المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان المخابرة - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: ‌ بيان المخابرة

الْعَمَلَ وَبِالْعُسْرِ عَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ أَيْضًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالتَّعَذُّرِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَاتَّحَدَ الْعَامِلُ) بِأَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْمُزَارَعَةِ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ وَاحِدًا كَانَ، أَوْ أَكْثَرَ؛ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ التَّبَعِيَّةِ الْآتِي بَيَانُهَا (وَ) اتَّحَدَ (الْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَبَعٌ فَلَا تُفْرَدُ كَمَا لَوْ زَارَعَ مَعَ غَيْرِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ. (تَبَعْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: تَبَعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، أَوْ بِكَسْرِهَا فَيَكُونُ فِعْلًا أَيْ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِلْمُسَاقَاةِ بِأَنْ يَقُولَ: سَاقَيْتُك وَزَارَعْتُكَ، أَوْ عَامَلْتُك عَلَى هَذِهِ النَّخِيلِ، وَالْبَيَاضِ، فَإِنْ عَكَسَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ كَمَزْجِ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ بِهِ وَدَلِيلُ الصِّحَّةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ مُعَامَلَةُ أَهْلِ خَيْبَرَ السَّابِقَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثَّمَرِ وَرُبْعَ الزَّرْعِ مَثَلًا وَدَلِيلُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَحَيْثُ اخْتَلَّ شَرْطٌ فَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الزَّرْعِ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ. وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ شَائِعًا لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي الْأَرْضِ وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ شَائِعًا، أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ شَائِعًا لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الْبَذْرِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْأَرْضِ

. ثُمَّ أَخَذَ فِي‌

‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ لَكِنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْعَامِلِ فَقَالَ: (وَلَا تُخَابِرْ فَهْوَ) أَيْ: عَقْدُ الْمُخَابَرَةِ (بِالنَّصِّ) أَيْ: بِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (امْتَنَعْ) تَبَعًا وَاسْتِقْلَالًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُزَارَعَةِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِصِحَّتِهَا وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيِّ صِحَّتَهُمَا مَعًا، وَلَوْ مُنْفَرِدَتَيْنِ لِصِحَّةِ أَخْبَارِهِمَا وَحَمَلَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْآخَرِ أُخْرَى وَحُكِيَ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ خَبَرَ النَّهْيِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْغَلَّةُ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَمَنَافِعِ دَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ، أَوْ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَيَتَبَرَّعَ بِالْعَمَلِ، وَالْمَنَافِعِ، وَالْمُخَابَرَةُ مِنْ الْخَبِيرِ، وَهُوَ الْأَكَّارُ أَيْ: الزَّرَّاعُ وَيُقَالُ: مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرَّخْوَةُ. زَادَ الْجَوْهَرِيُّ ذَاتَ الْحِجَارَةِ

. وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ (إنْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ) مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّ لِحُصُولِ الثِّمَارِ غَايَةً يَسْهُلُ ضَبْطُهَا بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ وَلَا يَصِحُّ التَّوْقِيتُ بِمَجْهُولٍ كَالتَّوْقِيتِ لِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ (تَحَصَّلَا) أَيْ: بِزَمَنٍ يَحْصُلُ (الرَّيْعُ) أَيْ: الثَّمَرُ (فِيهِ غَالِبًا) فَلَوْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ لَا يَحْصُلُ فِيهِ الثَّمَرُ عَادَةً لَمْ تَصِحَّ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية العبادي]

ح ج. (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ الْعَقْدُ إلَخْ) لَوْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَى الْأَرْضِ بِالنِّصْفِ وَعَامَلْتُك عَلَى الْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ أَيْ: فَقَبِلَهُمَا مَعًا كَانَ صَحِيحًا، وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَقُولَ: عَامَلْتُك عَلَى النَّخْلِ، وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ وَكَأَنَّهُمْ كَمَا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ اغْتَفَرُوا تَعَدُّدَ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الْعِوَضِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. اهـ. بِرّ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ) وَكَذَا يَجُوزُ شَرْطُ الْبَقَرِ عَلَى الْعَامِلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ وَفَارَقَ إجَارَةَ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ؛ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ فِيهَا بِأَنَّهُمَا هُنَا شَرِيكَانِ فِي الزَّرْعِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: إنْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: فَلَوْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ وَبَعْضُ الْمُدَّةِ بَاقٍ وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَعَلَى الْأَشْجَارِ طَلْعٌ، أَوْ بَلَحٌ مَلَكَ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ إلَى آخِرِ الْإِدْرَاكِ، وَإِنْ حَدَثَ الطَّلْعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ إلَى الْإِدْرَاكِ الظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ الْحِفْظَ، وَالْجِدَادَ وَالتَّجْفِيفَ لِأَنَّ لَنَا

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. ز ي وَنَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ حِينَئِذٍ، وَمَشَى ق ل عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ: لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عُسْرِ الْإِفْرَادِ.

(قَوْلُهُ: تَابِعَةً) أَيْ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَامَلْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ، وَالْبَيَاضِ) أَيْ بِكَذَا، أَمَّا لَوْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ رحمه الله. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ إلَخْ) فَانْدَفَعَ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُخَابَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا، وَالْمُخَابَرَةَ لَا تَصِحُّ تَبَعًا، وَلَا اسْتِقْلَالًا، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ احْتِمَالَ الْمُزَارَعَةِ يَنْفِي كَوْنَهُ دَلِيلًا لِلْمُخَابَرَةِ، وَأَمَّا دَلِيلُ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ تَبَعًا فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا لَمَّا فُتِحَتْ عَنْوَةً صَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالِكًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَبِّ وَغَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَمَا بَعْدَهَا أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْأُولَى عَيْنٌ فَقَطْ، وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ مَتَى شَاءَ، وَإِذَا رَجَعَ وَجَبَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ إذَا أَفْسَدَ مَنْبَتَهَا بِغَيْرِ الزَّرْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُعَارَةٌ بِخِلَافِ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا عَيْنٌ، وَمَنْفَعَةٌ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ فِي تَلَفِ الْمَنْبَتِ. اهـ. ق ل وَم ر وَرَشِيدِيٌّ

[بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ]

(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْمُزَارَعَةِ) أَيْ حَيْثُ صَحَّتْ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: أَشْبَهَ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهِمَا إلَّا الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلَ، وَالْبَذْرَ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِنِصْفِ الْبَذْرِ) وَيَتَبَرَّعُ

ص: 301

هَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ فِيهِ، فَإِنْ جَهِلَهُ اسْتَحَقَّهَا قَطْعًا، وَلَوْ أُقِّتَتْ بِمُتَسَاوِي احْتِمَالَيْ الْحُصُولِ وَعَدَمِهِ لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا كَمَا فِي السَّلَمِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا، وَالْمَرْجِعُ فِي الزَّمَنِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالشَّجَرِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ.

(وَلَوْ) حَصَلَ الرِّيعُ (إلَى آخِرِ) أَيْ: لِآخِرِ (أَعْوَامٍ) مِنْ زَمَنِ التَّأْقِيتِ كَأَنْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، وَالثَّمَرَةُ لَا تُتَوَقَّعُ إلَّا فِي الْعَاشِرِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَتَكُونُ الْأَعْوَامُ بِمَثَابَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْعَامِ الْوَاحِدِ فَلَوْ اتَّفَقَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يُثْمِرْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ شَيْئًا كَمَا لَوْ قَارَضَهُ فَلَمْ يَرْبَحْ، أَوْ سَاقَاهُ عَلَى النَّخِيلِ الْمُثْمِرَةِ فَلَمْ تُثْمِرْ، وَكَذَا لَوْ أَثْمَرَ فِي غَيْرِ الْآخِرِ، وَلَوْ سَاقَاهُ فِيمَا يُثْمِرُ كُلَّ عَامٍ إلَى عَشَرَةِ أَعْوَامٍ بِثَمَرَةِ عَامٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ لَا تُوجَدُ الثَّمَرَةُ إلَّا فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ فَيَفُوتُ عَلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبُهُ (وَمَعْ شَرِيكِ) أَيْ: تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ وَمَعَ شَرِيكٍ إنْ شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى نَصِيبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ لَهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ، أَوْ دُونَهُ لِخُلُوِّ الْمُسَاقَاةِ عَنْ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، فَإِنْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الثِّمَارِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا وَقَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ كَإِمَامِهِ تَفَقُّهًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ (وَمَعَ شَرْطِ عَمَلِ الْمَمْلُوكِ) أَيْ: مَمْلُوكِ الْمَالِكِ مَعَ الْعَامِلِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّةَ (وَ) مَعَ شَرْطِ (نَفَقَاتِ ذَا) أَيْ: الْمَمْلُوكِ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْتَزِمَ مُؤْنَةَ مَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ وَهَلْ يَجِبُ تَقْدِيرُهَا، أَوْ تُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَجْهًا يَقُولُ بِأَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فِي الْمُدَّةِ بِخِلَافِ السَّقْيِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا جَعَلَ السَّقْيَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا فَهَذَا أَوْلَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَوْجَرِيِّ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ عَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَفِي الِانْتِصَارِ، وَالْمُرْشِدِ أَنَّ التَّعَهُّدَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةٌ لِتَبْقِيَةِ حِصَّتِهِ عَلَى الشَّجَرِ إلَى حِينِ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا ثَمَرَةً مُدْرَكَةً بِحُكْمِ الْعَقْدِ. اهـ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الِانْتِصَارِ، وَالْمُرْشِدِ قَالَ فِي الْعُبَابِ: إنَّهُ أَقْيَسُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَطْلَعَ الشَّجَرُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ قَبَضَ الْعَامِلُ الشَّجَرَ أَوْ لَا اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَزِمَتْهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْعَمَلِ. اهـ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرِيكٌ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: فَلَوْ اتَّفَقَ إلَخْ) تَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: النَّخِيلِ الْمُثْمِرَةِ) أَيْ: الَّتِي شَأْنُهَا الْإِثْمَارُ كُلَّ عَامٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَثْمَرَ فِي غَيْرِ الْآخِرِ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَعْنَى جَعْلَ الْأَعْوَامِ هُنَا كَالْأَشْهُرِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فَقَطْ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ سَاقَاهُ عَلَى عَامٍ فَقَطْ، وَكَانَ رَجَاءُ الثَّمَرَةِ فِي آخِرِهِ فَحَصَلَتْ فِي أَوَّلِهِ اسْتَحَقَّ، نَعَمْ لَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِبَطْنٍ وَاحِدَةٍ فِي الْعَامِ فَحَصَلَ بَطْنَانِ فِيهِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ) هَذَا التَّقْيِيدُ وَاضِحٌ إنْ اعْتَقَدَ مَعَ عِلْمِهِ الْفَسَادَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لَا مُطْلَقًا بَلْ الْمُتَّجَهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ هَذَا الِاعْتِقَادُ اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ لِأَنَّهُ طَامِعٌ فِيمَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ التَّبَرُّعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ، نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّهُ إنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مُسَاقَاةُ غَيْرِهِ فَلَوْ فَعَلَ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا لِلثَّانِي أَيْضًا إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَقَوْلُهُمْ: وَلَا لِلثَّانِي يُخَالِفُ الِاعْتِمَادَ الْمَذْكُورَ، لَكِنْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مُسَاقَاةَ الْعَامِلِ فِيمَا ذُكِرَ فِي مَعْنَى مُسَاقَاةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى شَجَرِ الْغَيْرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ الْعِلْمِ؛ إذْ لَا اعْتِبَارَ بِالطَّمَعِ فِيمَنْ لَا حَقَّ لَهُ كَمَا فِي مُسَاقَاةِ الْغَاصِبِ؛ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ لِلثَّانِي حُكْمَ مَنْ عَمِلَ فِي مَغْصُوبٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالْعَمَلِ فَلَهُ فِي الثَّانِي أَنْ لَا يَعْمَلَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ

(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ عَلِمَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَثْمَرَ فِي غَيْرِ الْآخَرِ) أَيْ: وَكَانَ الثَّمَرُ لَا يُتَوَقَّعُ إلَّا فِي الْآخَرِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، فَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَغْلِبُ وُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَشْرِ فَأَثْمَرَ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامُ الْمُدَّةِ، وَلَهُ مَا شَرَطَ لَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَثْمَرَ فِي غَيْرِ الْآخِرِ) أَيْ: فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ مِمَّا هُوَ فِيمَا قَبْلَ الْآخِرِ. اهـ. ش الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يُثْمِرُ كُلَّ عَامٍ) فَفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُثْمِرُ كُلَّ عَامٍ، وَمَا لَا يُثْمِرُ إلَّا فِي الْآخِرِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ

ص: 302

الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَجْهَانِ وَبِالثَّانِي قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَلَوْ شَرَطَاهَا فِي الثَّمَرَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى يَكُونُ مَجْهُولًا، وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ شَرَطَاهَا مِنْ جُزْءٍ مَعْلُومٍ كَأَنْ شَرَطَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثَ وَلِنَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ الثُّلُثَ جَازَ وَكَانَ الْمَشْرُوطُ لِلْمَالِكِ الثُّلُثَانِ وَإِنْ شَرَطَاهَا بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ فَلَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لَهَا فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ.

(وَحَيْثُ اسْتَأْجَرَا) أَيْ: وَحَيْثُ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ (بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِكٍ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمَالِكِ مِنْ الثَّمَرَةِ، أَوْ غَيْرِهَا (فَلْيُحْظَرَا) بِإِبْدَالِ الْأَلِفِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ أَيْ: فَلْيَمْنَعَنَّ صِحَّةَ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهَا أَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ وَمُؤَنُهَا عَلَى الْعَامِلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تُصَحَّحُ إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

. وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ (بِقَوْلِهِ: سَاقَيْتُ، أَوْ عَامَلْتُ) عَلَى هَذَا النَّخْلِ، أَوْ الْعِنَبِ بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهِ وَكَذَا بِكُلِّ مَا فِي مَعْنَاهُمَا: كَسَلَّمْتُهُ إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ بِكَذَا، أَوْ تَعَهَّدْهُ بِكَذَا، أَوْ اعْمَلْ فِيهِ بِكَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً وَأَنْ تَكُونَ جَوَابًا عَلَى انْعِقَادِهَا بِالْكِنَايَةِ أَيْ: فَتَكُونُ كِنَايَةً، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ الْآتِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَغَيْرُهُ. (لَا قَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُ) أَيْ: لَا بِقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِتَتَعَهَّدَ نَخْلِي بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا الْبَحْثُ مَرْدُودٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ الْوَجْهَ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَنْ يَعْمَلُ فِي نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِمَسَائِلَ تُذْكَرُ فِي الْإِجَارَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ الْمَقْدِسِيَّ جَزَمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَوَجَّهَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيمَا سَاقَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ.

(قَوْلُهُ: قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا قَدَّرَهُ لِلْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الِاسْتِئْجَارِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ تُسْتَبْعَدُ الصِّحَّةُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَرَطَ أَنَّهُ، إنْ اسْتَأْجَرَ فَبِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ لَكِنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَدْ يُدْفَعُ الِاسْتِبْعَادُ بِأَنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ شَرَطَ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِينَ أَوْ الْمَوْصُوفِينَ، وَلَا يَدَ لَهُمْ لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ شُرِطَتْ أَيْ: نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ فَالْعُرْفُ كَافٍ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْمَالِكُ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِهِ لِلْعَامِلِ وَأَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْعَامِلِ وَشَرْطُهُ الِاسْتِئْجَارَ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ فِي مَعْنَى هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِكَذَا) وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِكَذَا اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْعِوَضِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا، نَعَمْ م ر وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ الْعِوَضُ، وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ م ر. (قَوْلُهُ: لَا قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرْت) وَإِنْ قَالَ: سَاقَيْتُك بِالنِّصْفِ لِتَكُونَ أُجْرَةً لَك لَمْ يَضُرَّ رَوْضٌ قَالَ فِي الرَّوْضِ: (فَصْلٌ)

سَاقَى اثْنَيْنِ صَفْقَةً هَذَا بِالنِّصْفِ وَهَذَا بِالثُّلُثِ جَازَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: صَفْقَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَوْ صَفْقَتَيْنِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يَشْكُلُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ مَعَهُ الْعَمَلَ فِي جَمِيعِ الْحَدِيقَةِ فَكَيْفَ يَعْقِدُ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْعَمَلِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ؟ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا عَقَدَ مَعَ كُلٍّ عَلَى نِصْفِ الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ، وَإِلَّا فَذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ، وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا إفْرَازٌ وَهَذَا جَارٍ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّتُهُ تَحَقُّقُ التَّرَطُّبِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ صَرِيحٌ إلَخْ) قِيلَ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَمَا إذَا نَوَى بِالطَّلَاقِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ وَلِزَوْجَتِهِ أَنْت حُرَّةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ قَالَا: وَمَسْأَلَتُنَا هُنَا كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي الِانْعِقَادُ بِهِ، إذَا نَوَيَا بِهِ الْمُسَاقَاةَ، وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ غَيْرُ مَوْضُوعِ الْإِجَارَةِ فَلَمْ تَصِحَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَشْهُرُ الصِّيَغِ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخِيلِ بِكَذَا، أَوْ عَقَدْت مَعَك عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهَا كَقَوْلِهِ: سَلَّمْت إلَيْك نَخِيلِي إلَخْ مَا فِي الشَّارِحِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنْ الْعُقُودِ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فَقَوْلُهُ هُنَا جَوَابًا أَيْ: تَفْرِيعًا.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً) اعْتَمَدَهُ م ر وَحَجَرٌ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر وَلَوْ سَاقَاهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي

ص: 303

صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَحَلِّهِ نَفَذَ فِيهِ وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ هَذَا إذَا قَصَدَ بِهِ الْمُسَاقَاةَ وَإِلَّا، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ الثَّمَرَةُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ مَوْجُودَةً كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ خَرَجَتْ وَبَدَا صَلَاحُهَا صَحَّ، سَوَاءٌ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةً مُعَيَّنَةً، أَمْ جُزْءًا شَائِعًا، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، فَإِنْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةً مُعَيَّنَةً، أَوْ كُلَّ الثِّمَارِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ، أَوْ جُزْءًا شَائِعًا فَلَا وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ

. (مَعْ) أَيْ: وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بِالْإِيجَابِ مَعَ الْقَبُولِ نَحْوِ (قَبِلْتُ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ. (وَ) مَعَ كَوْنِ الْعَاقِدَيْنِ (عَرَفَا أَشْجَارَ نَوْعَيْنِ) فَأَكْثَرَ أَيْ: قَدْرَ كُلِّ نَوْعٍ، وَلَوْ تَخْمِينًا (مَتَى مَالِكُهُ يَشْتَرِطُ التَّفَاوُتَا) فِيمَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنْ الثَّمَرَةِ كَأَنْ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ فِي الْبَرْنِيِّ، وَالثُّلُثَ فِي الْمَعْقِلِيِّ فَلَوْ جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَفَاوُتًا فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ كُلِّ نَوْعٍ (وَعَمَلًا بِجُمْلَةٍ) أَيْ: وَعَرَفَا الْعَمَلَ اللَّازِمَ لِلْعَامِلِ جُمْلَةً كَمَعْرِفَةِ أَنَّ عَلَى الْعَامِلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْبِيَةِ الْأَشْجَارِ وَزِيَادَةِ الثِّمَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ تَفْصِيلًا، بَلْ. (يُفَصِّلُ عُرْفٌ) أَيْ: عُرْفُ كُلِّ نَاحِيَةٍ يُفَصِّلُهُ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: سَاقَيْتُك عَلَى هَذِهِ الْحَدِيقَةِ لِتَعْمَلَ فِيهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ بَيْنَنَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي مَعْرِفَةُ الْعَمَلِ إجْمَالًا وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ تَفْصِيلًا خِلَافَ الْمَنْقُولِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، بَلْ يُحْمَلُ فِي كُلِّ

ــ

[حاشية العبادي]

نِيَّةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى بَلْ، إنْ أَتَى بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُهَا كَانَتْ صَحِيحَةً، وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْإِمَامِ: كُلُّ صَرِيحٍ اُسْتُعْمِلَ فِي مَكَانِ إمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يُصْرَفْ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِهِ. وَاحْتَرَزَ بِالْإِمْكَانِ عَمَّا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَكَانًا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ فَكَانَ كِنَايَةً وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْعِبَارَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ، وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَالصَّوَابُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْإِمَامِ هَذَا وَأَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنْ يُقَالَ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لِتَخْرُجَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا إذَا قَالَ: أَسْلَمْت هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا، وَلَا سَلَمًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إيرَادُهُ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى عَبْدٍ بِصِفَاتِ الْمُعَيَّنِ، ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمُعَيَّنَ، وَكَذَا بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ لَا يَنْعَقِدُ هِبَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ بَيْعًا بِذِكْرِ الثَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ: سَاقَيْتُك بِكَذَا لِيَكُونَ أُجْرَةً لَك لَمْ يَضُرَّ لِسَبْقِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ كُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ، وَإِلَّا فَنَحْوُ الْبَيْعِ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُهُ فِيهِ وَبِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَفَاوُتًا فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ قَدْرَ حِصَّتِهِ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَوْضُوعِهِ، وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. مَرْدُودٌ، وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بِصُورَةٍ فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ؛ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا. فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ، وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يُمْكِنُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الصَّرِيحِ فِي بَابِهِ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ. اهـ. بِبَعْضِ تَغْيِيرٍ مِنْ الرَّشِيدِيِّ، لَكِنَّ مَا فَرَّقَ بِهِ م ر أَوَّلًا مِنْ إمْكَانِ التَّصْحِيحِ وَعَدَمِهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْمُسَاقَاةِ، إذَا اُسْتُعْمِلَ لَفْظُهَا فِي بَيْعِ عَبْدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ كِنَايَةً فِي بَيْعِهِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَقَوْلُهُ: إنَّ الظِّهَارَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَصَوُّرُهُ إلَخْ فِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ عَكْسَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْأَصْحَابِ، وَأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنْ جِهَةِ طَرْدِهَا لَا مِنْ جِهَةِ عَكْسِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إنَّ الْبَيْعَ مَثَلًا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ الطَّلَاقِ مَثَلًا، فَلَوْ كَانَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ مُرَادًا لَصَحَّ الْبَيْعُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ، وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَحِينَئِذٍ فَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ مُنْدَفِعٌ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِ م ر: وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ إلَخْ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ لِعَارِضٍ كَعُدُولِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ) أَيْ: وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ بِذِكْرِ عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ عِوَضًا مَعْلُومًا

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَفَاوُتًا فَلَا يَشْتَرِطُ إلَخْ) قَالَ فِي ش الرَّوْضِ: قَالَ

ص: 304

نَاحِيَةٍ عَلَى عُرْفِهَا الْغَالِبِ.

ثُمَّ قَالَا: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا عَلِمَ الْمُتَعَاقِدَانِ الْعُرْفَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا، وَجَبَ التَّفْصِيلُ قَطْعًا انْتَهَى وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: وَإِنْ قَالَ: خُذْهَا وَتَعَهَّدْهَا عَلَى كَذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَيْهَا بِكَذَا فَفِي التَّفْصِيلِ تَرَدُّدٌ (وَذِي) أَيْ: الْمُسَاقَاةُ (لَازِمَةٌ) فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهَا كَالْإِجَارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهِمَا فِي أَعْيَانٍ تَبْقَى بِحَالِهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لَا تَبْقَى أَعْيَانُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ (وَيَعْمَلُ مُكَرَّرًا وَكُلَّ مَا احْتَاجَ الثَّمَرْ لَهُ) أَيْ: وَيَعْمَلُ وُجُوبًا الْعَامِلُ مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الثَّمَرُ لِتَنْمِيَتِهِ وَصَلَاحِهِ (كَحِفْظٍ وَجِدَادٍ) لَهُ أَيْ: قَطْعِهِ، وَكَتَجْفِيفِهِ وَسَقْيِهِ، وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ وَإِصْلَاحِ الْحُفَرِ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمَاءُ حَوْلَ الشَّجَرِ، وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ بِالشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارِ، وَسَدِّ رَأْسِ السَّاقِيَّةِ وَفَتْحِهَا وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَتَكْرِيمِهَا وَتَقْوِيَتِهَا بِالزِّبْلِ وَتَلْقِيحِ النَّخْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِفْظٌ لِلثَّمَرِ فَيَلْزَمُهُ كَمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ حِفْظُ مَالِ الْقِرَاضِ (لَا) كَحَفْرِ (نَهَرْ) وَبِئْرٍ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ مِنْهُمَا وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَنَصْبِ الْأَبْوَابِ، وَالدُّولَابِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَلَا تَلْزَمُ الْعَامِلَ؛ إذْ فِي تَكْلِيفِهِ إيَّاهَا إجْحَافٌ بِهِ فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَيْهِ الْأَعْيَانُ كَالطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ.

وَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ غَيْرُ الْعَمَلِ، فَلَوْ شَرَطَ مَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَوْ فَعَلَ الْعَامِلُ مَا عَلَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، أَوْ بِإِذْنِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ لَا يَقْتَضِي الْأُجْرَةَ فَالْمُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: اغْسِلْ ثَوْبِي، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ لِعَمَلٍ تَجِبُ فِيهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَقَوْلِهِ: لَا نَهْرٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَسَهْمُهُ) أَيْ: الْعَامِلِ مِنْ الثِّمَارِ (يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ) إنْ عُقِدَتْ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَفِي تِلْكَ الْقَدْرِ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرٍ نِصْفُ الْأَكْثَرِ وَثُلُثُ الْأَقَلِّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي. اهـ. وَأَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ تَكُونُ ثَمَرَةُ الْأَقَلِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَرَةِ الْأَكْثَرِ بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفُ الْأَقَلِّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْأَكْثَرِ بَلْ مِنْ جَمِيعِ الْأَكْثَرِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ نَفْسِ الْأَشْجَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِإِثْمَارِهَا، وَإِلَّا فَلَا نَظَرَ. (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ الْمُتَعَاقِدَانِ الْعُرْفَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ بَعْضَ مَا قَطَعُوا، أَوْ صَحَّحُوا أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فِي الْعُرْفِ مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ إلَّا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَرَفَا الْعُرْفَ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ) هَلْ يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِدْمَةِ وَلِبَيْعِ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ كَذَا مِنْ الدَّوَابِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الْعَقْدُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: إلَّا لِشَرْطِ السَّقْيِ عَلَى الْمَالِكِ فَيَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ؛ إذْ تَجَوُّزُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْبَعْلِيِّ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ إلَخْ) هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَقُلْنَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ) سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله عَلَيْهِ عَنْ شَخْصٍ سَاقَى آخَرَ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً، ثُمَّ سَقَطَ مِنْ نَوَى الْمُسَاقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَبَتَ فَهَلْ تَكُونُ ثَمَرَتُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ؛ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَوْنِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ مَرْئِيًّا مُعَيَّنًا مَغْرُوسًا. اهـ. وَكَانَ مُرَادُهُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَامِلَ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ ثَمَرَةِ مَا نَبَتَ مِنْ النَّوَى السَّاقِطِ لَكَانَ بِسَبَبِ الْمُسَاقَاةِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ مُسَاقَاةِ هَذَا النَّابِتِ قَبْلَ غَرْسِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّافِعِيُّ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْفَرْقُ أَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ، وَالصِّفَةُ وَفِي تِلْكَ الْقَدْرُ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرٍ نِصْفُ الْأَكْثَرِ وَثُلُثُ الْأَقَلِّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ) أَيْ: فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مَثَلًا وَإِنْ شَمَلَتْ الْوَكَالَةُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي غَسْلِ ثَوْبِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ) أَيْ: فِعْلُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْفَأْسِ، وَالْمِنْجَلِ فَعَلَى الْمَالِكِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: رَأْسِ السَّاقِيَّةِ) أَيْ: الْقَنَاةِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: مَا عَلَيْهِ) أَيْ: بِالنَّصِّ، أَوْ الْعُرْفِ

ص: 305

بِالْعَقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ لَيْسَتْ وِقَايَةً لِلْأَشْجَارِ بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْلَمَ الْأَصْلُ مِنْ الْخُسْرِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الْجَرِيدِ، وَاللِّيفِ، وَالْكِرْنَافِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الشَّمَارِيخَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ.

وَفِي دُخُولِ الْعُرْجُونِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْمَالِكِ (وَاتْبَعْ) أَنْتَ (لِرَدْمِ) أَيْ: سَدِّ (مَوْضِعٍ يَسِيرِ) مِنْ جِدَارِ الْحَدِيقَةِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْعَامِلِ (عُرْفًا) وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَالَ: إنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ تُتُبِّعَ فَوُجِدَ اطِّرَادُ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى الْمَالِكِ. وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُتَّبَعُ فِي وَضْعِ الشَّوْكِ عَلَى رُءُوس الْجُدَرَانِ الْعُرْفَ أَيْضًا

. (وَيَسْتَقْرِضُ لَوْ ذَا هَارِبُ قَاضٍ عَلَيْهِ وَاكْتَرَى) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى لُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَلِهَذَا فَرَّعَهُ الْحَاوِي، وَغَيْرُهُ بِالْفَاءِ أَيْ: إذَا ثَبَتَ لُزُومُهَا، فَلَوْ هَرَبَ ذَا أَيْ: الْعَامِلُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ الْمَالِكُ، أَوْ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مُسَاقَاتُهُ اكْتَرَى مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الثَّمَرَةِ وَإِلَّا بَاعَ نَصِيبَهُ، أَوْ بَعْضَهُ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ وَاكْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ مُدَّةَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ قَطْعِهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ وَاكْتَرَى بِمَا اقْتَرَضَهُ وَيَقْضِيهِ الْعَامِلُ إذَا رَجَعَ، أَوْ الْقَاضِي مِنْ نَصِيبِهِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَلَوْ لَمْ يَقْتَرِضْ لَكِنْ أَذِنَ لِلْمَالِكِ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَصَحُّهُمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ.

وَقَوْلُهُمْ: اكْتَرَى عَنْهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَالْهَرَبِ فِيمَا ذُكِرَ: الْمَرَضُ وَنَحْوُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِي لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ، أَوْ يُقَالُ: الْفَسْخُ حَقُّهُ وَطَلَبُ الْعَمَلِ حَقُّهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ يَكْتَرِي الْحَاكِمُ وَيَتَعَيَّنُ هَذَا فِي الْحَاضِرِ الْمُمْتَنِعِ انْتَهَى وَبِعَدَمِ الِاكْتِرَاءِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُعِينِ الْيَمَنِيُّ وَالنَّشَائِيُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (فَالصَّاحِبُ) أَيْ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي

ــ

[حاشية العبادي]

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً كَانَ النَّوَى مُشْتَرَكًا فَيَكُونُ مَا سَقَطَ مِنْهُ مُشْتَرَكًا وَيَلْزَمُ أَنَّ مَا نَبَتَ مِنْهُ وَثَمَرَتَهُ مُشْتَرَكَانِ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ فِي هَذَا الثَّمَرَةَ لِكَوْنِهَا ثَمَرَةَ مِلْكِهِ لَا لِكَوْنِهَا ثَمَرَةَ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الْجَرِيدِ إلَخْ) فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْأَوَّلُ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَفَسَادُ الْعَقْدِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ وَهُوَ شَرْطُ مَا لِأَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّمَارِيخَ مُشْتَرَكَةٌ) وَكَذَا الْقِنْوُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالْقِنْوُ وَشَمَارِيخُهُ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِنْوِ الْعُقْدَةُ الَّتِي أَصْلُ الشَّمَارِيخِ عَلَيْهَا وَبِالْعُرْجُونِ الْمُسْتَطِيلِ بَعْدَهَا

(قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ الِاكْتِرَاءِ إلَخْ) هَذَا لِكَوْنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ الْمُسَاقَاةِ عَنْهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُسَاقَاتُهُ عَلَى الذِّمَّةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِذَا لَمْ يُسَاقِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ بَلْ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: جَزَمَ صَاحِبُ الْمُعَيَّنِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) قَدْ يَشْكُلُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذِهِ الرُّتْبَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا بِدَلِيلِ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ وَقَدْ أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الرُّتْبَةِ إنْفَاقَ الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ أَدْخَلَ فِي الْمَرْتَبَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ إجَابَةِ الْغَيْرِ لَكِنْ فِي ش الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ؛ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَدِّ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ ع ش تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ إجَابَةِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَى الْمَالِكِ وَاسْتَظْهَرَهُ ع ش بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَمِينًا عَارِفًا

(قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مُسَاقَاتُهُ) أَيْ وَهَرَبُهُ وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ اهـ ش م ر. (قَوْلُهُ: اكْتَرَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ مَرْتَبَتَيْنِ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ بَلْ ثَلَاثًا بِالتَّبَرُّعِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِنْفَاقِ) أَيْ: الِاسْتِئْجَارِ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: الْجَوَازُ) قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا، إذَا قَدَّرَ لَهُ الْحَاكِمُ الْأُجْرَةَ وَعَيَّنَ الْأَجِيرَ كَذَا فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ لمر وَحَجَرٍ قَالَ ع ش: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. وَكَأَنَّ تَقْيِيدَ السُّبْكِيّ جَمَعَ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ إلَخْ) لِفَوَاتِ الْعَيْنِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهَا الْمُسَاقَاةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَتَتَعَيَّنُ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: النَّشَائِيُّ) بِكَسْرِ النُّونِ نِسْبَةً لِعَمَلِ النَّشَا. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ اسْتِقْرَاضِ الْقَاضِي الَّذِي مَرَّ إمَّا بِتَعَذُّرِ مُرَاجَعَتِهِ وَإِمَّا بِعَدَمِ وُجْدَانِ مَنْ يُقْرِضُ

ص: 306

أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ فَصَاحِبُ الشَّجَرِ (يُنْفِقُ) عَلَى الْعَمَلِ (مُشْهِدًا) عَلَى إنْفَاقِهِ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ وَيُصَرِّحُ فِي الْإِشْهَادِ بِالرُّجُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَنْفَقَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي وَلَمْ يُرَاجِعْهُ، أَوْ مَعَ عَجْزِهِ عَنْهَا وَلَمْ يُشْهِدْ كَمَا ذَكَرَ (جُعِلَا) أَيْ: إنْفَاقَهُ (تَبَرُّعًا) عَنْ الْعَامِلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا صَارَ حَاكِمًا لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

وَلَوْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ، وَكَإِنْفَاقِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ وَعَلَى إرَادَتِهِ الرُّجُوعَ بِالْأُجْرَةِ، إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ (كَأَجْنَبِيٍّ عَمِلَا) عَنْ الْعَامِلِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى يُنْفِقُ قَوْلَهُ:(أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ) أَيْ: إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ، فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَنْفَقَ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ، إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِبَاقِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا، فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا بِيعَ نَصِيبُ الْعَامِلِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مَنْ يَعْمَلُ، وَإِلَّا تَعَذَّرَ بَيْعُ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ فَإِمَّا أَنْ يَبِيعَ الْمَالِكُ مَعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْكُلِّ، أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَالِكُ نَصِيبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَقَفَ

ــ

[حاشية العبادي]

الَّتِي قَبْلَهَا الِاقْتِرَاضَ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ، مَعَ أَنَّ فَرْضَ إنْفَاقِ الْمَالِكِ يَقْتَضِي وُجُودَ مَنْ يُقْرِضُ الْقَاضِيَ وَهُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ إنْفَاقُهُ أَمْكَنَ إقْرَاضُهُ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ تَقْدِيرُهُ، أَوْ لَمْ تَتَعَذَّرْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي، لَكِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ وُجُودَ الْقَاضِي وَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَكْفِي فِي رُجُوعِ الْمَالِكِ، إذَا أَنْفَقَ الْإِشْهَادُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ فَرْضِ وُجُودِ الْقَاضِي؟ قَوْلُهُ: يُنْفِقُ مُشْهِدًا الْمُقْتَضِي لِلِاكْتِفَاءِ فِي الرُّجُوعِ بِالْإِشْهَادِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِأَنْ فَقَدَهُ فِي النَّاحِيَةِ، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يُجِبْهُ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلْيُشْهِدْ) أَيْ: إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا) قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ، وَالتَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ عَلَى الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا قَبْلَ ظُهُورِهَا، لَكِنْ فِي الْخَاتِمَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا بِيعَ نَصِيبُ الْعَامِلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عِبَارَتِهِ تَرَتُّبُ هَذَا عَلَى عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مُقَابِلٌ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ الْمَشْرُوطُ بِتَعَذُّرِ الْقَاضِي، أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ نَصِيبِهِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الِاقْتِرَاضِ وَقَدْ جَعَلَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَيَسْتَقْرِضُ لَوْ ذَا هَارِبٌ إلَخْ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَخْفَى عِنْدَ التَّأَمُّلِ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الِاضْطِرَابِ السَّالِمِ مِنْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَعَ إحْسَانِ التَّأَمُّلِ فَتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا تَعَذَّرَ بَيْعُ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِي الْمَالِكُ نَصِيبَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لِأَنَّ لِصَاحِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي ذَكَرَ الشَّارِحُ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ مُشْهِدًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي؛ وَلِذَا أَدْخَلَ الشَّارِحُ رحمه الله مَا إذَا وَجَدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ فِيمَا بَعْدُ إلَّا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَنْفَقَ مَعَ قُدْرَتِهِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُ) وَلَا يَلْزَمُ وُجْدَانُ مَنْ يُقْرِضُ؛ لِإِمْكَانِ أَنْ يَرْضَى بِالْإِنْفَاقِ دُونَ الْإِقْرَاضِ لِغَرَضٍ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا) أَيْ: ظَاهِرًا، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَنْفَقَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ، وَالْفَسْخِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هَكَذَا، فَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِقْرَاضُ وَغَيْرُهُ مِنْ الِاكْتِرَاءِ، وَالْإِنْفَاقِ، وَالْعَمَلِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ وَعِبَارَةُ شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ لِلْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ، وَالْإِنْفَاقِ وَلَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ الْفَسْخُ. اهـ. قَالَ الْمُحَشِّي عَلَى التُّحْفَةِ: قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي امْتِنَاعِ الْفَسْخِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ، وَمَنْ مَعَهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَعِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ

ص: 307

الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ (بِأَجْرِ) أَيْ: يَفْسَخُ مَعَ بَذْلِهِ لِلْعَامِلِ أَجْرَ (مِثْلِهِ) لِمَا عَمِلَهُ قَبْلَ هَرَبِهِ، أَوْ نَحْوِهِ (كَالشَّجَرِ) الَّذِي (اُسْتُحِقَّ) ثَمَرُهُ فَإِنَّ عَلَى الْمُسَاقِي لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ نُقْرَةً وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ وَهَذَا (عِنْدَ جَهْلِهِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ.

أَمَّا عِنْدَ عَمَلِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ عَنْ الْعَامِلِ أَبْدَا) أَيْ: أَظْهَرَ (ثَالِثُ تَبَرُّعًا) أَيْ: لِلْمَالِكِ الْفَسْخُ، وَإِنْ تَبَرَّعَ ثَالِثٌ عَنْ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ فَقَدْ لَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ مِلْكَهُ نَعَمْ لَوْ أَتَمَّ الْعَمَلَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَالِكُ، أَوْ عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ فَلَا فَسْخَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا قَالُوهُ، وَلَوْ قِيلَ: وُجُودُ مُتَبَرِّعٍ كَوُجُودِ مُقْرِضٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ الْفَسْخُ لَكَانَ قَرِيبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ مَا قَالُوهُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ انْتَهَى. وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ ائْتِمَانِ مَنْ اكْتَرَاهُ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ التَّامِّ ائْتِمَانُ الْمُتَبَرِّعِ وَكَالتَّبَرُّعِ بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعُ بِمُؤْنَتِهِ وَكَلَامُ النَّظْمِ شَامِلٌ لَهُ.

(وَإِنْ يَمُتْ) أَيْ: الْعَامِلُ (فَالْوَارِثُ) لَهُ (أَتَمَّ) الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَمِينًا مُهْتَدِيًا إلَى أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ (بَلْ لَا جَبْرَ) أَيْ: وَلَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى إتْمَامِ الْعَمَلِ (مَهْمَا لَمْ تَكُنْ) لِمُوَرِّثِهِ (تَرِكَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ خَالِصُ حَقِّهِ وَلَا يَسْتَقْرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ لِمُوَرِّثِهِ تَرِكَةٌ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ امْتَنَعَ اكْتَرَى الْقَاضِي، هَذَا إذَا وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى عَيْنِهِ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَوْ لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، أَوْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بِآفَةٍ، أَوْ غَصْبٍ فَعَلَى الْعَامِلِ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ كَتَنْضِيضِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الْبُسْتَانِ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْمَالِكُ بِالسَّعْيِ فِي رَدِّهِ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الشَّرِيكُ بِالْعِمَارَةِ وَلَا الْمُؤَجِّرُ بِعِمَارَةِ مَا أَجَرَ وَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ فِي الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ بِآفَةٍ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَامِلُ (أَمِينٌ) فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّ الثِّمَارِ وَتَلَفِهَا وَلَا يَضْمَنُ بِلَا تَقْصِيرٍ وَأَمَّا تَصْدِيقُهُ فِي نَفْيِ الْخِيَانَةِ فَلَيْسَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، بَلْ كُلُّ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَذَلِكَ (وَإِنْ يَخُنْ) أَيْ: وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ (يَسْتَأْجِرْ الْقَاضِي عَلَيْهِ مُشْرِفَا) يُشْرِفُ عَلَيْهِ (بَلْ) يُزِيلُ يَدَهُ وَيَسْتَأْجِرُ

ــ

[حاشية العبادي]

الشَّجَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ إلَخْ. اهـ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ شِرَاءُ الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ فَقْدُ الْقَاضِي وَهَرَبُ الْعَامِلِ قُلْت: يُتَصَوَّرُ وُجُودُ وَكِيلٍ عَامٍّ، أَوْ خَاصٍّ لِلْعَامِلِ، أَوْ وَلِيٍّ لِعُرُوضِ نَحْوِ جُنُونِ الْعَامِلِ وَقَدْ أَشْكَلَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَالِكَ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي صُدُورُهُ عَنْ عَاقِلٍ فَتَأَمَّلْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي تَصْوِيرِ بَيْعِ الْمَالِكِ مَعَهُ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى فَرْضِ ذَلِكَ مَعَ تَعَذُّرِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَلَا فَلْيُحَرَّرْ الْمُرَادُ. (قَوْلُهُ: الْأَمْرَ إلَى الصُّلْحِ) قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَفِي الْوَقْفِ إلَى الِاصْطِلَاحِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُجْبَرٌ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: أَجْرَ مِثْلِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يُقَالُ بِتَوْزِيعِ الثِّمَارِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ فِيهَا. اهـ. وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَأْتِي، إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَتَمَّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَحَصَلَتْ الثَّمَرَةُ سَلَّمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ عَلَى الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمِنَّةِ) قَدْ يُقَالُ الْمِنَّةُ عَلَى الْعَامِلِ لَا الْمَالِكِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ، إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوْ الْجِدَادِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّجْفِيفُ وَنَحْوُهُ فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَتَلِفَ الثَّمَرُ فَكَتَلَفِهِ بِآفَةٍ. اهـ. ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ إتْمَامُ الْعَمَلِ، لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ مَا أَخَّرَ لِلسَّقْيِ، إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ؟ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَلَفُ الثَّمَرِ بِهِ أَيْ: بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ كَالْجَائِحَةِ أَيْ: كَتَلَفِهِ بِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّ الثِّمَارِ إلَخْ) اُنْظُرْ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا وَقِيَاسُ عَدَمِ تَصْدِيقِ الشَّرِيكِ فِي رَدِّ حِصَّتِهِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ. (قَوْلُهُ: يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَلَى الْمُسَاقِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ ق ل هُنَا. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) فَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ هَلْ يَبْقَى اسْتِحْقَاقُهُ مِنْهَا بِقِسْطِ مَا عَمِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ يَرْجِعُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؟ الْقِيَاسُ الثَّانِي لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْمَوْتِ. اهـ. ع ش. اهـ. سم مَعْنًى.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُزِيلُ يَدَهُ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ الْفَسْخُ

ص: 308

(عَامِلًا) آخَرَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ اللَّازِمَ (إنْ حِفْظُهُ) أَيْ: الْعَامِلُ (بِهِ) أَيْ: بِالْمُشْرِفِ (انْتَفَى) وَأُجْرَةُ الْمُشْرِفِ، وَالْأَجِيرِ عَلَى الْعَامِلِ (فَرْعٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ لِيَنُوبَ عَنْهُ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهُ مِثْلَ مَا شَرَطَ الْمَالِكُ لَهُ، أَوْ دُونَهُ فَذَاكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، وَجَبَ لِلزِّيَادَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ لِلْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ، فَلَوْ فَعَلَ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا لِلثَّانِي أَيْضًا، إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (خَاتِمَةٌ)

قَالَ الرَّافِعِيُّ: بَيْعُ الْمَالِكِ الْحَدِيقَةَ فِي الْمُدَّةِ يُشْبِهُ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَالَ: وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ، إنْ بَاعَهَا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي ثَمَرِهَا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى بَعْضَهُ، وَكَذَا إنْ بَاعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ ظُهُورِهِ دُونَ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ، فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَصْلِ صَحَّ، وَكَانَ الْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ. وَاسْتَحْسَنَ فِي الرَّوْضَةِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ: إذَا شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ صَحَّ وَلَزِمَهُ لِلزَّائِدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلزِّيَادَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ سَاقَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَرَةِ صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ بِثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ لِلثُّلُثِ الْبَاقِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ طَامِعٌ فِي وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْهَامِشِ م ر أَقُولُ: هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا لِلثَّانِي أَيْضًا، إنْ عِلْم فَسَادَ الْعَقْدِ؟ . (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُعَامِلْ غَيْرَهُ وَتَرَكَ الْعَمَلَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهُ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الْإِعْرَاضِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ مَعَ مُعَامَلَةِ الْغَيْرِ م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ فَسَادَ إلَخْ) بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ الْمَالِكِ مَثَلًا مُسَاقَاةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ. (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ سَوْقِهِ عَنْهُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ: وَعُلِمَ هُنَا مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيُعَامِلَ غَيْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ انْفِسَاخَهَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ، وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ فُرُوقِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ نِيَابَةً إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَقْدٍ وَمَا هُنَاكَ فِي نِيَابَةٍ بِلَا عَقْدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ. (فَرْعٌ)

فِي فَتَاوَى الْقَاضِي، إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ، وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ تَرَكَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا أَجِيرٌ كَمَا قِيلَ بِهِ لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِيمَنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ أَنَّهُ، إذَا سَاقَى غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لِمَزِيدِ الْإِعْرَاضِ بِالتَّرْكِ مَعَ التَّعَدِّي بِمُعَامَلَةِ الْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمَالِكِ إلَخْ) . (فَرْعٌ)

لَوْ رَهَنَ أَشْجَارًا، ثُمَّ سَاقَى عَلَيْهَا، فَإِنْ نَقَصَتْ الْمُسَاقَاةُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِلَّا صَحَّتْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِهِ مِرَارًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَصِيرُ شَرِيكًا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ إذْ الْمَبِيعُ بَعْدَهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا) أَيْ: فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ بَعْدَ نَقْلِ مَا ذَكَرَ عَنْ الْبَغَوِيّ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَذَلِكَ فِيمَا، إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَإِنَّ لِلْوَارِثِ بَيْعَ الْبُسْتَانِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَمِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَارِزَةً، أَوْ لَمْ تَبْرُزْ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَيْعَ الْبُسْتَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ، بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَشْبِيهِ ذَلِكَ بِبَيْعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ. اهـ. كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاسْتَحْسَنَهُ النَّوَوِيُّ مَرْدُودٌ وَذَكَرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي شَرْحِهِ لِلْكِتَابِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: بَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا جَائِزٌ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي تَصْنِيفٍ لِي سَمَّيْته الرِّيَاضَ الْأَنِيقَةَ فِي قِسْمَةِ الْحَدِيقَةِ، وَرَدَّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: فَإِنْ قُلْت: إذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فَالْعَمَلُ الْمُسْتَحَقُّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ لَهُ لِخُرُوجِ الْأَشْجَارِ عَنْهُ فَهَلْ لَهُ إبْدَالُهَا، أَوْ تَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي؟ قُلْت: تَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَأَلْزَمْنَا الْبَائِعَ بِتَبْقِيَتِهَا فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ السَّقْيِ كَمَا كَانَ لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ

ص: 309