المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع ترك العدل في عطية الأولاد والوالدين وكيفيته التسوية بين الذكور والإناث] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: ‌[فرع ترك العدل في عطية الأولاد والوالدين وكيفيته التسوية بين الذكور والإناث]

الِاثْنَيْنِ وَإِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ مِنْ فَرْعِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ وَقَوْلُهُ: وَالْإِتْلَافُ وَالْإِيلَادُ مَعَ خِلَافٍ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَرْعٌ) يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرِينَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ وَلَوْ رَجَعَ جَازَ بَلْ حَكَى فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ فِي الزَّائِدِ وَإِذَا عَدَلَ كُرِهَ الرُّجُوعُ مَعَ عِفَّةِ الْوَلَدِ الْبَارِّ فَلَوْ كَانَ عَاقًّا أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَنْذَرَهُ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ الرُّجُوعُ

(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

اللُّقَطَةُ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِهَا وَيُقَالُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلَقَطٌ بِفَتْحِهِمَا بِلَا هَاءٍ وَهِيَ لُغَةً: الشَّيْءُ الْمَلْقُوطُ وَشَرْعًا مَا وُجِدَ مِنْ حَقٍّ ضَائِعٍ مُحْتَرَمٍ لَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَك فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَا لَك وَلَهَا دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ فَقَالَ: خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ.» وَفِي الِالْتِقَاطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُلْتَقِطَ أَمِينٌ فِيمَا الْتَقَطَهُ وَالشَّرْعُ وَلَّاهُ حِفْظَهُ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الطِّفْلِ وَفِيهِ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ التَّمَلُّكَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَفِي الْمُغَلَّبِ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ الثَّانِي لِقَوْلِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَلِصِحَّةِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّبِيِّ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ صِحَّةِ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ وَسَيَأْتِي وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَرَجَّحَ الْخُوَارِزْمِيّ الصِّحَّةَ كَمَا يَصِحُّ اصْطِيَادُهُ وَاحْتِطَابُهُ وَأَرْكَانُ اللُّقَطَةِ ثَلَاثَةٌ: الْتِقَاطٌ، وَمُلْتَقِطٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَمُلْتَقَطٌ بِفَتْحِهَا كَمَا تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (مُكَاتَبٌ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (وَالْحُرُّ) كُلًّا (أَوْ بَعْضًا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَدْلِ إلَخْ) احْتَجَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ إنْ تَفَاوَتُوا حَاجَةً فَلَيْسَ فِي التَّفْضِيلِ وَالتَّخْصِيصِ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ الرُّجُوعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ الْقِيَاسُ فِي الثَّانِيَةِ اسْتِحْبَابُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَأَمَّا الْعَاقُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ زَادَهُ الرُّجُوعُ عُقُوقًا كُرِهَ أَوْ أَزَالَهُ اُسْتُحِبَّ أَوْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا أُبِيحَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ عَدَمِهِ.

. (بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ) .

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ الثَّانِي) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الثَّانِي صِحَّةَ الْتِقَاطِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيُجَابُ بِاسْتِثْنَاءِ هَذَا الِاكْتِسَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ وَرْطَةِ التَّعْرِيفِ وَالرَّدِّ إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ فَاحْتِيجَ لِإِذْنِ السَّيِّدِ الَّذِي يَعُودُ عَلَيْهِ ضَرَرُ تِلْكَ الْوَرْطَةِ فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّيْخَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ صِحَّةِ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضًا) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُبَعَّضِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الِالْتِقَاطُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَلَمْ يَأْذَنْ فَلْيُنْظَرْ فَإِنَّ الْأَوْجَهَ اعْتِبَارُ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي نَوْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا كَمُتَمَحِّضِ الرِّقِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

هِيَ عَقْدًا تَدَبَّرْ

[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

(قَوْلُهُ: فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ) وَيُكْرَهُ أَيْضًا تَرْكُهُ فِي عَطِيَّةِ الْإِخْوَةِ إلَّا أَنَّهَا دُونَ كَرَاهَتِهِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَتُسَنُّ صِلَةُ الرَّحِمِ وَتَحْصُلُ بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ كَبِيرَةٌ قَالَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ م ر: وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ الْكَرَاهَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ ع ش: وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجَرٍ أَنَّ الْوَعْدَ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ كَبِيرَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُ عِنْدَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ يَكُونُ كَذِبًا وَقَوْلُ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تُسَنُّ صِلَةُ الرَّحِمِ أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ صِلَةٌ فَيَحْرُمُ قَطْعُهَا كَمَا نَقَلَهُ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْخَطِيبِ

[بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ]

. (بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ) . (قَوْلُهُ: مَا وُجِدَ إلَخْ) يَدْخُلُ فِيهِ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ أَوْ أَلْقَاهُ هَارِبٌ فِي حِجْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَالِكَهُ أَوْ أَلْقَتْهُ الْبِحَارُ عَلَى السَّوَاحِلِ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الْوَدَائِعِ الْمَجْهُولَةِ وَلَمْ تُعْرَفْ مُلَّاكُهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لُقَطَةً أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ الضَّيَاعُ بِالسُّقُوطِ أَوْ الْغَفْلَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا كَالنَّوْمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ سَأَلَ) وَالسَّائِلُ هُوَ سَيِّدُنَا بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَرِقِ) أَوْ لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ لَا لِلشَّكِّ. اهـ. جَمَلٌ عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرِّفْهَا) أَشَارَ بِثُمَّ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ التَّعْرِيفِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَاسْتَنْفِقْهَا) أَيْ: بَعْدَ صِيغَةِ تَمَلُّكٍ. (قَوْلُهُ: وَدِيعَةً) أَيْ: كَالْوَدِيعَةِ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الرَّدِّ لِلْبَدَلِ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا وَقِيلَ إنْ لَمْ تَتَمَلَّكْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَشَأْنُك) أَيْ: الْزَمْ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ) أَيْ: ابْتِدَاءً وَفِيهِ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ انْتِهَاءً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ. اهـ. زي

ص: 393

وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا مَعْصُومًا أَوْ مُرْتَدًّا (لَقَطْ) كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَازًا (مَا ضَاعَ) مِنْ مُخْتَصِّ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ (بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ أَوْ سَقَطْ) أَيْ أَوْ بِسُقُوطِهِ إذَا وَجَدَهُ فِي شَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ مَوَاتٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ دَخَلَهَا الْمُلْتَقِطُ بِأَمَانٍ فَإِنْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَخَرَجَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ الرَّقِيقُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِلْوِلَايَةِ وَسَيَأْتِي وَبِالْغَفْلَةِ وَالسُّقُوطِ مَا ضَاعَ بِغَيْرِهِمَا كَأَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ أَوْ أَلْقَى إلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ كِيسًا فِي هَرَبِهِ أَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ عَنْ وَدَائِعَ لَا يَعْرِفُ مُلَّاكَهَا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُحْفَظُ وَلَا يُتَمَلَّكُ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا لَا يُلْتَقَطُ إلَّا لِلْحِفْظِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَمَّا مَا وُجِدَ فِي مِلْكٍ فَهُوَ لِذِي الْيَدِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ.

وَالْمُلْتَقَطُ (كَنَبْشِ) بِمَعْنَى مَنْبُوشٍ أَيْ: كَدَفِينِ (غَيْرِ جَاهِلِيِّ الضَّرْبِ) بِأَنْ كَانَ إسْلَامِيَّهُ أَوْ عَلَيْهِ الضَّرْبَانِ أَوْ خَالِيًا عَنْهُمَا كَغَيْرِ الْمَدْفُونِ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ جَاهِلِيَّ الضَّرْبِ فَرِكَازٌ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (لَا الْعَبْدِ ذِي التَّمْيِيزِ) فَلَا يَلْتَقِطُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى مَالِكِهِ بِالدَّلَالَةِ.

(لَا) إنْ وَجَدَهُ. (فِي) زَمَنِ (نَهْبِ) أَوْ نَحْوِهِ كَغَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ حِينَئِذٍ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا. اهـ. وَفِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ تَمَلُّكَ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ هَلْ يَخْتَصُّ بِالْآذِنِ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ بِجُمْلَةِ الْبَدَنِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَثَانِيهَا أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ الْآخَرُ فَهَلْ يَمْتَنِعُ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُقْتَضِي أَوْ لَا يَمْتَنِعُ وَلَا يَكُونُ النَّهْيُ مَانِعًا مَعَ إذْنِ الْوَلِيِّ فِيهِ نَظَرٌ وَثَالِثُهَا لَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ أَوْ وَقَعَ الْإِذْنُ فِي نَوْبَةِ الْآذِنِ فَإِنْ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ لَمْ يَبْعُدْ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْآذِنِ فَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ التَّمَلُّكِ بِهِ حَيْثُ وَقَعَ الِالْتِقَاطُ فِيهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا إذَا أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ مَنَعَ الْآخَرُ أَنْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ فِي نِصْفِ مَا الْتَقَطَهُ لِلْآذِنِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرَطَ الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ. اهـ. وَفِي النَّاشِرِيِّ مَا نَصُّهُ. (تَنْبِيهٌ)

يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَخْذُ اللُّقَطَةِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكُهَا لِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ مِنْ الضَّمَانِ. اهـ. فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ مَا لَمْ يُحْمَلْ الصَّبِيُّ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيَّزِ سم. (قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) أَخْرَجَ الْحَرْبِيَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ الرَّقِيقُ) الْمَحْضُ. (قَوْلُهُ: يُحْفَظُ وَلَا يُتَمَلَّكُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ مَا لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يَحْفَظْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَهُ حِفْظُهُ فَهَلْ يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ أَنَّ أَمْرَ الْمَالِ الضَّائِعِ إلَى الْإِمَامِ سم. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهْ فَلُقَطَةٌ) بِخِلَافِ الرِّكَازِ فَإِنَّهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهْ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ: كَنَبْشٍ غَيْرِ جَاهِلِيِّ الضَّرْبِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا فِي مَعْنَى مَا ضَاعَ بِالْغَفْلَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ الْعَبْدِ ذِي التَّمْيِيزِ)، أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لَا الْمُمَيِّزِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَرِيقٍ) بِحَيْثُ يَخْشَى ذَلِكَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْتِقَاطُهُمْ لِلْحِفْظِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَتُنْزَعُ مِنْهُمْ إلَى عَدْلٍ وَيُضَمُّ إلَيْهِمْ مُشْرِفٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُمْ إلَّا إذَا كَانَ التَّمَلُّكُ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَدًّا) لَكِنْ لَا يَتَمَلَّكُ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَا فِي ع ش وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ حَالًا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوَاتٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) خَرَجَ بِالْمَوَاتِ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ فَلَيْسَ مَا وُجِدَ فِيهَا لُقَطَةً بَلْ هُوَ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنْ نَفَاهُ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي فَهُوَ لَهُ وَإِنْ نَفَاهُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَعَرَّضَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ الْآخِذُ مُسْلِمًا وَانْظُرْ حُكْمَ الذِّمِّيِّ وَنَحْوَهُ وَرَاجِعْ بَابَ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَدْ رَاجَعْنَا الْبَابَ الْمَذْكُورَ فَوَجَدْنَا أَنَّ مَا أَخَذَهُ الذِّمِّيُّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِقِتَالٍ أَوْ بِدُونِهِ كَاخْتِلَاسٍ وَالْتِقَاطٍ كُلُّهُ لِلْآخِذِ وَلَا يُخَمَّسُ. اهـ. تَأَمَّلْ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا مُسْلِمٌ سَوَاءٌ دَخَلَ الذِّمِّيُّ دَرَاهُمْ بِأَمَانٍ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ع ش فِي بَابِ حُكْمِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارِ حَرْبِيٍّ وَفِيهَا مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ: فَهِيَ لُقَطَةٌ وَبَعْدَ تَعْرِيفِهَا تَكُونُ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا مُسْلِمٌ) مِثْلُهُ الذِّمِّيُّ سم عَلَى الْغَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْطَى لَهُ قَهْرًا وَلَوْ نَفَاهُ.

ص: 394

زِيَادَتِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ مُطْلَقًا، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ لَا الْمُمَيِّزِ قَدْ يَشْمَلُهَا لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْتِقَاطِهَا لِلتَّمَلُّكِ إذَا لَمْ تَحِلَّ كَمَا سَيَأْتِي (وَعِنْدَ أَمْنٍ) لِلْوَاجِدِ (مِنْ خِيَانَةٍ) مِنْهُ فِيمَا الْتَقَطَهُ (نُدِبْ) لَهُ الْتِقَاطُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مَالِكِهِ فَلَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ خِيَانَتَهُ فِيهِ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ الِالْتِقَاطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا فِي الْحَالِ (كَنَدْبِ الْإِشْهَادِ بِهِ) أَيْ بِالِالْتِقَاطِ لِيَأْمَنَ مِنْ تَمَلُّكِهِ لَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ أَوْ تَمَلُّكِ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَجِبْ) أَيْ: الْإِشْهَادُ بِهِ كَمَا لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ الْوَدِيعَةِ إذَا قَبِلَهَا وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي خَبَرِ زَيْدٍ وَأَجَابُوا عَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيَّبْ» بِحَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى النَّدْبِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا لَا جَرَمَ صَحَّحَهُ جَمَاعَاتٌ وَقَوَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنْ قَالَ فِي غَيْرِهِ كَالرَّافِعِيِّ الْمَذْهَبُ النَّدْبُ (مُعَرِّفًا) أَيْ: نُدِبَ لَهُ الْإِشْهَادُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُعَرِّفًا عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ الشُّهُودَ (شَيْئًا) مِنْ أَوْصَافِهَا لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا كَمَا أَفْهَمَهُ لَفْظُ شَيْئًا لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ كَاذِبٌ إلَيْهَا بَلْ يَصِفُهَا لَهُمْ بِأَوْصَافٍ يَحْصُلُ بِالْإِشْهَادِ بِهَا فَائِدَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ الْإِمَامُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ الِاسْتِيعَابِ لَا نَرَاهُ يَنْتَهِي إلَى التَّحْرِيمِ.

وَلَقْطُ مَا ضَاعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ (لِحِفْظِهِ) أَوْ لِتَمَلُّكِهِ أَوْ لِقَصْدِ الْخِيَانَةِ فِيهِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

صَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ فَشَمِلَتْ الْغَرَقَ وَالْحَرْقَ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لَكِنْ يَحْتَاجُ لِتَمْيِيزِ الْتِقَاطِهِ مِنْ لَقْطِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) وَقِيلَ يَجِبُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا إنْ تَرَكَهَا وَجَبَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَقْيِيدَ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَجَبَ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تِلْكَ بِيَدِ مَالِكِهَا. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا، وَأَمَّا مَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا فَقَدْ يَعْتَذِرُ عَنْهُ بِعُذْرِ الْمَالِكِ هُنَا بُغْيَتُهُ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ مَاتَ رَقِيقُهُ فِي سَفَرٍ وَخَافَ ضَيَاعَ أَمْتِعَتِهِ وَجَبَ نَقْلُهَا مَجَّانًا وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا حَاضِرًا مَا وَجَبَ ذَلِكَ مَجَّانًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الْوُجُوبِ مَعَ حِكَايَتِهِمَا قَوْلًا بِالْوُجُوبِ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ضَيَاعُهَا حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا فِي تَصْحِيحِ عَدَمِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِأَخْذِهَا وَحِفْظِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ) قَدْ يُنَاقَشُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عَنْهُ فِي خَبَرِ زَيْدٍ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ لِيَحْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: لَا نَرَاهُ يَنْتَهِي إلَى التَّحْرِيمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُ اللُّقَطَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّوْضَةِ حَيْثُ حَكَى وُجُوبَ الْأَخْذِ عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ الضَّيَاعِ طَرِيقًا مُقَابِلًا لِلْأَصَحِّ اهـ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ حَجَرٌ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ وَخَالَفَ م ر فَقَالَ: إنْ تَعَيَّنَ وَخَافَ الضَّيَاعَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا) : الْفَاسِقُ وَلَوْ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا فِي الْمَالِ فَيُكْرَهُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ وَيَحْرُمُ لِلْحِفْظِ وَمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ فَهُوَ اللَّاقِطُ وَمِنْهُ االْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ فِي م ر وَلَا الْمَنْهَجِ فَلْتُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ مُعَرِّفًا شَيْئًا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ هُنَا مَا يَعُمُّ الْخَارِجِيَّ كَالْوِعَاءِ وَالْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِذِكْرِ أَوْصَافٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ هُنَاكَ مِنْ ذِكْرِ أَوْصَافِهَا كَدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إذْ لَا يُفِيدُ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهَا كَذَا فِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ عَلَى الْحَاوِي. اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ) وَأَمَّا مَعْرِفَةُ أَوْصَافِهَا فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الِالْتِقَاطِ وَوَاجِبَةٌ عِنْدَ التَّمَلُّكِ لِيَعْرِفَ مَا يَدْفَعُهُ لِلْمَالِكِ إنْ ظَهَرَ ق ل

ص: 395

أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَمَنْ) لَقَطَ (لِلْحِفْظِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْرِيفٌ إذَنْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ وَصَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لُزُومَهُ وَجَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَقْوَى وَالْمُخْتَارَ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا فِي لُقَطَةِ غَيْرِ الْحَرَمِ أَمَّا لُقَطَةُ الْحَرَمِ فَيَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا قَطْعًا لِلْخَبَرِ الْآتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَقَطَهُ لِغَيْرِ الْحِفْظِ لَزِمَهُ تَعْرِيفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَرَادَ التَّمَلُّكَ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ بَلْ إنْ الْتَقَطَهُ لِلْخِيَانَةِ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى الْقَاضِي.

(وَلِتَمَلُّكٍ) بِالتَّنْوِينِ وَبِتَرْكِهِ أَيْ: لَقَطَ مَا ضَاعَ لِحِفْظِهِ وَلِتَمَلُّكِ (سِوَى الْمُمْتَنِعِ فِي الْمُهْلَكَاتِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ جَمْعُ مَهْلَكَةٍ أَيْ: مَفَازَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (مِنْ صَغِيرِ السَّبُعِ) كَذِئْبٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ فَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ كَشَاةٍ وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ بِمَفَازَةٍ وَغَيْرِهَا صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ بِقُوَّتِهِ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ وَحِمَارٍ أَوْ بِعَدْوِهِ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ فِي غَيْرِ زَمَنِ النَّهْبِ أَوْ نَحْوِهِ امْتَنَعَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ نَحْوُهُ وَلِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ مَالِكُهُ لِتَطَلُّبِهِ لَهُ فَإِنْ الْتَقَطَهُ لِذَلِكَ ضَمِنَهُ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَإِنْ وَجَدَهُ بِقَرْيَةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ بِقُرْبِهِمَا جَازَ الْتِقَاطُهُ؛ لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِعَدَمِ وِجْدَانِهِ مَا يَكْفِيهِ وَبِامْتِدَادِ الْيَد الْخَائِنَةِ إلَيْهِ لِعُمُومِ طُرُوقِ النَّاسِ بِالْعُمْرَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّخْلِيصِ مَا لَوْ وَجَدَ بَعِيرًا مُقَلَّدًا أَيَّامَ مِنًى فَالنَّصُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَيُعَرِّفُهُ أَيَّامَ مِنًى فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا نَحَرَهُ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ

ــ

[حاشية العبادي]

بَلْ يُكْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، ثُمَّ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِشْهَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ ظَالِمًا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ الْإِشْهَادُ وَكَذَا التَّعْرِيفُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ حُرْمَةِ الِاسْتِيعَابِ عَدَمُ الضَّمَانِ بِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاسْتِيعَابَ فِي التَّعْرِيفِ مُضَمَّنٌ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ نَعَمْ لَوْ أَشْهَدَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ مَعَ كَثْرَةِ الْحَاضِرِينَ بِالْحِفْظِ عَلَيْهَا مِنْهُمْ مُسْتَوْعِبًا فَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ التَّمَلُّكَ) أَيْ: أَوْ الِاخْتِصَاصَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَقْصِدْ حِفْظًا وَلَا تَمَلُّكًا

(قَوْلُهُ: وَبِتَرْكِهِ) هُوَ الْأَحْسَنُ بَلْ الصَّوَابُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُمْتَنَعَ فِي الْمُمْتَنِعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لُقَطَةٌ لِلتَّمَلُّكِ، وَأَمَّا لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَالشَّارِحِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَا أَفْهَمَهُ، وَقَوْلُهُ: لِيُفِيدَ إلَخْ مِنْ عَدَمِ إفَادَةِ التَّنْوِينِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَيْ: لَفْظُ مَا ضَاعَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى بَيَانِ تَعَلُّقِ لِحِفْظِهِ بِقَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ لَقَطَ وَعَطَفَ قَوْلَهُ وَلِتَمَلُّكٍ عَلَى لِحِفْظِهِ وَبَيَانُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ لِلْحِفْظِ إلَخْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ. (قَوْلُهُ كَبَعِيرٍ لَوْ وَجَدَهُ مُحَمَّلًا) فَيُتَّجَهُ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ فَلَهُ الْتِقَاطُ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ وَالْتِقَاطُهُ وَهُوَ لِلْحِفْظِ دُونَ التَّمَلُّكِ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ زَمَنِ النَّهْبِ)، أَمَّا فِي زَمَنِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَقَطَهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّمَلُّكِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْلَكَاتِ مَاءٌ تَكْفِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِلْحِفْظِ) خَصَّ الزَّرْكَشِيُّ الْمُلْتَقَطَ لِلْحِفْظِ بِالْمُسْلِمِ الْأَمِينِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَلْتَقِطُ إلَّا لِلتَّمَلُّكِ فَلَوْ الْتَقَطَ غَيْرُهُ لِلْحِفْظِ وَأَخَذَهَا مِنْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ الْمُلْتَقِطُ وَفِي الْعُبَابِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْتِقَاطِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ الْأَمِينِ لِلْحِفْظِ وَفِي شَرْحِ م ر تَخْصِيصُ اللَّقْطِ لِلْحِفْظِ بِالثِّقَةِ.

(قَوْلُهُ: لُزُومَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر، ثُمَّ قَالَ: فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ لَوْ بَدَا لَهُ بَعْدُ. اهـ. وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ تَرْكِ التَّعْرِيفِ وَهَلْ هُوَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّعْرِيفُ وَلَمْ يَفْعَلْ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر ضَبْطَهُ بِأَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ زَمَنٍ تُطْلَبُ فِيهِ عَادَةً وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِعِظَمِهَا وَحَقَارَتِهَا. (قَوْلُهُ: دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي) وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِدَفْعِهِ لِقَاضٍ أَمِينٍ م ر

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ: مِنْ

ص: 396

الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَإِنْ قُلْنَا يُؤْخَذُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ لَا يُؤْخَذُ لِلتَّمَلُّكِ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ مَنَعْنَا الْآحَادَ مِنْ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ فَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالنَّحْرِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةٌ ذَكَرَهَا الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِتَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لِلْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ صَوْنًا عَنْ الضَّيَاعِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا صِغَارَ السِّبَاعِ فَقَطْ لِكَثْرَتِهَا وَلِأَنَّهُ قَلَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ كِبَارِهَا ضَالَّةٌ. .

(وَ) سِوَى (أَمَةٍ حَلَّتْ لَهُ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ وَلَوْ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالِاقْتِرَاضِ بِخِلَافِ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَجُوسِيَّةٍ وَمُحَرَّمٍ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كَوْنِهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ مُمَيِّزَةً لَكِنْ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَمَّا الْتِقَاطُهَا لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا إلَّا الْمُمَيِّزَةَ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ كَمَا مَرَّ (وَ) سِوَى مَا ضَاعَ (بِالْحَرَمْ) الْمَكِّيِّ فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ وَإِنَّمَا يُلْتَقَطُ لِلْحِفْظِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ لَا لِلتَّمَلُّكِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَكَّةَ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهُ أَوْ نَائِبُهُ لِطَلَبِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَتَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ بِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ، أَمَّا الْحَرَمُ الْمَدَنِيُّ فَصَرَّحَ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَكِّيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ أَنَّهُ كَهُوَ كَمَا فِي حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا أَيْ: رَفَعَ صَوْتَهُ بِهَا وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ (أَوْ) سِوَى مَا (حَازَهُ) أَيْ: الْتَقَطَهُ (خِيَانَةً) فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ كَالْغَاصِبِ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُ الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَهُ لَا لِخِيَانَةٍ وَلَا لِأَمَانَةٍ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَنَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ وَلَوْ طَرَأَتْ الْخِيَانَةُ ثُمَّ أَقْلَعَ وَقَصَدَ التَّمَلُّكَ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْجَوَازُ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ فِي الِابْتِدَاءِ انْعَقَدَ لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِتَفْرِيطٍ يَطْرَأُ وَعِنْدَ الْغَزَالِيِّ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْأَمَانَةَ لَا تَعُودُ بِتَرْكِ التَّعَدِّي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِوِجْدَانِهِ فِي الْمَفَازَةِ إذْ امْتِنَاعُ الْأَخْذِ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا لَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْمَفَازَةِ كَالْمَفَازَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ انْدِفَاعُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَةٍ حَلَّتْ لَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْهَا أُخْتَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ قَدْ يَزُولُ بِالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ) لَوْ عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤَثِّرَ إسْلَامُهَا فِي مِلْكِهَا وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْمَنْعُ لِلْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: لَا الْمُمَيِّزَةِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ) يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمُمَيِّزَةَ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ لَا تُلْتَقَطُ مُطْلَقًا وَتُلْتَقَطُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لِلْحِفْظِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِلتَّمْلِيكِ حَيْثُ لَمْ تَحِلَّ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزَةِ تُلْتَقَطُ مُطْلَقًا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ إنْ لَمْ تَحِلَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) أَيْ: وَلَوْ حَقِيرًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ زَبِيبَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِتَعْرِيفٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُعَرِّفُ عَلَى الدَّوَامِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْحَقِيرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَقْلَعَ وَيُؤَيِّدُهُ الْإِطْلَاقُ هُنَا مَعَ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ طَرَأَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقْلَعَ) وَعَرَّفَ رَوْضٌ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يُعْتَدُّ بِالتَّعْرِيفِ إذَا كَانَتْ الْخِيَانَةُ قَدْ طَرَأَتْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَمَانَةَ إلَخْ) التَّعْلِيلُ بِهَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

امْتِنَاعِ الْتِقَاطِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْمَفَازَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَقْلِيدِهِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْهُ وَرُدَّ بِقُوَّةِ الْقَرِينَةِ الْمُغَلِّبَةِ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ هَدْيٌ مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُمْ لَا لَهُ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: إنْ مَنَعْنَا الْآحَادَ مِنْ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ) أَيْ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَأْخُذُهُ لِلْحِفْظِ الْحَاكِمُ فَقَطْ وَهَذَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ مُقَابِلًا لِلْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَاكِمَ وَالْآحَادَ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ سَوَاءٌ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُمْتَنِعِ فِي الصَّحْرَاءِ.

(قَوْلُهُ: إنْ مَنَعْنَا إلَخْ) أَيْ: لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ) أَيْ: الْأَخْذَ لِلْحِفْظِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ لِيَحْفَظَهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ قَامَ مَقَامَهُ فِي ذَبْحِهِ وَتَفْرِقَتِهِ اللَّذَيْنِ لَا يَكُونَانِ إلَّا لِمُتَمَلِّكٍ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يَلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ يَتَضَمَّنُ أَنَّ لَاقِطَهُ لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ الَّذِي مِنْهُ الذَّبْحُ وَالتَّفْرِقَةُ فَاسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْمُتَضَمِّنِ ذَبْحَ هَذَا الْبَعِيرِ وَتَفْرِقَتَهُ وَأَنَّهُ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ وَتَوَقَّفَ الْمُحَشِّي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ جَوَّزْنَا أَخْذَهُ لِلْآحَادِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ) فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَيَنْبَغِي بَقَاؤُهَا لَكِنْ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا سم وَنَقَلَهُ ع ش عَنْ وَالِدِ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَازِمًا بِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى إلَخْ) هَذِهِ حِكْمَةٌ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِالْحَرَمِ مِنْ الْحَدِيثِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لُقَطَةَ عَرَفَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مَثَابَةً لِلنَّاسِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَكِّيِّ) جَرَى عَلَيْهِ م ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ ق ل: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ الْأَقْصَى وَعَرَفَاتٌ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: لَا تَعُودُ بِتَرْكِ التَّعَدِّي)

ص: 397

وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحُهُ وَلَوْ دَفَعَ اللُّقَطَةَ لِلْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَلَوْ تَرَكَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَهَا لَهُ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ، ثُمَّ نَدِمَ فَوَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ مَنْعُ تَمَلُّكِهِ فَإِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ انْتَهَى (فِي الْحَالِ) صِلَةٌ لِلتَّمَلُّكِ أَيْ: لَقَطَ لِيَتَمَلَّكَ مَا الْتَقَطَهُ فِي الْحَالِ.

(ثُمَّ) أَيْ: فِي مَكَانِ الِالْتِقَاطِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى تَعْرِيفِهِ (إنْ كَانَ مِثْلَ حَبَّتَيْنِ بُرَّا) مِمَّا لَا يُتَمَوَّلُ فَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَلَفْظَةُ ثَمَّ زَادَهَا النَّاظِمُ تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا.

(وَ) لِيَتَمَلَّكَ (مَا يَقِلُّ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَهُوَ مَا يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ غَالِبًا (أَنْ يُعَرِّفَ قَدْرَا) يَلِيقُ بِهِ بِأَنْ يُعَرِّفَهُ مُدَّةً يَظُنُّ فِي مِثْلِهَا أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانِقُ الْفِضَّةِ يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانِقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ مَا يَقِلُّ سَنَةً قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمَنْصُوصُ وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِنْ اتَّجَهَ الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَيُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا مَا لَيْسَ بِمَالٍ يُعَرَّفُ سَنَةً ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ (بِذِكْرِ أَوْصَافٍ) أَيْ: مَعَ ذِكْرِهِ فِي التَّعْرِيفِ نَدْبًا بَعْضَ أَوْصَافِ مَا الْتَقَطَهُ كَعِفَاصِهِ أَيْ: وِعَائِهِ وَوِكَائِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ فَقَدْ يَرْفَعُهُ إلَى مُلْزَمِ الدَّفْعِ بِالصِّفَاتِ.

(وَأَوْجِبْ) أَنْتَ (مُؤَنَهْ) أَيْ مُؤَنَ التَّعْرِيفِ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْ الْتَقَطَ لِتَمَلُّكٍ أَوْ حِفْظٍ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ التَّمَلُّكُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ سَبَبٌ لِتَمَلُّكِهِ، أَمَّا إذَا الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَإِنْ أَوْجَبْنَا التَّعْرِيفَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَقْتَضِي عَوْدَ الْأَمَانَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَبُولُ) أَيْ: وَلِلدَّافِعِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى التَّعْرِيفِ وَقَصْدِ التَّمَلُّكِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَلَوْ تَرَكَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَهَا إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِيَتَمَلَّكَ مَا الْتَقَطَهُ فِي الْحَالِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ ابْتِدَاءِ مِلْكِ مَا لَا يُتَمَوَّلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكَ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّمَلُّكِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظٌ أَوْ يَكْفِي قَصْدُ التَّمَلُّكِ وَقَدْ يُقَالُ مَا يُعْرِضُ عَنْهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ كَمَا ذَكَرُوهُ.

(قَوْلُهُ وَيُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الْفَرْقِ إلَخْ) قُلْت لَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الْمُخْتَصِّ الْكَثِيرِ بِحَيْثُ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ لَاتُّجِهَ وَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِيمَا يَأْتِي جَزَمَ بِمَا حَاوَلْته فَإِنْ قُلْت: يُقَوِّي الْإِشْكَالَ أَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْمُخْتَصِّ قُلْت وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ دُونَ أَغْرَاضِ النَّاسِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ وَالتَّعْرِيفُ تَابِعٌ لِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحَقَّرَ مِنْ الْمَالِ لَا يُعْرَفُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ خَيْرًا مِنْ كَثِيرِ الْمُخْتَصِّ بِرّ وَقَوْلُهُ: لَوْ حُمِلَ هَذَا إلَخْ هَذَا الْحَمْلُ لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا تَقَيَّدَ بِالْكَثِيرِ فَفِي الْمَالِ أَوْلَى. (فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِيفَاؤُهَا أَيْ: الْأَوْصَافِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: بَعْدَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى نَقْلِ الْأَصْلِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقُلْهُ وَإِنَّمَا قَالَ: لَا يَخْتَصُّ الْبَيَانُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ إلَى أَنْ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَشْهُورُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ يُوَافِقُهُ

(قَوْلُهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْنَةُ بَعْدَ هَذَا الْبَدْءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ التَّعْرِيفِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى وَهَذَا ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاسْتِئْنَافِ فِي مِثْلِ هَذَا يُفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ فِيمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: الْمُؤْنَةُ بَعْدَ هَذَا الْبَدْءِ أَقُولُ وَهَلْ مُؤْنَةُ مَا مَضَى كَذَلِكَ فَتَضِيعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ ضَمِنَ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَسَقَطَ عَنْ الْمُلْتَقِطِ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ ق ل وَيُغْنِي عَنْ التَّعْرِيفِ دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَرِّفَ إلَخْ) وَالتَّعْرِيفُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَنْ خَافَ بِهِ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا وَتَكُونُ عِنْدَهُ أَبَدًا: أَنَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ ع ش: يَنْبَغِي أَنَّهُ كَالْمَالِ الضَّائِعِ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ نَاظِرُهُ أَمِينًا يَنْتَظِرُ الْمَالِكُ إنْ رُجِيَ وَيَصْرِفُهُ مَصَارِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُرْجَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا اسْتَقَلَّ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ إنْ أَحْسَنَهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ لِثِقَةٍ عَارِفٍ يَفْعَلُ بِهِ مَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ: لِتَمَلُّكٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ أَوْ خِيَانَةٍ، وَعَدَمُ قَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ

ص: 398

مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إنْ عَرَّفَ وَلَا تَجِبُ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إلَّا إذَا كَانَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَرْفَعُ وَلِيُّهُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْ اللُّقَطَةِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: بِذِكْرٍ إلَى آخِرِهِ لَا يَخْتَصُّ بِتَعْرِيفِ مَا يَقِلُّ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ تَعْرِيفِ مَا يَكْثُرُ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَفْهُومًا بِالْأُولَى.

(وَلْيَصِلْ) بِالِالْتِقَاطِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِتَمَلُّكِ غَيْرِ مَا يَقِلُّ وَهُوَ مَا يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ عَلَيْهِ غَالِبًا (سَنَهْ) أَيْ: تَعْرِيفُ سَنَةٍ لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَةً وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يُعَرِّفُ كُلٌّ نِصْفَ سَنَةٍ وَلَيْسَتْ السَّنَةُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ بَلْ عَلَى الْعَادَةِ (فِي كُلِّ يَوْمٍ طَرَفَيْهِ ذِكْرَهْ) بِنَصْبِهِ بِمَا يُفَسِّرُهُ (يُجْرِيهِ) أَيْ يُجْرِي ذِكْرَ مَا الْتَقَطَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فِي طَرَفَيْهِ (ثُمَّ كُلِّ يَوْمٍ مَرَّهْ فَكُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ (فَكُلَّ شَهْرِ) كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَلْيَصِلْ سَنَةً وُجُوبَ إيصَالِهَا بِالِالْتِقَاطِ وَوُجُوبَ تَوَالِيهَا وَالْأَصَحُّ فِي الْأَوَّلِ الْمَنْعُ بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْرِيفُ سَنَةٍ مَتَى كَانَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ قَالَ الْإِمَامُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي التَّعْرِيفِ زَمَنَ الْوُجْدَانِ لِيَنْجَبِرَ التَّأْخِيرُ الْمَنْسِيُّ وَأَمَّا الثَّانِي فَبَيَّنَ النَّاظِمُ مَا فِيهِ بِقَوْلِهِ (قُلْت وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ) أَيْ: السَّنَةُ أَيْ: التَّعْرِيفُ فِيهَا كَأَنْ عَرَّفَ شَهْرًا وَتَرَكَ شَهْرًا وَهَكَذَا (فَلْيَجْرِي) فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَالثَّانِي لَا إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ (وَاخْتَارَ الْإِمَامُ الثَّانِي دُونَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيّ) فَاخْتَارُوا الْأَوَّلَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَبَّهَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى نِسْيَانِ النُّوَبِ السَّابِقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي قَطْعًا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ أَنْ يُعَرِّفَ مِنْ اللُّقَطَةِ جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقَدْرَهَا وَعِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَأَنْ يُقَيِّدَهَا بِالْكِتَابَةِ لِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا وَلِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ (فِي بَلَد اللَّقْطِ) أَيْ يَعْرِفُ فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ وَلْيَكُنْ تَعْرِيفُهُ بِمَحَلِّ الِالْتِقَاطِ وَبِمَجَامِعِ النَّاسِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ أَكْثَرَ وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا لَا تُطْلَبُ اللُّقَطَةُ فِيهَا قَالَ الشَّاشِيُّ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ التَّعْرِيفِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَحْرِيمِ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمَنْقُولُ الْكَرَاهَةُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ الشَّارِحُ الْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ فَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ انْتَهَى وَلَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْفَاقٌ لَا إقْرَاضٌ عَلَى الْمَالِكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اقْتِرَاضٌ حَيْثُ قَالَ إلَخْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ فَيَرْفَعُ وَلِيُّهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْقِيَاسُ لُزُومُهَا لِلصَّبِيِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُتَمَلِّكَ وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: يُعَرِّفُ كُلَّ نِصْفِ) هَلْ وَلَوْ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَاقُبِ؟ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ قَالُوا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى تَعْرِيفِ مُوَرِّثِهِ نَعَمْ لَوْ أَقَامَا مُعَرِّفًا وَاحِدًا أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا تَرَدُّدَ فِيمَا رَآهُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ بِنَصْبِهِ) أَيْ: قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ) أَيْ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ: يَجِبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَقَصْدِ الْحِفْظِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ إلَخْ) زَادَ م ر كَحَجَرٍ أَوْ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهَا إنْ رَآهُ وَيَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ ق ل: فَيُقَدَّمُ بَيْتُ الْمَالِ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَيَجِبُ فِيمَا بَعْدَهُ مُرَاعَاةُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ. اهـ. أَيْ: فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَجِبُ فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يُقَالُ الْمَصْلَحَةُ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْأُولَى فَلَا يَتَأَتَّى الِاجْتِهَادُ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ إنْ عَرَّفَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فَإِنْ عَرَّفَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَمُتَبَرِّعٌ وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَمُتَبَرِّعٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لِتَمَلُّكِ إلَخْ) قَيَّدَ بِالتَّمَلُّكِ مُرَاعَاةً لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا، وَإِلَّا فَالْتِقَاطٌ لِلْحِفْظِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَخْ) هَذَا التَّحْدِيدُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْوُجُوبِ وَالضَّابِطُ أَنْ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَرَّةَ فِي الْأَسَابِيعِ الَّتِي بَعْدَ التَّعْرِيفِ كُلَّ يَوْمٍ لَا تَدْفَعُ النِّسْيَانَ وَجَبَ مَرَّتَانِ كُلَّ أُسْبُوعٍ، ثُمَّ مَرَّةٌ كُلَّ أُسْبُوعٍ وَزِيدَ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ تَطَلُّبَ الْمَالِكِ فِيهِ أَكْثَرُ. اهـ. زي. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: جَوَازُ التَّعْرِيفِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُ لُقَطَةِ الْحَرَمِ فَالتَّعْرِيفُ فِيهِ مَحْضُ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمُعَرِّفَ فِيهِ مُتَّهَمٌ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَالْمَنْقُولُ الْكَرَاهَةُ) أَيْ: مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ.

ص: 399

أَنْ يُعَرِّفَ بِنَفْسِهِ وَبِنَائِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَلَا أَنْ يُسَلِّمَهَا لِغَيْرِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ.

(وَأَيُّمَا) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ: وَيُعَرِّفُ فِي أَيِّ (بَلَدْ كَانَ) مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي يَصِلُ إلَيْهَا. (إذَا الْمَلْقُوطُ فِي الصَّحْرَاءِ وُجِدْ) فَلَوْ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ مِنْ سَفَرِهِ إلَى بَلَدِهِ أَوْ قَصَدَ بَلْدَةً أُخْرَى عَرَّفَ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهَا وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يُغَيِّرَ قَصْدَهُ فَيَعْدِلَ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ لِيُعَرِّفَ وَإِنْ مَرَّتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعَرِّفِ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ.

(وَذَاكَ) أَيْ: مَا الْتَقَطَهُ لِلْحِفْظِ أَوْ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ مُطْلَقًا (مَا لَمْ يَتَمَلَّكْهُ) وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ (يُعِدْ أَمَانَةً) فِي يَدِهِ (وَإِنْ خِيَانَةً قَصَدْ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ يَلْتَقِطَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا ابْتِدَاءً كَالْمُودِعِ فِي الْحَالَيْنِ أَمَّا إذَا تَمَلَّكَهُ فَلَيْسَ أَمَانَةً فَيَضْمَنُهُ كَالْقَرْضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ تَمَلُّكِهِ (كَالثَّمَنِ) أَيْ: كَثَمَنِ مَا الْتَقَطَهُ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ أَيْضًا (إنْ بَاعَهُ) حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ بَيْعُهُ أَحَظَّ مِنْ إبْقَائِهِ (بِحَاكِمٍ) أَيْ بِإِذْنِهِ (إنْ يَكُنِ) ثَمَّ حَاكِمٌ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ أَحَظَّ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ اسْتَقَلَّ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمَالِكِ فِي الْحِفْظِ فَكَذَا فِي الْبَيْعِ.

(وَجَازَ) لَهُ (أَكْلٌ لِفَسَادٍ يُعْرَفُ) لِأَهْلِ الْعُرْفِ بِأَنْ خَافُوا فَسَادَهُ (كَالشَّاةِ) الْمَلْقُوطَةِ (فِي الصَّحْرَاءِ) فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهَا أَوْ بَاعَهَا حَيْثُ كَانَ بَيْعُهَا أَحَظَّ وَحَفِظَ ثَمَنَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا أَوْ أَكَلَهَا مُتَمَلِّكًا لَهَا بِقِيمَتِهَا وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي الثَّالِثَةِ عَلَى الظَّاهِرِ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَإِنْ سَافَرَ أَيْ أَرَادَ سَفَرًا اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا وَإِلَّا بِأَنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِهِ ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خِيَانَةً قَصَدَ) مُبَالَغَةً عَلَى الْأَمَانَةِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ أَكْلٌ لِفَسَادٍ يُعْرَفُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ هُنَا لِإِذْنِ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ خَصْلَةً رَابِعَةً وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ لِيَسْتَبْقِيَهُ حَيًّا لِدَرٍّ أَوْ نَسْلٍ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَبَاحَ تَمَلُّكَهُ مَعَ اسْتِهْلَاكِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَسْتَبِيحَ تَمَلُّكَهُ مَعَ اسْتِبْقَائِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَهَا مُتَمَلِّكًا لَهَا فِي الْحَالِ) بِأَنْ يَتَمَلَّكَهَا حَالًا، ثُمَّ يَأْكُلَهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ حَجَرٌ ج.

(قَوْلُهُ: وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ) أَيْ: عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي الْأَحَظِّيَّةِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: يُعَدُّ أَمَانَةً وَإِنْ خِيَانَةً قَصَدَ) لَكِنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ إلَّا إنْ أَقْلَعَ عَنْ قَصْدِ الْخِيَانَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خِيَانَةً قَصَدَ) أَيْ: مَا لَمْ يَنْقُلْهَا أَوْ يَسْتَعْمِلْهَا وَإِلَّا صَارَ ضَامِنًا. اهـ. تُحْفَةٌ

(قَوْلُهُ: كَالشَّاةِ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا إلَخْ) أَيْ فِي بَلَدٍ وَنَحْوِهِ كَقَرْيَةٍ وَقَافِلَةٍ تَمُرُّ بِهِ فَإِنَّ هَذَا حُكْمُ الْمُلْتَقِطِ فِي الصَّحْرَاءِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ بِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا إلَخْ) اسْتَظْهَرَ سم عَلَى التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ فِي كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْخِصَالِ لِيَأْذَنَ فِيهِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَمْنَعَهُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي غَيْرِهِ وَقَصَرَ م ر كَحَجَرٍ الِاسْتِئْذَانَ عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ الْحَاكِمُ وَإِلَّا بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَعَلَّلَ سم مَا اسْتَظْهَرَهُ بِأَنَّ احْتِمَالَ الْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِهَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ خَصْلَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَهَا مُتَمَلِّكًا لَهَا) الْحَاصِلُ هُنَا أَنَّهُ فِي هَذَا يَتَمَلَّكُهُ عِنْدَ أَكْلِهِ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَالِكِ وَيَلْزَمُهُ التَّعْرِيفُ بِشَرْطِهِ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ وَأَرَادَ تَمَلُّكَ الْقِيمَةِ لَزِمَهُ إفْرَازُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وُجِدَ ثُمَّ يَتَمَلَّكُهَا وَالْمُفْرَزُ مِلْكٌ لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ وَأَمَانَةٌ الْآنَ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ فَلَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُلْتَقِطَ شَيْءٌ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ فَإِنْ قُلْت: لِمَ احْتَاجَ إلَى تَمَلُّكِ الْقِيمَةِ مَعَ تَمَلُّكِهِ لِلْأَصْلِ عِنْدَ الْأَكْلِ قُلْت: وَلِأَنَّ هُنَا حُكْمَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ هُمَا حِلُّ أَكْلِ الْأَصْلِ وَكَوْنُ الْقِيمَةِ بِذِمَّتِهِ ثُمَّ كَوْنُهَا بِذِمَّتِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ مِنْهَا أَنَّهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْرَزَهَا كَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ وَيَمْلِكُهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَوْ تَلِفَتْ بِيَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ تَمَلُّكُ الْأَصْلِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لِحِلِّ الْأَكْلِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَكَلَهَا مُتَمَلِّكًا) أَيْ: أَكَلَهَا حَالًا بَعْدَ تَمَلُّكِهَا فَإِنْ وَصَلَ بِهَا إلَى الْعُمْرَانِ امْتَنَعَ الْأَكْلُ وَالتَّمْلِيكُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى) لِحِفْظِ الْعَيْنِ بِهَا عَلَى مَالِكِهَا. (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ إلَخْ) أَيْ: لِتَوَقُّفِ اسْتِبَاحَةِ الثَّمَنِ عَلَى التَّعْرِيفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهَا أَحَظَّ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ. اهـ شَرْحُ م ر، ثُمَّ قَالَ: وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ رَابِعَةً وَهِيَ تَمَلُّكُهَا حَالًا لِيَسْتَبْقِيَهَا حَيَّةً لِدَرٍّ وَنَسْلٍ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِمَالِكِهِ أَمَانَةً إنْ تَبَرَّعَ بِإِنْفَاقِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْمَاوَرْدِيِّ جَوَازَ تِلْكَ الْخَصْلَةِ الرَّابِعَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَبَاحَ تَمَلُّكَهُ حَالًا مَعَ اسْتِهْلَاكِهِ بِالْأَكْلِ فَأَوْلَى أَنْ يَسْتَبِيحَ تَمَلُّكَهُ مَعَ اسْتِبْقَائِهِ قَصَرَهُ عَلَى الْمَلْقُوطِ مِنْ الْمَفَازَةِ؛ لِأَنَّ الْخَصْلَةَ الَّتِي جَعَلَتْ هَذِهِ أَوْلَى مِنْهَا خَاصَّةً بِالْمَفَازَةِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ قُلْت يُعَيِّنُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَصْلَةِ الثَّالِثَةِ: إنَّهُ إذَا وَصَلَ بِهِ بَعْدُ إلَى الْعُمْرَانِ امْتَنَعَ تَمَلُّكُهُ وَأَكْلُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَا دَامَ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنْ وَصَلَ إلَى الْعُمْرَانِ وَجَبَ التَّعْرِيفُ. اهـ. سم وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعَرِّفُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَكَلَهُ فِي الْمَفَازَةِ وَعِبَارَةُ ق ل فَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى الْعُمْرَانِ فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ يَمْتَنِعُ أَكْلُهُ وَتَمَلُّكُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا إذَا تَمَلَّكَهُ وَأَكَلَهُ فِي الصَّحْرَاءِ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى

ص: 400

عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُفْهِمُ خِلَافَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَجَحْشٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَوْلَيَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَتَمَلَّكُهُ فِي الْحَالِ وَخَرَجَ بِالصَّحْرَاءِ الْعُمْرَانُ فَيَمْتَنِعُ الْأَكْلُ فِيهِ لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحْرَاءِ فَقَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي وَيَشَقُّ النَّقْلُ إلَى الْعُمْرَانِ فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي كَالشَّاةِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ أَكْلِ الشَّاةِ فِي الْعُمْرَانِ أَيْضًا وَقَدْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى شَاةٍ يَخْشَى سُرْعَةَ فَسَادِهَا فَتَكُونُ كَالْهَرِيسَةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَجُوزَ أَكْلُهَا فِي الْعُمْرَانِ أَيْضًا.

فَكَأَنَّهُ قَالَ كَالشَّاةِ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَوَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهَا فِي الْعُمْرَانِ وَحَيْثُ أَكَلَ لَا يَجِبُ إفْرَازُ الْقِيمَةِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُخْشَى تَلَفُهُ وَإِذَا أَبْقَى الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ كَمَا فِي

ــ

[حاشية العبادي]

وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يُرَادُ لِلتَّمَلُّكِ وَهُوَ قَدْ وَقَعَ قَبْلَ الْأَكْلِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَدَلُهُ فِي الذِّمَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إفْرَازُهُ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِذِمَّتِهِ أَحْفَظُ حَجَرٌ ج أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مَعَ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَلِّكِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ وَيُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مَعَ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الْمُسَطَّرِ أَسْفَلَ الْهَامِشِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى الْإِفْرَازِ اسْتِقْلَالًا مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا عَلَّلَ بِهِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَا دَامَ فِي الصَّحْرَاءِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ بَقِيَّةُ الْخِصَالِ كَذَلِكَ فَلِمَ خَصَّ هَذِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ بِالصَّحْرَاءِ لَا مُطْلَقًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَمَلَّكُهُ فِي الْحَالِ) هَلْ يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ عَلَى زِيَادَةِ الْمَاوَرْدِيِّ الرَّابِعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهَامِشِ وَالْوَجْهُ الْجَوَازُ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَكَلَ لَا يَجِبُ إفْرَازُ الْقِيمَةِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ فَعَلَ أَيْ: أَفْرَزَهَا اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ فَالْمُفْرَزُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِتَفْرِيطٍ وَيَتَمَلَّكُهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَمَا يَتَمَلَّكُ نَفْسَ اللُّقَطَةِ وَكَمَا يَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ إذَا بَاعَ الطَّعَامَ وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ مِلْكًا لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ بِلَا تَقْصِيرٍ سَقَطَ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِالْإِنْفَاقِ، وَأَنَّ هَذَا السِّيَاقَ مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّبَرُّعُ مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ فَمَعَ قَصْدِ الْحِفْظِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ جَوَازُ إنْفَاقِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ بِالْإِشْهَادِ بِمَا يَأْتِي مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْجُزْءِ وَالِاقْتِرَاضِ عَلَى الْمَالِكِ مَعَ تَحَقُّقِ عِلَّتِهِمَا الْآتِيَةِ هُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ خَوْفَ الضَّرَرِ هُنَاكَ أَتَمُّ وَأَقْرَبُ إذْ كُلٌّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقَرْضِ يَصِيرُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً وَقَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ أَمَانَةٌ فَيَفُوتُ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ فِي الثَّانِي مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعُمْرَانِ وَفِي شَرْحِ سم عَلَى الْغَايَةِ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ تَعْرِيفِهِ إذَا وَصَلَ إلَى الْعُمْرَانِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذُكِرَ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَكْلِ يُتَّجَهُ جَرَيَانُهُ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ عَلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مَعَ عَدَمِهِ بِمُكَاتَبَةٍ. اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فِي الْمَفَازَةِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ يَأْكُلُهُ وَلَا تَعْرِيفَ هُنَاكَ وَأَمَّا التَّمَلُّكُ لَهَا بِدُونِ أَكْلٍ أَوْ لِثَمَنِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَالتَّعْرِيفُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعُمْرَانِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الصَّحْرَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَبْقَى الْحَيَوَانَ) أَيْ لَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ بَلْ أَبْقَاهُ لِيُعَرِّفَهُ بَعْدَ وُجُودِ الْعُمْرَانِ وَيَتَمَلَّكُهُ وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) أَيْ: عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَانِ دُونَ الْمَفَازَةِ. اهـ. ع ش وَقَالَ ق ل: إنْ فَقَدَ الشُّهُودَ لَهُ الرُّجُوعُ إنْ نَوَاهُ. اهـ. وَلَعَلَّهُ

ص: 401

نَظَائِرِهِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَعَلَى مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: قَالَ الْإِمَامُ وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءِ الْحَيَوَانِ لِنَفَقَةِ بَاقِيهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ قَالَ وَلَا يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ أَيْضًا لِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَعَذُّرُ الْبَيْعِ ثَمَّةَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا فَيَمْتَنِعُ الْإِضْرَارُ بِالْمَالِكِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَعَذَّرْ ثَمَّةَ وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمُكْتَرِي غَيْرُ مَانِعٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي بَيْعِ الْمَالِكِ لَا فِي بَيْعِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا ثَمَّ الْبَيْعَ ابْتِدَاءً لِذَلِكَ بَلْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَةِ الْجِمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا الْمُكْتَرِي بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَالِاقْتِرَاضُ ثُمَّ بَيْعُ الْبَعْضِ ثُمَّ إنَّمَا جَازَ مَعَ إضْرَارِهِمَا الْمَالِكَ لِضَرُورَةِ تَعَذُّرِ بَيْعِ الْكُلِّ لِمَا ذُكِرَ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا لِجَوَازِهِ.

(أَوْ يُجَفِّفُ) عَطْفٌ عَلَى أَكَلَ أَيْ: جَازَ أَنْ يَأْكُلَهُ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ أَوْ يُجَفِّفُهُ. (إنْ كَانَ مُمْكِنًا) تَجْفِيفُهُ وَكَانَ تَجْفِيفُهُ أَحَظَّ لِلْمَالِكِ مِنْ بَيْعِهِ رَطْبًا وَيُبَاعُ فِي مُؤْنَةِ تَجْفِيفِهِ بَعْضُهُ حِفْظًا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ عَلَفَهُ يَتَكَرَّرُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْكُلَ نَفْسَهُ وَمِنْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ فَرْقِ النَّوَوِيِّ يُؤْخَذُ أَنَّهُمَا مُوَافِقَانِ الزَّازَ فِي مَنْعِ الِاقْتِرَاضِ وَبَيْعَ الْبَعْضِ هُنَا وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْأُولَى وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهَا أَنَّهُ الْوَجْهُ.

(وَلِاخْتِصَاصِ بِالْكَلْبِ) وَنَحْوِهِ أَيْ: لَقَطَ مَا ضَاعَ لِحِفْظِهِ مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلِتَمَلُّكِهِ إنْ كَانَ مَالًا وَلِلِاخْتِصَاصِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَكَلْبٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ فَلَوْ قَالَ كَالْكَلْبِ بِالْكَافِ بَدَلَ الْبَاءِ كَانَ أَوْلَى (بَعْدَ الْعَامِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: يَخْتَصُّ بِذَلِكَ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ عَامًا إنْ كَثُرَ وَإِلَّا فَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَقَرًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْمَالِ وَلَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ فِيمَا يُمْلَكُ بِلَفْظٍ كَتَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِبَدَلٍ فَافْتَقَرَ إلَى لَفْظٍ كَالتَّمَلُّكِ بِالشِّرَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ فَوَاتٌ عَلَيْهِ بِلَا فَائِدَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ فَعَلَى مَا ذُكِرَ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَتَبَرَّعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَعَذَّرَ الْبَيْعُ ثَمَّةَ) أَيْ: بِعَشَرَةٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمُكْتَرِي غَيْرُ مَانِعٍ) أَيْ: لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: التَّعَلُّقِ. (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةِ بَيْعِ الْكُلِّ) كَانَ الْمَعْنَى لِضَرُورَةِ امْتِنَاعِ بَيْعِ الْكُلِّ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ) أَيْ: بَيْعِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى أَكَلَ) الْمُنَاسِبُ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ أَنْ يُخَفِّفَ وَرَفْعُ الْفِعْلِ مَعَ حَذْفِ أَنْ وَارِدٌ عَلَى الشُّذُوذِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ الْبَعْضِ هُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْحَيَوَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ مَنْعُ الِاقْتِرَاضِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ هِيَ بَيْعُ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهَا أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ: وَلِاخْتِصَاصٍ بِالْكَلْبِ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ إنَّمَا يَجُوزُ الْتِقَاطُ الْكَلْبِ حَيْثُ جَازَ الْتِقَاطُ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْكَلْبِ. (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْمَالِ) بَلْ أَوْلَى. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِبَدَلٍ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي

ــ

[حاشية الشربيني]

إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الْحِفْظِ) كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ بَيْعِ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ قَطَعَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقَانِ الزَّازَ فِي مَنْعِ الِاقْتِرَاضِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا أَبْقَى الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ هَذَا مَنْقُولٌ مِنْ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا اقْتِرَاضٌ أَوْ فِي مَعْنَاهُ وَلِذَا ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عِنْدَ قَصْدِ الْحِفْظِ وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَنْعِ الِاقْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يُفَرِّعَ هَذَا عَلَى جَوَازِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاقْتِرَاضِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَالِاقْتِرَاضِ مِنْ غَيْرِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ. اهـ. سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يَأْمُرَ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ اهـ وَقَدْ أَجَابَ الْمُحَشِّي هُنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الِاقْتِرَاضِ وَالْإِنْفَاقِ لَكِنْ بَقِيَ الِاقْتِرَاضُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ وَلَا مَحِيصَ عَنْ تَعْرِيفِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ

(قَوْلُهُ: مِنْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِيَعْرِفَ مَا يَرُدُّهُ لِلْمَالِكِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ) لَوْ لَمْ يَتَمَلَّكْ وَمَاتَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَهُ وَارِثٌ صَغِيرٌ انْتَقَلَ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَهُ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَيَتَمَلَّكُ لَهُ وَلِيُّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ تَمَلَّكَ الْإِمَامُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. عَمِيرَةٌ

ص: 402

وَعَلَى قِيَاسِهِ يَخْتَارُ نَقْلَ الِاخْتِصَاصِ إلَيْهِ فِيمَا لَا يُمْلَكُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ.

وَلَمَّا عَرَّفَ مِمَّا مَرَّ صِحَّةَ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ الْمَعْصُومِ وَالْمُرْتَدِّ وَالصَّبِيِّ بَيَّنَ حُكْمَهُ فَقَالَ:. (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (مِنْ عَاصِي) أَيْ: فَاسِقٍ (يَنْقُلُهُ) أَيْ: الْمَلْقُوطَ (الْقَاضِي لِعَدْلٍ يَحْفَظُهْ) ؛ لِأَنَّ مَالَ وَلَدِهِ لَا يَقَرُّ بِيَدِهِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَعْرِيفِهِ بَلْ (يُشْرِفُ) الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ (فِي تَعْرِيفِهِ) لِئَلَّا يَخُونَ فِيهِ ثُمَّ إذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ يَتَمَلَّكُهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَلْحَظُهْ) تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا لِيُشْرِفَ (وَمِنْ صَغِيرِ الْوَلِيِّ نَقَلَهُ ثُمَّ لِيُعَرِّفْهُ لِلِاسْتِمْلَاكِ) أَيْ: لِيَتَمَلَّكَهُ. (لَهُ حَيْثُ) يُوجَدُ (لِلِاسْتِقْرَاضِ لِلصَّبِيِّ وَجْهٌ) يُجَوِّزُهُ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ الْمَلْقُوطَ كَالِاقْتِرَاضِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَجْهٌ حَفِظَهُ أَوْ سَلَّمَهُ لِلْقَاضِي.

(وَبِالتَّقْصِيرِ مِنْ وَلِيٍّ) فِي نَقْلِهِ مِنْ الصَّبِيِّ مَا الْتَقَطَهُ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ (يَضْمَنُ) أَيْ يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ كَمَا يَضْمَنُ مَا قَصَّرَ فِي نَقْلِهِ مِنْهُ مِمَّا احْتَطَبَهُ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ لِلصَّبِيِّ إنْ كَانَ فِي تَمَلُّكِهِ لَهُ مَصْلَحَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا لَوْ وُجِدَ قَبْضٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ إفْرَازٌ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ إذَا قُلْنَا بِهِ فِي الْمُلْتَقِطِ أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لِلصَّبِيِّ.

(و) يَضْمَنُ (الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ) مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَلِيِّ (لَا بِتَلَفٍ) فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَوْدَعَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وَكَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ دُونَهُمَا

(وَالْأَخْذُ) أَيْ: الِالْتِقَاطُ (مِنْ عَبْدٍ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يُوجِبُ الضَّمَانَ (عَلَى) بِمَعْنَى فِي (رَقَبَةِ الْعَبْدِ) كَالْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ (وَكَالْتِقَاطِ الْأَخْذُ) أَيْ: وَأَخْذُ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْعَبْدِ مَا الْتَقَطَهُ كَالِالْتِقَاطِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ يَدَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ يَدَ الْتِقَاطٍ كَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اللَّقْطِ فِيمَا لَا بَدَلَ فِيهِ مِمَّا لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ كَحَبَّتَيْ بُرٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ ظَهَرَ مَالِكُ مَا لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ وَطَلَبَهُ بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا لَزِمَهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَهُ بَدَلٌ أَيْضًا فَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاجُ إلَى اللَّقْطِ فِي تَمَلُّكِهِ.

(قَوْلُهُ: يَنْقُلُهُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ الِالْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِعَدْلٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَأُجْرَةُ الْعَدْلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَمُؤْنَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ أَنَّهَا عَلَى الْفَاسِقِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الِالْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ فِي دَارِنَا وَمِنْ فَاسِقٍ وَمُرْتَدٍّ وَيُنْزَعُ مِنْهُمْ إلَى عَدْلٍ وَيُضَمُّ إلَيْهِمْ مُشْرِفٌ عَدْلٌ فِي التَّعْرِيفِ وَأُجْرَتُهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا إنْ أَرَادُوا التَّمَلُّكَ فَهِيَ عَلَيْهِمْ وَإِذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ فَإِنْ تَمَلَّكُوهَا أَخَذُوهَا مِنْ الْعَدْلِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِمْ الْقَاضِي، وَإِلَّا بَقِيَتْ مَعَهُ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ لِيُعَرِّفَهُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَيَصِحُّ تَعْرِيفُ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَعَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ وَبِالتَّقْصِيرِ يَضْمَنُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ فَالْأَشْبَهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلِيٍّ) وَلَوْ حَاكِمًا عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ وُجِدَ قَبْضٌ) أَيْ: لِبَدَلِ الْمُتْلَفِ بِرّ وَقَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ التَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ الْإِفْرَازِ أَيْضًا بِشَرْطِهِ فِي قِيمَةِ مَا أَكَلَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَازٌ) لِذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا بِهِ) أَيْ: الْإِفْرَازِ

(قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الدَّارِمِيِّ صِحَّةُ تَعْرِيفِ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَعَهُ وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا هُنَا بِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ: وَأَخَذَ السَّيِّدُ أَوْ غَيْرُهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ أَوَّلِ الْبَابِ عَنْ النَّاشِرِيِّ نَقْلُ نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَبَحَثَ تَقْيِيدَ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَوْلُهُ: تَمَلَّكَ الْإِمَامُ أَيْ: نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِبَدَلٍ فَفِي الْقِيَاسِ شَيْءٌ

(قَوْلُهُ: أَيْ: فَاسِقٍ) وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَالْمُرْتَدُّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْكَافِرِ إلَّا الْعَدْلَ فِي دِينِهِ. (قَوْلُهُ: يَنْقُلُهُ الْقَاضِي) فَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يَنْزِعْ اللُّقَطَةَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ حَاكِمًا وَالْفَرْقُ كَوْنُ الْفَاسِقِ أَهْلًا لِلضَّمَانِ وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ فَكَانَ مَا فِي يَدِهِ فِي يَدِ وَلِيِّهِ فَيَضْمَنُ بِعَدَمِ مُرَاعَاةِ حِفْظِهِ هَكَذَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِعَدْلٍ) وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ أَفَادَهُ م ر تَبَعًا لِحَجَرٍ وَفِي سم عَلَى حَجَرٍ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ أَرَادَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ: وَهُوَ يُفِيدُ صِحَّةَ الْتِقَاطِهِمْ لِلْحِفْظِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ جَعَلَ مَحَلَّ صِحَّةِ الِالْتِقَاطِ فِي الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ إذَا الْتَقَطُوا لِلتَّمَلُّكِ وَعَلَيْهِ إذَا الْتَقَطُوا لِلْحِفْظِ فَمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُمْ فَهُوَ الْمُلْتَقِطُ.

(قَوْلُهُ:، ثُمَّ لِيُعَرِّفَهُ إلَخْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ لِيَقْتَرِضَ أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ احْتِيَاطًا لِمَالِ الصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَجْهٌ يُجَوِّزُهُ) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ لِلِاقْتِرَاضِ. اهـ. عش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: مِنْ وَلِيٍّ) وَلَوْ حَاكِمًا بِخِلَافِ تَقْصِيرِ الْقَاضِي فِي النَّقْلِ مِنْ الْفَاسِقِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَلِيِّ) فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ الْوَلِيُّ فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ صُدِّقَ

(قَوْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ) أَيْ: مِنْ الْوَلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِتَفْرِيطِ الصَّبِيِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ع ش أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ. اهـ. إلَّا أَنَّ السِّيَاقَ هُنَا فِي ضَمَانِ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ

(قَوْلُهُ وَالْأَخْذُ إلَخْ) وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ فَلَهُ تَمَلُّكُهَا. اهـ. ق ل وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ قَصْدَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ يُعَرِّفُهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكُهَا. (قَوْلُهُ عَلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ) أَيْ: فَقَطْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ

ص: 403

الْحَاصِلُ فِيهَا ضَائِعًا (مُوجِبُ الْإِسْقَاطِ) لِلضَّمَانِ عَنْ رَقَبَتِهِ لِوُصُولِهِ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ شَرْعًا، أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ (كَأَنْ أَقَرَّ سَيِّدٌ أَيْ: خَلَّا فِي يَدِ عَبْدٍ) لَهُ (ثِقَةً) مَا الْتَقَطَهُ وَاسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّقْرِيرَ مُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ عَنْ رَقَبَتِهِ أَيْضًا كَمَا لَوْ الْتَقَطَهُ ابْتِدَاءً وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي تَعْرِيفِهِ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً (فَهْوَ) أَيْ: التَّقْرِيرُ (تَعَدٍّ) مِنْ السَّيِّدِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ (مِثْلُ مَا لَوْ أَهْمَلَهْ) فِي يَدِهِ بِأَنْ تَرَكَ التَّقْرِيرَ وَالْأَخْذَ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَإِنَّهُ تَعَدٍّ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي ذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ بِتَرْكِهِ فِي يَدِهِ وَكَالْعَبْدِ فِيمَا ذُكِرَ الْأَمَةُ لَكِنْ لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْتِقَاطِهَا وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَوْ مَاتَ أَخَذَهُ الْقَاضِي وَحَفِظَهُ لِمَالِكِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ؛ لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ اكْتِسَابٌ وَاكْتِسَابُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ وَلُقَطَةُ الْمُبَعَّضِ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ لِذِي النَّوْبَةِ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الِالْتِقَاطِ لَا بِوَقْتِ التَّمَلُّكِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي نَوْبَةٍ أَيُّهُمَا الْتَقَطَ صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ

(وَعُيِّنَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَعَيَّنَ أَيْ: عَلَى الْمُلْتَقِطِ (الرَّدُّ مَعَ الزَّائِدِ لَهْ) أَيْ: رَدُّ الْمَلْقُوطِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَهُوَ بَاقٍ مَعَ الزَّائِدِ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ دُونَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ (وَإِنْ جَرَى تَمَلُّكٌ) لَهُ (يُرَدُّ) إلَى مَالِكِهِ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ إبْطَالُ حَقٍّ لَازِمٍ وَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ إلْزَامُهُ أَخْذَ بَدَلِهِ مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي الْقَرْضِ فَإِنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ وَجَعَلَ ابْنُ كَجٍّ الْوَجْهَيْنِ فِي إجْبَارِ الْمُلْتَقِطِ عَلَى الْفَسْخِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيَجُوزُ فَرْضُهُمَا فِي الِانْفِسَاخِ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. (قَوْلُهُ: مَا الْتَقَطَهُ) أَيْ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: مَا الْتَقَطَهُ) أَيْ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ تَعَدٍّ مِثْلُ مَا لَوْ أَهْمَلَهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ مَالَ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ، وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ فِي الْجِنَايَةِ، فَإِنَّ التَّقْرِيرَ وَالْإِهْمَالَ لَا يَزِيدَانِ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ ذَاكَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ، وَيَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ أَنَّ التَّقْرِيرَ وَالْإِهْمَالَ لَا يَزِيدَانِ عَلَى الْإِذْنِ بَلْ يَزِيدَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ وَطُلِبَ مِنْهُ شَرْعًا نَزْعُهُ وَحَفِظَهُ فَإِذَا تُرِكَ فَكَأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إتْلَافِ عَبْدِهِ مَعَ الْإِذْنِ فِيهِ م ر. (قَوْلُهُ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ) لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَعَلُّقَهُ بِأَعْيَانِ أَمْوَالِهِ حَتَّى تَصِيرَ كَالْمَرْهُونَةِ عَلَيْهِ وَيَصِيرَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ الْمَذْكُورَ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ بَاشَرَ إتْلَافَ أَمْوَالِ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا مَعَ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ ضَامِنٌ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَ الْعَبْدِ بِبَدَلِ الْمُتْلَفِ لَزِمَهُ الْبَاقِي بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ فِيهَا وَلَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهُ بِهَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا) وَلَوْ تَنَازَعَا فِيمَنْ وُجِدَتْ فِي نَوْبَتِهِ صُدِّقَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ ح ج. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ) إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ وَقَدْ يُقَالُ: لَا عِبْرَةَ بِيَدِ السَّيِّدِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِيَدِ الْمُبَعَّضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَبْقَ يَدِ الْمُبَعَّضِ بِالْتِقَاطِهَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا يُرَجَّحُ جَانِبُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الِالْتِقَاطِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَتَكُونُ الْيَدُ لَهُ فَلِذَا أَعْرَضْنَا عَنْ سَبْقِ يَدِ الْمُبَعَّضِ وَنَظَرْنَا لِلْيَدِ بِالْفِعْلِ حَالَ النِّزَاعِ سم

(قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَى مَالِكِهِ مَا لَمْ إلَخْ) وَيَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ رَدُّهَا إلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَدِيعَةِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقَرْضِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ زَوَالِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ كَمَا فِي الْقَرْضِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَةً وَرَجَعَتْ إلَى مِلْكِهِ بِشِرَاءٍ مَثَلًا بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّ عَيْنِهَا. (قَوْلُهُ: فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ؟) وَجْهَانِ اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ الْأَوَّلَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ جَاءَ الْمَالِكُ وَقَدْ بِيعَتْ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَا إنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الشربيني]

كَأَنْ أَقَرَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَقَرَّ إلَخْ) وَيُحْكَمُ بِالِالْتِقَاطِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَسَوَاءٌ فِي الْإِقْرَارِ الْإِذْنُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ) فَيُقَدَّمُ بِهِ مَالِكُ اللُّقَطَةِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطَالَبُ فَيُؤَدِّي مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّعَلُّقَ بِأَعْيَانِهَا حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ الْحَجْرِ. اهـ. ع ش قَالَ ق ل: فَيَغْرَمُ السَّيِّدُ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّمَلُّكِ إلَخْ) : بَعْدَهُ فَتَكُونُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْإِكْسَابِ وَفِي ع ش خِلَافُهُ رَاجِعْهُ. اهـ. وَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَلَا يُقَدَّمُ مَالِكُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ الْحُرُّ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُ مَا بِيَدِهِ وَيَكُونُ لُقَطَةً بِيَدِ الْآخِذِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. اهـ. ع ش وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ لَمَّا وَقَعَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَائِعًا

(قَوْلُهُ: دُونَ أَرْشِ الْعَيْبِ إلَخْ) لِأَنَّهَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَمَانَةٌ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهَا بَعْدَهُ مَضْمُونَةٌ وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرْ أَفَادَهُ م ر. (قَوْلُهُ: فَهَلْ لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فَرْضُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل فَإِنْ بَاعَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا فَظَهَرَ الْمَالِكُ فِيهِ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ

ص: 404

وَطَلَبَ فِي الْمَجْلِسِ بِزِيَادَةٍ (مَعْ أَرْشِ عَيْبٍ كَانَ) أَيْ: وُجِدَ (فِيمَا بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ التَّمَلُّكِ إذْ الْكُلُّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَذَا الْبَعْضُ.

(وَ) مَعَ (زَائِدٍ مُتَّصِلٍ) وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَ رَدَّهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ أَمَّا الزَّائِدُ الْمُنْفَصِلُ الْحَادِثُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَلَا يَرُدُّهُ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْحَمْلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَالْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ الْحَادِثُ هُنَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِلْمُلْتَقِطِ (بِالْحُجَّهْ) أَيْ: وَعَيَّنَ رَدَّهُ إلَى مُدَّعِيهِ بِحُجَّةٍ أَقَامَهَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَتَعْبِيرُهُ بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْبَيِّنَةِ.

(وَجَازَ) رَدُّهُ إلَيْهِ (حَيْثُ ظَنَّ صِدْقَ اللَّهْجَهْ) أَيْ: اللِّسَانِ مِنْهُ (بِوَصْفِهِ) إيَّاهُ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حُجَّةٍ نَعَمْ إنْ وَصَفَهُ جَمَاعَةٌ وَادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ لَمْ تُسَلَّمْ بِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُظَنَّ صِدْقُهُ فَلَا يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَإِنْ عُلِمَ صِدْقُهُ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَى الْوَاصِفِ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ حُجَّةً بِهِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا أَخَذَهُ أَوْ تَالِفًا تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ الْمُلْتَقِطُ إنْ لَمْ يُلْزِمْهُ الْحَاكِمُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَاصِفِ وَأَنْ يَضْمَنَ الْوَاصِفُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُلْتَقِطُ لَهُ بِهِ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ وَلَوْ جَاءَ الْوَاصِفُ بَعْدَ مَا تَمَلَّكَهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَتْلَفَهُ فَغَرِمَ لَهُ بَدَلَهُ لِظَنِّهِ صِدْقَهُ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ حُجَّةً بِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُلْتَقِطِ دُونَ الْوَاصِفِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْمُلْتَقَطَ قَبْلَ ظُهُورِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.

(وَقِيمَةً) لِمَا الْتَقَطَهُ (يَوْمَ مَلَكْ) فِي الْمُتَقَوِّمِ (وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ رَدَّ) وُجُوبًا (إنْ هَلَكْ) مَا الْتَقَطَهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ يَوْمِ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيَثْبُتُ الضَّمَانُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ يَوْمِ الْهَلَاكِ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ اللَّقِيطِ وَيُقَالُ لَهُ مَلْقُوطٌ

ــ

[حاشية العبادي]

وَجَدَهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَقْدِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَاقِدُ دُونَ غَيْرِهِ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ الْمَالِكُ.

(قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) اُنْظُرْهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بَلْ لَوْ حَدَثَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ نَظِيرَهُ ذَلِكَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنْ يَحْدُثَ قَبْلَ الْعَيْبِ فَيَرُدَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ إلَّا عِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ وَلَدَتْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ. (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ إيَّاهُ) فَلَا يَجِبُ لَكِنْ لِلْوَاصِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُلْتَقِطَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ كُلٌّ) أَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُلْزِمْهُ الْحَاكِمُ) كَالْمَالِكِيِّ وَالْحَنْبَلِيِّ فَإِنْ أَلْزَمَهُ فَلَا يُلْزِمْهُ الْعُهْدَةَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي التَّسْلِيمِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضْمَنَ الْوَاصِفُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَرْجِعُ الْوَاصِفُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِمَا غَرِمَهُ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ بِلَا تَعْزِيرٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَزْعُمُ ظُلْمَ الْمَالِكِ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُلْتَقِطُ لَهُ بِهِ) فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ أَيْ: الْوَاصِفِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَرْجِيحُ هَذَا. (قَوْلُهُ: مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ) وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا وَقْتَ طُرُوُّ الْعَيْبِ عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدَ ع ش؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا قَبْلَ طُرُوُّ الْعَيْبِ وَجَبَ رَدُّهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَزَائِدٌ مُتَّصِلٌ وَإِنْ حَدَثَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَامِلًا. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَيَكُونُ الْحَادِثُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ حَدَثَ قَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ: لِحُدُوثِهِ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْحَادِثِ الْمُنْفَصِلِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَهُوَ لِلْمُلْتَقِطِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ. اهـ. م ر وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْحَادِثُ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ زَائِدٍ مُتَّصِلٍ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَعِبَارَةُ ق ل وَمِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْحَمْلُ الْحَادِثُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ. (قَوْلُهُ: بِالْحُجَّةِ) وَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْحَاكِمِ لَهَا وَقَضَائِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالدَّفْعِ فَإِنْ خِيفَ انْتِزَاعُهُ لَهَا لِشِدَّةِ جَوْرِهِ حَكَّمَا مَنْ يَسْمَعُهَا وَيَقْضِي لِلْمَالِكِ بِهَا. اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ تَمَلَّكَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ فَظَهَرَ مَالِكُهُ مَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ نَحْوَ بَيْعِهِ قَبْلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالتُّحْفَةِ. اهـ. وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ وَقْفَهُ: إذَا ادَّعَى بَيْعَهُ فَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِمُشْتَرِيهِ مِنْ الْمَالِكِ وَقْتَ الْبَيْعِ. اهـ. وَأَوْضَحَهُ الرَّشِيدِيُّ فَقَالَ:؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ عَلَى مَالِكِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ أَمْ الْمُشْتَرِي اهـ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَالِكِ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ ضَائِعًا يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ؟ قُلْت يُصَوَّرُ بِمَا إذَا عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي وَقَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَيَتِمُّ مَا قَالَهُ ع ش وَالرَّشِيدِيُّ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ تَمَلُّكَ الْمُلْتَقِطِ مِنْ قَبِيلِ الِاقْتِرَاضِ وَحَيْثُ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْمَالِكِ بِالتَّصْوِيرِ الْمُتَقَدِّمِ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ تَمَلُّكُ الْمُلْتَقِطِ لَا عَنْ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ لِخُرُوجِ اللُّقَطَةِ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَلَا عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يَقْبِضْ وَالتَّمَلُّكُ عَمَّنْ لَمْ يَقْبِضْ لَا يَصِحُّ فَلَا تَصِحُّ التَّصَرُّفَاتُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ وَمِنْهَا الْبَيْعُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَقَعُ الْبَيْعَانِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَيَقَعُ التَّمَلُّكُ عَنْ الْمَالِكِ قُلْت تَقَدُّمُ بَيْعِ الْمَالِكِ بَيْعًا صَحِيحًا يُنْقَضُ بِهِ تَمَلُّكُ الْمُلْتَقِطِ كَمَا يُنْقَضُ إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ وَاللُّقَطَةُ فِي يَدِهِ بَقِيَ أَنَّ مَا قَالَهُ ع ش وَالرَّشِيدِيُّ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْرِيفَ الْوَاقِعَ وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ بَعْضُ الزَّمَنِ وَفِي مِلْك الْمُشْتَرَى مِنْهُ الْبَعْضُ الْآخَرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ وَأَنَّ دَوَامَ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ تَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي كَافٍ فِي الِالْتِقَاطِ لِلتَّمَلُّكِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ) وَلَا نَظَرَ لِلْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَإِنْ وَجَبَ فِي الْقَرْضِ الْمَقِيسَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ وَلَا ضَمَانَ فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْكَلْبِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الضَّمَانُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بَعْدَ هَذَا وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عِنْدَ مَجِيءِ الْمَالِكِ وَطَلَبِهِ. اهـ. وَانْظُرْ مَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي

ص: 405