المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في)بيان (التحالف) الواقع بين العاقدين أو من يقوم مقامهما - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: ‌(فصل في)بيان (التحالف) الواقع بين العاقدين أو من يقوم مقامهما

(مَهْمَا يَجِبْ إنْفَاقُهُ) عَلَى السَّيِّدِ لِزَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (فِي فَوْرِهِ) أَيْ فِي حَالِ الْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ مِنْ الرَّقِيقِ لِتَضَرُّرِ سَيِّدِهِ بِالْإِنْفَاقِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَنْ لَيْسَ بَعْضًا لِلسَّيِّدِ وَبِبَعْضِهِ الَّذِي لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (كَلِلصَّبِيِّ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقْبَلَ لَهُ وَلِيُّهُ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ إلَّا بَعْضَهُ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالًا وَقَبُولُهُ لَهُ وَاجِبٌ.

فَإِنْ أَبَى قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ أَبَى فَلِلصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَبُولُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَلْيَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا وَيَكُونُ كَالْهِبَةِ بِالْكِتَابَةِ (وَ) كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقْبَلَ الرَّقِيقُ أَوْ الْوَلِيُّ وَصِيَّةً وَهِبَةً (جُزْءُ بَعْضٍ) لِلسَّيِّدِ أَوْ الطِّفْلِ إلَّا أَنْ تَجِبَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالًا (لَا) جُزْءُ بَعْضٍ (لِطِفْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَلِيِّ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَا هِبَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ حَالًا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ سَرَى) أَيْ الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ لِمَحْذُورِ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ جُزْءِ بَعْضِ السَّيِّدِ يَصِحُّ قَبُولُهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِتْقَهُ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْكِتَابَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ ثَمَّةَ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي حَاوِيهِ هُنَا بِالسِّرَايَةِ أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ وَاسْتَشْكَلَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ يَنْبَغِي الْمَنْعُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسِّرَايَةِ فَرَّقَ بَيْنَ صِحَّةِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْ الرَّقِيقِ وَعَدَمِهَا مِنْ الْوَلِيِّ بِأَنَّ مَا يَقْبَلُهُ الرَّقِيقُ يَتَعَيَّنُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ فَقَبُولُهُ كَقَبُولِهِ بِخِلَافِ مَا يَقْبَلُهُ الْوَلِيُّ لِجَوَازِ قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ مُوَلِّيهِ إلَّا فِيمَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ.

وَهَذَا الْفَرْقُ يُشْكِلُ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَتَضَرَّرُ بِكُلٍّ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَغَرَامَةِ السِّرَايَةِ فَلِمَ جَعَلَ الْأَوَّلَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ دُونَ الثَّانِي وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَشَقُّ لِتَكَرُّرِ النَّفَقَةِ وَبِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي كَمَالَ الْحُرِّيَّةِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهَا الشَّارِعُ (وَهُوَ) أَيْ مَا كَسَبَهُ الرَّقِيقُ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ وَمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ وُهِبَ مِنْهُ مِلْكٌ (لِسَيِّدٍ وَمَا الرَّدَّ) لَهُ (نَرَى) أَيْ وَلَا نَرَى لَهُ رَدَّهُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا (كَالصَّيْدِ) الَّذِي صَادَهُ الرَّقِيقُ يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ (لَا النِّكَاحِ، وَالشِّرَا) أَيْ لَا نِكَاحُ الرَّقِيقِ وَلَا شِرَاؤُهُ (وَلَا ضَمَانِهِ حَيْثُ عَنْ الْإِذْنِ خَلَا) كُلٌّ مِنْهُمَا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ أَمَّا النِّكَاحُ فَلِخَبَرِ «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» أَيْ زَانٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَأَمَّا الشِّرَاءُ فَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ فَإِمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْمِلْكَ لَهُ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ أَوْ لِسَيِّدِهِ بِعِوَضٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْضَهُ أَوْ عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ لَا يَحْصُلُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ فَأَشْبَهَ السَّفِيهَ وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالنِّكَاحِ.

وَنَسَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى الْجُمْهُورِ صِحَّةَ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الذِّمَّةَ وَلَا حَجْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالضَّمَانِ.

(فَصْلٌ فِي)

بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

(إنْ وَارِثٌ) لِمَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فِي الْحَالِ) لِإِعْسَارِهِ أَوْ اكْتِسَابِ الْعَتِيقِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ) ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّفِيهِ (قَوْلُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ وَاجِبٌ) شَامِلٌ لِقَبُولِهِ بَعْضَهُ الَّذِي لَا يَجِبُ إنْفَاقُهُ فَوْرًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ مَصْلَحَةَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى قَبِلَ) أَيْ وَأَثِمَ (قَوْلُهُ وَلِيَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي قَبُولِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ سَرَى) بِأَنْ كَانَ الْفَرْعُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَحْصُلُ. . . إلَخْ) هَلْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ دَيْنَ التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ دُونَ ذِمَّةِ السَّيِّدِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَالُ التِّجَارَةِ وَلَا كَسْبٌ فَقَدْ حَصَلَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ وَهُوَ مَا اشْتَرَاهُ الرَّقِيقُ لِلسَّيِّدِ وَلَمْ يَلْزَمْ الثَّمَنُ إلَّا ذِمَّةَ الْعَبْدِ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّحَالُفِ)

(قَوْلُهُ: إنْ وَارِثٌ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ وَافَقَ وَاحِدٌ وَخَالَفَ الْآخَرُ هَلْ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُخَالِفِ، وَالْآخَرِ أَوْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْ: إذَا رَدَّ الْبَعْضُ وَأَجَازَ الْبَعْضُ هَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ لَا يَنْفَسِخُ فِي شَيْءٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ فَلَا تَحَالُفَ وَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ جَرَى التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُنْكِرِ، وَالْعَاقِدِ وَنُوزِعَ فِي هَذَا التَّخْرِيجِ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ بِالتَّحَالُفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قُلْتُ وَهَلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلسَّيِّدِ لَا لِلرَّقِيقِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الذِّمَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَلَّقُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا حَجْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ احْتِكَامٌ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ عَبِيدِهِمْ وَلَا يَمْلِكُونَ إلْزَامَ ذِمَمِهِمْ مَآلًا حَتَّى لَوْ أَجْبَرَهُ عَلَى الضَّمَانِ لَمْ يَصِحَّ، وَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ شِرَاهُ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ السَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّحَالُفِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا]

(فَصْلٌ)

(قَوْلُهُ: إنْ وَارِثٌ) أَيْ: وَالْعَاقِدُ الْآخَرُ، أَوْ نَائِبُهُ أَوْ وَارِثُهُ

ص: 45

(أَوْ عَاقِدَانِ) وَلَوْ نِيَابَةً (اخْتَلَفَا فِي وَصْفِ عَقْدِ عِوَضٍ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ غَيْرِهَا إمَّا فِي جِنْسِ الْعِوَضِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ وَصْفِهِ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ قَدْرِهِمَا أَوْ شَرْطِ الرَّهْنِ أَوْ الْكَفِيلِ بِالثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَصِحُّ شَرْطُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ (وَاعْتَرَفَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَيَفْقِدَانِ بَيِّنَةً) بِأَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ (أَوْ لَهُمَا ثِنْتَانِ) أَيْ بَيِّنَتَانِ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ (فَفِي يَمِينٍ) وَاحِدَةٍ (كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (حَلَفْ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (نَفْيًا) أَيْ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ الْإِمَامِ إذَا كَانَ هُوَ الْوَارِثَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الِاسْتِلْحَاقِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْقِصَاصِ أَنَّهُ هَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ الْخَاصِّ اهـ كَلَامُ الْخَادِمِ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُمَا وَإِنْ تَحَالَفَا لَا يُرَدُّ الْبَاقِي وَقِيمَةُ التَّالِفِ إلَّا بِالرِّضَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهَامِشِ حَذَرًا مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَا) وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ م ر.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا قُبِضَ أَمْ لَمْ يُقْبَضْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا لَكِنْ قَيَّدَ فِي الْمَنْهَجِ التَّحَالُفَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلِي غَالِبًا مِنْ زِيَادَتِي خَرَجَ بِهِ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعَ الْإِقَالَةِ، أَوْ التَّلَفِ، أَوْ فِي عَيْنِ نَحْوِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَعًا فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ مُدَّعِي النَّقْصِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ أَوْ التَّلَفِ عَلَى مَعْنَى أَوْ بَعْدَ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا بَعْدَهُ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَسْخُهُ بِالتَّحَالُفِ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَلْ يَحْلِفُ مُدَّعِي النَّقْصِ فِي الْأُولَى لِجَوَازِ تَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي النَّقْصِ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيُحْمَلُ مَا هُنَا كَشَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاحِدَةٍ) فَلَا يَكْفِي يَمِينَانِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: وَصْفِ عَقْدِ عِوَضٍ) أَيْ حَالَتِهِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ. . . إلَخْ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ الشَّرْطُ وُجُودُ الصِّحَّةِ لَا الِاعْتِرَافُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ) فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَقَامَهَا عُمِلَ بِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمَا ثِنْتَانِ وَتَعَارَضَتَا) لِكَوْنِهِمَا أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى أَمَّا لَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ مُخْتَلِفٍ كَأَنْ تَقُولَ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي نَشْهَدُ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ سَنَةٍ بِخَمْسِينَ وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ نَشْهَدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتُقَدَّمُ سَابِقَةُ التَّارِيخِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ هَذَا الْعَبْدُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمَبِيعَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهِمَا اتَّحَدَا تَارِيخًا أَوْ اخْتَلَفَا لِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ فَحِينَئِذٍ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي بِمُقْتَضَى بَيِّنَتِهِ وَتَبْقَى الْجَارِيَةُ أَيْضًا بِيَدِهِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِمُقْتَضَى بَيِّنَةِ الْبَائِعِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ لِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي بِتَحْرِيمِهِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا أُبْقِيَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا وَهَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْبَاطِنِ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى الصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ. اهـ. م ر وَع ش وَرَشِيدِيٌّ مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: فَفِي يَمِينٍ كُلُّ وَاحِدٍ إلَخْ) نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَوْ بَعْدَ فَسْخٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ لَا بَعْدَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْإِقَالَةِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ مَعًا فَسَقَطَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَا تُرِكَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: حَلَفَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) أَيْ إذَا بَقِيَ الْعَقْدُ الْمُخْتَلَفُ فِي كَيْفِيَّتِهِ فَلَوْ زَالَ بِالْإِقَالَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ بِالِانْفِسَاخِ مُطْلَقًا فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ الْغَارِمُ فَقَطْ وَصُورَةُ الْإِقَالَةِ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِالثَّوْبِ لِيَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ الْمَبِيعُ ثَوْبَانِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَكَذَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أَتَى بِهِ الْبَائِعُ وَصُورَةُ الِانْفِسَاخِ أَنْ يَتْلَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ أَوْ يَتْلَفَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعٍ وَحْدَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ

ص: 46

(وَإِثْبَاتًا) أَيْ ثُمَّ عَلَى إثْبَاتِ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ مَثَلًا وَاَللَّهِ مَا بِعْتُهُ بِمِائَةٍ بَلْ بِأَلْفٍ. وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ بَلْ بِمِائَةٍ

أَمَّا حَلِفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُدَّعٍ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى وَاحِدَةٌ وَمَنْفِيُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ضِمْنِ مُثْبَتِهِ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ الْمُفَادِ بِالْفَاءِ فَلِأَنَّهُ أَصْلٌ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلِهِ نَفْيُ قَوْلِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعَرُّضِ لَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ أَيْ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ اُكْتُفِيَ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ وَلِهَذَا لَمْ يَكْتَفُوا بِقَوْلِهِ مَا بِعْتُ إلَّا بِكَذَا خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ وَقَوْلُ النَّظْمِ فِي يَمِينٍ مُتَعَلِّقُ بِحَلَفَ لِتَضَمُّنِهِ الْجَمِيعَ أَيْ حَلَفَ عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ الْإِثْبَاتِ جَامِعًا لَهُمَا فِي يَمِينٍ وَتَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مَنْدُوبٌ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَبِالنَّدْبِ اتَّصَفْ تَرْتِيبُ ذَا) وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ وَخَرَجَ بِالِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الْعَقْدِ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ فَقَالَ بَلْ وَهَبْتَنِي فَلَا تَحَالُفَ وَسَيَأْتِي وَبِعَقْدِ الْعِوَضِ غَيْرُهُ كَالْوَقْفِ، وَالْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ فَلَا تَحَالُفَ فِيهِ وَبِاعْتِرَافِهِمَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِهَا كَأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ: بَلْ بِحُرٍّ أَوْ بِزِقِّ خَمْرٍ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ: بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ تَحَالَفَا بَعْدَ حَلِفِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَذِكْرُ اعْتِرَافِ الْعَاقِدَيْنِ بِالصِّحَّةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَبِقَوْلِهِ وَيَفْقِدَانِ بَيِّنَةً أَوْ لَهُمَا ثِنْتَانِ أَيْ وَلَمْ يُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ الْمُفْرَدَةِ وَبِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ لِصَاحِبِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ لِتَسَاقُطِهِمَا وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَيْ مَعَ بَقَائِهِ إلَى حَالَةِ التَّنَازُعِ فَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَعًا كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ هَذِهِ الْأَمَةَ بِدِينَارٍ لَمْ يَتَحَالَفَا إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ (وَاقْضِ لِحَالِفٍ عَلَى مُنَازِعٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى إثْبَاتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّعْقِيبَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ. . . إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ قَوِيٌّ بِكِفَايَةِ الْيَمِينَيْنِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ إثْبَاتُ قَوْلِهِ هُوَ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَوْ بِزِقِّ خَمْرٍ. . . إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَفِيمَا إذَا قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُ بِخَمْرٍ، أَوْ ثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ بِأَلْفٍ مَثَلًا لَا يُمْكِنُ قَبُولُ قَوْلِ الْبَائِعِ بَلْ يُحْبَسُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنًا فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ فَذَاكَ وَإِلَّا تَحَالَفَا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَحَالَفَا بَعْدَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ حَلَفَ أَيْ الْبَائِعُ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ تَحَالَفَا اهـ وَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يُسَمِّ فِي الْعَقْدِ خَمْرًا. اهـ. وَلَا يَظْهَرُ التَّحَالُفُ بِمُجَرَّدِ حَلِفِ الْبَائِعِ عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ بَلْ يَنْبَغِي بَعْدَ حَلِفِهِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِبَيَانٍ صَحِيحٍ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا وَوَافَقَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا تَحَالَفَا أَخْذًا مِمَّا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَقَايَلَا. . . إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لِتَلَفِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ: وَاقْضِ لِحَالِفٍ. . . إلَخْ) هَلْ شَرْطُ الْقَضَاءِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِ النَّاكِلِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ بِالْبَائِعِ فَحَلَفَ ثُمَّ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُشْتَرِي هُوَ عِشْرُونَ مَثَلًا وَقَالَ الْبَائِعُ عَشَرَةٌ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ أَمَّا لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَكُنْ خِيَارٌ فَلَا انْفِسَاخَ فَإِذَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ تَحَالَفَا وَإِنَّمَا قُيِّدَتْ الْإِقَالَةُ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ إلَّا حِينَئِذٍ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَأَتَّى لِأَنَّهُ يَكُونُ بِيَدِ بَائِعِهِ حِينَئِذٍ أَمَّا الثَّمَنُ فَسَيَتَأَتَّى فِيهِ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ وَيَكُونُ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعَ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي م ر، وَالْمَنْهَجِ وَحَوَاشِيهِمَا (قَوْلُهُ: حَلَفَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) أَيْ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا إلَّا نَحْوَ الْوَارِثِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَقَطْ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ) لَكِنْ يَلْزَمُ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ أَيْضًا وَلَمْ تُعْهَدْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِإِثْبَاتِ مَا يَدَّعِيهِ بَلْ لِرَجَاءِ النُّكُولِ فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ. . . إلَخْ) وَيَرْتَفِعُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ فَيَبْقَى الْعَبْدُ، وَالْجَارِيَةُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدِّرْهَمِ الَّذِي يَدَّعِيهِ ثَمَنًا إنْ كَانَ قَبَضَهُ فَإِنْ

ص: 47

لَهُ (مِنْ وَاحِدٍ قَدْ نَكَلَا) أَيْ نَكَلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ النَّفْيِ أَوْ الْإِثْبَاتِ أَوْ عَنْهُمَا الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَجَعَلَ النُّكُولَ عَنْ أَحَدِهِمَا كَالنُّكُولِ عَنْهُمَا لِاتِّصَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَلَوْ نَكَلَا جَمِيعًا وُقِفَ الْأَمْرُ وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا الْخُصُومَةَ وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يَقْضِي بِيَمِينِ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ الثَّانِيَ (نَدْبًا بَدَا) بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا لِلْوَزْنِ أَيْ وَبَدَأَ بِالْيَمِينِ نَدْبًا (مُكَاتِبٌ بِالْكَسْرِ) لِلتَّاءِ أَيْ سَيِّدٌ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ (وَبَائِعٌ) فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُرَتَّبِ عَلَى التَّحَالُفِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ تَبَادَلَا مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا التَّسْوِيَةُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ.

وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَاذَا وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ قُوَّةُ جَانِبٍ عَلَى جَانِبٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَقْوَالِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَقَدْ يُمْنَعُ فَقْدُهُ لِأَنَّ جَانِبَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِوَضَانِ فِيمَا ذَكَرَ فَتَأَمَّلْ وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي مُجَلِّي وَالْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ (وَ) بَدَأَ بِالْيَمِينِ (زَوْجُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فِي الْمَهْرِ) لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلُهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ (لَا مُسْلِمٌ) فِي السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِهِ بَلْ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ سَالِمٌ مِمَّا يُوهِمُهُ قَوْلُ الْحَاوِي بَدَأَ الْبَائِعُ نَدْبًا مِنْ تَعَلُّقِ النَّدْبِ بِمَسْأَلَةِ الْبَائِعِ فَقَطْ.

(ثُمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذْ الْيَمِينُ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ بَلْ (الَّذِي قَدْ حَكَمَا) أَيْ الْحَاكِمُ (يَفْسَخُهُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا مِنْهُ الْفَسْخَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (أَوْ) يَفْسَخُهُ (مَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا) الْفَسْخَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَعَمْ إنْ تَرَاضَيَا بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا فَسْخَ ثُمَّ الْفَسْخُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إلَّا إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْبَائِعِ أَيْضًا الْآنَ إذْ لَا يُقْضَى بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ عِبَارَاتِهِمْ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَكَلَ الْمَبْدُوءُ بِهِ فَهَلْ يَكْفِي الْآخَرَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ بَعْدَ النُّكُولِ فَتَكْفِي عَنْ يَمِينِ الْأَصْلِ وَيَمِينِ النُّكُولِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالِاكْتِفَاءُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى) ، وَالْأَصْلُ فِي الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ جَانِبُهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ وَبَائِعٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا، وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَفِي الْعَكْسِ يُبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَفِيمَا إذَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ يَسْتَوِيَانِ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ بِالْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا اهـ وَهَلْ التَّعْيِينُ فِي الْمَجْلِسِ كَالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ الْقِيَاسُ نَعَمْ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ بَلْ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ وَفِي هَامِشِهِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ اسْتَوَيَا بِأَنْ يَتَخَيَّرَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مُعَيَّنًا بَدَأَ بِصَاحِبِهِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا بُدَّ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً يَكُونُ مُعَيَّنًا وَتَارَةً يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَدَأَ بِالْمُسْلِمِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ اسْتَوَيَا فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِلتَّوْجِيهِ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ مَا نَصُّهُ لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ فَكَانَ الْقِيَاسُ الْبُدَاءَةَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَيَّرَهُ أَقْوَى جَانِبًا مِنْ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ فَازَ بِعِوَضِهِ النَّاجِزِ فَلِذَا قُدِّمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا ثَمَّ فَالْمُشْتَرِي أَقْوَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ. اهـ. وَجَزَمَ فِي الْمَنْهَجِ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ ثَمَّ أَيْ: بَعْدَ التَّحَالُفِ إنْ أَعْرَضَا أَيْ: عَنْ الْخُصُومَةِ أَوْ تَرَاضَيَا أَيْ: بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: فَيُعْرِضُ عَنْهُمَا فِي الْأُولَى وَيَبْقَى الْعَقْدُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَإِنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ الْآخَرُ وَإِلَّا فَسَخَا، أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ الْفَسْخُ فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَ فَوْرِيًّا عَلَى الْأَشْبَهِ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي فَذَاكَ وَإِلَّا أُبْقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَيَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ سُلِّمَتْ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُ هُوَ الدِّينَارَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَإِلَّا أُبْقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدِّرْهَمُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى بَيِّنَةِ الْبَائِعِ أَمْ لَا حَرِّرْهُ. اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ مَا عَدَا قَوْلَنَا وَانْظُرْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ) وَلَا فَسْخَ لِأَنَّهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْأَمَةِ فَانْتَفَى، وَالْآخَرُ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْعَبْدِ فَانْتَفَى. اهـ. م ر وَع ش.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ أَيْ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ يَعُودُ إلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُمْنَعُ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَالُفِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ فَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسَا مِنْهُ الْفَسْخَ) أَيْ مَا لَمْ يَعْرَ هُنَا عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا فَلَا

ص: 48

وَهُوَ مُبْطِلٌ فَيَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا لِتَرَتُّبِهِ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ قَالَهُ الْإِمَامُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فَإِنْ أَرَادَا التَّقَارَّ عَلَى الْعَقْدِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ فَطَرِيقُ الصَّادِقِ أَنْ يُنْشِئَ الْفَسْخَ لِيَنْفُذَ بَاطِنًا وَيَحِلَّ التَّصَرُّفُ (لَا فِي دَمٍ) فِي الصُّلْحِ عَنْهُ (وَ) لَا فِي (الْبُضْعِ) فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ (وَ) لَا فِي (الْعِتْقِ) فِي كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ بِعِوَضٍ فَلَا فَسْخَ فِيهَا أَيْ لَا يَظْهَرُ أَثَرُ الْفَسْخِ فِيهَا فَلَا يُرَدُّ الدَّمُ لِوَلِيِّهِ وَلَا الْبُضْعُ لِلزَّوْجَةِ فِي النِّكَاحِ وَلِلزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ وَلَا الْعَتِيقُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ، وَالْعِتْقِ بِعِوَضٍ.

وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي رَدِّ أَبْدَالِهَا مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمَهْرِ، وَالْقِيمَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَرْد) أَيْ الْعَاقِدُ (أَبْدَالَهَا) إلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَيَجُوزُ رَفْعُ أَبْدَالُهَا بِالْفَاعِلِيَّةِ لِرُدَّ يُقَالُ رَدَّهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَرُدَّ إلَيْهِ أَيْ رَجَعَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَفِي سِوَاهَا) أَيْ الدَّمِ، وَالْبُضْعِ، وَالْعِتْقِ يُرَدُّ (مَا وَجَدْ) مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (بِقِيمَةِ) أَيْ مَعَ قِيمَةِ (النَّاقِصِ) مِنْهُ بِتَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ حِسًّا كَمَوْتٍ وَسُقُوطِ يَدٍ أَوْ حُكْمًا كَإِعْتَاقٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ فَلَوْ تَحَالَفَا فِي بَيْعِ عَبْدَيْنِ وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ عَتَقَ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ أَوْ فِي بَيْعِ عَبْدٍ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ رَدَّهُ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتَيْهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَوْ فِي بَيْعِ أَمَةٍ وَقَدْ زَوَّجَهَا رَدَّهَا مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتَيْهَا مُزَوَّجَةً وَخَلِيَّةً أَوْ فِي بَيْعِ عَبْدٍ وَقَدْ مَاتَ رَدَّ قِيمَتَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إيجَابُ الْقِيمَةِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمُتَقَوِّمِ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إيجَابُ الْمِثْلِ فِيهِ.

وَتُعْتَبَرُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَطْلَبِ لِبَقَاءِ الضَّرَرِ الْمُحْوِجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ النَّاقِصِ مِنْهُ) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَيْبٍ ثُمَّ قَوْلُهُ أَوْ تَزْوِيجٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَمَلَ الْقِيمَةَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ النَّاقِصِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْأَرْشَ، وَالنَّقْصَ عَلَى مَا يَشْمَلُ نَقْصَ الْوَصْفِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَوْمَ خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْمُسَامَحَةِ إذْ لَيْسَ فِي صُورَتَيْ الْعَيْبِ، وَالتَّزْوِيجِ خُرُوجٌ عَنْ الْمِلْكِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ مَا يَشْمَلُ خُرُوجَ الْعَيْنِ وَخُرُوجَ الْوَصْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ ضَعْفُ هَذَا قَالَ فِي الْخَادِمِ قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا وَتَحَالَفَا هَلْ يَرُدُّ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وُجِدَ الْبَاقِي مَعِيبًا إنْ قُلْنَا يُرَدُّ فَبِضَمِّ قِيمَةِ التَّالِفِ إلَيْهِ وَتَرْكِ التَّفْرِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ التَّالِفِ وَقِيمَةَ الْمَوْجُودِ سَلِيمًا. اهـ. مَا فِي الْخَادِمِ وَفِي الْعُبَابِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ رَدَّ الْبَاقِيَ بِرِضَا الْبَائِعِ وَقِيمَةَ التَّالِفِ اهـ فَقَيَّدَ بِالرِّضَا إشَارَةً إلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ قَهْرًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ مَعَ الْأَرْشِ إلَّا بِالرِّضَا فَيُحْمَلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَا التَّقَارَّ عَلَى الْعَقْدِ جَازَ) بِأَنْ يَقُولَا أَبْقَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَقْرَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ الْعَقْدُ بَعْدَ فَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَجْلِسِ الْفَسْخِ هَكَذَا نَقَلَ عَنْ زي هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ م ر فِي بَابِ الْقِرَاضِ مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لَا فِي دَمٍ، وَالْعِتْقِ. . . إلَخْ) أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْفَسْخَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسَمَّى وَعُقُودُهَا بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا وَأَنَّ الْبَدَلَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ الْفَسْخِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَدْ أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَظْهَرُ إلَخْ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَأَثَرُ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الْبُضْعُ فِي الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا فِي الْخُلْعِ لِلزَّوْجِ وَلَا الدَّمُ لِوَلِيِّهِ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ وَلَا الْعِتْقُ لِلسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي بَدَلِهِ كَمَا عُرِفَ.

(قَوْلُهُ: وَفِي سِوَاهَا مَا وُجِدَ مَعَ قِيمَةِ النَّاقِصِ) قَدْ عَدُّوا مِنْ السِّوَى الْبَيْعَ فَإِذَا بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْنِ اشْتَرَاهُمَا ثُمَّ تَحَالَفَا رَدَّ الْبَاقِيَ وَقِيمَةَ الْمَوْجُودِ وَعَلَّلُوا الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا بِتَعَذُّرِ الْعَوْدِ فَجَعَلُوا الْبَيْعَ هُنَا يَأْسًا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ يَأْسًا فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْنِ اشْتَرَاهُمَا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا وَعَلِمَ عَيْبًا فِيهِ أَوْ فِي الْبَاقِي فَقَالُوا لَا يَأْخُذُ أَرْشًا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الزَّائِلِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا رَفَعَ الْعَقْدَ وَبَعْدَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُشْتَرِي عَيْنُهُ أَوْ بَدَلُهَا فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِانْتِظَارِ الْعَوْدِ لَرُبَّمَا فَاتَ مَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ عَوْدِهِ إلَيْهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَهُنَاكَ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالِانْتِظَارِ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ أَوْ وَجَبَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ بِتَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ) وَلَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْفَسْخِ لِضَمَانِهِ لَهُ حِينَئِذٍ ضَمَانَ يَدٍ ح ل (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ التَّالِفِ) أَيْ يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْفَسْخِ الْعَيْنُ، وَالْقِيمَةُ بَدَلُهَا فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِوَقْتِ فَوَاتِ الْمُبْدَلِ إذْ الْفَسْخُ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ. اهـ. حَجَرٌ وَرَاجِعْهُ وَسَيَأْتِي هَذَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ إلَخْ) فِي ق ل عَنْ الرَّمْلِيِّ أَنَّ مَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ يُضْمَنُ بِمُقَدَّرِهِ اهـ وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ التَّفَاوُتِ. . . إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَا يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يُضْمَنُ بَعْضُهُ بِمَا نَقَصَ مِنْهَا فَلَيْسَ الْأَرْشُ هُنَا جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ. اهـ. سم وَحَجَرٌ وَكَأَنَّهُ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ

ص: 49

قِيمَةُ النَّاقِصِ (يَوْمَ خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الرَّادِّ إذْ مَوْرِدُ الْفَسْخِ الْعَيْنُ لَوْ بَقِيَتْ، وَالْقِيمَةُ خَلَفٌ عَنْهَا فَلْتُعْتَبَرْ عِنْدَ فَوَاتِ أَصْلِهَا (وَهُوَ بِزَائِدٍ نَجَا) أَيْ، وَالرَّادُّ فَازَ بِزَائِدٍ (مُنْفَصِلٍ) قَبْلَ الْفَسْخِ دُونَ مُتَّصِلٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَأَنَّ الْمُتَّصِلَ لِلْأَصْلِ (وَ) رَدُّ (قِيمَةٍ لِلْهَارِبِ) حَالَةَ الْفَسْخِ (لِفُرْقَةٍ) أَيْ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْتَحِقِّهِ حَتَّى إذَا رَجَعَ رَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ فَمَوْرِدُ الْفَسْخِ هُوَ لَا قِيمَتُهُ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهَا بِيَوْمِ الْهُرُوبِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ.

(وَ) رَدَّ قِيمَةَ (الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (وَالْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا لَمْ يَصْبِرْ الْمُسْتَحِقُّ إلَى زَوَالِ الرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ لَكِنْ (لَيْسَ لَهَا) أَيْ لِلْفُرْقَةِ بَلْ لِلْفَيْصُولَةِ فَمَوْرِدُ الْفَسْخِ قِيمَتُهُمَا لَا هُمَا لِأَنَّ الرَّهْنَ، وَالْكِتَابَةَ يَمْنَعَانِ تَمَلُّكَ الْعَيْنِ لِكَوْنِهِ إبْطَالًا لَهُمَا وَهُمَا لَازِمَانِ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ، وَالسَّيِّدِ فَكَانَا كَالْبَيْعِ.

وَتَوَقُّعُ زَوَالِهِمَا كَتَوَقُّعِ عَوْدِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الْهُرُوبِ وَلِذَلِكَ مَنَعَا رُجُوعَ الْبَائِعِ بِالْإِفْلَاسِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْهُرُوبُ (وَمُوجَرًا يَرُدُّ) أَيْ وَيَرُدُّ الْمُؤَجَّرَ (مَعْ أُجْرَةِ مِثْلٍ) لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ إلَى انْقِضَائِهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ وَتَبْقَى الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِلرَّادِّ (وَلِعَقْدَيْنِ تَقَعْ لِنَفْيِهِ يَمِينَ كُلِّ وَاحِدِ) أَيْ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ عَقْدِ وَاحِدٍ اعْتَرَفَا بِصِحَّتِهِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِعْتُكَ هَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ وَهَبْتَنِيهِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ فَإِذَا حَلَفَا رَدَّهُ مُدَّعِي الْهِبَةِ بِزَوَائِدِهِ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا وَاسْتُشْكِلَ رَدُّ الزَّوَائِدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الرَّادِّ بِدَعْوَاهُ الْهِبَةَ وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَعْوَاهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ نَفْيَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتَسَاقَطَتَا.

(وَمُدَّعِي) الْعَقْدِ (الصَّحِيحِ دُونَ) مُدَّعِي (الْفَاسِدِ يَحْلِفُ) فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَالْآخَرُ فَسَادَهُ حَلَفَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ اجْتِنَابُهُ الْفَاسِدَ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا مَا إذَا بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذِرْعَانَهَا فَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ أَيْ إنْ رَضِيَ الْبَائِعُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَصْبِرْ الْمُسْتَحِقِّ إلَى زَوَال الرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ) الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالرَّهْنِ دُونَ الْكِتَابَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى فَسْخِهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الرَّهْنِ كَالتَّلَفِ عَدَمُ صَبْرِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا كَالتَّلَفِ مُطْلَقًا، ثُمَّ الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا وَحَمَلَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَصْبِرْ الْمُسْتَحِقُّ) وَفِيمَا إذَا صَبَرَ إلَى زَوَالِ الرَّهْنِ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ الْمُفَرَّقَةَ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ اهـ قَبْلُ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الصَّبْرَ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ بِمَا ذَكَرَ سَهْوٌ لِمَا مَرَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ. . . إلَخْ)(فَرْعٌ)

سَأَلَ الْأَذْرَعِيُّ شَيْخَهُ السُّبْكِيَّ عَمَّا لَوْ أَرْسَلَ إنْسَانٌ جَارِيَةً لِإِنْسَانِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَادَّعَى الْمُرْسِلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ لِلْبَيْعِ، وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فَأَجَابَهُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْسِلِ فَيَرُدُّهَا الْمُرْسَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً لَمْ يُلْزِمْهُ بِشَيْءٍ وَقَدْ نَقَلَ النَّاشِرِيُّ ذَلِكَ وَنَظَرَ فِيهِ، وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ فَالْوَجْهُ لُزُومُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ تَالِفَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ أَوْجَبُوا الرَّدَّ بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَالْمُنْفَصِلَةِ وَكَلَامُهُمْ يَكَادُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَوْ كَانَ تَالِفًا وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَلَفِهَا فَادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّهَا قَرْضٌ، وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَنَّهَا قِرَاضٌ حَتَّى لَا يَلْزَمَ شَيْءٌ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمَا. . . إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِرَدِّ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ رَدُّ الزَّوَائِدِ. . . إلَخْ) أَيْ الْمُنْفَصِلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذِرْعَانَهَا) كَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لِأَنَّهُمَا إذَا جَهِلَا لَا يَكُونُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي الشُّيُوعَ مُقَيِّدَةً لِلصِّحَّةِ إذْ لَا يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلْيُحَرَّرْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا يَبْقَى لِلثَّمَنِ حُكْمٌ (قَوْلُهُ: يَوْمَ خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ) قِيلَ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالْفَسْخِ بِإِقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَكَالثَّمَنِ، ثُمَّ الْمَبِيعُ لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَفِيهِمَا يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ الْمَذْكُورُ لَا قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَا حَلِفُ الْعَاقِدِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ إتْلَافٍ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِيَوْمِ التَّلَفِ وَثَمَّ الْمُوجِبُ لِلْقِيمَةِ مُجَرَّدُ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِفِعْلِ أَحَدٍ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِقَضِيَّةِ الْعَقْدِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى الْقَبْضِ. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ) أَيْ اللَّازِمِ بِالْقَبْضِ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهَا بِيَوْمِ الرَّهْنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِتَأَتِّي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْهِبَةَ، وَالْقَبْضَ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا. . . إلَخْ) قِيلَ لَكِنَّ قُوَّةَ الْإِشْكَالِ لَا تَخْفَى؛ لِأَنَّ الْمُتَّهِبَ وَإِنْ نَفَى الْبَيْعَ لَكِنَّ الْمَالِكَ مُقِرٌّ لَهُ بِهِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إقْرَارُهُ لِمَا فِي ضِمْنِ عَقْدٍ بَطَلَ بِالْحَلِفِ بَطَلَ هُوَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَتَسَاقَطَا) أَيْ وَعُمِلَ بِأَصْلِ بَقَاءِ الزَّوَائِدِ بِمِلْكِ مَالِكِ الْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: يَعْلَمَانِ ذِرْعَانَهَا) أَيْ عَدَدَهَا لِيَكُونَ

ص: 50

ذِرَاعًا مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ لِيَصِحَّ فَأَرْجَحُ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ وَمَا إذَا اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُكَ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهِ فَلَوْ ادَّعَى اتِّحَادَ النَّجْمِ، وَالْمُكَاتَبُ تَعَدُّدَهُ فَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْبَغَوِيّ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا وَرَأَى النَّوَوِيُّ طَرْدَ الْخِلَافِ فِيهِ وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَذِنْتُ فِي الْمَبِيعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ مُطْلَقًا صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.

وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مَا لَمْ أَرَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَنْفَكُّ هَذَا عَنْ خِلَافٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مُفْسِدِ الْعَقْدِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَهَا الْغَزَالِيُّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ فَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ وَفِي عَكْسِهَا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي رَأَيْتُهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ سُمِعَ مِنْ الْبَائِعِ إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا كَذَلِكَ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَوَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُبْطِلُهُ فَيَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ، وَالْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا (وَ) يَحْلِفُ (الْبَائِعُ، وَالْمُسْلِمُ) فِي الِاخْتِلَافِ (فِي) كَوْنِ (مَا رُدَّ مَقْبُوضًا) أَيْ فِي أَنَّ مَا رَدَّ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ مِنِّي فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُضِيُّ الْعَقْدِ عَلَى السَّلَامَةِ وَبِأَنَّ رَدَّ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَلَى الْوَصْفِ الْمُسْتَحَقِّ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ مِنِّي فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ هُوَ الْمَقْبُوضُ.

وَلَمَّا كَانَ قِيَاسُ الْأَوْلَى أَنْ يَحْلِفَ هُنَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لِفَرْقٍ مَا خَفِيَ) عَلَى الْفَقِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مُعَيَّنًا) الْمُرَادُ الْمُعَيَّنُ فِي إرَادَتِهِ بِأَنْ أَطْلَقَ الذِّرَاعَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ ذِرَاعًا بِعَيْنِهِ لَا شَائِعًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ هُنَا الْمُبْهَمُ لَا الشَّخْصُ بِأَنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ ذِرَاعًا أَوَّلَهُ كَذَا وَآخِرَهُ كَذَا، لِأَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَا ذِرْعَانَهَا أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا وَعُرِفَ ذَلِكَ، أَوْ الضَّامِنُ أَنَّهُ كَانَ حِينَ الضَّمَانِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَعُرِفَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهَا إلَّا مُسْتَوْفِي الشُّرُوطِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَنْبَغِي أَنَّ أَحَدَ الْمُتَوَاجِرَيْنِ كَأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ م ر (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ هُنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَكُونُ وُجُودُهُ شَرْطًا كَبُلُوغِ الْبَائِعِ كَأَنْ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا حِينَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَاحْتُمِلَ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ يُوَافِقُهُ. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْبَيْعِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهَا إلَّا مَنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَهَا وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَالْمَرْأَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِدُونِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي أَصْلِ الْقَاعِدَةِ م ر (قَوْلُهُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا) الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي التَّعَدُّدِ م ر (قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ) الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ مُعَيَّنًا) أَيْ عِنْدَهُ دُونَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الذُّرْعَانِ مَعْلُومَةٌ كَعَشَرَةٍ وَقَالَ لَهُ بِعْتُكَ ذِرَاعًا بِدِينَارٍ مَثَلًا فَقَالَ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَرَدْت بِقَوْلِي ذِرَاعًا أَنْ يُفْرَزَ لَكَ ذِرَاعٌ شَائِعًا نَتَّفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَرَدْتَ ذِرَاعًا شَائِعًا فِي الْعَشَرَةِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ الْعُشْرُ هَذَا مُرَادُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الشُّيُوعَ حَتَّى يَصِحَّ وَيَكُونُ كَأَنَّهُ بَاعَ الْعُشْرَ مَثَلًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَرْعُهَا عَشَرَةً. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ طب مَا كَتَبَهُ فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ الْبَائِعِ) أَيْ يَمِينُهُ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى إنْكَارٍ) أَيْ بِيَمِينِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْتُ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ) أَيْ: فَالْإِذْنُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْبَيْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ بَاطِلٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ مُطْلَقًا فَالْإِذْنُ

ص: 51