المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَحَدُهُمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ فَهُوَ لَهُ، - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: أَحَدُهُمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ فَهُوَ لَهُ،

أَحَدُهُمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ فَهُوَ لَهُ، يَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ، وَلَا شَرِكَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَاهُ لَهُمَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ شَرِكَةً فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ قِرَاضٌ فَاسِدٌ، وَمَا حَصَلَ فِي شَرِكَتَيْ الْأَبْدَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ إنْ اكْتَسَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ فَلِكُلٍّ كَسْبُهُ وَإِلَّا قُسِّمَ الْحَاصِلُ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي نَحْوِ الِاحْتِطَابِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِهِ نَفْسَهُ وَصَاحِبَهُ فَإِنَّ قَصْدَهُمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا

(بَابُ الْوَكَالَةِ)

هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ، وَشَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19] ، قَوْلُهُ:{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} [يوسف: 93] وَهَذَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا وَوَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ» وَخَبَرِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقِ «وَقَدْ وَكَّلَ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ

، وَالْحَاجَةُ

دَاعِيَةٌ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا ذَكَرَ سم (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ) هُوَ الْمَذْكُورُ آخِرًا فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ صَوَّرَهَا إلَخْ بِرّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ شَرِكَةً، بَلْ قِرَاضٌ فَاسِدٌ) وَهُوَ كَلَامٌ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ تَصْوِيرِ الْغَزَالِيِّ وَعِلَّةُ فَسَادِ الْقِرَاضِ كَوْنُ الْمَالِ فِي غَيْرِ يَدِ الْعَامِلِ، وَأَمَّا عَلَى تَصْوِيرِ الْغَزَالِيِّ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَالُ غَيْرَ نَقْدٍ فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَيْضًا وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الْمَالِ فِي غَيْرِ يَدِ الْعَامِلِ فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَيْضًا. وَوَجْهُهُ كَوْنُ الْإِذْنِ قَاصِرًا عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ عَامًّا فَهُوَ قِرَاضٌ صَحِيحٌ، أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ رحمه الله بِرّ

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: أَيْ الْأَنْوَاعُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ إلَّا إذَا وُكِّلَ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، أَيْ الشِّرَاءَ لَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ كُنْت تَبِعْت الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الرَّوْضِ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ الْبَاطِلَةِ

وَصَاحِبُ الْأَصْلِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ خَصَّهُ بِبَعْضِ صُوَرِ أَحَدِ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ وَهُوَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ (قَوْله وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ)(تَتِمَّةٌ)

لَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَمَالِكُ الْبَذْرِ وَمَالِكُ آلَةِ الْحَرْثِ مَعَ رَابِعٍ يَعْمَلُ عَلَى أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ وَلَهُمْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُمْ وَإِلَّا فَلَا بِالْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ قَالَ فِي الْقُوتِ: (خَاتِمَةٌ) تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا: لِاثْنَيْنِ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ ثَبَتَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ هَلْ يَتَفَرَّدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ نَصِيبِهِ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ، وَالْكَافِي: إنْ كَانَ إرْثًا، أَوْ نُجُومَ كِتَابَةٍ فَلَا وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمَا شَيْئًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ بَاعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلْ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا؟ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قُلْت الْأَصَحُّ الِانْفِرَادُ، ثُمَّ سَاقَ إشْكَالًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَصِحَّ حَوَالَةُ أَحَدِهِمَا بِنَصِيبِهِ، وَلَا اعْتِيَاضُهُ عَنْهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. اهـ.

(بَابُ الْوَكَالَةِ)

(قَوْلُهُ: وَهَذَا شَرْعُ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعِنَانِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ. اهـ. ق ل مَعَ وُجُودِ بَاقِي شُرُوطِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) هَلْ يَتَوَقَّفُ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَلَى إذْنِهِ فِي الِاحْتِطَابِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشِّرَاءِ؟ رَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ عَنْ ع ش أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمُبَاحَ إذَا وَكَّلَهُ فِيهِ فَيَمْلِكُهُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، أَوْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ، وَالْمُوَكِّلَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا إلَخْ مَا سَيَأْتِي فَهَلْ اشْتِرَاكُهُمَا عَلَى أَنَّ كَسْبَهُمَا بَيْنَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَحْتَطِبَ لَهُ؟ ظَاهِرُ الشَّارِحِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى قَصْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِهِ نَفْسَهُ وَصَاحِبَهُ

[بَابُ الْوَكَالَةِ]

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ) أَيْ لِفِعْلِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَالْمُرَادُ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا، فَالتَّقْدِيرُ مِمَّا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا دَوْرَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ حَجَرٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا مُتَصَوَّرٌ بِوَجْهِ أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ. اهـ. سم عَلَيْهِ. وَقَالَ ق ل إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ قَيْدٌ فِي الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يُقَالُ فِي مِثْلِهِ دَوْرٌ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَجَابَ الْمُحَشِّي بِجَوَابٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ) لَعَلَّ فِي بِمَعْنَى مِنْ الْبَيَانِيَّةِ بَيَانًا لِلْأَمْرِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ عُرْوَةَ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: الضَّمْرِيُّ) بِفَتْحِ الضَّادِ نِسْبَةً إلَى ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرٍ اهـ لب. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ:

، وَالْحَاجَةُ

دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) يُرِيدُ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِيهَا ع ش

ص: 171

إلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ بَلْ قَالَ: الْقَاضِي إنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ وَقَدْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَقَالَ: (فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ الْوَكَالَهْ) أَيْ الْوَكَالَةُ لِكَوْنِهَا إنَابَةً إنَّمَا تَصِحُّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ كَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ وَتَوَابِعِهَا، وَالصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَدِيمِ الْمُخْتَارِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالْهَدْيِ، وَالْعَقِيقَةِ وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا لِأَخْبَارٍ وَرَدَتْ فِي بَعْضِهَا وَإِلْحَاقًا لِبَاقِيهَا بِذَلِكَ، أَوْ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَخَرَجَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ كَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مُبَاشِرَهَا مَقْصُودٌ بِعَيْنِهِ ابْتِلَاءً

. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَقَالَ: (عُقُودِهَا) أَيْ عُقُودُ النِّيَابَةِ أَيْ الْوَكَالَةُ إنَّمَا تَصِحُّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالرَّهْنِ، وَالضَّمَانِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْحَوَالَةِ

وَصِيغَةُ الْوَكِيلِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا

ــ

[حاشية العبادي]

الصَّحِيحُ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّهَا)، أَيْ قَبُولُهَا وَكَذَا إيجَابُهَا إنْ لَمْ يُرِدْ حَظَّ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ الْقَبُولِ الْمَنْدُوبِ عَلَيْهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) هَذَا الْحَصْرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا أَعَمُّ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ وَكِيلًا وَلِذَا لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ فِي هَذَا الضَّبْطِ دَوْرًا أَيْ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْأَعَمِّ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا وَمِنْهُمْ الْآمِدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ: يَجُوزُ عِنْدَنَا دُخُولُ النِّيَابَةِ فِيمَا كُلِّفَ بِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْبَدَنِيَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوهُ مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ إنَّمَا كَانَ لِقَهْرِ النَّفْسِ وَكَسْرِهَا وَالنِّيَابَةُ تَأْبَى ذَلِكَ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهَا لَا تَأْبَاهُ لِمَا فِيهَا مِنْ بَذْلِ الْمُؤْنَةِ، أَوْ تَحَمُّلِ الْمِنَّةِ اهـ مَا قَالَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْجَوَازِ، أَيْ الْإِمْكَانِ وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي الْوُقُوعِ فَقَوْلُهُمْ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْ الشَّارِعِ هُوَ مَنْعُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا عِنْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ يُشْكِلُ تَعْلِيلُ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُوَافِقُ تَعْلِيلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِالْمَنْعِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الشَّارِعَ أَرَادَ ابْتِلَاءَ الْمُكَلَّفِ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافُ ذَلِكَ مُمْكِنًا عِنْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ بِالنَّظَرِ لِلْجُمْلَةِ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: سَائِرُ الْعِبَادَاتِ)، أَيْ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: كَالطَّهَارَةِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَغْسِلَ أَحَدَ أَعْضَاءِ نَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ وَأَمَّا غَسْلُهُ أَعْضَاءَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ فِي الطَّهَارَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ: كَالطَّهَارَةِ) فَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) وَهُوَ مَا لَا مُبَاشِرَ لَهُ يُقْصَدُ بِعَيْنِهِ وَإِذَا عُلِمَ قَابِلُ النِّيَابَةِ بِهَذَا فَلَا دَوْرَ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ) نَقَلَ فِي الْبَحْرِ تَفْصِيلًا عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ فَقَالَ: الْعِبَادَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً، أَوْ مَقْصِدًا فَإِنْ كَانَتْ وَسِيلَةً فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً تَبْعُدُ عَنْ الْعِبَادَةِ جِدًّا، أَوْ تَقْرُبُ مِنْهَا جِدًّا كَتَحْصِيلِ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَالصَّبِّ عَلَيْهِ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ تَقْرُبُ مِنْهَا جِدًّا فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا الْقَصْدُ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ كَتَوْضِئَةِ الْغَيْرِ لَهُ وَتَغْسِيلِهِ فَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ. وَإِنْ اُعْتُبِرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَنِيًّا مَحْضًا، أَوْ مَالِيًّا مَحْضًا، أَوْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ امْتَنَعَتْ النِّيَابَةُ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ وَكَذَا الصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالِيًّا مَحْضًا كَالزَّكَاةِ دَخَلَتْ النِّيَابَةُ فِي تَفْرِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْوَسِيلَةَ إذْ الْمَالُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا كَالْحَجِّ جَازَ عِنْدَ الْيَأْسِ، وَالْمَوْتِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْفِقْهِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَتَغْسِيلِهِ لَهُ أَيْ لِلْحَيِّ أَمَّا غُسْلُ الْمَيِّتِ فَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ يَقَعُ عَنْ فَاعِلِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ التَّوْكِيلِ فِيهِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ بِأَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ سَوَّغَ وُقُوعَهُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِثْلُ غُسْلِهِ بَاقِي خِصَالِ التَّجْهِيزِ كَمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ م ر وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ) أَيْ الْمَحْضَةِ فَلَا يَجُوزُ شَرْعًا النِّيَابَةُ فِيهَا إلَّا فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ وَالصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ. أَمَّا الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ فَقَالَ ابْنُ بُرْهَانَ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا جَوَازُ النِّيَابَةِ فِي التَّكَالِيفِ، وَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ عَقْلًا وَمَنَعَهَا الْمُعْتَزِلَةُ

ص: 172

فِي الْمَطْلَبِ جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك، أَوْ مُوصِيًا لَك بِكَذَا، أَوْ أَجَّلْتُك بِمَا لَك عَلَيْهِ مِنْ كَذَا بِنَظِيرِهِ مِمَّا لَهُ عَلَى فُلَانٍ (وَ) مِنْ (الْفَسْخِ كَالْإِقَالَهْ) ، وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ، وَالْمُرَادُ الْفَسْخُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ عَلَى الْفَوْرِ وَحَصَلَ عُذْرٌ لَا يُعَدُّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ تَقْصِيرًا، وَالتَّمْثِيلُ بِالْإِقَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَوَكَّلَ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ، أَوْ بِفَسْخِ مَا زَادَ عَلَيْهِنَّ، أَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَوَكَّلَ بِالتَّعْيِينِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لِلْوَكِيلِ اللَّاتِي يَخْتَارُهُنَّ لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ، وَاَلَّتِي يَخْتَارُهَا لِلطَّلَاقِ، أَوْ الْعِتْقِ

(وَ) مِنْ (قَبْضِ حَقٍّ) عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ زَكَاةً وَمِنْ إقْبَاضِ الْحَقِّ إنْ كَانَ دَيْنًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَيْنًا، قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي قَالَ:؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُوَكِّلِ فِيهَا فَلَوْ سَلَّمَهُمَا لِوَكِيلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ مُفَرِّطًا لَكِنَّهَا إذَا وَصَلَتْ إلَى يَدِ مَالِكِهَا خَرَجَ الْمُوَكِّلُ عَنْ عُهْدَتِهَا.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ (وَ) مِنْ قَبْضِ (عِقَابٍ) أَيْ اسْتِيفَائِهِ وَلَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» وَفِي غَيْرِهَا «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ كَمَا سَيُعْلَمُ فِي مَحَلِّهِمَا (وَقَبْضْ) أَيْ الْعِقَابَ أَيْ اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيلُ (وَلَوْ بِغَيْبَةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ (وَإِنْ عَفْوَ فُرِضْ) أَيْ وَإِنْ اُحْتُمِلَ عَفْوُهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ كَاحْتِمَالِ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ فِي غَيْبَتِهِمْ (وَمِلْكِ مَا يُبَاحُ) أَيْ وَمَنْ تَمَلَّكَ الْمُبَاحَ كَاحْتِطَابٍ وَاسْتِقَاءٍ وَإِحْيَاءِ مَوَاتٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ فَيَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الِالْتِقَاطِ صِحَّةُ

ــ

[حاشية العبادي]

يَصِحُّ أَنْ يَتَطَهَّرَ عَنْ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: لَا يُعَدُّ بِهِ)، أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لِلْوَكِيلِ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ رَجُلًا فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى فِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ مَعَ التَّعْيِينِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: قَبْضِ حَقٍّ) يُسْتَثْنَى عِوَضُ الصَّرْفِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَيْبًا)، أَيْ وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا بِنَفْسِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ إلَخْ) سَبَبُ التَّوَقُّفِ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ يَحْمِلُ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ إلَى الْحِرْزِ، وَقَوْلُهُ:" فِي إطْلَاقِ " كَأَنَّهُ يُرِيدُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا يَلِيقُ بِهِ حَمْلُهُ وَبَيْنَ مَا لَا يَلِيقُ، أَوْ بَيْنَ الثَّقِيلِ وَالْخَفِيفِ بِرّ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: بِجَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ إلَخْ

الْوَجْهُ جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ يَحْمِلُهَا مَعَهُ كَالْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ قِصَّةِ مَاعِزٍ (قَوْلُهُ: كَاحْتِطَابٍ وَاسْتِقَاءٍ) يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِذَلِكَ أَيْضًا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَسَاعَدَهُمْ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ مَعْلُولُ الطَّاعَةِ، وَالْعِقَابَ مَعْلُولُ الْمَعْصِيَةِ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَنَا الثَّوَابُ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ، وَالْعِقَابُ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ أَمَارَةٌ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَعْصِيَةُ. أَمَّا الْبَدَنِيُّ، وَالْمَالِيُّ كَالْحَجِّ وَمَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَالِيِّ كَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ فَيَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ شَرْعًا إجْمَاعًا وَكَذَا الْوَسِيلَةُ إلَى الْبَدَنِيِّ كَتَوْضِئَةِ الْغَيْرِ وَتَغْسِيلِهِ فَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ إجْمَاعًا أَيْضًا. اهـ. بَحْرٌ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُصُولِ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْفَسْخِ كَالْإِقَالَةِ) أَيْ وَمِنْ الْفَسْخِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّهْوَةِ كَالْإِقَالَةِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) لِتَعَلُّقِهِ بِالشَّهْوَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَكَاةً) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: يَجُوزُ تَوْكِيلُ مُسْتَحِقٍّ فِي قَبْضِ زَكَاةٍ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّهَا فَيَمْلِكُهَا الْمُوَكِّلُ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ إنْ نَوَى الدَّافِعُ وَالْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ، أَوْ نَوَاهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَنْوِ الدَّافِعُ شَيْئًا فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ وَالدَّافِعُ مُوَكِّلَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّ الْمَالِكَ قَصَدَ غَيْرَهُ، وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِهِ لَا بِقَصْدِ الْآخِذِ وَأَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِانْعِزَالِ وَكِيلِهِ بِقَصْدِهِ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ الدَّافِعُ الْوَكِيلَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْوَكِيلُ شَيْئًا مَلَكَهُ، أَوْ قَصَدَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَصْدِهِ الْمُوَكِّلَ صَرَفَ الْقَبْضَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّةُ الدَّافِعِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَيْثُ لَمْ يَصْرِفْهُ الْآخِذُ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ صَرَفَ الْمَالِكَ الدَّافِعَ عَنْهُ بِقَصْدِهِ الْوَكِيلَ فَلَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ اهـ قَالَ سم: وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ قَصَدَ الدَّافِعُ الْمُوَكِّلَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْوَكِيلُ شَيْئًا وَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَحَدًا، وَالْوَجْهُ فِي الثَّانِيَةِ مِلْكُ الْوَكِيلِ وَفِي الْأُولَى مِلْكُ الْمُوَكِّلِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَيْنًا) أَيْ مَغْصُوبَةً، أَوْ مُودَعَةً، أَوْ مُؤَجَّرَةً فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْ نَحْوِ الْوَدِيعِ، وَالْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرَّدِّ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ أَهْلِ الْمَالِكِ لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ، وَالْعَيْنُ مَضْمُونَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَمُوَكِّلِهِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْوَكِيلِ فِي نَحْوِ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ. اهـ. ع ش مَعْنًى (قَوْلُهُ: فِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ جَوَازِ التَّسْلِيمِ لِغَيْرِ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ تَسْلِيمَهَا لِلْغَيْرِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَانَةِ وَقِيَاسُ الْوَدِيعَةِ الْجَوَازُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادَ الشَّارِحِ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي مَحَلِّهِ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَرَفَتْ) أَيْ بَقِيَتْ عَلَى اعْتِرَافِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَكَّلَ إنْسَانًا فِي إثْبَاتِ الْحَدِّ بِاعْتِرَافِهَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الدَّرْءِ مَا لَمْ يَكُنْ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ آخَرَ، وَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ وَلَوْ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ أَثْبَت حُدَّ فَإِثْبَاتُهُ تَبَعٌ، وَالْقَصْدُ بِالذَّاتِ دَرْءُ حَدِّ الْقَذْفِ التَّوْكِيلَ فِي إثْبَاتِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ اهـ مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ

، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَ هَذَا الْأَخِيرَ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ) أَيْ

ص: 173

التَّوْكِيلِ فِيهِ.

وَحَكَاهُ فِيهَا هُنَا عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بَحْثًا لَكِنْ قَالَ: الْأَقْوَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ انْتَهَى وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ، وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَ) مِنْ (الْخِصَامِ) مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَضِيَ الْخَصْمُ أَوْ لَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ أَمْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْكِيلٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَيُمْكِنُ مِنْهُ كَالتَّوْكِيلِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ

(لَا إثْمٍ) أَيْ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ لَا فِي الْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ، وَالْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَخْتَصُّ بِمُرْتَكِبِهَا (وَ) لَا فِي (إثْبَاتِ حُدُودِ) وَتَعَازِيرِ (ذِي الْعُلَا) جَلَّ وَعَلَا لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ الْخِصَامِ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، نَعَمْ قَدْ يَقَعُ إثْبَاتُ الْحَدِّ بِالْوَكَالَةِ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ آخَرَ فَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَبِدُونِهَا فَإِذَا أَثْبَتَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (وَلَا) فِي (شَهَادَةٍ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَبُولٍ؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ لِلْوَكِيلِ وَهَذَا غَيْرُ تَحَمُّلِهَا الْجَائِزِ بِاسْتِرْعَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(وَ) لَا فِي (إقْرَارٍ) بِأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولَ الْوَكِيلُ: أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا، أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ (وَلَا تَجْعَلْ بِهِ مُقِرًّا الْمُوَكِّلَا) أَيْ وَلَا تَجْعَلْ أَنْتَ الْمُوَكِّلَ بِتَوْكِيلِهِ بِالْإِقْرَارِ مُقِرًّا كَمَا لَا تَجْعَلُهُ مُقِرًّا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَكَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً وَهَذَا مَا حَكَى الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَحَكَى مُقَابِلَهُ عَنْ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ.

(وَلَا) فِي (يَمِينٍ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِتَعَلُّقِ حُكْمِهَا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمِنْ الْأَيْمَانِ إيلَاؤُهُ وَكَلِمُ اللِّعَانِ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِمَا (كَالنَّذْرِ، وَالظِّهَارِ، وَالتَّعْلِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْيَمِينِ لِتَعَلُّقِهَا بِأَلْفَاظٍ وَخَصَائِصَ كَالْيَمِينِ وَحُكْمُ الْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا إثْمَ

قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ فِي الظِّهَارِ أَنْ يَقُولَ: أَنْت عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ، أَوْ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْك قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ: مُوَكِّلِي يَقُولُ أَنْتِ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ انْتَهَى. وَمَا ادَّعَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ، وَالْحَاوِي (أَرَادَ) بِالتَّعْلِيقِ التَّعْلِيقَ (فِي الْإِعْتَاقِ، وَالتَّطْلِيقِ) فَقَدْ قَيَّدَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ: إلَخْ) جَمَعَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْتِقَاطِ الْمُعَيَّنِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ م ر

(قَوْلُهُ: لَا إثْمَ) لَوْ وَكَّلَ فِي بَيْعٍ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، أَوْ فِي طَلَاقٍ فِي حَيْضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ فِي الْخَادِمِ الصِّحَّةُ قَالَ: الْجَوْجَرِيُّ لَكِنَّ مَرْجِعَ التَّوْكِيلِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ لَا نَفْسُ الْمَعْصِيَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ بِرّ (قَوْلُهُ: إثْبَاتِ حُدُودٍ) خَرَجَ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْذِفَ) مِنْ صُورَهْ أَيْضًا: دَعْوَى فِسْقِ الشَّاهِدِ وَالتَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا) حَيْثُ لَا يَكْفِي عَنْ لَفْظِ أَشْهَدُ مَا بِمَعْنَاهُ نَحْوُ: أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ مُقَابِلُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: صَاحِبُ التَّعْجِيزِ) يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَالظِّهَارُ) اسْتَبْعَدَ الْبُلْقِينِيُّ الْخِلَافَ فِي الظِّهَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً، فِيهِ مَا يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ، وَالْبَيْعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ: كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيَخْرُجُ مِنْهُ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَحُكْمُ الْآيَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقِ) مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْلِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَفِدْ التَّعْلِيقَ مَعَ التَّوْكِيلِ فَمَعَ الْإِطْلَاقِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَفِيدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقِ) وَقِيلَ: يَجُوزُ، قَالَ الشَّارِحُ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِهِ فِي الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ، وَفِيهِمَا التَّعْلِيقُ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَتَعْلِيقِ الْوِصَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، أَوْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ، وَالْمُوَكِّلُ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِأُجْرَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ: احْتَطِبْ لِي هَذِهِ الْحُزْمَةَ الْحَطَبَ مَثَلًا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ: احْتَطِبْ لِي حُزْمَةَ حَطَبٍ بِكَذَا فَاحْتَطَبَهَا وَقَصَدَ نَفْسَهُ وَقَعَتْ لَهُ، وَكَانَ عَمَلُ الْإِجَارَةِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ فَيَحْتَطِبُ غَيْرَهَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا " وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ " مَا لَوْ عَنَّ لَهُ قَصْدُ نَفْسِهِ بَعْدَ قَصْدِ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُهُ مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: تَحَمَّلَهَا) وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ بَلْ الْحَاجَةُ جَعَلَتْ الشَّاهِدَ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا تَجْعَلُهُ إلَخْ) بَلْ إنَّمَا يَكُونُ مُقِرًّا بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لِإِشْعَارِهِ إلَخْ) إذْ هُوَ إخْبَارٌ وَبِهِ فَارَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْإِبْرَاءِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَيْمَانِ إيلَاؤُهُ) يُفِيدُ أَنَّ صُورَةَ الْإِيلَاءِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا يَطَؤُك مُوَكِّلِي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ عَنْ ظِهَارِ الْمُوَكِّلِ لَا فِي نَفْسِ الظِّهَارِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ:

ص: 174

بِهِ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَا بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهِ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَزْمِ الْجُمْهُورِ،، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِيهِ أَوْجُهًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقَطْعِيٍّ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّهُ يَمِينٌ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ.

وَالتَّدْبِيرُ كَالتَّعْلِيقِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: قَالَ: الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُعَلَّقًا وَمُدَبَّرًا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَتَعْلِيقِ الْوِصَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ

(يُعْلَمُ) أَيْ الْوَكَالَةُ إنَّمَا تَصِحُّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ حَيْثُ يُعْلَمُ (مِنْ وَجْهٍ يُقِلُّ الْغَرَرَا) وَأَوْضَحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لَمْ أَعْنِ) عِلْمَهُ (مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ) ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْوَكَالَةِ لِلْحَاجَةِ يَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ فِيهِ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا، أَوْ حَيَوَانًا، أَوْ بِعْ بَعْضَ مَالِي، أَوْ سَهْمًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا لَا ضَرُورَةَ إلَى احْتِمَالِهِ وَمَثَّلَ لِمَا يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ بِقَوْلِهِ (كَشِرَا عَبْدٍ إذَا نَوْعًا) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ (وَصِنْفًا) كَخَطَّائِيٍّ وَقُفْجَاقِيٍّ (عَيَّنَا) أَيْ إذَا عَيَّنَ نَوْعَهُ وَصِنْفَهُ كَتُرْكِيٍّ خَطَّائِيٍّ (أَوْ نَوْعَهُ وَثَمَنًا) لَهُ كَتُرْكِيٍّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ مُخْتَلِفَةٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ ذِكْرُ الصِّنْفِ، أَوْ الثَّمَنِ إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ عَلَى أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِذِكْرِ الثَّمَنِ عَنْ الصِّنْفِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.

أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَذَا هُنَا) أَيْ فِي الْحَاوِي تَبَعًا لِلْوَجِيزِ،

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ عَنْهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ الصِّنْفِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الثَّمَنِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ، أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ وَأَصَحُّهُمَا: لَا إذْ تَعَلُّقُ الْغَرَضِ بِعَبْدٍ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ نَفِيسًا، أَوْ خَسِيسًا غَيْرُ بَعِيدٍ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ يَكْفِي: اشْتَرِ مَا شِئْت مِنْ الْعُرُوضِ، أَوْ مَا فِيهِ حَظٌّ كَالْقِرَاضِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، لَكِنْ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: إنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ كَمَا قَالَ: فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي تَتِمَّتِهِ وَقَالَ إنَّ مَذْهَبَنَا بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ الْخَاصَّةَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرِ عَبْدًا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا مَا يَنْفِي الْجَهَالَةَ فَكَيْفَ بِالْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ؟ لَكِنَّهُ فِي ذَلِكَ جَارٍ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْقِرَاضِ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِطْلَاقِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِ هُنَا مَا يُفْهِمُ مُوَافَقَةَ غَيْرِهِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ

(وَقَدْرُ مُبْرَإٍ) أَيْ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي الْإِبْرَاءِ حَيْثُ يُعْلَمُ قَدْرُ الْمُبْرَإِ مِنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا م ر (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ: وَأَوْضَحَهُ مِنْ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: أَوْضَحَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: عُلِمَ أَيْ يَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ فِي عِلْمِهِ وَعَدَمَ التَّضْيِيقِ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِجَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَهُ قَوْلُهُ: تَجْوِيزُ الْوَكَالَةِ، أَيْ يَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ فِي التَّجْوِيزِ وَعَدَمَ تَخْصِيصِهِ بِالْمَعْلُومِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَهُ: قَابِلُ النِّيَابَةِ (قَوْلُهُ: كَشِرَاءِ عَبْدٍ) عَبَّرَ الرَّوْضُ بِالرَّقِيقِ وَبَيَّنَ اشْتِرَاطَ ذِكْرِ الذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ: ذِكْرُهُ) أَيْ الثَّمَنَ وَأَصَحُّهُمَا: لَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ لَا يُشْتَرَطُ، وَأَمَّا بَيَانُ الصِّنْفِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ لَمْ يَجِبْ التَّعَرُّضُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يُعْلَمُ قَدْرُ الْمُبَرَّإِ مِنْهُ) ، أَيْ عِنْدَ التَّوْكِيلِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِبْرَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِ تَمَكُّنِ الْمُوَكِّلِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وَكَّلَ فِيهِ فِي صِحَّةِ تَوْكِيلِهِ وَإِذَا جَهِلَ قَدْرَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ غَيْرَهُ فِيهِ بَلْ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ سم.

(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ بِعْ بَعْضَ مَالِي) أَيْ لِجَهَالَتِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ: بِعْ مَا شِئْت مِنْ مَالِي كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ مَالِهِ مَا يَرَى قَالَ فِي الْحَاوِي: لَا يَصِحُّ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: إذَا نَوْعًا) وَكَذَا الصِّفَةُ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَصَحُّهَا لَا) وَيَنْزِلُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِهِ بِمَا شِئْت، أَوْ بِمَا شِئْت مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أَكْثَرَ نَقَلَهُ سم عَنْ شَيْخِهِ عَنْ السُّبْكِيّ وَتَوَقَّفَ فِي الْأَخِيرِ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَسَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ فِي: بِعْ بِمَا شِئْت جَوَازُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ. قَالَ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَ الشِّرَاءُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَأَصَحُّهُمَا لَا) نَعَمْ يُرَاعَى حَالُ الْمُوَكِّلِ وَمَا يَلِيقُ بِهِ تُحْفَةٌ وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي اشْتَرِ مَا شِئْت) لَكِنْ لَوْ غَلَبَ فِي مَحَلِّ التِّجَارَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا الْمُوَكِّلُ الرِّبْحُ فِي شَيْءٍ دُونَ غَيْرِهِ تَعَيَّنَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَحَظَّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّصَرُّفُ بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْمُوَكِّلِ لَهُ اكْتِفَاءً بِهَذَا الْإِلْزَامِ الشَّرْعِيِّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: عَمَّا يُسَمَّى إلَخْ) أَيْ عَنْ أَقَلِّ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ، كَذَا فِي ع ش وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ سم بِقَوْلِهِ: مَا ضَابِطُ أَقَلِّ شَيْءٍ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ

ص: 175

(لِذِي التَّوْكِيلِ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ دَفْعًا لِلْغَرَرِ دُونَ الْوَكِيلِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ قَالَ: أَبْرِئْهُ عَنْ دَيْنِي أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّهِ وَيَجُوزُ عَنْ بَعْضِهِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ مَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِتَضَمُّنِ التَّشْقِيصِ فِيهِ الضَّرَرَ إذْ لَا يُرْغَبُ عَادَةً فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ، نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ صَحَّ قَطْعًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرٍ يُقْطَعُ فِي الْعَادَةِ بِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي الْبَاقِي بِهِ وَلَوْ قَالَ: أَبْرِئْهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ أَبْرَأَهُ عَمَّا يُسَمَّى شَيْئًا، أَوْ عَمَّا شِئْت أَبْقَى شَيْئًا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْمُبْرَإِ إذَا كَانَ جَمِيعُ الدَّيْنِ مَعْلُومًا (وَمَا بِهِ ذَا بَاعَ) أَيْ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مَتَاعَهُ بِقَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ مَثَلًا مَتَاعَهُ حَيْثُ يُعْلَمُ قَدْرُ مَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ (لِلْوَكِيلِ) لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِبْرَاءِ إذْ لَا عُهْدَةَ فِيهِ، فَقَوْلُهُ: قَدْرُ مُبْرَإٍ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ يُعْلَمُ.

قَوْلُهُ: مَا بِهِ ذَا بَاعَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُبْرَإٍ وَكُلٌّ مِنْ قَوْلِهِ لِذِي التَّوْكِيلِ وَقَوْلُهُ لِلْوَكِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِيُعْلَمُ

(وَ) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ (بِخُصُومَاتِ خُصُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ تَعْيِينٌ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لَهُمْ وَلَا لَهَا؛ لِأَنَّهَا بِانْحِصَارِ وَكَالَتِهِ فِيهَا مَعْلُومَةٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَمَا) أَيْ وَتَصِحُّ بِمَا (يَمْلِكُ مِنْ عِتْقٍ) لِأَرِقَّائِهِ (وَتَطْلِيقٍ) لِزَوْجَاتٍ (وَبَيْعٍ) لِأَمْوَالِهِ لِذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْ بِمَا شِئْت مِنْ مَالِي، أَوْ اقْبِضْ مَا شِئْت مِنْ دُيُونِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مَنْ شَاءَ جَازَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْ مَنْ شِئْت مِنْ عَبِيدِي لَا يَبِيعُ جَمِيعَهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ مَالِهِ مَا يَرَى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ:

ــ

[حاشية العبادي]

شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ م ر وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ بِمَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ مَتَاعَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ مَا بَاعَ بِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادِرِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لِذِي التَّوْكِيلِ) صِلَةُ يُعْلَمُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ فِيهِ) حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: أَوْ غَيْرُهُ إشْعَارٌ بِعَدَمِ إطْلَاقِ هَذَا الْحُكْمِ فَلْيُحَرَّرْ ضَابِطُهُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّشْقِيصِ الْمُضِرِّ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدَيْنِ جَازَ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا، أَوْ حَبٍّ، أَوْ دُهْنٍ لَا يَنْقُصُهُ التَّشْقِيصُ جَازَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَمَّا يُسَمَّى شَيْئًا) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، أَيْ عَنْ أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ فَيُفَارِقُ مَا بَعْدَهُ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: الْأَقَلُّ لَا ضَابِطَ لَهُ فِيمَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَمَا بِهِ إذَا بَاعَ لِلْوَكِيلِ) قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ هَذَا بِكَوْنِهِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ بَلْ يَكْفِي عِلْمٌ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّوْكِيلِ كَوْنُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ وَهُوَ حَاصِلٌ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ الْقَدْرَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ، وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَيَكْفِي حُصُولُهُ عِنْدَهُ وَبَعْضُهُمْ اشْتَرَطَ الْعِلْمَ بِقَدْرِهِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمَتْنِ قَدْ يَقْتَضِيه، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ شَرْطَ الْوَكِيلِ تَمَكُّنُهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ مُتَمَكِّنًا إلَّا عِنْدَ الْعِلْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِلْوَكِيلِ) صِلَةُ يُعْلَمُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: لَهُمْ) ، أَيْ الْخُصُومِ وَلَا لَهَا، أَيْ الْخُصُومَاتِ (قَوْلُهُ: لَا يَبِيعُ جَمِيعَهُمْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ: بِعْ مَا شِئْت مِنْ مَالِي وَاقْبِضْ مَا شِئْت مِنْ دُيُونِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَا يَأْتِي الْوَكِيلُ بِالْجَمِيعِ، وَمِثْلُهُ: طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْقَاضِي، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ: وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ مَنْ شَاءَتْ الطَّلَاقَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي هَذِهِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ فَلَا يَصْدُقُ مَشِيئَةُ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى أَيُّ امْرَأَةٍ شَاءَتْ مِنْهُنَّ الطَّلَاقَ طَلِّقْهَا، بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْوَكِيلِ، فَصَدَقَتْ مَشِيئَتُهُ فِيمَا لَا يَسْتَوْعِبُ الْجَمِيعَ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَشِيئَتِهِ فِيمَا يَسْتَوْعِبُهُ احْتِيَاطًا اهـ.

وَلَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا، أَوْ ذَاكَ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ: أَحَدَ عَبِيدِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَقْدِ وَإِنْ جَهِلَهُ حَالَ الْوَكَالَةِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ إلَخْ) وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى شَرْطِ عِلْمِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِلْوَكِيلِ وَكَذَا عِلْمُ قَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَخْ) وَلَوْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ بِالْوَكَالَةِ فَلِلْوَكِيلِ مُخَاصَمَتُهُ لَكِنْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْوَكَالَةِ، وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ، وَفَائِدَةُ جَوَازِ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ جَوَازِ الِامْتِنَاعِ فِيهَا إلْزَامُ الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ لَا دَفْعُهُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُجِيبُ لِلْمُخَاصَمَةِ فَيَلْزَمُ الْحَقُّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِلْوَكِيلِ بِدُونِ إثْبَاتِ وَكَالَتِهِ.

وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ لَا يَحْتَاجُ فِي إلْزَامِ الْخَصْمِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ إلَى إعَادَةِ الدَّعْوَى بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهَا فَلَا يُخَاصِمُهُ لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ لَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَلَوْ بِدُونِ

ص: 176

لَا يَصِحُّ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ انْتَهَى

(دُونَ مَا كُلِّ) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ دُونَ وَكَالَتِهِ بِكُلٍّ (قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ)، أَوْ بِكُلِّ أُمُورِهِ فَلَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ (مُبْهَمَا) مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ (كَمَنْ بِفِعْلِ مَا يَشَاءُ آثَرَهْ) أَيْ كَمَنْ آثَرَهُ بِمَعْنَى وَكَّلَهُ بِفِعْلِ مَا يَشَاءُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: تَصَرَّفْ فِي مَالِي كَيْفَ شِئْت فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا قُلْنَا، قَوْلُهُ: مُبْهَمًا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمُوَكِّلِ فَقَالَ:(مِنْ مُتَمَكِّنٍ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مِنْ مُتَمَكِّنٍ (مِنْ الْمُبَاشَرَهْ) لِمَا يُوَكِّلُ فِيهِ بِمِلْكٍ، أَوْ وِلَايَةٍ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَلَا مِنْ فَاسِقٍ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا غَيْرُ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ مُوَلِّيَتُهُ فِي النِّكَاحِ وَنَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ لَا يُوَكِّلُ بِهِ.

وَالظَّافِرُ بِحَقِّهِ لَا يُوَكِّلُ بِكَسْرِ الْبَابِ، أَوْ نَحْوِهِ وَأَخْذِ حَقِّهِ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالْوَكِيلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَا الْوَصِيُّ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ، وَالسَّفِيهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ بِهِ فَإِنَّ حَجْرَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ وَكَذَا الْعَبْدُ، وَالْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ (كَغَيْرِ مَنْ يُجْبِرُ) أَيْ كَوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْبَرٍ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا (فِي النِّكَاحِ) لِمُوَلِّيَتِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ تَأْذَنْ) لَهُ (بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ أَمَّا الْمُجْبَرُ فَلَهُ النِّكَاحُ، وَالتَّوْكِيلُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْبِيرُهُ بِغَيْرِ الْمُجْبَرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْأَخِ (وَكَالْوَكِيلِ إنْ أَذِنْ، وَبِقَرِينَةٍ كَقَدْرٍ عَنْهُ يَعْجِزُ) أَيْ وَكَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُوَكَّلُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ كَعَجْزِهِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا وَكَّلَهُ فِيهِ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ فَيُوَكِّلُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَكَكَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَمْرًا لَا يُحْسِنُهُ الْوَكِيلُ، أَوْ لَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ عَبْدِي فَيَصِحُّ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَجِدْ مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ، أَوْ لِلْإِبْهَامِ بِخِلَافِ الْأَحَدِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ اهـ وَفِي الْعُبَابِ: وَفِي الطَّلَاقِ، أَيْ: وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ أَبْهَمَ لِأَحَدِهِمَا. اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْت أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ دَارِي لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِبْهَامَ فِي الْوَكِيلِ أَضَرُّ إذْ قَدْ يَتَصَرَّفَانِ وَلَا يُعْلَمُ السَّابِقُ، أَوْ يَتَنَازَعَانِ فِيهِ وَذَلِكَ قَدْ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ لَكِنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى أَيِّ امْرَأَةٍ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْمَعْنَى لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ) ، أَيْ وَلَا يَهَبُ الْجَمِيعَ

(قَوْلُهُ: دُونَ مَا كُلِّ إلَخْ) فِي شَرْحٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي نَحْوِ كُلِّ أُمُورِي وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا زِدْته فِيمَا مَرَّ، أَيْ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمَا يَمْلِكُهُ بِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِهِ هُنَا لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلَّ مُسْلَمٍ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.

وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَشَدُّ وَأَضَرُّ مِنْهُ فِي الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قِيلَ: هَذِهِ الصُّوَرُ لَا تَرِدُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِلصِّحَّةِ التَّمَكُّنَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ بَلْ هَذَا نَظِيرُ قَوْلِنَا لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ إلَّا حَيَوَانًا.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ إنْسَانٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ أَيْضًا أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، نَعَمْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْفُقَهَاءِ تَحْرِيرُ الْأَحْكَامِ الْمُتَوَقَّفِ عَلَى ذِكْرِ جَمِيعِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَكَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ تِلْكَ أَنَّ مَا يُذْكَرُ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ هُوَ جَمِيعُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِيَتَحَرَّرَ الْحُكْمُ بِتَحْرِيرِ شُرُوطِهِ وَلِيَنْدَفِعَ مَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ جَمِيعُ مَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَحْصُلُ الْوُقُوعُ فِي الْغَلَطِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَطِيفٌ وَلِلَّهِ دَرُّهُمْ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُجْبَرِ) بِخِلَافِ الْمُجْبَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ) وَمِثْلُهُ الْقَيِّمُ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، لَهُمَا التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالنِّكَاحِ وَلَاقَ بِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الصَّنِيعِ وَلَيْسَ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ م ر (قَوْلُهُ: وَالتَّوْكِيل فِيهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ وَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَكَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ) عَطْفٌ عَلَى عَجُزِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُطِيقُهُ فَعَجَزَ عَنْهُ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُوَكَّلْ فِيهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ عِنْدَ

ــ

[حاشية الشربيني]

نَصْبِ مُسَخَّرٍ وَلَوْ بِدُونِ تَقَدُّمِ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَى الْوَكِيلِ قَبْلَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ ظَانًّا أَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى. قَالَ الْقَاضِي: وَلَعَلَّ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَرَّرَ قَبْلَهُ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ إثْبَاتِ الدَّعْوَى قَبْلَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ: أَنَّ ذَاكَ عِنْدَ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَدَّعِي بِالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِكُلِّ أُمُورِهِ) مِثْلُهُ بِبَعْضِ أُمُورِهِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قِيلَ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا لَيْسَ قَاعِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ صَارَ كَالْقَاعِدَةِ الْقَائِلَةِ كُلُّ مَا جَازَ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ وَبِالْعَكْسِ اهـ وَصَيْرُورَتُهُ كَالْقَاعِدَةِ لَا يَتَيَسَّرُ إلَّا بِضَمِيمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الَّذِي فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ فِيهِ وَإِنْ عَجَزَ (قَوْلُهُ: كَعَجْزِهِ إلَخْ) أَيْ بِحُصُولِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ لِعَارِضٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِعَجْزِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَجْزِهِ وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ فَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِالْأَوْلَى لِزَوَالِ الْعَجْزِ بَلْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ حِينَئِذٍ لِقُدْرَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً لَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِذَلِكَ حَالَ التَّوْكِيلِ جَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ خُصُوصَ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، أَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ عَيْنَهُ أَفَادَهُ م ر وَالرَّشِيدِيُّ وق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ:

ص: 177

يَلِيقُ بِهِ إذْ تَفْوِيضُ مِثْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ، ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ فِي الْإِذْنِ: وَكِّلْ عَنِّي أَوْ أَطْلَقَ فَالثَّانِي الْمُوَكِّلُ، أَوْ عَنْ نَفْسِك فَهُوَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ لَا الْمُوَكِّلِ لَكِنَّهُ فَرْعُ الْفَرْعِ فَيَكُونُ فَرْعَ الْأَصْلِ فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ.

وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْقَرِينَةِ فَلْيُوَكِّلْ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَلَوْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَلَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا أَمِينًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ وَلَوْ وَكَّلَ أَمِينًا فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَصَحِّ فِي الْمِنْهَاجِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ وَلَا قَرِينَةٌ فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ فِي تَوْكِيلِهِ بِشَيْءٍ افْعَلْ مَا شِئْت، أَوْ كُلُّ مَا تَصْنَعُ فِيهِ جَائِزٌ إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ.

(كَالْقَاضِي) فَإِنَّهُ إنَّمَا (يُنِيبُ عَنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ وَهُوَ بِمَعْنَى عَنْهُ أَيْ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِ مُنِيبِهِ لَهُ فِي الْإِنَابَةِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا أُنِيبَ فِيهِ لِاتِّسَاعِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَفَادَ بِزِيَادَتِهِ عَنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنِيبُ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنَابَةِ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: اسْتَنِبْ عَنِّي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْغَرَضَ فِي إنَابَتِهِ لِغَيْرِهِ إعَانَتُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُرَادَ، وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ

(وَنَحْوِ بَيْعٍ وَشِرَا مِنْ ذِي عَمَى) بِزِيَادَةِ لَفْظَةِ نَحْوُ عَلَى الْحَاوِي أَيْ الْوَكَالَةُ تَصِحُّ مِنْ الْمُتَمَكِّنِ مِمَّا مَرَّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَمِنْ الْأَعْمَى فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُتَوَقَّفِ صِحَّتُهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ اعْتِبَارِ تَمَكُّنِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ بِاسْتِيفَاءِ قِصَاصِ طَرَفٍ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ، أَوْ مُطْلَقًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَ

ــ

[حاشية العبادي]

جَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِحَالِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ التَّمَكُّنُ شَرْعًا بِأَنْ يَسُوغَ لَهُ التَّصَرُّفُ لَوْ تَمَكَّنَ حِسًّا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَكِيلُ الْوَكِيلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَلَا يَعْزِلُهُ الْوَكِيلُ وَإِنْ فَسَقَ اهـ وَكَذَا لَا يَعْزِلُهُ الْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَالَ: عَنِّي وَعَنْك فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلٍ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَانْعِزَالٍ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ اهـ (فَرْعٌ)

هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا عَنْ الْوَكِيلِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِمَامِ مَعَ الْقَاضِي مَحَلُّ نَظَرٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَ الْمُعَيَّنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعَيُّنِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا فِي النِّكَاحِ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَصِحُّ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُنَا يُسْتَدْرَكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُكِّلَ الْفَاسِقُ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يَصِحُّ، أَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا ثَبَتَ الْخِيَارُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّوْكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ حِفْظُهَا وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدَ فِيهِ وَهَذَا يُنَافِيه تَوْكِيلُ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهُ صِفَةُ كَمَالٍ وَقَدْ تُسَامِحُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهَا لِحَاجَةِ الْقُوتِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا إنَّمَا قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ النَّظَرِ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ، نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ زَادَ فِسْقُ عَدْلٍ الرَّهْنَ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُحْسِنِ لِلتَّأَمُّلِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَقْوَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ) هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُوَكِّلْ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلَهُ بِدُونِ فِسْقٍ فَمَعَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَجَزَ إلَخْ) هَلْ شَرْطُهُ كَوْنُ الْمُنِيبِ عَالِمًا بِعَجْزِهِ فَإِنْ جَهِلَهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكِيلِ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ بِالْقَرِينَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَكَذَا بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ فِيهِ عَلَى التَّوْكِيلِ عَنْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْوَكِيلُ) حَيْثُ كَانَ إنَّمَا يُوَكِّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَقَّفِ صِحَّتُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَشِرَاءِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنَّمَا يَقْصِدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ مِنْهُ عَيْنَهُ فَقَطْ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) وَفَارَقَ إطْلَاقَ السُّلْطَانِ، أَوْ الْقَاضِي لِخَلِيفَتِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَةُ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُوَكِّلِ؛ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَلِّي لَهُ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. ق ل وم ر أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ نَاظِرًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَانَ الثَّانِي نَائِبًا عَنْ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ نَاشِئٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ) أَيْ إنْ قَصَدَهُ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، أَوْ عَيَّنَهُمَا مَعًا، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا

لَمْ يَصِحَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ) أَيْ فَيَتَّبِعُ تَعْيِينَهُ إنْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِفِسْقِهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَنْ يَعْلَمُ فِسْقَهُ فَزَادَ فِسْقُهُ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ ق ل وَم ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا وَإِنْ عَمَّ لَهُ الْمُوَكِّلُ) كَقَوْلِهِ

وَكِّلْ مَنْ شِئْت كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ الْفَاسِقَ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي مُجَرَّدِ الْعَقْدِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ حَجَرٍ جَوَازُ تَوْكِيلِهِ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمَالَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ع ش

(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَكَّلَ

ص: 178

مُحْرِمٌ بِالتَّزْوِيجِ حَلَالًا لِيُزَوِّجَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِ الطِّفْلِ إنْ شَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ عَنْ الطِّفْلِ وَفِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ انْتَهَى

(وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ الْوَكَالَةُ (بِبَيْعِ أَوْ إعْتَاقِ مَا سَوْفَ يَصِيرُ مِلْكَ مَنْ وَكَّلَهُ) أَيْ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ فَلَوْ جَعَلَهُ تَبَعًا لِمَوْجُودٍ كَتَوْكِيلِهِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ.

وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَأَنْ يَبْتَاعَ بِثَمَنِهِ كَذَا صَحَّ

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْوَكِيلِ فَقَالَ: (لِمُتَمَكِّنٍ كَمِثْلِهِ لَهُ) بِزِيَادَةِ الْكَافِ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مِنْ مُتَمَكِّنٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِمُتَمَكِّنٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ مِثْلِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ، وَالْمُحْرِمِ فِي النِّكَاحِ، وَالْمُتَمَكِّنُ مِنْ ذَلِكَ (كَالْعَبْدِ، وَالْفَاسِقِ، وَالسَّفِيهِ فِي قَبُولِ تَزْوِيجٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ، وَالْوَلِيُّ لِصِحَّةِ قَبُولِهِمْ لَهُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْإِذْنِ إذَا كَانَ لِأَنْفُسِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، أَمَّا تَوْكِيلُهُمْ فِي الْإِيجَابِ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمْ بِحَالٍ.

(وَفِعْلِ السَّلَفِ) مِنْ زِيَادَتِهِ (تَوْكِيلُهُمْ) أَيْ تَوْكِيلُ الْأَصْحَابِ (لِلطِّفْلِ) الْمُمَيِّزِ (فِي أَنْ يُوصِلَا هَدِيَّةً وَ) فِي (إذْنِهِ مَنْ دَخَلَا) أَيْ لِمَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ مَثَلًا ثَابِتٌ بِفِعْلِ السَّلَفِ فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مُبَاشَرَةِ مِثْلِهِمَا لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ اعْتِبَارِ تَمَكُّنِ الْوَكِيلِ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ مِثْلُ مَا وَكَّلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ تَوْكِيلُهُ الْمَرْأَةَ بِالطَّلَاقِ وَتَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِشِرَاءِ مُسْلِمٍ وَتَوْكِيلُ الْوَلِيِّ امْرَأَةً لِتُوَكِّلَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَتَوْكِيلُ مُعْسِرٍ مُوسِرًا بِنِكَاحِ أَمَةٍ وَتَوْكِيلُ شَخْصٍ

ــ

[حاشية العبادي]

ذِمِّيَّةٍ بِأُجْرَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَاءِ جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُحْرِمٌ بِالتَّزْوِيجِ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ الْمُحْرِمَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّزْوِيجِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ، أَيْ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى ذَاكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَصِيَّ، وَمِثْلُهُ الْقَيِّمُ لَا يُوَكِّلُ إلَّا حَيْثُ يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ عَنْ الطِّفْلِ) قِيَاسُ كَوْنِهِ عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى عَزْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِكَمَالِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الثَّانِي

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجُزْ بِبَيْعٍ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي إذَا حَلَلْت بِصِحَّةِ هَذَا الْإِذْنِ كَمَا نَقَلَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ وَفِيمَا لَوْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَوْ طَلُقَتْ بِعَدَمِ صِحَّةِ هَذَا التَّوْكِيلِ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا.

وَيَسْقُطُ ذَلِكَ بِمَا سَطَّرْنَاهُ بِهَامِشِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ هُنَا

(قَوْلُهُ: لِمُتَمَكِّنٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ مِثْلِهِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِمَعْمُولِيَّةِ مِثْلِهِ لِقَوْلِهِ مُبَاشَرَةً وَتَعَلَّقَ لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ) شَامِلٌ لِتَوْكِيلِ الصَّبِيِّ وَلَوْ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ أَخْذًا مِنْ تَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ لِيَعْقِدَ النِّكَاحَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) هَذَا لَا يَقْتَضِي إلَّا اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْوَكِيلِ مُتَمَكِّنًا مِمَّا ذُكِرَ وَلَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مُتَمَكِّنٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فَلَا يَرِدُ امْتِنَاعُ نَحْوِ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ فَاسِقًا فِي مَالٍ الْمَحْجُورِ وَسَبَقَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمُوَكِّلِ بِمَا فِيهِ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ: فِي الْأَصْلِ قَالَ: فِي التَّتِمَّةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي رَجْعَةِ نَفْسِهَا وَلَا رَجْعَةِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يُسْتَبَاحُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ اهـ.

وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ مَحَلُّهُ فِي الرَّجُلِ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَوْكِيلُ الْأَصْحَابِ) أَيْ قَوْلُهُمْ بِجَوَازِ هَذَا التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: فِي أَنْ يُوَصِّلَا هَدِيَّةً وَإِذْنِهِ مَنْ دَخَلَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَيُوَكَّلُ الصَّبِيُّ فِيهِمَا حَيْثُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ وَكِيلًا وَمُوَكِّلًا فَهُوَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ مُسْتَثْنًى مِنْ عَكْسِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: هَدِيَّةً) ، أَيْ وَيَمْلِكُ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ رَادًّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُجَيْلٍ هَذَا فِي الْهِدَايَةِ لِأَجْلِ إبَاحَةِ الطَّعَامِ، وَأَمَّا الْمِلْكُ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُحْرِمٌ إلَخْ) زَادَ م ر ثَالِثَةً وَهِيَ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا فِي الْعَقْدِ وَلَوْ حَالَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ اهـ رَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةٌ، أَوْ ضَمَانًا تَارَةً يَأْذَنُ لَهُ الْوَاهِبُ فِي الْإِقْبَاضِ عَنْهُ لِلْمُتَّهِبِ وَيُوَكِّلُهُ الْمُتَّهِبُ فِي الْقَبْضِ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ فِيهَا اتِّحَادُ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ وَمَعَ ذَلِكَ كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهَا وَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَنْعِ الِاتِّحَادِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ مُسْتَشْكِلٌ لَهُ لَا غَيْرُ.

وَعَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَتَيْنِ، فَالْأُولَى تَكْفِي فِي قَبُولِهَا بِعَدَمِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا اسْتِدَامَةٌ لِلْيَدِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِصَارِفٍ قَوِيٍّ عَنْهَا وَإِنَّمَا الْإِذْنُ فِي الْإِقْبَاضِ رَافِعٌ لَهَا حُكْمًا فَاكْتَفَى مَعَهُ بِعَدَمِ الرَّدِّ وَالثَّانِيَةُ لَا بُدَّ فِي

ص: 179

بِقَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ، أَوْ نَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْوِلَايَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي أَنْ يَبِيعَهَا، أَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْت أَحَدُكُمَا بِبَيْعِ دَارِي لَمْ يَصِحَّ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ فَقَالَ (إنْ أَوْجَبَتْ) أَيْ الْوَكَالَةَ فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِإِيجَابٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَوَكَّلْتُك بِكَذَا أَوْ فَوَّضْت إلَيْك كَذَا أَوْ أَنَبْتُك فِيهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَبِعْ وَأَعْتِقْ سَوَاءٌ كَانَ مُشَافَهَةً أَمْ كِتَابَةً أَمْ رِسَالَةً، أَمَّا قَبُولُهَا لَفْظًا فَلَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ وَرَفْعُ حَجْرٍ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ رَدِّهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَيْنٌ مُعَارَةٌ أَوْ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ فَقِبَلهَا وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَكَّلَ فِي قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ الْغَاصِبَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لَفْظًا وَلَا يُكْتَفَى بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمَا سَبَقَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَيْرِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْوَكَالَةِ فَلَوْ وَكَّلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ صَحَّتْ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ عِلْمِهِ صَحَّ كَبَيْعِ مَالِ أَبِيهِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ (وَإِنْ يُعَلَّقْ) أَيْ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ (بِصِفَهْ) كَقَوْلِهِ: إذَا قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُك بِكَذَا أَوْ فَأَنْت وَكِيلِي (وَوُجِدَتْ) أَيْ الصِّفَةُ (يُنَفِّذُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (تَصَرُّفَهْ) لِلْإِذْنِ، وَإِنْ فَسَدَتْ لِلشَّرْطِ وَأَثَرُ الْفَسَادِ سُقُوطُ الْجُعْلِ إنْ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَيَفْسُدُ الْجُعْلُ الْمُسَمَّى) وَيَرْجِعُ إلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا) ، أَيْ: أَوْ تَبَعًا لِمُعَيَّنٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا مَثَلًا وَكُلَّ مُسْلَمٍ صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ فِي بَيْعِ دَارِي إلَخْ) نَقَلَ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا غَرَضَ فِي تَعْيِينِ الْوَكِيلِ فِيهَا يَجُوزُ فِيهَا التَّعْمِيمُ كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِكُلِّ عَاقِدٍ.

قَالَ: وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا. اهـ. وَأَقُولُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الصِّحَّةُ بِالْأَوْلَى فِيمَا لَوْ جُعِلَ تَبَعًا لِمُعَيَّنٍ بِرّ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ بِجُعْلٍ لَكِنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ قِيَاسُ جَوَازِهَا وَعَدَمُ لُزُومِهَا حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ خِلَافُهُ إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ كَالْأَمْرِ وَكَانَ الْوَكِيلُ مَضْبُوطًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ) كَذَا لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَصِحُّ الْقَوْلُ بِالرِّضَا وَالِامْتِثَالِ عَلَى التَّرَاخِي قَالَ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بِالِامْتِثَالِ فَوْرًا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى آخِرِ مَا بَسَطَهُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَمِنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لَفْظًا) قُوَّةُ الْكَلَامِ أَنَّهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لَفْظًا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً عَنْ الْمُوَكِّلِ بِالْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَنَفَّذُوا تَصَرُّفَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَقَوْلِهِ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ النِّكَاحَ فَيَنْفُذُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فِي نَحْوِ إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ بِنْتِي فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِهَا بِخِلَافِ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَبُولِهَا مِنْ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ فِيهَا اسْتِدَامَةٌ وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمَانَةِ، أَوْ الضَّمَانِ قَوِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَا بُدَّ فِي النَّقْلِ بِهَا إلَى كَوْنِهَا نَائِبَةً عَنْ يَدِ الْمُتَّهِبِ إلَى مُقْتَضًى قَوِيٍّ وَهُوَ الْقَبُولُ لَفْظًا وَتَارَةً بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لِلْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ مِنْ ذِي الْيَدِ وَيُوَكِّلُهُ الْمُتَّهِبُ فِي أَنَّهُ يَقْبِضُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا اتِّحَادَ فِيهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ لَمْ يُوَكِّلْهُ إلَّا الْمُتَّهِبُ لَا غَيْرُ وَفِي هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ ذُو الْيَدِ فِي صِحَّةِ وَكَالَتِهِ إلَى لَفْظٍ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْوَاهِبِ لِلْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ يَقْتَضِي رَفْعَ يَدِهِ عَنْ أَصْلِهَا فَضَعُفَتْ اسْتِدَامَةُ حُكْمِهِمَا الْأَصْلِيِّ وَاكْتَفَى فِي قَبُولِ وَكَالَتِهَا عَنْ الْمُتَّهِبِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ رَدِّهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَعَهُ عَاضِدًا قَوِيًّا، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْكَلَامُ فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.

وَأَمَّا كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَمُتَنَاقِضٌ فِي بَابَيْ الْهِبَةِ وَالْوَكَالَةِ حَيْثُ صَوَّرَ فِيهِمَا بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَحَكَمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا وَفِي بَابِ الْهِبَةِ بِأَنَّهُ يَكْفِي عَدَمُ الرَّدِّ اهـ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَأَطَالَ فِيهَا جِدًّا وَذَكَرَ صُوَرًا كَثِيرَةً اسْتَثْنَوْهَا مِنْ امْتِنَاعِ اتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ لِمُدْرَكٍ قَامَ عِنْدَهُمْ وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ تِلْكَ الْحَوَاشِي لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهَا

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ التَّوْكِيلُ، وَالْإِذْنُ فَاسِدٌ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ بِهِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ. اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ: أَمَّا قَبُولُهَا لَفْظًا. . إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي م ر أَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِبَ أَوْ الْقَابِلَ وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ: وَكِّلْنِي فِي بَيْعِ كَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ كَفَى. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: قَبُولُهُ لَفْظًا) أَيْ لِتَزُولَ يَدُهُ عَنْهَا بِهِ شَرْحُ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا

ص: 180

أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي النِّكَاحِ يُفْسِدُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ (وَانْتَفَى فَسَادُهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ (إنْ عَلَّقَ التَّصَرُّفَا) دُونَهَا كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِي وَبِعْهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ التَّصَرُّفَ فَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ الشَّهْرِ وَيَصِحُّ تَأْقِيتُهَا كَوَكَّلْتُك إلَى شَهْرِ كَذَا (وَإِنْ يُدِرْ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (وَكَالَةً) كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِكَذَا وَإِذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي أَوْ فَقَدْ وَكَّلْتُك صَارَ وَكِيلًا فِي الْحَالِ وَإِذَا عَزَلَهُ لَمْ يَعُدْ وَكِيلًا لِلتَّعْلِيقِ لَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ (أَدَارَا فِي الْعَزْلِ) أَيْ أَدَارَ الْعَزْلَ كَأَنْ يَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْت مَعْزُولٌ أَوْ فَقَدْ عَزَلْتُك فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ حِينَئِذٍ لِتَقَاوُمِ التَّوْكِيلِ وَالْعَزْلِ وَاعْتِضَادِ الْعَزْلِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (أَوْ كَرَّرَهْ) أَيْ الْعَزْلَ (تَكْرَارَا) بِأَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك عَزَلْتُك إنْ أَدَارَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ كُلَّمَا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي عَوْدَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً (وَإِنْ يُدِرْ بِكُلَّمَا الْوَكَالَهْ فَالْعَزْلُ إنْ كَرَّرَ) أَوْ أَدَارَهُ بِغَيْرِ كُلَّمَا (مَا كَفَى لَهُ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إدَارَتِهِ بِكُلَّمَا وَلِعَزْلِهِ طَرِيقٌ آخَرُ وَإِنْ أَدَارَهَا بِكُلَّمَا وَهُوَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَزَلَ نَفْسَهُ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ قَالَ: عَزَلْتُك أَوْ عَزَلَك أَحَدٌ مِنْ قَبْلِي فَلَا يَكْفِي التَّوْكِيلُ بِالْعَزْلِ وَاسْتَشْكَلَتْ إدَارَةُ الْعَزْلِ بِأَنَّهَا تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ حِصَّةُ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ كَمَا فَرَّعَهَا عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَا يُفَرِّعُ عَلَى الضَّعِيفِ وَبِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ لِلْعَزْلِ عَلَى الْوَكَالَةِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ قَبْلَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. اهـ. لَكِنْ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ عَلَى غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ الْعِمَادِ مَا نَصُّهُ وَمِمَّا يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ لِبَعْضِ مَنْ صَنَّفَ عَلَى الرَّافِعِيِّ حَيْثُ أَجَابَ فِي مَسَائِلَ بِخِلَافِ الْمَذْهَبِ الْأَوْلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ يَسْتَفِيدُ بِهَا الْوَكِيلُ صِحَّةَ عَقْدِ النِّكَاحِ كَمَا يَسْتَفِيدُ بِهَا صِحَّةَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَهَذَا خَطَأٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فَإِنَّ الْأَنْكِحَةَ يُحْتَاطُ لَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَرَادَ. . إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِإِدَارَةِ الْعَزْلِ رَفْعٌ لِإِذْنِ الْحَاصِلِ بِالتَّوْكِيلِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْعَزْلِ وَيَبْقَى أَنَّهَا هَلْ تَرْفَعُ التَّوْكِيلَ الْمَجْزُومَ بِهِ الْمَبْدُوءَ بِهِ عَلَى إدَارَةِ التَّوْكِيلِ قَضِيَّةُ الشَّرْحِ لَا. (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَرَادَ إلَى قَوْلِهِ: بِالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ إدَارَةَ الْعَزْلِ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ الْمَجْزُومِ بِهَا حَتَّى لَوْ أَدَارَ الْعَزْلَ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ عَزَلْتُك لَا يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: عُدْت وَكِيلِي لَا يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ الْمَجْزُومَ بِهَا وَكَانَ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ عَزَلْتُك إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْعَزْلِ الْمُدَارِ بِالْوَكَالَةِ الْمَجْزُومِ بِهَا الْإِشْكَالُ الثَّانِي وَجَوَابُهُ (قَوْلُهُ: أَدَارَ فِي الْعَزْلِ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ أَدَارَ بِمَعْنَى أَوْقَعَ الْإِدَارَةَ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ عَزَلْت) أَيْ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: عَزَلْتُك كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي) أَيْ غَيْرَ كُلَّمَا. (قَوْلُهُ: مَا كَفَى) أَيْ التَّكْرِيرُ لَهُ أَيْ الْعَزْلُ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ لِلْعَزْلِ) يَعْنِي أَنَّ إدَارَةَ الْعَزْلِ تَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ حَتَّى يَتَصَوَّرَ إدَارَةَ الْعَزْلِ عَنْهَا إذْ لَوْ لَمْ تُوجَدْ الْوَكَالَةُ فَلَا مَعْنَى لِإِدَارَةِ الْعَزْلِ عَنْهَا وَالثَّانِي التَّعْلِيقُ قَبْلَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَعْلِيقُ الْعَزْلِ عَلَى الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ لِلْعَزْلِ) فَإِنْ قُلْت هَذَا الْإِشْكَالُ الثَّانِي هَلْ يَجْرِي فِيمَا إذَا أَدَارَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ كُلَّمَا قُلْت لَا مَانِعَ مِنْ جَرَيَانِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إدَارَةُ الْعَزْلِ إذَا أَدَارَ الْوَكَالَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ. . إلَخْ) أَيْ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ كَأَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُخِلُّ بِهِ كَشَرْطِ مُحْتَمَلَةِ وَطْءٍ عَدَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يُدِرْ وَكَالَةً أَدَارَا. . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِغَيْرِ كُلَّمَا وَلَمْ يُعَمِّمْ فِي الْعَزْلِ بِقَوْلِهِ عَزَلْتُكَ أَنَا أَوْ غَيْرِي وَلَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ تَخَلَّصَ إمَّا بِالتَّوْكِيلِ فِي الْعَزْلِ أَوْ تَكْرِيرِهِ أَوْ الْإِدَارَةِ ثُمَّ الْعَزْلِ فَإِنْ عَمَّمَهُ تَخَلَّصَ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ وَهَذَا عَامٌّ وَلَوْ أُرِيدَ بِالْعَزْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْوَكَالَةُ الِانْعِزَالُ، وَإِنْ كَانَ بِكُلَّمَا وَلَمْ يُرِدْ بِالْعَزْلِ الِانْعِزَالَ وَلَمْ يُعَمِّمْهُ فَالتَّخَلُّصُ بِغَيْرِ الثَّانِي وَتَكْفِيهِ الْإِدَارَةُ وَلَوْ بِغَيْرِ كُلَّمَا فَإِنْ عَمَّمَهُ فَبِالثَّالِثِ كَذَلِكَ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْعَزْلِ الِانْعِزَالُ تَعَيَّنَ الثَّالِثُ بِكُلَّمَا رُجُوعًا لِلتَّرْجِيحِ بَيْنَ التَّعْلِيقَيْنِ وَهُمَا تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ عَلَى الِانْعِزَالِ وَتَعْلِيقُ الِانْعِزَالِ عَلَى عَوْدِ الْوَكَالَةِ الَّذِي هُوَ الْإِدَارَةُ وَالْمُرَجَّحُ الثَّانِي بِأَصْلِ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَقَدَّمَ فَيَكُونُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْإِدَارَةِ وَالْعَزْلِ مَعْزُولٌ لَا أَنَّهُ تَوَارَدَتْ عَلَيْهِ تَوْكِيلَاتٌ وَانْعِزَالَاتٌ مُسْتَرْسِلَةٌ إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ لَا يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهَا فِي الْمَدَارِكِ الْفِقْهِيَّةِ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ فِي كِتَابَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ وَجِيهٌ يَنْبَغِي حَمْلُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَدَارَ فِي الْعَزْلِ. . إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْت مَعْزُولٌ ثُمَّ يَعْزِلُهُ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ حَيْثُ وُجِدَ عَزْلٌ مُنْجَزٌ لِتَقَاوُمِ التَّوْكِيلِ وَالْعَزْلِ وَاعْتِضَادِ الْعَزْلِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَوْ كَرَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي الْعَزْلَ بِأَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك عَزَلْتُك، أَمَّا فِي صُورَةِ كُلَّمَا فَلَا يَكْفِي فِيهِ تَكْرِيرُ الْعَزْلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إدَارَتِهِ بِكُلَّمَا أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَبَدًا بِخِلَافِ نَحْوِ إنْ وَإِذَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي عَوْدَ الْإِذْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ التَّكْرَارَ فَإِذَا عَادَ بِالْعَزْلِ الْأَوَّلِ زَالَ بِالثَّانِي وَمِثْلُ الْإِدَارَةِ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْعَزْلِ إلَّا إنْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْتُك أَنَا أَوْ غَيْرِي أَوْ لَاحَظَ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي التَّوْكِيلُ بِالْعَزْلِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِصِيغَةِ الِانْعِزَالِ بِأَنْ قَالَ وَكُلَّمَا انْعَزَلْت تَخَلَّصَ بِالْإِدَارَةِ بِخُصُوصِ كُلَّمَا. اهـ. لِهَذَا الْبَعْضِ أَيْضًا وَهُوَ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: قَدْ قَالَ. . إلَخْ) أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ. اهـ بَعْضُ

ص: 181

لَا يَمْلِكُ الْعَزْلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الَّتِي لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ مَلَكْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ، وَإِنْ فَسَدَتْ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ فَالتَّصَرُّفُ نَافِذٌ لِلْإِذْنِ فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِيَبْطُلَ الْإِذْنُ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ لَا الْفَاسِدَ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْعَزْلَ الدَّائِرَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الدَّائِرَةِ السَّابِقِ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ إذْ لَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْعُقُودِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

(قُلْت وَقَالَ شَيْخِي) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْبَارِزِيُّ (الْعَزْلُ إذَا

ــ

[حاشية العبادي]

بِغَيْرِ كُلَّمَا، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إدَارَةِ الْعَزْلِ حِينَئِذٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك وَمَتَى عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي، ثُمَّ قَالَ: مَتَى صِرْت وَكِيلِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَالْعَزْلُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِقَوْلِهِ مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي يَجْرِي فِيهِ هَذَا الْإِشْكَالُ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِجَرَيَانِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لِمَا قَالَ الرَّوْضُ.

(فَرْعٌ) قَالَ وَكَّلْتُك وَمَتَى عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي صَحَّتْ فِي الْحَالِ فَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ نَفَذَ لِلْإِذْنِ لَا إنْ كَرَّرَ عَزْلَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْ إدَارَةٌ كَالْوَكَالَةِ كَأَنْ قَالَ مَتَى أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْت مَعْزُولٌ أَوْ فَقَدْ عَزَلْتُك فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ. اهـ. فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَاسْتَشْكَلَتْ إدَارَةُ الْعَزْلِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إدَارَةِ الْعَزْلِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ اللَّفْظَ إلَخْ) أَقُولُ وَأَيْضًا مَنْ يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الْعَزْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ فَاتُّجِهَ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ إدَارَةَ الْعَزْلِ إنَّمَا تُقَيَّدُ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُصَحِّحُ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ يُصَحِّحُ تَعْلِيقَ الْعَزْلِ فَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ عَلَيْهِ فِي تَفْرِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ مَرْدُودٌ نَعَمْ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ طَرِيقُهُ فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا صِرْت مَأْذُونًا لَك مِنْ قِبَلِي فَأَنْت مَعْزُولٌ. اهـ. وَغَرَضُهُ بِهَذَا التَّخَلُّصُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُرَدُّ. . إلَخْ لَكِنْ بِطُرُقِهِ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْعَزْلِ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ، ثُمَّ بِالنَّظَرِ إلَى مَا قُلْنَاهُ يُتَصَوَّرُ لَنَا إدَارَةُ تَوْكِيلٍ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: وَأَيْضًا. . إلَخْ وَمَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: لَكِنْ يَطْرُقُهُ إلَخْ يَنْدَفِعُ بِأَنَّ الْعَزْلَ الْمُعَلَّقَ، وَإِنْ فَسَدَ خُصُوصُهُ يَثْبُتُ عُمُومُ الْمَنْعِ وَهُوَ كَافٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ طَرِيقُهُ. . إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ صِرْت وَكِيلِي صِرْت مَأْذُونًا حَتَّى لَوْ أَرَادَ صِرْت وَكِيلًا وَكَالَةً صَحِيحَةً لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَزْلُ الْمُدَارُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ الصِّفَةِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا الرَّدِّ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُرَدُّ إلَخْ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ الْإِذْنُ وَلَوْ بِالْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْعَزْلَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ بَحَثَ فِيهِ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ إذَا سَبَقَتْ إدَارَةُ التَّوْكِيلِ عَلَى الْعَزْلِ عَلَى إدَارَةِ الْعَزْلِ عَلَى التَّوْكِيلِ فَالْوَكَالَةُ الَّتِي يَرِدُ عَلَيْهَا الْعَزْلُ الْمُدَارُ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ إدَارَةِ الْعَزْلِ وَالْمَوْجُودُ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُحَصِّلُهَا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْعَزْلُ وَقَبْلَ الْعَزْلِ لَمْ تُوجَدْ الْوَكَالَةُ الَّتِي يَرِدُ عَلَيْهَا الْعَزْلُ الدَّائِرُ فَإِنْ قِيلَ تُوَسَّعُ وَأُقِيمَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى وُجُودِهَا مَقَامَ وُجُودِهَا قُلْت هَذَا اعْتِرَافٌ بِالْإِشْكَالِ وَخُرُوجٌ عَنْ الْقَاعِدَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ ضَمَانُ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَكِنْ اكْتَفَوْا فِي ذَلِكَ بِوُجُودِ سَبَبِهِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: اللَّفْظَ) أَيْ لَفْظَ الْوَكَالَةِ الْوَاقِعَ فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ بِقَوْلِهِ عُدْت وَكِيلِي. (قَوْلُهُ: الْعَزْلَ الدَّائِرَ) فِي كُلَّمَا صِرْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ. (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الدَّائِرَةِ) أَيْ وَهِيَ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى الْعَزْلِ فِي قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك وَكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي. (قَوْلُهُ السَّابِقِ) صِفَةٌ لِلَفْظِ الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ) لَا يُقَالُ: هُوَ لَفْظُ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْعَزْلُ فِي قَوْلِهِ: فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ قَوْلُهُ: عُدْت وَكِيلِي وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ مَثَلًا عَزَلْتُك الْوَاقِعِ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ عُدْت وَكِيلِي لَيْسَ لَفْظَ وَكَالَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْوَكَالَةَ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ بِإِدَارَةِ التَّوْكِيلِ السَّابِقِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ الِاحْتِيَاجَ إلَى قَوْلِهِ: عَزَلْتُك بَعْدَ قَوْلِهِ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ مَا نَصُّهُ فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ إدَارَةُ التَّوْكِيلِ فَإِدَارَةُ الْعَزْلِ إنَّمَا هِيَ عَنْ تَوْكِيلٍ بِلَفْظٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهَا وَلَمْ يَسْبِقْ لَفْظُ إدَارَةِ الْعَزْلِ عَلَى لَفْظِ الْوَكَالَةِ مُطْلَقًا حَتَّى يَلْزَمَ عَلَيْهِ تَبْطِيلُ الْعُقُودِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: إذَا وَكَّلْتُك فَأَنْت مَعْزُولٌ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ وَكَّلْتُك، وَأَمَّا هُنَا فَالتَّوْكِيلُ بِلَفْظٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي فَوَائِدَ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ الْعَزْلِ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْجَوَابِ السَّابِقِ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ هُوَ لَفْظُ الْعَزْلِ الْوَاقِعُ فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ: فَإِدَارَةُ الْعَزْلِ. . إلَخْ وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُمْ فِيهِ أَيْضًا لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ لَيْسَ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ هُنَاكَ لَفْظَ وَكَالَةٍ تَأَخَّرَ عَنْ لَفْظِ عَزْلٍ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ أَنَّ هُنَاكَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ: فِي سِيَاقِ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَوَابِ لَا لَفْظَ وَكَالَةٍ لِعَزْلِهِ تَلَا وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: قُلْت وَقَالَ شَيْخِي. . إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يُغْنِي عَنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ إذْنٍ عَادَ بِمُقْتَضَى إدَارَةِ التَّوْكِيلِ السَّابِقَةِ يَعْقُبُهُ مَنْعٌ ثَابِتٌ بِإِدَارَةِ الْعَزْلِ فَيَكُونُ بُطْلَانُ كُلِّ إذْنٍ عَادَ بِمَنْعٍ يَعْقُبُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِذَارِ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْعَائِدَ إنَّمَا بَطَلَ بِعَزْلٍ سَابِقٍ نَظَرًا إلَى تَرَتُّبِ ذَلِكَ الْإِذْنِ الْعَائِدِ عَلَى تَوْكِيلٍ سَابِقٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَوَاشِي الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي. . إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَحَجَرَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ قَبْلَ الْمِلْكِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّهُ مِلْكُ أَصْلِ التَّعْلِيقَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي إدَارَةِ الْعَزْلِ. (قَوْلُهُ: لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ لَفْظُ وَكَالَةٍ حَتَّى يَثْبُتَ بِهِ شَيْءٌ وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ فِي تَحْرِيرِ الْجَوَابِ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ

ص: 182

أَدَارَهُ فَإِنَّمَا تَأْثِيرُ ذَا) أَيْ الْعَزْلِ الدَّائِرِ (فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ فِيهِ التَّصَرُّفَاتُ بِالتَّوْكِيلِ الدَّائِرِ السَّابِقِ لَفْظَ الْعَزْلِ لَا لَفْظَ وَكَالَةٍ لِعَزْلِهِ تَلَا) أَيْ لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ وَكَالَةٍ تَالٍ أَيْ مُتَأَخِّرٍ عَنْ لَفْظِ الْعَزْلِ (لِأَنَّهُ فِي لَاحِقٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُ فِي تَالٍ لَهُ (يُؤَدِّي) إلَى (أَنْ تَبْطُلَ الْعُقُودُ قَبْلَ الْعَقْدِ) لَهَا فَلَفْظُ الْعَزْلِ مَنْصُوبٌ بِالسَّابِقِ أَوْ مَجْرُورٌ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ وَلَفْظُ وَكَالَةٍ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى التَّوْكِيلِ الدَّائِرِ أَوْ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ (وَثَمَنَ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ اعْتَمَدْ) أَيْ وَاعْتَمَدَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وُجُوبًا فِي حَالَةِ إطْلَاقِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِثَمَنٍ وَلَا حُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَلَا نَقْدٍ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ (حَلَّ) أَيْ حَالًّا

(وَ) اعْتَمَدَ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ (مَا سُومِحَ) أَيْ مَا يُسَامَحُ بِهِ غَالِبًا مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَدِرْهَمٍ مِنْ عَشَرَةٍ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ وَيَخْتَلِفُ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالْعَقَارِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ قَدَّمَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: وَمَا سُومِحَ عَلَى حَلَّ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ بِمَا يَتَسَامَحُ بِهِ النَّاسُ غَالِبًا حَالًّا (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدْ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لَا بَلَدِ التَّوْكِيلِ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ نَعَمْ إنْ سَافَرَ بِمَا وَكَّلَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبَاعَهُ فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نَقْدُ بَلَدٍ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ عَرْضٍ وَنَقْدٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فَلَوْ بَاعَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَا يَبِيعُهُ ثَانِيًا بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ بِالْبَلَدِ نَقْدٌ إنْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا.

أَمَّا إذَا قَيَّدَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَلَوْ قَالَ بِعْ بِكَمْ شِئْت لَمْ يَتَعَيَّنْ ثَمَنُ الْمِثْلِ أَوْ بِمَا شِئْت لَمْ يَتَعَيَّنْ نَقْدُ الْبَلَدِ أَوْ كَيْفَ شِئْت لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَالُ أَوْ بِمَا عَزَّ وَهَانَ قَالَ الْعَبَّادِيُّ: لَمْ يَتَعَيَّنْ الْأَوَّلَانِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي هُوَ كَقَوْلِهِ: بِكَمْ شِئْت وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَوَّلَ أَوْلَى وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: بِمَا شِئْت كَقَوْلِهِ بِكَمْ شِئْت

. (وَبَاعَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (أَبْعَاضَهُ) أَصْلًا أَوْ فَرْعًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا كَمَا يَبِيعُهُ لِصَدِيقِهِ (لَا طِفْلَهُ) وَالْأَوْلَى لَا مَحْجُورَهُ -.

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى الْعَزْلِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْبَارِزِيِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا أَجَابَ بِهِ لَا نُسَلِّمُ مُغَايَرَتَهُ لِمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ كَمَا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَاصِلَ جَوَابِ الْبَارِزِيِّ مَا زَعَمَ أَنَّهُ حَاصِلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ) مَفْعُولُ اعْتَمَدَ

(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ مَا سُومِحَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وُجِدَ رَاغِبٌ بِتَمَامِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَدَلُّ عَلَى هَذَا مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ لَا يَصِحُّ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ وُجِدَ زِيَادَةٌ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. وَهُوَ فِي غَايَةِ الِاتِّجَاهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بَعْدَ غُرْمِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِيمَا غَرَّمَهُ لَهُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَغُرْمُهُ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْفَيْصُولَةِ لَا لِلْحَيْلُولَةِ وَلَيْسَ فِي الرَّافِعِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَحَالَ مَا هُنَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ إذَا بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَاقْتَصَرَ هُنَاكَ عَلَى غُرْمِ الْقِيمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمِثْلِيِّ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ هُنَاكَ لَا هُنَا (قَوْلُهُ: شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ) مِنْهُ التَّأْجِيلُ وَفِيهِ مَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَبْلَ ذَلِكَ إدَارَةُ التَّوْكِيلِ فَإِدَارَةُ الْعَزْلِ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَوْكِيلٍ بِلَفْظٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهَا وَلَمْ يَسْبِقْ لَفْظُ إدَارَةِ الْعَزْلِ عَلَى لَفْظِ الْوَكَالَةِ مُطْلَقًا حَتَّى يَلْزَمَ إبْطَالُ الْعُقُودِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: إذَا وَكَّلْتُك فَأَنْت مَعْزُولٌ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَكَّلْتُك، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّ التَّوْكِيلَ بِلَفْظٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ

(قَوْلُهُ: بَلَدٌ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا) وَهُوَ الْبَلَدُ الْمُعَيَّنُ إنْ حَصَلَ تَعْيِينٌ وَمَحَلُّ التَّوْكِيلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ نَقَلَهُ الْمُحَشِّي فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ التِّجَارَةَ وَإِلَّا جَازَ بِغَيْرِ نَقْدِهَا مِمَّا يُتَوَقَّعُ فِيهِ رِبْحٌ وَمِثْلُهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: مِنْ عَرْضٍ) أَيْ لَمْ يَكُنْ نَقْدَ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: بِكَمْ شِئْت. . إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كَمْ لِلْأَعْدَادِ وَمَا لِلْأَجْنَاسِ وَكَيْفَ لِلْأَحْوَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ نَحْوِيًّا أَمْ لَا خِلَافًا لِحَجَرٍ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ بَاعَ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ ثَمَنُ الْمِثْلِ) فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ وَلَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ وق ل وَقَوْلُهُ: وَلَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ قَالَ: ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِيهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ إضَاعَةً. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ نَقْدُ الْبَلَدِ) وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَالُ) وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: قَالَ الْعَبَّادِيُّ. . إلَخْ) فِي ق ل جَازَ بِغَيْرِ النَّسِيئَةِ

(قَوْلُهُ: لَا مَحْجُورَهُ)

ص: 183

(وَنَفْسَهُ) فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْهُمَا. (وَلَوْ مَعَ الْإِذْنِ لَهُ) فِيهِ لِتَضَادِّ غَرَضَيْ الِاسْتِرْخَاصِ لَهُمَا وَالِاسْتِقْصَاءِ لِلْمُوَكِّلِ وَلِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ طِفْلِهِ بِغَيْرِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ طِفْلِهِ لِلرِّضَا بِتَرْكِ الِاسْتِقْصَاءِ وَاتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ مَعْهُودٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ بَحَثَ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ إذَا قَدَرَ مَعَ ذَلِكَ الثَّمَنِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لَكِنْ رَدَّهُ غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَإِنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْعَفْوِ، وَالْعَبْدَ فِي إعْتَاقِ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.

(وَشَرْطُهُ الْخِيَارُ فَامْنَعْ) أَيْ وَامْنَعْ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا شَرْطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ شَرْطِهِ لَهُمَا فَيَجُوزُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ (وَاعْكِسْ) ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَمْنَعُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ شَرْطَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَكَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فِيمَا ذَكَرَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فَيَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِ مَحْجُورِهِ وَنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ عَنْ الْإِطْلَاقِ وَيَلْزَمُ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ التَّقْيِيدِ بِهِ. (وَلْيَنْفَسِخْ) بَيْعُ الْوَكِيلِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَفْسَخْهُ.

(مَهْمَا يَزِدْ) أَيْ مَتَى زَادَ عَلَى الثَّمَنِ رَاغِبٌ. (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ إذًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ زِيَادَةٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمَصْلَحَةِ. (قُلْت وَلَوْ أَبْدَلَ) الْحَاوِي. (هَذَا الْقَوْلَا) أَيْ قَوْلَهُ: فِي الْمَجْلِسِ. (بِحَالَةِ الْجَوَازِ كَانَ أَوْلَى) لِيَشْمَلَ خِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ. (وَاسْتَثْنِ) مِنْ ذَلِكَ مَا (لَوْ بَدَا لِمَنْ قَدْ رَغِبَا) فِي الزِّيَادَةِ فَرَجَعَ عَنْهَا. (مِنْ قَبْلِ مَا أَمْكَنَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ. (أَنْ يُوجِبَا) الْبَيْعَ مِنْهُ فَيَبْقَى الْبَيْعُ بِحَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بَعْدَهُ فَقَدْ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْبَيْعُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ جَدِيدٍ وَهَذَا آخِرُ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَقُلْ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَك قَبْضُ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ لَكِنْ (اقْبِضْ) أَوَّلًا الثَّمَنَ (ثُمَّ سَلِّمْ) الْمَبِيعَ إذْ فِي تَسْلِيمِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ خَطَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ سَلَّمَهُ أَوَّلًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَإِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ. (حَيْثُ حَلْ) أَيْ الثَّمَنُ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ تَسْلِيمُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْإِذْنِ) وَمَعَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ وَالنَّهْيِ عَنْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ طِفْلِهِ) نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَنْ طِفْلِهِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ لِطِفْلِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَوْلِي هُوَ الْآخَرُ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُهُ إذَا قَدَّرَ الثَّمَنَ وَنَهَى عَنْ الزِّيَادَةِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَلَا تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ حِينَئِذٍ نَائِبُ طِفْلِهِ لَا نَائِبُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ) فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْإِيجَابُ نَائِبُ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ طِفْلِهِ) وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا يَمْنَعُ الْوَكِيلُ. . إلَخْ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَقَوْلُهُ وَاعْكِسْ أَيْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ اشْتِرَاطُهُ فَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ. اهـ. وَلْيُتَأَمَّلْ كَيْفَ كَانَ هَذَا عَكْسًا لِمَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلْيَنْفَسِخْ. . إلَخْ)(تَنْبِيهٌ) حَيْثُ انْفَسَخَ هَلْ لِلْوَكِيلِ مَبِيعُهُ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ ثَانِيًا بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا، الْمَنْعُ هُنَا إنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا بَيْنَ السُّطُورِ الْآتِيَ. (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ خِيَارَيْ. . إلَخْ) أَيْ وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ كَذَا قَالَ: الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ جَدِيدٍ) هَلْ يَتَوَقَّفُ هَذَا الْبَيْعُ الْجَدِيدُ عَلَى إذْنٍ جَدِيدٍ وَالْقِيَاسُ التَّوَقُّفُ إنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ جَدِيدٍ) إنْ أَذِنَ فِيهِ الْمُوَكِّلُ حُجِرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْهَا) أَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غُرْمِ الْقِيمَةِ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورُهُ كَوَلَدِهِ السَّفِيهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي وَلَايَةِ قَيِّمِ الْقَاضِي جَازَ بَيْعُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَابِلَ حِينَئِذٍ الْقَيِّمُ فَلَا اتِّحَادَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لَهُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا قَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ وَمَنَعَ مِنْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَيْعِ. . إلَخْ) كَالْبَيْعِ كُلُّ عَقْدٍ يَحْتَاجُ لِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ لَا نَحْوِ إبْرَاءٍ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَنَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَامِلُهُ فِي الْقِرَاضِ إذَا بَاعَهُ لِجِهَةِ الْقِرَاضِ سم عَلَى ع. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ) لِأَنَّ جِهَتَهَا إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ لِابْنِهِ أَوْ الْعَكْسُ بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَكَالْوَكِيلِ. . إلَخْ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ أَمَّا تَأْجِيلُهُ الثَّمَنَ وَكَوْنُهُ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ فَجَائِزٌ إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مَتَى زَادَ. . إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يُتَغَابَنُ بِهَا كَمَا فِي سم عَنْ

ص: 184

الْمَبِيعِ إذْ لَا حَبْسَ بِالْمُؤَجَّلِ فَإِنْ حَلَّ لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ وَحَيْثُ نَهَاهُ عَنْ التَّسْلِيمِ أَوْ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (وَ) قُلْ لَهُ (اتَّبِعْ الْعُرْفَ) فِي مِثْلِ الْمَبِيعِ (لِإِطْلَاقِ) أَيْ عِنْدَ إطْلَاقِ (الْأَجَلْ) مِنْ الْمُوَكِّلِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمَعْهُودِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ رَاعَى الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ، أَمَّا إذَا قَدَّرَ الْأَجَلَ فَيَتْبَعُ التَّقْدِيرَ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَإِنْ مَعِيبًا اشْتَرَى) الْوَكِيلُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مَوْصُوفًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَالْعَيْبُ قَدْ جَهِلَهُ فَلِمُوَكِّلٍ) أَيْ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِمُوَكِّلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ جَاهِلًا وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنَّ الْغَبْنَ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَيَتَضَرَّرُ الْمُوَكِّلُ وَخَرَجَ بِجَهْلِهِ الْعَيْبُ مَا لَوْ عَلِمَهُ فَلَا يَقَعُ لِمُوَكِّلِهِ بَلْ يَقَعُ لَهُ وَإِنْ سَاوَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ وَلَا عُذْرَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا السَّلِيمَ مِنْ الْعَيْبِ وَيُخَالِفُ عَامِلُ الْقِرَاضِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ الرِّبْحُ وَقَدْ يُتَوَقَّعُ فِي شِرَاءِ الْمَعِيبِ وَهُنَا الْمَقْصُودُ الِاقْتِنَاءُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الرِّبْحَ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَشَرِيكِ التِّجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا وَبِهِ جَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَرَدْ) أَيْ الْوَكِيلُ جَوَازَ الْمَعِيبِ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ إذْ لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ فَقَدْ لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ لِكَوْنِهِ فَوْرِيًّا وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ كَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا أَثَرَ لِتَأْخِيرِهِ وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ قَدْ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ فَهَلْ لَا كَانَتْ مُشَاوَرَتُهُ الْمُوَكِّلَ عُذْرًا وَبِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَوَاهُ وَيُجَابُ عَنْ إشْكَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا اسْتَقَلَّ بِالشِّرَاءِ عَنْ مُوَكِّلِهِ اسْتَقَلَّ بِتَوَابِعِهِ فَلَا يُعَدُّ التَّأْخِيرُ لِلْمُشَاوَرَةِ عُذْرًا وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ أَوْ نَوَاهُ لَا يَسْتَلْزِمُ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْوَكِيلِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ يَقُولَ اخْتَرْت رَدَّهُ وَلَوْ سَلِمَ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ فَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ عَنْهُ إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ دُونَ مَا إذَا كَذَّبَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْحَيْلُولَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ) لَا يُقَالُ: أَوْ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَا يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُقَيِّدُ فِي الْمَفْهُومِ الْوُقُوعَ لِلْوَكِيلِ بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِأَنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ فِي عِبَارَتِهِ مَا يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَرُدَّ إذْ لَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَيْضًا إذْ لَا يَقَعُ لِلْوَكِيلِ بِحَالٍ. (وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ) أَيْ مَعَ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ) تَنْظِيرٌ فِي الْوُقُوعِ لِمُوَكِّلِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَلِمَهُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَيَّنَهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِعَيْبِ مَا عَيَّنَهُ وَقَعَ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا السَّلِيمَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ بِرّ أَقُولُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ رَدُّهُ قَالَ: فِي شَرْحِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ نَفْسَهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا رَدَّ لَهُ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ قَدْ يُعْذَرُ. . إلَخْ) اُنْظُرْ مَوْقِعَ الْإِشْكَالِ فَإِنْ فُرِضَ الْإِشْكَالُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَجْوِيزِ الرَّدِّ لَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا جَوَّزْنَا الرَّدَّ لَهُ وَأَخَّرَ لِلْمُشَاوَرَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إذْ لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ. . إلَخْ إذْ لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ اسْتِقْلَالًا بَلْ يُوقَفُ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْمُوَكِّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَبْحَثِ بِرّ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ) أَيْ وَهُوَ احْتِيَاجُهُ إلَى الرَّدِّ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِبَقَائِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَعَدَمِ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَدَمَ تَأْثِيرِ تَأْخِيرِهِ لَا يُنَافِي تَعَذُّرَ الرَّدِّ بِتَأْخِيرِ الْمُوَكِّلِ مَعَ عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ) ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمُوَكِّلِ فِي التَّأْجِيلِ عَزْلٌ لَهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِذْنٌ فِي إقْبَاضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمُخَالَفَةُ الْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ أَنْفَعَ لَا تَرْفَعُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِقْلَالُهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ م ر مَعْنًى

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعِيبًا اشْتَرَى. . إلَخْ) مِثْلُهُ مَا إذَا طَرَأَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا فِي عَدَمِ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي شِرَائِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ لِسَلَامَتِهِ عِنْدَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَلِلْكُلِّ الرَّدُّ. اهـ. م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِمُوَكِّلِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى السَّلِيمِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ حِينَ تَبَيُّنِ وُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِلْمُشَاوَرَةِ لَا يُعَدُّ عُذْرًا فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمَّا انْقَلَبَ الْوَكِيلُ كَانَ كَأَنَّ التَّأْخِيرَ وَقَعَ بَعْدَ انْقِلَابِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ) لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الشِّرَاءِ لَهُ كَمَا فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ وَهُوَ الْوَكِيلُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ فَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ الرَّدُّ هُنَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ وَهُوَ الْوَكِيلُ فِي الْوَاقِعِ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ. . إلَخْ أَيْ رَدَّ الْوَكِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ، بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ فَلَا تَنَافِيَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ نَوَاهُ) هَذَا شَرْطٌ فِي رَدِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا حِينَئِذٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَلَمْ يَنْوِهِ أَوْ نَوَاهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ اسْتَقَلَّ بِتَوَابِعِهِ) فَالتَّأْخِيرُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَكِيلِ)

ص: 185

كَذَّبَهُ يَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ اسْتَمْهَلَهُ الْبَائِعُ فِي الرَّدِّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ لِتَضَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ حَقُّهُ فَإِنْ رَدَّ فَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَرَضِيَهُ اسْتَأْنَفَ الشِّرَاءَ أَوْ أَجَابَهُ فَحَضَرَ وَلَمْ يُرْضِهِ قَالَ: الْبَغَوِيّ هُوَ لِلْوَكِيلِ وَلَا رَدَّ لِتَأْخِيرِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لِلْبَغَوِيِّ أَنْتَ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ وَهُنَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَالْبَائِعُ مُتَصَادِقُونَ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ فَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ الْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ: الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ مُوَكِّلُك قَدْ عَرَفَهُ وَرَضِيَ بِهِ فَلَا رَدَّ لَك نُظِرَ إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ بُلُوغُ الْخَبَرِ إلَيْهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ

(لَا إنْ رَضِي مُوَكِّلٌ) بِعَيْبِ الْمَبِيعِ (فَقَرِّرْ) الْبَيْعَ فِيهِ فَلَا يَرُدُّهُ الْوَكِيلُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْوَكِيلِ وَبِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِحَظِّهِ فِي الرِّبْحِ وَلَا يَرُدُّهُ أَيْضًا إذَا رَضِيَ هُوَ بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ وَكَأَنَّهُ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنْ الرَّدِّ (كَالْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عُيِّنَ) قَيْدٌ مُوهِمٌ إخْرَاجَ مَا وَصَفَ مَعَ أَنَّهُ مِثْلُهُ فَلَوْ تَرَكَهُ أَوْ قَالَ: عَيْنٌ أَوْ وَصْفٌ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: (بِالْعَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشْتَرَى لَكِنَّ الْأَوْلَى بَعْدَ أَنْ زَادَ قَوْلَهُ: (اُشْتُرِيَ) تَكْمِلَةً جَعَلُهُ مُتَعَلِّقًا بِهِ أَيْ كَالْمُشْتَرَى إذَا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ وَصَفَهُ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ لَهُ بِحَالٍ فَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ (وَرَدَّهُ) أَيْ الْمَعِيبَ عَلَى بَائِعِهِ (مُوَكِّلٌ حَيْثُ وَقَعْ عَنْهُ وَإِنْ رَضِي) بِهِ (وَكِيلٌ وَمَنَعْ) مِنْ الرَّدِّ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ هَذَا إذَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَيَرُدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، أَمَّا الْوَكِيلُ بِبَيْعِ شَيْءٍ إذَا بَاعَهُ فَوَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَيَرُدُّهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَكِيلًا وَإِلَّا فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ، ثُمَّ هُوَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَزَادَ النَّاظِمُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنَعْ) تَأْكِيدٌ أَوْ تَكْمِلَةٌ

. (وَلَيْسَ يَسْتَوْفِي الَّذِي وُكِّلَ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ (فِي إثْبَاتِ حَقٍّ) أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ (وَاعْكِسَنْ) ذَلِكَ أَيْ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ حَقٍّ أَنْ يُثْبِتَهُ إذَا أَنْكَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَقْتَضِي الْآخَرَ وَقَدْ يَرْضَاهُ الْمُوَكِّلُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَمُقَابِلُ قَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ (فِي الْأَعْرَفِ) وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ تَبَعًا ثَانِيهِمَا لَهُ الْإِثْبَاتُ إذَا وَكَّلَهُ فِي الِاسْتِيفَاءِ دُونَ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ وَسِيلَةٌ إلَى الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَإِنْ يُعَيَّنْ مُشْتَرٍ وَزَمَنُ وَالسُّوقُ وَالْجِنْسُ) لِلْعِوَضِ (وَقَدْرٌ) لَهُ بِتَعْيِينِ الْمُوَكِّلِ كَبِعْ هَذَا لِزَيْدٍ أَوْ فِي الشِّتَاءِ أَوْ فِي سُوقِ كَذَا أَوْ بِفِضَّةٍ زِنَتُهَا كَذَا (عَيَّنُوا) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْأَصْحَابُ وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِتَغْلِيبِ الْعَاقِلِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا بَعْدَهُ فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ مُرَاعَاةً لِتَخْصِيصِ الْمُوَكِّلِ.

فَلَوْ قَالَ: بِعْ لِزَيْدٍ فَبَاعَ لِوَكِيلِهِ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَ لِوَكِيلِهِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَمَا فِي الْبَيَانِ حَكَاهُ فِيهِ مُصَنِّفُهُ فِي النِّكَاحِ عَنْ الطَّبَرِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَذَا فِي الذَّخَائِرِ عَنْهُمْ وَفِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: يَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ حِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ كُنَّا حَكَمْنَا ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ انْصِرَافُهُ عَنْهُ إلَى الْوَكِيلِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ. . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ. . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ) بِأَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يَرْضَى الْمُوَكِّلُ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ أَيْ فِي دَعْوَاهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ أَيْ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مِنْهُ، وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ أَيْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ لَمْ يَرُدَّ أَيْ الْوَكِيلُ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ إنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ رَضِيَ مُوَكِّلٌ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ قَصَّرَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ. . إلَخْ) لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُصَدِّقْ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُسَمِّيهِ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي مَسَائِلِ الْجَارِيَةِ أَنْ يُقَالَ يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيُغَرِّمُهُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ وَاسْتِيفَاءُ مَا غَرِمَهُ مِنْ ثَمَنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ مُوَكِّلٌ) لَوْ تَعَدَّدَ الْمُوَكِّلُ كَاثْنَيْنِ وَاتَّحَدَ الْوَكِيلُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ إذْ الْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْوَكِيلِ فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا فِي الرَّدِّ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ وَيَقَعُ لَهُ وَفِي الرَّوْضِ، وَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ أَوْ قَصَّرَ رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ إنْ سَمَّاهُ الْوَكِيلُ فِي الشِّرَاءِ أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ يَسْتَوْفِي الَّذِي. إلَخْ) . (فَرْعٌ) ادَّعَى الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ لَمْ يَلْتَفِتْ الْحَاكِمُ لِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْحَجْرِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِمُطَالَبَةِ زَيْدٍ بِحَقٍّ فَلَهُ قَبْضُهُ كَنْزٌ. (قَوْلُهُ مُشْتَرٍ) نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ وَأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ إلَّا ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِبَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَزَمَنٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فِي الشِّتَاءِ لَمْ يَنْفُذْ مِنْهُ فِي الصَّيْفِ وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى عِيَالِهِ فِي رَمَضَانَ فَأَنْفَقَ فِي سُؤَالٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ بَلْ إنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ ضَمِنَ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ. . إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا إذَا قَالَ اخْتَرْت رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا. . إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَيَكُونُ

ص: 186

الْمَطْلَبِ إنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ صَحَّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِفَسَادِ الْإِيجَادِ لِتَمَكُّنِ الْوَكِيلِ مِنْ قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ وَقَالَ وَلَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ بِأَنْ قَالَ: بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْبُطْلَانُ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ إلَّا إذَا لُمِحَ الْمَعْنَى وَمَحَلُّ مَنْعِ الْبَيْعِ فِي سُوقٍ آخَرَ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ فَإِنْ قَدَّرَهُ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي آخَرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قَالَ: فِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ جَوَازُ الْبَيْعِ فِي آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ كَكَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ أَوْ وَجَوْدَةِ النَّقْدِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا فَرَّعْنَا. . إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ لَا يَتَعَاطَى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ كَالسُّلْطَانِ صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ وَكِيلِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا ذَلِكَ لَا مُخَاطَبَتَهُ بِالْبَيْعِ قَالَ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُقَدَّرُ فِيهِ دُخُولُ الْمِلْكِ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ صَحَّ شَرْحُ رَوْضٍ أَيْ كَأَنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْبُطْلَانُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمَحَ الْمَعْنَى) وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ زَيْدٌ. (قَوْلُهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) لَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إطْلَاقُ الْجَوَازِ فِي بَلَدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ يَعْنِي عِنْدَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الذَّهَابُ إلَى الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ اللَّفْظَ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ، وَعَلَى إيقَاعِ الْبَيْعِ فِي بَلَدٍ سَقَطَ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ كَنَظِيرِهِ فِي هِبَةِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَسَافَةِ إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْبَلَدِ فَحَيْثُ سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَّا إنْ قُدِّرَ الثَّمَنُ فَيَصِحُّ فِي غَيْرِهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي السُّوقِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ يَصِيرُ. . إلَخْ يُوهِمُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ جَوَازُ النَّقْلِ إذَا قُدِّرَ الثَّمَنُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا إلَخْ مَعَ هَذَا أَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَإِنْ جَازَ النَّقْلُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ مِنْ السُّوقِ وَالْفَرْقُ مُتَّجَهٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ تَعْيِينَ السُّوقِ لَا يَتَعَيَّنُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الشِّرَاءُ فِيهِمَا وَاقِعًا لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ عَلَى احْتِمَالٍ

(قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الْوَكِيلِ. . إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ تَقَدُّمِ الْإِيجَابِ كَمَا لَوْ قَالَ: الْبَائِعُ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا. . إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ النَّقْلِ كَمَا يُفِيدُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَقَوْلِهِ: فِي سُوقِ كَذَا) أَيْ فِيمَا مَرَّ بِأَنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ. . إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي النَّقْلِ إلَى سُوقٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ النَّقْلِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ نَهْيٌ عَنْ النَّقْلِ امْتَنَعَ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ سَوَاءٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّوقِ وَالْبَلَدِ وَإِلَّا فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَضَمِنَ فِي الْبَلَدِ لِلسَّفَرِ دُونَ السُّوقِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَلَدِ دُونَ السُّوقِ فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ بَلَدًا حُمِلَ عَلَى بَلَدِ التَّوْكِيلِ فَإِنْ نَهَى عَنْ السَّفَرِ وَسَافَرَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَنْهَ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ. اهـ. بِهَامِشٍ لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْهَ. . إلَخْ لَعَلَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ ضَامِنًا فِي مَسْأَلَةِ السَّفَرِ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ يَصِيرُ ضَامِنًا) أَيْ لِلْمُثَمَّنِ كَمَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ. اهـ. سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَضَمَانُ الْمُثَمَّنِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ وَضَمَانُ الثَّمَنِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَ: سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَضَمَانُ الثَّمَنِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا إذَا قَدَّرَهُ أَوْ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَكِنْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ هَذَا فِي النَّقْلِ لِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنِ.

أَمَّا النَّقْلُ لِغَيْرِ السُّوقِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ إلَّا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ فَإِنْ قَدَّرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَيَجُوزُ النَّقْلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّفَرَ يَمْتَنِعُ إلَّا بِالنَّصِّ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ إذَا نُقِلَ لِمِثْلِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ بِدُونِ سَفَرٍ. اهـ. بِالْمَعْنَى وَعَلَى مَا ذَكَرَ يَحْمِلُ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: بَلْ يَجِبُ. . إلَخْ وَلَوْ وُجِدَ الرَّاغِبُ فِي زَمَنِ خِيَارِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ

ص: 187

بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ فَإِنْ نَقَلَ ضَمِنَ.

(وَحَيْثُ لَا نَهْيَ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ عَنْ إبْدَالِ الْحُلُولِ بِالتَّأْجِيلِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ عَنْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ الثَّمَنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَقُلْ لَهُ (الْحُلُولُ وَالْأَجَلْ وَالْقَدْرُ مَعْ مَصْلَحَةٍ) لِلْمُوَكِّلِ (لَهَا) أَيْ لِلثَّلَاثَةِ (بَدَلْ) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ إبْدَالُهَا بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا فَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَالًّا فَلَهُ الشِّرَاءُ مُؤَجَّلًا بِمَا يَرْغَبُ بِهِ فِيهِ حَالًّا إنْ أَمِنَ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَلَمْ يَكُنْ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ فِي الْحَالِّ أَوْ بِعْهُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ بِمَا يُسَاوِيهِ إلَى الشَّهْرَيْنِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ قَالَ: ابْنُ النَّقِيبِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرَى وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ بِمِائَةٍ فَلَهُ بَيْعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ حَيْثُ وُجِدَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُشْتَرَى فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ.

بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ كَانَ تَعْيِينُهُ ظَاهِرًا فِي قَصْدِ إرْفَاقِهِ وَشِرَاءُ الْمُعَيَّنِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ ضَعُفَ احْتِمَالُ ذَلِكَ الْقَصْدِ وَظَهَرَ قَصْدُ التَّعْرِيفِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبْدَالِ مَصْلَحَةٌ أَوْ كَانَتْ وَنَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْإِبْدَالُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ لَكِنَّهُ أَبْدَلَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إذْ الْمَأْتِيُّ بِهِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ (كَفِي) أَيْ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي (شِرَاءِ شَاةٍ) وَوَصَفَهَا بِصِفَةٍ (بِقَدْرٍ) كَدِينَارٍ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا (فَاشْتَرَى) بِهِ (شَاتَيْنِ) بِالصِّفَةِ (سَاوَتْ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ فِيمَا لَوْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالثَّمَنُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ التَّضْمِينُ بِالنَّقْلِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُودَعُ بِالْحِفْظِ فِي مَكَان فَنَقَلَهُ إلَى آخَرَ مِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ نَقْلُ الْوَدِيعَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ هَذَا إنْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ فَإِنْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى سُوقٍ آخَرَ أَيْضًا فَالْإِشْكَالُ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ حِينَئِذٍ جَوَابُهُ.

ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحَةِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَلَدِ وَالسُّوقِ فِي الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ فَإِنَّ الرَّوْضَ عَبَّرَ كَالشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ بَلَدًا فَنَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُثَمَّنَ وَالثَّمَنَ. اهـ. وَزَادَ الشَّارِحُ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلَدًا لَفْظَ أَوْ سُوقًا وَكَانَ الْمُرَادُ بِضَمَانِ الْمُثَمَّنِ فِيمَا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ النَّقْلِ ضَمَانَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَقَوْلُ شَيْخِنَا أَوْ فِيمَا لَوْ قُدِّرَ الثَّمَنُ صَرِيحٌ فِي الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ وَإِنْ جَازَ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَلَدِ. قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ: بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا قَالَ ابْنُ كَجٍّ هُوَ كَقَوْلِهِ: بِعْ فِي سُوقِ كَذَا حَتَّى لَوْ بَاعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ جَاءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنَّقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ. اهـ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ يُفْهِمُ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ عَنْ السُّوقِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ) هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْبَلَدَ صَرِيحًا فَقَالَ بِعْ فِي بَلَدِ كَذَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بِالتَّعْيِينِ صَرِيحًا وَعَدَمَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ) لَعَلَّ الزِّيَادَةَ رَاجِعَةٌ لِلثَّمَنِ وَالنَّقْصُ لِلْأَجَلِ وَقَدْ يَرْجِعُ لِلثَّمَنِ أَيْضًا فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا) هَلْ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضُ الثَّمَنِ نَظَرًا لِحُلُولِ الثَّمَنِ أَوْ لَا نَظَرًا لِمُقْتَضَى الْإِذْنِ حَيْثُ كَانَ بِالْمُؤَجَّلِ وَالْإِذْنُ بِالْمُؤَجَّلِ لَا يُسَوِّغُ الْقَبْضَ. فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي لَعَلَّهُ أَقْرَبُ فَإِنْ قِيلَ قَضِيَّةُ جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْحَالِّ جَوَازُ الْقَبْضِ قُلْنَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ حُلُولَ الثَّمَنِ يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ) وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمِائَةُ دُونَ الْمِثْلِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ. اهـ وَقَدْ تَوَجَّهَ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الْمُحَابَاةَ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ لِعُرُوضِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ. . إلَخْ) هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ إبْدَالِ الثَّمَنِ بِأَنْقَصَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ) حَيْثُ قَيَّدَ بِالْحُلُولِ وَالْأَجَلِ وَالْقَدْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالرَّاغِبِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ اللُّزُومِ تَبَيَّنَ الِانْفِسَاخُ. اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا وَقَعَتْ الْمُسَاوَمَةُ فَقَطْ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ فِي صَفْقَتَيْنِ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ عَقْدٌ وَاحِدٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ) مِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَى شَاةً بِالصِّفَةِ وَثَوْبًا. اهـ. شَرْحُ م ر وَق ل (قَوْلُهُ: بِالصِّفَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالصِّفَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَكَّلَ بِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِالصِّفَةِ دُونَ الْأُخْرَى وَتَسَاوِيَتَا وَقَعَ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ بِالصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوَكِّلِ بَلْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِهِ بَطَلَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ. اهـ. جُمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا. . إلَخْ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَكَفَى لَكِنَّهُ ذَكَرَ

ص: 188

(الْمُقَدَّرَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَزَادَ خَيْرًا وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقُ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَبِيعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَيَأْتِيَهُ بِهِ وَبِالْأُخْرَى كَمَا فَعَلَ عُرْوَةُ قُلْنَا لَا، وَأَمَّا عُرْوَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً مِنْ مَالِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا لَمْ تُسَاوِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا الْمُقَدَّرَ فَلَا يَصِحُّ لِفَوَاتِ مَا وَكَّلَ فِيهِ (وَ) ، أَمَّا الْوَكِيلُ (بِخُصُومَةٍ فَلَا يَبْرِي) خَصْمَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْخُصُومَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْإِبْرَاءَ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي فَيَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَيَسْعَى فِي كُلِّ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُنْكِرُ وَيَطْعَنُ فِي الْبَيِّنَةِ وَيَسْعَى فِي كُلِّ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الدَّفْعِ

(وَلَا يَشْهَدْ) أَيْ الْوَكِيلُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (لَهُ) أَيْ لِمُوَكِّلِهِ (فِي تِلْكَ) الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ وَلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَعْزِلْ وَبِإِظْهَارِ صِدْقِهِ إنْ عَزَلَ وَقَدْ خَاضَ فِي الْخُصُومَةِ (لَا إنْ عُزِلَا وَلَمْ يَخُضْ) فِيهَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ مَا انْتَصَبَ خَصْمًا وَلَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا كَمَا لَوْ شَهِدَ لَهُ فِي غَيْرِهَا (وَلَا يُصَالِحْ) غَرِيمَ مُوَكِّلِهِ لَوْ بِغَيْطَةٍ كَمَا أَوْضَحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَاعْمُمْ) مَنْعَ الصُّلْحِ فِي سَائِرِ صُوَرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْإِبْرَاءِ (وَلَا يُقِرَّ) عَلَى مُوَكِّلِهِ لِذَلِكَ فَلَا يُقِرُّ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِالْقَبْضِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ التَّأْجِيلِ أَوْ قَبُولِ الْحَوَالَةِ أَوْ الصُّلْحِ عَلَى مَالٍ وَلَا وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ إبْرَائِهِ وَمُصَالَحَتِهِ فَإِنَّهُمَا بَاطِلَانِ لَا يَتَضَمَّنَانِ ذَلِكَ

. (وَبِصُلْحٍ عَنْ دَمِ عَلَى مُدَامٍ صَحَّ عَفْوٌ إنْ فَعَلٌ) أَيْ وَالْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ عَلَى خَمْرٍ إنْ فَعَلَ الصُّلْحَ صَحَّ الْعَفْوُ وَفَسَدَ الْعِوَضُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُوَكِّلُ بَدَلَ الدَّمِ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ صَحِيحٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِصَاصِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ لَا أَنَّا نُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (لَا إنْ) عَدَلَ وَصَالَحَ (عَلَى الْخِنْزِيرِ) فَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ لِلْمُخَالَفَةِ وَيَبْقَى الْقِصَاصُ كَمَا كَانَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ عَلَى خِنْزِيرٍ إنْ صَالَحَ عَلَى الْخِنْزِيرِ صَحَّ الْعَفْوُ أَوْ عَلَى خَمْرٍ فَلَا لِمَا ذَكَرَ وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ الْخِنْزِيرِ فِي الْأُولَى وَالْخَمْرِ فِي الثَّانِيَةِ مِثَالٌ حَتَّى لَوْ صَالَحَ فِيهِمَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُخَالَفَةِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (جُعِلْ) تَكْمِلَةٌ.

(وَفَسَدَتْ بِفَاسِدِ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَالْوَكَالَةُ بِالتَّصَرُّفِ الْفَاسِدِ فَاسِدَةٌ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْ أَوْ اشْتَرِ إلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَوْ بِعْ هَذَا بِأَلْفٍ وَزِقِّ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَا الْفَاسِدَ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ (وَ) لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ وَقَالَ (اشْتَرِهِ بِالْعَيْنِ) أَيْ بِعَيْنِ الثَّمَنِ (فَاشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ) لِيَنْقُدَ الْمُعَيَّنَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ لِمُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ وَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذِمَّتِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ. . إلَخْ) جَوَابُ إشْكَالٍ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ) لَعَلَّهُ فِي وَاقِعَةِ عُرْوَةَ وَالثَّمَنُ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَاوِ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اتَّحَدَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سَاوَتْ لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ الصِّحَّةَ أَوْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَمْ تُسَاوِ اتَّحَدَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ إحْدَاهُمَا لَمْ تُسَاوِ وَالْأُخْرَى سَاوَتْ لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ الصِّحَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ) أَوْ بِالْخُلْعِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ صَحَّ) بِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِفَسَادِهِ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي وَفَسَدَتْ بِفَاسِدِ التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلَى الْخِنْزِيرِ. . إلَخْ) قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حِينَئِذٍ يَنْصَبُّ إلَى مَحْضِ التَّعْلِيقِ وَالتَّوْكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْكِيلَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا غَيْرُ مَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ فِيهَا عَنْ النُّجُومِ بَرِئَ وَعَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا عِتْقَ فِيهَا بِمَحْضِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَصِّلَهُ الْوَكِيلُ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: جَعَلَ) أَيْ جَعَلَ الصُّلْحَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا قَبْلَهُ نَظَرًا لِانْفِرَادِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَنْطُوقِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْرَأُ خَصْمُهُ) وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَغْوًا حَجَرٌ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْخُصُومَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَلَهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فِيهِ سم. (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) وَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ لِبَيِّنَةِ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي قَطْعِ الْخُصُومَةِ وَلَوْ عَدَلَ انْعَزَلَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ) لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْغَيْرِ إنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا وَقَعَ لِنَفْسِهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ إنْ وُجِدَتْ. اهـ. ق ل وسم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ. . إلَخْ) قَالَ: الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ شَيْئًا بِصِفَةٍ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ نَفْسَهُ وَلَا مُوَكِّلُهُ فَهَلْ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ شَرْطُ الْوُقُوعِ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ يُسَمِّيَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ وَمُقْتَضِي كَلَامِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إنْ سَمَّاهُ فَإِنْ نَوَاهُ وَقَعَ لِنَفْسِهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ اهـ وَفِي إلْغَاءِ نِيَّتِهِ نَظَرٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِغَيْرِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَمَالِ نَفْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) لَا لِلْوَكِيلِ لِإِضَافَتِهِ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ وَفِي م ر وَحَجَرٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِإِذْنِهِ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ فَرَاجِعْهُمَا. اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ خَالَفَ وَأَضَافَ الثَّمَنَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِفَسَادِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ يَعْنِي فَاشْتَرَى بِأُخْرَى بِلَا مَالِ الْمُوَكِّلِ أَيْ

ص: 189

بِالذِّمَّةِ لِتَنْصِيصِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذِمَّةُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ (وَ) كَذَا (الْعَكْسُ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِهِ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ أَنْقِدْ الْمُعَيَّنَ عَنْ الثَّمَنِ فَاشْتَرَاهُ بِالْمُعَيَّنِ (عَنْهُ لَا يَقَعْ) أَيْ لَا يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرِيدُ تَحْصِيلَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ، وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ وَلَا يَقَعُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ يَقَعُ لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ اشْتَرِ كَذَا لَا يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَفِي الذِّمَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ أَيْضًا وَفِي تَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِعَيْنِ الثَّمَنِ إشَارَةٌ إلَيْهِ

. (وَأَمْرُهُ فِي الْبَيْعِ لَوْ لَمْ يُتَّبَعْ) أَيْ لَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ الْوَكِيلُ فِيهِ كَأَنْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَبَاعَ غَيْرَهُ أَوْ بِعْهُ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةٍ (أَوْ) لَمْ يَتَّبِعْ أَمْرَهُ (فِي الشِّرَا بِالْعَيْنِ) كَأَنْ قَالَ: لَهُ اشْتَرِ كَذَا بِعَيْنِ هَذِهِ الْمِائَةِ فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مِائَةٍ أُخْرَى مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِلْمُخَالَفَةِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ (أَوْ مُوَكِّلًا لَا كَالنِّكَاحِ سَمَّيَاهُ) أَيْ أَوْ سَمَّى الْبَائِعُ وَالْوَكِيلُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْمُوَكَّلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا خِطَابٍ بِهِ بِأَنْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك فَقَالَ اشْتَرَيْت لَهُ بَطَلَ وَإِنْ تَبِعَ مُوَكِّلَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: لَا كَالنِّكَاحِ بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَرْكِ الْخِطَابِ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْت مُوَكِّلَك؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِيهِ سِفَارَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْبَيْعِ إذْ لَهُ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَاعْتُبِرَ جَرَيَانُ الْخِطَابِ بَيْنَهُمَا وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ تَرْكُ الْخِطَابِ لَا تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك فَقَالَ اشْتَرَيْت لَهُ صَحَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَوَكِيلُ الْمُتَّهَبِ يَجِبُ أَنْ يُسَمِّيَ مُوَكِّلَهُ وَإِلَّا فَيَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مُوَكِّلِهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ. . إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يَقُولَ فِي ذِمَّتِي أَوْ يُطْلِقَ بِأَنْ يَقُولَ بِكَذَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَخَيَّرُ) بَحَثَ فِي الْخَادِمِ تَعَيُّنَ الْأَغْبَطِ وَأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّخْيِيرِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ بِرّ

(قَوْلُهُ: لَا كَالنِّكَاحِ) لَمْ يُفْصِحْ الشَّارِحُ عَنْ هَذِهِ الْكَافِ وَإِنَّهَا إشَارَةٌ إلَى شَيْءٍ آخَرَ مُوَافِقٌ لِلنِّكَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَمَا هُوَ أَوْ أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَذَلِكَ الْحُكْمُ مُنْحَصِرٌ فِي النِّكَاحِ بَلْ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ: الْآتِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ. . إلَخْ زِيَادَتُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ مُوَكِّلًا) نُصِبَ بِمَا يُفَسِّرُهُ سَمِيَّاهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ) هَذَا لَا يُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ تَرَكَ الْوَكِيلُ التَّسْمِيَةَ وَلَكِنَّ الْوَاهِبَ قَدْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ كَأَنْ قَالَ وَهَبْتُك لِمُوَكِّلِك بَرَّ أَقُولُ وَلَا يُتَّجَهُ إذَا نَوَيَا الْمُوَكِّلَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الِاتِّجَاهِ أَيْضًا فِيمَا إذَا نَوَاهُ الْوَاهِبُ فَقَطْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ. اهـ مَعْنًى. (قَوْلُهُ وَإِنْ صَرَّحَ. . إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ، وَإِنْ سَمَّاهُ الْوَكِيلُ بِقَلْبِهِ أَوْ لَفْظِهِ لِإِلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ بِمُخَالَفَةِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الصِّحَّةِ فَإِذَا وَقَعَتْ مُخَالِفَةً لِلْإِذْنِ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ: بَلْ بِتَخَيُّرٍ. . إلَخْ) فَإِنْ نَقَدَ الْوَكِيلُ دِينَارًا لِمُوَكِّلٍ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بَرِئَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَيْهِ وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ نَقَدَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ أَوْ قَبْلَهَا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ وَحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ هَذَا الدِّينَارِ فَاشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ عَمَّا فِيهَا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ وَإِذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِهَذَا الدِّينَارِ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهُ عَمَّا فِيهَا فَإِنْ نَقَدَ غَيْرَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بَرِئَ الْمُوَكِّلُ. . إلَخْ مَا مَرَّ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ آخَرَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أَوْ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ، وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ. اهـ. ع ش وَجَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ هَذَا الدِّينَارِ فَاشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ لَوْ نَقَدَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَيْ عَيَّنَهُ فِيهِ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ نَقَلَهُ عَنْ ز ي وَقَالَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. اهـ. وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيّ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْبِيرِهِمْ هُنَا. . إلَخْ) لِأَنَّ الْعَيْنَ تُسْتَعْمَلُ فِي مُقَابَلَةِ الذِّمَّةِ وَأَمَّا الْإِشَارَةُ فَهِيَ لِذَاتِ الدِّينَارِ وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَيَصْرِفَهُ فِي الثَّانِيَةِ عَمَّا الْتَزَمَهُ فِيهَا فَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِهَذَا الدِّينَارِ فَاشْتَرَاهُ بِآخَرَ لِعُمُومِ الشِّرَاءِ بِهِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ. . إلَخْ) لَعَلَّ الشُّمُولَ بَدَلِيٌّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ وَالْمَجْلِسُ إنَّمَا هُوَ لِلْوَكِيلِ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا

(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك. . إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك فَقَالَ قَبِلْتُ لِمُوَكِّلِي صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ نَوَى الْبَائِعُ وَالْوَكِيلُ وَتَلْغُو هَذِهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْعِوَضُ فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ نِيَّةِ الْمُوجِبِ لِمَا قَبِلَهُ الْقَابِلُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَذَكَرَ نِزَاعًا فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ سَمَّاهُ. . إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوَكِيلُ الْمُتَّهَبِ. . إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ شَيْخُنَا م ر كَحَجَرٍ وَيَجِبُ تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ نِيَّتُهُ فِي كُلِّ مَا لَا عِوَضَ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِعَارَةِ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ نَوَيَا مَعًا الْمُوَكِّلَ أَوْ صَرَّحَا بِهِ أَوْ نَوَاهُ أَحَدُهُمَا وَصَرَّحَ بِهِ الْآخَرُ وَقَعَ لَهُ وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَاهِبُ مَثَلًا وَصَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْمُوَكِّلِ أَوْ نَوَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ أَيْ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ الْإِيجَابَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ وَلَمْ يَنْوِ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ خِلَافًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَعْضِ

ص: 190

دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْعِوَضُ وَقَوْلُهُ (بَطَلَا) أَيْ: الْعَقْدُ جَوَابُ لَوْ وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ أَمَرَهُ، وَإِنْ (خَالَفَ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ خَالَفَ (فِي شِرَاهُ) فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ قَالَ: لَهُ اشْتَرِهِ بِخَمْسَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقَعَ الْعَقْدُ (لِذِي تَوَكُّلٍ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (وَإِنْ سَمَّاهُ) أَيْ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فَالْخِطَابُ مَعَهُ وَنِيَّتُهُ لَاغِيَةٌ لِلْمُخَالَفَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ التَّسْمِيَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَتَعَذَّرَ صَرْفُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ (وَحُكْمُ عَقْدٍ بِالْوَكِيلِ يَشْكُلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ شَكَّلْت الْكِتَابَ قَيَّدْتُهُ بِالْإِعْرَابِ أَيْ وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ مِنْ رُؤْيَةٍ وَتَفَرُّقٍ وَشَرْطِ خِيَارٍ وَغَيْرِهَا تَقَيُّدٌ وَتَعَلُّقٌ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ.

(فَائِدَةٌ) الْمِلْكُ فِيمَا يَشْتَرِيهِ الْوَكِيلُ لَا يَثْبُتُ لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِمُوَكِّلِهِ بَلْ يَثْبُتُ لِمُوَكِّلِهِ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ لِطِفْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ ابْتِدَاءً لَعَتَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ إذَا اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ (وَهْوَ) أَيْ الْوَكِيلُ (بِعَزْلِ وَاحِدٍ) مِنْهُ وَمِنْ الْمُوَكِّلِ (يَنْعَزِلُ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَإِنْ ذُكِرَ فِيهَا جُعْلٌ وَوُجِدَ فِيهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ لِتَضَرُّرِ الْعَاقِدَيْنِ بِاللُّزُومِ وَلَا يَتَوَقَّفُ انْعِزَالُهُ عَلَى عَمَلِهِ بِالْعَزْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ فَإِنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا فَكَذَا الْعِلْمُ كَالطَّلَاقِ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْقَاضِي لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ فِي غَيْبَتِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ كُنْت عَزَلْتُهُ لَا يُقْبَلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّهُ إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْعَزْلَ فَإِنْ وَافَقَهُ لَكِنْ قَالَ: كَانَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَدَعْوَى الزَّوْجِ تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ (وَجَحْدِهِ) أَيْ وَيَنْعَزِلُ بِجَحْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَكَالَةَ (بِعِلْمِهَا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا (بِلَا غَرَضْ) لَهُ فِي الْجَحْدِ؛ لِأَنَّ جَحْدَهَا حِينَئِذٍ رَدٌّ لَهَا بِخِلَافِ جَحْدِهَا لِنِسْيَانٍ أَوْ لِغَرَضٍ فِي إخْفَائِهَا كَخَوْفِ ظَالِمٍ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ جَحْدَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمَّاهُ. . إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ سَمَّاهُ الْبَائِعُ أَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ إذَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ أَيْضًا لَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْبَيْعِ لَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْ لِزَيْدٍ فَبَاعَ لِغَيْرِهِ أَوْ لِوَكِيلِهِ فَبَاعَ لِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ) وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ مَعِيبًا اشْتَرَى. . إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِعَزْلِ وَاحِدٍ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ تَصَرُّفِهِ حِينَئِذٍ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَزْلَهُ نَفْسَهُ أَبْطَلَ إذْنَ الْمُوَكِّلِ رَأْسًا بِخِلَافِ فَسَادِ الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ عَقْدُ الْوَكَالَةِ بِاسْتِئْجَارٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ كَانَ بِاسْتِئْجَارٍ بِأَنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الْعَزْلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا. . إلَخْ) قِيَاسُ الْجَوَازِ مَعَ ذِكْرِ الْجُعْلِ أَيْ وَالْعَقْدِ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَبُولِ لَفْظًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ. . إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا عَامًّا كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْقَاضِي) وَلَا يَنْعَزِلُ وَدِيعٌ وَمُسْتَعِيرٌ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ وَفَارَقَا الْوَكِيلَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الَّذِي يَضُرُّ الْمُوَكِّلَ بِإِخْرَاجِ أَعْيَانِهِ عَنْ مِلْكِهِ هَذَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْعَزْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِخِلَافِهِمَا ح ج. (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ. . إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّالِثِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ فَلَا يُصَدَّقُ -

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ لَيْسَتْ شَرْطًا إلَّا فِي صُوَرٍ مِنْهَا النِّكَاحُ فَيُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ فِيهِ لِصِحَّةِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا وَمَا لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ سَيِّدُهُ فَيُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ لِيَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُكْتَفَ فِيهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ الْعَتَاقَةُ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ بَلْ لَا بُدَّ فِي صَيْرُورَتِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمُوَكَّلِ وَإِلَّا نَفَذَ فِي مَوْضُوعِهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ شَخْصًا لِيَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ عَقْدُ عَتَاقِهِ إذَا صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْقِنُّ وَإِلَّا فَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ فَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ. اهـ. مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ م ر

(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَوْ قُلْنَا بِانْعِزَالِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ عَظُمَ ضَرَرُ النَّاسِ بِنَقْضِ الْعُقُودِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ شَأْنَهُ الْوَلَايَةُ الْخَاصَّةُ فَلَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ وَبِاعْتِبَارِ الشَّأْنِ فِيهَا انْدَفَعَ مَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَكُونُ قَاضِيًا فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ وَالْوَكِيلُ قَدْ يَكُونُ عَامَّ الْوَلَايَةِ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ. اهـ. م ر مَعْنًى وَالْوَدِيعُ وَالْمُسْتَعِيرُ كَالْقَاضِي فَلَا يَنْعَزِلَانِ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا مُرَاعَاةُ الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ بِدَفْعِ الْمُتْلَفَاتِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْعَزْلِ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش فَانْدَفَعَ تَوَقُّفُ ز ي. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ. إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْعَزْلِ وَقَالَ تَصَرَّفْتُ قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَهُ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ أَوْ عَلَى وَقْتِ التَّصَرُّفِ وَقَالَ عَزَلْتُك قَبْلَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بَعْدَهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَزْلَهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ حَلَفَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى أَنَّ مُدَّعَاهُ سَابِقٌ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا جَاءَا مَعًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إذْ أَصْلُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ اهـ وَكَتَبَ

ص: 191

التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّهُ أَطْلَقَ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ التَّدْبِيرِ إنْ جَحَدَ الْمُوَكِّلُ عُزِلَ وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا بَعْدَ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي جَحْدِ الْوَكِيلِ وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي جَحْدِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ أَوْ لَا أَصَحُّهُمَا لَا وَأَشْهَرُهُمَا نَعَمْ، ثُمَّ أَبْدَى التَّفْصِيلَ احْتِمَالًا وَبِالْأَشْهَرِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْوَكَالَةِ مِنْ الْوَكِيلِ بِدَلِيلِ ارْتِفَاعِهَا بِرِدَّتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ دُونَ رِدَّةِ الْوَكِيلِ وَبِرَدِّهِ الْوَكَالَةَ دُونَ الْوَكِيلِ لَهَا فِي وَجْهٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ أَمْرًا كَبِعْ لِأَنَّهُ إذْنٌ وَإِبَاحَةٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَاحَ لَهُ الطَّعَامَ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُبَاحِ لَهُ وَبِأَنَّ جَحْدَ الْوَكِيلِ قَدْ يَجِبُ حِفْظًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْمَالِكَ وَيَلْحَقُ بِهِ جَحْدُ الْمُوَكِّلِ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ وَسَأُعِيدُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَصِيَّةِ لِغَرَضِ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَظِيرِهَا

(أَوْ زَالَ أَهْلِيَّةُ شَخْصٍ) أَيْ وَيَنْعَزِلُ بِزَوَالِ أَهْلِيَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ بِأَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ رَقَّ أَوْ فَسَقَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِيمَا لَا يَنْفُذُ لِأَجْلِهِمَا (أَوْ عَرَضْ إغْمَاؤُهُ) أَيْ وَيَنْعَزِلُ بِإِغْمَاءِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى جَعْلُ الْإِغْمَاءِ مِثَالًا لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا صَنَعَ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ: وَزَوَالُ أَهْلِيَّةِ وَاحِدٍ كَالْإِغْمَاءِ وَكَانَ النَّاظِمُ ظَنَّهُ تَنْظِيرًا لِذَلِكَ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ إغْمَاءُ الْمُوَكِّلِ بِرَمْيِ الْجِمَارِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ عَجْزُهُ (أَوْ زَالَ مِلْكٌ) أَيْ وَيَنْعَزِلُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْمُوَكَّلِ فِيهِ بِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ عَنْ مَنْفَعَتِهِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ وَمِثْلُهُ لَوْ زَوَّجَهُ لِإِشْعَارِ الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ بِالنَّدَمِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ رَقِيقَ الْمُوَكِّلِ كَمَا نَقَلَ النَّوَوِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ بِخِلَافِ زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ رَقِيقِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ بِعَزْلٍ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْعَزْلِ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَجْهَانِ وَجْهُ الْعَزْلِ بُطْلَانُ اسْمِهَا. انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُوَكِّلُ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إلَخْ) هَذَا التَّوْجِيهُ بِاعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ أَوَائِلَ الْبَابِ وَتَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ كَتَصَرُّفِهِ.

قَالَ: فِي شَرْحِهِ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ كَمِلْكِهِ وَمِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي صِحَّتُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ بَلْ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ بِأَنْ يُوقَفَ اسْتِمْرَارُهُ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُ عَزْلٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: دُونَ رَدِّةِ الْوَكِيلِ) تَقَدَّمَ فِي شَرْحٍ إنْ أَوْجَبَتْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُ رَدِّ الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ فَسَقَ) اعْلَمْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ طُرُوُّ الْفِسْقِ عَلَيْهِ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْهَامِشِ فِي مَسْأَلَةِ تَعَدِّي الْوَكِيلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا حَاصِلُهُ اخْتِيَارُ أَنَّ وَكِيلَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ لَا يَنْعَزِلُ أَيْضًا بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَوْ فَسَقَ. . إلَخْ لَعَلَّهُ مُصَوَّرٌ بِالْوَكِيلِ فِي نَحْوِ إيجَابِ النِّكَاحِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَلَسٍ) هَذَا فِي الْمُوَكِّلِ خَاصَّةً قَالَ: ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْمُفْلِسِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ إذَا كَانَ وَكِيلًا لَا يَنْعَزِلُ بِطُرُوِّ فَلَسِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْمُوَكِّلِ بَلْ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْوَكِيلِ كَأَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ وَكَّلْتُك فِي شِرَاءِ كَذَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِثَوْبِك هَذَا، ثُمَّ يَحْجُرُ عَلَى زَيْدٍ بِالْفَلَسِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا إذْ قَدْ يُقَالُ: لَا مَانِعَ مِنْ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ حَتَّى لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ وَبَقِيَ الثَّوْبُ فَلَهُ الْإِتْيَانُ بِالتَّصَرُّفِ إنْ لَمْ يَفُتْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ السَّابِقِ يَنْعَزِلُ. . إلَخْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يُنَافِي الْفَلَسَ كَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ الْوَكِيلِ) عَطْفٌ عَلَى عَنْ الْمُوَكَّلِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِعَزْلٍ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ لَكِنَّهُ يَعْصِي بِالتَّصَرُّفِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُشْتَرِي قَالَ: فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْعِصْيَانِ إنْ فَوَّتَ عَلَى الْمُشْتَرِي غَرَضًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ نَحْوِ إيجَابٍ لَا يُفَوِّتُ بِوَجْهٍ شَيْئًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ. . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَجَّهَهُ أَيْ الِانْعِزَالَ الرَّافِعِيُّ بِبُطْلَانِ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَإِشْعَارِ طَحْنِهَا بِالْإِمْسَاكِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ

ــ

[حاشية الشربيني]

سم عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ جَاءَا مَعًا، عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ وَقَعَ كَلَامُهُمَا مَعًا صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ

(قَوْلُهُ: فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) أَيْ فِي تَصَرُّفٍ شَرْطُهُ الْعَدَالَةُ كَالنِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَلَسٍ) صُورَتُهُ فِي الْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْوَكِيلِ، ثُمَّ قَبْلَ الشِّرَاءِ حَجَرَ عَلَيْهِ فَيَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إمَّا قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: بِإِغْمَاءِ وَاحِدٍ) نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرٌ لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِكَسْرِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَكَذَا بِتَعَدٍّ عَلَى مَا بَحَثَهُ م ر لَكِنْ اسْتَوْجَهَ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَدَمَ انْعِزَالِ الْمُتَعَدِّي لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: زَوَّجَهُ) أَيْ الرَّقِيقَ وَكَانَ أَمَةً بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِي بَيْعِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً.

(قَوْلُهُ: رَقِيقَ الْمُوَكِّلِ) وَلَا يَنْعَزِلُ هَذَا بِعَزْلِهِ نَفْسَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ) أَيْ إنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ زَوَالُ الِاسْمِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ الْعِلَّةُ الزَّوَالُ بِمَا يُشْعِرُ بِالنَّدَمِ فَهُمَا، وَإِنْ كَانَا عِلَّتَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَرَكُّبِ الْعِلَلِ لَكِنَّ فِعْلَ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ زَالَ بِهِ الِاسْمُ إلَّا أَنَّهُ يَبْعُدُ تَأْثِيرُهُ فَلِذَا أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ كُلًّا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ

ص: 192

لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْحِنْطَةِ كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا لَمْ يَكُنْ عَزْلًا قَطْعًا قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ عَزْلٌ وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ آخَرَ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ مُبْهَمًا مُنِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَصَحِّ حَتَّى يُمَيِّزَ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ

(أَوْ دَفَعْ وَكِيلٌ) أَيْ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِدَفْعِهِ (التَّوْكِيلَ) كَرَدَدْتُ الْوَكَالَةَ أَوْ رَفَعْتهَا أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْعَزْلِ كَمَا دَخَلَ فِيهِ دَفْعُ الْمُوَكِّلِ وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ أَمْرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (لَا إذَا وَقَعْ مِنْهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (تَعَدٍّ) فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ فَلَيْسَ بِعَزْلٍ (وَلْيَضْمَنْ) هُوَ مَا تَعَدَّى فِيهِ لِارْتِفَاعِ الْأَمَانَةِ بِالتَّعَدِّي وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا كَالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا ائْتِمَانٌ مَحْضٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ (لَا الثَّمَنْ) أَيْ لَا ثَمَنَ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِأَنْ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ نَعَمْ إنْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وَكَّلَ فِيهِ وَبَاعَهُ فِيهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَنَهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقِرَاضِ وَقَدْ قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إلَى هَذَا (وَلَا إذَا الْبَيْعُ بِالْإِقْبَاضِ اقْتَرَنْ) أَيْ اقْتَرَنَ بِإِقْبَاضِ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِأَنْ بَاعَهُ وَأَقْبَضَهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَزُولُ عَنْهُ ضَمَانُهُ بِذَلِكَ لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ بِالْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (وَعَادَ) ضَمَانُ مَا تَعَدَّى فِيهِ (لَوْ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ يُرَدْ) لِعَوْدِ الْيَدِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَا نَصَّ فِيهِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَعُودُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي هُنَا مَسَائِلُ تَرَكَهَا النَّاظِمُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي بَحْثِ الدَّعَاوَى

(وَفِي الْأَدَا مَنْ قَوْلُهُ لَا يُعْتَمَدْ يَقُولُ أَشْهَدْ) أَيْ وَمَنْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ فِي أَدَائِهِ لِحَقٍّ لَزِمَهُ كَغَاصِبٍ وَقَيِّمٍ وَوَصِيٍّ وَوَلِيٍّ بَعْدَ رُشْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِذِي الْحَقِّ لَا أُؤَدِّيهِ لَك إلَّا بِإِشْهَادٍ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ بِالْأَدَاءِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِمُقَابِلِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ: الْمَرَاوِزَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهُ عِرَاقِيٌّ وَاسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلْغَاصِبِ بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ عَلَى الْفَوْرِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ فَاغْتُفِرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، أَمَّا مَنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ فِي الْأَدَاءِ كَوَكِيلٍ وَلَوْ بِجُعْلٍ

ــ

[حاشية العبادي]

بِاسْمِ الْحِنْطَةِ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا لَمْ يَكُنْ عَزْلًا وَقَضِيَّةُ الثَّانِي خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ. . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ تَصَرَّفَ لَمْ يَنْفُذْ أَيْ وَلَا يَتَبَيَّنُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ نُفُوذُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ وَكَّلَ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: عَزَلْت أَكْثَرَهُمْ انْعَزَلَ سِتَّةٌ وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ أَيْ السَّابِقِ عَلَى التَّعْيِينِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا تَصَرُّفُهُمْ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُمْكِنُ إلَّا نُفُوذُهُ لِتَعَيُّنِهِمْ لِلْوَكَالَةِ بِالتَّعْيِينِ وَقَوْلُهُ: وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ

(قَوْلُهُ: ائْتِمَانٌ مَحْضٌ) كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ وَكِيلًا لِوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَالْمُتَّجَهُ انْعِزَالُهُ كَالْوَصِيِّ يَفْسُقُ إذْ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَالٍ مَحْجُورٍ بِيَدِ غَيْرِ عَدْلٍ وَمَا قَالُوهُ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَمْنَعُ الْوَكَالَةَ، وَإِنْ مَنَعَ الْوَلَايَةَ نَعَمْ الْمَمْنُوعُ إبْقَاءُ الْمَالِ بِيَدِهِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: وَبَاعَهُ فِيهِ) أَيْ حَيْثُ جَازَ الْبَيْعُ بِأَنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَنَقْلُهُ عَنْ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنِ إذَا لَمْ يُقَدَّرْ الثَّمَنُ مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنْ فِي الْحُكْمِ مَعَ هَذَا بِالتَّعَدِّي بِالسَّفَرِ تَأَمُّلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا أَطْلَقَ الْبَيْعَ فِي بَلَدٍ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْبَيْعُ فِيهَا فَإِنْ نَقَلَ ضَمِنَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِعَوْدِ الْيَدِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ الضَّمَانُ إلَّا أَنْ يُرَادَ لِعَوْدِ الْيَدِ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَعَادَ. إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ بَاعَ بِالْوَكَالَةِ مَا غَصَبَهُ صَحَّ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ إنْ قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ حِينِهِ فَلَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَالْمِلْكُ تَجَدَّدَ. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ رَدَّهُ بِمَا هُنَا قَالَ إذَا عَادَ الضَّمَانُ فِي الْوَكِيلِ فَفِي الْغَاصِبِ أَوْلَى وَتَقَدَّمَ مِنَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ مَنْعُ هَذَا الرَّدِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا صَارَ ضَامِنًا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي تَعَدَّى فِيهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْبَيْعِ وَالْغَاصِبُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْبَيْعِ الَّذِي قَطَعَ الضَّمَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ. . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

خِلَافَهُ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ. . إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ خُرُوجٌ عَنْ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ تَبْطُلُ بِهِ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَسْخَ. . إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ الْفَسْخَ، وَإِنْ رَفَعَهُ مِنْ حِينِهِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: يَقُولُ اشْهَدْ) أَيْ يَطْلُبُ مِنْ الْمُؤَدِّي لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَدَاءِ لَهُ. (قَوْلُهُ: لَهُ أَنْ يَقُولَ. . إلَخْ) فَلَوْ امْتَنَعَ الْغَاصِبُ مِنْ الْأَدَاءِ لِلْإِشْهَادِ وَتَلِفَ الْمَغْصُوبُ حِينَئِذٍ هَلْ يَضْمَنُ لِأَصْلِ التَّعَدِّي أَوْ لَا لِعُذْرِهِ الظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَتَصْرِيحُهُمْ بِعَدَمِ الْإِثْمِ فِي هَذَا التَّأْخِيرِ لَا يُنَافِيهِ وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: كَوَكِيلٍ) أَيْ كَأَنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ رَدَّ الْمُعَوَّضِ أَوْ الْعِوَضِ عَلَى مُوَكِّلِهِ، أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ عَلَى رَسُولِهِ وَأَنْكَرَ فَلْيُثْبِتْهُ لِأَنَّهُ رَدٌّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ إلَّا إذَا

ص: 193

وَمُودَعٍ وَشَرِيكٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِقَبُولِ قَوْلِهِ: (وَالْوَكِيلُ) بِأَدَاءِ حَقٍّ إذَا أَدَّاهُ وَلَمْ يَشْهَدْ بِأَدَائِهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَدَاءِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْ الْوَكِيلَ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ وَإِذَا حَلَفَ طَالَبَ الْمُوَكِّلَ بِحَقِّهِ لَا الْوَكِيلَ وَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ (ضَمِنَهْ) لَهُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَدَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ هَذَا إذَا أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ أَدَّى بِحَضْرَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِنِسْبَةِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ إلَى الْمُوَكِّلِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي الضَّمَانِ فَلَوْ قَالَ: أَدَّيْت بِحَضْرَتِك صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَضْرَةِ وَحُكْمُ مَوْتِ الشَّاهِدِ وَجُنُونِهِ وَغَيْبَتِهِ وَوَحْدَتِهِ وَتَبَيَّنْ فِسْقَهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِهِ هُنَاكَ عَنْ إعَادَتِهِ هُنَا، أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلَا ضَمَانَ (لَا مُودَعٌ) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ بِرَدِّهَا إلَى وَكِيلِ مَالِكِهَا إذَا صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا الْإِخْفَاءُ بِخِلَافِ أَدَاءِ الْحَقِّ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُنَا وَحَكَى فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى رَدِّهَا إلَى الْوَكِيلِ وَجْهَيْنِ جَارِيَيْنِ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ ابْتِدَاءً بِالْإِيدَاعِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ لَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا هُنَا وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ نَعَمْ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِأَدَاءِ الْحَقِّ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا مَرَّ فِي الْمُوَكِّلِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ غَيْبَتِهِ وَحَضْرَتِهِ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الرَّدَّ أَوْ الْوَكَالَةَ فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالرَّدِّ وَادَّعَى التَّلَفَ وَقَوْلُهُ:(بِتَرْكِهِ) صِلَةُ ضَمِنَ أَيْ ضَمِنَهُ الْوَكِيلُ لَا الْمُودَعُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ كَمَا تَقَرَّرَ

. (وَالْبَيِّنَهْ تُطْلَبُ أَنْ تُقَامَ لِلْوَكَالَهْ) أَيْ وَلِمَنْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: فِي الْأَدَاءِ إذَا طَالَبَهُ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ (وَلَوْ مَعَ التَّصْدِيقِ) أَيْ تَصْدِيقِهِ لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهَا فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَقَدْ صَدَّقَهُ فَحَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَنْكَرَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا أَخَذَهَا مِنْ الْقَابِضِ فَإِنْ تَلِفَتْ فَلَهُ تَغْرِيمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ غَيْرُ ظَالِمِهِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا إذَا تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ وَغُرْمِ الدَّافِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ عِنْدَهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ وَحَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ) أَيْ الْإِشْهَادِ الْمَفْهُومِ مِنْ (أَشْهَدُ)

(قَوْلُهُ: وَالْبَيِّنَةَ) مَفْعُولُ يَطْلُبُ. (قَوْلُهُ يَطْلُبُ) عَطْفٌ عَلَى يَقُولُ أَشْهَدُ وَقَوْلُهُ: أَنْ تُقَامُ لِلْوَكَالَةِ بَدَلٌ مِنْ الْبَيِّنَةَ. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَلِفَتْ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَزَادَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَلَى الْقَابِضِ لَوْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ حِينَئِذٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَقُّهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الرَّدِّ إلَيْهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَدَّى الضَّامِنُ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ انْتِفَاعِ الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّاهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ هُوَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَيْهِ وَمَا فِي ع ش هُنَا فِيهِ سَقْطٌ أَوْ هُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ إلَى أَنْ يَشْهَدَ وَلَمْ يَشْهَدْ صَارَ ضَامِنًا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ مَوْتُ الشَّاهِدِ. . إلَخْ) فَيَكْفِي الْإِشْهَادُ وَلَوْ بَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ مَاتَا أَوْ غَابَا أَوْ جُنَّا إنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَوْ كَذَّبَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. اهـ. م ر وَع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَوَحْدَتُهُ) فَيَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ وَاحِدٌ أَوْ يَحْلِفَ مَعَهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إذَا صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ) لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُ بِخِلَافِ تَصْدِيقِهِ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ شَرْحُ إرْشَادٍ لِحَجَرٍ وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا تَرَكَ غَرِمَ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا) مُعْتَمَدٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ لَا حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ أَحَدٍ حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ بَيْنَ حُضُورِهِ وَعَدَمِهِ فَحَيْثُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ يُفِدْهُ أَدَاؤُهُ شَيْئًا وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ الْآذِنِ فَيَغْرَمُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِأَدَاءِ حَقٍّ إذَا أَدَّى بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ فِي مَكَانِ الْأَدَاءِ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُقَصِّرُ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ لِلْإِشْهَادِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ فَحَيْثُ تَرَكَهُ لَمْ يُنْسَبْ التَّقْصِيرُ لِغَيْرِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَحَكَى فِيهَا. . إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ ابْتِدَاءً بِإِيدَاعِ شَيْءٍ فَأَوْدَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ الْمُودَعُ لِلْوَكِيلِ بِدُونِ إشْهَادٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ) أَيْ سَوَاءٌ أَدَّى فِي غَيْبَتِهِ أَوْ حُضُورِهِ

(قَوْلُهُ وَلِمَنْ. . إلَخْ) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ بِلَا بَيِّنَةٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي دَفْعِ الْعَيْنِ غَلَبَةُ ظَنِّهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ. اهـ. م ر وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَيْهِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَلْزَمَهُ إلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُلْزِمُهُ الدَّفْعَ، وَنُكُولُهُ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ يَحْلِفُ لَا يَزِيدُ عَلَى إقْرَارِهِ أَيْ تَصْدِيقِهِ بِوَكَالَتِهِ. اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ وَقَدْ صَدَّقَهُ) أَيْ صَرَّحَ بِتَصْدِيقِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَلَهُ

ص: 194

بِحَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الدَّافِعِ بِحَقِّهِ وَيَسْتَرِدُّ هُوَ الْمَدْفُوعَ وَإِنْ صَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِزَعْمِهِ لِأَنَّهُ ظَلَمَهُ بِتَغْرِيمِهِ وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَإِنْ فَرَّطَ فِيهِ غَرِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْقَابِضِ إنْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِلدَّافِعِ بِزَعْمِ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَا إنْ بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ وَالْمَقْبُوضُ لَيْسَ حَقَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْمَدِينِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَحَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ غَرِمَ الدَّافِعُ، ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَمُقْتَضِي كَلَامِهِمْ جَوَازُ الدَّفْعِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (لَا) إنْ طَالَبَهُ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ أَوْ الْإِرْثِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَيِّنَةً عَلَى (الْحَوَالَهْ وَالْإِرْثُ إنْ يُذْعِنْ) لَهُ أَيْ يُصَدِّقْهُ فِيهِمَا لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ حَقَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ (وَإِنْ يَثْبُتْ هَنَّهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ (قَبْضُ الْوَكِيلِ) بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ بَعْدَ جَحْدِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَى هَلَاكَ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ:

(لَمْ تُفِدْهُ الْبَيِّنَهْ لِلْهُلْكِ أَوْ لِلرَّدِّ) إنْ أَسْنَدَهُمَا مَعَ بَيِّنَتِهِ إلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيَسْتَرِدُّ هُوَ) أَيْ الدَّافِعُ الْمَدْفُوعَ إنْ بَقِيَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ صَارَ بِزَعْمِهِ) أَيْ الدَّافِعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَدْفُوعُ تَالِفًا فَإِنْ فَرَّطَ أَيْ الْقَابِضُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) بِأَنْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ الدَّافِعُ. . إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ صُورَةَ الدَّيْنِ وَكَذَا صُورَةُ الْعَيْنِ إذَا تَلِفَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ لَهُ تَغْرِيمَ الْقَابِضِ أَيْضًا وَلَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَصْدِيقِهِ بَلْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا. اهـ. (قَوْلُهُ: غَرِمَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ) أَيْ الدَّافِعُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْعَيْنِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِلْكَهُ، أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا. . إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ) أَوْ بِطَرِيقِ كَوْنِهِ نَاظِرَ الْمَكَانِ الْمُقَرِّ لَهُ م ر.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَثْبُتَ مِنْهُ) أَيْ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بِهَاءِ السَّكْتِ) قَدْ تَقَرَّرَ فِي النَّحْوِ أَنَّهُ يَجُوزُ اتِّصَالُ هَاءِ السَّكْتِ بِكُلِّ مُتَحَرِّكٍ حَرَكَةً غَيْرَ إعْرَابِيَّةٍ وَلَا شَبِيهَةً بِالْإِعْرَابِيَّةِ فِي الْعَرُوضِ عِنْدَ مُقْتَضَيَاتِهَا وَانْتِفَائِهَا عِنْدَ عَدَمِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِنَائِيَّةً نَحْوُ هُوَ وَهِيَ أَمْ لَا نَحْوَ الزَّيْدَانِ وَالْمُسْلِمُونَ، وَحَرَكَةُ نُونِ هُنَا لَيْسَتْ إعْرَابِيَّةً وَلَا شَبِيهَةً بِهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ لِحَاقَ الْهَاءِ بِحَرْفِهَا قِيَاسٌ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَذَفَ الْأَلِفَ وَأَلْحَقَ الْهَاءَ بِمَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَثْبُتُ وَكَذَا بَعْدَ جَحْدِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلَهُ) كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: فَرْعٌ عَدَمُ قَبُولِهِ قَوْلَهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ عَدَمِ إفَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْآتِي. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ. . إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْجَحْدِ وَأَيْضًا الْغَاصِبُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلَوْ أُرِيدَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ سُقُوطِ الضَّمَانِ لَمْ يَبْقَ إشْكَالٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يُمْكِنُ إدْخَالُ ذَلِكَ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ الْيَمِينِ فِي تَلَفٍ. . إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تُفِدْهُ الْبَيِّنَةُ. . إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِي الرَّدِّ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي التَّلَفِ قَبْلَ الْجَحْدِ لَا بَعْدَهُ وَقَبُولُ بَيِّنَةٍ بِهِمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

مُطَالَبَتُهُ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَفِرَ. . إلَخْ) فَأَخَذَهُ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ صَدَّقَ مُدَّعِيَ الْوَكَالَةِ وَتَكْذِيبُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَدْفَعُ ذَلِكَ التَّصْدِيقَ. اهـ. م ر أَيْ فَهُوَ بِاعْتِقَادِهِ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ فَيَأْتِي فِيهِ الظَّفَرُ. (قَوْلُهُ: غَرِمَ الدَّافِعُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْفُوعُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا وَتَلِفَتْ لَكِنْ لَهُ فِي الْعَيْنِ تَغْرِيمُ الْقَابِضِ أَيْضًا سم عَلَى تح. (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى. . إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي غَلَبَةُ ظَنِّهِ فِي جَوَازِ دَفْعِهَا إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِرْثُ) بِأَنْ قَالَ: أَنَا وَارِثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَكْفِي أَنَا وَارِثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِغَيْرِهِ مَعَ خَفَاءِ الْحَصْرِ فِيهَا جِدًّا. اهـ. م ر وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَثْبُتْ عَنْهُ قَبْضُ الْوَكِيلِ. . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْقَبْضِ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْغَرِيمِ فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُخَالِفُ جُحُودَهُ، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ مُطْلَقًا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَبْلَ الْجُحُودَ أَوْ التَّلَفَ قَبْلَ الْجُحُودِ لَمْ يُصَدَّقْ لِمَصِيرِهِ خَائِنًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَنَحْوُهُ كَقَوْلِهِ: لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إذْ لَا تَنَاقُضَ فَلَوْ أَقَامَ الْمُصَرِّحُ بِجُحُودٍ مَا ذَكَرَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ سُمِعَتْ

ص: 195