. (قَوْلُهُ: يُرْكِبُ مِثْلَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُبْدَلُ الرَّاكِبُ بِالْحَمْلِ وَعَكْسِهِ، وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ) يُجَابُ بِأَنَّ وُجُوبَ تَعْيِينِهِ لِيَعْرِفَ الْقَدْرَ الْمُسْتَحَقَّ لِيَسْتَوْفِيَ هُوَ، أَوْ مُمَاثِلُهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ نَامَ لَيْلًا) فَلَا يَجِبُ لَيْلًا، مَعَ الْيَقَظَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ أَهْلُهُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ مُطْلَقًا نَفِيسًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ أَنَّهُ، إذَا اُعْتِيدَ شَيْءٌ كَانَ الْمُؤَجِّرُ مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَيْهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: يَدَعُ) أَيْ: عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَحْمُولَاتِ وَهَذَا مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَخَرَجَ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ: فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَانْظُرْ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ، أَوْ عِبَارَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ أَيْ: الْمُسْتَوْفَى فَسَدَ الْعَقْدُ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَوْفَى فِيهِ وَبِهِ فَيَجُوزُ شَرْطُ مَنْعِ إبْدَالِهِمَا وَيُتَّبَعُ. وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ حَجْرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا عَدَا التَّوْجِيهَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ الْأَقْوَى نَعَمْ إنَّمَا جَرَتْ عَادَةُ الْحَجِيجِ بِالْأَكْلِ مِمَّا مَعَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَمَا دَامُوا فِي الْعُمْرَانِ يَأْكُلُونَ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيُبَدِّلُ) أَيْ: وُجُوبًا وَبِدُونِ الْعَيْبِ، وَالتَّلَفِ جَوَازًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَدِّلْهُ فِي الْأَوَّلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: إنْ نَامَ لَيْلًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ، وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ النَّوْمِ. اهـ. م ر. اهـ. شَوْبَرِيُّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ) لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ م ر ق ل ع ش أَيْ فَيَضْمَنُهُ، إذَا تَلِفَ، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ الضَّمَانُ بِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كُوزَ السِّقَاءِ غَيْرُ

ص: 331

فَإِنَّهُ أَمِينٌ عَلَى ثِيَابِ مَنْ دَخَلَهُ، وَنَحْوِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْحِفْظُ إلَّا بِاسْتِحْفَاظِ الدَّاخِلِ لَهُ وَمَا يَأْخُذُهُ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ، وَالْإِزَارِ، وَالسَّطْلِ، وَالْحَمَّامِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَغَيْرُ مَضْبُوطٍ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ (وَالْأَجِيرِ) سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ الْمُعَيَّنُ، أَمْ مُشْتَرَكًا، وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ؛ إذْ لَيْسَ أَخْذُهُ الْعَيْنَ لِغَرَضِهِ خَاصَّةً فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ وَسُمِّيَ الثَّانِي مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ إنْ الْتَزَمَ الْعَمَلَ لِجَمَاعَةٍ فَذَاكَ، أَوْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَزِمَهُ لِغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ (وَإِنْ مَضَتْ مُدَّتُهُ) الْمُعَيَّنَةُ لِلْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِوَقْتٍ فَإِنَّهُ أَمِينٌ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، بَلْ التَّخْلِيَةُ (وَ) كَذَا (إنْ عَبَرْ إمْكَانُ) أَيْ: مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ (الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ) لِلْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان فَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ الرُّكُوبِ إلَيْهِ (وَاسْتَقَرْ) عَلَى الْمُكْتَرِي (أَجْرٌ) أَيْ: الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِوَقْتٍ وَبِمُضِيِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إنْ قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ.

(وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) بِالْمَأْجُورِ، وَلَوْ لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ وَمَرَضٍ لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْضًا لِمَا زَادَ (تَعَيَّنَا مَأْجُورٌ) أَيْ: سَوَاءُ تَعَيَّنَ الْمَأْجُورُ فِي الْعَقْدِ (أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ عَنْهُ عَيْنًا لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ، وَالتَّمْكِينِ (أَوْ) كَانَ (هُوَ) أَيْ: الْمَأْجُورُ (الْحُرُّ) بِأَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُكْتَرِي، وَلَوْ لِعُذْرٍ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، أَوْ مُدَّةُ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ تَسْتَقِرُّ، وَإِنْ كَانَ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ كَصَبِيٍّ عُيِّنَ لِلْإِرْضَاعِ وَثَوْبٍ عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْإِبْدَالِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَأْتِ الْمُكْتَرِي بِبَدَلٍ لِعَجْزٍ، أَوْ امْتَنَعَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ تَقَرُّرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ مَضَتْ مُدَّتُهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَالِكُ مُضِيَّهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ الْإِعْلَامُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ هَذَا وَضَعَ يَدَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوَّلًا بِخِلَافِ ذَاكَ م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ التَّخْلِيَةُ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّخْلِيَةِ بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ كَانَ ضَامِنًا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمُدَّةِ) هَلْ يَشْمَلُ مُدَّةَ إمْكَانِ الْعَمَلِ فِي الْمَقْدِرَةِ بِعَمَلٍ حَتَّى لَوْ انْتَفَعَ بَعْدَهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْضًا؟ وَالظَّاهِرُ الشُّمُولُ، وَهُوَ مُقْتَضَى اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أُجْرَتَهُ تَسْتَقِرُّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ الْعَمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعُذْرِ، أَوْ الِامْتِنَاعِ بَعْدَ تَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَبَيْنَ ذَلِكَ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ تَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ) لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَدْ يُصَوَّرُ فِيهَا بِمَا إذَا امْتَنَعَ لِنَحْوِ التَّرَوِّي فِي أَمْرِهِ لَا عَبَثًا، أَوْ يُعْطَفُ قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَيَكُونُ مُصَوَّرًا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنِ، مَعَ وُجُودِهِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَلَا اسْتِقْرَارَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، بَلْ شَرْطُ الِاسْتِقْرَارِ تَلَفُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ إبْدَالِهِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

مَضْمُونٍ عَلَى مُرِيدِ الشُّرْبِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ الشُّرْبُ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ بِرِضَا الْمَالِكِ، فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ فَيَضْمَنُهُ دُونَ مَا فِيهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ كَأَوَانِي الطَّبَّاخِ. اهـ. أَيْ: فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ يَكُونُ مَأْخُوذًا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِظَرْفِ الْمَبِيعِ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِاسْتِحْفَاظِ الدَّاخِلِ) فَتَصِيرُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ أَمَّا، إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا، وَإِنْ قَصَّرَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَيْ: ع ش مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا، إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ مَا حَفِظَهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَمَا يَأْخُذُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهَا إجَارَةٌ فِي الْحِفْظِ، وَمَا مَعَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ إلَخْ الَّذِي فِي ع ش أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ إنْ اسْتَحْفَظَهُ وَأَجَابَهُ، أَوْ اسْتَحْفَظَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ أُجْرَةً فَكَأَنَّهُ أَقَامَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ مَقَامَ الْإِجَابَةِ اكْتِفَاءً بِالْفِعْلِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ الْقَوْلِ مِنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَادَ إلَخْ) وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْمُكْثِ فِي الْحَمَّامِ وَبِقَدْرِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِهِ وَبِقَدْرِ الْمَاءِ. اهـ. ق ل قَالَ ع ش: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ) فَهُوَ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ بِقَدْرِ الْعَادَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرِ) فَلَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهَا فَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسْلَمًا وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ كَأَنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ فَلِلْأَجِيرِ قِسْطُ عَمَلِهِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ انْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ الْمُسْتَأْجَرُ لِحَمْلِهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ بَلْ لَوْ كَانَ مُقَصِّرًا ضَمِنَهَا بِالْقِيمَةِ أَفَادَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرِ) أَيْ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ بَلْ التَّخْلِيَةُ) أَيْ: كَالْوَدِيعَةِ. اهـ.

ص: 332

الْأُجْرَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُرِّ دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهَا، وَلَوْ عَبَّرَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ فِيهَا بِقَوْلِهِمَا: وَلَوْ مِنْ الْحُرِّ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (هُنَا) تَكْمِلَةٌ (وَبِانْهِدَامِ السَّقْفِ)، أَوْ نَحْوِهِ (فَوْقَهُ) أَيْ: فَوْقَ الْمَأْجُورِ (ضَمِنْ) أَيْ: الْمُكْتَرِي قِيمَتَهُ، إنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ (وَقْتًا) أَيْ: فِي وَقْتٍ (لَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ أَمِنْ) مِنْ الِانْهِدَامِ عَلَيْهِ بِأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ كَالنَّهَارِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ السَّقْفُ فِي لَيْلٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الضَّمَانَ بِمَا ذُكِرَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، وَإِلَّا لَضَمِنَ بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ الِانْهِدَامِ، وَنَحْوِهِ لَكِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَقْرَبَ مَا قُلْنَاهُ. وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالِاسْتِعْمَالِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالرُّكُوبِ

. (أَوْ اعْتَدَى) الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَأْجُورِ (كَمُبْدِلٍ خَمْسِينَ مَنْ بُرٍّ) اسْتَحَقَّ حَمْلَهَا (بِهَا) أَيْ: بِخَمْسِينَ مَنًّا (مِنْ الشَّعِيرِ وَاعْكِسْنَ) ذَلِكَ بِأَنْ أَبْدَلَ خَمْسِينَ مِنْ شَعِيرٍ اسْتَحَقَّ حَمْلَهَا بِخَمْسِينَ مِنْ بُرٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ فَمَأْخَذُهُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرُ، وَالْبُرُّ أَثْقَلُ فَيَجْتَمِعُ ثِقَلُهُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ تَلِفَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ.

(وَمُبْدِلٍ) أَيْ: وَكَمُبْدِلِ (أَقْفِزَةَ الشَّعِيرِ) الْمُسْتَحَقِّ حَمْلُهَا (بِالْبُرِّ) أَيْ: بِمِثْلِهَا مِنْ الْبُرِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبُرَّ أَثْقَلُ (لَا بِالْعَكْسِ لِلْمَذْكُورِ) بِأَنْ أَبْدَلَ أَقْفِزَةَ الْبُرِّ الْمُسْتَحَقِّ حَمْلُهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الشَّعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَمِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ، سَوَاءٌ، وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ الدَّارِ إلَخْ) قَالَ أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ بِآفَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ فَيُقَالُ، إنْ سَافَرَ فِي وَقْتٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسَّيْرِ فِيهِ فَتَلِفَتْ بِآفَةٍ، أَوْ بِغَصْبٍ ضَمِنَ، وَلَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَقْتَهُ لِمَرَضٍ، أَوْ خَوْفٍ عَرَضَ لَهُ فَتَلِفَتْ بِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْخَوْفِ أَخَذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ شَرْحُ رَوْضٍ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ إلَخْ) فَهُوَ ضَمَانُ يَدٍ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِلزَّرْعِ كَالْبُرِّ بِزَرْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ كَالذُّرَةِ ضَمِنَهَا) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِنْطَةِ فَزَرَعَ الذُّرَةَ، وَلَمْ يَتَخَاصَمَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَحَصَدَ الذُّرَةَ مَا نَصُّهُ قُلْت: وَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْأَرْضِ غَاصِبًا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ فِي الْمُسْتَظْهِرِيِّ أَصَحُّهُمَا لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا ضَمِنَ عَيْنَهَا، وَمَنْفَعَتَهَا إلَّا إذَا اسْتَنْظَرَهُ فَأَنْظَرَهُ مُخْتَارًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْمُسْتَعِيرِ يَضْمَنُ الرَّقَبَةَ لَا الْمَنْفَعَةَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ السَّقْفِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ عَقْرَبٌ، أَوْ سُرِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالِانْهِدَام لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَلَفِهَا بِشَيْءٍ لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي وَقْتِهِ لَمْ يُصِبْهَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَوْ نَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ الِانْهِدَامِ مِمَّا يُحَالُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَنَهْشِ حَيَّةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) أَيْ: بِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: ضَمَانُ جِنَايَةٍ) مَعْنَى كَوْنِهِ ضَمَانَ جِنَايَةٍ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ بِذَلِكَ، ثُمَّ تَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانُ يَدٍ) هُوَ أَنْ يَضْمَنَ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ كَالْعَارِيَّةِ ق ل. (قَوْلُهُ: ضَمَانُ يَدٍ) فَتَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بَعْدُ، وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَعْتَدْ رَبْطَهَا فِيهِ وَفِي مَحَلٍّ مُعَرَّضٍ لِلتَّلَفِ تَضْيِيعٌ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الِانْهِدَامِ وَنَحْوِهِ) أَيْ: مِمَّا لَا يُحَالُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَدَى إلَخْ) فَيَضْمَنُ ضَمَانَ يَدٍ فِي الْكُلِّ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْإِصْطَبْلِ ع ش وَقَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ أَيْ: بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي إلَى وَقْتِ التَّلَفِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا) أَيْ: ذَاتَ الْأَرْضِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ أَيْ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَاتَ الْأَرْضِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي عَيْنِهَا بَلْ إنَّمَا تَعَدَّى فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ بَعْدَ حَصْدِهَا وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا مَا يَخْتَارُهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ، وَالْمُسَمَّى مَعَ بَذْلِ زِيَادَةٍ ضَرَرُ الذُّرَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهَا) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لَا تَلَفُهَا أَيْ الْأَرْضِ بِجَائِحَةٍ فَلَا يَضْمَنُهَا، وَإِنْ تَعَدَّى بِعُدُولِهِ إلَى زِرَاعَةِ الذُّرَةِ، وَفَارَقَتْ الدَّابَّةَ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهَا حَقِيقِيَّةً فَاقْتَضَتْ بِمُجَرَّدِهَا الضَّمَانَ وَعَلَى الْأَرْضِ حُكْمِيَّةً فَلَمْ تَقْتَضِ لِضَعْفِهَا ذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ

ص: 333

الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِلزَّرْعِ بِزَرْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ ضَمِنَهَا، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ وَمِنْ التَّعَدِّي مَا لَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ، أَوْ كَبَحَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ، أَمَّا الْمُعْتَادُ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَيُخَالِفُ ضَرْبَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّ تَأْدِيبَ الْآدَمِيِّ بِغَيْرِ الضَّرْبِ مُمْكِنٌ، وَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَرَكِبَهَا إلَيْهِ فَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ صَاحِبُهَا. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا، بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ، إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ هُنَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَإِلَى أَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا رَدَّهَا.

أَوْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ كَالْمُودَعِ يُسَافِرُ الْوَدِيعَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا جَازَ لَهُ الرَّدُّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّكُوبُ، بَلْ يَسُوقُهَا، أَوْ يَقُودُهَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ جَمُوحًا لَا تَنْقَادُ، إلَّا بِالرُّكُوبِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَأَجْرَ زَائِدٍ) عَلَى الْمُقَدَّرِ (مَعَ الْمُسَمَّى يَضْمَنُهُ) الْمُكْتَرِي، فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلِ مِائَةٍ مِنْ بُرٍّ فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةً، أَوْ إلَى مَكَان فَعَبَرَهُ لَزِمَهُ مَعَ الْمُسَمَّى أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ نَعَمْ، إنْ كَانَ الزَّائِدُ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ كَالْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، أَوْ الْوَزْنَيْنِ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْمُسَمَّى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) يَضْمَنُ (أَجْرَ مِثْلٍ مَهْمَا أَبْدَلَ زَرْعًا) اكْتَرَى الْأَرْضَ لَهُ (بِغِرَاسٍ) غَرَسَهُ فِيهَا، أَوْ بِبِنَاءٍ بَنَاهُ فِيهَا لِتَصَرُّفِهِ فِيهَا بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَبِعُدُولِهِ عَنْ الْجِنْسِ فِي هَذِهِ فَارَقَتْ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَمَتَى يَزْرَعْ مَكَانَ الْبُرِّ) الْمُسْتَحَقِّ زَرْعُهُ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْضِ (الذُّرَةَ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ) فِي الْمُخْتَصَرِ (أَنْ نُخَيِّرَهْ) أَيْ: الْمُؤَجِّرَ (مَا) زَائِدَةٌ (بَيْنَ أَجْرِ مِثْلِ زَرْعِهِ الذُّرَهْ وَبَيْنَ مَا سَمَّى وَأَرْشٌ) لِنَقْصٍ (نَالَا أَرْضًا بِزَرْعِهَا) الذُّرَةَ، وَهُوَ قَدْرُ مَا زَادَ عَلَى نَقْصِهَا بِزَرْعِ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ لِلصُّورَةِ شَبَهًا بِزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ فِي أَنَّهُ زَرَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَمُوجِبُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَشَبَهًا بِمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى مَكَان، وَغَيَّرَهُ فِي أَنَّهُ اسْتَوْفَى وَزَادَ وَمُوجِبُهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَهُمَا هَذَا إذَا تَخَاصَمَا بَعْدَ حَصْدِ الذُّرَةِ.

فَإِنْ تَخَاصَمَا قَبْلَهُ خَيَّرْنَاهُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا (وَ) بَيْنَ (قَلْعٍ) لَهَا (حَالَا) ، وَإِذَا قَلَعَهَا فَلِلْمُكْتَرِي زَرْعُ الْبُرِّ إنْ تَمَكَّنَ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَإِذَا اخْتَارَ إبْقَاءَهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يُجْبَرُ الْمُكْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهَا وَيَزْرَعَ الْبُرَّ، إنْ تَمَكَّنَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِذَا جَازَ لَهُ الرَّدُّ إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ رَاكِبًا قَالَ فِي الرَّوْضِ هُنَا: وَلَوْ اسْتَعَارَهَا رَدَّهَا، وَلَوْ رَاكِبًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لَهُ فَالْإِذْنُ يَتَنَاوَلُهُ بِالْعُرْفِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَبَرَهُ) أَيْ: جَاوَزَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: مِثَالُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْحِنْطَةِ خَمْسُونَ وَلِلذُّرَةِ سَبْعُونَ وَكَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعِينَ فَبَدَلُ النَّقْصِ عِشْرُونَ. اهـ. أَيْ: فَإِذَا اخْتَارَ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ، مَعَهُ عِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَرْشٍ لِنَقْصٍ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَنْقُصْ. (قَوْلُهُ: فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَهُمَا) نَعَمْ لَوْ كَانَ وَلِيًّا، أَوْ نَاظِرًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ بِالْمَصْلَحَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ: إنْ لَمْ تَمْضِ أَيْ: عَلَى بَقَاءِ الذُّرَةِ مُدَّةٌ تَتَأَثَّرُ بِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

يَرْجِعُ إلَى مَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ: وَانْظُرْ لَوْ تَلِفَتْ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ بِسَبَبِ زِرَاعَةِ الذُّرَةِ فَصَارَتْ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا وَيَتَّجِهُ الضَّمَانُ. اهـ. أَيْ: وَمَا يُقَابِلُ تَلَفَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ زَائِدٌ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ، فَإِنَّ تَلَفَ الْمَنْفَعَةِ زَائِدٌ عَلَى النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ زَرْعِ الذُّرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا وَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْأَرْضِ غَاصِبًا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مَعَ الْمُسَمَّى أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ) فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ ذُرَةً أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ عَدَلَ عَنْ الْعَيْنِ أَصْلًا فَسَاغَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمُسَمَّى بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَعُلِمَ أَنَّهُ تَارَةً يَجِبُ الْمُسَمَّى مَعَ مَا زَادَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَارَةً يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْدَالِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، وَتَارَةً يُخَيَّرُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ زَرْعِ الذُّرَةِ مَكَانَ الْبُرِّ، وَقَدْ أَفَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ لِلصُّورَةِ إلَخْ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْرُ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِهَا بِزَرْعِ الْبُرِّ) وَهُوَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَ أُجْرَتَيْ الْمِثْلِ لِزِرَاعَةِ الْبُرِّ وَزِرَاعَةِ الذُّرَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) وَقَالَ كَثِيرُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا تَعْيِينُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلذُّرَةِ، وَالثَّانِي تَعْيِينُ الْمُسَمَّى وَبَدَلِ النَّقْصِ. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُخَيِّرَهُ) إلَّا إذَا كَانَ وَلِيًّا، أَوْ نَاظِرًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ بِالْأَحَظِّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَجْرِ مِثْلِ زَرْعِهِ الذُّرَةَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَمُوجِبُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَرْشُ النَّقْصِ أَيْضًا، وَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ) أَيْ: أَجْرُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: هَذَا إنْ لَمْ تَمْضِ عَلَى بَقَاءِ الذُّرَةِ مُدَّةٌ تَتَأَثَّرُ بِهَا الْأَرْضُ، وَإِنْ مَضَتْ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَخْذِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ أَخْذِ قِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ النُّقْصَانِ وَلَهُ قَلْعُ الذُّرَةِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بَيْنَ أَخْذِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَيْ: لِمُدَّةِ بَقَاءِ الذُّرَةِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيهَا وَحْدَهَا وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَ قِسْطَهَا مِنْ الْمُسَمَّى أَيْ: فَتَبْقَى الْإِجَارَةُ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْمُدَّةِ وَيَأْخُذُ لَهَا وَحْدَهَا بَدَلَ النُّقْصَانِ تَأَمَّلْهُ؛ فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّهُ يُفْسَخُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 334

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِيمَا إذَا عَدَلَ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي تِلْكَ مِنْ أَنَّهُ لَا قَلْعَ فِيهَا الْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ، وَالْقَلْعِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الذُّرَةَ أَضَرُّ مِنْ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ لَهَا عُرُوقًا غَلِيظَةً تَنْتَشِرُ فِي الْأَرْضِ وَتَسْتَوْفِي قُوَّتَهَا وَمِثْلُهَا الْأُرْزُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ الدَّائِمِ، وَهُوَ يُذْهِبُ قُوَّةَ الْأَرْضِ وَيَجْرِي التَّخْيِيرُ فِي كُلِّ صُورَةٍ لَا يَتَمَيَّزُ فِيهَا الْمُسْتَحَقُّ عَمَّا زَادَ كَمَا لَوْ أَسْكَنَ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ لِلسُّكْنَى الْحَدَّادِينَ، أَوْ الْقَصَّارِينَ، أَوْ حَمَّلَ الدَّابَّةَ الْمُكْتَرَاةَ لِحَمْلِ قُطْنٍ قَدْرَهُ حَدِيدًا، فَإِنْ تَمَيَّزَ فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَأَجْرُ زَائِدٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَ الْأُجْرَةِ إذَا اخْتَارَهَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ الْأَرْشَ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِذَلِكَ.

(وَاجْعَلْ لِمُكْرٍ) دَابَّةٍ لِحَمْلِ مِقْدَارٍ كَعَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مَثَلًا (حَمَلَ) عَلَيْهَا (الزَّائِدَ) عَلَى الْمَشْرُوطِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَقَعُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْأَرْضُ، وَإِنْ مَضَتْ تَخَيَّرَ بَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَخْذِ قِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى، مَعَ بَدَلِ النُّقْصَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) كَأَنَّ مُرَادَ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، إذَا فَسَخَ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ، وَالْقَلْعِ) وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ قَوْلُهُ: السَّابِقُ وَإِذَا قَلَعَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَسْكَنَ الدَّارَ إلَخْ) فَفِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ زِيَادَةُ ضَرَرٍ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ. (قَوْلُهُ: قَدْرَهُ حَدِيدًا) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَجْرِيَ التَّخْيِيرُ فِيمَا لَوْ حَمَّلَ الدَّابَّةَ الْمُكْتَرَاةَ لِشَعِيرٍ قَدْرَهُ وَزْنًا بُرًّا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِذَلِكَ) هَذَا كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ أَرْشَ التَّعْيِيبِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الْعُدُولِ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ مَضْمُونٌ قَطْعًا؛ إذْ هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ. وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَرْضَ لَا تُضْمَنُ بِذَلِكَ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ الضَّمَانِ لَوْ فُرِضَ تَلَفُهَا بِجَائِحَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فَيَكُونُ الضَّمَانُ الْمَنْفِيُّ ضَمَانُ الْيَدِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْهُ سُقُوطَ أَرْشِ التَّعْيِيبِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ، نَعَمْ، إنْ أَرَادَ بِالْأَرْشِ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْعَيْبَ، وَالتَّلَفَ الْحَادِثَيْنِ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ اسْتَقَامَ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَرْشِ يَنْبُو عَنْ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَاجْعَلْ حِمْلَ الزَّائِدِ لِمُكْرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ حَمَلَ هُوَ يَعْنِي الْمُسْتَأْجِرَ، أَوْ مُكْرٍ غَيْرَهُ أَيْ: الْمُسْتَأْجَرِ زَائِدًا وَانْفَرَدَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْيَدِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا بِتَمَامِهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ، أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ غَاصِبَةٌ، أَوْ تَلِفَتْ بِهِ أَيْ: الْحَمْلِ، مَعَ رَبِّهَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِقِسْطِهِ أَيْ: بِقِسْطِ الزَّائِدِ كَجَلَّادٍ زَادَ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُك أَنَّ الشِّقَّ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ الْبَهْجَةِ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ أَيْضًا بِمَا، إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْيَدِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَبِسَ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي) قَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْبَسْ عَلَيْهِ بِأَنْ حَمَلَهُ الْمُكْتَرِي بِنَفْسِهِ؛ لِظَنِّهِ أَنَّهُ الْمَشْرُوطُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَيْهِ لَا أُجْرَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ اخْتِيَارَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تُعَدُّ فَسْخًا لِلْإِجَارَةِ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا، وَلَا بُعْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ، وَإِنْ مَضَتْ فِي الثَّانِيَةِ، لَكِنَّ أَثَرَ الْعَقْدِ وَهُوَ وُجُوبُ الْمُسَمَّى بَاقٍ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسَخْ لَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَضْمَنُ أَجْرَ مِثْلِ إلَخْ الْمُفِيدِ أَنَّ الْمُسَمَّى غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ الْوَاجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْأَرْضِ) ، فَإِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَخْتَارَ أَجْرَ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمُسَمَّى وَأَرْشَ نَقْصَ الْأَرْضِ، فَإِذَا اخْتَارَ أَجْرَ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ لَا يَأْخُذُ فِي مُقَابَلَةِ النَّقْصِ الَّذِي نَالَ الْأَرْضَ شَيْئًا، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، فَإِنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَجْرَ مِثْلِ حَمْلِ الْحَدِيدِ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ أَرْشَ مَا نَالَ الدَّابَّةَ مِنْ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الدَّابَّةِ حَقِيقِيَّةً فَاقْتَضَتْ بِمُجَرَّدِهَا الضَّمَانَ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْيَدَ عَلَيْهَا حُكْمِيَّةٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَيْنَ الْأَرْضِ إنْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ، وَلَا يَضْمَنُ النَّقْصَ الَّذِي نَالَهَا بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ إنْ اخْتَارَ الْمُؤَجِّرُ أَجْرَ مِثْلِ مَا فَعَلَ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنْ يُخَيِّرَهُ إلَخْ فَإِنَّ صَرِيحَهُ أَنَّهُ، إذَا اخْتَارَ الْأَجْرَ لَا يَأْخُذُ أَرْشَ مَا نَالَ الْأَرْضَ مِنْ النَّقْصِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا كَتَبَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَاجْعَلْ لِمُكْرِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعَهَا فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْقِسْطَ أَوْ لَا فَيَضْمَنُ الْكُلَّ إنْ كَانَ الَّذِي حَمَلَ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا

ص: 335

أَوْ الْوَزْنَيْنِ حَالَةَ كَوْنِهِ (ذَا جَهْلٍ بِهِ) أَيْ: بِالزَّائِدِ بِأَنْ لَبَسَ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي كَأَنْ كَالَهُ، وَقَالَ لَهُ: هُوَ عَشَرَةٌ، وَكَانَ أَحَدَ عَشَرَ (أَوْ) حَمَلَهُ الْمُكْتَرِي وَ (كَانَ) الْمُكْرِي (مَعَهُ) وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِالْحَمْلِ (قِسْطَ ذَا) أَيْ: الزَّائِدِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِمُبَاشَرَتِهِ لِذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ إعْدَادَ الْمَحْمُولِ وَتَسْلِيمَهُ إلَى الْمُكْرِي بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَالْإِلْجَاءِ إلَى الْحَمْلِ شَرْعًا فَيَضْمَنُ فِيهِمَا فِي الْمِثَالِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا لَا نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ مُتَيَسِّرٌ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ جَرَحَ إنْسَانًا وَاحِدٌ جِرَاحَاتٍ وَآخَرُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ نِكَايَةَ الْجِرَاحَاتِ لَا تَنْضَبِطُ وَخَرَجَ بِالْجَاهِلِ فِي الْأُولَى الْعَالِمُ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُكْتَرِي شَيْئًا فَلَا أَجْرَ لِلزَّائِدِ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: احْمِلْ هَذَا الزَّائِدَ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ لَهَا فِي الزَّائِدِ فَلَا أَجْرَ وَيَضْمَنُهَا، إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَفِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مَا يُنَازِعُهُ فِي الْأُجْرَةِ، وَالضَّمَانِ جَمِيعًا.

وَخَرَجَ بِكَوْنِهِ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ مَا إذَا حَمَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمُكْرِي مَعَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا كُلَّهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَلْبِسْ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي كَأَنْ كَالَهُ هُوَ وَحَمَلَهُ فَلَا أَجْرَ لِلزَّائِدِ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ جَهِلَ، أَوْ رَآهُ الْمُكْتَرِي وَسَكَتَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمْ يَأْذَنْ فِي نَقْلِهِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكْرِي بِرَدِّ الزَّائِدِ إلَى مَكَانِهِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا إذَا لَمْ يَلْبَسْ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالْحَمْلِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَا بِغَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ)

وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (فَرْعٌ)

، وَإِنْ وَجَدَ الْمَحْمُولَ عَلَى الدَّابَّةِ نَاقِصًا عَنْ الْمَشْرُوطِ نَقْصًا فَوْقَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، أَوْ الْوَزْنَيْنِ وَقَدْ كَالَهُ الْمُؤَجِّرُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالْمَشْرُوطِ، أَوْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ، لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ النَّقْصَ، فَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يَحُطَّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ قَدْ حَصَلَ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ وَنَقَصَ أَمَّا النَّقْصُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ هَلْ مَحَلُّهُ، إذَا تَعَذَّرَ حَمْلُ النَّقْصِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ نَقْلِهِ فِي مَرَّةٍ، أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ، إذَا لَمْ يَفُتْ الْمَقْصُودُ؟ . (قَوْلُهُ: لِمُبَاشَرَتِهِ) أَيْ: الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْجَاهِلِ إلَخْ) وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ، أَوْ كَالَ وَحَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَكَمَا لَوْ كَالَ بِنَفْسِهِ، إنْ عَلِمَ، وَكَذَا، إنْ جَهِلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي ح ج. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا) أَيْ: يَضْمَنُ قِسْطَ الزَّائِدِ مِنْ قِيمَتِهَا بِدَلِيلٍ فِي الزَّائِدِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَقَدْ فُرِضَ الزَّائِدُ الْعُشْرَ فَلَوْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْعُشْرَ أَيْ: عُشْرَ قِيمَتِهَا وَقَوْلُهُ: تَلِفَتْ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: كَمَا كَتَبَهُ: أَيْ لَا بِالسَّبَبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ الشَّارِحِ، إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَ التَّعْبِيرُ بِالْحَمْلِ فِي عِبَارَةِ الْمُتَوَلِّي أَشْكَلَ عَلَى مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا إلَّا أَنْ يُؤَوِّلَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِهِ أَيْضًا، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ. (قَوْلُهُ: إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ تَحْتَ الْحَمْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا لَا يُوَافِقُ كَوْنَ الْعَارِيَّةِ لَا تُضْمَنُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُجْرَةِ، وَالضَّمَانِ جَمِيعًا) لَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ فِي الضَّمَانِ أَنَّ التَّلَفَ يَنْشَأُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْأُجْرَةِ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَوْنُ طَلَبِ حَمْلِ الزِّيَادَةِ تَابِعًا لِمَحْمُولٍ مَضْمُونٍ بِالْأُجْرَةِ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا لَوْ عَمِلَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ مَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِعَقْدٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الضَّمَانَ بِالتَّلَفِ بِغَيْرِ السَّبَبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ انْدَفَعَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي الضَّمَانِ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ، إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَوْنِهِ، مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ) تَقْيِيدُهُ بِالثَّانِيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْأُولَى بَيْنَ كَوْنِ الْمُكْرِي، مَعَ الْمُكْتَرِي، أَوْ لَا بِأَنْ يَنْفَرِدَ الْمُكْتَرِي بِالْيَدِ بَعْدَ تَحْمِيلِ الْمُكْرِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكْرِي، مَعَهُ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ جَمِيعَهَا كَمَا أَفَادَهُ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ الْمُسَطَّرَةِ بِأَسْفَلَ هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (فَرْعٌ)

وَلَوْ كَالَهَا وَحَمَلَهَا، وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ فَسَيَّرَهَا الْمُؤَجِّرُ، فَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا فَلَا ج ح د. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ) أَيْ: عَلَى الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي ذَلِكَ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيَضْمَنُ الْقِسْطَ مُطْلَقًا وَصَنِيعُهُ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ قَرِيبَةٌ مِنْهُ نَعَمْ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ فَوَجَدْته بَعْدَمَا ذَكَرَ مَا إذَا حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَذَكَرَ فِيهِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعَهَا فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْقِسْطَ وَبَيْنَ كَوْنِهِ لَيْسَ مَعَهَا فَيَضْمَنُ الْكُلَّ قَالَ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ كَالَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ فَحَمَلَهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْبَهِيمَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ جَاهِلًا الْحَالَ بِأَنْ قَالَ: لَهُ هُوَ عَشَرَةٌ كَاذِبًا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ حَمَلَ بِنَفْسِهِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَمَلَ بِنَفْسِهِ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّفْصِيلِ فِيهِ أَيْضًا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَبَسَ إلَخْ) يُرِيدُ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: لَا نِصْفِ قِيمَتِهَا) أَيْ: كَمَا قِيلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: مُتَيَسِّرٌ) بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ لِاخْتِلَافِ نِكَايَاتِهَا بَاطِنًا. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَحَذَفَ فِي الرَّوْضِ قَوْلَهُ: بِالْحَمْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: تَلِفَتْ وَزَادَ بَعْدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلَهُ: تَحْتَهُ الْحَمْلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَالَهُ هُوَ، وَحَمَلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الثَّانِي، إذَا كَالَ الْمُؤَجِّرُ، وَحَمَلَ عَلَى الْبَهِيمَةِ فَلَا أُجْرَةَ لِمَا زَادَ سَوَاءٌ غَلِطَ، أَوْ تَعَمَّدَ وَسَوَاءٌ جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ، أَوْ عَمِلَهَا وَسَكَتَ إلَخْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الَّذِي جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ الْمُكْتَرِي تَنَازَعَهُ جَهْلٌ، وَرَآهُ وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُ وَإِنْ بِسَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ غَلِطَ وَعَلِمَ

ص: 336

إلَّا بِرِضَاهُ، وَلَوْ كَالَهُ أَجْنَبِيٌّ وَحَمَلَ بِلَا إذْنٍ لَزِمَهُ أَجْرُ الزَّائِدِ، وَالرَّدُّ إلَى مَوْضِعِ النَّقْلِ، إنْ طَالَبَهُ الْمُكْتَرِي وَضَمَانُ الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُكْتَرِي، وَإِنْ حَمَلَ بَعْدَ كَيْلِهِ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ نَظَرَ أَعَالِمٌ هُوَ، أَمْ جَاهِلٌ كَمَا مَرَّ (كَالْحُكْمِ فِي الْجَلَّادِ، إنْ زَادَ) عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ فَمَاتَ الْمَجْلُودُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِسْطَ الزَّائِدِ لَا نِصْفَ الدِّيَةِ فَيَضْمَنُ فِي أَحَدٍ وَثَمَانِينَ فِي الْقَذْفِ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ

. (وَلَا أَجْرَ لِمَا بِدُونِ شَرْطٍ) لِلْأَجِيرِ (عُمِلَا) كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ بِدُونِ شَرْطِ أَجْرٍ مَعْلُومٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ بِأَجْرٍ؛ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَطْعِمْنِي فَأَطْعَمَهُ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَعْرُوفِ بِهِ، وَغَيْرِهِ (لَا دَاخِلَ الْحَمَّامِ) فَإِنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ لِلْحَمَّامِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ بِسُكُونِهِ وَفِيمَا مَرَّ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ هُوَ الَّذِي صَرَفَهَا لِلْغَيْرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِمَا إذَا دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَمَّامِيِّ، فَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهَا حَتَّى أَتَى السَّاحِلَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ. وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، وَعَامِلِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنْ شَاءَ الْإِمَامُ بَعَثَهُ، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَجْرَهُ، وَإِنْ شَاءَ سَمَّى لَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ ثَابِتٌ لَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُسَمًّى شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ الْإِمَامُ حِينَ بَعَثَهُ (وَالْقَبَاءِ إنْ يَخِطْهُ) الْخَيَّاطُ بَعْدَ أَنْ فَصَّلَهُ، وَقَدْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ بَعْدَ تَفْصِيلِهِ (ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا أَذِنْ) فِيهِ الْمَالِكُ فَقَالَ الْخَيَّاطُ: كَذَا أَذِنْت لِي فَلِي الْأَجْرُ، وَقَالَ الْمَالِكُ: إنَّمَا أَذِنْت لَك فِي تَفْصِيلِهِ قَمِيصًا (فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَفْصِيلِهِ قَبَاءً كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: فَكَذَا فِي صِفَتِهِ، وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي الثَّوْبِ نَقْصًا وَادَّعَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَالتَّفَاوُتُ عَنَيْتُ) بِهِ كَغَيْرِي (أَرْشًا دُونَ أَجْرٍ ثَابِتُ) أَيْ:، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَبَاءً وَقَمِيصًا، وَهُوَ الْأَرْشُ ثَابِتٌ عَلَى الْخَيَّاطِ لِثُبُوتِ قَطْعِهِ قَبَاءً بِغَيْرِ إذْنٍ دُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: رَدُّ الزَّائِدِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَاهُ) فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِرَدِّهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَكْلِيفَهُ رَدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوَّلًا شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْمُكْتَرِي) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ كُلَّهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُكْرِي، مَعَهُ، وَالْقِسْطَ، إنْ كَانَ، مَعَهُ فَلْتُرَاجَعْ الثَّانِيَةُ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ كَيْلِهِ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: أَعَالِمٌ هُوَ أَمْ جَاهِلٌ كَمَا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ أَيْنَ مَرَّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَالِمِ، وَالْجَاهِلِ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا مُجَرَّدُ الْكَيْلِ، ثُمَّ حَمَلَ الْمُكْرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَلَا أَجْرَ عَالِمًا كَانَ الْمُكْرِي، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ، ثُمَّ حَمَلَ الْمُكْتَرِي فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا لِلْكُلِّ، إنْ انْفَرَدَ، وَالْقِسْطِ، إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ، وَالْجَهْلِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: وَلَا أَجْرَ لِمَا بِدُونِ شَرْطٍ عَمِلَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ مَحَلُّهُ، إذَا كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ نَحْوِهِ اسْتَحَقَّهَا؛ إذْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمْ الْمُقَابَلَةِ بِالْأَعْوَاضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالُوا فِيمَنْ دَخَلَ سَفِينَةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَصَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ، إذَا دَخَلَ بِلَا إذْنٍ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا، وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى مَالِكِهِ، وَلَا ضَمَانَ. اهـ. وَالْأَوْجُهُ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ السَّفِينَةِ وَسُكُوتُ الْمَالِكِ، مَعَ عِلْمِهِ بِهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ: إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ، بَلْ فِي الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي دَفْعِ الثَّوْبِ بِلَا عَقْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَكَيَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُسْتَأْجِرُ بِغَلَطِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَالَهُ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) وَلَوْ كَالَهُ الْمُؤَجِّرُ، وَحَمَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالزِّيَادَةِ فَكَمَا لَوْ كَالَ بِنَفْسِهِ، وَحَمَلَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا، وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُحَمِّلَهَا وَكَذَا إنْ جَهِلَ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَظَرَ أَعَالِمٌ هُوَ أَمْ جَاهِلٌ وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. (قَوْلُهُ: نَظَرَ أَعَالِمٌ هُوَ أَمْ جَاهِلٌ كَمَا مَرَّ) كَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا، إذَا كَانَ جَاهِلًا وَلَبَسَ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيُّ يَكُونُ الضَّمَانُ، وَالْأَجْرُ لِلزَّائِدِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَيَكُونُ الْأَجْنَبِيُّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا كَالْمُكْتَرِي بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكْرِي، إذَا كَانَ جَاهِلًا وَلَبَسَ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: لِمَا بِدُونِ شَرْطٍ) أَيْ: وَلَوْ تَعْرِيضًا كَأُرْضِيكَ، أَوْ لَا أُخَيِّبُك، أَوْ تَرَى مَا تُحِبُّهُ لَكِنْ فِي التَّعْرِيضِ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَطْعِمْنِي إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا إذَا دَخَلَ عَلَى طَبَّاخٍ وَقَالَ لَهُ: أَطْعِمْنِي رِطْلًا مِنْ لَحْمٍ فَأَطْعَمَهُ وَقَصَدَ الطَّبَّاخَ بِدَفْعِهِ أَخَذَ الْعِوَضَ سِيَّمَا وَقَرِينَةُ الْحَالِ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَلَهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الْمُتْلِفِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ) وَيَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَذِنْتُ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً، وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْرِيضِ لِلْقَمِيصِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُرْمِ وَسُقُوطَ الْأُجْرَةِ يَقْتَضِيهِمَا نَفْيُ الْإِذْنِ فِي الْقَبَاءِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ:

ص: 337

الْأُجْرَةِ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَمَا فَسَّرْت بِهِ الْأَرْشَ هُوَ مَا فِي شُرُوحِ الْحَاوِي، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ: لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْقَطْعِ (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ لِخَيَّاطٍ: إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَشْرُوطٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَالَ: هَلْ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ، ثُمَّ ذَكَرَ صُوَرًا تَنْفَسِخُ فِيهَا الْإِجَارَةُ فَقَالَ:(وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ) الْمُكْرَاةِ، وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُكْتَرِي انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ الْآخَرُ قَبْلَ قَبْضِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَطْ فَيَجِبُ هُنَا قِسْطُ مَا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى بِتَوْزِيعِهِ عَلَى أَجْرِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ شَهْرَيْنِ وَمَضَى شَهْرٌ وَأَجْرُ مِثْلِهِ ضِعْفُ أَجْرِ مِثْلِ مَا بَقِيَ وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ.

وَمَا ذَكَرَ مِنْ الِانْفِسَاخِ بِهَدْمِ الْمُكْتَرِي الدَّارَ لَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ تَخْرِيبَهُ لَهَا يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَخْرِيبٌ تَتَعَيَّبُ بِهِ لَا هَدْمٌ كَامِلٌ (وَتَلَفِ مُعَيَّنِ الْأَجِيرِ، وَالظَّهْرِ) أَيْ: وَبِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ مِنْ دَابَّةٍ مَثَلًا، أَوْ أَجِيرٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ (وَفِي حَجٍّ) انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلَ مَا مَرَّ فَقَوْلُهُ: وَفِي حَجٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْأَجِيرِ، فَلَوْ أَخَّرَ الْأَجِيرَ عَنْ الظُّهْرِ كَمَا فِي الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى وَعِبَارَتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

طَرِيقَةً أَنَّهُ، إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَرَى عَقْدٌ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْخِيَاطَةِ، ثُمَّ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ، وَالتَّحَالُفُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ. اهـ. (فَرْعٌ)

قَالَ الْخَيَّاطُ: هَذَا الثَّوْبُ الَّتِي دَفَعْتهَا إلَيَّ فَقَالَ الْمَالِكُ: لَيْسَتْ هِيَ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ وَتَبْقَى فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِمُنْكِرٍ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ) قُلْت: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ عَادَ الْمَالِكُ وَصَدَّقَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِلَا إقْرَارٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مُعَامَلَةٍ سم وَلَهُ أَيْ: الْخَيَّاطِ نَزْعُ خَيْطِهِ كَالصِّبْغِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّزْعِ، إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ أَيْ: فِي خَيْطِ الْخَيَّاطِ يَجُرُّهُ فِي الدُّرُوزِ مَكَانَهُ، إذَا نَزَعَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ شَرْحُ رَوْضٍ.

(قَوْلُهُ: بِتَوْزِيعِهِ إلَى قَوْلِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ ذَلِكَ: وَالْعِبْرَةُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا بِمَا بَعْدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. اهـ. وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مُنَافَاةُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي تَخْيِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْيِيبِ الْحَاصِلِ بِفِعْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَخْيِيرُهُ فِي الْإِبَاقِ الْحَاصِلِ بِتَقْصِيرِهِ فَتَقْيِيدُ الْمَاوَرْدِيِّ التَّخْيِيرَ فِيهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَقَالَةُ بِرّ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ مَقَالَةٌ مَا يَأْتِي فِي هَامِشِ، وَالنَّقْصُ خَيَّرَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ. (فَرْعٌ)

اخْتَلَفَا بَعْدَ تَلَفِ الدَّابَّةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: كَانَتْ إجَارَةَ ذِمِّيَّةً فَعَلَيْك بَدَلُهَا وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: كَانَتْ عَيْنِيَّةً فَلَا يَلْزَمُنِي لِانْفِسَاخِهَا فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، أَوْ يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ؟ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنَازُعُ قَصْدًا فِي لُزُومِ الْإِبْدَالِ وَعَدَمِهِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ) وَلَوْ الْقَدْرَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْقَمِيصِ مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ لِلْقَمِيصِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَلَهُ نَزْعُ خَيْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ إلَخْ) أَيْ كُلِّهَا فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ انْفَسَخَتْ فِيهِ وَبَقِيَ التَّخْيِيرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ حَائِطٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْتَرِي بِالْإِصْلَاحِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر فَإِنْ أَجَازَ فَفِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ الْقِسْطُ فَقَطْ لِلِانْفِسَاخِ فِي الْمُنْهَدِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا بِدِينَارٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ. اهـ. ع ش مَعْنًى. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ: لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ هُنَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَهُ عَيْبًا فِي الْبَيْعِ لَا فَسْخًا لِبَقَاءِ عَيْنِ

ص: 338

وَبِتَلَفِ مُعَيِّنِ الدَّابَّةِ، وَالْأَجِيرِ وَقَوْلُهُ:(إذَا أَحْرَمَ) أَيْ: الْأَجِيرُ لَيْسَ قَيْدًا لِلِانْفِسَاخِ، بَلْ لِمَا قَرَنَهُ بِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا كَانَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيُوَزَّعُ الْأَجْرُ عَلَى السَّيْرِ، وَالْأَرْكَانِ؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ لَا يُقَابِلَ السَّيْرَ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ تَعَبًا بِشَيْءٍ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ انْفَسَخَتْ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَقْصُودِ كَمَا لَوْ قَرَّبَ الْأَجِيرُ لِلْبِنَاءِ الْآلَةَ وَلَمْ يَبْنِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيِّنِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَا عَيَّنَ عَنْهُ

. (، وَالْأَرْضِ إذَا مَا فَسَدَتْ) بِزِيَادَةٍ مَا (بِنَحْوِ مَاءٍ، أَوْ قَذًى) عَلَاهَا بِحَيْثُ أَبْطَلَ مَنْفَعَتَهَا انْفَسَخَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلُ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَاءٍ، أَوْ قَذًى أَيْ: وَسَخٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ) الْمُكْرَاةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ (سِوَى مَنْ اكْتَرَى) أَيْ: غَيْرُ مَنْ اكْتَرَاهَا كَالْمُؤَجِّرِ، وَالْغَاصِبِ (وَمُدَّةَ الْإِيجَارِ كَانَا قَدَّرَا) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ كَانَا قَدَّرَا الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ انْفَسَخَتْ مُدَّةَ الْحَبْسِ، أَمَّا إذَا حَبَسَهَا الْمُكْتَرِي، أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِعَمَلٍ فَلَا انْفِسَاخَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الْأُولَى تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْمُكْتَرِي، وَالْإِجَارَةَ فِي الثَّانِيَةِ تَعَلَّقَتْ بِالْمَنْفَعَةِ دُونَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا وَيُخَالِفُ حَبْسَ الْمُكْتَرَى فِي مِثْلِهِ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ بِهِ الْأُجْرَةَ لَضَاعَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُكْرِي فَقَوْلُهُ:(انْفَسَخَتْ) يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ أَيْ: وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ (بِالْقِسْطِ) أَيْ: مَعَ قِسْطِ الْأَجْرِ فِي صُوَرِ الِانْفِسَاخِ فِي الْبَعْضِ بِتَوْزِيعِ الْمُسَمَّى كَمَا عُرِفَ (لَا، إنْ يَفْنَى) أَيْ: يَمُتْ (عَاقِدُهَا) مِنْ الْمُكْرِي، وَالْمُكْتَرِي فَلَا تَنْفَسِخُ، بَلْ، إنْ مَاتَ الْمُكْتَرِي خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ الْمُكْرِي تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُكْتَرَاةُ عِنْدَ الْمُكْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمَا الْتَزَمَهُ الْأَجِيرُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَفَّتْ بِهِ التَّرِكَةُ اكْتَرَى مِنْهَا، وَإِلَّا، فَإِنْ وَفَّاهُ الْوَارِثُ تَقَرَّرَ الْأَجْرُ، أَوْ لَمْ يُوَفِّهِ فَسَخَ الْمُكْتَرِي، وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيِّنِ فَلِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ.

(لَا الْأَوَّلُونَ بَطْنَا) نَفْيٌ لِلنَّفْيِ فَيَكُونُ إثْبَاتًا أَيْ: لَا، إنْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ أَجَرَ الْوَقْفَ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا فِيمَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ؛ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَلْتَقِي مِنْ الْأَوَّلِ، بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ. وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، إنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مِنْهُ، وَصَوَّرَهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنْ يَشْرِطَ النَّظَرَ لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ الْآتِي ذِكْرُهُ) سُئِلَ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ، وَإِنْ فَسَدَ الْإِحْرَامُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ، إذَا فَسَدَ انْقَلَبَ لِلْأَجِيرِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا

(قَوْلُهُ: وَالْأَرْضِ) يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى انْهِدَامِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَفَسَادِ الْأَرْضِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى انْهِدَامِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ: وَبِأَنْ انْهَدَمَتْ، أَوْ حَبَسَ، أَوْ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ، مَعَ تَقْدِيرِ إنْ الْمَصْدَرِيَّةِ هُنَا أَيْ: أَوْ إنْ حَبَسَ الْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ إجَارَتَيْ الْعَيْنِ، وَالذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي حَبْسِ الْأَجْنَبِيِّ) ، وَلَا خِيَارَ فِي حَبْسِ الْمُؤَجِّرِ كَمَا سَيَأْتِي بِرّ وَقَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ هَذَا قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَالْغَصْبِ عَنْ الْمَرَاوِزَةِ وَقِيَاسُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ عَدَمُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ غَصْبٌ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا انْفِسَاخَ) أَقُولُ قِيَاسُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْمُقَدَّرَةِ بِعَمَلٍ عَدَمُ التَّخْيِيرِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ حَبْسَ الْمُكْتَرِي) يُفِيدُ اسْتِقْرَارَ الْأُجْرَةِ بِحَبْسِ الْمُكْتَرِي، مَعَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَاسْتَقَرَّ أُجْرَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِطَ النَّظَرَ لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ النَّظَرَ لَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفَسِخُ) أَيْ بِمَوْتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا إلَخْ وَالْمُسْتَثْنَيَات الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَنْفَسِخْ فِيهَا الْإِجَارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ بَلْ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، أَوْ الْمُوصِي، أَوْ لِلْإِيجَارِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَكُلُّهُ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ

(قَوْلُهُ: لَا الْأَوَّلُونَ بَطْنًا) لَوْ كَانَ الْوَقْفُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ فَأَجَرَهُ الْمَوْجُودُ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ حَدَثَ مِنْهُمْ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ بِأَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَمَنْ يَحْدُثُ مِنْهُمْ فَحَدَثَ وَلَدٌ آخَرُ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهِ كَمَا فِي الْمُرَتَّبِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اِ هـ نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْبَطْنُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ وَهَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ إلَخْ) أَيْ فَالِانْفِسَاخُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الزَّائِدِ، ثُمَّ انْفَسَخَ بَلْ هُوَ بِمَعْنَى تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَكَذَا الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَيْ: نَاظِرِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِيَّةِ؛ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ نَظَرَهُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ نَظَرَهُ بِذَلِكَ صَارَ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ فَلَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، وَحَيْثُ قَيَّدَهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ فَانْفَسَخَتْ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الِانْفِسَاخِ عَلَى تَقْيِيدِ النَّظَرِ بِالْحِصَّةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ، أَوْ التَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ صَرِيحًا، وَإِنْ عَمَّ نَظَرُهُ جَمِيعَ الْوَقْفِ. اهـ. تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِكُلِّ بَطْنٍ) أَيْ: لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْبَطْنِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ، أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضَهُمْ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ، أَوْ أَجْنَبِيًّا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ نَقْلًا عَنْ ز ي عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: فِي حِصَّتِهِ) أَيْ: أَوْ فِي جَمِيعِ الْوَقْفِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ م ر. وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ) وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ

ص: 339

قَالَ الشَّارِحُ: وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُشْكِلَةٌ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ إجَارَةِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْبَطْنِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ، وَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَجَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَظْهَرُ فِيهِ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ وَمَا لَوْ أَجَرَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِإِقْطَاعٍ، أَوْ، وَصِيَّةٍ، ثُمَّ مَاتَ وَمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِهِ وَمَا لَوْ أَجَرَ مُدَبَّرَةً، ثُمَّ مَاتَ وَمَا لَوْ أَجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا

ــ

[حاشية العبادي]

فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ) وَلَمْ يُقَيِّدْ نَظَرَهُ بِنَصِيبِهِ، وَلَا بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِلَّا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ أَجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِإِقْطَاعٍ) لِلِانْتِفَاعِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَصِيَّةٍ بِأَنْ، أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَمَا صَوَّرَهَا بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ، مَعَ مَوْتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَكَذَا تَعَلُّقُ عِتْقِهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فِيمَا تَقَرَّرَ فِيهِ لَكِنَّ وُجُودَهَا يَعْنِي وُجُودَ الصِّفَةِ الَّتِي يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ فِيهَا فَلَا يُؤَجِّرُهُ مُدَّةً تُوجَدُ الصِّفَةُ فِيهَا كَمَا لَا يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَكَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةِ الْمُدَبَّرِ. اهـ. وَحَاصِلُ هَذَا الِانْفِسَاخُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ، مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ: مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لَا الْعَبْدِ لِظُهُورِ الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَكَتَبَ أَيْضًا افْهَمْ أَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا فَسْخَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا، إنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْوُقُوعِ كَدُخُولِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ فَالْفَسْخُ مُتَّجَهٌ كَالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. مَعَ مَا فِي أَعْلَى الْهَامِشِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ أَجَرَ أَمَتَهُ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ. (تَنْبِيهٌ)

قَدْ يَدُلُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ عَلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا لَوْ أَجَرَ النَّاظِرُ حَاكِمًا، أَوْ غَيْرَهُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالِانْفِسَاخِ لِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَالشَّخْصُ

ــ

[حاشية الشربيني]

رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ عَلَى تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ، وَالْقَابِضُ لِنَفْسِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْمُسْتَحِقُّ) بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ أَهْلِيًّا وَانْحَصَرَ فِيهِ بِأَنَّ لَمْ يَكُنْ فِي طَبَقَتِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِتَصِحَّ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أُجْرَةٍ الْمِثْلِ؛ إذْ لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ تَصِحَّ بِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ.

(قَوْلُهُ: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِإِقْطَاعٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِأَنْ يَنْتَفِعَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَصِيَّةٍ) لِرُجُوعِ الْمَنْفَعَة إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا رَجَعَتْ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ فَلَمَّا، أَوْصَى بِهَا وَحْدَهَا وَغَيَّاهَا بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ اسْتَتْبَعَتْهَا الْعَيْنُ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمَتْبُوعَةِ لَهَا. اهـ. ش الرَّوْضُ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَيْنِ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِمُدَّةِ الْحَيَاةِ لِلتَّأْبِيدِ فَتُورَثُ عَنْهُ لَا لِلتَّأْقِيتِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِهِ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: مَعَ مَوْتِهِ لِيَصِحّ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا أَنْ يَغْنَى عَاقِدُهَا وَلَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ

ص: 340

لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بَقَاءَ إجَارَتِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا أَصَحُّ (وَلَا بُلُوغِ الْمَا) أَيْ: لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَاقِدِ بِمَوْتِهِ كَمَا مَرَّ وَلَا إجَارَةُ الْوَلِيِّ، وَلَوْ حَاكِمًا، أَوْ قَيِّمِهِ لِلطِّفْلِ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بِبُلُوغِهِ بِالْمَاءِ الدَّافِقِ أَيْ: الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا حِينَ تَصَرُّفِهِ، وَقَدْ بَنَاهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلْيَلْزَمْ، فَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ. نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَإِجَارَةُ مَالِهِ كَإِجَارَةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ النَّاظِمُ بَدَلَ الْمَاءِ لِغَيْرِ السِّنِّ لَشَمِلَ الْحَيْضَ، وَالْحَبَلَ وَإِنْبَاتَ عَانَةِ طِفْلِ الْكُفَّارِ.

وَلَوْ أَجَرَ الْوَلِيُّ مَالَ الْمَجْنُونِ فَأَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالْمَنِيِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَلَا تَحْرِيرِ عَبْدٍ) أَيْ: وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِتَحْرِيرِهِ لَهُ فِي الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَتَحْرِيرُهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ، وَلِأَنَّهُ أَجَرَ مِلْكَهُ، ثُمَّ طَرَأَ مَا يُزِيلُهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَجَرَ، ثُمَّ مَاتَ وَخَرَجَ بِتَحْرِيرِهِ عِتْقُهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِ سَيِّدِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الثَّلَاثُ.

(وَمَا لِلْعَبْدِ مِنْ تَخْيِيرِ) فِي الْفَسْخِ بَعْدَ التَّحْرِيرِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لِلصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ، ثُمَّ بَلَغَتْ وَقَوْلُ الْحَاوِي بِلَا خِيَارٍ يَشْمَلُهُ كَمَا شَرَحَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَتَبِعَ النَّاظِمُ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ صَاحِبَ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيَّ فِي تَوْضِيحِهِ (وَلَمْ يَعُدْ) أَيْ: الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَتِهِ لِمَا بَعْدَ تَحْرِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَنَافِعِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ لَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِمَا يَسْتَوْفِيهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِعَيْبِهِ بَعْدَ تَحْرِيرِهِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ (وَنَفَقَاتِهِ) بَعْدَ تَحْرِيرِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (افْرِضْ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى تَنْقَضِي) الْمُدَّةُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ الْعَاجِزِينَ.

(وَالنَّقْصُ) الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ بِمَا تَتَفَاوَتُ بِهِ الْأُجْرَةُ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ وَانْكِسَارِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَانْهِدَامِ بَعْضِ جُدْرَانِهَا (خَيِّرْهُ) أَيْ: الْمُكْتَرِي (بِهِ) أَيْ: بِالنَّقْصِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، بَلْ عَلَى الْمُكْرِي فِيهَا الْإِبْدَالُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَكْرَى عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِي الْحَالِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَأَنَّهُ لِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ سَفِيهًا فَتَسْتَمِرُّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بَطَلَتْ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ عِنْدَ الْبُلُوغِ رَشِيدًا لَا أَنَّا نَحْكُمُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْبُطْلَانِ فِي الزَّائِدِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ، ثُمَّ تَغْيِيرُهُ إلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، إذَا بَلَغَ سَفِيهًا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَحِينَئِذٍ فَلِلْوَلِيِّ قَبْضُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ حَتَّى الْمُقَابِلَةِ لِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَلُزُومِ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِ الْوِلَايَةِ، فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا تَبَيَّنَّا الْبُطْلَانَ فِي الزَّائِدِ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَ قَوْلَ الرَّوْضِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ بِقَوْلِهِ: بِمَعْنَى أَنَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ فَتُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ مُزِيلُهَا، وَهُوَ الْبُلُوغُ رَشِيدًا م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَتَانِ: تَأَخُّرِ الْإِيلَادِ، أَوْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَنْ الْإِيجَارِ، فَلَا انْفِسَاخَ؛ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ) أَنَّهُمَا لِلْبَائِعِ وَيُفَارِقُ نَظِيرُهُ الْآتِي صُورَةَ الْبَيْعِ مِنْ فَيْءٍ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرِّبًا بِهِ، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعِتْقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْعِتْقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ) أَيْ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَهِيَ أَيْ: الطَّوَارِئُ الْمُوجِبَةُ لِلْفَسْخِ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ، وَهُوَ مَا يُنْقِصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ نَقْصًا يُؤَثِّرُ كَمَرَضِهَا وَانْهِدَامِ بَعْضِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَاعْوِجَاجِهَا وَتَغْيِيرِ مَاءِ الْبِئْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ، وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ. اهـ. لَكِنْ يَسْتَشْكِلُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، إذَا كَانَ النَّقْصُ بِفِعْلِهِ، مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ كَانْتِزَاعِ مَا غُصِبَ وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَا إذَا قَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ وَعَلِمَ بِهِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرَّق بَيْنَ مَا فِي الِابْتِدَاءِ وَمَا فِي الْأَثْنَاءِ. وَكَتَبَ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ أَيْ: النَّقْصِ الْحَاصِلِ لِلْمَأْجُورِ مَا لَوْ أَكْرَى إصْطَبْلًا، ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا فَيَمْتَنِعُ وَضْعُ نَحْوِ الزِّبْلِ فِيهِ وَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْصُ) وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ) خَرَجَ غَيْرُ الْحَاصِلِ لَهُ، وَإِنْ تَعَطَّلَتْ بِسَبَبِهِ الْمَنْفَعَةُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَتَعَذُّرِ رُقُودِ الْحَمَامِ وَعَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ لَهُ لِفِتْنَةٍ، أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ. (قَوْلُهُ: خَيَّرَهُ بِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ السِّنِّ، وَالِاحْتِلَامِ أَنَّ الِاحْتِلَامَ لَيْسَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَلَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ، بِخِلَافِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، فَإِنَّ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَتَنْفَسِخُ فِيمَا جَاوَزَ الْمُدَّةَ عَزِيزِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ هُنَا وَبُطْلَانِهَا بِمَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ إنَّمَا هُوَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ، وَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ. اهـ. سم عَلَى ش الْغَايَةِ

(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) نَقَلَ النَّاشِرِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ

ص: 341

حَدَثَ النَّقْصُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، أَمْ بَعْدَهُ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا فِي الثَّانِي: الْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ، إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَأَرَادَ الْفَسْخَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي وَحْدَهُ وَحُكْمُهُمَا مَذْكُورٌ فِي الْبَيْعِ وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِالْفَسْخِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ مَنْعِ الْفَسْخِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْشَ، وَالْمُفْتَى بِهِ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ تَبَعًا لِلنَّصِّ بَلْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالْقَمُولِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى مَا إذَا أَجَرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ.

وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَعْدُومٍ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (كَالْغَصْبِ وَكَالْإِبَاقِ) أَيْ: كَمَا يُخَيَّرُ بِغَصْبِ الْمَأْجُورُ وَبِإِبَاقِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ إذَا لَمْ تَنْقُضْ الْمُدَّةُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، فَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْفَسْخُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَتُبَدَّلُ الْعَيْنُ الْمُعَيَّنَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَلَا فَسْخَ فِيهَا، نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ انْفَسَخَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِالْفَسْخِ) أَيْ: أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِي الْبَاقِي فَقَطْ بِرّ. (قَوْلُهُ: مَنْعِ الْفَسْخِ) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: كَالْغَصْبِ، إنْ فَسَخَ) فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ أَجَازَ طَالَبَ الْغَاصِبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ غَصَبَ الْعَيْنَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ، وَالتَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ، أَوْ بِالزَّمَانِ انْفَسَخَتْ فِيمَا انْقَضَى مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ؛ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ، وَلَا بَعْدَهُ لِلِانْفِسَاخِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ) فَإِنْ قُلْت: الْخِيَارُ هُنَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الْفَوْرِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ خِيَارَ الْإِجَارَةِ، إذَا كَانَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ قُلْت: بَلْ يُتَصَوَّرُ هُنَا غَيْرُ خِيَارِ التَّفْرِيقِ أَيْضًا وَيَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَيَتَخَيَّرُ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا تَفْرِيقَ هُنَا وَفِيمَا إذَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِعَمَلٍ، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمَرَاوِزَةِ؛ إذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَى هَذَا أَيْضًا، بَلْ، إنْ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ وَمَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ بِجِهَتَيْنِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ التَّفْرِيقُ عَلَى الْفَوْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالرَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لِلسَّيِّدِ؛ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ. اهـ. وَفِي ش الرَّوْضَةِ تَوْجِيهُ جَعْلِ الْمَنَافِعِ لِلْعَتِيقِ بِأَنَّ الْمُعْتِقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرِّبًا بِالْعِتْقِ، وَالشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ؛ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْمُعْتِقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَسَخَ، أَوْ أَجَازَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ بَعْدَهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِهَا، أَوْ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا، خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي حَيْثُ مَنَعَ الثَّانِيَ، وَإِنْ رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ الْفَرْقَ الْآتِيَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ ش م ر بَعْدَ نَقْلِ جَوَازِ الْفَسْخِ إذَا طَرَأَتْ آفَةٌ سَوَاءٌ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَمْ لَا مَا نَصُّهُ: وَعَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمُهُ، إذَا بَانَ الْعَيْبُ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. اهـ. وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي، وَالْجُمْهُورِ فِيمَا، إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ فَقَطْ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي، وَالْجُمْهُورِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، بَلْ عِبَارَتُهَا كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْعَبْدَيْنِ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا فَلْتُرَاجَعْ الرَّوْضَةُ مِنْ بَابِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: الْوَجْهُ إلَخْ) حَمَلَهُ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا، أَوْ بَهِيمَةً، أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ يُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْأُجْرَةِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْبَاقِي لَا فِي الْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوُجِّهَ إلَخْ) وَوُجِّهَ أَيْضًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا يُخَيَّرُ إلَخْ) وَالْخِيَارُ هُنَا عَلَى الْفَوْرِ بِمَعْنَى

ص: 342

كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا خِيَارَ وَلَا انْفِسَاخَ، بَلْ عَلَى الْمُكْرِي الْإِبْدَالُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَيْنِيَّةِ بَيْنَ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ، وَالْمُقَدَّرَةِ بِعَمَلٍ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَرَاوِزَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الثَّانِيَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي حَبْسِ الْمُكْرِي الْمَأْجُورَ (وَانْقِطَاعِ الشِّرْبِ) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ: وَكَانْقِطَاعِ شِرْبِ الْأَرْضِ الْمُكْرَاةِ لِلزَّرْعِ أَيْ: حَظِّهَا مِنْ الْمَاءِ (لَا أَنْ يُبَادِرَ) أَيْ: الْمُكْرِي (بِتَدَارُكٍ) لِذَلِكَ بِإِصْلَاحِ مَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ وَانْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ وَرَدِّ الْآبِقِ وَإِجْرَاءِ الْمَاءِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِزَوَالِ مُوجِبِهِ (وَلَا إنْ يَفْسُدْ الزَّرْعُ) بِجَائِحَةٍ (وَيَفْقِدْ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: الْمُكْرِي، أَوْ الزَّرْعُ (خَلَلَا فِي أَرْضِهِ) فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَحِقَتْ مَالَهُ لَا مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ احْتِرَاقَ الْبَزِّ فِي الدُّكَّانِ الْمُكْرَى وَخَرَجَ بِفَقْدِ الْخَلَلِ فِي الْأَرْضِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا إذَا لَمْ يَفْقِدْ بِأَنْ فَسَدَتْ الْأَرْضُ بِالْجَائِحَةِ أَيْضًا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ فَسَادُهَا بَعْدَ فَسَادِ الزَّرْعِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْقَابِلِ وَهَلْ يَسْتَرِدُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فِي الْمَاضِي فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ صَلَاحِيَّةُ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي فِيهَا نَفْعٌ بَعْدَ فَوَاتِ الزَّرْعِ، وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ يَسْتَرِدُّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْأَرْضِ عَلَى صِفَتِهَا مَطْلُوبٌ، فَإِذَا زَالَتْ ثَبَتَ الِانْفِسَاخُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ اسْتَرَدَّ أُجْرَةَ الْقَابِلِ، وَكَذَا الْمَاضِي عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَمْ يَسْلَمْ إلَى الْآخِرِ.

(أَوْ حَبَسَ الْمُكْرِي) الْمَأْجُورَ إجَارَةً عَيْنِيَّةً (بِلَا تَقْدِيرِ مُدَّةٍ) بِأَنْ قَدَّرَ بِالْعَمَلِ كَأَنْ أَجَرَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا وَحَبَسَهَا مُدَّةً يُمْكِنُ فِيهَا الْمَسِيرُ إلَيْهِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي كَمَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ تَسْلِيمَ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُبَادَرَةِ، إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ بِهِ وَمِنْ حَيْثُ غَيْرُهُ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى لَوْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ خِيَارَ التَّفْرِيقِ فَلَهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِهِ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ فَسَخَ نَفَذَ الْفَسْخُ، وَلَوْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِغَيْرِهِ وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِالتَّفْرِيقِ، فَإِنْ بَادَرَ بِهِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا فَأَمْكَنَ انْفِرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْمُكْرِي الْإِبْدَالُ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِيهَا كَمُعَيَّنِ الْعَقْدِ فَبِتَلَفِهِ يَنْفَسِخُ التَّعْيِينُ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا، إذَا لَمْ يُقَدِّرْ بِزَمَنٍ، وَإِلَّا انْفَسَخَتْ بِمُضِيِّهِ حَجَرٌ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ امْتَنَعَ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ عِنْدَ يَسَارِهِ بِذَلِكَ دُونَ إعْسَارِهِ، بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَرَاوِزَةِ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْمُدَّةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ مَا يَشْمَلُ مُضِيَّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: بَلْ يَسْتَوْفِيهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ أَقُولُ يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدَمُ الِانْفِسَاخِ فِي الْمُقَدَّرَةِ بِعَمَلٍ، إذَا حَبَسَهَا غَيْرُ الْمُكْتَرِي حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ سَوَاءٌ مِنْ الْمُكْتَرِي إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ، إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَيْ: مُدَّةُ إمْكَانِ الْعَمَلِ عَدَمُ التَّخْيِيرِ فِي الْأَثْنَاءِ، وَالْحَبْسُ غَصْبٌ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَانْقِطَاعِ الشِّرْبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ أَيْ: بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ الِانْفِسَاخُ لِبَقَاءِ اسْمِ الْأَرْضِ، مَعَ إمْكَانِ زِرَاعَتِهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ، إذَا لَمْ يُمْكِنْ زِرَاعَتُهَا بِغَيْرِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْقَابِلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَسْتَرِدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي إلَخْ) إنْ سَاغَ الزَّرْعُ ثَانِيًا لَوْ لَمْ تَفْسُدْ الْأَرْضُ أَشْكَلَ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ) يَنْبَغِي، أَوْ مَعَهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ م ر. (قَوْلُهُ: إجَارَةً عَيْنِيَّةً) اُنْظُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ، مَعَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ كَذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي حَبْسِ الْمُؤَجِّرِ: وَلَوْ قُدِّرَتْ بِالْعَمَلِ لَمْ تَنْفَسِخْ كَالَّتِي فِي الذِّمَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّهُ مَتَى مَضَتْ مُدَّةٌ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ فَسَخَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةٌ أُخْرَى انْفَسَخَتْ فِيهَا الْإِجَارَةُ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَاقِي عَلَى الْفَوْرِ وَهَكَذَا فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَتْ، وَالْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ زَالَ الْغَصْبُ وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي الْبَاقِي عَلَى الْفَوْرِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِجْرَاءِ الْمَاءِ) أَيْ: وَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ بَاقٍ فَإِنْ انْقَضَى وَقْتُ الزِّرَاعَةِ فَلَا إبْدَالَ ش الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي إلَخْ) يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ إبْدَالُ الزَّرْعِ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِهَا كَمَا فِي الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْإِبْدَالُ لِبَقَاءِ وَقْتِ ذَلِكَ الزَّرْعِ، لَكِنَّهَا تَلِفَتْ تَنْفَسِخْ وَيَسْتَرِدَّ أُجْرَةَ الْمُسْتَقْبَلِ وَكَذَا الْمَاضِي

ص: 343