الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَالْمُشْتَرِي اعْتَرَفَ بِقَبْضِ مَا اشْتَرَاهُ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْفَسْخِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَكَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ وَكَالْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَبِيعُ، وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَالِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَيَيْنِ، وَالْبَائِعُ فِي الثَّالِثَةِ وَمَا فِي كَلَامِهِ نَافِيَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً لِلتَّأْكِيدِ كَمَا فِي: قَوْله تَعَالَى {مَثَلا مَا بَعُوضَةً} [البقرة: 26] أَيْ لِفَرْقٍ خَفِيٍّ جِدًّا.
(بَابُ السَّلَمِ)
وَالْقَرْضِ وَيُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمَا سَلَفًا يُقَالُ: أَسْلَمَ وَسَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَسَلَّفَ، وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] الْآيَةَ. فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ:«مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَالسَّلَمُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ السَّلَمِ أَوْ نَحْوِهِ
، فَيُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ لِلْبَيْعِ، إلَّا الرُّؤْيَةُ وَيَخْتَصُّ بِأُمُورٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ:(وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ حَيْثُ الْعَقْدُ تَمْ وَالْعَيْنِ فِي مَنْفَعَةٍ شَرْطُ السَّلَمِ) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ عَيْنًا، وَقَبْضُ الْعَيْنِ إنْ كَانَ مَنْفَعَتُهَا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ شَهْرًا أَوْ تَعْلِيمُ سُورَةٍ، وَذَلِكَ بِقَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ وَكِيلِهِ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ لِنُزُولِ التَّأْخِيرِ مَنْزِلَةَ الدَّيْنِيَّةِ فِي الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ، فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ؛ وَلِأَنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ تَعْجِيلًا
ــ
[حاشية العبادي]
بَابُ السَّلَمِ) (قَوْلُهُ وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: وَقَوْلُ الْحَاوِي: قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ أَمْرَانِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الشَّرْطَ الْإِقْبَاضُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا بِالتَّسْلِيمِ، وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ الْإِرْشَادُ، فَلَا يُجْزِئُ قَبْضٌ يَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ خِيَارُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الِاسْتِبْدَادَ بِالْقَبْضِ يَكْفِي فِي بَابِ الرِّبَا مَعَ أَنَّهُ أَضْيَقُ، وَلَوْ قُبِضَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ، فَقَدْ صَحَّ فِيمَا يُقَابِلُهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ قَالَ فِي الْعُبَابِ: لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا لِلْمُسْلِمِ. اهـ. أَيْ لِتَقْصِيرِ الْمُسْلِمِ بِعَدَمِ إقْبَاضِ الْجَمِيعِ وَعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَوَجْهُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ
(قَوْلُهُ حَيْثُ الْعَقْدِ تَمَّ) وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ فِي الْمَجْلِسِ شَرْحٌ رَوْضٌ. وَقَوْلُهُ شَرْطِ حُلُولِ إلَخْ أَيْ بِأَنْ يَشْرِطَهُ أَوْ يُطْلِقَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ لِنُزُولِ التَّأْخِيرِ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ هَذَا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ) وَفِي التَّأْخِيرِ عُذْرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
صَحِيحٌ، وَالْبَيْعُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ أَيْ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ اخْتِلَافِ الْعَاقِدَيْنِ. اهـ. م ر وَعِ ش (قَوْلُهُ: وَكَالْمُسْلَمِ فِيهِ. . . إلَخْ) قَالَ ع ش، وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ وَإِنْ جَرَى عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثَمَّنُ اهـ وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ قُبِضَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ ع ش قَبْلَ هَذَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ. اهـ. ق ل.
[بَابُ السَّلَمِ]
(بَابُ السَّلَمِ)(قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ لَفْظِ السَّلَفِ خَاصَّةً قَالَ بَعْضُهُمْ: وَرَدَّهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِكِنَايَاتِ الْبَيْعِ أَيْضًا بِنِيَّةِ السَّلَمِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ حَيْثُ انْحَصَرَ فِي لَفْظَيْ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّعَبُّدُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ عِزَّةِ الْوُجُودِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَدَمُ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَأَيْضًا رَأْسُ الْمَالِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ اهـ. حَجَرٌ وع ش عَلَى م ر. وَلْيُحَرَّرْ قَوْلُ ع ش: يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ إلَخْ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ ق ل وَالرَّشِيدِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا سَبَقَ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي: إنَّ صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ حَيْثُ الْعَقْدِ تَمَّ) أَيْ فِي مَجْلِس وُقُوعِ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَالْعَيْنِ فِي مَنْفَعَةِ) وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِ ش عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ يَصِحُّ كَوْنُهَا رَأْسَ مَالٍ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً. سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْفَعَةَ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالٍ، إلَّا إنْ كَانَتْ مَنْفَعَةَ غَيْرِ عَقَارٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهَا مُسْلَمًا فِيهَا إنْ كَانَتْ مَنْفَعَةَ غَيْرِ عَقَارٍ، لَا إنْ كَانَتْ مَنْفَعَتَهُ لِمَا ذُكِرَ اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ ذَلِكَ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ لَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ دَيْنٍ مُنْشَأٍ، وَذَلِكَ بَيْعُ دَيْنٍ ثَابِتٍ قُبِلَ بِدَيْنٍ كَذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُتَخَلَّصُ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ بِتَعْيِينِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمَبِيعِ فِي الْمَجْلِسِ، وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ هُنَا اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا هُنَا فِيهِ بَيْعُ الدَّيْنِ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ: اتَّحِدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَوْ لَا؟ ، سَوَاءٌ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ أَوْ لَا؟ ، فَرَاجِعْ حَوَاشِيَ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ لِنُزُولِ التَّأْخِيرِ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ
لِقَضَائِهَا، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا لَوْ تَخَايَرَا قَبْلَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الرِّبَا.
وَاكْتُفِيَ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِهَا، فَقَبْضُهَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ عَقَارًا غَائِبًا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَالَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسُ مَالٍ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَيْضًا، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُقَدَّرًا، بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ جُزَافًا اكْتِفَاءً بِالْعِيَانِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَضُرَّ لِحُصُولِ الْقَبْضِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ السَّلَمُ لِمَا قُلْنَاهُ، وَنَفَذَ الْعِتْقُ أَيْضًا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
وَصَحَّحَهُ فِي مُخْتَصَرِهَا شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْعُجَابِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ فَأَبْرَأ مِنْهُ مَالِكُهُ، أَوْ صَالَحَ عَنْهُ عَلَى مَالِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَبَضَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَحَالَ مُسْلِمٌ) الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (بِهِ) أَيْ: بِرَأْسِ الْمَالِ وَتَفَرَّقَا (فَسَدْ) أَيْ: السَّلَمُ (وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ) لِرَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْمُحِيلُ أَمْ لَا، لِأَنَّ بِالْحَوَالَةِ يَتَحَوَّلُ (الْحَقُّ) إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَهُوَ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِ، نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ كَفَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ الْمُضِيُّ إلَيْهِ إلَخْ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْقَبْضِ الْمَعْلُومِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَيْضًا مَعَ مُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَتَفْرِيغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمَ) أَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: كَمَا ذَكَرَهُ أَيْ الْأَصْلُ فِي الرِّبَا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَيْ هُنَا. اهـ. أَيْ: خِلَافًا لِمَا نَقَلَاهُ هُنَا عَنْ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ أَيْضًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ جُعِلَ رَأْسُ الْمَالِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ الصِّحَّةُ إنْ قَبَضَهُ، وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ غَيْرِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا وَقَعَ عَنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ الْفَاسِدَةِ فَلَغَا مُطْلَقًا، فَلِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُسْلِمِ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُقُوعُهُ عَنْهُ لِعُمُومِ الْإِذْنِ، وَإِنْ فَسَدَ خُصُوصُهُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ لِجِهَةِ الْآذِنِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَمْ يَصِحَّ) فَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الصُّلْحِ: وَبَقِيَ مِنْ أَقْسَامِهِ السَّلَمُ بِأَنْ يُجْعَلَ الْمُدَّعَى بِهِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ مَحْمُولٍ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنٌ، وَقَبْضُهَا حِينَئِذٍ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمَ) وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُعَامَلَةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ زَمَنَ الْخِيَارِ صَحِيحَةٌ، بِخِلَافِهَا فِيهِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِذْنٍ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ بج. (قَوْلُهُ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ) فِيهِ أَنَّ قَبْضَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، لَا مَعْنَى لَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْعَقْدُ دُونَ الْعِتْقِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: سُومِحَ فِي ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِالْقَبْضِ يَتَبَيَّنُ نُفُوذُ الْعِتْقِ، فَهُوَ مُقَدَّرٌ تَأَخُّرُهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ جُعِلَ الْإِعْتَاقُ فِيهِ قَبْضًا، بِخِلَافِهِ هُنَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ، لَمْ يُكْتَفَ بِالْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا حَقِيقِيًّا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ. (قَوْلُهُ صَحَّ السَّلَمُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ) أَيْ بَانَتْ صِحَّةُ السَّلَمِ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ، وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُمَا اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ أَوْ كَانَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَقَطْ، أَمَّا لَوْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لَهُمَا، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا إنْ تَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ مِمَّا مَرَّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ لَا، لِيَدْخُلَ مَا اُسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إلَخْ وَلَا يَكُونُ صُورِيًّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَتْنِ هُوَ مَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ فَقَطْ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ يُؤَدِّيهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ قُلْنَا: بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الدَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ دَافِعٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا صِحَّةُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ، وَعَلَيْهِ وَرَأْسُ الْمَالِ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَالْإِذْنُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ لَاغٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُحِيلِ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ يَقْبِضُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ يَأْذَنُ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إذْنًا جَدِيدًا فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَيَصِيرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكِيلًا عَنْ الْمُسْلِمِ فِي الْقَبْضِ، فَإِذَا قَبَضَ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِتَجْدِيدِ الْإِذْنِ لِيَصِحَّ الْقَبْضُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا بِالْحَوَالَةِ لَاغٍ بِفَسَادِهَا قَالَ م ر: إذْنُ الْمُسْلِمِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ، لَكِنْ يَصِيرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ فَإِذَا قَبَضَ أَخَذَهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ، هَذَا تَحْرِيرُ الْمَقَامِ اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ.
وَقَوْلُهُ إذْنُ الْمُسْلِمِ إلَخْ أَيْ بَعْدَ الْحَوَالَةِ لَا يَكْفِي أَيْ عَنْ أَخْذِهِ وَرَدِّهِ كَمَا سَيَقُولُهُ اهـ. (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ) وَيَبْرَأُ بِهَذَا الْقَبْضِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ اهـ. صب سم. (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَدِيعَةً لِلْوَدِيعِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إقْبَاضٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ قَبْلَ السَّلَمِ اهـ. أَيْ قَبْلَ عَقْدِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدُ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ لَهُ، فَلَمَّا كَانَ قَبْضُ الْوَكِيلِ يَتِمُّ بِهِ
الشَّيْخَانِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ فِي الْمَجْلِسِ بِإِذْنِ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ صَحَّ، وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْمُقْبَضَ فِي تِلْكَ قَبْضٌ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ السَّلَمِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَالْحَوَالَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ فَاسِدَةٌ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (فَإِنْ يُفْسَخْ) أَيْ السَّلَمُ بِسَبَبٍ (يُرَدْ) إلَى الْمُسْلِمِ رَأْسُ الْمَالِ أَيْ: عَيْنُهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ (وَلَوْ مَكَانَ الْعَقْدِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ (صَارَ عَيْنَا) أَيْ: مُعَيَّنًا مَكَانَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ إبْدَالُهُ مَعَ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ.
(وَ) شَرْطُ السَّلَمِ أَيْضًا (كَوْنُ مَا أُسْلِمَ فِيهِ دَيْنَا) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ السَّلَمِ، فَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَقَبِلَ، فَلَيْسَ بِسَلَمٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا وَقِيلَ: سَلَمًا اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى كَمَا اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ تَرْجِيحَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.
(وَقَرْيَةٌ كُبْرَى وَقُطْرٌ سَاغَا تَعْيِينُهُ) أَيْ: جَازَ تَعْيِينُ الْعَاقِدِ (إيَّاهُمَا) لِلْمُسْلَمِ فِيهِ كَأَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ مِنْهُمَا غَالِبًا، بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْبَاغِّ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا بَاغَا) أَيْ: بُسْتَانًا وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ مَا يُؤْمَنُ فِيهَا الِانْقِطَاعُ وَالصَّغِيرَةُ بِخِلَافِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مَا أُسْلِمَ فِيهِ (مَقْدُورَ تَسْلِيمٍ لَدَى الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ: عِنْدَ وَقْتِ الْحُلُولِ، وَهُوَ حَالُ الْعَقْدِ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ، وَحَالُ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُؤَجَّلِ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي مُنْقَطِعٍ لَدَى الْمَحِلِّ، وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بِإِذْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ وَيُوَجَّهُ بِفَسَادِ الْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ لِفَسَادِهَا.
(قَوْلُهُ انْعَقَدَ بَيْعًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَكِنْ يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَتِهَا) أَيْ فِي قَدْرٍ مِنْهَا لَا فِي كُلِّهَا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
مِلْكُ الْمُوَكِّلِ، لَمْ تَكْفِ اسْتِدَامَتُهُ فِي الْقَبْضِ عَنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ بِهِ التَّوْجِيهُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ إلَخْ) وَيَكْفِي إذْنُهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ أَنْ يَقْبِضَهُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَأَسْلَمَهَا فِي شَيْءٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِ الْمُسْلِمِ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَكْفِي إذْنُهُ لَهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ وَرَجَعَ إلَيْهِ الطَّبَلَاوِيُّ آخِرًا، وَاعْتَمَدَهُ م ر وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا وَيَرِدُ عَلَيْهِ صُورَةُ الْوَدِيعَةِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَ قَبْضُهَا لِنَفْسِهِ قَبْضًا حَقِيقِيًّا، وَهُنَا الْقَبْضُ لِلْمُوَكِّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَيْ: إذْنِهِ لِلْمُحْتَالِ أَوْ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يَكُونُ حِينَئِذٍ وَكِيلًا لِلْمُسْلِمِ فِي الْقَبْضِ اهـ. حَجَرٌ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إذْنًا. فَانْظُرْ الْوَكَالَةَ مَعَ فَسَادِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ وَلَعَلَّهُمْ جَعَلُوا إذْنُهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي التَّسْلِيمِ تَوْكِيلًا لِلْمُسْلِمِ فِي الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ بِإِذْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مَعَ الْحَوَالَةِ لِبُطْلَانِهَا فَيَبْطُلُ مَا تَضَمَّنَتْهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ بِإِذْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ فِي الْإِقْبَاضِ اهـ. شَرْحٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُحْتَالِ فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي الْقَبْضُ بِالْوَكَالَةِ تَأَمَّلْ وَحَرِّرْهُ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ) فَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ مَقْبُوضًا عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْ دَيْنِ الْحَوَالَةِ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ) وَأَمَّا الْحَوَالَةُ فَبَاطِلَةٌ
(قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا) ظَاهِرُهُ: وَلَوْ نَوَى بِلَفْظِ السَّلَمِ الْبَيْعَ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَافِي مَوْضُوعَهُ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، وَقَاعِدَةُ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ إلَخْ مَحَلُّهَا غَيْرُ ذَلِكَ اهـ. تُحْفَةٌ بِتَصَرُّفٍ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا، وَإِنْ نَوَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ السَّلَمِ فِي الصِّيغَةِ كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: سَلَمًا، وَإِلَّا انْعَقَدَ سَلَمًا جَزْمًا كَمَا فِي م ر. خِلَافًا لِمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ انْعَقَدَ بَيْعًا) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ ثَمَنِهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَتَكْفِي الْحَوَالَةُ، وَعَلَيْهِ نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ أَوْ تَعْيِينِ مُقَابِلِهِ فِي الْمَجْلِسِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَانْعِقَادُهُ بَيْعًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. شَيْخُنَا اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ
بِالسَّلَمِ، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ فَذَكَرَهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَّا عِنْدَ الْمَحِلِّ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ مَقْدُورَ التَّسْلِيم لِوُجُودِهِ (بِقُطْرٍ مَا) غَيْرِ قُطْرِ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (بِشَرْطِ) اعْتِيَادِ (النَّقْلِ) أَيْ: نَقْلِهِ (لِبَيْعِهِ) إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِبَيْعِهِ، بِأَنْ نُقِلَ لَهُ نَادِرًا أَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَصْلًا أَوْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِغَيْرِ بَيْعِهِ كَالْهَدِيَّةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ: لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ انْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ: بِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ هُنَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ مِنْ قُطْرٍ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ صَحَّ، وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَخْفِيفِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ.
(وَلَمْ يَجُزْ) أَيْ: السَّلَمُ (فِي قَدْرِ) مِنْ (بَاكُورَةٍ)، وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ (تَحْصِيلُهُ ذُو عُسْرِ) لِعِزَّةِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ قَدْرٍ مِنْهَا لَا يَعْسُرُ تَحْصِيلُهُ. (وَخُيِّرَ الْمُسْلِمُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ (فِي مَحِلِّهِ) أَيْ: وَقْتَ حُلُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ غَابَ مَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ) حِينَئِذٍ عَنْ مَكَانِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ، (لَوْ) كَانَ (لِنَقْلِهِ) إلَيْهِ مِنْ مَحَلِّ الْغَيْبَةِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَمَا يُخَيَّرُ بِالِانْقِطَاعِ الْآتِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لِخِفَّتِهِ كَدَرَاهِمَ أَوْ كَانَ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَلَا يُخَيَّرُ، بَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ حَيْثُ كَانَ (وَ) خُيِّرَ أَيْضًا فِي الْمَحَلِّ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِانْقِطَاعٍ) لَهُ (قَدْ طَرَا) عِنْدَ الْمَحَلِّ، كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحَلِّ انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ قَبْلَهُ، إذْ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، بِأَنْ يُفْقَدَ أَوْ يُوجَدَ بِمَحَلٍّ آخَرَ لَكِنْ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَإِذَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ نَقْلُهُ لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَإِلَّا فَلَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا اعْتِبَارَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَدَّمَ النَّاظِمُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَيْضًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُدْرَةُ، إلَّا عِنْدَ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فِي الْحَالِّ وَعِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُؤَجَّلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُدْرَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقُدْرَةُ عِنْدَ الْحُلُولِ بِمُعَيَّنٍ عِنْدَ الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَصْدُقُ لَفْظُ الْحُلُولِ فِي الْمُعَيَّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَالْأَوْلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلْحَاقِ السَّلَمِ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ
(قَوْلُهُ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ) عَبَّرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ ثُمَّ قَالَ: وَاعْتِبَارِي لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرٍ مَحَلَّ الْعَقْدِ، وَإِنْ كُنْت تَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّ لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَقْنَعْ بِهِ الْمُسْلِمُ، أَمَّا لَوْ قَنَعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ الْمُؤْنَةَ، فَإِنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ ثُمَّ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ يُجْلَبُ مِنْ مَكَانِ اللُّقَى إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ) كَأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي حِنْطَةٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ بِصَعِيدِ مِصْرَ مَثَلًا ثُمَّ وَجَدَهُ بِمِصْرَ، فَلَا وَجْهَ لِإِلْزَامِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالدَّفْعِ، وَإِنْ تَحَمَّلَ الْمُسْلِمُ مُؤْنَةَ نَقْلِهِ مِنْ مِصْرَ إلَى الصَّعِيدِ؛ لِأَنَّ إلْزَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ إلْزَامَهُ مُؤْنَةَ نَقْلِهِ مِنْ الصَّعِيدِ إلَى مِصْرَ اهـ. وَكُلُّهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ فَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ بَذَلَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ أُجْرَةَ النَّقْلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ، بَلْ لَا يَجُوزُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَيَحْمِلُهَا) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْمُؤْنَةِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ، بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ ذَلِكَ، بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَالصَّبْرِ) وَلَوْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَا تَصْبِرْ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَبِانْقِطَاعٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ الِانْقِطَاعُ فِي الْبَعْضِ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ فِي الْكُلِّ وَالْفَسْخِ فِي الْكُلِّ، وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَقْدُورَ تَسْلِيمٍ إلَخْ) جُعِلَ هَذَا مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ السَّلَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ فِي الذِّمَّةِ سَلَمٌ، فَالْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ يَكْفِي فِيهِ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ سَلَمٍ أَوْ لَا، لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قُدْرَةِ الْبَائِعِ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، كَذَا قَالَهُ ع ش مُخَالِفًا لسم وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ يَنْدَفِعُ بِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَالْهَدِيَّةِ) وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِالْبَيْعِ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ فِيهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَنَازَعَ الرَّافِعِيَّ) أَيْ قَالَ: إذَا كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ فَوْقَهَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَإِنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ
(قَوْلُهُ بِمَا سَيَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا. (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْمُسْلِمُ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خُذْ رَأْسَ مَالِكِ م ر. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَلْتَزِمَ نَقْلَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً لِمَنْ يَحْمِلُهُ، أَوْ يَحْمِلُهُ بِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا دَفَعَهَا لِلْمُسْلِمِ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ اهـ. ق ل وَمِّ ر. (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ. اهـ. شَرْحُ م ر فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ تَأْخِيرِ الْحَاوِي لَهَا عَنْهَا أَنَّهَا قَيْدٌ فِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ انْدَفَعَ فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ بِالْفَقْدِ، بِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ قَيْدًا فِيهَا، إذْ مَعَ الْفَقْدِ لَا مُؤْنَةَ لِلنَّقْلِ (فَإِنْ يُجِزْهُ) أَيْ: عَقْدَ السَّلَمِ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ (ثُمَّ يَنْدَمْ خُيِّرَا) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ، كَزَوْجَةِ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِّ دُونَ مَا يَجِدُّ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ.
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ (مَعْلُومَ قَدْرٍ) بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْكَيْلِ أَوْ بِالْعَدِّ أَوْ بِالذَّرْعِ كَمَا سَيَأْتِي لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ (فِي كَبِيرٍ جِرْمَا) مِمَّا يُتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (بَيْضًا وَفَوْقَهُ) أَيْ: كَبَيْضٍ وَمَا فَوْقَهُ كَسَفَرْجَلٍ وَبِطِّيخٍ وَرُمَّانٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَبَقْلٍ وَقَصَبٍ (بِوَزْنٍ) ، فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِالْكَيْلِ لِلتَّجَافِي فِيهِ، وَلَا بِالْعَدِّ لِكَثْرَةِ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ، وَلَا يُقْبَلُ أَعَالِي الْقَصَبِ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ وَيُقْطَعُ مَجَامِعُ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيُطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ (أَمَّا مَا لَا يُكَالُ عَادَةً) ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرَ الْجِرْمِ (فَلْيُوزَنْ) أَيْضًا (كَفَتِّ مِسْكٍ) وَعَنْبَرٍ، إذْ الْيَسِيرُ مِنْهُ مَالِيَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَبْطًا فِيهِ، وَهَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْإِمَامُ فِيمَا لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا، فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ انْتَهَى.
وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ: بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْكَيْلُ فِيهِمَا ضَبْطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقْلِ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ تَرْكِهِ، وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ فَيَصِحُّ فِيهِ كَيْلًا، فَلَا مُخَالَفَةَ (مَعَ عَدِّ اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ: مَا لَا يُكَالُ عَادَةً يُوزَنُ فَقَطْ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَبِنًا وَمَعَ عَدِّهِ، إنْ كَانَ لَبِنًا فَيَقُولُ مَثَلًا: أَلْفُ لَبِنَةٍ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا؛ لِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهِ عَلَى التَّقْرِيبِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْوَزْنِ وَالْعَدِّ اشْتَرَطَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ مُعْظَمُهُمْ الْوَزْنَ، وَنُصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ لَوْ تَرَكَهُ، فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ (وَوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ) أَيْ: وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
فِيمَا عَدَا الْمَوْجُودَ إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرّ. (قَوْلُهُ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مَعَ تَقْدِيمِهِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا سم
(قَوْلُهُ وَبَقْلٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَفِيمَا أَيْ وَيَبْطُلُ السَّلَمُ فِيمَا قُصِدَ مِنْهُ وَرَقُهُ وَلُبُّهُ كَالْفُجْلِ وَالْخَسِّ، بِخِلَافِ مَا قُصِدَ لُبُّهُ فَقَطْ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ مَقْطُوعِ الْوَرَقِ اهـ. وَفِي الْقُوتِ أَطْلَقَا جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْبُقُولِ وَزْنًا كَمَا سَبَقَ، وَجَعَلَهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ. قِسْمٌ: يُقْصَدُ مِنْهُ شَيْئَانِ كَالْخَسِّ وَالْفُجْلِ يُقْصَدُ لُبُّهُ وَوَرَقُهُ، فَالسَّلَمُ فِيهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَافِهِ وَقِسْمٌ: كُلُّهُ يُقْصَدُ فَيَجُوزُ وَزْنًا وَقِسْمٌ: يَتَّصِلُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ، وَهُوَ اللِّفْتُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ اهـ. فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ، وَلَعَلَّهُ إنْ تَعَدَّدَ الْمَقْصُودُ يُوجِبُ اخْتِلَافَهُ وَعَدَمَ انْضِبَاطِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ: جَوَازُ السَّلَمِ فِي اللُّبِّ وَحْدَهُ أَوْ الْوَرَقِ وَحْدَهُ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسْلَمُ فِيهِمَا إلَّا وَزْنًا. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِيهِ كَيْلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ فِي قِشْرِهِمَا الْأَسْفَلِ فَقَطْ، بَلْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
غَالِيًا غُلُوُّهُ عَمَّا يُعْهَدُ.
(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ بِدُونِ اشْتِرَاطِ قَطْعِ الْأَعَالِي، لَكِنْ إذَا أُحْضِرَتْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِالْأَعَالِي لَا يَجِبُ قَبُولُهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ قَطْعِ الْأَعَالِي. (قَوْلُهُ الصِّغَارِ) قَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا زِنَةُ الْوَاحِدَةِ سُدُسُ دِينَارٍ وَرَدَّهُ م ر: بِأَنَّ هَذَا الْوَزْنَ يَقْتَضِي كَوْنَهَا مِنْ الْكِبَارِ وَلَعَلَّهُ بِحَسْبِ زَمَنِ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ صَحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُضْرَبُ عَنْ اخْتِيَارٍ اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ اُعْتُبِرَ اهـ. ق ل الْجَلَالُ (قَوْلُهُ أَيْضًا عَلَى التَّقْرِيبِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ بِالْوَزْنِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) وَيَصِحُّ فِي الْمَوْزُونِ عَدَا إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدَيْنِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ اهـ. ق ل.
بِالْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا فِي صَغِيرِ الْجِرْمِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ مِثَالِهِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا يَجُوزُ الْمَوْزُونُ إلَّا بِالْوَزْنِ وَالْمَكِيلُ إلَّا بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّةَ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا مَرَّ. (وَلَا يُغَيَّرُ) الْمُسْلَمُ فِيهِ عَمَّا قُدِّرَ بِهِ مِنْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ (فِي الْقَبْضِ) ، فَلَا يُقْبَضُ الْمَشْرُوطُ وَزْنُهُ كَيْلًا وَبِالْعَكْسِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَلِشَبَهِهِ بِالِاعْتِيَاضِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فِي دَيْنِ السَّلَمِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ (لَا بِذَيْنِ) أَيْ: الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّقْدِيرُ بِهِمَا مَعًا فِي كَبِيرِ الْجِرْمِ وَصَغِيرِهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ صَاعِ بُرٍّ عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ وَفِي مَعْنَاهَا الثِّيَابُ وَنَحْوُهَا، فَلَا تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ مَعَ وَصْفِهَا بِخِلَافِ الْخَشَبِ؛ لِأَنَّ زَائِدَهُ يُنْحَتُ.
وَقَوْلُهُ (فِيمَا يَصْغُرُ) أَيْ: جِرْمُهُ مِمَّا لَا يُتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ، وَصَغِيرُ الْجِرْمِ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (كَالْجَوْزِ) إذَا كَانَ (مُسْتَوِيَ الْقُشُورِ) وَاللَّوْزُ كَذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ قُشُورُهُمَا غِلَظًا وَرِقَّةً لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِمَا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ، وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ: وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَتَبِّعٌ لَا مُخْتَصِرٌ. (وَالْعَدَدْ) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ أَيْ: وَكَوْنِهِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِالْعَدِّ. (وَالذَّرْعِ فِي نَحْوِ الثِّيَابِ) مِنْ الْبُسُطِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْسُوجَةٌ بِالِاخْتِيَارِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا لَا يُوزَنُ وَلَا يُكَالُ، وَلَا يُصْنَعُ بِالِاخْتِيَارِ يَكْفِي فِيهِ الْعَدُّ كَالْحَيَوَانِ، وَالْمَائِعَاتُ يَجْرِي فِيهَا الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَلَفْظَةُ نَحْوِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ. (وَفَسَدْ تَعْيِينُهُ) أَيْ: تَعْيِينُ الْعَاقِدِ (الْمِكْيَالَ)، وَإِنْ اُعْتِيدَ الْكَيْلُ بِهِ (وَالْعَقْدَ) الْمُعَيَّنَ فِيهِ ذَلِكَ (بَطَلْ) أَيْضًا (بِفَقْدِ الِاعْتِيَادِ) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ اعْتِيَادِ الْكَيْلِ بِهِ كَكُوزٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ عَلَى صِفَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ آخَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ.
وَالسَّلَمُ الْحَالُّ كَالْمُؤَجَّلِ أَوْ كَالْبَيْعِ وَجْهَانِ، وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا اُعْتِيدَ الْكَيْلُ بِهِ بِأَنْ عَرَفَ مَا يَسَعُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَسَدَ التَّعْيِينُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا، وَيَقُومُ مِثْلُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ فَلَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُبْدَلَ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُسَابَقَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْبَيْعِ، وَتَعْيِينُ الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ، فَلَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ كَالْمُؤَجَّلِ) وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ فَرَاجِعْهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ مِثَالِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قُبِلَ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ بِالْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَصْلٌ فِي الْمِثَالِ الْآتِي، وَهُوَ تَنَاقُضٌ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مِنْ أَنَّ لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَصْلَيْنِ فِي بَابَيْنِ، فَالْأَصْلُ فِيهِمَا فِي بَابِ الرِّبَا الْكَيْلُ، وَيَجُوزُ هُنَا بِالْوَزْنِ، وَالْأَصْلُ فِيهِمَا هُنَا الْوَزْنُ، وَيَجُوزُ بِالْكَيْلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ، فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا جُمِعَ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ فِي الْبِطِّيخِ وَالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ فِي الثَّوْبِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهَا إلَخْ) فَالْوَصْفُ لِلثِّيَابِ قَائِمٌ مَقَامَ الْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ) أَيْ التَّحْدِيدِيِّ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَشَبِ) أَيْ: وَلَوْ أُرِيدَ وَزْنُهُ تَحْدِيدًا لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ مُتَتَبِّعٌ) أَيْ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ لَا مُخْتَصِرٌ) بَلْ قِيلَ إنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ اهـ. زي اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ) وَيَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ اُعْتِيدَ) الْمُرَادُ بِالِاعْتِيَادِ أَنْ يُعْرَفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ مَعَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاعْتِيَادِ أَنْ لَا يُعْرَفَ لِمَنْ ذُكِرَ قَدْرُ مَا يَسَعُ اهـ. زي اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ وَالْعَقْدُ بَطَلَ) وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ إلَخْ) هَذَا لَا يَشْمَلُ الْحَالَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ وَقْتُ الْقَبْضِ وَلَا يُقَالُ: لَا غَرَرَ فِي الْحَالِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ يَحْتَاجُ لِتَعْيِينِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَرُبَّمَا أُخِّرَ التَّعْيِينُ فِي الْحَالِّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ إنْ كَانَا ذَاكِرَيْنِ لِتِلْكَ الصِّفَةِ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ، بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ لَا تَعْتَمِدُ الْوَصْفَ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَطَعَ إلَخْ) لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ قَدْ يُؤَخَّرُ تَعْيِينُهُ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ كَقَوْلِهِ: مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ الصُّبْرَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَعْلُومَةِ لَهُمَا، وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَهُوَ فِي الذِّمَّةِ فَالْفَارِقُ مَوْجُودٌ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَتَعْيِينِ الْمِيزَانِ) كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك
يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ.
وَكَوْنُهُ (مَعْلُومَ الْأَجَلْ) فِي الْمُؤَجَّلِ، فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ بِالْمَيْسَرَةِ وَالْحَصَادِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهَا لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ، وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ شَيْئًا إلَى مَيْسَرَتِهِ» فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ. (كَالْمِهْرَجَانِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَنْتَهِي فِيهِ الشَّمْسُ إلَى أَوَّلِ بُرْجِ الْحَمَلِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَاهُ رُوحُ السَّنَةِ وَهُوَ يَوْمُ النِّصْفِ مِنْ أَيْلُولَ (وَكَنَيْرُوزِ)، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَنْتَهِي فِيهِ الشَّمْسُ إلَى أَوَّلِ بُرْجِ الْمِيزَانِ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ تُوتٍ أَوَّلِ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ: وَذُكِرَ أَنَّهُ فِي الْمَشْرِقِ سَابِعَ عَشَرَ تَمُّوزَ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي بِمِصْرَ أَحْدَثَهُ فِرْعَوْنُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: يَوْمٌ جَدِيدٌ. (وَمَا) هُوَ (كَالْفِصْحِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عِيدٌ لِلنَّصَارَى، وَالْفَطِيرُ عِيدٌ لِلْيَهُودِ (إنْ لَا مِنْ ذَوِيهِ عُلِمَا) أَيْ: إنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِهِ، إذْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا عَدَدًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.
وَيَكْفِي عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا (وَفِي) تَأْجِيلِهِ (إلَى شَهْرِ رَبِيعٍ أَوْ إلَى أَوَّلِهِ) يَصِحُّ السَّلَمُ، وَهَذَا بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَبْلَ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْأَوَّلِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، (لَا) فِي قَوْلِهِ يَحِلُّ (فِيهِ) أَيْ: فِي شَهْرِ رَبِيعٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَجَاهِيلِ، وَرَدَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا الْفَرْقَ: بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي آخِرِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ السُّبْكِيُّ: بِأَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ أَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر.
ــ
[حاشية الشربيني]
دِينَارًا فِيمَا يُخْرَجُ مِنْ التَّمْرِ مِنْ وَضْعِ آلَةِ الْوَزْنِ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا يُخْرِجُهُ.
(قَوْلُهُ مَعْلُومَ الْأَجَلِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ دُونَهَا اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلَيْنِ هُنَا وَفِي أَوْصَافِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنَّ الْمُعَيَّنَيْنِ إذَا اخْتَصَّا بِالْمَعْرِفَةِ قَدْ يَتَعَذَّرَانِ عِنْدَ الْمَحَلِّ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. لِحَجَرٍ وَقَوْلُ الشَّرْقَاوِيِّ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ: عِبَارَةُ ق ل وَغَيْرِهِ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُهُمَا الْحُضُورُ مِنْهُ لَوْ دُعِيَا لِلشَّهَادَةِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ كَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِهْرَجَانُ عِيدُ الْفُرْسِ، وَهِيَ كَلِمَتَانِ مِهْرٌ بِوَزْنِ حِمْلٌ وَجَانٌ، لَكِنْ تَرَكَّبَتْ الْكَلِمَتَانِ حَتَّى صَارَا كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَمَعْنَاهَا مَحَبَّةُ الرُّوحِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ مِنْ أَيْلُولَ) هُوَ شَهْرُ بَرَمْهَاتَ الْقِبْطِيِّ اهـ. جَمَلٌ وَقِ ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَنْتَهِي إلَخْ) وَهُوَ نِصْفُ شَهْرِ تُوتٍ وَقِيلَ: أَوَّلُهُ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ وَمَا كَالْفِصْحِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي ق ل مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِفِصْحِ النَّصَارَى وَلَا بِفِطْرِ الْيَهُودِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا قَدْ يَتَقَدَّمُ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ اهـ. لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ بِمَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ أَوْ عَدْلَانِ مِنْهُمْ.
(قَوْلُهُ كَالْفِصْحِ) فِي الْمِصْبَاحِ: فِصْحُ النَّصَارَى كَفِطْرِهِمْ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُلُونَ فِيهِ اللَّحْمَ بَعْدَ الصِّيَامِ وَالْجَمْعُ فُصُوحٌ. (قَوْلُهُ عِيدٌ لِلْيَهُودِ) يَكُونُ فِي خَامِسَ عَشَرَ نِيسَانَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نِيسَانَ الرُّومِيَّ، بَلْ شَهْرٌ مِنْ شُهُورِهِمْ وَحِسَابُهُمْ صَعْبٌ، فَإِنَّ الشُّهُورَ عِنْدَهُمْ قَمَرِيَّةٌ وَالسِّنِينَ شَمْسِيَّةٌ اهـ. جَمَلٌ (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ ذَوِيهِ عَلِمَا) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ إمْكَانُ عِلْمِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ ذَوِيهِ، أَمَّا إذَا عَلِمَهُ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ ذَوِيهِ ثُمَّ عَقَدَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعِلْمِهِمَا حَالَ الْعَقْدِ مَا أُجِّلَا إلَيْهِ، كَذَا فِي الْإِرْشَادِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَنْ تَمَكُّنِ الْمَعْرِفَةِ بُعْدٌ مِنْهُ مِنْهُمْ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، أَمَّا إذَا أَخْبَرَ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ، وَلَا وَجْهَ لِرَدِّ هَذَا لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ. سَوَاءٌ كُذِّبَ الْمُخْبِرُ أَوْ صُدِّقَ، (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ) أَيْ: وَذَلِكَ مَجْهُولٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِالصِّفَاتِ، فَإِنَّهُ حَيْثُ صَدَقَ وُجُودُ اسْمِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ، وَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى التَّعْيِينِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَبْلَهُ بِالْعَامِّ) الْمُرَادُ بِالْعُمُومِ هُنَا الصِّدْقُ بِكُلِّ جُزْءٍ، وَإِلَّا فَالْيَوْمُ مَثَلًا مَوْضِعٌ لِلْقَدْرِ الْمَخْصُوصِ مِنْ الزَّمَانِ لَا لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ كُلَّ جُزْءٍ، وَالْحُكْمُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ صَادِقٌ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِجُمْلَتِهِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى التُّحْفَةِ أَيْ: فَهُوَ مِنْ الْمُبْهَمِ لَا مِنْ الْعَامِّ. فَوَصْفُهُ بِهِ تَجَوُّزٌ وَكَأَنَّ عَلَاقَتَهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْأَجْزَاءَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَأَطْلَقَ
ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِهِ وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مُسْوَدَّتِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ: مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا يَرِدُ عَلَى الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَوْمِ كَذَا، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْوَضْعُ وَالْعُرْفُ، وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَيُّ رَجُلٍ كَلَّمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَلَا تَقُولُ: إنَّهُ اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَلَوْ كَانَ يَقْتَضِي تَعْيِينَ أَوَّلِهِ لَمَا وَقَعَ، وَإِذَا صَحَّ التَّأْجِيلُ بِشَهْرِ رَبِيعٍ (حَلَّ) الْأَجَلُ (أَوَّلَا) أَيْ: بِأَوَّلِ (جُزْءٍ مِنْ الْأَوَّلِ) مِنْ الرَّبِيعَيْنِ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ، وَمِثْلُهُ التَّأْجِيلُ بِجُمَادَى أَوْ بِالْعِيدِ أَوْ بِنَفَرِ الْحَجِيجِ.
وَزَادَ النَّاظِمُ لَفْظَةَ شَهْرٍ لِيُوَافِقَ أَهْلَ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُقَالُ رَبِيعٌ، بَلْ شَهْرُ رَبِيعٍ قَالُوا: وَلَا يُضَافُ لَفْظُ شَهْرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ الشُّهُورِ، إلَّا إلَى رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَيُنَوَّنُ رَبِيعٌ إذَا وُصِفَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَلَا يُقَالُ: بِالْإِضَافَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُسْوَدَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (أَمَّا الشَّهْرُ) الْمُطْلَقُ (فَهُوَ الْهِلَالِيُّ) دُونَ الشَّمْسِيِّ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ (وَتَمَّ الْكَسْرُ) أَيْ وَتُمِّمَ الشَّهْرُ الْمُنْكَسِرُ، بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَأُجِّلَ بِأَشْهُرٍ (إلَى ثَلَاثِينَ) يَوْمًا وَحُسِبَ مَا بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ، وَلَا يُلْغَى الْمُنْكَسِرُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ، نَعَمْ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ اُكْتُفِيَ بِالْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةِ بَعْدَهُ، وَلَا يُتَمَّمُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا، فَإِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ، فَإِنْ تَمَّ الْأَخِيرُ مِنْهَا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ، بَلْ يَتِمُّ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي.
(وَمَا يُطْلَقْ) مِنْ السَّلَمِ عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (صُرِفْ إلَى الْحُلُولِ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَعْدُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ.
(وَ) كَوْنُهُ مَعْلُومَ (صِفَاتٍ تَخْتَلِفْ أَغْرَاضُهُمْ فِيهَا اخْتِلَافًا ظَاهِرَا قُلْتُ:) وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِوَجْهٍ لَمْ يَدَعْهُ) أَيْ لَمْ يَتْرُكْهُ (نَادِرَا) أَيْ: مَذْكُورَةٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ بِهِ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَخَرَجَ بِمَعْلُومِ الصِّفَاتِ مَا لَا تُعْلَمُ صِفَاتُهُ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ جَهَالَةَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ أَيْ مَذْكُورَةٍ فِي الْعَقْدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَعَلُّقِ بِوَجْهٍ بِمَذْكُورَةٍ مُقَدَّرًا.
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَيْهَا اسْمَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِهِ) لِتَعَيُّنِهِ لِلْوُقُوعِ فِيهِ لِصِدْقِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْوَضْعِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِخِلَافِهِ اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، إلَّا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الشَّارِعُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفُهُمْ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ وَتَمَّ الْكَسْرُ) أَيْ مِمَّا بَعْدُ فِيمَا هُوَ بِالْأَهِلَّةِ. (قَوْلُهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) مِثْلُهُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَعْضِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ كَامِلٍ وَيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إلَخْ) مِثْلُهُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ اُكْتُفِيَ بِالْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةِ بَعْدَهُ) وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ، وَهِيَ الْيَوْمُ الْمَعْقُودُ فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ أَيْضًا، لِئَلَّا يَلْزَمَ تَأْخِيرُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُتَمَّمُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا وَيُضَمُّ لِلشَّهْرِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَضَى قَبْلَ وَقْتِ التَّكْمِيلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ كَامِلًا، فَإِنَّ الشَّهْرَ بَاقٍ وَقْتَ التَّكْمِيلِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا يُتَمَّمُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ عَقَدَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ صَفَرٍ لَحْظَةٌ وَأُجِّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى، حُسِبَ الرَّبِيعَانِ بِالْأَهِلَّةِ، وَيُضَمُّ جُمَادَى إلَى اللَّحْظَةِ مِنْ صَفَرٍ وَيَكْمُلُ مِنْ جُمَادَى الْآخَرِ بِيَوْمٍ إلَّا اللَّحْظَةَ وَكُنْت أَوَدُّ لَوْ اُكْتُفِيَ بِهَذِهِ الْأَشْهُرِ، فَإِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي تَمَنَّاهُ نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَقَطَعُوا بِالْحُلُولِ بِانْسِلَاخِ جُمَادَى اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ) هَذَا إنْ نَقَصَ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّهُ إنْ تُمِّمَ مِنْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ، فَقَدْ لَا يَفِي بِشَهْرٍ عَدَدِيٍّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَلْ يُتَمَّمُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ) لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ دُونَ الْبَقِيَّةِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ مَعْلُومَ صِفَاتٍ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لِيَشْمَلَ الْأَعْمَى، فَإِنَّ سَلَمَهُ صَحِيحٌ وَيُوَكِّلُ فِي إقْبَاضِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلِعَدْلَيْنِ بِمَعْنَى: أَنَّهُ يُوجَدُ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ اهـ. م ر وَحَجَرٌ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ وَيَنْضَبِطُ إلَخْ) حَاصِلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُذْكَرَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الْعَقْدِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَنْضَبِطُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ وُجُودُهُ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا اهـ. وَاخْتَارَ م ر أَنَّ
مَعَ وُرُودِهِ عَلَى الْعَيْنِ، فَالسَّلَمُ الْوَارِدُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْلَى، وَبِالِاخْتِلَافِ الظَّاهِرِ مَا يَتَسَامَحُ النَّاسُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ غَالِبًا كَالسِّمَنِ وَالتَّكَلْثُمِ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي.
وَأَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا أَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ ضَعِيفًا فِي الْعَمَلِ وَقَوِيًّا وَكَاتِبًا وَأَمِينًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْصَافٌ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَصْحِيحُ الضَّابِطِ أَنْ يُزَادَ فِيهِ فَيُقَالَ: مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي لَا يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَى عَدَمِهَا، فَإِنَّ الضَّعْفَ وَالْكِتَابَةَ وَزِيَادَةَ الْقُوَّةِ الْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَخَرَجَ بِمَا زَادَهُ النَّاظِمُ اللَّآلِئُ الْكِبَارُ وَنَحْوُهَا مِمَّا سَيَأْتِي، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا فِيمَا وُجُودُهُ يَعِزُّ. (بِذِكْرِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا) أَيْ: مَعْلُومَ الصِّفَاتِ بِذِكْرِ الْعَاقِدِ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ كَإِبِلٍ مُهْرِيَّةٍ (وَاقْتَصَرْ) مِنْهُمَا. (بِالنَّوْعِ) أَيْ: عَلَيْهِ (إنْ أَغْنَى) عَنْ الْجِنْسِ كَالْجَامُوسِ وَالْمَعْزِ، فَإِنَّ ذِكْرَهُمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ وَجَبَ ذِكْرُهُ (وَصُغْرٍ) بِإِسْكَانِ الْغَيْنِ مُخَفَّفًا مِنْ فَتْحِهَا وَضَبَطَهُ الشَّارِحُ مَعَ ذَلِكَ بِضَمِّ الصَّادِ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا عَلَى الْكَسْرِ. (وَكِبَرْ) أَيْ: بِذِكْرِهِ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ مَعَ ذِكْرِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (لِجُثَّةِ الطَّيْرِ) وَمَعَ ذِكْرِ لَوْنِهِ وَسِنِّهِ، إنْ عُرِفَ وَذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ، إنْ اخْتَلَفَ بِهِمَا الْغَرَضُ.
(وَلَوْنًا فَلْيُبِنْ وَكَوْنَهُ أُنْثَى وَضِدَّهَا وَسَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَبِزِيَادَةِ فَلْيُبِنْ تَكْمِلَةً أَيْ: وَبِذِكْرِهِ مَعَ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَنَوْعِهِ وَكَوْنِهِ أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا وَسِنِّهِ كَمُحْتَلِمٍ أَوْ ابْنِ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ (فِي) كُلِّ (حَيَوَانٍ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الطَّيْرِ رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ لَوْنُ الصِّنْفِ كَالزِّنْجِيِّ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ (وَ) بِذِكْرِهِ مَعَ مَا مَرَّ. (الْقَدَّا) طُولًا وَقِصَرًا وَرَبَعَةً (فِيمَنْ أُرِقَّ) أَيْ: فِي الرَّقِيقِ سَوَاءٌ كَانَ (أَمَةً أَوْ عَبْدَا) وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ، وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدْرَةٍ، وَذِكْرُهُمْ لِهَذَا وَلِلْقَدِّ فِي الرَّقِيقِ دُونَ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُهُمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي الْقَدِّ لِلْمَرْكُوبِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ فِي الْخَيْلِ ذِكْرُ شِيَاتِهِ أَيْ: لَوْنِهِ الْمُخَالِفِ لِمُعْظَمِ لَوْنِهِ كَالْأَغَرِّ وَالْمُحَجَّلِ وَاللَّطِيمِ وَهُوَ مَا سَالَتْ غُرَّتُهُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ قَالَ: وَفِي الْحَاوِي لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي فَرَسٍ أَبْلَقَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ صِنْفُ النَّوْعِ) كَخَطَابِيٍّ وَرُومِيٍّ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرِ لَوْنِهِ إلَخْ) لَا يَقُلْ: هَذَا يُفِيدُهُ مَا عَدَا قَيْدَ السِّنِّ وَقَيْدَ الذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْنًا إلَخْ فَذِكْرُ الشَّارِحِ إيَّاهُ لِبَيَانِ الْقَيْدَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِ: فِي حَيَوَانِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَسِنِّهِ إنْ عُرِفَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُرْجَعُ فِيهِ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي الرَّقِيقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ السِّنُّ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُثَّةِ كَمَا فِي الْغَنَمِ وَلِمَا قَالُوهُ: إنَّ ذِكْرَهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَ؛ لِأَنَّ السِّنَّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ صِغَرُهَا وَكِبَرُهَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ) عَائِدٌ لِلسِّنِّ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ إنْ أَمْكَنَ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ (قَوْلُهُ كَمُحْتَلِمٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ عَامِ الِاحْتِلَامِ أَوْ وَقْتُهُ، وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً مُحْتَلِمٌ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَمُحْتَلِمٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) بَلْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
ذِكْرَهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَذِكْرِهَا فِيهِ وَقَالَ زي: لَا يَكْفِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ اُنْظُرْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ مَا يَتَسَامَحُ النَّاسُ إلَخْ) لَكِنْ إنْ ذُكِرَ شَيْءٌ مِنْهُ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ اهـ. ع ش م ر. (قَوْلُهُ مَعَ ذِكْرِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ إلَخْ) عُبِّرَ عَنْهُ فِي الْعُبَابِ بِالسِّمَنِ وَضِدِّهِ، فَيُخَالِفُ الرَّقِيقَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ هُنَا اخْتِلَافًا ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرِ لَوْنِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُرَدْ لِلْأَكْلِ اهـ. شَرْحٌ مَنْهَجٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْنًا) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا إذَا لَمْ تُرَدْ لِلْأَكْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْإِرَادَةِ لِلْأَكْلِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ فِي الطَّيْرِ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ غَرَضٌ آخَرُ كَالْأُنْسِ بِهِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ، وَالْمَاشِيَةُ يُرَادُ مِنْهَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَقَاءَ جِلْدِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا مُنْتَفَعًا بِهِ يُفِيدُ وُجُوبَ ذِكْرِ لَوْنِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْعَاقِدَانِ أَكْلَهُ فَفَارَقَ الطَّيْرَ، وَلَمَّا كَانَ السِّمَنُ وَالْهُزَالُ لَا يَظْهَرُ لِشَرْطِهِ غَرَضٌ، إلَّا فِيمَا هُوَ مَأْكُولٌ حَالًّا كَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى تَسْمِينُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ تَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِهِ، بِخِلَافِ الْحَيِّ لَوْ أَرَادَ الْعَاقِدُ أَكْلَهُ فَيَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ أَيْ: التَّسْمِينُ بِعَلَفٍ وَالْهُزَالُ بِعَدَمِهِ لَمْ تَتَوَقَّفْ الصِّحَّةُ هُنَا عَلَى ذِكْرِهِ، فَفَارَقَ لَحْمَ غَيْرِ الصَّيْدِ وَالطَّيْرِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ هُنَا اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلسِّمَنِ وَضِدِّهِ فِي الطَّيْرِ مَعَ إمْكَانِ التَّسْمِينِ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ أُنْثَى وَضِدَّهَا إلَخْ) وَلِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي شَأْنِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: إنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ لِيُفَارِقَ مَا يَأْتِي فِي اللَّحْمِ. (قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ أُنْثَى إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ هُنَا لِكَوْنِهِ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا وَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ خَصِيٍّ؛ لِأَنَّ الْخِصَاءَ عَيْبٌ. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ) وَافَقَ م ر عَلَى اشْتِرَاطِ ذِكْرِ اللَّوْنِ فِي الثِّيَابِ أَيْضًا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي فَرَسٍ أَبْلَقَ) الْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيهِ، وَيَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَلَقِ
لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ.
قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ بَعْدَ ذِكْرِ السِّنِّ وَالْقَدِّ: وَكُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ: وَالْأَمْرُ فِي السِّنِّ عَلَى التَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ كَوْنُهُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ مَثَلًا بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، لَمْ يَجُزْ لِنُدْرَتِهِ وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ وَكَذَا فِي السِّنِّ، إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِظُنُونِهِمْ وَبِذِكْرِ الثُّيُوبَةِ أَوْ الْبَكَارَةِ فِي الْأَمَةِ. (لَا سِمَنًا، وَلَا مَلَاحَةً) أَيْ: حُسْنًا (وَلَا تَكَلْثُمًا) لِلْوَجْهِ، وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ (أَوْ دَعَجًا) وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا (أَوْ كَحَلَا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْحَاءِ وَهُوَ أَنْ يَعْلُو جُفُونَ الْعَيْنِ سَوَادٌ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْهَا لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا غَالِبًا، وَيَعُدُّونَ ذِكْرَهَا اسْتِقْصَاءً وَمُبَالَغَةً.
وَيُنْدَبُ أَنْ يُذْكَرَ مُفَلَّجُ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرُهُ وَجَعْدُ الشَّعْرِ أَوْ سَبْطُهُ وَصِفَةُ الْحَاجِبَيْنِ، وَيَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الرَّقِيقِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ خَبَّازًا أَوْ مُزَوَّجًا، بِخِلَافِ كَوْنِهِ شَاعِرًا؛ لِأَنَّ الشِّعْرَ طَبْعٌ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ، وَبِخِلَافِ خِفَّةِ الرُّوحِ وَعُذُوبَةِ الْكَلَامِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ لِلْجَهَالَةِ، (وَ) بِذِكْرِهِ فِي (اللَّحْمِ) مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ مَعَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالسِّنِّ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَنَّهُ (رَاضِعٌ خَصِيٌّ مُعْتَلَفٌ أَوْ غَيْرُهَا) أَيْ: ضِدُّهَا أَيْ: فَطِيمٌ فَحْلٌ رَاعٍ، نَعَمْ لَحْمُ الطَّيْرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، إلَّا إذَا أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الرَّاعِي وَالْمُعْتَلَفُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَلْزَمْ ذِكْرُهُ.
ــ
[حاشية العبادي]
بِالِاشْتِرَاطِ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: وَلَيْسَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَجْهٌ. ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَالْوَجْهُ الِاشْتِرَاطُ وَحُمِلَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْغَرَضُ بِذَلِكَ م ر
(قَوْلُهُ مُعْتَلَفٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي اللَّبَنِ مِنْ اعْتِبَارِ ذِكْرِ نَوْعِ الْعَلَفِ اعْتِبَارُهُ هُنَا أَيْضًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ ضِدُّهُمَا) ظَاهِرُهُ بَقَاءُ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا
ــ
[حاشية الشربيني]
كَسَائِرِ الصِّفَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر. وَالْبَلَقُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُلُّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى لَوْنَيْنِ غَيْرِهِمَا اهـ. مَعْنًى. (قَوْلُهُ فِي فَرَسٍ أَبْلَقَ) بِخِلَافِ الْأَعْفَرِ، وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) دُفِعَ، بِأَنَّهُ يَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبُلْقَةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ) قَالَ حَجَرٌ أَيْ الْعَدْلُ وَقَضِيَّتُهُ: عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِ الْكَافِرِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ يُقْبَلُ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ حَمْدَانُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لِمَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْهُ قُبِلَ بِخِلَافِ إخْبَارِهِ عَنْ السِّنِّ، لَا بُدَّ فِي قَبُولِهِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا اهـ. ق ل ع ش، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ) أَيْ: وَلَوْ كَافِرًا إنْ كَانَ الْمُرَادُ الِاحْتِلَامَ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ بُلُوغَ سِنِّ الِاحْتِلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، فَلَا يُقْبَلُ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ كَافِرًا) فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ: وَكَذَا فِي السِّنِّ إلَخْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَالِغٍ هُنَا، فَلَيْسَ مِنْهُ، فَلَا يُقْبَلُ، وَلَوْ مُسْلِمًا، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ الرَّقِيقِ) أَيْ الْمُسْلِمِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ حَجَرٍ وَشَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ) ظَاهِرُهُ: أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْبَلُ إلَّا إنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ الشَّارِحِ، بِأَنَّهُ يُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَأَخْبَرَ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا وَلَمْ يُخْبِرْ، فَقَوْلُ السَّيِّدِ وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ قَوْلُ السَّيِّدِ وَقَوْلُ الْعَبْدِ قُدِّمَ قَوْلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِ إخْبَارِ الْعَبْدِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، وَكَانَ الرَّقِيقُ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا، وَلَمْ يَعْلَمْ سِنَّ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي سِنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. أَيْ فَيُقَدَّمُ خَبَرُ الْعَبْدِ اهـ. ع ش لَكِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الْعُبَابِ هَكَذَا أَيْ: فَيُعْتَمَدُ قَوْلُ النَّخَّاسِينَ، فَلَا تَصْرِيحَ فِيهَا بِمَا ذُكِرَ اهـ. مَرْصَفِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إنْ وُلِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَعْلَمَ السَّيِّدُ ذَلِكَ اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) وَيَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ إنْ كَانَ عَدْلًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الظَّنِّ اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْضًا أَهْلِ الْخِبْرَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِلَّا فَقَوْلُ بَائِعِي الرَّقِيقِ بِظُنُونِهِمْ وَيَكْفِي إلَخْ مَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ م ر: وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ أَيْ: الدَّلَّالِينَ، وَمَعْنَى الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِبَائِعِي الرَّقِيقِ هُمْ النَّخَّاسُونَ لَا خُصُوصُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَالَ ع ش: فَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا بِشَيْءٍ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاضِعِ وَالْخَصِيِّ وَالْمُعْتَلَفِ وَضِدِّهَا، أَمَّا كَوْنُهُ مِنْ فَخِذٍ أَوْ جَنْبٍ أَوْ كَتِفٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي كَبِيرِ الطَّيْرِ أَوْ السَّمَكِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ مُعْتَلَفٌ أَوْ غَيْرُهَا) لَمْ يُوجِبُوا ذِكْرَ الْمُعْتَلَفِ فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْمَاشِيَةِ نَفْسِهَا بِالْعَلَفِ وَضِدِّهِ لِتَأَتِّي تَدَارُكِ مَا يَفُوتُ بِأَحَدِهِمَا بِسُهُولَةٍ مَعَ عَدَمِ تَفَاوُتِ الْغَرَضِ تَفَاوُتًا قَوِيًّا اهـ. مَرْصَفِيٌّ أَخْذًا مِنْ التُّحْفَةِ.
وَالرَّضِيعُ وَالْفَطِيمُ فِي الصَّغِيرِ، أَمَّا الْكَبِيرُ فَمِنْهُ الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ فَيُذْكَرُ مُرَادُهُ، وَلَا يَكْفِي فِي الْمُعْتَلَفِ الِاعْتِلَافُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْلَغٍ يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، أَمَّا لَحْمُ الصَّيْدِ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ أَنَّهُ خَصِيٌّ مُعْتَلَفٌ أَوْ ضِدُّهُمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ: وَبِذِكْرِ أَنَّهُ صِيدَ بِأُحْبُولَةٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ، وَأَنَّهَا كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ، فَإِنَّ صَيْدَ الْكَلْبِ أَطْيَبُ لِطِيبِ نَكْهَةِ فَمِهِ (فَخْذًا) بِإِسْكَانِ الْخَاءِ (وَجَنْبًا وَكَتِفْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَبِذِكْرِهِ فِي اللَّحْمِ أَنَّهُ مِنْ فَخْذٍ أَوْ جَنْبٍ أَوْ كَتِفٍ أَوْ غَيْرِهَا.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ كَالشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْعَجَفِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ عَنْ عِلَّةٍ وَشَرْطُهُ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ الْعَجَفُ الْهُزَالُ، (وَ) يُقْبَلُ مَعَ اللَّحْمِ (الْعَظْمَ بِالْعُرْفِ) كَنَوَى التَّمْرِ، فَإِنْ شُرِطَ نَزْعُهُ جَازَ وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ مَعَ الْعَظْمِ، أَمَّا مَا لَا يُقْبَلُ عُرْفًا، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ كَالرَّأْسِ وَالرِّجْلِ، وَلَوْ مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَكَذَنَبِ السَّمَكَةِ إذَا عَرِيَ عَنْ اللَّحْمِ، وَيَجِبُ قَبُولُ جِلْدِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَصَغِيرِ الْجِدَاءِ بِخِلَافِ كَبِيرِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ بَيْنَ الطَّرِيِّ وَالْقَدِيدِ وَالْمُمَلَّحِ وَغَيْرِهِ، (وَ) بِذِكْرِهِ مَعَ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ (طُولَ الشُّقَّهْ) الْمُسْلَمِ فِيهَا (وَعَرْضَهَا وَغِلَظًا وَدِقَّهْ) لِخُيُوطِهَا أَيْ: أَحَدِهِمَا (وَنَاعِمَ الْمَلْمَسِ وَالْعَتَاقَهْ وَالضِّدَّ) أَيْ: أَوْ ضِدُّهُمْ أَيْ: الْخُشُونَةُ وَالْحَدَاثَةُ (وَالرِّقَّةَ) وَهِيَ تَبَاعُدُ الْخُيُوطِ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ (وَالصَّفَاقَهْ) وَهِيَ انْضِمَامُهَا أَيْ: بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا. (وَمَوْضِعَ النَّسْجِ) إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَقَدْ يُغْنِي عَنْهُ وَعَنْ الْجِنْسِ ذِكْرُ النَّوْعِ وَقَوْلُهُ: وَالْعَتَاقَهْ وَالضِّدُّ وَمَوْضِعُ النَّسْجِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَيُذْكَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ نَوْعُهَا وَلَوْنُهَا وَبَلَدُهَا وَصِغَرُهَا أَوْ كِبَرُهَا وَعِتْقُهَا أَوْ حَدَاثَتُهَا.
(وَفِي الْمَقْصُورِ) مِنْ الثِّيَابِ (جَازَ) السَّلَمُ كَمَا فِي الْخَامِ (وَخَامٌ مُطْلَقُ) أَيْ: وَمُطْلَقُ (الْمَذْكُورِ) مِنْهَا يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ دُونَ الْمَقْصُورِ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَإِنْ أُحْضِرَ الْمَقْصُورُ كَانَ أَوْلَى وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ قِيمَةً فَالْخَامُ أَمْسَكُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ نَسْجُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يُنْسَبُ إلَيْهِ نِسْبَةَ تَعْرِيفٍ. (قُلْت: وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِي الْبُرُودِ) وَسَائِرِ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ النَّسْجِ، بِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا تَظْهَرُ مَعَهُ الصَّفَاقَةُ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، (وَ) فِي (الطُّرُوسِ) أَيْ: الْوَرَقِ عَدَدًا وَيُذْكَرُ نَوْعُهُ وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ وَوَصْفُهُ، (لَا) فِي (الْقَزِّ) وَ (فِيهِ الدُّودُ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُرْفِ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ أَوْ بِمَوْضِعِ التَّسْلِيمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَالْقَدِيدِ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَالْعَتَاقَةُ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُ اعْتِبَارِ الْعَتَاقَةِ أَوْ الْحَدَاثَةِ بِمَا إذَا اخْتَلَفَ بِهَا الْغَرَضُ، كَمَا قَيَّدُوا اعْتِبَارَهُمَا فِي الْغَزْلِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَدَاثَتُهَا) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الثِّمَارَ تَشْمَلُ الْعَتِيقَ مَعَ أَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَكُونُ إلَّا يَابِسًا وَالثِّمَارُ لَا تَشْمَلُهُ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عِنْدَ ظُهُورِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ أَمَّا الْكَبِيرُ فَمِنْهُ الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ فَيُذْكَرُ مُرَادُهُ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَالسِّنِّ يُوهِمُ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ السِّنِّ وَكَوْنِهِ جَذَعًا إلَخْ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُذْكَرُ السِّنُّ أَوْ كَوْنُهُ جَذَعًا إلَخْ، وَلَوْ اُشْتُرِطَ كَوْنُهَا جَذَعَةً. هَلْ يُجْزِي الْإِجْذَاعُ قَبْلَ الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ؟ الظَّاهِرُ: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَاسْتَقْرَبَ ع ش الْإِجْزَاءَ إنْ أَجْذَعَتْ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِجْذَاعِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ إلَخْ) إنْ كَانَ وَحْشِيًّا اهـ. عُبَابٌ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّمِينِ وَالْهَزِيلِ. (قَوْلُهُ وَكَذَنَبِ السَّمَكِ إذَا عَرِيَ عَنْ اللَّحْمِ) رَأْسُ السَّمَكِ كَذَنَبِهِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَحَجَرٍ بِخِلَافِ رَأْسِ الطَّيْرِ كَمَا فِيهِمَا فَلْيُحَرَّرْ فَرْقٌ. أَمَّا الرِّجْلُ: فَلَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا عَلَيْهَا لَحْمٌ أَوْ لَا، كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ الْجِدَاءِ) جَمْعُ جَدْيٍ (قَوْلُهُ وَالرِّقَّةُ إلَخْ) وَلَا يُغْنِي عَنْهُمَا ذِكْرُ الْغِلَظِ وَالدِّقَّةِ بِالدَّالِ؛ لِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى كَيْفِيَّةِ الْغَزْلِ لَا إلَى كَيْفِيَّةِ النَّسْجِ اهـ. عِرَاقِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُغْنِي إلَخْ) بِأَنَّ ذَلِكَ النَّوْعَ لَا يُنْسَجُ إلَّا مِنْ جِنْسِ كَذَا فِي بَلَدِ كَذَا اهـ. جَمَلٌ (قَوْلُهُ وَعِتْقُهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش أَنَّهُ مَصْدَرُ عَتَقَ كَنَصَرَ وَقَرُبَ فَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَامُوسِ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ
(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ) هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِ الْغَرَضُ، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ. اهـ. شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِ الْغَرَضُ أَيْ لِعَامَّةِ النَّاسِ لَا لِخُصُوصِ الْمُسْلِمِ، كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالصَّبْغِ الصَّبْغُ بِمَا لَهُ جِرْمٌ لَا بِمَا هُوَ تَمْوِيهٌ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِيهِ وَشُرِطَ غَسْلُهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِهِ انْسِدَادٌ جَازَ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ لَا فِي الْقَزِّ وَفِيهِ الدُّودُ) أَيْ بِأَنْ يُقَيَّدَ فِي الْعَقْدِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَصِحُّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْعُبَابِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ
حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، لِمَنْعِهِ مَعْرِفَةَ وَزْنِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَيْعِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْقَزِّ وَزْنًا وَفِيهِ الدُّودُ.
وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مَا هُنَا وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ، بِخِلَافِ السَّلَمِ، فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرُ مَعَهُ يَكْثُرُ، (وَ) لَا فِي (الْمَلْبُوسِ) كَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ مَغْسُولًا أَوْ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الْجِبَابَ وَالْخِفَافَ الْمُطْبَقَةَ وَالْقَلَانِسَ وَالثِّيَابَ الْمَنْقُوشَةَ، بِخِلَافِ الْجَدِيدِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْهُ مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَمَا فِيهِمَا فِي الْخَلْعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ فِيهَا وَفِيهِمَا عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (بِلُغَةٍ) أَيْ: مَعْلُومِ الصِّفَاتِ مَعَ ذِكْرِهَا بِلُغَةٍ (يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ) لِيُرْجَعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْرِفَتِهَا الِاسْتِفَاضَةُ وَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ، وَلَوْ عَدْلًا، وَلَا غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ فَتَعْبِيرُهُ بِعَدْلَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ.
وَزَادَ عَلَيْهِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ عِلْمِ الصِّفَاتِ بِقَوْلِهِ (كَالْحُكْمِ فِي صِفَاتِهِ) وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ (وذان) أَيْ: الْعَاقِدَانِ كَانَ أَوْلَى، إذْ الْمَعْنَى بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ وَالْعَاقِدَانِ كَالْحَكَمِ فِي صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا عَدْلَانِ وَالْعَاقِدَانِ، فَلَوْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ عَرَفَاهَا لَكِنْ جَهِلَهَا غَيْرُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ التَّأْقِيتِ بِالْفِصْحِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مَعْرِفَتُهُمَا أَوْ مَعْرِفَةُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَا إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ هُنَاكَ مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَا، وَيُشْتَرَطَ كَوْنُهُ (مُنْضَبِطًا صِفَاتُهُ) الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، (وَإِنْ خُلِطْ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مَعْلُومِ صِفَاتٍ إلَى آخِرِهِ، إذْ لَوْ لَمْ تَنْضَبِطْ صِفَاتُهُ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً، فَلَوْ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: مَعْلُومُ صِفَاتٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا مَذْكُورَةٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ بِهِ وُجُودُهُ، فَيَصِحُّ فِيمَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ (كَالْخَزِّ) مِنْ الثِّيَابِ، وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ (وَالشَّهْدِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا، وَهُوَ الْعَسَلُ بِشَمْعِهِ خِلْقَةً (وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَيَزِيدُ الْأَقِطُ بِيَسِيرِ دَقِيقٍ، وَيُذْكَرُ فِيهِمَا مَعَ النَّوْعِ الْبَلَدُ وَرُطَبًا أَوْ يَابِسًا، وَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ: فِي الْأَرْبَعَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمُقَابِلُهُ يَنْفِي الِانْضِبَاطَ، بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَبَرِ أَوْ الصُّوفِ وَالشَّمْعِ وَالْمِلْحِ وَالْإِنْفَحَةِ وَالدَّقِيقِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ.
(وَكَذَا الْعَتَّابِي) مِنْ الثِّيَابِ، وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ (وَخَلُّ مَا جَفَّ مِنْ الْأَعْنَابِ) أَيْ: خَلُّ الزَّبِيبِ (وَالتَّمْرُ) ، وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَاءِ. (وَالْمَخِيضُ عَنْ مَاءٍ خَلَا) دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ خَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قِوَامُهُ، وَدُونَ اللَّبَنِ الْحَامِضُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ، وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ وَصْفُ الْمَخِيضِ بِالْحُمُوضَةِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَا كَانَ مُنْضَبِطًا، بِأَنْ كَانَ اخْتِلَاطُهُ خِلْقِيًّا كَالشَّهْدِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ كَالْحُكْمِ فِي صِفَاتِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا وَثَمَّ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحَلِّ فَيَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهَا، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يُعْرَفُ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ؛ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَصْفُ الْمَخِيضِ) أَيْ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ) أَيْ فَلَمْ تَكُنْ عَيْبًا (قَوْلُهُ كَالشَّهْدِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: مُنْضَبِطٌ (قَوْلُهُ وَالْعَتَّابِيُّ) فِي الْقُوتِ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا كَوْنُ اللُّحْمَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالسَّدَى مِنْ الْآخَرِ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ كُلِّ جُزْءٍ وَزْنًا، فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَنُقِلَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ عَنْ عِبَارَةِ الذَّخَائِرِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَفَرَّقَ غَيْرُهُ إلَخْ) اعْتَمَدُوا هَذَا الْفَرْقَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْأُرْزِ فِي قِشْرِهِ دُونَ السَّلَمِ فِيهِ، لَكِنْ جَزَمَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هُنَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَعَ اعْتِمَادِهِ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُرْزِ. (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ) أَيْ وَكَانَ مِقْدَارُ الْمَاءِ مَجْهُولًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمَاءِ مَعْلُومًا، بِأَنْ عُيِّنَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ) الْأَوْلَى تَرْكُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً لَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْمَخِيضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَيْبًا، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَيَضُرُّ عَدَمُ انْضِبَاطِهَا لِعَدَمِ قَصْدِ أَيِّ فَرْدٍ مِنْهَا تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ فِيهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ؟ مَعَ أَنَّهُ إذَا انْضَبَطَ الْعَيْبُ كَالْعَمَى صَحَّ السَّلَمُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ، إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ اهـ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ قَبْلَ ذَلِكَ: سَبَبُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَخِيضِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ عَدَمُ انْضِبَاطِ حُمُوضَتِهِ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ) أَيْ: فَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا مَقْصُودٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ كَالشَّهْدِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْعَسَلِ الْمُخْتَلِطِ بِالشَّمْعِ، وَبِهِ قَالَ
إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّمْرِ وَفِيهِ النَّوَى، أَوْ صِنَاعِيًّا وَقُصِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ، سَوَاءٌ اُسْتُهْلِكَ الْبَاقِي كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ أَوْ لَا، كَخَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَوْ قُصِدَتْ أَرْكَانُهُ كُلُّهَا أَوْ انْضَبَطَتْ كَالْخَزِّ وَالْعَتَّابِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْمَعَاجِينِ وَالْهَرَايِسِ وَالْغَوَالِي وَمُعْظَمِ الْأَمْرَاقِ وَالْحَلَاوَاتِ وَالنِّعَالِ وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ وَكَالْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ:(لَا فِي رُءُوسٍ وَأَكَارِعٍ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً مُنَقَّاةً مِنْ الصُّوفِ مَضْبُوطَةً بِالْوَزْنِ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْعَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَيُخَالِفُ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جُمْلَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِ النَّظَرِ إلَى آحَادِ الْأَعْضَاءِ. (وَلَا فِيمَا وُجُودُهُ يَعِزُّ) لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ، فَلَا يُحْتَمَلُ إلَّا فِيمَا يُوثَقُ بِهِ، وَعِزَّةُ وُجُودِهِ إمَّا لِنُدْرَتِهِ فِي نَفْسِهِ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ أَوْ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ صِفَاتِهِ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا.
(كَالْأَمَهْ وَالْفَرْعِ) لَهَا؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ فِيهِمَا نَادِرٌ، وَكَذَا أَمَةٌ وَأُخْتُهَا أَوْ أَحَدٌ يُنَاسِبُهَا أَوْ أَمَةٌ حَامِلٌ أَوْ شَاةٌ وَفَرْعُهَا أَوْ عَبْدٌ وَابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ، وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِحِكَايَتِهِمْ عَنْ النَّصِّ: أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ كَوْنُ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الْجَارِيَةُ مَاشِطَةً صَحَّ مَعَ أَنَّهُ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ: بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْمَشْطَ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعَلُّمِ، بِخِلَافِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا. (وَاللَّآلِئِ الْمُسْتَعْظَمَهْ) أَيْ: وَكَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ، وَهِيَ مَا يُطْلَبُ لِلتَّزَيُّنِ وَالْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْحَجْمِ وَالشَّكْلِ وَالْوَزْنِ وَالصَّفَاءِ، وَاجْتِمَاعُهَا نَادِرٌ بِخِلَافِ الصِّغَارِ، وَهِيَ مَا يُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْبِلَّوْرِ؛ لِأَنَّ صِفَتَهُ مَضْبُوطَةٌ، بِخِلَافِ الْعَقِيقِ، فَإِنَّ الْحَجَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُ يَخْتَلِفُ (مُعَيَّنًا أَيْنَ أَدَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُعَيِّنًا مَكَانَ أَدَاءِ (مَا أَجَّلَهُ) مِنْهُ، (إنْ كَانَ لَمْ يَصْلُحْ مَكَانُ الْعَقْدِ لَهُ) أَيْ لِلْأَدَاءِ، (أَوْ) كَانَ يَصْلُحُ لَهُ لَكِنْ (كَانَ) الْمُسْلَمُ فِيهِ أَيْ: حَمْلُهُ (ذَا مَئُونَةٍ تُؤَدَّى) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ وَصَلَحَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْأَدَاءِ، فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْأَدَاءِ لِلْعُرْفِ، فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ تَعَيَّنَ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقَبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الْعَقْدِ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ لَا ذَلِكَ الْمَكَانُ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ قَالَ: تُسَلِّمُهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شِئْت مِنْ الْبُلْدَانِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ الْبَيَانِ، أَوْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا، فَإِنْ اتَّسَعَ كَبَغْدَادَ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ، وَلَوْ عَيَّنَا مَكَانًا فَخَرِبَ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَةِ الْأَدَاءِ فَالْأَقْيَسُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ مَكَان صَالِحٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا: إنْ كَانَ الصَّالِحُ أَبْعَدَ مِنْ الْخَرِبِ اُسْتُحِقَّ أُجْرَةُ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِغَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ فَجَمَعْنَا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَمَا فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا وُجُودُهُ يَعِزُّ) نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ حَالًّا فِي مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِمَحَلٍّ يَنْدُرُ وُجُودُهُ فِيهِ، صَحَّ عِنْدَ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ، وَكَلَامُ الْبَاقِينَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِفَرْدٍ خَاصٍّ عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي عِنْدَهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ أَدَائِهِ، فَيَعُودُ التَّنَازُعُ الْمُسَبَّبُ عَنْهُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ عِزَّةِ الْوُجُودِ ش ع. (قَوْلُهُ مُعَيَّنًا أَيْنَ أَدَّاهُ) اسْتَعْمَلَ أَيْنَ مُتَصَرِّفًا، فَإِنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَالًّا) وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ م ر
(قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَ حَالًّا: هَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ) أَخْرَجَ بَيْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَيَّنَا مَكَانًا) يَنْبَغِي أَوْ تَعَيَّنَ بِالشَّرْعِ كَأَنْ تَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ فِيمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فَحَرْبٌ) أَيْ أَوْ حَدَثَ فِيهِ خَوْفٌ (قَوْلُهُ أَقْرَبُ مَكَان إلَخْ) لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ الصَّالِحُ جِهَتَيْنِ مَثَلًا إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي خَرِبَ وَالْأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ وَتَنَازَعَا، فَالْمُتَّجِهُ إجَابَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَلَهُ تَسْلِيمُهُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ م ر. (قَوْلُهُ مَكَان صَالِحٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ وَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَمْنُوعٌ، فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِأُجْرَةِ الزَّائِدِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْلِمِ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ التَّسْلِيمُ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
م ر وَغَيْرُهُ، وَخَالَفَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الشَّمْعَ مَانِعٌ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَسَلِ، فَفِيهِ الْجَهْلُ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَمُنِعَ قِيَاسُهُ عَلَى التَّمْرِ، وَفِيهِ النَّوَى؛ لِأَنَّ الشَّمْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، وَلَيْسَ بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَقَصَدَ بَعْضَ أَرْكَانِهِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ مُنْضَبِطًا؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا وَكَانَ مِنْ مَصَالِحِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْبَعْضُ الْمَقْصُودُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَالْجُبْنِ) أَيْ غَيْرِ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَصْلُحْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى الْمُؤْنَةِ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ، بَلْ إنْ كَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْيِينُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا، وَلَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْيِينُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اهـ. طب سم. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ تَعَيَّنَ) لَوْ عَيَّنَا غَيْرَ صَالِحٍ فَسَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ زي وَقَالَ غَيْرُهُ: يَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ صَالِحٍ إلَيْهِ اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ شَرْطَهُ يُفْسِدُهُ (قَوْلُهُ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ) فَيَكْفِي أَيُّ مَوْضِعٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُسْلِمُ، وَلَوْ قَالَ: فِي أَيِّ مَكَان مِنْ الْمَحَلَّةِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَضُرَّ إنْ لَمْ تَتَّسِعْ، وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا لَوْ قَالَ: فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت أَوْ بَلَدِ كَذَا أَوْ كَذَا أَيْ أَنَّهُ رُدِّدَ فِي عِبَارَتِهِ بَيْنَ بَلْدَتَيْنِ اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ فَالْأَقْيَسُ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَمَتَى خَرَجَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ عَنْ الصَّلَاحِيَةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ
نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيَتَّجِهُ تَخْيِيرُ الْمُسْلِمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ، وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَخْذُ بَدَلِ حَطٍّ كَانَ أَوْضَحَ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَجْهًا مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ، وَلِلْمُسْلِمِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَصْلُحَ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ.
قَالَ: فَلَوْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمُ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ، فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ. (وَجَازَ شَرْطُ جَيِّدٍ) وَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ، (أَوْ) شَرْطُ (أَرْدَا) ؛ لِأَنَّ طَلَبَ أَرْدَأَ مِنْ الْمُحْضَرِ عِنَادٌ. (لَا شَرْطُهُ الْأَجْوَدَ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ (أَوْ شَرْطُ الرَّدِي) لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَالْمُرَادُ رَدِيءُ الْعَيْبِ أَوْ الصِّفَةِ، لَا رَدِيءُ النَّوْعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (قُلْت: الرَّدِيءُ نَوْعُهُ لَمْ يُرَدْ) أَيْ: لَمْ يُرِدْهُ الْحَاوِي بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُهُ لِانْضِبَاطِهِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَكَذَا الْعَيْبُ الْمُنْضَبِطُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى وَفِي تَمْثِيلِهِ بِهَذَيْنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِوُجُوبِ قَبُولِ السَّلِيمِ، (ثُمَّ إذَا أَجْوَدَ مِنْهُ أَدَّى) أَيْ: ثُمَّ إذَا أَدَّى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَجْوَدَ صِفَةً مِنْ الْمَشْرُوطِ (فَوَاجِبٌ) عَلَى الْمُسْلِمِ (قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلِإِشْعَارٍ بِذُلِّهِ، بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ يُهَوِّنُ أَمْرَ الْمِنَّةِ، أَمَّا الْأَجْوَدُ نَوْعًا، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ، (لَا الْأَرْدَا) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ
(وَلَا) يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِغَيْرِ وَقْتِهِ) أَيْ: فِي غَيْرِ وَقْتِ حُلُولِهِ (وَ) لَا فِي غَيْرِ (الْمَوْضِعِ) الَّذِي يَجِبُ الْأَدَاءُ فِيهِ، إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِهِ كَمَا لَوْ كَانَ زَمَنُ نَهْبٍ أَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَيَوَانًا يُحْذَرُ مِنْ عَلْفِهِ أَوْ مَتَاعًا كَثِيرًا يَحْتَاجُ مَكَانَهُ إلَى مُؤْنَةٍ أَوْ لَحْمًا أَوْ ثَمَرًا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَهُ طَرِيًّا عِنْدَ مَحَلِّهِ، أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ وَجَبَ قَبُولُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ وَفِكَاكِ رَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ، أَمَّا إحْضَارُهُ فِي وَقْتِهِ وَمَوْضِعِهِ فَيَجِبُ قَبُولُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ
ــ
[حاشية العبادي]
عِنْدَ خَرَابِ الْمُعَيَّنِ م ر
(قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ) الْأَوْجَهُ عَدَمُ إجَابَتِهِ مُطْلَقًا م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَذَا أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْلَمُ فِيهَا اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَجْوَدُ نَوْعًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَمَا يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ، وَالْعَبْدُ التُّرْكِيُّ وَالْهِنْدِيُّ تَفَاوُتُ نَوْعٍ لَا وَصْفٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ مُؤْنَةٌ) لَوْ بَذَلَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هَذِهِ الْمُؤْنَةَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِرَأْيٍ لَا يَجُوزُ قَبُولُهَا. (قَوْلُهُ لِغَرَضٍ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ أَحْضَرَهُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ لِغَرَضٍ) أَوْ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّرْطِ مَعَ تَمْثِيلِ الْغَرَضِ بِالْبَرَاءَةِ أَيْضًا وَقْفَةٌ، لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ بَقِيَ بِشَيْءٍ آخَرَ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ غَرَضًا، وَهِيَ أَبَدًا حَاصِلَةٌ مَعَ الْقَبُولِ فَلَا شَيْءَ آخَرَ يَبْقَى لِعَدَمِ الْقَبُولِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِإِحْضَارِهِ الْبَرَاءَةَ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهَا، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ الْبَرَاءَةَ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ بِالْقَبُولِ وَيَلْزَمُ عَدَمُ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا أُجْرَةَ وَلَا خِيَارَ، بَلْ لَوْ طَلَبَ الْمُسْلِمُ التَّسْلِيمَ فِي الَّذِي خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ لِتَعْيِينِ الْأَقْرَبِ شَرْعًا كَالنَّصِّ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَا) الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الرَّدِيءِ وَالْأَرْدَأِ نَوْعًا يَجُوزُ، وَكَذَا الْجَيِّدُ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ، فَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ وَيَبْطُلُ السَّلَمُ، وَأَمَّا ذِكْرُ الرَّدِيءِ وَالْأَرْدَإِ عَيْبًا، فَلَا يَصِحُّ، كَذَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا هُنَا وَعَلَّلَ ح ل الْمَنْعَ فِي أَرْدَأِ الْعَيْبِ، بِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِيهِ الرَّدِيءُ مُنِعَ فِيهِ الْأَرْدَأُ اهـ. أَيْ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَعْلِيلُ صِحَّةِ اشْتِرَاطِ الْأَرْدَأِ بِالِانْضِبَاطِ، لَا بِمَا ذَكَرَهُ لِمَجِيئِهِ فِي الْأَرْدَأِ عَيْبًا فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَجَازَ شَرْطُ أَرْدَأَ مِنْ حَيْثُ النَّوْعِ لِانْضِبَاطِهِ وَطَلَبُ أَرْدَأَ مِنْ الْمُحْضَرِ عِنَادٌ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) فَلَوْ انْضَبَطَ صَحَّ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) فَيُصَدَّقُ اشْتِرَاطُهُ الرَّدِيءَ بِالْأَقَلِّ رَدَاءَةً مِنْ الْمُحْضَرِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) وَلَمْ تَنْزِلْ الرَّدَاءَةُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ كَالْجَوْدَةِ؛ لِأَنَّ لِلْجَوْدَةِ حَدًّا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ تِلْكَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَرْدَأَ أَوْ رَدِيئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعًا وَلَا عَيْبًا، صَحَّ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّدَاءَةِ وَالْأَرْدَئِيَّةِ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْ حَيْثُ النَّوْعِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْبِ أَوْ الصِّفَةِ فَأَمْرٌ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ إلَيْهِ، إذْ النَّاسُ يَفِرُّونَ مِنْ الْعَيْبِ مَا أَمْكَنَ، فَلَمْ يَضُرَّ إلَّا إنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ عَنْهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَبَادِرَةِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَحَوَاشِيهِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَخْ) هُوَ مَمْنُوعٌ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا أَجْوَدُ مِنْهُ أُدِّيَ إلَخْ) أَيْ أَجْوَدُ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَرَضِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَيِّبٍ لِضَعْفٍ عِنْدَهُ، فَجَاءَ لَهُ بِبِكْرٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَيْ ثُمَّ إذَا أَدَّى) أَيْ فِي صُورَةِ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ لَا الْأَرْدَأِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْأَرْدَأُ نَوْعًا، فَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ رَدِيءَ النَّوْعِ حَتَّى يَصِحَّ، وَلَك حَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمِّ بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ انْضِبَاطِ رَدِيءِ الْعَيْبِ وَالْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَدَبَّرْ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَرْدَأَ نَوْعًا لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ.
(قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ) بِأَنْ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ. (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: أَوْ لَا لِغَرَضٍ
سِوَى الْبَرَاءَةِ، وَقَبُولُهُ أَوْ الْإِبْرَاءُ إنْ أَحْضَرَهُ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لَهُ (كَفَى الْأَدَا) أَيْ: كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَدَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ غَرَضٍ، وَهُوَ ارْتِفَاقُهُ بِالْأَجَلِ، وَلَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَدَاءِ، كَمَا لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَقْنَعْ الْمُسْلِمُ بِهِ، بَلْ طَلَبَهَا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ، كَمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ فَقَوْلُهُ:(بِالْعُذْرِ مِنْ مُمْتَنِعِ) يَعُمُّ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ، إلَّا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فِي امْتِنَاعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ غَرَضٍ كَمَا مَرَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا فِي الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ أُجِيبَ الْمُسْتَحِقُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ فِيمَا ذُكِرَ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ
ــ
[حاشية العبادي]
وُجُوبِ الْقَبُولِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِمُسَاعَدَةِ النَّقْلِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ الدَّائِنُ لَا لِغَرَضٍ لِزْمَة الْقَبُولُ مَا نَصُّهُ: سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ أَمْ لَا، اهـ. بِاخْتِصَارِ أَمْثِلَةِ الْغَرَضِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ ضَامِنٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدِينِ وَلَهُ إسْقَاطُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمَنَاهِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَا يَسْقُطُ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ وَسِيلَةٌ إلَى الطَّلَبِ الْمُؤَدِّي لِلْبَرَاءَةِ، وَالدَّفْعُ مُحَصَّلٌ لَهَا نَفْسِهَا فَكَانَ أَقْوَى مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ: أَنَّهُ إذَا تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ زَادَ الْمَحَلِّيُّ عَقِبَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ مِنْ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ اهـ. وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةٌ فِي نَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْجَوْجَرِيِّ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ مَوْضِعِهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُجْلَبَ مِنْهُ إلَى مَوْضِعِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْأَدَاءُ بِهِ إذَا رَضِيَ الْمُسْلِمُ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْنَعْ الْمُسْلِمُ بِهِ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إذَا قَنِعَ أُجْبِرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَقَدْ بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُجْلَبَ إلَى مَكَانِ اللُّقَى قَالَ: فَلَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَإِنْ قَنَعَ بِهِ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَكْلِيفَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْمَحَلِّ إلَى بَلَدِ اللُّقَى. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ وَقَالَ هُنَا بَحْثًا أَيْضًا: لَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي لَقِيَهُ بِهَا يُعْتَادُ حَمْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْهَا إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ، فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ الْأَدَاءَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ يُؤَدِّيهَا بِالْقَاهِرَةِ ثُمَّ وَجَدَهُ بِالصَّعِيدِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ وَفَرَّ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى الْقَاهِرَةِ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ هَذَا الَّذِي بَحَثَهُ آخِرًا مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَمْ يَقْنَعْ الْمُسْلِمُ بِهِ، بَلْ طَلَبَهَا
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَتْ الْمُؤْنَةُ مُنْتَفِيَةً وَلَكِنَّ الْقِيمَةَ بِمَكَانِ اللُّقَى أَعْلَى لَمْ يَجِبْ الْأَدَاءُ ثُمَّ رَأَيْت مَا بَحَثَهُ أَوَّلًا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَا: وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحَلِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ قُلْت: وَاقْتَضَى قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَمْ يَقْنَعْ بِهِ الْمُسْلِمُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْنَعْ وَرَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَفْعِ الْمُؤْنَةِ جَازَ قَبُولُهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ اعْتِيَاضٌ مَمْنُوعٌ
(قَوْلُهُ نَعَمْ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ) أَيْ صُورَتَيْ امْتِنَاعِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْقَبُولِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ وَالْمَوْضِعِ، وَصُورَتَيْ امْتِنَاعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ الْأَدَاءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَغَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: كَفَى الْأَدَاءُ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا مَرَّ وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ غَرَضُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ غَرَضِ الْمُسْلِمِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَحِقُّ. (قَوْلُهُ وَالدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الدَّائِنِ قَبُولُهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا إذَا امْتَنَعَ لِغَرَضٍ، وَمِنْ الْغَرَضِ مَا إذَا عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا وَإِبْرَاؤُهَا مِنْ كَذَا مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ لَهَا قَبْلَ مَحَلِّهِ، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبُولِ لِأَنَّ لَهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
أَصْلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَقَبُولُهُ أَوْ الْإِبْرَاءُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ فِي الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، بَلْ عَلَى الْقَبُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ ثَمَّ اسْتَحَقَّ التَّسْلِيمَ لِوُجُودِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، فَامْتِنَاعُهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضُيِّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إلَخْ) وَلَا يُطَالَبُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ هُنَا، وَبِهِ فَارَقَ مُطَالَبَةَ الْمَالِكِ لِلْغَاصِبِ وَالْمُتْلِفِ بِهَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ حَيْثُ طُولِبَ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ
الْمَالِ بِصِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ.
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ الْإِقْرَاضِ وَأَرْكَانِهِ كَأَرْكَانِ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرَبِهِ، وَحَقِيقَتُهُ: إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّة بِمِثْلِهِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ أَوْ نَحْوِهِ فَقَالَ: (وَجَازَ قَرْضٌ) أَيْ: إقْرَاضُ (مَا أَجَزْنَا سَلَمَهْ لَا غَيْرُ) فَكُلُّ مَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ جَازَ إقْرَاضُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُضْبَطَ يَتَعَذَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ، فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إقْرَاضُ الْمَنَافِعِ أَيْ: مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا، أَمَّا الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْأَقْرَبُ مَا جَمَعَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا، وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ، كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ.
وَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ: مَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ جَازَ إقْرَاضُهُ وَمَا لَا فَلَا مِنْ امْتِنَاعِ إقْرَاضِ الْمُعَيَّنِ
ــ
[حاشية العبادي]
غَرَضًا فِي بَقَاءِ التَّعْلِيقِ، وَقَبُولُهَا إيَّاهُ يَرْفَعُهُ أَوْ يُفَوِّتُ صِفَةَ الْإِبْرَاءِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ فَقَبَضَتْ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ سَاكِتًا عَنْ التَّعْيِينِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ بِالْمَدْفُوعِ الصَّدَاقَ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا إنَّمَا أَخَذَتْهُ عَنْ غَيْرِهِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ دَافِعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ الصَّدَاقِ هُنَا، فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الدَّافِعِ هُنَا، إلَّا إنْ رَضِيَتْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبْرَأَتْهُ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ الطَّلَاقِ م ر.
(قَوْلُهُ وَالدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ عَنْهُ، إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ وَجَبَ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَفِيهِ تَرَدُّدُ جَوَابٍ لِلْقَاضِي اهـ. الْمُتَّجِهُ الْوُجُوبُ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ م ر
(قَوْلُهُ أَيْ مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ) هَذَا مُشْكِلٌ لِجَوَازِ قَرْضِ الْمُعَيَّنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّعْيِينُ يَمْنَعُ إمْكَانَ رَدِّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ تَمَلُّكِ مَنَافِعِ تِلْكَ الْعَيْنِ ثُمَّ رَدِّهَا إلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا يُنْظَرُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ) أَيْ لِلْقَرْضِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ) شَامِلٌ لِلْمُعَيَّنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ بِالتَّوْكِيلِ وَلَا يُحْبَسُ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ: وَلَوْ الصُّورِيَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ مَا أَجَزْنَا سَلَمَهُ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُسْلَمُ فِيهِ وَالْقَرْضُ يَكُونُ لِلْمُعَيَّنِ وَلِلْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ) يَعْنِي: مَنْفَعَةِ خُصُوصِ الْعَقَارِ، كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التُّحْفَةِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ وَحِينَئِذٍ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْإِسْنَوِيِّ وَالسُّبْكِيِّ لَكِنْ يُنَافِيهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ: إنَّمَا يُقْرَضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ كَالْعَقَارِ وَمَنْفَعَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ، فَعُلِمَ صِحَّةُ إقْرَاضِ مَنْفَعَةِ نَحْوِ عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ شَهْرًا، لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا وَإِمْكَانِ رَدِّهَا صُورَةً، بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، إذْ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا، وَهَذَا مَحَلُّ تَنَاقُضٍ وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا) لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُلْتَزَمُ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ قَرْضِ الْمُعَيَّنِ، وَيُدْفَعُ بِمَا مَرَّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ. قَالَ ع ش: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْفَعَةِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ نَفْسِهِ وَقِنِّهِ وَدَابَّتِهِ مُعَيَّنٌ، وَالْمُعَيَّنُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقَارِ؟ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْعَقَارُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا لَمْ يُغْتَفَرْ صِحَّةُ ثُبُوتِ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَمَّا كَانَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فِي الْجُمْلَةِ اُغْتُفِرَ ثُبُوتُ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَبِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ: لَا يَرِدُ الْحُرُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي مَنْفَعَتِهِ لِمَا عَلِمْت، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَدَلَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِفَرْضِ كَوْنِهِ رَقِيقًا اهـ. وَلَمْ يُعَلَّلْ عَدَمُ ثُبُوتِ الْعَقَارِ وَلَعَلَّهُ كَثْرَةُ اخْتِلَافِ مَنَافِعِهِ، فَلَا يَنْضَبِطُ فَلْيُرَاجَعْ بَابُ الْإِجَارَةِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا) أَيْ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا) لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الصُّورَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ عَقَارٍ آخَرَ، وَاَلَّذِي يُرَدُّ إنَّمَا هُوَ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ، وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ جَوَازُ إقْرَاضِ نِصْفِ عَقَارٍ فَأَقَلَّ شَائِعًا عَيْنًا وَمَنْفَعَةً؛ لِأَنَّ لَهُ مِثْلًا صُورِيًّا، وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ أَمَّا مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الصُّورَةِ، وَكَذَا الْمُعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَكُونُ الْبَاقِي غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْمَأْخُوذِ، فَلَا يَرْضَى بِهِ الْمُقْرِضُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الِاسْتِبْدَالِ، فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ بِخِلَافِ الشَّائِعِ حَيْثُ كَانَ نِصْفًا فَأَقَلَّ اهـ. حَاشِيَةٌ مَنْهَجٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِنُدْرَتِهِ، كَذَا قَالَ ع ش، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ النَّادِرَ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ، وَالتَّعَسُّرُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَاضِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا) أَيْ إمْكَانًا قَرِيبًا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا كَمَا فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ أَمْكَنَ إمْكَانًا بَعِيدًا كَمَا فِي نَادِرِ الْوُجُودِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ
مِنْ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، فَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُقْرَضُ مُعَيَّنٌ، وَدَخَلَ فِيمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ الْمَغْشُوشَةُ، فَإِنَّهَا مِثْلِيَّةٌ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ السَّلَمِ فِيهَا.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ، فَيَصِحُّ إقْرَاضُهَا لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا، وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاخْتَارَ الْجَوَازَ قَالَ: بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْإِرْفَاقِ، وَيَجُوزُ رَدُّ الزَّائِدِ وَأَخْذُ النَّاقِصِ بِلَا شَرْطٍ، فَلَا يُضَايَقُ فِيهِ كَالرِّبَا، وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْجَوَازِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَنْعَ عَنْ جَمْعٍ، وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ بِمَا إذَا عُرِفَ قَدْرُ غِشِّهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا، وَشَرْطُ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا كَشَرْطِهِمَا فِي السَّلَمِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَيَصِحَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْرَضُ مُعَيَّنًا كَسَلَمِهِ.
وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَاضُ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُكَاتَبٍ، وَلَا مِنْ وَلِيٍّ إلَّا لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَبَرُّعٍ، نَعَمْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْحَجْرِ وَكَذَا لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَقْفِ (لَا إنْ حَلَّ غَشَيَانُ الْأَمَهْ) أَيْ: وَطْؤُهَا (لِمُقْرَضٍ مِنْهُ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا مِنْهُ، وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ، وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ بِجَوَازِ إقْرَاضِهَا لَهُ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ: أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْحَالِ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا كَذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ: امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِهِ خَطَأٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى قَالَ السُّبْكِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ وَاضِحًا فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّهَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْمَنْعُ وَفِي إقْرَاضِ الْخُبْزِ وَجْهَانِ كَالسَّلَمِ فِيهِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ: الْمَنْعُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْحَاجَةِ وَإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَظْهَرَيْ، وَعَلَى هَذَا يُقْرِضُ وَزْنًا وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ يَجُوزُ عَدَدًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي التَّتِمَّةِ: فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الرُّوبَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَجَوَازُ السَّلَمِ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ إقْرَاضُهَا) اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ غِشِّهَا م ر. (قَوْلُهُ كَالرِّبَا) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) ظَاهِرُ الصَّنِيعِ وَإِعَادَةُ لَا اخْتِصَاصُهُ بِمَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) يَنْبَغِي أَوْ لِمُضْطَرٍّ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ وَفَاءٌ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مَالَ الْمَوْلَى نَسِيئَةً، وَهُنَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْمُضْطَرِّ مَعَ عَدَمِ رَجَاءِ الْوَفَاءِ، وَإِنْ جَهِلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ لِمُقْرَضٍ مِنْهُ) ، وَلَوْ مَمْسُوحًا ح د، وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ م ر. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا) أَيْ جَمِيعِهَا، وَلَوْ نَحْوَ رَتْقَاءَ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ ح د. (قَوْلُهُ إعَارَةُ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي إسْلَامِهِ أَمَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ فَكَبِرَتْ، بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَهِبَةِ الْفَرْعِ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى) أَيْ، وَلَوْ وَاضِحًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى وَهِيَ قُدْرَتُهُ الْمُؤْدِيَةُ لِعِزَّةِ الْوُجُودِ م ر. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضِ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى) لِبُعْدِ اتِّضَاحِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ امْتِنَاعُ تَمَلُّكِ الْمُلْتَقَطِ لِأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ظُهُورُ الْمَالِكِ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ أَبْعَدُ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ بَعِيدٌ. نَعَمْ إنْ بَانَ ذَكَرًا اُتُّجِهَ تَبَيُّنُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَقْدِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ عِنْدَهُ لِطُرُوِّ الْمَانِعِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر
(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُقْرَضُ وَزْنًا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ كَالْخُبْزِ (قَوْلُهُ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَا يَجُوزُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَيْسَ مُرَادًا) فَالْمُرَادُ بِمَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ نَوْعُهُ لَا مَعَ قَيْدِ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ اهـ. شَيْخُنَا اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لِلْقَاضِي) وَلَا يُقْرِضُ الْوَلِيُّ، سَوَاءٌ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، إلَّا مِنْ أَمِينٍ ثِقَةٍ مَعَ أَخْذِ وَثِيقَةٍ وَإِشْهَادٍ، إلَّا إذَا أَقْرَضَ لِلِاضْطِرَارِ، فَلَا تُشْتَرَطُ تِلْكَ الشُّرُوطُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا) مِثْلُهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِدُونِ وَطْءٍ، فَلَوْ قَالَ: رُبَّمَا يُسْتَمْتَعُ لِيَدْخُلَ الْمَمْسُوحُ كَانَ أَوْلَى اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا) مِنْهُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ طُرُوُّ الْحِلِّ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، وَلَا يَضُرُّ إسْلَامُ الْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ اهـ. شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوَجْهُ انْفِسَاخُهُ بِإِسْلَامِهَا اهـ. ق ل وَخَالَفَ م ر فَقَالَ: لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ الْوَطْءُ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مَنْ تَحِلُّ فِي نَفْسِهَا، وَإِلَّا دَخَلَتْ أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهُمَا كَذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) لِأَنَّهُ يَعِزُّ وُجُودُهُ م ر. (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ) يُدْفَعُ بِمَا فِي شَرْحِ م ر. مِنْ أَنَّهُ إذَا اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ الْجَوَازُ هُوَ الْأَصَحُّ) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّلَمِ فِيهِ الْأَصَحُّ فِيهِ الْمَنْعُ اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ. أَيْ لِعَدَمِ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى السَّلَمِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ بِخِلَافِ خَمِيرَةِ الْعَجِينِ، فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا الْجَوَازُ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ
لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ، وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ: خَمِيرَةٌ مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَى الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَقَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَاضُ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ فَمَبْنِيٌّ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ، فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا، فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ (بِإِيجَابٍ) كَالْبَيْعِ.
(وَذَا) أَيْ: الْإِيجَابُ (كَمِثْلِ أَقْرَضْتُ وَأَسْلَفْتُ) بِزِيَادَةِ مِثْلٍ أَيْ: كَأَقْرَضْتُكَ أَوْ أَسْلَفْتُك أَوْ (خُذَا هَذَا بِمِثْلٍ) أَيْ: بِمِثْلِهِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ (خُذْهُ وَاصْرِفَنْهُ فِيمَا تُرِيدُ بِبَدِيلٍ عَنْهُ، أَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك إيَّاهُ عَلَى أَنْ أَسْتَرِدَّ بَدَلًا) عَنْهُ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُك إيَّاهُ كَانَ هِبَةً، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِيمَا تُرِيدُ وَلَمْ يَقُلْ: بِبَدَلِهِ لَا يَكُونُ إقْرَاضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِهِ الْهِبَةَ، وَقَدْ حَكَى فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: كَغَيْرِهِ وَاصْرِفْهُ فِيمَا تُرِيدُ، فَلَوْ قَالَ: خُذْهُ بِبَدَلِهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العبادي]
بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ خُذْ هَذَا بِمِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ كَعِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ عَلَى قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَلِهَذَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَرَدَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ، وَمِثْلُهُ خُذْهُ بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ خُذْهُ بِكَذَا فَهُوَ كِنَايَةٌ هُنَا وَفِي الْبَيْعِ م ر
(قَوْلُهُ خُذْهُ وَاصْرِفَنَّهُ إلَخْ) وَخُذْهُ فَقَطْ لَغْوًا لَا إنْ سَبَقَ: أَعْطِنِي هَذَا فَيَكُونُ هِبَةً، أَوْ أَقْرِضْنِي هَذَا فَيَكُونُ قَرْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ح د. (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) نَعَمْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي نِيَّةِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ عَلَى مَا قِيلَ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ فِي الْهِبَةِ لَا ثَوَابَ فِيهَا، وَإِنْ نَوَاهُ يَرُدُّهُ وَلِلْآخِذِ عَدَمُ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً، وَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ: أَطْعَمْتُك بِعِوَضٍ وَأَنْكَرَ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْمُطْعِمُ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ، وَالظَّاهِرُ يُخَالِفُ مَا ادَّعَاهُ ح ج د. (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ قَرْضًا) أَيْ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ جُزِمَ بِهَذَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ بَدَلِهِ. فَمَا مَعْنَى الْجَزْمِ أَوَّلًا؟ ثُمَّ التَّرَدُّدِ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحَاجَةِ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ خُذْ هَذَا بِمِثْلِ هَذَا) صَرِيحٌ فِي الْقَرْضِ، بِخِلَافِ خُذْهُ بِكَذَا، فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ، وَالْقَرْضُ إنْ نُوِيَ بِهِ الْبَيْعُ كَانَ بَيْعًا، أَوْ الْقَرْضُ كَانَ قَرْضًا، لَكِنْ لَا يَكُونُ كِنَايَةَ قَرْضٍ إلَّا عِنْدَ التَّمَاثُلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَعْنَى الْمِثْلِ وَلَفْظِهِ حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً فِي الْأَوَّلِ صَرِيحًا فِي الثَّانِي، وَإِنَّمَا كَانَ خُذْهُ بِمِثْلِهِ صَرِيحًا لِلنَّصِّ فِيهِ عَلَى مَقْصُودِ الْقَرْضِ، وَهُوَ رَدُّ الْمِثْلِ، وَلَوْ الصُّورِيَّ فَتَمَحَّضَ لِلْقَرْضِ بِخِلَافِ: خُذْهُ بِكَذَا، وَلَوْ كَانَ مِثْلًا.
(قَوْلُهُ خُذْ هَذَا بِمِثْلٍ أَوْ خُذْهُ إلَخْ) فَهُمَا صَرِيحَانِ لَكِنْ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ إنْ نُوِيَ بِهِمَا بَيْعٌ وَقَعَ أَوْ قَرْضٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ وَاجِبَةٌ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةُ الْبَيْعِ حَقِيقِيَّةً، وَيُكْتَفَى هُنَا بِالصُّورِيَّةِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُمَا إنْ نَوَيَا بِمَلَّكْتُك الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِمِثْلِهِ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ تَعَيَّنَ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُمَا، وَإِلَّا كَانَ فِي بِمِثْلِهِ صَرِيحُ قَرْضٍ، وَفِي بِدِرْهَمٍ صَرِيحُ بَيْعٍ عَمَلًا بِالتَّبَادُرِ فِيهِمَا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابَيْنِ وَيَتَخَصَّصُ بِالنِّيَّةِ إنْ وُجِدَتْ، وَإِلَّا فَبِالتَّبَادُرِ وَالْتُزِمَ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ اقْتِضَاءِ النَّظَرِ لَهُ اهـ. بِتَصَرُّفٍ اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ، وَلِذَا أَطْلَقَ م ر أَنَّ خُذْهُ بِمِثْلِهِ صَرِيحٌ فِي الْقَرْضِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ ذَكَرَ أَنَّ م ر قَالَ: إنَّ مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ مِنْ صَرِيحِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِيَّةِ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَرْضِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا اهـ. تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِمِثْلٍ) رَاجِعٌ لِخُذْ هَذَا لِتَوَقُّفِ صَرَاحَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ صَرَاحَتَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ الْمِثْلِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَدَلَ
كَقَوْلِهِ: خُذْهُ بِمِثْلِهِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَاضُ بِهِ وَبِالصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ، (إنْ قَبِلَا) أَيْ: الْمُقْتَرِضُ كَقَوْلِهِ: اقْتَرَضْت أَوْ اسْتَلَفْت أَوْ تَمَلَّكْت أَوْ قَبِلْت كَالْبَيْعِ.
وَظَاهِرٌ أَنْ الِالْتِمَاسَ مِنْ الْمُقْرِضِ كَاقْتَرِضْ مِنِّي يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ، وَمِنْ الْمُقْتَرِضِ كَأَقْرِضْنِي يَقُومُ مَقَامَ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ. (وَمِلْكُ مَا اسْتَقْرَضَهُ) يَحْصُلُ (بِالْقَبْضِ) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ كَالْمَوْهُوبِ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِقَبْضِهِ كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يَضُرَّ ذِكْرُهُ فِي الْكِفَايَةِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَالَ: أَقْرَضْتُك أَلْفًا وَقَبِلَ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ أَقْبَضَهُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ عَلَى الْعَقْدِ حِينَئِذٍ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ.
(ثُمَّ الرُّجُوعُ) لِلْمُقْرِضِ (جَائِزٌ فِي الْقَرْضِ) أَيْ: فِي عَيْنِ الْمُقْرَضِ، وَلَوْ وَجَدَهُ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ تَغْرِيمَ بَدَلِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فَالْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِهِ أَوْلَى، نَعَمْ إنْ بَطَلَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَأَنْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ، فَلَا رُجُوعَ، وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ فَوَجْهَانِ، وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ الرُّجُوعُ وَبِهِ جَزَمَ الْعِمْرَانِيُّ، وَلَوْ نَقَصَ أَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ مَعَ أَرْشِهِ وَزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ.
(وَهُوَ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ مُكِّنَا) أَيْ: وَالْمُقْتَرِضُ يُمَكَّنُ مِنْ رَدِّ عَيْنِ مَا اقْتَرَضَهُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَعَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ، إلَّا إذَا نَقَصَ فَلَهُ قَبُولُهُ مَعَ الْأَرْشِ أَوْ مِثْلِهِ سَلِيمًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَرَدُّ مِثْلٍ) لِمَا اقْتَرَضَهُ (صُورَةً) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَحَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ. (تَعَيَّنَا) عَلَى الْمُقْتَرِضِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَرُوِيَ: وَرَدَّ بَازِلًا وَرُوِيَ وَأَمَرَ بِرَدِّ بَكْرٍ، وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ، وَالرَّبَاعِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، وَالْبَازِلُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ مَا لَهُ ثَمَانُ سِنِينَ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَهُ نَقْدًا فَأَبْطَلَ، فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمِثْلِ صُدِّقَ الْمُقْتَرِضُ.
وَاعْتِبَارُهُمْ مِثْلَ الْمُقْرَضِ صُورَةً مَعَ وَصْفِهِ الْآتِي يَقْتَضِي اعْتِبَارَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي كَحِرْفَةِ الْعَبْدِ وَعَدْوِ الدَّابَّةِ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اُعْتُبِرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةُ الْقِيمَةِ، وَتَرَكَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ رَدَّ الْمِثْلِ حَقِيقَةً لِوُضُوحِهِ، أَوْ يُقَالُ: قَوْلُهُ: صُورَةً يَشْمَلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مِثْلٍ حَقِيقَةً مِثْلٌ صُورَةً مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، (أَمَّا الْأَدَا) لِلشَّيْءِ الْمُقْرَضِ (فِي الْوَصْفِ وَالْوَقْتِ وَفِي مَكَانِهِ فَهْوَ كَمَا) مَرَّ (فِي السَّلَفِ) ، فَلَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ، وَلَا قَبُولُ الْمِثْلِ فِي زَمَنِ النَّهْبِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، وَلَا فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ، إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْتَرِضُ أَوْ كَانَ الْمَكَانُ مَخُوفًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الدَّفْعُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ، إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ (نَعَمْ لِظَافِرٍ) أَيْ لِلْمُقْرِضِ الظَّافِرِ (بِمُسْتَقْرِضِهِ) أَيْ: بِمَنْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ (فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَكَانِ قَرْضِهِ قِيمَةُ أَرْضِ الْقَرْضِ) عَلَيْهِ (يَوْمَ رُؤْيَتِهِ)، يَعْنِي: مُطَالَبَتُهُ، (إنْ لَحِقَتْ مُؤْنَةٌ فِي نُقْلَتِهِ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْمِثْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ.
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِهَا، وَلَيْسَتْ لِلْفُرْقَةِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَا بِمَكَانِ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ، وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْمُقْرِضُ، طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فَيَلْزَمُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) وَفَارَقَ خُذْهُ بِعَشَرَةٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ احْتَمَلَ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ، إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِجَارَةَ أَيْضًا فَاحْتَاجَ لِنِيَّةٍ، وَخُذْهُ بِمِثْلِهِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقَرْضِ فَكَانَ صَرِيحًا فِيهِ إلَخْ ح د. (قَوْلُهُ إنْ قَبِلَا) نَعَمْ الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ كَإِنْفَاقٍ عَلَى لَقِيطٍ مُحْتَاجٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ وَكِسْوَةِ عَارٍ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ ح د. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُهُ كَتَعْلِيلِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الدَّفْعِ عَنْ الْقَرْضِ وَعَدَمِهِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَهُ مُسْتَأْجَرًا فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ) أَوْ يَأْخُذُ مِثْلَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْبَدَلَ حِينَئِذٍ كَانَ لِلْفَيْصُولَةِ (قَوْلُهُ فَلَهُ قَبُولُهُ مَعَ الْأَرْشِ) هَلْ الْخِيرَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْمُقْتَرِضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَحَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ) هُوَ مِثْلُ صُورَةٍ أَيْضًا، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) أَيْ إلَى مَكَانِ الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا) فَيَجُوزُ تَحَمُّلُهَا بِدَفْعِهَا إلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ الِاعْتِيَاضُ، وَهُوَ جَائِزٌ هُنَا (قَوْلُهُ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ) عَلَى أَخْذِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِلَّا كَانَ كِنَايَةً فِي الْقِرَاضِ اهـ. سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْبَضَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّعْيِينُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَيَجُوزُ إيرَادُ الْقَرْضِ عَلَى مَوْصُوفٍ ثُمَّ يُعَيَّنُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ لَكِنْ قُبِلَ طُولُ الْفَصْلِ عُرْفًا اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كِفَايَةِ التَّعْيِينِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عِوَضِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَتَوَسَّعُوا هُنَا فَجَوَّزُوا الْقَبْضَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ عَلَى الْفَوْرِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَهُ مُسْتَأْجَرًا) لَكِنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ لَمَا بَقِيَ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَاقِيًا، فَلَا يُطَالِبُ إلَّا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ) بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي بَدَلِهِ وَالصَّبْرُ إلَى زَوَالِ مَانِعِهِ ق ل. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ بِأَقْرَبِ وَقْتٍ إلَى وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ، كَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَلَا قَبُولُ الْمِثْلِ فِي زَمَنِ النَّهْبِ) وَإِنْ وَجَبَ الْقَبُولُ فِيهِ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ الشَّبِيهِ بِهِ الْقَرْضُ، إذْ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُقْرِضَ مُحْسِنٌ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ ز ي اهـ. ق ل مَعْنًى.
(قَوْلُهُ وَلَا فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ) أَيْ: الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ كَالسَّلَمِ الْحَالِّ فَيَكُونُ
دَفْعُهُ، كَذَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَكَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْمِثْلِ ثَمَّةَ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ بِأَرْضِ الْقَرْضِ
. (وَيَفْسُدُ الْقَرْضُ بِشَرْطٍ يَجْلُبُ نَفْعًا إلَى الْمُقْرِضِ، هَذَا) هُوَ (الْمَذْهَبُ) لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: رضي الله عنه (كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً أَيْ: شُرِطَ فِيهِ مَا يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا) وَرُوِيَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لَكِنْ صَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ رَفْعَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمَنَعَ صِحَّتَهُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ، إذْ لَا أَجَلَ فِي الْقَرْضِ كَالصَّرْفِ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ:«أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» .
وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ يَصِحُّ الْقَرْضُ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ (كَرَدِّ مَا صَحَّ وَرَدِّ الْجَيِّدِ) أَيْ: كَشَرْطِ الْعَاقِدَيْنِ. (فِي الْقَرْضِ) رَدَّ صَحِيحٍ (عَنْ مُكَسَّرٍ وَ) رَدَّ جَيِّدٍ (عَنْ رَدِي أَوْ) رَدَّ (زَائِدٍ فِي الْقَدْرِ) كَأَحَدَ عَشَرَ عَنْ عَشَرَةٍ، (أَوْ) رَدَّ الْمِثْلِ (بَعْدَ مُضِيّ شَهْرٍ وَفِيهِ غَرَضٌ لِلْمُقْرِضِ كَوَقْتِ نَهْبٍ قُلْت:) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، (إنْ كَانَ) الْمُقْتَرِضُ (مَلِيّ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: مَلِيًّا فِي وَقْتِ النَّهْبِ (وَرَدِّهِ لَا فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ) أَيْ: أَوْ كَشَرْطِ رَدِّهِ فِي مَكَان غَيْرِ مَكَانِ الِاقْتِرَاضِ لِيَسْلَمَ مِنْ خَطَرِ الطَّرِيقِ أَوْ مُؤْنَةِ النَّقْلِ، (أَوْ) كَأَنَّ (شَرْطَ) الْمُقْرِضِ فِي الْإِقْرَاضِ (الرَّهْنُ بِدَيْنٍ غَيْرِ ذَا) أَيْ: بِدَيْنٍ آخَرَ لَهُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ أَوْ بِهِمَا مَعًا كَأَنْ يَقُولَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْمِائَةَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ بِهَا وَبِالْمِائَةِ الْقَدِيمَةِ أَوْ بِالْمِائَةِ الْقَدِيمَةِ كَذَا.
(قُلْت) : كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ) الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا بِغَيْرِ شَرْطٍ (أَخَذَا) أَيْ: أَخَذَهُ جَوَازًا بِلَا كَرَاهَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى، وَلَوْ أَقْرَضَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَرَدَّ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْحَاوِي، وَأَسْقَطَهُ النَّاظِمُ مِنْ أَكْثَرِ النُّسَخِ لِوُضُوحِهِ أَوْ لِفَهْمِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ السَّابِقَةِ، وَأَثْبَتَهُ فِي بَعْضِهَا مَعَ زِيَادَةٍ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَقْرَضَا فَرَدَّ فِي قُطْرٍ سِوَاهُ أَوْ قَضَى) أَيْ: أَدَّى (أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَا يُكْرَهُ) رَدُّهُ، وَلَا أَخْذُهُ (بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ: الرَّدُّ (فِي تَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي ذَيْنِ (كِلَا) أَيْ: كِلَيْهِمَا لِخَبَرِ: «خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» نَعَمْ إنْ اقْتَرَضَ لِمَحْجُورِهِ أَوْ لِجِهَةِ وَقْفٍ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ زَائِدٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ رَدِّ الْأَكْثَرِ بَيْنَ الرِّبَوِيَّاتِ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَشْهُورِ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ قَصَدَ إقْرَاضَ الْمَشْهُورِ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ لِأَجْلِهَا، فَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي.
وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ نِكَاحِ مَنْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ إذَا وَطِئَ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَرَاهَةُ هَذَا (وَلَوْ جَرَى شَرْطٌ) يَجُرُّ نَفْعًا لِلْمُقْتَرِضِ (بِأَنْ يَرُدَّا مُكَسَّرًا عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ: صَحِيحٍ (أَوْ أَرْدَا) مِمَّا اقْتَرَضَهُ (أَوْ) أَنْ يَرُدَّ (بَعْدَ يَوْمَيْنِ) مَثَلًا (وَمَا لَهُ) أَيْ: الْمُقْرِضُ (غَرَضْ أَوْ أَنَّهُ يُقْرِضُ) الْمُقْتَرِضَ (غَيْرَ مَا اقْتَرَضْ) مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، (فَالشَّرْطُ دُونَ الْقَرْضِ) فِي ذَلِكَ (ذُو انْتِقَاضِ) أَيْ: ذُو فَسَادٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ الْقَرْضُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ، بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ، وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ وَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا.
وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
الْقِيمَةِ
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر، فَكُلٌّ مِنْ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ دَفْعِ الْمِثْلِيِّ م ر.
ــ
[حاشية الشربيني]
مَحَلُّ التَّسْلِيمِ هُوَ مَحَلُّ الْعَقْدِ إنْ صَلَحَ، وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشٍ.
(قَوْلُهُ إلَى الْمُقْرِضِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَهُ لِوَكِيلِي بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَمِثْلُ نَفْعِ الْمُقْرِضِ نَفْعُ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ مَعًا بِخِلَافِ مَا يَنْفَعُ الْمُقْتَرِضَ فَقَطْ، وَكُلُّ ذَلِكَ إنْ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ، فَلَا فَسَادَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وسم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمِنْهَاجِ الْخِلَافُ فِيمَا جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ، إلَّا فِي الْأَجَلِ وَجَعَلَهُ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ مَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: فَسَدَ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فَلْتُنْظَرْ الرَّوْضَةُ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مَلِيًّا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا لَمْ يَفْسُدْ، وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ حِينَئِذٍ يَجْلُبُ نَفْعًا لَهُمَا فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: غَلَبَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى. اهـ. سم. وَحِينَئِذٍ مَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ اسْتَوَى النَّفْعَانِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى) أَيْ التَّنَزُّهُ عَنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ كَمَا فِي م ر أَوْلَى، فَلَا يُنَافِي نَدْبَ رَدِّ الزَّائِدِ مَعَ الْبَدَلِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا لَهُ غَرَضٌ) يَنْبَغِي أَوْ لَهُ