المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تَبَرُّعٌ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَيْسُوا أَهْلًا لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمُفْلِسُ أَهْلًا لَهُ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: تَبَرُّعٌ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَيْسُوا أَهْلًا لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمُفْلِسُ أَهْلًا لَهُ

تَبَرُّعٌ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَيْسُوا أَهْلًا لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمُفْلِسُ أَهْلًا لَهُ فِي الضَّمَانِ مِنْ جِهَةِ تَصَرُّفِهِ فِي الذِّمَّةِ وَهُنَا الْمُرَادُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُتَّجَهُ جَوَازُ إعَارَتِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَعْطِيلُ الْيَدِ عَنْهَا كَإِعَارَةِ الدَّارِ يَوْمًا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَبِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ أَيْ بِعَقْدٍ مَعَهُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَبَهِيمَةٍ فَإِنَّهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِمْ لَكِنْ لَا يُعْقَدُ مَعَهُمْ فَلَا يُعَارُ مِنْهُمْ كَمَا لَا يُوهَبُ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّةُ صِحَّةِ اسْتِعَارَةِ السَّفِيهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ قَبُولِهِ الْهِبَةَ لَكِنْ كَيْفَ تَصِحُّ اسْتِعَارَتُهُ مَعَ أَنَّهَا مُضَمَّنَةٌ لَا جَرَمَ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا انْتَهَى

وَقَضِيَّتُهُ صِحَّتُهَا مِنْهُ وَمِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِعَقْدِ وَلِيِّهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُضَمَّنَةً كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ (عَيْنًا لِنَفْعٍ) أَيْ مَتَى يُعِرْ عَيْنًا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا (لَمْ تَكُنْ تُسْتَهْلَكُ بِسَبَبِ اسْتِيفَاءِ نَفْعٍ) بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا كَالْعَبِيدِ وَالدُّورِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْحِمَارِ الزَّمِنِ وَمَا فِيهِ نَفْعٌ لَكِنْ بِاسْتِهْلَاكِهِ كَالْأَطْعِمَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِعَارَةِ وَلَوْ دَفَعَ شَاةً إلَى رَجُلٍ وَقَالَ مَلَّكْتُك دَرَّهَا وَنَسْلَهَا فَهُمَا مَوْهُوبَانِ هِبَةً فَاسِدَةً وَالشَّاةُ مَضْمُونَةٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ قَالَ أَبَحْتُ لَك دَرَّهَا وَنَسْلَهَا فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي أَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ أَنَّهَا إبَاحَةٌ صَحِيحَةٌ وَالشَّاةُ عَارِيَّةٌ صَحِيحَةٌ قَالَ وَحَكَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي بِصِحَّةِ إعَارَةِ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا وَالشَّجَرَةِ لِثَمَرَتِهَا قَالَ فَعَلَى هَذَا قَدْ تَكُونُ الْعَارِيَّةُ لِاسْتِفَادَةِ عَيْنٍ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ انْتَهَى

فَالشَّرْطُ فِي الْعَارِيَّةُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِهْلَاكُ الْمُعَارِ لَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مَمْنُوعٌ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْعَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ وَكَلَامُ النَّظْمِ فَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ اُدْخُلْ الْإِصْطَبْلَ وَخُذْ مَا أَرَدْت صَحَّتْ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يُحْتَمَلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ (يُمْلَكُ) أَيْ النَّفْعُ أَيْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ مَمْلُوكَةً لِلْمُعِيرِ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ تَصَوُّرِ إعَارَةٍ تَجِبُ مَعَهَا الْأُجْرَةُ وَلَيْسَتْ إجَارَةً

(قَوْلُهُ: وَلَيْسُوا أَهْلًا لَهُ) أَيْ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ إعَارَتِهَا) أَيْ الْعَيْنِ

(قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ الدَّارِ يَوْمًا) لَعَلَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ فِي الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ قَبُولِهِ لِلْهِبَةِ) فَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ صِحَّتِهَا) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ صِحَّتِهَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: عَيْنًا لِنَفْعٍ إلَخْ)، وَأَمَّا مَا فِيهِ نَفْعٌ مُتَوَقَّعٌ كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمُدَّةٍ يَصْلُحُ فِيهَا لِلنَّفْعِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةِ وَاضِحٌ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا يَصِحُّ وُرُودُهَا عَلَى مَا لَا نَفْعَ فِيهِ م ر (قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ تُسْتَهْلَكْ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَدْخُلُ فِي الضَّابِطِ مَا لَوْ اسْتَعَارَ قَيِّمُ الْمَسْجِدِ أَحْجَارًا وَخَشَبًا لِيَبْنِيَ بِهَا الْمَسْجِدَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَوَارِيِّ جَوَازُ اسْتِرْدَادِهَا وَالشَّيْءُ إذَا صَارَ مَسْجِدًا لَا يَجُوزُ اسْتِرْدَادُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا يُبْنَى فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَحْجَارٍ وَأَخْشَابٍ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَالشَّجَرَةِ لِثَمَرَتِهَا) قِيَاسُ ذَلِكَ صِحَّةُ إعَارَةِ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مِنْ حِبْرِهَا وَالْمُكْحُلَةِ لِلِاكْتِحَالِ مِنْ كُحْلِهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ (قَوْلُهُ أَيْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ فَهِيَ إبَاحَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ أَنْ يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ بِأَنْ يَخْدُمَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُعِيرَ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

ق ل

[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ) لِلُزُومِهَا م ر وَفِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَنَ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر (قَوْلُهُ: صِحَّةُ قَبُولِهِ الْهِبَةَ) لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا بِخِلَافِ الْعَارِيَّةُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَبَحْت إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّاةَ تَكُونُ عَارِيَّةً بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التُّحْفَةِ أَنَّ إبَاحَةَ مَا ذَكَرَ تَتَضَمَّنُ عَارِيَّةَ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: إعَارَةِ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا إلَخْ) أَيْ وَتَكُونُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُتَضَمِّنَةً لِإِبَاحَةِ اللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ كَمَا قَرَّرَهُ م ر فِي مَرَّةٍ وَإِنْ قَرَّرَ فِي أُخْرَى أَنَّ الصُّورَةَ أَنْ يُبِيحَهُ الدَّرَّ وَالثَّمَرَةَ وَيُعِيرَهُ الدَّابَّةَ وَالشَّجَرَةَ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا قَدْ تَكُونُ الْعَارِيَّةُ إلَخْ) حَقَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأُشْمُونِيُّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالثَّمَرَةِ لَيْسَ مُسْتَعَارًا بَلْ مُبَاحٌ وَالْمُسْتَعَارُ هُوَ الشَّاةُ وَالشَّجَرَةُ اهـ سم وَقَوْلُهُ: لَيْسَ مُسْتَعَارًا أَيْ لَيْسَ مُسْتَفَادًا بِالْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا الْمُسْتَفَادُ بِهَا التَّوَصُّلُ لِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ فِي الْمَذْكُورَاتِ ضَمِنَهَا الْمُنْتَفِعُ وَلَوْ قَبْلَ عَمَلِهِ بِالرُّجُوعِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ قَالَ ق ل وَفِيهِ أَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةُ لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ عَيْنٍ وَلَا تَصِحُّ الْإِبَاحَةُ بِهِ وَأَيْضًا قِيَاسُ أَنَّ السُّكْنَى فِي قَوْلِهِ: أَعَرْتُك الدَّارَ لِلسُّكْنَى مُسْتَفَادَةٌ بِالْعَارِيَّةِ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ وَالثَّمَرَةُ فِي قَوْلِهِ: أَعَرْتُك الشَّاةَ لِلَبَنِهَا وَالشَّجَرَةَ لِثَمَرَتِهَا مُسْتَفَادَيْنِ بِهَا اهـ

وَبِالْجُمْلَةِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأُشْمُونِيُّ لَا يُوَافِقُ صِحَّةَ الْإِعَارَةِ لِلَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ الْمُقَيَّدِ صِحَّتُهَا مَعَ قَصْدِ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ بِالْعَارِيَّةِ هُوَ اللَّبَنُ وَالثَّمَرَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: كَوْنُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالنَّفْعِ

ص: 232

أَوْ لِمُوَكِّلِهِ وَلَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ فَمَا لَا تُمْلَكُ مَنْفَعَتُهُ لَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ كَالْمُعَارِ وَسَيَأْتِي وَكَالصَّغِيرِ لَا يُعِيرُهُ وَلِيُّهُ لِمَنْ يَخْدُمُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى خِدْمَةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَمَا لَا يُقَابَلُ بِهَا لِحَقَارَتِهِ فَالظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أَفْعَالُ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالصَّغِيرِ وَأَوْرَدَ عَلَى قَيْدِ الْمِلْكِ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ صِحَّةِ إعَارَةِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَمَا فِيهَا كَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ إعَارَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْمَنْذُورَيْنِ مَعَ خُرُوجِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ وَمِنْ صِحَّةِ إعَارَةِ الْإِمَامِ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَرْضٍ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مَا يَعُمُّ الِاخْتِصَاصَ بِهَا النَّاشِئَ عَنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِهَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَمَّا عَدَا الْأَوَّلَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَارِيَّةً حَقِيقَةً بَلْ هُوَ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ إرْفَاقٌ خَاصٌّ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ إلَى رُكُوبِهِمَا أَوْ نَحْوِهِ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ إيصَالُ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ إنْ كَانَ الْأَخْذُ لَهُ مُحْتَاجًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ إلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ النَّفْعُ (قَوِيٌّ) فَلَا يَصِحُّ إعَارَةُ النَّقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (وَمُبَاحٌ) فَلَا يَصِحُّ إعَارَةُ الْأَمَةِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا الصَّيْدِ لِمُحْرِمٍ كَمَا سَيَأْتِي (يُعْلَمُ) أَيْ النَّفْعُ (جِنْسًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ جِنْسِهِ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ جِهَةُ النَّفْعِ كَالْبِسَاطِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ إلَّا لَأَنْ يُفْرَشَ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالتَّعْيِينِ

وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَالْأَرْضِ الصَّالِحَةِ لِلزَّارِعَةِ وَالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ تَعَيَّنَ ذِكْرُهُ (كَزَرْعِهَا) لِأَنَّ الْإِعَارَةَ مَعُونَةٌ شَرْعِيَّةٌ رَغَّبَ فِيهَا الشَّرْعُ لِلْحَاجَةِ فَلْتُقَيَّدْ بِجِنْسِ النَّفْعِ (وَلَوْ إذْ يُبْهَمُ) أَيْ مَا يَزْرَعُ بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ لِلْإِطْلَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ قِيلَ لَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ إنَّمَا تُنَزَّلُ عَلَى الْأَقَلِّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَصَحَّ وَهَذَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ انْتَفِعْ) أَيْ يَعْلَمُ جِنْسَ النَّفْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ قَالَ الْمُعِيرُ انْتَفِعْ بِهِ (مَا شِئْتَ) أَوْ افْعَلْ بِهِ مَا بَدَا لَك فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَالْإِجَارَةِ بَلْ أَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ كَيْفَ شَاءَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ يَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا أَحْسَنُ ثُمَّ بَيَّنَ النَّاظِمُ مَا خَرَجَ بِأَكْثَرِ الْقُيُودِ فَقَالَ (لَا) إعَارَةُ (الْمُعَارِ) فَلَا تَصِحُّ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا إذْنٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الْمَنَعَةَ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَالْمُسْتَبِيحُ لَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْإِبَاحَةِ كَالضَّيْفِ نَعَمْ لَهُ الْإِنَابَةُ فِي الِاسْتِيفَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي

فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ صَحَّ وَخَرَجَ مِنْ عَارِيَّتِهِ إنْ سَمَّى لَهُ مَنْ يُعِيرُهُ وَإِلَّا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَكَالصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَجْنُونُ وَالْبَالِغُ السَّفِيهُ كَذَلِكَ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: لِحَقَارَتِهِ) أَيْ مَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ حِلَّ إعَارَتِهِ أَيْ الصَّغِيرِ لِحُرْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) أَجَابَ فِي الْخَادِمِ عَنْ مَسْأَلَةِ النَّذْرِ بِأَنَّ الَّذِي زَالَ بِهِ إنَّمَا هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَأَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الرُّكُوبَ وَشُرْبَ اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعَارَهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا الْمُسْتَعِيرُ دُونَ الْمُعِيرِ وَلَوْلَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ لَضَمِنَهَا الْمُعِيرُ أَيْضًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَجَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِأَنَّ الْمُعِيرَ أَيْضًا يَضْمَنُ وَلِهَذَا قِيلَ لَيْسَ لَنَا مُعِيرٌ يَضْمَنُ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ م ر وَلْيُرَاجَعْ هَلْ ضَمَانُهَا شَامِلٌ لِلتَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا هُنَا بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مَا يَعُمُّ الِاخْتِصَاصَ بِهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يُرَدُّ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ إعَارَةِ الصُّوفِيِّ وَالْفَقِيهِ سَكَنَهُمَا بِالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْحَاجَةِ) قَضِيَّتُهُ الِامْتِنَاعُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مَا شَاءَ لِلْإِطْلَاقِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لَوْ أَعَارَهَا لِزَرْعِ مَا يَشَاءُ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مُطْلَقٌ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَزْرَعُ مَا يَشَاءُ مِمَّا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ هُنَاكَ وَلَوْ نَادِرًا حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمُسَامَحَةٍ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ هَذَا وَأَيْضًا فَأَنْوَاعُ الزَّرْعِ قَدْ يُدَّعَى حَصْرُهَا بِاعْتِبَارِ مَا تَصْلُحُ لَهُ الْأَرْضُ مِنْهَا فَيُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى أَقَلِّهَا ضَرَرًا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْمُعِيرُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ انْتَفَعَ مَعْمُولُ الْمَعْطُوفِ عَلَى يَعْلَمُ (قَوْلُهُ يَنْتَفِعُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ عَارِيَّتِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ أَعَارَ فَلَا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَنْفَعَةُ لَا الِانْتِفَاعُ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَعَارَ صُوفِيٌّ أَوْ فَقِيهٌ مَسْكَنَهُ فِي مَدْرَسَةٍ كَانَ ذَلِكَ إبَاحَةً لَا إعَارَةً (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْفٍ) فَيُعِيرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ لَكِنْ بِإِذْنِ النَّاظِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ نَاظِرًا اهـ حَجَرٌ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَازَعَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أَفْعَالُ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ) لَكِنْ فِي تَسْمِيَةِ مِثْلِ هَذَا إعَارَةً تَسَمُّحٌ إذْ لَا مِلْكَ لِلْمَنْفَعَةِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ حَجَرٌ وَم ر (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) لِأَنَّ الْإِمَامَ فِيهِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ شَيْءٍ مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَعَارَهُ مِنْهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا اهـ حَجَرٌ (قَوْلُهُ كَزَرْعِهَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إنَّهُ إنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فِي الْمُدَّةِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِعُ بِهِ كَيْفَ شَاءَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ ز ي اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِمَا عَدَا دَفْنَ الْمَوْتَى لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اللُّزُومِ فَلَا يُسْتَفَادُ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْبُرُلُّسِيِّ

ص: 233

فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُعِيرُ لِلثَّانِي وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَيَبْرَأُ الثَّانِي بِرَدِّهَا عَلَيْهِ

(وَلَا) إعَارَةُ (النَّقْدِ) إذْ مَنْفَعَةُ التَّزْيِينِ بِهِ وَالضَّرْبُ عَلَى طَبْعِهِ مَنْفَعَةٌ ضَعِيفَةٌ قَلَّمَا تُقْصَدُ وَمُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ فِي الْإِنْفَاقِ وَالْإِخْرَاجِ وَقِيلَ تَصِحُّ إعَارَتُهُ

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا أَطْلَقَ وَقُلْنَا بِجَوَازِ الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ، أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِالتَّزْيِينِ أَيْ أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ فَالْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ إعَارَتِهِ لِاتِّخَاذِهِ الْمَنْفَعَةَ مَقْصِدًا وَإِنْ ضَعُفَتْ وَبِهِ أَجَابَ فِي التَّتِمَّةِ (وَلَا) إعَارَةُ (الْجَوَارِي) بِفَتْحِ الْجِيمِ (مِمَّنْ سِوَى الْمَحْرَمِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمِهَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُفَارِقُ هَذَا جَوَازَ إجَارَتِهَا وَالْوَصِيَّةَ بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُوصَى لَهُ يَمْلِكَانِ الْمَنْفَعَةَ فَيُعِيرَانِ وَيُؤَجِّرَانِ لِمَنْ يَخْلُو بِهَا إنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِمَا الِانْتِفَاعُ بِأَنْفُسِهِمَا وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةٌ لَهُ فَقَطْ وَإِذَا لَمْ يَسْتَبِحْ بِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَائِدَةٌ، أَمَّا إعَارَتُهَا مِنْ مَحْرَمِهَا بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَحِيحَةٌ وَكَذَا إعَارَتُهَا مِنْ امْرَأَةٍ وَمَمْسُوحٍ وَزَوْجِهَا وَمَالِكِهَا كَأَنْ يَسْتَعِيرَهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعَارُ خُنْثَى امْتَنَعَ احْتِيَاطًا وَالْمَفْهُومُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِيهِ وَفِي الْأَمَةِ الْفَسَادُ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَبَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْغَزَالِيِّ الصِّحَّةَ وَبِهَا جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَّلَهَا بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَجَعَلَ فَائِدَةَ الصِّحَّةِ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ (قُلْت وَلْتَجُزْ) إعَارَةُ (شَوْهَا) أَيْ قَبِيحَةٍ (وَمَنْ لَا تُشْتَهَى مِنْ الْعُجُزْ) وَالصِّغَارِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ وَنَحْوِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي الشَّوْهَاءِ وَالصَّغِيرَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعَ فِيهِمَا وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ فَيَجُوزُ فِي الصَّغِيرَةِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ

(وَلَا يَصِحُّ الصَّيْدُ) أَيْ إعَارَتُهُ (مِمَّنْ أَحْرَمَا)

وَقَوْلُهُ: (وَفِي هَلَاكِهِ الْجَزَا وَقُوِّمَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَفِي تَلَفِ الصَّيْدِ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ بِالْمِثْلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقِيمَةُ لِحَقِّ مَالِكِهِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجِّ (وَكُرِهَتْ) إعَارَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِالتَّزْيِينِ إلَخْ) أَوْ نَوَى ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَحَثَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَازَ إعَارَةِ الْمَطْعُومِ إذَا صَرَّحَ بِأَنَّهُ لِلتَّزْيِينِ أَوْ نَوَاهُ كَالنَّقْدِ (قَوْلُهُ: بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ) أَيْ مَنْ سِوَى الْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا) وَيَكُونُ الزَّوْجُ ضَامِنًا وَلَوْ اسْتَمَرَّتْ فِي يَدِهِ حَتَّى مَضَى زَمَنُ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الضَّامِنِ لَمَّا ثَبَتَتْ لَا تَزُولُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ بِرّ (قَوْلُهُ: لِفَسَادٍ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُهَا فِي الْفَاسِدَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ أَنَّ فَاسِدَةَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَبَّهَ عَلَى هَذَا اهـ وَقَدْ تُمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ) وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُهَا فِي الْفَاسِدَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) يُتَّجَهُ حَمْلُ تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ إعَارَتُهَا نَظَرًا مُحَرَّمًا وَلَا خَلْوَةً مُحَرَّمَةً أَيْ لَمْ يَكُنْ مَظِنَّةَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ اسْتَعَارَ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَالِدًا لِلْخِدْمَةِ كُرِهَ وَفِي شَرْحِهِ وَأَمَّا إعَارَةُ وَإِجَارَةِ الْوَلَدِ نَفْسَهُ لِوَلَدِهِ فَلَيْسَتَا مَكْرُوهَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ قَالَ الْفَارِقِيُّ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْخِدْمَةِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ تَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِمَا إذَا أَطْلَقَ) لِأَنَّ ضَعْفَ الْمَنْفَعَةِ يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا إعَارَةُ الْجَوَارِي) ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ، وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ نَظَرًا مُحَرَّمًا وَلَا خَلْوَةً مُحَرَّمَةً وَصَرِيحُ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ) أَيْ أَصَالَةً وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُنِيبَ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْعَارِيَّةُ أَصَالَةُ اسْتِبَاحَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَبِحْ بِنَفْسِهِ امْتَنَعَ اسْتِيفَاؤُهُ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ اسْتِبَاحَتِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ) رَدَّهُ حَجَرٌ بِأَنَّ الْمَنْعَ ذَاتِيٌّ لِأَنَّهُ اسْتَعَارَهَا لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ الْمُتَضَمِّنَةِ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا لَازِمٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَفُوتُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعُجُزِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ جَمْعُ عَجُوزٍ اهـ عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعَ) نَعَمْ لِامْرَأَةٍ خِدْمَةُ مَرِيضٍ مُنْقَطِعٍ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ وَلِسَيِّدِ أَمَةٍ إعَارَتُهَا لِخِدْمَتِهِ اهـ حَجَرٌ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ أَيْ إعَارَةُ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: الْمَنْعَ فِيهِمَا) لِأَنَّهُ اسْتَعَارَ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَلْزَمَ نَظَرُ مُحَرَّمٍ فَيُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى مَا إذَا لَزِمَ فِي الْكَبِيرَةِ وَخَصَّهَا، وَإِنْ جَرَى فِي الصَّغِيرَةِ لِاعْتِبَارِ الشَّأْنِ فِيهِمَا هَذَا وَالْأَوْلَى تَرْكُ الْحَمْلِ فِي الْكُلِّ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ

ص: 234

الْأَصْلِ، وَإِنْ عَلَا (مِنْ وَلَدٍ لِيَخْدُمَا) فَيُكْرَهُ لَهُ قَبُولُهَا كَمَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِخْدَامَهُ مَكْرُوهٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَتِهِ لِذَلِكَ تَوْفِيرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ

(وَ) كُرِهَ (أَنْ يُعِيرَ) الشَّخْصُ (مِنْ كَفُورٍ) أَيْ كَافِرٍ (مُسْلِمَا كَرَهْنِ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ رَهْنُ جَارِيَةٍ (حَسْنَاءَ مِنْ الْقَلِيلِ تُقَاهْ) أَيْ مِنْ الْفَاسِقِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي إلَّا إذَا شَرَطَ وَضْعَهَا عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقَدْ يُقَالُ: عَدْلٌ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ عِبَارَةِ الْحَاوِي لِيَشْمَلَ مَنْ قَلَّتْ تَقْوَاهُ وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْعَارِيَّةُ (بِالْإِيجَابِ) مِنْ الْمُعِيرِ (وَالْقَبُولِ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا

وَيُكْتَفَى (بِلَفْظِهِ) أَيْ بِلَفْظِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (مِنْ طَرَفٍ وَفِعْلِ) لِلْآخَرِ (مِنْ طَرَفٍ) آخَرَ كَأَنْ يَقُولَ أَعَرْتُكَ هَذَا فَيَأْخُذُهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ يَقُولُ أَعِرْنِيهِ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ الْمُعِيرُ كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ اللَّفْظِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَتَسَلَّمَهُ فِي ظَرْفٍ فَالظَّرْفُ عَارِيَّةٌ وَمَا لَوْ انْتَفَعَ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِظَرْفِ الْهَدِيَّةِ حَيْثُ كَانَتْ بِلَا مُقَابِلٍ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهَا كَأَكْلِ الطَّعَامِ مِنْ الصَّحْنِ فَالظَّرْفُ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِمُقَابِلٍ فَأَمَانَةٌ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَغَاصِبٌ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَأَمَّا قَبْلَهُ فَأَمَانَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مُقَابِلٍ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْهِبَةِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ فَرَجَّحَ أَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ لِمَنْفَعَةِ الظَّرْفِ لَا إعَارَةٌ لَهُ كَمَا أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ لَيْسَتْ إعَارَةً لِلدَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ وَهَبَ الْمَنَافِعَ بِخِلَافِهِ هُنَا

(وَفِي) قَوْلِهِ: (أَعَرْتُ إبِلِي) مَثَلًا (مِنْكَ لِكَيْ تُعِيرَنِي)

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ وَالِدَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ كَانَ الْمَكْرُوهُ الْقَبُولَ دُونَ الْإِيجَابِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ إعَارَةُ الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْفَاسِقِ) قَالَ فِي الْإِسْعَادِ بَعْدَ التَّوْطِئَةِ لِتَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا نَصُّهُ فَتَخْصِيصُ الْحَاوِي كَالْوَجِيزِ الْكَرَاهَةُ بِالْفَاسِقِ مُنْتَقَدٌ لِأَنَّهُمَا إنْ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ فِي الْعَقْدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْجَارِيَةَ الْحَسْنَاءَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا لِلْمُرْتَهِنِ فَهُوَ لَمْ يَخُصَّ الْفَاسِقَ بَلْ عَمَّمَ، وَإِنْ أَرَادَ التَّعْبِيرَ عَمَّا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ فَلَا تُفِيدُ عِبَارَتُهُمَا إذَا الْمَشْهُورُ جَوَازُ الرَّهْنِ مُطْلَقًا وَمَنْعُ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا عَدْلًا لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ فَاسِقًا لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَيْسَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَضْعُهَا عِنْدَهُ فَإِنْ اُشْتُرِطَ وَضْعُهَا عِنْدَهُ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ يَفْسُدُ بِمِثْلِهِ الْعَقْدُ اهـ

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَرَطَ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا التَّفْصِيلُ بِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ مَا ذَكَرَ لَا تُوضَعُ عِنْدَهُ بَلْ عِنْدَ نَحْوِ مُحَرَّمٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الرَّهْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ تُوضَعَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ لَا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ تَزُولُ بِهِ الْخَلْوَةُ كَزَوْجَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْإِسْعَادِ (قَوْلُهُ: فَأَمَانَةٌ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) كَانَ وَجْهُ الْفَسَادِ عَدَمَ صِيغَةِ إيجَارٍ وَعَدَمَ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إجَارَةٌ بَاطِلَةٌ لَا فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا تَابِعٌ لِعَقْدِ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ بِعِوَضٍ لَا تَكُونُ إلَّا بِلَفْظٍ فَهُنَاكَ إيجَابٌ تَقْدِيرِيٌّ تَبَعًا (قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِطَرَفِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَيْثُ جُعِلَ عَارِيَّةً وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ هُنَا بِالْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْمَبِيعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ

وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَظْهَرُ هَذَا الْجَوَابُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فِي ظَرْفِهِ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ فِيهِ نَظِيرَ الْأَكْلِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ وَلَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِاسْتِعْمَالِ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ أُجْرَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَنَافِعُ الْمَوْهُوبَةُ هُنَا نَظِيرَ الطَّعَامِ الْمُهْدَى، ثُمَّ وَالدَّارُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْمَنَافِعِ نَظِيرَ الظَّرْفِ ثَمَّ فَلِمَ كَانَ الظَّرْفُ عَارِيَّةً هُنَاكَ دُونَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَنَافِعَ الدَّارِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاؤُهَا بِغَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ الدَّارَ كَانَتْ هِبَتُهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ إلَخْ) فَإِنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْعَدْلِ أَيْضًا إلَّا إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ) قِيَاسٌ صَحِيحٌ عَلَى ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي الْإِبَاحَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ اهـ دَمْهُوجِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ انْتَفَعَ إلَخْ)، أَمَّا قَبْلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا وَمَغْصُوبٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا وَعَارِيَّةٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ وَإِلَّا فَمُؤَجَّرٌ إجَارَةً فَاسِدَةً اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِمُقَابَلٍ فَأَمَانَةٌ إلَخْ) فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ظَرْفِ الْمَبِيعِ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ وَهَبَ الْمَنَافِعَ) أَيْ وَالْعَارِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَقَدْ فَاتَتْ

ص: 235