المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ

فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ، وَإِنْ تَلِفَتْ فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، فَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى

وَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ الثَّانِيَةُ بِالْعَكْسِ فَإِنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ حَلَفَ الْمَالِكُ وَاسْتَرَدَّهَا، وَإِنْ مَضَتْ فَهُوَ مُدَّعٍ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ لَهُ بِالْمُسَمَّى، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ، وَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْقِيمَةِ، وَالْمُتَصَرِّفُ مُنْكِرُهَا، فَيَأْخُذُهَا الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، أَوْ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَهُوَ مُدَّعٍ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ، وَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ لَهُ بِالْمُسَمَّى فَإِنْ لَمْ تَزِيدَا عَلَيْهِ أَخَذَهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ

(فُرُوعٌ) قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْتنِي، فَقَالَ: بَلْ أَوْدَعْتنِي حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَ الْمَالُ، وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، قَالَا نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ جَاهِلًا بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ، وَلَوْ مَاتَ لَزِمَ وَارِثَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُعِيرُ

(بَابُ الْغَصْبِ)

الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] أَيْ: لَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ، وَقَوْلُهُ:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، وَأَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ، وَخَبَرُ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَهُوَ لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَشَرْعًا: الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ، وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ: مَنْ قَالَ: عَلَى مَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ الْمَنَافِعُ وَالْكَلْبُ وَالسِّرْجِينُ وَجِلْدُ الْمَيْتَةِ وَخَمْرُ الذِّمِّيِّ، وَسَائِرُ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَيُجَابُ عَمَّا قَالَهُ فِي مَنَافِعِ الْمَالِ بِأَنَّهَا مَالٌ وَالنَّاظِمُ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْغَصْبِ تَبِعَ مَنْ عَبَّرَ بِالْمَالِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَقَالَ:(وَمَنْ عَلَى مَالٍ سِوَاهُ اسْتَوْلَى مُكَاتَبًا) كَانَ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ الْحَالِفُ أَنْ لَا مَالَ لَهُ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ ثَمَّةَ (أَوْ أُمَّ فَرْعٍ) أَيْ: وَلَدٍ (أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ

(بِغَيْرِ حَقٍّ) خَرَجَ بِهِ الْأَخْذُ بِحَقٍّ كَالْأَخْذِ بِالظَّفَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَالْمُتَصَرِّفُ الْإِجَارَةَ

(قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَفَسَّرَهَا الْوَدِيعَةِ قُبِلَ أَيْ: سَوَاءٌ قَالَ: أَخَذْتهَا مِنْهُ أَمْ دَفَعَهَا إلَيَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِدَعْوَى الْمَقَرِّ لَهُ بِالْغَصْبِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَلْفَ ثَمَّ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَصَدَقَ فِي صِفَةِ ثُبُوتِهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ ضَمَانَهُ، إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ، فَدَعْوَاهُ الْإِذْنَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الضَّمَانِ النَّاشِئِ عَنْ الِاسْتِيلَاءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَصُدِّقَ الْمَالِكُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ ضَعْفُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ أَلْفًا فَهَلَكَتْ، فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ، وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَرُدُّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَنْوَارِ عَنْ مِنْهَاجِ الْقَضَاءِ: لَوْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِهِ: دَفَعْته قَرْضًا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ اهـ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَالِكُ) وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ ذِي الْيَدِ اسْتِعْمَالٌ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِلَا يَمِينٍ حَجَرٌ

(بَابُ الْغَصْبِ)(قَوْلُهُ: الِاسْتِيلَاءُ إلَخْ) فِي الْعُبَابِ وَحَقِيقَتُهُ أَيْ: الْغَصْبِ ضَمَانًا، وَإِنَّمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا ضَمَانًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ كَلُبْسِ ثَوْبِ مُودَعٍ غَلَطًا وَإِثْمًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمٍ لَا مَالِيَّةَ لَهُ عُدْوَانًا اهـ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِرٍ فَقَدْ بَقِيَ حَقِيقَةً لَا ضَمَانًا، وَلَا إثْمًا بَلْ وُجُوبُ رَدٍّ فَقَطْ، وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ عَلَى مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مَالٍ كَأَخْذِ سِرْجِينِ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ لَهُ، وَبَقِيَ حَقِيقَةُ الْأَعَمِّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِثْمِ وَالرَّدِّ، وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْرِيفَهُ بَلْ بَيَانَ حُكْمِ غَصْبِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَى مَالِ) أَيْ: الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُتَصَرِّفُ مُقِرًّا بِهِ لِمُنْكِرِهِ اهـ ق ل (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَالِكُ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يُوجَدْ اسْتِعْمَالٌ يُخَالِفُ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ فَإِنْ وُجِدَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحَلِفِ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ عِنْدَ التَّلَفِ، وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا بَعْدَ التَّعَدِّي اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِذْنَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ

(قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةُ) لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّطَهُ، وَالْأَصْلُ تَسْلِيطُهُ، وَلِأَنَّهُ قَصَّرَ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ وَالْإِعَارَةَ إبَاحَةٌ، وَإِذْنٌ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ أَيْ: لَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ إبَاحَةٍ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهَا إبَاحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْضَةٍ كَمَا مَرَّ

[بَابُ الْغَصْبِ]

(قَوْلُهُ: عُدْوَانًا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ: بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ التَّعَدِّيَ بَلْ عَدَمَ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا اهـ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلْبِ) أَيْ: الَّذِي لِلصَّيْدِ، وَنَحْوِهِ أَمَّا الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَبَقِيَّةُ الْفَوَاسِقِ فَلَا يَدَ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَى مَالٍ سِوَاهُ إلَخْ) إلَّا إذَا كَانَ حَرْبِيًّا اسْتَوْلَى عَلَى مَالٍ مُحْتَرَمٍ، ثُمَّ عُصِمَ، وَالْمَالُ تَالِفٌ، أَوْ قِنًّا غَصَبَ مَالَ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ، أَوْ بَاغِيًا، أَوْ عَادٍّ لَا غَصَبَ شَيْئًا، وَأَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ، أَوْ تَلِفَ فِيهِ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الْمَسُوغُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، فَلَا يَرِدُ مَا فِي الْمَطْلَبِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْحَقِّ مَا وَجَبَ لَهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَنَحْوِهِ وَخَرَجَ بِهِ الْوَكِيلُ، وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُودِعُ، وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ أُرِيدَ

ص: 243

، وَسَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَعَبَّرَ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: ظُلْمًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ بِعُدْوَانًا، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ التَّعْبِيرَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْعُدْوَانِ بَلْ يَثْبُتُ الْغَصْبُ، وَحُكْمُهُ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَأَخْذِهِ مَالِ غَيْرِهِ بِظَنِّهِ مَالَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ التَّقْيِيدُ بِهِ، وَالثَّابِتُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ السَّرِقَةَ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِهَا، وَلَيْسَتْ غَصْبًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَا ذُكِرَ (كَرُكُوبٍ) لِدَابَّةٍ (عَارِي) عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالنَّقْلِ، وَقَوْلُهُ: عَارِي مِنْ زِيَادَتِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا، وَجُلُوسُهُ عَلَى فِرَاشِ غَيْرِهِ مُصَوَّرَيْنِ بِمَا إذَا قَصَدَ الرَّاكِبُ وَالْجَالِسُ الِاسْتِيلَاءَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ فَفِي كَوْنِهِ غَاصِبًا وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ، وَأَسْقَطَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا الْكَلَامَ، وَقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَفِي تَصْحِيحِ كَوْنِهِ غَاصِبًا عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَيْسَ الْوَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا بَلْ فِي كَوْنِهِ ضَامِنًا (وَ) مِثْلُ (النَّقْلِ) فِي الْمَنْقُولِ (وَالْإِزْعَاجِ) لِلْمَالِكِ (فِي الْعَقَارِ) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي قَبْضِهِ دُخُولُهُ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (وَكَجُلُوسِ الْفَرْشِ) أَيْ: الْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ كَالْحَاوِي عِنْدَ ذِكْرِ الرُّكُوبِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نَقْلٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ حَاصِلٌ فِيهِمَا بِغَيْرِ نَقْلٍ

(أَوْ أَنْ دَخَلَا) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ: وَكَدُخُولِهِ الْعَقَارَ (بِقَصْدِهِ اسْتِيلَاءَهُ) عَلَيْهِ وَمَالِكُهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُزْعِجْهُ عَنْهُ، لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يُزْعِجْهُ (فَالنِّصْفَ) بِالنَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَوْ بِ يَضْمَنُ مُقَدَّرًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ: فَهُوَ اسْتِيلَاءٌ فِي نِصْفِهِ، أَوْ فَيَضْمَنُ نِصْفَهُ؛ لِاجْتِمَاعِ يَدِهِمَا وَاسْتِيلَائِهِمَا (لَا) إنْ دَخَلَهُ (أَضْعَفُ) مِنْ الْمَالِكِ بِقَصْدِ اسْتِيلَائِهِ (وَ) الْمَالِكُ (الْقَوِيُّ فِيهِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْقِيقِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ ضَعِيفًا، وَالدَّاخِلُ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ قَوِيًّا يَكُونُ غَاصِبًا لِلْجَمِيعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ فِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حُكْمُ الْغَصْبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَةُ مَمْنُوعٍ، وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْغَصْبَ يَقْتَضِي الْإِثْمَ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ غَالِبًا اهـ، وَأَقُولُ: لَوْ أُرِيدَ عُدْوَانًا فِي الْوَاقِعِ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَةُ) وَعَلَى التَّسْلِيمِ فَلَوْ أُرِيدَ عُدْوَانًا وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحَقُّ أَنَّهَا غَصْبٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سَرِقَةٌ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمٌ زَائِدٌ عَلَى الْغَصْبِ بِشَرْطِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ النَّظَرِ مَنْعَ أَنَّ مِنْ لَازِمِ الِاسْتِيلَاءِ الْقَهْرَ وَالْغَلَبَةَ، فَأَيُّ قَهْرٍ وَغَلَبَةٍ لِضَعِيفٍ دَخَلَ دَارًا خَالِيَةً لِلسُّلْطَانِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَكَجُلُوسِ الْفَرْشِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَتَيْ الرُّكُوبِ، وَجُلُوسِ الْفَرْشِ نَعَمْ إنْ حَضَرَهُ الْمَالِكُ، وَلَمْ يُزْعِجْهُ لَكِنَّهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِنِصْفِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ اهـ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمُشَارَكَةِ الْمَالِكِ فِي الرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ الْغَصْبِ عَلَى النِّصْفِ بِمُجَرَّدِ حُضُورِ الْمَالِكِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْغَاصِبِ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ، وَمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ التَّصَرُّفِ سم (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) نَظَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الضَّعِيفِ مَوْجُودَةٌ حِسًّا فَلَا مَعْنَى لِإِلْغَائِهَا بِمُجَرَّدِ قُوَّةِ الدَّاخِلِ، وَمُشَارَكَتِهِ فِي الْيَدِ مِنْ غَيْرِ إزْعَاجٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ اهـ بِرّ

(قَوْلُهُ: غَاصِبًا لِلْجَمِيعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الضَّعِيفِ مَوْجُودَةٌ فَلَا مَعْنَى لِإِلْغَائِهَا بِقُوَّةِ الدَّاخِلِ اهـ وَقَدْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ فِي الدَّاخِلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالْحَقِّ الْجَائِزُ فَهُوَ مَسَاءٌ وَلِلتَّعْبِيرِ بِالْعُدْوَانِ اهـ عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْغَصْبِ) فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ انْتَهَى عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا أَوْلَى بِالْغَصْبِ مِنْ أَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ مَعَ ظَنِّهِ مَالَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: بَلْ فِي كَوْنِهِ ضَامِنًا) وَلَا يَتَوَقَّفُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَصْبِ كَمَا لَوْ رَفَعَ مَنْقُولًا مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِنَحْوِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، أَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ لَا بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ إذْ لَا غَصْبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَصْبِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ مُسْتَوْلِيًا عُرْفًا اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِخِلَافِ مَنْقُولِ غَيْرِهِمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النَّقْلِ إلَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ كَنَحْوِ وَدِيعَةٍ، فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ اهـ شَرْحُ م ر، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ق ل نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي الْمَبِيعِ غَصْبٌ إلَّا فِي نَحْوِ جَحْدِ وَدِيعَةٍ اهـ وَقَوْلُ م ر: بِخِلَافِ مَنْقُولِ غَيْرِهِمَا إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ غَصَبَ دَارًا فِيهَا مَنْقُولٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ، وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَمْنَعْ مَالِكَهُ مِنْ نَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَنُوزِعَ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا مَرَّ: أَنَّ كُلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ

ص: 244

فَالدَّاخِلُ غَاصِبٌ لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَأَثَرُ قُوَّةِ الْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ فِي سُهُولَةِ النَّزْعِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَبَ قَلَنْسُوَةَ مَلِكٍ، فَإِنَّهُ مُسْتَوْلٍ وَإِنْ سَهُلَ عَلَى الْمَلِكِ نَزْعُهَا وَخَرَجَ بِقَصْدِ اسْتِيلَائِهِ دُخُولُهُ لِيُنْظَرَ إلَيْهِ فَيَتَّخِذَ مِثْلَهُ، أَوْ يَشْتَرِيَهُ إنْ رَضِيَهُ، أَوْ نَحْوَهُمَا فَلَا اسْتِيلَاءَ، وَلَا ضَمَانَ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ حَالَ دُخُولِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهَا إلَى قَرِينَةٍ، وَعَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ، فَلَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِهَا مِنْ قَرِينَةِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَمَا ذَكَرْته مِنْ الضَّمَانِ فِي رَفْعِ الْمَنْقُولِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يَضْمَنُ، وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ لَوْ خَطَا بِهِ خُطُوَاتٍ فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي يَضْمَنُ وَفِي فَتَاوِيهِ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى

(يَضْمَنُ مَا الْقَدْرُ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (حَاصِرٌ لَهُ وَيُمْكِنُ سَلَمُهُ) أَيْ: مَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ، أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ (بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَا) أَيْ: الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ، وَاشْتَرَطُوا جَوَازَ السَّلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ تَلَفِهِ يُشْبِهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ

(وَذَاكَ) أَيْ: الْمِثْلِيُّ التَّالِفُ (كَالْعَصِيرِ صَارَ) فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَرْقَفَا) بِفَتْحِ الْقَافَيْنِ أَيْ: خَمْرًا، فَتَخْمِيرُهُ تَلَفٌ لَهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قِيمَةٌ، وَإِلَّا كَانَ تَلَفُ الْمَاءِ بِمَفَازَةٍ، وَطُولِبَ بِهِ عِنْدَ نَهْرٍ، أَوْ الْجَمَدُ بِالصَّيْفِ وَطُولِبَ بِهِ فِي الشِّتَاءِ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَيَضْمَنُ حُلِيَّ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا رِبَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعُقُودِ: وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِوَزْنِهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَالصَّنْعَةَ بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ نَقْدُ الْبَلَدِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْكُلَّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: هَذَا نَقْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ أَنَّ صَنْعَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا: مُتَقَوِّمٌ ضَمِنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ مِثْلِيٌّ أَيْ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَخَرَجَ بِمَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ مَا حَصَرَهُ عَدٌّ كَالْحَيَوَانِ، أَوْ ذِرَاعٌ كَالثِّيَابِ، وَبِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ الْغَالِيَةُ وَالْمَعْجُونُ وَنَحْوُهُمَا، وَشَمِلَ التَّعْرِيفُ الرَّدِيءَ نَوْعًا أَمَّا الرَّدِيءُ عَيْبًا فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ

(وَالْمِثْلُ إنْ يُفْقَدْ) فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ (يَجِبْ أَقْصَى الْقِيَمْ) لِلْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية العبادي]

الضَّعِيفِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَارَضُ أَيْ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِلنِّصْفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَصْدِ اسْتِيلَائِهِ) هَلْ يَخْرُجُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا؟ (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِيلَاءَ وَلَا ضَمَانَ) وَحَيْثُ لَمْ يُجْعَلْ غَاصِبًا لَمْ يَلْزَمْ أُجْرَةٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي فِي سَارِقٍ تَعَذَّرَ خُرُوجَهُ، فَتَخَفَّى فِي الدَّارِ لَيْلَةً لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَظَرَ إلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ لَا أُجْرَةَ لَهَا غَالِبًا فَيَصِحُّ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: فَتَخْمِيرُهُ تَلَفٌ لَهُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَالِكِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ رُدَّ مَعَ تَغْرِيمِ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِتَخَلُّلِهِ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، ثُمَّ تَخَلَّلَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ إنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً أَيْ: مِنْ الْعَصِيرِ لَكِنْ لَوْ تَخَلَّلَ بَعْدَ دَفْعِ الْغَاصِبِ الْمِثْلَ فَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ، وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمِثْلَ قَدْ يُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ تَبَيُّنِ عَدَمِ ضَمَانِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَهُ قِيمَةٌ) هَذَا يَشْمَلُ الْقِيمَةَ التَّافِهَةَ، وَفِي اعْتِبَارِهَا تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: قِيمَةٌ إلَخْ) وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فِيمَا إذَا طَالَبَهُ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا م ر

(قَوْلُهُ: وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ) أَيْ: لِلْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَحَوَالِيهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ رَفْعَ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لَا يَكُونُ غَصْبًا، وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِهِ اسْتِيلَاءَهُ) هَذَا إذَا لَمْ يُزْعِجْهُ أَيْ: يُخْرِجْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ غَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ مُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِ اهـ شَرْحُ م ر؛ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: بِقَصْدِهِ اسْتِيلَاءَهُ أَيْ: بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ سم عَلَى ع ش

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَى مَالِكِهِ بِالْأَخْذِ لِلنَّظَرِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) ضَعِيفٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قِيمَةٌ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ هَذَا إنْ لَمْ يَنْقُلْ الْغَاصِبُ الْمِثْلِيَّ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْغَصْبِ، وَإِنْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ اهـ قُوَيْسَنِيٌّ اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: وَالْمِثْلُ أَنْ يُفْقَدَ إلَخْ) أَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ، وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ الْجَوَازَ قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ مَا لَوْ يُوجَدْ مِنْهُمَا لَفْظٌ صَالِحٌ لِلتَّمْلِيكِ، وَالْأَظْهَرُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ اهـ سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ: وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ شَاءَ مِنْ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ الْبَلَدَيْنِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا، فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ فِيهِمَا حِسًّا، أَوْ شَرْعًا غَرَّمَهُ أَقْصَى قِيَمِهَا اهـ فَقَوْلُهُ هُنَا: فِي الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ بَلَدُ الْمُطَالَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ بَلَدَ الْغَصْبِ، أَوْ بَلَدًا آخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ فِيهِ، أَوْ لَا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ:

ص: 245

(مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى) يَوْمِ (الْفَقْدِ) لِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَقْدِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَلَمْ يُسْلِمْهُ حَتَّى فُقِدَ فَإِنْ كَانَ مَفْقُودًا عِنْدَهُ، فَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وُجُوبُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ وَنُقِلَ فِيهَا عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَنْتَظِرَ وُجُودَ الْمِثْلِ، وَلَا يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (وَلَمْ يَرُدَّ وَاحِدٌ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ أَيْ: لَا يَرُدُّ الْغَاصِبُ الْمِثْلَ إذَا وَجَدَهُ لِيَسْتَرِدَّ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ لِلْفَقْدِ وَلَا الْمَالِكُ الْقِيمَةَ لِيَأْخُذَ الْمِثْلَ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْبَدَلِ كَالْيَسَارِ بَعْدَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ (كَأَنْ يَرْغَبَ) الْمَالِكُ (فِي قِيمَتِهِ) أَيْ: الْمِثْلِ الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ (فِي غَيْرِ أَرْضِ التَّلَفِ) فَإِنَّهُ لَا رَدَّ مِنْهُمَا إذَا اجْتَمَعَا بِمَوْضِعِ التَّلَفِ لِمَا قُلْنَاهُ، وَهَذِهِ الْقِيمَةُ قِيمَةُ بَلَدِ الْغَصْبِ إنْ تَلِفَ فِيهِ، وَأَكْثَرُ قِيمَتَيْ بَلَدِ الْغَصْبِ وَالتَّلَفِ إنْ تَلِفَ فِي غَيْرِهِ (لَا كَإِبَاقِهِ) أَيْ: لَا كَالْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ لِإِبَاقِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُمَا الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ إنَّمَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ زَالَتْ، وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْعَبْدَ عَيْنُ الْحَقِّ الْمَغْصُوبِ، وَالْمِثْلَ بَدَلُهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ الرَّدِّ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ: لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ اهـ فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ قُلْنَا: قَدْ تَتَفَاوَتُ قِيَمُ أَفْرَادُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمِثْلِيِّ مِنْ رَدَاءَةٍ، وَلَا عَيْنَ نَحْوَ كَوْنِ حَبَّاتِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَكْثَرَ، أَوْ أَشَدَّ بَيَاضًا، أَوْ حُمْرَةً وَذَلِكَ التَّفَاوُتُ لَا يَمْنَعُ الْمُمَاثَلَةَ، قُلْنَا: مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّفَاوُتُ لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي اتِّحَادِ النَّوْعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ مِثْلِيٌّ لِآخَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ مَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ عَنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّفَاوُتُ الْمَذْكُورُ

(قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ: لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْمَغْصُوبِ إلَى تَلَفِهِ ثُمَّ الْمِثْلُ إلَى فَقْدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَى يَوْمِ الْفَقْدِ) فَلَوْ كَانَ مَفْقُودًا حِينَ الْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) بِخِلَافِ مَا لَيْسَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ) وَيَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَقْصَى الْقِيَمِ) أَيْ: أَقْصَى قِيَمِ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي حَلَّ بِهَا الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ الْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِلْمَغْصُوبِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ، فَإِنْ قِيلَ: أَنَّهُ كَالْمَوْجُودِ بِوُجُودِ مِثْلِهِ قِيلَ: اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ الَّذِي لَا يُسَاوِيهَا مُشْكِلٌ لَا يُقَالُ: هِيَ لَا تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَلَمْ يُعْتَبَرْ أَقْصَى قِيمَةٍ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا لِلْمَغْصُوبِ) قَالَ السُّبْكِيُّ الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَبِنَوْعِهَا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهَا إذَا تَلِفَتْ وَبِمَالِيَّتِهَا، وَهِيَ الْقِيمَةُ إذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ، قَالَ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمِثْلِ لَا قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ اهـ نَاشِرِيٌّ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا بِقِيمَتِهَا، وَعِنْدَ تَلَفِهَا يَتَعَلَّقُ بِنَوْعِهَا لَا بِقِيمَتِهَا، وَلَا بِقِيمَتِهِ فَإِنْ فُقِدَ نَوْعُهَا انْتَقَلَ الضَّمَانُ لِقِيمَتِهِ لَا لِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَوْعِهَا لَا بِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ نَوْعُهَا مَفْقُودًا عِنْدَ تَلَفِهَا تَعَيَّنَ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَةِ نَوْعِهَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِهِ) فَالْمِثْلُ فِي حُكْمِ الْمِثْلِيِّ، فَمَا دَامَ مَوْجُودًا كَأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَوْجُودٌ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ عَنْهُ اُعْتُبِرَ أَقْصَى قِيَمِ الْمِثْلِيِّ، وَهُوَ الْمَغْصُوبُ لِتَفْوِيتِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ عِنْدَ فَوَاتِ الْمِثْلِ فَوَّتَ الْمِثْلِيَّ الْآنَ فَلِذَا اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ تَلَفِهِ، فَقَوْلُ سم فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ الَّذِي لَا يُسَاوِيهَا مُشْكِلٌ مَمْنُوعٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِقِيمَةِ الْمِثْلِيِّ، فَإِنْ كَانَتْ لِقِيمَةِ الْمِثْلِ، فَظَاهِرُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَقْصَى قِيَمِ الْمَغْصُوبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَقْصَى قِيَمِ الْمِثْلِ بِدُونِ يَاءٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْمَالِكِ إلَخْ) فَلَوْ انْتَظَرَ وَوَجَدَ الْمِثْلَ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ الْغَاصِبُ حَتَّى تَلِفَ وَفُقِدَ، فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَلَفِ الْمِثْلِيِّ أَوْ الْمِثْلِ؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَحَرِّرْهُ

(قَوْلُهُ: الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ طَلَبَ الْقِيمَةَ فِي بَلَدٍ لَمْ يَحِلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ، وَكَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَالْقِيمَةُ هِيَ الْوَاجِبَةُ

ص: 246

وَالِاسْتِرْدَادِ إلَى عَيْنِ الْحَقِّ التَّمْكِينُ مِنْهُمَا إلَى بَدَلِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَوْ عَتَقَ الْآبِقُ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، أَوْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْإِيلَادِ رَدَّهَا، وَيُلْحَقُ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِتْقٍ كَوَقْفٍ

(وَذَا الْهَزِيمَهْ) بِالنَّصْبِ بِمَا يُفَسِّرُهُ (يَحْبِسُهُ) أَيْ: وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ صَاحِبَ الْهَزِيمَةِ أَيْ: الْآبِقَ إذَا عَادَ (لِيَسْتَرِدَّ الْقِيمَهْ) الَّتِي أَخَذَهَا الْمَالِكُ لِلْفُرْقَةِ وَهَذَا مَا فِي الْوَجِيزِ، وَنَقَلَهُ مَعَ نَظِيرِهِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لَكِنْ مَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْغَصْبُ مِثْلَهُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ بِالْإِذْنِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِيهِمَا، وَالْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ مَنْعُ إبْدَالِ الْقِيمَةِ بِمِثْلِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا، وَإِنْ مَلَكَهَا الْمَالِكُ وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْآبِقَ كَمَا لَا يَمْلِكُ نِصْفَ الْعَبْدِ بِغُرْمِ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِقَطْعِ إحْدَى يَدَيْهِ، وَلَا يَنْفُذُ الْإِبْرَاءُ عَنْ قِيمَةِ الْآبِقِ إذْ قِيمَةُ الْحَيْلُولَةِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ

(وَحَيْثُ صَارَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمِثْلِيِّ (مِثْلِيٌّ) آخَرُ كَأَنْ غَصَبَ سِمْسِمًا فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْرَجًا ضَمِنَهُ (بِمَا طُولِبَ) بِهِ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَارَ مِنْهُ مُتَقَوِّمٌ كَالْخَلِّ مِنْ التَّمْرِ، أَوْ صَارَ مِنْ الْمُتَقَوِّمِ مِثْلِيٌّ كَالتَّمْرِ مِنْ الرُّطَبِ إذَا قُلْنَا بِتَقَوُّمِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الزَّكَاةِ، فَيَضْمَنُ الْمِثْلَ إلَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

امْتِنَاعُ أَخْذِهَا أَيْ: عَنْ الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ جَارِيَةً تَحِلُّ لَكِنْ الْأَوْجَهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى أَخْذِهَا؛ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ أَخْذِهَا م ر

(قَوْلُهُ: كَوَقْفٍ) يَنْبَغِي أَوْ بَيْعٍ لِمَنْ يَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: مَنْعُ إبْدَالُ الْقِيمَةِ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَفْلَسَ الْمَالِكُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالْغَاصِبُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً قَدَّمَ الْغَاصِبُ بَدَلَهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَغْصُوبِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ قُلْت وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ، فَكَفَى فِيمَا ذُكِرَ ذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَ رَدِّهِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَغْصُوبِ يَنْتَقِضُ الْمَلِكُ فِي الْقِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَحَامِلِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهًا لِكَلَامِ الْإِمَامِ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ: لَيْسَ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْآبِقُ فَمَا مَعْنَى عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى عَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ صَارَ مِنْهُ مِثْلِيٌّ) ثُمَّ قَوْلُ الشَّرْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَارَ مِنْهُ مُتَقَوِّمٌ إلَخْ أَيْ: ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ، وَغَيْرِهِ فَلَا يُخَالِفُ ضَمَانَ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا صَارَ مِنْ الْمِثْلِيِّ مُتَقَوِّمٌ، وَلَمْ تَزِدْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمُتَقَوِّمِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: كَالْبَذْرِ زَرْعٌ، وَالْبِيضُ إذَا فَرَّخَ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الزَّرْعِ وَالْفَرْخِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ صَيْرُورَةِ الْمِثْلِيِّ مُتَقَوِّمًا، وَلَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ بَلْ نَقَصَتْ بِدَلِيلِ وُجُوبِ أَرْشِ النَّقْصِ وَكَانَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وُجُوبَ الْمِثْلِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ مَعَ التَّلَفِ، وَمَا هُنَاكَ مَفْرُوضٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّلَفِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت الْحَاشِيَةَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ الشِّهَابِ عَلَى قَوْلِهِ: كَالتَّمْرِ مِنْ الرُّطَبِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِمَا طُولِبَ بِهِ مِنْهُمَا) إنْ طَالَبَهُ بِالسِّمْسِمِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِالشَّيْرَجِ، وَكَانَ هُنَا كَسْبٌ أَوْ طَحِينَةٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ مَعَ الشَّيْرَجِ الْمُطَالَبَةُ بِهِمَا وَبِبَدَلِهِمَا إنْ تَلِفَا بِرّ

(قَوْلُهُ: كَالْخَلِّ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ، لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُهُ (قَوْلُهُ: كَالتَّمْرِ مِنْ الرُّطَبِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَمَنْ غَصَبَ رُطَبًا فَصَارَ تَمْرًا ثُمَّ تَلِفَ اهـ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ وَلَوْ صَارَ مِنْهُ مُتَقَوِّمٌ كَالْخُبْزِ مِنْ الدَّقِيقِ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ نَقَصَ بِرّ، وَقَوْلُهُ: عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَيْ: فَزَادَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ التَّلَفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَزِيدَ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمُتَقَوِّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِرَغْبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ طَلَبَهَا فِي بَلَدٍ حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ، فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ كَائِنَةٌ مَا كَانَتْ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَغِبَ الْقِيمَةَ بَدَلَ الْمِثْلِ رِفْقًا بِالْغَاصِبِ فِي عَدَمِ تَكْلِيفِهِ الْمُؤْنَةَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، أَوْ يُقَالُ: إنَّ تَعَلُّقَهُ بِرَغْبَتِهِ مِنْ حَيْثُ مُطَالَبَتُهُ فِي غَيْرِ أَرْضِ التَّلَفِ، فَإِنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ فِي غَيْرِهَا الْقِيمَةُ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ: مَنَعَ إبْدَالَ الْقِيمَةِ) أَيْ: مَنَعَ إبْدَالَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا لِلْحَيْلُولَةِ بِأَنْ يُعْطِيَ الْغَاصِبَ بَدَلَهَا عِنْدَ رَدِّهِ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَلَكَهَا الْمَالِكُ) أَيْ: مِلْكَ قَرْضٍ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ إلَخْ) إلَّا إذَا حَصَلَ بَيْعٌ، وَهَذَا بَعْدَ عَوْدِ الْمَغْصُوبِ، أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَكَفَى فِيمَا ذُكِرَ ذَلِكَ بِخِلَافِهَا بَعْدَ رَدِّهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ بِمَا طُولِبَ إلَخْ) فَهُوَ مُخَيَّرٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا، أَوْ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ الدَّقِيقِ خُبْزًا، وَالسِّمْسِمِ شَيْرَجًا، وَالشَّاةِ لَحْمًا تَلِفَ ضَمِنَ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً، فَيَضْمَنُ بِهِ فِي الثَّانِي وَبِقِيمَتِهِ فِي الْآخَرَيْنِ وَالْمَالِكُ فِي

ص: 247

الْمُتَقَوِّمِ، فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِئَلَّا تَضِيعُ الزِّيَادَةُ، أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ مِنْ مُتَقَوِّمٍ كَحُلِيٍّ صِيغَ مِنْ إنَاءِ فِضَّةٍ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ:(وَالْغَيْرُ) بِنَصْبِهِ عَطْفًا عَلَى مَفْعُولِ يَضْمَنُ، وَبِرَفْعِهِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (بِالْأَقْصَى قُوِّمَا) أَيْ: يَضْمَنُ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ، أَوْ وَزْنٌ، وَأَمْكَنَ سَلَمُهُ، وَهُوَ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ

(مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى إنْ تَلِفَا) أَيْ: إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ لِتَوَجُّهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حَالَ الزِّيَادَةِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ بِالْكَسَادِ، وَسَوَاءٌ تَلِفَ كُلُّهُ أَمْ بَعْضُهُ فَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ عَادَ إلَى دِرْهَمٍ، ثُمَّ لَبِسَهُ فَعَادَ بِلُبْسِهِ إلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ رَدَّ الثَّوْبَ مَعَ خَمْسَةٍ لِنِصْفِهِ التَّالِفِ بِاللُّبْسِ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى قِيمَةٍ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ عِشْرِينَ، وَلَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا بِلَا غَصْبٍ ضَمِنَهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِتْلَافِ، فَإِنْ حَصَلَ بِتَدْرِيجٍ وَسِرَايَةٍ فَبِأَقْصَى قِيمَةٍ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ الْإِتْلَافَ أَبْلَغُ مِنْ الْيَدِ الْعَادِيَةِ، وَفِي الْإِبَاقِ وَنَحْوِهِ كَضَيَاعِ الثَّوْبِ يَضْمَنُ بِالْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْقِيمَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ الِارْتِفَاعُ، وَالِانْخِفَاضُ لَا يَضْمَنُ كُلَّ زِيَادَةٍ بَلْ بِالْأَقْصَى، وَمَحَلُّهُ فِي الْأَعْيَانِ، أَمَّا الْمَنَافِعُ فَيَضْمَنُ فِي كُلِّ بَعْضٍ مِنْ أَبْعَاضِ الْمُدَّةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ (مِنْ نَقْدِ أَرْضٍ تَلِفَ) لِلْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الشَّيْخَانِ وَاعْتَبَرَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ بَلَدَ الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَاعْتِبَارُ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اعْتِبَارُ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ مَا يُقَارِبُهُ عَمَلًا بِمَحَلِّ وُجُوبِ الضَّمَانِ الْحَقِيقِيِّ، وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِأَرْضِ التَّلَفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِبَلَدِ التَّلَفِ

(وَمَا انْتَفَى) أَيْ: وَلَا يَنْتَفِي (ضَمَانُهُ) أَيْ: التَّالِفِ مِنْ الْمُتَقَوِّمِ (إنْ عَادَ) بِأَنْ كَانَ التَّالِفُ وَصْفًا، ثُمَّ عَادَ سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ الْمَالِكِ كَأَنْ غَصَبَ أَمَةً سَمِينَةً قِيمَتُهَا مِائَةٌ، فَهَزَلَتْ فَعَادَتْ إلَى خَمْسِينَ، ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ فَأَكْثَرَ، أَمْ حَدَثَ بِيَدِ الْغَاصِبِ كَأَنْ غَصَبَ أَمَةً هَزِيلَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ، فَسَمِنَتْ فَبَلَغَتْ مِائَةً ثُمَّ هَزَلَتْ، فَعَادَتْ إلَى خَمْسِينَ، ثُمَّ سَمِنَتْ فَبَلَغَتْ مِائَةً فَأَكْثَرَ فَيَرُدُّهَا فِي الصُّورَتَيْنِ مَعَ خَمْسِينَ إذْ الْعَائِدُ غَيْرُ الْأَوَّلِ

(لَا إنْ) نَسِيَ الْمَغْصُوبُ صَنْعَةً ثُمَّ (ذَكَرَا) أَيْ: تَذَّكَّرَهَا أَوْ تَعَلَّمَهَا فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الضَّمَانُ إذْ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ شَيْئًا جَدِيدًا بِخِلَافِ السِّمَنِ، فَلَوْ تَذَّكَّرَهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، فَيَظْهَرُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْشَ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ تَعَلُّمُهُ صَنْعَةً أُخْرَى فَلَا يَنْتَفِي بِهِ الضَّمَانُ، وَلَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ ثُمَّ بَرِئَ وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهِ وَزَالَ أَثَرُ الْمَرَضِ انْتَفَى الضَّمَانُ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ سِنُّ الْأَمَةِ، أَوْ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا، وَعَادَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَ وَرَقُ الشَّجَرَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: إلَخْ) إنَّمَا يَظْهَرُ دُخُولُهُ فِيهِ إذَا تَلِفَ، وَإِلَّا فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ كَانَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِنَصَبِهِ) وَعَلَى هَذَا فَجُمْلَةُ بِالْأَقْصَى قَوْمًا حَالٌ (قَوْلُهُ: بِالْأَقْصَى) صِلَةُ قَوْمًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ إلَخْ) أَيْ: يَرُدُّهُ مَعَ خَمْسَةٍ لِنِصْفِهِ التَّالِفِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى خَمْسَةٍ إنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدَ التَّلَفِ فَلَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا إلَخْ) وَلَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا بِلَا غَصْبٍ، وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمْ حَتَّى عَدِمَ الْمِثْلَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْإِتْلَافِ إلَى وَقْتِ عَدَمِ الْمِثْلِ، أَوْ وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ لَزِمَهُ قِيمَةٌ وَقْتَ التَّلَفِ، فَلَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ، ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ فَلَا تَرَاجُعَ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْبَدَلِ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ) لَوْ زَادَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْقِيمَةِ، وَأَخْذِهَا هَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالزِّيَادَةِ وَأَخْذِهَا؟ يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ

(قَوْلُهُ: فِي يَدِ الْمَالِكِ) بِخِلَافِ تَعَلُّمِهَا فِي يَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْمَالِكُ إلَخْ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمِثْلَيْنِ، وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ قِيمَةً

(قَوْلُهُ: فَدَاخِلٌ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْقِيمَةِ فِيهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ، وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: مَعَ خَمْسَةٍ لِنِصْفِهِ التَّالِفِ) وَالنُّقْصَانُ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ شَبِيهٌ بِالرُّخْصِ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَعَ خَمْسَةٍ) أَيْ: وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِعْمَالِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَاتِ اهـ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا إلَخْ) خَرَجَ مَا إذَا أَتْلَفَ مِثْلِيًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَصْلٌ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ، أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَصْبٍ، وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمْ حَتَّى عَدِمَ الْمِثْلَ أَيْ: حِسًّا، أَوْ شَرْعًا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَيْ: مِنْ بَلَدِ الْغَصْبِ، أَوْ الْإِتْلَافِ لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ أَيْ: فِي الْأُولَى وَالْإِتْلَافُ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ إلَى الْإِعْوَازِ أَيْ: لِلْمِثْلِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ: أَنَا أَصْبِرُ إلَى وُجُودِ الْمِثْلِ أُجِيبَ وَلَوْ تَلِفَ، أَوْ أَتْلَفَهُ، وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ وَهُوَ غَاصِبٌ أَيْ: فِيهِمَا فَأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، أَوْ غَيْرِ غَاصِبٍ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ، فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، فَلَوْ غَرِمَ، ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ) وَلَوْ كَانَ مَأْخُوذًا لِلسَّوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: يَضْمَنُ بِالْأَقْصَى) لَعَلَّهُ يُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْقِيمَةِ) فَلَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ طَالَبَ بِالزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارٍ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اسْتِوَاءَهُمَا فِي اعْتِبَارِ الْأَقْصَى اهـ م ر (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِيِّ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَعَادَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ السِّنُّ لِمَثْغُورٍ

ص: 248

أَوْ صُوفُ الشَّاةِ ثُمَّ نَبَتَا قَالَ الْبَغَوِيّ: لِأَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ بِخِلَافِ السِّنِّ وَالشَّعْرِ إنَّمَا يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِفَقْدِهِمَا، وَقَدْ زَالَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْأَمَةِ بِنِسْيَانِهَا الْغِنَاءَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ كَبْشًا نِطَاحًا، أَوْ دِيكًا هِرَاشًا لَا يَضْمَنُ الْوَصْفَ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْغِنَاءِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ، وَأَقَرَّهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَحَّحُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ

(وَ) غَاصِبٌ (قَاطِعٌ مِنْ عَبْدٍ) مَغْصُوبٍ (الْمُقَدَّرَا) أَيْ: مَا أَرْشُهُ مُقَدَّرٌ كَيَدِهِ (يَضْمَنُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ) أَرْشِ (نَقْصٍ) لِقِيمَتِهِ

(وَمِنْ مُقَدَّرٍ) لِلْمَقْطُوعِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ فِي مِثَالِنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ خَاصًّا وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الْمُقَدَّرُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ خَاصٌّ بِالْجِنَايَةِ (وَثَانِيًا يَضْمَنُ) الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ (إنْ غُرِّمَ) أَيْ: الْمَالِكُ بِأَنْ غَرَّمَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (عَنْ عَبْدٍ) لَهُ مَغْصُوبٍ (جَنَى) وَتَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (مَا أَخَذَا) أَيْ: يَضْمَنُ ثَانِيًا مَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ، بَلْ أُخِذَ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْمَأْخُوذُ قَدْ يَكُونُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ مِثْلَهَا، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضَهَا بِأَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ أَيْضًا، وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ أَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقُ حَقِّهِ كَمَا فِي الْمَرْهُونِ

(وَفَرْدُ خُفٍّ) أُتْلِفَ، أَوْ غُصِبَ فَتَلِفَ دُونَ الْفَرْدِ الْآخَرِ (فِيهِ نِصْفُ) قِيمَةِ (ذَا وَذَا) حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةً، وَبَعْدَ تَلَفِ أَحَدِهِمَا صَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ ضَمِنَ خَمْسَةً كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَاحِدٌ أَحَدَهُمَا، وَآخَرُ الْآخَرَ مَعًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ أَقْوَى وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ، وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي مِثَالِنَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ إذْ نَقَصَ الْبَاقِي بِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ حَلَّ أَجْزَاءَ السَّرِيرِ، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ، وَيُخَالِفُ مَا قَاسَ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ ثَمَّةَ، وَلَوْ غَصَبَهُمَا جَمِيعًا، وَقِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ

ــ

[حاشية العبادي]

ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ) أَيْ: لَهُمَا قِيمَةٌ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ) قَضِيَّتُهُ ضَمَانُ نَقْصِهَا بِنِسْيَانِهَا الْغِنَاءَ الْمُبَاحَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي عَدَمُ ضَمَانِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقَاطِعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتُضْمَنُ أَبْعَاضُهُ أَيْ: الْمَغْصُوبِ بِمَا نَقَصَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الْأَقْصَى إلَّا إنْ أُتْلِفَتْ بِأَنْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ رَقِيقٍ، وَلَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ جُزْءٍ كَيَدٍ وَرِجْلٍ، فَيَضْمَنُ بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا نَقَصَ، وَالْمُقَدَّرِ نَعَمْ إنْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الزَّائِدَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ اهـ بِاخْتِصَارِ الْأَمْثِلَةِ وَالْأَدِلَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَا بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ أَيْضًا الزَّائِدَ عَلَى النِّصْفِ ضَمَانَ اسْتِقْرَارٍ، وَالنِّصْفَ ضَمَانَ طَرِيقٍ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ مُقَدَّرٍ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ وَقَدْ يُلْغَزُ بِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ) فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ فَدَاهُ الْغَاصِبُ وُجُوبًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) إذَا غَرَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغَاصِبَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، فَلِلْمَالِكِ أَيْضًا أَنْ يُغَرَّمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِسَبَبِ عَيْبِ جِنَايَةِ الْعَمْدِ الْحَاصِلَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَتُبْ الْعَبْدُ مِنْهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَقَدْ يُقَالُ: وَإِنْ تَابَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَيْبٌ مَعَ التَّوْبَةِ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ عَيْبِ الْمَبِيعِ فَرَاجِعْهُ، وَقَضِيَّةُ عِبَارَةِ شَيْخِنَا كَمَا تَرَى أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ قَبْلَ أَنْ يُغَرِّمَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ جَازَ تَغْرِيمُهُ قَبْلُ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِمَا غَرَّمَهُ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي التَّوْجِيهِ أَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَرْشُ بَدَلُ بَعْضِ الرَّقَبَةِ إذْ هِيَ تَشْمَلُ الذَّاتَ وَالْوَصْفَ، وَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْحَقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: عَيْبٌ إلَخْ هَذَا إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ مُصَوَّرَةً بِتَلَفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ

(قَوْلُهُ: أَوْ غُصِبَ) عَطْفٌ عَلَى أُتْلِفَ (قَوْلُهُ: فَتَلِفَ) عَطْفٌ عَلَى غُصِبَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ دُونَ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ ع ش وَسم مَعْنَى

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الْمُقَدَّرُ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنْ لَا نَقْصَ لِلْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قُطِعَ ذَكَرُ الْعَبْدِ وَأُنْثَيَاهُ فَلَا شَيْءَ كَمَا فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَثَانِيًا إلَخْ) أَيْ: يَضْمَنُ ضَمَانًا ثَانِيًا غَيْرَ ضَمَانِ أَقْصَى قِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) مِثْلُهُ مَا إذَا قُطِعَ الْمُقَدَّرُ فِي قِصَاصٍ، أَوْ حَدِّ سَرِقَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: أَتْلَفَ) أَيْ: بِيَدِ مَالِكِهِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْبَاقِي عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَنَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ سم أَقُولُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غَصَبَهُمَا، وَأَتْلَفَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ أَتْلَفَ شَخْصٌ الْبَاقِيَ، فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، وَأَمَّا لَوْ غَصَبَهُمَا وَأَتْلَفَ شَخْصٌ أَحَدَهُمَا فِي يَدِهِ قَبْلَ تَلَفِ الْآخَرِ، فَيَلْزَمهُ ثَمَانِيَةٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمَالِكِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا وَقَوْلُ م ر وَش وَسَمِّ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ أَيْ: وَالْبَاقِي عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: مَعًا) بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَ إحْدَاهُمَا وَاحِدٌ، ثُمَّ آخَرُ الْأُخْرَى بَعْدَهُ وَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ تَلَفِ الْأُولَى دِرْهَمَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْأَوَّلَ ثَمَانِيَةٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْوَى) أَيْ: نَقْلًا، وَإِنْ ضَعُفَ مَدْرَكًا

ص: 249

وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَغْصُوبِ تَلِفَ، وَبَاقِيهِ نَقَصَ وَكَمَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْغَصْبِ بِتَقْدِيرِ التَّلَفِ يَحْصُلُ بِالْإِتْلَافِ مُبَاشَرَةً كَالْقَتْلِ، وَالْأَكْلِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، أَوْ تَسَبُّبًا (كَفَتْحِهِ) الْبَابَ (عَنْ غَيْرِ عَاقِلٍ) كَطَيْرٍ وَبَهِيمَةٍ وَعَبْدٍ لَا تَمْيِيزَ لَهُ (فَلَمْ يَلْبَثْ) بِأَنْ خَرَجَ فِي الْحَالِ وَضَاعَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ حَالًا يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ، أَمَّا فَتْحُهُ عَنْ الْعَاقِلِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ اعْتَادَ الْإِبَاقَ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ، فَخُرُوجُهُ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا كُلَّ مَا يُعْقِبُهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَثَبَتْ هِرَّةٌ حَالَ الْفَتْحِ، وَدَخَلَتْ وَقَتَلَتْ الطَّائِرَ، أَوْ اضْطَرَبَ الْقَفَصُ حَالَ الْخُرُوجِ وَسَقَطَ فَانْكَسَرَ، أَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً، أَوْ كَانَ بِجَنْبِ حِمَارٍ جِرَابُ شَعِيرٍ مَشْدُودُ الرَّأْسِ، فَفَتَحَهُ فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ فِي الْحَالِ

(وَفَتْحِ) أَيْ: وَكَفَتْحِ (زِقِّ مَالٍ مُحْتَرَمْ) مَائِعٍ حَيْثُ (يَسْقُطُ لِلْبَلِّ) أَيْ: لِبَلِّ أَسْفَلِهِ (بِمَا تَقَطَّرَا) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ يُؤَثِّرُ فِي التَّقَاطُرِ، وَالتَّقَاطُرُ فِي الِابْتِلَالِ، وَالِابْتِلَالُ فِي السُّقُوطِ، وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْمُحْتَرَمِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي غَيْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ (أَوْ ذَابَ) أَيْ: وَكَأَنْ فَتَحَ زِقَّ مَالٍ مُحْتَرَمٍ جَامِدٍ فَذَابَ مَا فِيهِ (بِالشَّمْسِ) وَخَرَجَ مِنْهُ وَضَاعَ لِلْعِلْمِ بِشُرُوقِهَا الْمُؤَثِّرِ فِي الْإِخْرَاجِ، فَيَقْصِدُ بِالْفَتْحِ وَكَذَا لَوْ أَزَالَ أَوْرَاقَ الْعِنَبِ فَأَفْسَدَتْهُ الشَّمْسُ سَوَاءٌ حَضَرَ الْمَالِكُ، وَأَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ فَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا، وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً، أَوْ حَمَامَةً فَهَلَكَ وَلَدُهَا لِفَقْدِ مَا يَعِيشُ بِهِ ضَمِنَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَاءً يَعِيشُ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِ غِذَائِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَحْرُمُ تَرْكُهُ بِلَا مُؤْنَةٍ بِخِلَافِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ (وَحَيْثُ أَسْعَرَا سِوَاهُ) أَيْ: أَوْقَدَ غَيْرُ فَاتِحِ الزِّقِّ نَارًا بِقُرْبِهِ فَذَابَ مَا فِيهِ، وَخَرَجَ وَضَاعَ (فَهُوَ) دُونَ الْفَاتِحِ (ضَامِنٌ) ؛ لِأَنَّ إيقَادَهُ النَّارَ بِقُرْبِهِ تَصَرُّفٌ فِيهِ بِالتَّضْيِيعِ وَتَسَبُّبٌ إلَى إتْلَافِهِ (لَا إنْ سَقَطْ بِالرِّيحِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَضَاعَ) وَلَوْ بِمَوْتِهِ بِصَدْمِ جِدَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مُحَالٌ عَلَيْهِ) أَيْ: الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: حَالَ الْفَتْحِ) فِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا حِينَ الْفَتْحِ، وَإِلَّا كَانَتْ كَرِيحٍ طَرَأَ بَعْدَهُ لَا يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِحُضُورِهَا إذْ الضَّمَانُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي ضَمَانِ الْمُبَاشَرَةِ بِخِلَافِ ضَمَانِ التَّسَبُّبِ كَمَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَقْيِيدُ الضَّمَانِ فِي فَتْحِ جِرَابِ الشَّعِيرِ، فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ فِي الْحَالِ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِ الْحِمَارِ حَالَ الْفَتْحِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ سُقُوطِ الزِّقِّ بِالرِّيحِ الْهَابَّةِ عِنْدَ الْفَتْحِ بِمَا إذَا عَلِمَ هُبُوبَهَا حِينَ الْفَتْحِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ أَخَذْته هِرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ، وَقَتَلَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الْقَفَصَ أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً) قَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ، فَأَكَلَتْ عَلَفًا، وَكَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحَلِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا الْمُتْلِفَةُ اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ نَظِيرَ مَا ذُكِرَ فِي الطَّائِرِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى الْبَهِيمَةِ بَابًا فَتَكْسِرُهُ حَالَ خُرُوجِهَا فِي الْحَالِ، أَوْ تَكْسِرُ إنَاءً عِنْدَ الْبَابِ، وَالْوَجْهُ هُنَا الضَّمَانُ، وَنَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَهِيمَةِ أَنْ يَحِلَّ الطَّائِرَ فَيُتْلِفُ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ حَبٍّ أَوْ قَارُورَةٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَالْوَجْهُ هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ، بَلْ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِعْلُهُ كَالْفَتْحِ وَالْحَلِّ يُلْجِئُ الْحَيَوَانَ عَادَةً إلَى ذَلِكَ الْإِتْلَافِ بِأَنْ كَانَ الْإِتْلَافُ مِنْ لَازِمِ الْفِعْلِ عَادَةً ضَمِنَ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا أَوْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الطَّيْرِ وَالْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ لِلطَّيْرِ عِنْدَ الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ الْهَيَجَانِ الْمُؤَثِّرِ مَا لَيْسَ لِلْبَهِيمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: حَالَ خُرُوجِهِ) أَيْ: فِي الْحَالِ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا طَارَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: السَّابِقِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ سَاعَةً، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ طَيَرَانِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاحْذَرْ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ سم

(قَوْلُهُ: بِالشَّمْسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ حَرَارَةٍ إلَخْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرِّيحُ عَارِضًا بَعْدَ الْفَتْحِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي السُّقُوطِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ، وَلَا يَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ فَلَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ سَقَطَ بِالرِّيحِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ تَرْجِيحَ هَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: كَفَتْحِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الطَّيَرَانِ إلَى التَّلَفِ اهـ حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِجَنْبِ حِمَارٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَّ الْحِمَارُ فَأَكَلَ عَلَفًا، أَوْ كَسَرَ إنَاءً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي التَّالِفِ بَلْ فِي الْمُتْلِفِ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر قَالَ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ ضَرُورَةِ الْفَتْحِ عَادَةً كَمَا لَوْ فَتَحَ عَلَى الْبَهِيمَةِ بَابًا فَكَسَرَتْهُ حَالَ خُرُوجِهَا، أَوْ كَسَرَتْ إنَاءً عِنْدَ الْبَابِ، وَلَوْ فَتَحَ بَابًا عَنْ طَيْرٍ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْإِتْلَافُ مِنْ ضَرُورَةِ الْفَتْحِ، أَوْ الْحَلِّ عَادَةً ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ اهـ عَنْ م ر

(قَوْلُهُ: فَفَتَحَهُ فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ) أَيْ: فَيَضْمَنُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَلَا يُنَافِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الصِّيَالِ مِنْ كَوْنِ الْإِتْلَافِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي دَابَّةٍ مَنْسُوبٍ حِفْظُهَا إلَيْهِ، فَالتَّلَفُ فِيهِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحِفْظِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّ بِهِ يُجْمَعُ مَا تَنَاقَضَ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: بِالشَّمْسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الشَّمْسُ طَالِعَةً حَالَ الْفَتْحِ، أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْمٌ لِلْجَزْمِ بِوُجُودِ الشَّمْسِ فِي الْأُولَى، وَزَوَالِ الْغَيْمِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَوْنُ الْإِذَابَةِ بِهَا تُقْصَدُ عَلَى مُرُورِ الزَّمَانِ بِخِلَافِ الرِّيحِ، فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَهُبُّ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَشْعَرَ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِوُجُودِ الزَّقِّ عَلَى قِيَاسِ مَا شَرَطَ فِي الْهِرَّةِ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دُونَ الْفَاتِحِ) لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ فَإِنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَطْعِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: بِالرِّيحِ

ص: 250

الْهَابَّةِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَخَرَجَ مَا فِيهِ وَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ إذْ لَا يَقْصِدُ بِالْفَتْحِ هُبُوبَ الرِّيحِ أَمَّا سُقُوطُهُ بِالْهَابَّةِ عِنْدَ الْفَتْحِ فَمُضَمَّنٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ (أَوْ قَدْ فَتَحَ الْحِرْزَ فَقَطْ) أَيْ: وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا بَلْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ (أَوْ دَلَّ مَنْ يَسْرِقُ شَيْئًا) أَيْ: عَلَيْهِ (فَسَرَقْ) أَيْ: فَسَرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ وَالدَّالِّ لِانْقِطَاعِ التَّسَبُّبِ بِالْمُبَاشَرَةِ (أَوْ ضَاعَ شَيْءٌ عِنْدَهُ) كَأَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ فَضَاعَ لِانْتِفَاءِ التَّسَبُّبِ (أَوْ دُونَ حَقْ يَحْبِسُهُ) التَّقْيِيدُ بِدُونِ حَقٍّ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: أَوْ حَبَسَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (فَهَلَكَتْ مَاشِيَتُهْ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِسَبَبِ حَبْسِهِ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ: لَوْ أَرَادَ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى زَرْعِهِ، فَمَنَعَهُ ظَالِمٌ مِنْ السَّقْيِ فَفَسَدَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ فَتَحَ الزِّقَّ عَنْ جَامِدٍ ذَابَ بِالشَّمْسِ وَضَاعَ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت الْأَصَحُّ فِي صُورَتَيْ الْحَبْسِ وَالسَّقْيِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَلَاكِ وَلَدِ الشَّاةِ إذَا ذُبِحَتْ أَنَّهُ هُنَاكَ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنَ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ غَصَبَ الْأُمَّ فَتَبِعَهَا الْعِجْلُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَى جِدَارِهِ فَنَفَّرَهُ فَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ، وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَائِهِ

(وَالْبُضْعُ وَالْحُرُّ مَعًا) بِزِيَادَةِ مَعًا لِلتَّأْكِيدِ بِمَعْنَى جَمِيعًا (مَنْفَعَتُهْ) أَيْ: مَنْفَعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ: بِتَفْوِيتِهَا لَا بِفَوَاتِهَا فَيَجِبُ بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ مَهْرُهَا مَا لَمْ تَكُنْ طَائِعَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ جَاهِلَةً، لَكِنَّهَا مُقَصِّرَةٌ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَجَبَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، فَلَوْ حَبَسَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْفَعَةَ بِضْعِهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ نِكَاحَهَا عَلَيْهَا لَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ ارْتِفَاقٍ لِلْحَاجَةِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَقْلَهَا أَصْلًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ اسْتِحْقَاقَ مِلْكٍ تَامٍّ، وَيَجِبُ بِاسْتِعْمَالِ الْحُرِّ أُجْرَتُهُ، فَلَوْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَمْ تَجِبْ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَمَنَافِعُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُكْتَرِي الْحُرِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، وَأَنَّهُ لَا تَتَقَرَّرُ أُجْرَتُهُ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرِينَ خَالَفُوهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّهُمْ بَنَوْا الْأَمْرَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ تَفْوِيتِ مَا ذَكَرَ حَيْثُ لَا رِدَّةَ مُتَّصِلَةً بِالْمَوْتِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِهَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا اهـ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَ أَوْ بِحَادِثِ رِيحٍ أَيْ: أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ اهـ أَيْ: أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ، وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ هُنَا (قَوْلُهُ: الْهَابَّةِ) أَوْ نَحْوِهَا كَعَارِضِ زَلْزَلَةٍ وَوُقُوعِ الطَّائِرِ (قَوْلُهُ: فَضَاعَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ قَبْلَ مُكْنَةِ رَدِّهِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: فَضَاعَ يَنْبَغِي قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ بِإِعْلَامِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ: لَمْ يَضَعْ يَدَهُ، فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَيْهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَائِهِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِنَحْوِ زَرْقِهِ؛ لِأَنَّهُ: حِينَئِذٍ صَائِلٌ

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جَمِيعًا) أَيْ: لَا بِمَعْنَى الْمُقَارَنَةِ الزَّمَانِيَّةِ لِعَدَمِ اتِّجَاهِهَا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ: لَا بِفَوَاتِهَا) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَنَافِعِ عَبْدِهِ أَبَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ، أَوْ أَجَّرَ شَخْصٌ عَبْدَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ، قَالَ: فَلَوْ حَبَسَهُ حَابِسٌ مُدَّةً فَوَّتَ فِيهَا الْمَنَافِعَ، فَالْأَشْبَهُ الضَّمَانُ اهـ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ نَقَلَ حُرًّا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا بِالْقَهْرِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَنْقُولِ غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحْتَاجَ إلَى مُؤْنَةٍ فَهِيَ عَلَى النَّاقِلِ لِتَعَدِّيهِ

(فَرْعٌ)

لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ مُكْرَهَةً وَلَكِنْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَهَلْ إذْنُهُ كَرِضَاهَا؟ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ الْمُصَحَّحِ فِي وَطْءِ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْوُجُوبُ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي بَابِهَا) أَيْ: الرِّدَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْهَابَّةِ بَعْدَ الْفَتْحِ) مِثْلُ الرِّيحِ الْمَذْكُورَةِ وُقُوعُ الطَّائِرِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ وُقُوعَهُ لَمَّا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ لَا يُقْصَدُ بِالْفَتْحِ بِخِلَافِ إخْرَاجِ الطَّائِرِ لَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُ فِعْلٌ لَهُ يُقْصَدُ أَيْ: يَصِحُّ قَصْدُهُ مِنْ الْفَتْحِ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامَيْ م ر كَحَجَرٍ وَقَوْلِ سم: هَذَا: أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ إخْرَاجِهِ لَهُ وَالسُّقُوطِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْتَضِ التَّسَاوِي فِي الْحُكْمِ اقْتَضَى عَكْسَهُ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَكِنْ يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ طَائِعَةً) فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ بِمُطَاوَعَتِهَا قُلْنَا: وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدَ تَأْثِيرَهُ بِفِعْلِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ م ر

(قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ، وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ صَحَّحَ السُّبْكِيُّ وُجُوبَ مَهْرِ بِكْرٍ، وَأَرْشِ بَكَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِبِكْرٍ وَأَزَالَ الْبَكَارَةَ وَلَا يَتَدَاخَلَانِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهَا الْحُرَّةُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ بِلَا أَرْشٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَمَهْرُ بِكْرٍ، وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ يَتَضَاعَفُ غُرْمُ الْبَكَارَةِ لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَاَلَّذِي مَرَّ أَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي فِيهِ جِهَتَانِ جِهَةُ كَوْنِ عَقْدِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَمْلِكُ فَضَمَّنَّاهُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ وَطِئَ بِلَا نَقْدِ مَهْرِ بِكْرٍ، وَجِهَةُ كَوْنِ الشِّرَاءِ فَاسِدًا، فَالْإِزَالَةُ وَقَعَتْ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا فَضَمَّنَّاهُ أَرْشَ بَكَارَةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَالْجِهَةُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وَضْعُ الْيَدِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ لِفَسَادِ عَقْدِهِ إجْمَاعًا اهـ بَعْضُ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ مُشْتَرِيًا مِنْ غَاصِبٍ، وَقَوْلُهُمْ: الْوَطْءُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ فِي الْمُسْتَنِدِ إلَى عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا اهـ ع ش آخَرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ بِإِجَارَةٍ وَلِذَا تُضْمَنُ حِينَئِذٍ بِالتَّفْوِيتِ

ص: 251

مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى عَمَلٍ، وَمَاتَا عَلَى الرِّدَّةِ لَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ، أَوْ وَقْفِهِ (بَلْ غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ الْبِضْعِ وَالْحُرِّ مِمَّا لَهُ مَنْفَعَةٌ تُؤَجَّرُ

(فَبِالْفَوَاتِ) تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ كَمَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ، فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا، أَوْ مَا يُقْصَدُ لِلشَّمِّ كَمِسْكٍ وَأَمْسَكَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُحْسِنُ صِنَاعَاتٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا أُجْرَةً لَا أُجْرَةُ الْكُلِّ، أَمَّا مَا لَا تُؤَجَّرُ مَنْفَعَتُهُ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمَقْبَرَةٍ وَعَرْفَةٍ فَتُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ لَا بِالْفَوَاتِ (لَا) الْمَنْفَعَةِ (مِنْ الْكَلْبِ) وَلَوْ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِتَفْوِيتٍ وَلَا فَوَاتٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ (وَمَا صَادَ) هـ الْكَلْبُ الْمَغْصُوبُ بِإِرْسَالِ الْغَاصِبِ مِلْكٌ (لِغَاصِبٍ) الْكَلْبِ لَا لِصَاحِبِهِ إذْ الْجَارِحَةُ آلَةٌ كَالشَّبَكَةِ، وَالْقَوْسِ وَكَالْكَلْبِ فِي هَذَا سَائِرِ الْجَوَارِحِ (وَمَا الْعُبَيْدُ) بِالتَّصْغِيرِ أَيْ: وَلَيْسَ مَا صَادَهُ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ

(كَذَا) أَيْ: لِغَاصِبِهِ بَلْ لِمَالِكِهِ لِاسْتِقْلَالِ الْعَبْدِ بِالصَّيْدِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ بِذَلِكَ فَفَعَلَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّيْدَ لِمَالِكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّهُ آدَمِيٌّ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ

(وَلَا يُسْقِطُ أَجْرًا صَيْدُ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ صَيْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ مَالِكِهِ رُبَّمَا صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ إلَى مَا تَزِيدُ أُجْرَتُهُ عَلَى أَضْعَافِ قِيمَةِ الصَّيْدِ (أَوْ أَرْشُ نَقْصٍ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَةَ الْمَغْصُوبِ أَرْشُ نَقْصِهِ الْحَاصِلُ تَحْتَ يَدِ الْغَاصِبِ، فَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى انْمَحَقَتْ أَجْزَاؤُهُ أَوْ انْمَحَقَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ بَلْ تَجِبُ مَعَ الْأَرْشِ لِفَوَاتِ الْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةِ فَتَجِبُ لِمَا قَبْلَ النَّقْصِ أُجْرَةُ مِثْلِ السَّلِيمِ، وَلِمَا بَعْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمَعِيبِ (أَوْ ضَمَانُ فِرْقَتِهْ) أَيْ: وَلَا يُسْقِطُ أُجْرَتَهُ أَيْضًا ضَمَانُ فُرْقَتِهِ لِإِبَاقِهِ، أَوْ ضَلَالِهِ فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ، أَوْ ضَلَّ لَمْ يُسْقِطْ ضَمَانُ الْفُرْقَةِ أُجْرَتَهُ، بَلْ يَجِبَانِ مَعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْغَصْبِ بَاقٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ، فَتُضْمَنُ الْأُجْرَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ (وَالزَّيْتَ وَالْعَصِيرَ) بِالنَّصْبِ بِيَضْمَنُ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ (نَقْصَ قِيمَتِهْ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ (لَا عَيْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَضْمَنُ نَقْصَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ نَقَصَتْ دُونَ عَيْنِهِ بِإِغْلَائِهِ

(وَ) كَذَا (الْعَكْسُ) أَيْ: يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ إنْ نَقَصَتْ دُونَ قِيمَتِهِ (بِالْإِيقَادِ) عَلَيْهِ بِالنَّارِ أَيْ: بِإِغْلَائِهِ كَمَا يَضْمَنُهُمَا مَعًا إنْ نَقَصَتَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَلَوْ غَصَبَ صَاعَيْ زَيْتٍ قِيمَتُهُمَا دِرْهَمَانِ، وَأَغْلَاهُمَا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا فَقَطْ بِأَنْ عَادَتْ إلَى دِرْهَمٍ رَدَّهُمَا مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ عَيْنُهُمَا فَقَطْ، أَوْ مَعَ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ عَادَ إلَى صَاعٍ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَقَلُّ رَدَّهُ مَعَ صَاعٍ آخَرَ، وَرَدَّ أَيْضًا نَقْصَ قِيمَةِ الْبَاقِي إنْ نَقَصَتْ، فَلَوْ عَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ رَدَّ مَعَ ذَلِكَ ثُلُثَ دِرْهَمٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَيَكْفِيهِ رَدُّهُمَا، وَسَائِرُ الْأَدْهَانِ كَالزَّيْتِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الْعَصِيرِ هُوَ مُقْتَضَى تَرْجِيحِ الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَا يُقْصَدُ لِلشَّمِّ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: بِحُسْنِ صِنَاعَاتٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا وَقَدْ يُقَالُ: لَا بُدَّ مِنْ إحْسَانِهِ كَخِدْمَةٍ مَا فَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا لَا تَمْيِيزَ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ إحْسَانُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةُ الْكُلِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ عَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِصِيغَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ كَالْخِيَاطَةِ مَعَ الْحِرَاثَةِ ضَمِنَ الْأُخْرَى أَيْضًا قَالَ: وَسَيَأْتِي فِي صَيْدِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحُرِّ، أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَسْجِدٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ شَغَلَ بَعْضَ الْمَسْجِدِ بِمَتَاعٍ فَإِنْ أَغْلَقَهُ وَجَبَ أُجْرَةُ كُلِّ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَمَوْضِعِ الْمَتَاعِ فَقَطْ، وَمَصْرِفُهَا مَصَالِحُ الْمَسْجِدِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَمَصْرِفُهَا مَصَالِحُ الْمَسْجِدِ نَقَلَهُ فِي تَجْرِيدِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِمَا ثُمَّ قَالَ: وَأَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِأَنَّهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ: مِنْ مَصَالِحِهِمْ، وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ وَقْفَ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ بَابِ التَّحْرِيرِ وَكَالْعِتْقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، أَوْ الْمُسْلِمُونَ يَمْلِكُونَ مَنْفَعَتَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ نَحْوَ الرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ كَالْمَسْجِدِ، وَأَنَّ نَحْوَ الشَّارِعِ وَعَرَفَةَ تُصْرَفُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهَا فِي مَصَالِحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ أَجْرُ صَيْدٍ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ إلَّا الصَّيْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَحْذُوفٍ) هُوَ ضَمِيرُ الْقِيمَةِ الْفَاعِلِ بِنَقَصَتْ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمَتْنِ: لَا عَيْنُهُ مَرْفُوعًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَالْعَكْسُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ نَجَّسَ أَيْ: الْغَاصِبُ زَيْتَهُ أَيْ: زَيْتَ الْمَالِكِ غَرِمَ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَبِهِ تَنْدَفِعُ الْقَضِيَّةُ الْآتِيَةُ

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَإِنْ نَاسَبَ مَا إذَا أَكْرَهَ مُرْتَدًّا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ مِلْكُهُ، أَوْ وَقَفَ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ كَأُجْرَةِ عَمَلِهِ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ مَا لَوْ أَكْرَهَ مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ إذْ مَالِكُهَا غَيْرُ مُرْتَدٍّ، وَلِذَا يَلْزَمُ غَاصِبَ الْمُرْتَدِّ رَدُّهُ، وَضَمَانُهُ إذَا مَاتَ عِنْدَهُ، وَكَذَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِهِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِأَنَّهَا لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهَا بِوَجْهٍ حَتَّى يُعْتَبَرَ بِهِ وَطْؤُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ إلَخْ) عَلَّلَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ هَدَرٌ لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ

ص: 252

مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ كَالزَّيْتِ لَكِنْ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ، وَرُطُوبَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَحَلَاوَةُ الْعَصِيرِ فِيهِ بَاقِيَةٌ، وَالذَّاهِبُ مِنْ الزَّيْتِ زَيْتٌ مُتَقَوِّمٌ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَلِنَاصِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: الذَّاهِبُ مِنْ الزَّيْتِ مَائِيَّةٌ أَيْضًا، لَكِنَّهَا أَقَلُّ قَالَ: وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْعَصِيرِ إذَا صَارَ خَلًّا، وَالرُّطَبِ إذَا صَارَ تَمْرًا، وَنَقَصَتْ عَيْنُهُمَا دُونَ قِيمَتِهِمَا، وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللَّبَنِ إذَا صَارَ جُبْنًا، وَنَقَصَ كَذَلِكَ (لَا سِمَنًا جِدًّا) أَيْ: مُفْرِطًا فِي رَقِيقٍ، أَوْ نَحْوِهِ أَيْ: لَا يَضْمَنُهُ إذَا زَالَ عَنْهُ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ قَطْعِ أُنْثَيَيْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا بَدَلًا مُقَدَّرًا

(وَ) لَا يَضْمَنُ نَقْصُ الْمَغْصُوبِ (بِالْكَسَادِ) أَيْ: انْخِفَاضِ السِّعْرِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ رَغَبَاتُ النَّاسِ لَا شَيْءُ مِنْ الْمَغْصُوبِ (وَلَا) يَضْمَنُ (الْمَلَاهِي) كَطُنْبُورٍ وَبَرْبَطٍ (وَ) لَا (الصَّلِيبَ وَالصَّنَمْ بِالْكَسْرِ) أَيْ: بِسَبَبِ كَسْرِهَا الْمَشْرُوعِ بِأَنْ تُفْصَلَ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ، إذْ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا، وَلَا يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْتَارِ، فَلَوْ جَاوَزَ الْمَشْرُوعَ ضَمِنَ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُجَاوَزَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(لَا) بِسَبَبِ (الْحَرْقِ) لَهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَشْرُوعِ إلَّا بِمُجَاوَزَتِهِ فَلَا ضَمَانَ (وَ) لَا يَضْمَنُ (خَمْرًا تُحْتَرَمْ) وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ لِلرَّافِعِيِّ (أَوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ، وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ:(وَرَدَّ) أَيْ: الْغَاصِبُ وُجُوبًا (ذِي) أَيْ: الْمُحْتَرَمَةَ (وَذِي) أَيْ: خَمْرَةَ الذِّمِّيِّ إنْ لَمْ يَتَظَاهَرْ بِهَا لِاحْتِرَامِهِمَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهُمَا لَا يَجِبُ رَدُّهَا بَلْ تُرَاقُ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ خُمُورِ أَيْتَامٍ عِنْدَهُ: أَرِقْهَا قَالَ: أَلَا أُخَلِّلُهَا، قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَوْ نَجَّسَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَتَنْجِيسِ الزَّيْتِ، فَيَغْرَمُ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهِ فَلَوْ طَهَّرَهُ بِالْمُكَاثَرَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهُ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَعَافَهُ، وَإِنْ صَارَ طَاهِرًا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ، وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ

(قَوْلُهُ: وَرُطُوبَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا إلَخْ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ لِلْبَائِعِ كَالزَّيْتِ بِأَنَّ مَا زَادَ بِالْإِغْلَاءِ ثَمَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حِصَّةٌ، فَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لَأَجْحَفْنَا بِالْبَائِعِ وَالزَّائِدُ بِالْإِغْلَاءِ هُنَا لِلْمَالِكِ فَانْجَبَرَ بِهِ الذَّاهِبُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ إذَا تَتَمَّرَ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْبِطِّيخَ كَالرُّطَبِ وَنَحْوِهِ حَتَّى إذَا نَقَصَتْ عَيْنُهُ بِنَحْوِ نَقْصِ مَائِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: صَارَ جُبْنًا وَنَقَصَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ اهـ نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهِمَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ) كَذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنَهُ، وَقِيمَتَهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ اهـ وَهَذَا الثَّانِي أَوْجَهُ م ر

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ السِّمَنَ الْمُعْتَدِلَ كَالْمُفْرِطِ فِيمَا ذُكِرَ، فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُفْرِطِ لِأَنَّ عَدَمَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِزَوَالِ السِّمَنِ إنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا فِي الْمُفْرِطِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدِلَةً فَسَمُنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ سِمَنًا مُفْرِطًا، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ حَقِيقَةً وَلَا عُرْفًا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الطَّبَرِيِّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَالْوَجْهُ ضَمَانُ النَّقْصِ وِفَاقًا لِلْإِسْنَوِيِّ

(قَوْلُهُ: كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ) فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَلَّفَةً بَلْ قِطْعَةً وَاحِدَةً كَالصَّنَمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ حَجَرٍ وَاحِدٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زَوَالُ صُورَةِ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ إلَخْ) قَصْدُ الْخَلِّيَّةِ كَعَدَمِ الْقَصْدِ يُصَيِّرُهَا مُحْتَرَمَةً، وَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ عَصْرِهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ فَلَوْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، ثُمَّ قَصَدَ إمْسَاكَهَا لِلْخَمْرِيَّةِ صَارَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي احْتِرَامِهَا وَعَدَمِهِ، فَالْأَصْلُ الِاحْتِرَامُ فَيُمْتَنَعُ التَّعَرُّضُ لَهَا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَخْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمَكُّنِ الْمَذْكُورِ صُدِّقَ الْمُتْلِفُ عَلَى الْأَوْجَهِ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا كَذَلِكَ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: خَمْرَ الذِّمِّيِّ) وَإِنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ صَارَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ صَارَتْ مُحْتَرَمَةً بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الطَّارِئَ يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَهِيَ فِي يَدِ الصَّحَابِيِّ؟ رضي الله عنه بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ نَقْصَ عَيْنِهِ) أَيْ: إنْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ فَقَطْ فَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ أَيْضًا كَأَنْ كَانَ صَاعًا بِدِرْهَمٍ، فَصَارَ نِصْفَ صَاعٍ يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ ضَمِنَ نَقْصَ الْعَيْنِ اهـ م ر، وَلَوْ صَارَ نِصْفَ صَاعٍ يُسَاوِي رُبُعَ دِرْهَمٍ فَهَلْ يَضْمَنُ مَعَ نَقْصِ الْعَيْنِ؟ ، وَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ نَقْصَ الْقِيمَةِ وَهُوَ رُبُعُ دِرْهَمٍ رَاجِعْهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ إلَخْ) هَذَا إنْ قُلْت بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ، وَإِلَّا ضُمِنَتْ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مَائِعٌ طَاهِرٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي أَغْرَاضٍ كَثِيرَةٍ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي سم وَع ش، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِالنَّارِ إلَّا مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ بِهِ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِغَيْرِهَا فَيَنْتَفِعُ بِهِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: جَارٍ فِي الْعَصِيرِ إلَخْ) لَكِنْ مَشَى م ر عَلَى الْبَدِيهَةِ فِيمَا لَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَلَّلَ، وَنَقَصَتْ عَيْنُ الْخَلِّ دُونَ قِيمَتِهِ أَنَّهُ يَرُدُّ نَقْصَ الْعَيْنِ، وَلَا يُقَالُ: الذَّاهِبُ مَائِيَّةٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: بَرْبَطٍ) هُوَ آلَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَظَاهَرْ بِهَا) أَيْ: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشُّرْبِ، أَوْ الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: قَالَ: لَا) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَهُ مِنْ تَخْلِيلِهَا؟ مَعَ أَنَّ إمْسَاكَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ

ص: 253

وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُرَاقُ أَيْضًا مَعَ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ بِأَيْدِي الْفُسَّاقِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ إنَائِهَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا إلَّا بِهِ، أَوْ كَانَ إنَاؤُهَا ضَيِّقَ الرَّأْسِ، وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِرَاقَتِهَا أَدْرَكَهُ الْفُسَّاقُ وَمَنَعُوهُ، أَوْ كَانَ يُضَيِّعُ زَمَانَهُ، وَيَتَعَطَّلُ شَغْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ: وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا دُونَ الْآحَادِ، وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ فِيمَا ذُكِرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ؛ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالٌ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمُقَلِّدَ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَتْ إرَاقَتُهُ رَأْيَ مُقَلَّدِهِ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْحَشِيشَةِ بِالْخَمْرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ، وَفِي ضَمَانِ الْمُتَنَجِّسِ مِنْ الزَّيْتِ وَالْمَاءِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِلْأَمْرِ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ الْمَائِعِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْفَأْرَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَشْتَرِكُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَيُثَابُ الصَّبِيُّ عَلَيْهِ كَالْبَالِغِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إزَالَتُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْقَادِرِ

(وَرَدَّ) وُجُوبًا (مَا يَغْصِبُهُ) وَإِنْ بَطَلَ مُعْظَمُ مَنَافِعِهِ كَتَمْزِيقِهِ الثَّوْبَ خِرَقًا كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ زَالَ عَنْهُ اسْمُهُ كَخَبْزِهِ الدَّقِيقَ لِخَبَرِ:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (مَعَ الَّذِي زَادَ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ زَادَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ كَالْوَلَدِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ أَثَرًا مَحْضًا كَقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ بِخَيْطِ الْمَالِكِ، وَضَرْبِ الطِّينِ لَبِنًا وَنَسْجِ الْغَزْلِ ثَوْبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَا كَانَ، أَوْ أَمْكَنَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الرَّدِّ غَرَضٌ كَأَنْ غَصَبَ فِضَّةً، وَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ بِغَيْرِ عِيَارِهِ، فَلَهُ الرَّدُّ إلَى مَا كَانَ لِخَوْفِ التَّغْرِيرِ، فَإِنْ أَلْزَمَهُ الْمَالِكُ الرَّدَّ إلَى مَا كَانَ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَطَاهِرُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَا عَدَاهُمَا يُرَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَوُجِّهَ أَنَّ ظَاهِرَهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ: خَمْرًا تُحْتَرَمُ، وَخَمْرَ ذِمِّيٍّ مَا عُلِمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ مَا عَدَاهُمَا ظَاهِرًا فِي تَنَاوُلِ الْمَشْكُوكِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: مَعَ الشَّكِّ) الْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَى الِاحْتِرَامِ عِنْدَ الشَّكِّ وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ طَوَائِفَ أَنَّ مِنْ أَبْرَزَ خَمْرًا، وَادَّعَى أَنَّهَا خَمْرَ خَلٍّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا إنْ قَامَتْ قَرَائِنُ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضْ لَهَا اهـ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَبْرَزَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبْرِزْ قَبْلَ دَعْوَاهُ مَا ذُكِرَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ) أَيْ: مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيقَهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْأُولَى أَنْ لَا يُرِيقَهُ إلَخْ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إذْ مُجَرَّدُ خَوْفِ الْغُرْمِ لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَيَمْنَعُ تَوَجُّهَ الْغُرْمِ، وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بَدَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ اسْتِحْكَامٍ غَيْرِ حَنَفِيٍّ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ: لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: الرَّدُّ إلَى مَا كَانَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ مَا نَصُّهُ وَفِي الْحَاوِي وَجْهٌ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الرَّدُّ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

جَائِزٌ لِصَيْرُورَتِهَا حِينَئِذٍ مُحْتَرَمَةً، وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ أَنَّهَا عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه وَلِيًّا لِلْأَيْتَامِ، وَلَا وَصِيًّا حَتَّى يُعْتَبَرَ تَغَيُّرُ قَصْدِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِ حَنَفِيٍّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَخْ) وَلَا نَظَرَ هُنَا؛ لِكَوْنِ مَنْ هُوَ لَهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، أَوْ حُرْمَتَهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِنْكَارِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، أَوْ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ اهـ شَرْحٌ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِكُ إلَخْ) وَذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِ، أَمَّا الْكَافِرُ فَلَيْسَ لَهُ الْإِزَالَةُ إلَّا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ: لَا تَزْنِ، أَوْ الْوَعْظِ كَقَوْلِهِ: اتَّقِ اللَّهَ، أَمَّا السَّبُّ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ: يَا فَاسِقُ، أَوْ إنْ لَمْ تَرْجِعْ لَأَرْمِيَنَّكَ بِسَهْمٍ مَثَلًا، وَكَذَا الْفِعْلُ كَالرَّمْيِ بِالسَّهْمِ عِنْدَ تَوَقُّفِ الْإِزَالَةِ عَلَيْهِ فَيَمْنَعَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا لَا يَلِيقَانِ بِالْكَافِرِ كَذَا نُقِلَ عَنْ السُّيُوطِيّ، وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ فِي حِفْظِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ حَتَّى بِالْقَوْلِ، وَمِثْلُهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَلَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ ق ل: وَمَعَ ذَلِكَ يُعَاقَبُ الْكَافِرُ عَلَى عَدَمِ الْإِزَالَةِ فِي الْآخِرَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّكْلِيفِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا وَهَمَ

(قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ) أَيْ: مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِالْأَمْنِ، وَلَوْ عَلَى الْمَالِ وَالْعِرْضِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُكَلَّفِ) وَخَرَجَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَطْلُبُ وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ وَلَا يُنَافِيهِ النَّهْيُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفِيهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تُنَافِي النَّدْبَ، وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ السَّلَامَةَ، أَوْ ظَنَّهَا وَجَبَ، أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا حَرُمَ، وَهُوَ مَحْمَلُ الْآيَةِ وَإِلَّا جَازَ بَلْ يَنْدُبُ اهـ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْ الْأَخِيرَ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الْوُجُوبُ

(قَوْلُهُ: وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ) فَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَزِمَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ فِيهِ غَرَضٌ، وَلِلْغَاصِبِ الرَّدُّ بِلَا طَلَبٍ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ رَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الرَّدِّ غَرَضٌ) نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ، وَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ، وَلَا يَكْفِي الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ إبْرَاءٍ خِلَافُ مَا فِي الْحَفْرِ؛ لِأَنَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ هُنَا مُحَقَّقٌ، فَاحْتِيجَ لِلْإِبْرَاءِ مِنْهُ بِخِلَافِ ضَمَانِ السُّقُوطِ فَإِنَّهُ مُتَوَقَّعٌ فَكَفَى فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ الْمَالِكِ اهـ ق ل مَعَ

ص: 254

ذَلِكَ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ عَمَّا قَبْلَ الزِّيَادَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَيْنًا كَأَنْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ بِصَبْغِهِ أَوْ بِمَغْصُوبٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الثَّوْبِ فَلَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَضِمْنَهُ) أَنْتَ الزَّائِدَ

(وَلَوْ) حَصَلَ (بِفِعْلِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ فَلَوْ اتَّخَذَ مِنْ النُّقْرَةِ حُلِيًّا ثُمَّ رَدَّهُ بِغَيْرِ رِضَى الْمَالِكِ إلَى مَا كَانَ ضَمِنَ أَرْشَ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ تَابِعَةً لِلنُّقْرَةِ

(وَرَدَّ) أَيْضًا (تُرْبَ الْأَرْضِ) الَّذِي نَقَلَهُ مِنْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ بِكَشْطِ وَجْهِهَا، أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا إلَى مَحَلِّهِ (أَوْ كَمِثْلِهِ) مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْكَافُ زَائِدَةٌ أَيْ: رَدَّ التُّرَابَ الَّذِي نَقَلَهُ إنْ بَقِيَ، أَوْ مِثْلَهُ إنْ تَلِفَ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مِثْلِهِ غَرِمَ الْأَرْشَ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ التُّرَابَ (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَمَحَلُّهُ (إذْ) أَيْ: وَقْتَ (لَا غَرَضٌ) لِلْغَاصِبِ فِي رَدِّهِ كَأَنْ نَقَلَهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ، أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا إلَى الْآخَرِ (أَوْ حُظِرَا) أَيْ: مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ طَمِّ الْبِئْرِ (فِي صُورَةِ الطَّمِّ) إنْ قَالَ: رَضِيت بِبَقَاءِ الْحَفْرِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْهُ لِتَضَمُّنِ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ الطَّمِّ الرِّضَا بِبَقَاءِ الْحَفْرِ، فَيَنْدَفِعُ عَنْهُ ضَمَانُ التَّرَدِّي، وَخَالَفَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ: لَا يَتَضَمَّنُهُ، وَحَكَى فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَوْجَهُ فَإِنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى نَقْلِهِ ثَانِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي رَدِّهِ بِأَنْ نَقَلَهُ إلَى مِلْكِهِ، أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ شَارِعٍ يُخَافُ مِنْ التَّعَثُّرِ بِهِ ضَمَانًا، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهُ إلَى مَوَاتٍ، أَوْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ يَرْتَفِعُ أَرْشُهُ بِالرَّدِّ، أَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ، أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ، وَكَانَ لَهُ غَرَضٌ غَيْرَ دَفْعِ ضَمَانِ التَّرَدِّي فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالرَّدِّ وَالطَّمِّ نَعَمْ إنْ تَيَسَّرَ وَضْعُهُ بِمَوَاتٍ وَنَحْوِهِ فِي طَرِيقِهِ، فَلَا اسْتِقْلَالَ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ حَظَرَ فِي صُورَةِ الطَّمِّ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ نَفْيِ الْغَرَضِ فِيمَا قَبْلَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يُكَلِّفْهُ إيَّاهُ اهـ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: عَمَّا قَبْلَ الزِّيَادَةِ) وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا إذَا لَمْ يُلْزِمْهُ الْمَالِكُ الرَّدَّ، لَكِنْ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ عَمَّا قَبْلَ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ بِلَا أَمْرٍ وَلَا غَرَضٍ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ عَمَّا بَعْدَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ إذَا رَدَّهُ كَمَا كَانَ يَطْلُبُ الْمَالِكُ فَنَقَصَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ، فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ أَرْشَ النُّقْصَانِ وَلَا يَغْرَمُ مَا كَانَ زَادَ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ فَإِنْ رَدَّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ غَرِمَ أَيْ: مَا كَانَ زَادَ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ إلَّا فِي الدَّرَاهِمِ كَمَا سَبَقَ اهـ وَقَوْلُهُ: كَمَا سَبَقَ يُفْهَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا خَافَ التَّعْزِيرَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَمَّنَهُ وَرَدَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِكِ غَرِمَ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ: مَا زَادَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: الْإِذْنِ أَيْ: اشْتِرَاطُهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَقَلَهُ) مِثَالٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَرًا) عَطْفٌ عَلَى نَقَلَهُ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُ) زَادَ غَيْرُهُ بَلْ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَدَّهُ) وَالْفَرْضُ لَا غَرَضَ لَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَهُ وَكَانَ لَهُ غَرَضٌ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ غَرَضَاهُمَا قُدِّمَ غَرَضُ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ: الِاسْتِقْلَالُ بِالرَّدِّ اقْتَضَى عُمُومُ هَذَا أَنَّ لَهُ رَدَّ مِثْلِ التُّرَابِ عِنْدَ تَلَفِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ غَرَضٌ، وَإِنْ مُنِعَ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ، فَانْظُرْ كَيْفَ يُصَوَّرُ ذَلِكَ الْغَرَضُ بَعْدَ تَلِفَ التُّرَابِ وَمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ الطَّمِّ الْمُسْقِطِ لِلضَّمَانِ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ يُنْظَرُ فِيمَا قَالَهُ أَوَّلًا بِاحْتِمَالِ فَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ فَأَيْنَ الْإِفَادَةُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ؟ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يُفِيدُ ذَلِكَ طَاهِرًا، وَيُجَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ ثَانِيًا بِأَنَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ الْمَعْنَى لِظُهُورِ عَدَمِ تَصَوُّرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ بِالْعَقْلِ الَّذِي نَصُّوا عَلَى جَوَازِهِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ دَفْعِ ضَمَانِ التَّرَدِّي) يَنْبَغِي وَغَيْرُ دَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ إذَا أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ عَنْهُ فِي الرَّوْضِ، وَكَذَا أَيْ: يَسْتَقِلُّ بِهِ إنْ زَالَ بِهِ نَقْصُ الْأَرْضِ إلَّا إنْ أَبْرَأَهُ أَيْ: الْمَالِكُ عَنْ الْأَرْشِ اهـ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَرَضُ دَفْعُ الضَّمَانِ، فَلَهُ الرَّدُّ إنْ تَيَسَّرَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ) كَأَنَّ عَدَمَ عَطْفِهِ عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ إذْ، وَهُوَ لَا غَرَضَ مَعَ صِحَّةِ الْحُكْمِ أَنَّهُ يُفْهَمُ بِسَبَبِ مُقَابَلَتِهِ لِعَدَمِ الْغَرَضِ أَنَّ فِيهِ غَرَضًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ سم

(قَوْلُهُ: عَلَى مَحْذُوفٍ) وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ نَقَلَهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ فَيَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ عَدَمِ الْغَرَضِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِ مَا تَضَمَّنَهُ إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ مُرَادُ الْمَتْنِ مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ مِثَالٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ مَعْطُوفٌ عَلَى مِثَالٍ آخَرَ كَالنَّقْلِ إلَى مَوَاتٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ؟ ، فَإِنَّ عَدَمَ الْحَاجَةِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ عَطْفِهِ عَلَى لَا غَرَضَ، وَقَدْ أَبَاهُ وَمَنَعَهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ عَدَمَ الْحَاجَةِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا اسْتِفَادَةَ مَعْنَاهُ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ، وَهَذَا كَذَلِكَ لِدُخُولِهِ فِي الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ، فَيُسْتَفَادُ

ــ

[حاشية الشربيني]

زِيَادَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ نَقَصَ عَمَّا قَبْلَ الزِّيَادَةِ) أَيْ: نَقَصَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا فِي الْمُحَلَّى، أَمَّا النَّقْصُ بِالرَّدِّ، فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ وُجِدَ طَلَبٌ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَرَضٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ أَيْضًا اهـ ق ل، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ بِالزِّيَادَةِ كَأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً، فَصَارَ بِهَا يُسَاوِي خَمْسَةً غَرِمَ الْأَرْشَ مَا لَمْ يَرُدَّهُ لِمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ، وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ بِهَا كَأَنْ كَانَ يُسَاوِي خَمْسَةً فَصَارَ بِهَا يُسَاوِي سِتَّةً، فَطَلَبَ الْمَالِكُ الرَّدَّ، أَوْ كَانَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ غَرَضٌ كَأَنْ ضَرَبَ الْفِضَّةَ الْمَغْصُوبَةَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ، وَخَافَ التَّعْزِيرَ فَرَدَّ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَرْبَعَةً غَرِمَ وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبٌ، وَلَا غَرَضٌ وَرَدَّ، فَصَارَتْ تُسَاوِي أَرْبَعَةً غَرِمَ اثْنَيْنِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَتُطَمُّ بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْمِثْلَ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، فَلْيُحْمَلْ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي رَدِّهِ قَالَ ع ش قَدْ يُقَالُ: هَلَّا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ لِغَرَضِ رَفْعِ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمَالِكِ؛ لِعَدَمِ الْقَبْضِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ اهـ سم، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ حَمْلِ م ر، فَإِنَّ الصُّورَةَ مَنْعُ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِ مَا تَضَمَّنَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مَا قَبْلَهُ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا، وَمَا هُنَا الْغَرَضُ مَوْجُودٌ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ بِالْمَنْعِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: مِنْ نَفْيِ الْغَرَضِ) لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِالْمَنْعِ

ص: 255

وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَرَضَ فِي صُورَةِ الطَّمِّ مُنْحَصِرٌ فِي نَفْيِ ضَمَانِ التَّرَدِّي مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ غَرَضٌ آخَرُ مِنْ الْأَغْرَاضِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ

(وَسَوَّى) وُجُوبًا (الْحُفَرَا) الْحَاصِلَةَ فِي الْأَرْضِ بِنَقْلِهِ التُّرَابَ مِنْهَا لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ التَّسْوِيَةِ لَمْ يُسَوِّ

(وَدُونَ إذْنٍ) أَيْ: وَبِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ (الْجِدَارُ) إذَا هَدَمَهُ غَاصِبٌ أَوْ انْهَدَمَ فِي يَدِهِ (لَمْ يُعَدْ) أَيْ: لَا يُعِيدُهُ الْغَاصِبُ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ فِي الْبَيْعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَمِّ الْحَفْرِ بِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَتَفَاوَتُ، وَهَيْئَاتُ الْأَبْنِيَةِ تَخْتَلِفُ فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَهَذَا بِذَوَاتِ الْقِيَمِ حَتَّى لَوْ رَفَعَ لَبِنَاتٍ مِنْ رَأْسِ جِدَارٍ، وَأَمْكَنَ رَدُّهَا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي الْهَيْئَةِ كَانَ كَطَمِّ الْحَفْرِ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّصَّ إجْبَارُ الْهَادِمِ عَلَى إعَادَتِهِ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَهُ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَيْسَ مِثْلِيًّا، وَفِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى إيجَابِ الْإِعَادَةِ، وَأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ، وَالْمَذْهَبُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ لَقَالَ: إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْجِدَارُ مُتَقَوِّمٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّصِّ إجْبَارُهُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ شَرِيكِهِ إذْ النَّصُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ (وَخِرَقَ الثَّوْبِ) الَّذِي مَزَّقَهُ (بِأَرْشِ النَّقْصِ رَدْ) أَيْ: رَدَّهَا مَعَ أَرْشِ نَقْصِ الثَّوْبِ

(وَ) رَدَّ (سَاجَةً) وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْخَشَبِ غَصَبَهَا ثُمَّ (أَدْرَجَ) أَيْ: أَدْرَجَهَا (فِي الْبَنَّا) وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى هَدْمِ بِنَائِهِ الَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَمْوَالًا عَظِيمَةً إلَّا أَنْ تَتَعَفَّنَ بِحَيْثُ لَوْ أُخْرِجَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ، فَهِيَ مُسْتَهْلَكَةٌ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا (وَ) كَذَا لَوْ أَدْرَجَهَا (فِي سَفِينَةٍ) لَزِمَهُ رَدُّهَا (هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ) مِنْ نَزْعِهَا (مُحْتَرَمًا) أَيْ: تَلَفَهُ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، وَخِيفَ مِنْهُ تَلَفُ مُحْتَرَمٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ مَالٍ فَلَا رَدَّ حِينَئِذٍ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ وَمَالِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمُحْتَرَمِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(لَيْسَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمْ) أَيْ: غَصَبَ السَّاجَةَ، وَأَدْرَجَهَا فِي السَّفِينَةِ فَلَا يَمْنَعُ لُزُومَ رَدِّهَا خَوْفُ تَلَفِ مَالِهِ بِنَزْعِهَا، كَمَا فِي هَدْمِ الْبِنَاءِ لِرَدِّهَا، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ) كَأَنَّ مَعْنَى هَذَا الْقِيلِ تَخْصِيصُهُ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: أَوْ خَطَرًا إلَخْ بِغَيْرِ حَفْرِ الْبِئْرِ فَلَا يَكُونُ مَا عَدَا نَفْيِ ضَمَانِ التَّرَدِّي مِنْ الْأَغْرَاضِ مَذْكُورًا فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ، وَوَجْهُ النَّظَرِ حِينَئِذٍ مَنْعُ هَذَا التَّخْصِيصِ بَلْ قَوْلُهُ: تُرَابُ الْأَرْضِ شَامِلٌ لِمَا حَصَلَ بِحَفْرِ الْبِئْرِ، فَيَكُونُ بَقِيَّةُ الْأَغْرَاضِ الدَّاخِلَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إذْ لَا غَرَضَ جَارِيَةً فِي حَفْرِ الْبِئْرِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: الْحَاصِلَةُ فِي الْأَرْضِ) وَإِنْ احْتَاجَ فِي تَسْوِيَتِهَا إلَى تُرَابٍ آخَرَ لَزِمَهُ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: أَنَّهُ لَا يُفِيدُ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّصِّ إخْبَارُهُ إلَخْ) أَيْ: هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: وَخَرْقُ الثَّوْبِ) لَوْ لَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخَرْقِ قِيمَةٌ مُطْلَقًا فَهَلْ يَجِبُ رَدُّهَا مَعَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ؟ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدُّ الْخَمْرِ مَعَ بَدَلِ الْعَصِيرِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ الْوُجُوبُ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ) اقْتَضَى كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْقِيمَةَ التَّافِهَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِرّ (قَوْلُهُ: فَهِيَ مُسْتَهْلَكَةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ لَيْسَ مُجَرَّدُ أَنَّهَا مُسْتَهْلَكَةٌ بَلْ ذَلِكَ مَعَ لُزُومِ تَلَفِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ لَوْ أُخْرِجَتْ، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا بِنَاءٌ، فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الرَّدِّ، وَإِنْ اُسْتُهْلِكَتْ مَعَ الْبَدَلِ إنْ لَمْ يَبْقَ لَهَا قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَمَعَ أَرْشِ النَّقْصِ

(قَوْلُهُ: فَهِيَ مُسْتَهْلَكَةٌ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ رَدِّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَكَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ رَدِّهَا هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ حَقِّهِ، وَيُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) هَلْ مِنْ الْمُحْتَرَمِ مَالُ الْمُرْتَدِّ؟ ؛ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، وَوُجُوبُ الْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى مُمَوَّنِهِ الْمُحْتَرَمِ، وَكَوْنُهُ يَئُولُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ تَلَفُهُ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ تَعْذِيبٌ فَلْيُنْظَرْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ إلَخْ) فَمَا يُشْبِهُ ذَوَاتَ الْأَمْثَالِ يَجِبُ إعَادَتُهُ، وَمَا لَا يَجِبُ أَرْشُ نَقْصِهِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ فِي التَّالِفِ (قَوْلُهُ: كَانَ كَطَمِّ الْحَفْرِ) أَيْ: تَنْزِيلًا لِتَمَاثُلِ التَّالِفِ مَنْزِلَةَ تَمَاثُلِ الْمِثْلِيَّاتِ، وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ رَفَعَ خَشَبَةً مِنْ جِدَارِهِ أَوْ حَجَرًا مِنْ بَيْنِ أَحْجَارِهِ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ: إنَّهُ وَاضِحٌ اهـ نَاشِرِيٌّ

(قَوْلُهُ: لَيْسَ مِثْلِيًّا) أَيْ: لَا يُشْبِهُ الْمِثْلِيَّ بِخِلَافِ مَا يُشْبِهُهُ فَتَجِبُ إعَادَتُهُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَخَرْقُ الثَّوْبِ إلَخْ) وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّفَّا؛ لِأَنَّ الرَّفَا لَا يُعِيدُ الْمَغْصُوبَ كَمَا كَانَ بِخِلَافِ رَدِّ التُّرَابِ اهـ ق ل بِزِيَادَةِ الْفَرْقِ

(قَوْلُهُ: فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْخَشَبَ مِثْلِيٌّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْمِثْلِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهَا قِيمَةٌ فَهِيَ هَالِكَةٌ، فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَخَفْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْبِنَاءِ، وَالسَّفِينَةِ عَلَى خِلَافِ صَنِيعِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) وَلَوْ الْغَاصِبَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمَ) أَيْ: غَصَبَ إلَخْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَإِنْ خِيفَ مِنْ النَّزْعِ هَلَاكُ مَالٍ، أَمَّا السَّفِينَةُ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ لِلْغَاصِبِ، أَوْ مَنْ وَضَعَ مَالَهُ فِيهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهَا لَوْحًا مَغْصُوبًا فَفِي نَزْعِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ النَّزْعُ كَمَا يُهْدَمُ الْبِنَاءُ لِرَدِّ الْخَشَبَةِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ لَا يُنْزَعُ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ لَا تَدُومُ فِي الْبَحْرِ، فَيَسْهُلُ الصَّبْرُ إلَى الشَّطِّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُنْزَعْ قَطْعًا اهـ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ ظَلَمَ الْغَاصِبُ، وَمَنْ وَضَعَ مَالَهُ فِيهَا عَالِمًا الْغَصْبُ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ أَيْضًا، فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ غَصَبَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ السَّفِينَةُ، أَوْ غَيْرُهَا، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ: بِذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ أَيْضًا، فَيُهْدَمُ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَزِمَ تَلَفُ مَالِ آخَرَ وُضِعَ فِي الْبِنَاءِ لِلْغَاصِبِ، أَوْ لِمَنْ عَلِمَ غَصْبَهُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا تُنْزَعُ إلَّا إنْ لَزِمَ تَلَفُ مَالِ غَيْرِ

ص: 256

وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا لَا تُنْزَعْ حِينَئِذٍ إذْ يُمْكِنُهُ الرَّدُّ إذَا بَلَغَتْ الشَّطَّ مَعَ سَلَامَةِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَبَهَتْ السَّفِينَةُ بِسُفُنٍ لِلْغَاصِبِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى السَّاجَةِ إلَّا بِنَزْعِ الْجَمِيعِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ، وَسَبَقَهُ إلَى تَصْحِيحِهِ الْفَارِقِيُّ وَعَلَيْهِ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ لِلْفُرْقَةِ (كَمَا) أَيْ: كَخَيْطِ مَغْصُوبٍ (بِهِ يَخِيطُ) الْغَاصِبُ (جُرْحَ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمْ) آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (وَخَافَ) مِنْ نَزْعِهِ (هُلْكَهُ) ، أَوْ مَحْذُورًا آخَرَ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ حِينَئِذٍ، بَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْفُرْقَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِكَوْنِ الْحَيَوَانِ مُحْتَرَمًا حَالَةَ الْخِيَاطَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ كَذَلِكَ حَالَةَ إرَادَةِ النَّزْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُرْتَدِّ

(وَإِنْ مَاتَ الْبَشَرْ) أَيْ: الْآدَمِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُنْزَعُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ فِي الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَقِيلَ: إنْ أَثَّرَ فُحْشًا لَمْ يُنْزَعْ، وَإِلَّا نُزِعَ، وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ، فَيُنْزَعُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(لَا حَيْثُمَا يَرْتَدُّ) الْمَجْرُوحُ وَلَوْ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ، وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ، وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُثْلَةَ بِالْمُرْتَدِّ مُحَرَّمَةٌ، وَلَيْسَتْ كَالْمُثْلَةِ بِالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّا نَتَوَقَّعُ عَوْدَ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُنْزَعُ، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ فِي السَّاجَةِ

(وَالظَّرْفُ) إذَا حَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ مِنْهُ إلَّا بِكَسْرِهِ (كَسَرْ) أَيْ: كَسَرَهُ مَالِكُ الشَّيْءِ (قَصْدَ خَلَاصِهِ) مِنْ الظَّرْفِ نَعَمْ إنْ كَانَ هُوَ الْمُلْقِي، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْكَسْرُ، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ الْكَسْرُ، فَاسْتَفْتَانَا فِيهِ لَا نُفْتِيهِ بِهِ بَلْ نَحْكِي لَهُ حِكَايَةً كَمَا مَرَّ فِي اشْتِبَاهِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَصِيلِ، أَمَّا فِيهِ فَيُفْتَى بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَأَرْشَهُ) أَيْ: الْكَسْرِ (حَمَلْ) أَيْ: تَحَمَّلَهُ الْكَاسِرُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الشَّيْءُ فِي الظَّرْفِ بِفِعْلِ مَالِكِهِ بِأَنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ، أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ كَسَرَهُ لِخَلَاصِ مَالِهِ، وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ مَالِكِ الظَّرْفِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:(لَا إنْ بِفِعْلِ مَالِكِ الظَّرْفِ) وَلَوْ سَهْوًا (حَصَلْ) فِيهِ الْمَظْرُوفُ، فَلَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِهِ لِتَقْصِيرِ مَالِكِهِ، وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ وَلَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذْ يُمْكِنُهُ إلَخْ) فَلِلرَّدِّ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ:(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَتْ الشَّطَّ) أَيْ: أَقْرَبَ شَطٍّ يَتَيَسَّرُ وَلَوْ غَيْرَ مَقْصِدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ الشَّطُّ أَوْ نَحْوُهُ كَرَقْرَاقٍ

(قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: مِمَّا إلَخْ) يَشْمَلُ بُطْءَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ) وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ إلَخْ) وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: النَّزْعُ

(قَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ) كَبَيْتٍ وَمِحْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ) كَفَصِيلٍ وَدِينَارٍ

(قَوْلُهُ: مَالِكَ الشَّيْءِ) دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمُلْقِي أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْفَصِيلِ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ وَتَعَدِّيهِ بِالْإِلْقَاءِ لَا يُسْقِطُ حُرْمَتَهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَصِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِ مَالِكِهِ) أَيْ: الظَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ) هَذَا لَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْكَسْرِ حِينَئِذٍ بَلْ يَصْدُقُ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْكَسْرِ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُلْقِي إلَخْ سم

(قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ مَالِكُهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

السَّفِينَةِ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ فِي الْبِنَاءِ تُنْزَعُ حَالًا إلَّا إذَا لَزِمَ تَلَفُ مَالِ غَيْرِ الْبِنَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ م ر وَحَجَرٌ، وَصَرَّحَ بِهِ ق ل وَع ش قَوْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْخِلَافُ، وَعَلَيْهِ فِي الْبِنَاءِ تُنْزَعُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَالًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَدَ لَهُ يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ السَّفِينَةِ تُنْزَعُ عِنْدَ بُلُوغِ الشَّطِّ

(قَوْلُهُ: خَوْفَ مَالِهِ بِنَزْعِهَا) لَوْ أُرِيدَ بِالْمَالِ مَا أُدْرِجَتْ فِيهِ بِأَنْ يَتْلَفَ بِنَزْعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ م ر وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الشَّطَّ) أَيْ: أَقْرَبَ شَطٍّ، وَلَوْ مَا سَافَرَ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوقَفْ) فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي تَعْيِينِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ، فَتَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا اهـ ع ش أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُفْتَى بِالْكَسْرِ، وَإِنَّمَا يُحْكَى لَهُ الْحَالُ فِي التَّفْصِيلِ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِالْكَسْرِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِجَوَازِ الْكَسْرِ فَكَيْفَ لَا نُفْتِيهِ بِهِ؟ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: لَا نُفْتِيهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَنْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ نَذْبَحْ الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ، وَإِنْ ذَبَحْتهَا غَرَّمْنَاك أَرْشَهَا، وَقَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكَسْرَ، وَإِنْ جَازَ لَهُ فِيهِ إضْرَارٌ بِمَالِكٍ لَمْ يَتَعَدَّ فَفِي إفْتَائِهِ بِهِ تَحْرِيضٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَسُغْ الْإِفْتَاءُ بِهِ رِعَايَةً لِضَرَرِ الْغَيْرِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ آخِرَ كَلَامِهِ كَمَا مَرَّ فِي اشْتِبَاهِ الْإِحْرَامِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ الْإِفْتَاءِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنَّ الْمُصَحَّحُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، ثَمَّ أَنَّا نُفْتِيهِ فَهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ هُنَا جَائِزٌ لَا يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ، وَهُنَاكَ يَحْتَمِلُ فَلِاحْتِمَالِهِ لَهَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا نُفْتِيهِ وَبِهَذَا يُنَازَعُ الشَّيْخُ فِي قِيَاسِهِ هَذَا عَلَى ذَاكَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ عَلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، فَإِنَّهُمْ هُنَاكَ نَظَرُوا إلَى احْتِمَالِ الْحُرْمَةِ الْمَوْجُودَةِ ثَمَّ، وَهُنَا لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ) وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهُ مَالِكُ الظَّرْفِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ بِفِعْلِ مَالِكِ الظَّرْفِ

ص: 257

تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا كُسِرَتْ، ثُمَّ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُفَرِّطْ صَاحِبُ الْقِدْرِ، فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ابْتَلَعَتْ شَيْئًا مِمَّا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ ضَمِنَهُ صَاحِبُهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَفْسُدُ كَلُؤْلُؤٍ لَمْ تُذْبَحْ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْمُبْتَلَعِ لِلْحَيْلُولَةِ

(وَلَوْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ) الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (رَدَّ) هـ (مَعْ تَغْرِيمِ أَرْشِ النَّقْصِ) لَهُ بِالتَّخَلُّلِ (كَالْبَذْرِ) إنْ (زَرَعْ) أَيْ: زَرَعَهُ الْغَاصِبُ (وَالْبَيْضِ إذْ) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ (فَرَّخَ وَالْجِلْدِ) إنْ (دُبِغْ) بِدَبْغِ الْغَاصِبِ، أَوْ غَيْرِهِ

(وَخَمْرَةٍ تَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْحَاصِلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مَا هُوَ مِلْكُهُ، أَوْ مُخْتَصٌّ بِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ كَانَ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إخْرَاجُ الْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ

(وَإِنْ صُبِغْ) أَيْ: الثَّوْبُ الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ بِمَغْصُوبٍ) أَيْ: وَلَوْ بِصَبْغٍ مَغْصُوبٍ مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ أَوْ، غَيْرِهِ (فَنَقْصُهُ) أَيْ: الْمَصْبُوغِ يُحْسَبُ (عَلَى صِبْغٍ) حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ عَشْرَةً، وَعَادَتْ قِيمَةُ الْمَصْبُوغِ إلَى ثَمَانِيَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ، فَالصَّبْغُ ضَائِعٌ وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ فِيهِمَا قِيمَةَ الصَّبْغِ لِمَالِكِهِ وَفِي الْأُولَى دِرْهَمَيْنِ أَيْضًا لِمَالِكِ الثَّوْبِ، أَوْ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا، وَيَغْرَمُ خَمْسَةً لِمَالِكِ الصَّبْغِ (وَبَيْنَ ذَا وَذَا)

أَيْ: الْمَالِكَيْنِ بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا (مَا فَضَلَا) عَنْ قِيمَتَيْ الثَّوْبِ، وَالصَّبْغِ كَأَنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْمَصْبُوغِ فِي الْمِثَالِ ثَلَاثِينَ، فَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لَا عَلَى الْإِشَاعَةِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مَا كَانَ لَهُ مَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّائِدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيُّ الْآتِي، وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَارْتَضَاهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفُزْ مَالِكُ الثَّوْبِ بِالصَّبْغِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ كَالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ غَيْرِهِ انْضَمَّ إلَى مَالِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّمْنِ، فَإِنَّهُ أَثَرٌ مَحْضٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْمَسْأَلَةَ، وَفِي الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: الشَّيْءَ (قَوْلُهُ: كُسِرَتْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ إدْخَالُ رَأْسِهَا بِتَفْرِيطِ صَاحِبِهَا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: صَاحِبُهَا مَعَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَرَّطَ صَاحِبُ الْقِدْرِ فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا فِيهِ وَحْدَهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْأَرْشِ لِأَجْلِ مُبَاشَرَةِ الْكَسْرِ لَا لِإِتْلَافِ الْبَهِيمَةِ حَتَّى يَفْصِلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) هَذَا صَادِقٌ أَيْضًا بِمَا إذَا فَرَّطَ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ: مَالِكِ الْقِدْرِ وَمَالِكِ الْبَهِيمَةِ لَزِمَ مَالِكَ الْبَهِيمَةِ الْأَرْشُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ حُكْمُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ أَيْ: فِيمَا إذَا وَقَعَ فَصِيلٌ أَوْ دِينَارٌ فِي بَيْتٍ أَوْ مِحْبَرَةٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِ مَالِكِ الْفَصِيلِ، أَوْ الدِّينَارِ وَمَالِكِ الْبَيْتِ، أَوْ الْمِحْبَرَةِ غَرِمَ مَالِكُ الْفَصِيلِ أَوْ الدِّينَارِ نِصْفَ الْأَرْشِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّفْرِيطِ كَالْمُتَصَادَمِينَ اهـ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ: حَيْثُ يَضْمَنُ إتْلَافَهَا لِكَوْنِهَا مَعَهُ أَوْ فِي وَقْتٍ لَمْ يُعْتَدْ إرْسَالُهَا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: أَرْشُ النَّقْصِ) أَيْ: بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتَهُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ فَقَطْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ قُبَيْلَ لَا سِمَنًا جِدًّا قَالَ: وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْعَصِيرِ إذَا صَارَ خَلًّا بَلْ قَدْ لَا يَصْدُقُ أَرْشُ النَّقْصِ حَيْثُ لَا نَقْصَ فِي الْقِيمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: كَالْبَذْرِ زَرْعٌ إلَخْ) هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ صَيْرُورَةِ الْمِثْلِيِّ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً، وَقَدْ أَوْجَبُوا هُنَا الْمُتَقَوِّمَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ الَّذِي مِنْ لَازِمِهِ أَنَّ الْمُتَقَوِّمَ لَيْسَ أَكْثَرَ قِيمَةً لَا يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا عِنْدَ التَّلَفِ وَمَا هُنَا عِنْدَ عَدَمِهِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ بِهَامِشِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا) قَدْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ مِنْهُ يُنَافِي قَوْلَهُ: وَيَغْرَمُ خَمْسَةً لِمَالِكِ الصَّبْغِ فَتَأَمَّلْهُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَالَيْهِمَا عَشَرَةُ الثَّوْبِ، وَخَمْسَةُ الصَّبْغِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَنَقَصَهُ عَلَى صَبْغٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَهِيَ شَرِكَةٌ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ إلَخْ) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا شَرِكَةُ شُيُوعٍ خِلَافُ مَا يَأْتِي عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَعَنْ نَقْلِ الْمَطْلَبِ لَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَالِكَيْنِ) وَقَدْ يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلْسِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالصَّنْعَةِ لِلْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ: عَمِلَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِمَا مَعًا فَالْأَرْشُ عَلَيْهِمَا شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ صَاحِبُهَا) أَيْ: إنْ فَرَّطَ دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ فَرَّطَ الْآخَرُ فَقَطْ فَهُوَ الضَّامِنُ، أَوْ فَرَّطَا مَعًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْخَمْرَةِ الْمُتَخَلِّلَةِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ حَتَّى يُعْتَبَرَ مَا نَقَصَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُفْرَضُ عَصِيرًا، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ فِي غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) رَدَّهُ حَجَرٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ هُوَ الْعَصِيرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ وَغَيْرَهَا فَرْعٌ عَنْهُ اهـ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، أَوْ مُخْتَصٌّ بِهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فَنَقَصَهُ يُحْسَبُ عَلَى صَبْغٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ فِي الصَّبْغِ، وَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا تَابِعٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا) أَيْ: الْآنَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَازَ بِهِ صَاحِبُهُ اهـ أَمَّا الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ، فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ شَرِكَةِ الْجِوَارِ وَشَرِكَةِ الشُّيُوعِ، وَمِنْ زِيَادَةِ قِيمَةِ أَحَدِهِمَا مَا لَوْ صَارَ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَكَانَ الثَّوْبُ لَوْ انْفَرَدَ لَسَاوَى خَمْسَةً، فَلِصَاحِبِ الصَّبْغِ الثَّمَانِيَةُ وَحْدَهُ إنْ كَانَ صَبْغُهُ لَوْ انْفَرَدَ لَسَاوَاهَا، فَإِنْ كَانَ لَوْ انْفَرَدَ سَاوَى أَقَلَّ مِنْهَا فَالْأَقَلُّ لَهُ وَحْدَهُ، وَبَقِيَّةُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِي حَدَثَ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ إلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ فَمَتَى وَجَدَ زِيَادَةً عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ نَاقِصَةً بِسَبَبٍ رَخَّصَ الثَّوْبَ، فَلِلْغَاصِبِ جُزْءٌ ثُمَّ إنْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ لِقِيمَةِ الصَّبْغِ، فَهِيَ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا لِلصَّبْغِ، وَبَعْضُهَا لِلصَّنْعَةِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ إلَخْ أَيْضًا جَوَازُ بَيْعِ الْمَالِكِ الثَّوْبَ بِثَمَنٍ يَخْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ:

ص: 258

إنْ نَقَصَ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَالنَّقْصُ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرُ الصَّبْغِ، أَوْ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصَّبْغِ، وَإِنْ زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِمَالِكِهِ، أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ أَيْضًا فَلَا شَرِكَةَ (وَأَلْزَمُوهُ) أَيْ: الْغَاصِبَ (بَيْعَ صِبْغٍ) لَهُ تَعَذَّرَ فَصْلُهُ (إنْ يُبَعْ ثَوْبٌ) أَيْ: إنْ أَرَادَ مَالِكُهُ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ (خِلَافَ الْعَكْسِ) بِأَنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صَبْغِهِ فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُ ثَوْبِهِ؛ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِبَيْعِ مَا لَهُ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ، (وَالصِّبْغَ قَلَعْ) أَيْ: الْغَاصِبُ وُجُوبًا عَنْ الثَّوْبِ إنْ أَمْكَنَ قَلْعُهُ وَطَلَّهُ الْمَالِكُ لِتَعَدِّيهِ (وَ) قَلَعَ أَيْضًا (الزَّرْعَ وَالْغِرَاسَ وَالْبِنَا) عَنْ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (وَلَوْ نَقَّصَ) الثَّوْبُ وَالْأَرْضُ (قَلْعٌ) لِلصَّبْغِ وَالزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَالْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ، وَالْأَرْشُ فِي الثَّوْبِ مِثْلَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِلَا صَبْغٍ لَا مَا نَقَصَ عَمَّا زَادَ فِي قِيمَتِهِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ أَجْبَرَهُ عَلَى الْقَلْعِ لَزِمَهُ مَعَ ذَلِكَ حِصَّةُ الْمَالِكِ مِنْ الزَّائِدِ فِي قِيمَتِهِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ (وَتَمَلُّكًا) لِلصَّبْغِ وَالزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (نَفَوْا) عَنْ مَالِكِ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إنْ نَقَصَ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ إلَخْ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَبِالْكَسَادِ أَنَّ النَّقْصَ لِانْخِفَاضِ السِّعْرِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ: وَيَغْرَمُ خَمْسَةً لِمَالِكِ الصَّبْغِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ لِغَيْرِ الِانْخِفَاضِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِبَيْعِ مَالِهِ) هَلْ لِمَالِكِ الثَّوْبِ لُبْسُهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ) أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ كَمَا يُدْرَكُ ذَلِكَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ: أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فِي الْأُولَى، وَمِنْ قَوْلِهِ: دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ تَعْلِيلَهُمْ فِي الْأُولَى يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ الْأَوْجَهَ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ لَا مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ أَيْ: بَلْ الْأَوْجَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ كَالْغَاصِبِ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ لَمْ يَكُنْ كَالْغَاصِبِ فِيهِمَا، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ هَذَا وَلَكِنْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْجَوْجَرِيِّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَوَّلِ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ بَقِيَ الصَّبْغُ فِي الثَّوْبِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ مِنْهُ، أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ كُلِّفَ صَاحِبُهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْغَاصِبُ، أَوْ غَيْرُهُ بَيْعَهُ الصَّبْغَ مَعَ الثَّوْبِ إذَا أَرَادَ صَاحِبُهُ الْبَيْعَ لَا عَكْسَهُ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا حَاصِلُ هَذِهِ الْأَوْجُهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْ الْمَالِكِ، وَالثَّالِثِ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: وَالصَّبْغُ قُلِعَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْلُوعِ قِيمَةٌ وَهَذَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ فِي السَّاجَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً بِخِلَافِهَا حَجَرٌ قَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَلْعِ السَّاجَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ مَعَ تَلَفِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ أَيْ: هَذَا الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ) وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ نَقَصَ الْمَقْلُوعُ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّائِدِ) إنْ زَادَ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا أَنْ مَا زَادَ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ سِعْرِ الصَّبْغِ) أَيْ: بِأَنْ صَارَ سِعْرَهُ رَخِيصًا، أَوْ كَانَ لَوْ انْفَرَدَ لَسَاوَى لَكِنْ لَمَّا انْضَمَّ لِلثَّوْبِ نَقَصَتْ جُمْلَةُ السِّعْرِ، فَصَارَ الْمَجْمُوعُ يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ، فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا) بِأَنْ صَارَ الثَّوْبُ فِيمَا تَقَدَّمَ يُسَاوِي عِشْرِينَ، وَالصَّبْغُ لَوْ انْفَرَدَ يُسَاوِي عَشَرَةً، فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ لَوْ انْفَرَدَ يُسَاوِي مِثْلَهُ فَقَطْ، وَبِالضَّمِّ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فَهِيَ بِسَبَبِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا) قَدْ يُقَالُ: مُقْتَضَى حِسَابِ النَّقْصِ بِسَبَبِهَا عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَفُوزَ بِالزِّيَادَةِ بِسَبَبِهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلثَّوْبِ دَخْلًا فِي الزِّيَادَةِ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ، فَلِذَا شَارَكَهُ الْمَالِكُ فِي الزِّيَادَةِ بِهَا اهـ جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَرِكَةَ) وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ لَوْ حَصَلَ نَقْصٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ) أَيْ: وَلَيْسَتْ شَرِكَةَ شُيُوعٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ) بِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسَ أَوْ الْمَالِكُ بَيْعَ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ، أَوْ الْغِرَاسِ عَلَى حِدَتِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ إلَخْ) وَيَشْتَرِكُ هُوَ وَمَالِكُ الثَّوْبِ، فَإِذَا زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِالصَّبْغِ اشْتَرَكَا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ، وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ النَّقْصَ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ فَازَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالصَّبْغِ وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لِمَالِكِهِ اهـ حَاشِيَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ لَمْ يَكُنْ كَالْغَاصِبِ فِيهِمَا، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ اهـ وَمُرَادُهُ بِمَا يَأْتِي قَوْلُ الرَّوْضِ وَإِنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ رَجُلٍ مَثَلًا فَانْصَبَغَ اشْتَرَكَا فِي الْمَغْصُوبِ، وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، وَلَا الْفَصْلَ وَلَا الْأَرْشَ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ

(قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ) أَيْ: دُونَ مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ قَلْعُهُ وَطَلَبَهُ الْمَالِكُ إلَخْ) وَلَهُ الْقَلْعُ فِيهِمَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ نَقَصَ بِهِ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي صَبْغٍ يَحْصُلُ مِنْهُ عَيْنُ مَالٍ وأَمَّا مَا هُوَ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ وَلَا نَقْصَ بِهِ، فَلَا يُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَى قَلْعِهِ، وَلَا يَسْتَقِلُّ هُوَ بِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَهُ الْمَالِكُ) أَيْ: مَالِكُ الثَّوْبِ، أَوْ مَالِكُ الْبِضْعِ إنْ كَانَ لِثَالِثٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ أَجْبَرَهُ إلَخْ) قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ: وَلَا غَرَضَ لِلْغَاصِبِ فِي الْقَلْعِ

(قَوْلُهُ: أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقَلْعِ كَمَا أَنَّ صُورَةَ تَمَلُّكِ الْمُعِيرِ فِيمَا إذَا امْتَنَعَ

ص: 259

لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غُرْمٍ بِخِلَافِ الْمُعِيرِ (وَلَمْ يَجِبْ) عَلَى الْمَالِكِ (قَبُولُهُ إذَا بُذِلْ) أَيْ: بَذَلَهُ لَهُ الْغَاصِبُ لِلْمِنَّةِ

(وَإِنْ سَرَتْ) إلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ (جِنَايَةٌ) عَلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ غَيْرِهِ (كَأَنْ عَمِلْ هَرِيسَةً مِنْهُ) ، أَوْ (وَ) مَعَ (خَلْطُهُ بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) كَبُرٍّ، أَوْ زَيْتٍ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِأَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ (فَهَلَاكٌ) حُكْمًا (فِيهِمَا) لِإِشْرَافِهِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَتَعَذُّرِ رَدِّهِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْتَقِلُ إلَى بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ حَيْثُ جُعِلَ الْبَائِعُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالْهَالِكِ أَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ، بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَهُنَا يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ: وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ بَيْنَ جَعْلِهِ هَالِكًا، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارَ أَيْ: شَأْنُهُ السِّرَايَةُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبِ وَاقِفٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَهَذَا حَسَنٌ

وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ، وَإِذَا جُعِلَ هَالِكًا، فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ لِلْغَاصِبِ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالْهَالِكِ أَوْ لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ؟ وَجْهَانِ وَمِنْ ذَلِكَ عَفَنُ الْبُرِّ بِبَلِّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ دُونَ عَفَنِهِ بِطُولِ مُكْثِهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَدُونَ الْمَرَضِ السَّارِي كَالسُّلِّ، وَالِاسْتِسْقَاءِ لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ التَّقْيِيدُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهَا فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ سم (قَوْلُهُ: لِلْمِنَّةِ) لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ نَعْلِ الدَّابَّةِ الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَرَتْ إلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ) هَذَا يُخْرِجُ جَعْلَ قَصَبِ السُّكْرِ عَسَلًا أَوْ عَسَلَ الْقَصَبِ سُكَّرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ نَائِبُ الْغَاصِبِ، أَوْ مَنْ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ مِمَّنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي مِلْكَ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ خَلْطُهُ بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَمَلَكَهُ أَيْ: الْغَاصِبُ فَلَهُ إبْدَالُهُ أَوْ إعْطَاؤُهُ مِمَّا خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِأَجْوَدَ لَا بِأَرْدَأَ إلَّا بِرِضَاهُ، وَيَسْقُطُ الْأَرْشُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَمَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْدَأَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ اهـ

(قَوْلُهُ: خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هُمَا شَرِيكَانِ م ر (قَوْلُهُ: تَمَامُ الْبَدَلِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ لِلْغَاصِبِ، وَيُفَارِقُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ نَجَّسَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ حَيْثُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ، وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ بِالتَّنْجِيسِ فَصَارَ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا فَلَا مَحْذُورَ فِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ الْهَرِيسَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَفِي إعَادَتِهَا لِلْمَالِكِ مَحْذُورُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَكُونُ الْهَرِيسَةُ) أَيْ: مَثَلًا اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ عَفَنُ الْبُرِّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ أَرْشٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرُ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ التَّعَفُّنَ حَصَلَ هُنَا بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ حَدَثَ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ مِنْهُ مَلَكَهُ غَاصِبُهُ غَصَبَهُ مِنْ شَخْصٍ أَوْ أَشْخَاصٍ كَانَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ، أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلٍ مِنْهُ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ مَلَكَهُ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَلَطَ أَمْوَالَ غَيْرِهِ فَلَا مِلْكَ بَلْ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ، وَيَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ فِي الثَّانِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ أَمَّا إذَا اخْتَارَ الْغَاصِبُ الْقَلْعَ فَهُوَ كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ رِضَى الْمَالِكِ بِالْإِبْقَاءِ وَلَا طَلَبُهُ تَمَلُّكَهُ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبِضْعُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ إذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْإِبْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا سَكَتَ الْمَالِكُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ، أَمَّا لَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ الْقَلْعَ فَيَجِبُ غُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَهُ حُكْمُ مَالِكِ الْأَرْضِ فِيمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّبْغَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ) أَيْ: فِيمَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي صَبْغٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غُرْمٍ) بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ قَلَعَ غُرْمَ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إذَا بَذَلَ) أَيْ: وَهَبَهُ الْغَاصِبُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ مَثَلًا

(قَوْلُهُ: جِنَايَةٌ عَلَيْهِ) خَرَجَ مَا لَوْ صَارَ الْبُرُّ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر

(قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) بِخِلَافِ مَا يَتَمَيَّزُ فَيَلْزَمُهُ التَّمْيِيزُ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهَلَاكٌ) هَذَا فِي الْمِثْلِيِّ أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ، فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ فِي اخْتِلَاطِ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ، وَفِي اخْتِلَاطِ حَمَامُ الْبُرْجَيْنِ اهـ حَاشِيَةٌ مَنْهَجٌ أَيْ: فَيَبْقَى الْمُتَقَوِّمُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ نَقْصِهِ كَمَا فِي ق ل

(قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِ، أَوْ قِيمَةٍ) وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِنْهُ، وَكَانَ قَدْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ لَا أَرْدَأَ ق ل (قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً فَقَدْ جَعَلَ الْمِثْلِيَّ مُتَقَوِّمًا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً، فَتَجِبُ قِيمَتُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ فَيَجِبُ رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فَعَلَ بِهِ مَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ أَمَّا مَا هُنَا فَهُوَ فِيمَا فَعَلَ بِهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَكُونُ إلَخْ) أَيْ: هَلْ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهَا إتْمَامًا؟ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْهَالِكَ لَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَلَا لِغَيْرِهِ اهـ ع ش ثُمَّ إنَّ الْهَرِيسَةَ وَمَا بَعْدَهَا يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ مِلْكًا حَقِيقِيًّا حَتَّى لَوْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ لَهُ لَا لِلْمَالِكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَالِكِ) أَيْ: يَأْخُذُهَا مَعَ الْبَدَلِ

(قَوْلُهُ: دُونَ عَفَنِهِ إلَخْ) أَيْ: فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ اهـ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ) أَيْ: قَوْلِهِ: دُونَ

ص: 260

النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ احْتِمَالِ السَّلَامَةِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُمَا أَنَّ صَيْرُورَةَ الْمَغْصُوبِ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ لَا تَكُونُ هَلَاكًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ سَارِيَةً كَتَمْزِيقِ الثَّوْبِ فَقَدْ مَرَّ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَلْطِ أَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى، وَفَرْقُهُ مُنْتَقِضٌ بِالْحُبُوبِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ زَيْتًا، أَوْ نَحْوَهُ، وَخَلَطَهُ، فَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَخَلَطَهَا أَحَدُهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ إنْ بَيَّنَ الْقِسْمَةَ، وَالْمُطَالَبَةَ بِالْمِثْلِ (لَا خَلْطَ بُرٍّ بِشَعِيرٍ) فَإِنَّهُ لَيْسَ هَلَاكًا لِإِمْكَانِ تَمْيِيزِهِ، وَإِنْ عَسَرَ

(وَضَمِنْ آخِذُهُ) أَيْ: الْمَغْصُوبَ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْغَاصِبِ بِشِرَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ، وَكَانَ أَمِينًا كَالْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لَكِنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْآخِذَ بِزَائِدِ الْقِيمَةِ الَّذِي كَانَ بِيَدِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ زَالَ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ: لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْمَالِكِ، وَمَنْ انْتَزَعَهُ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ هَلَاكًا) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَلْطِ أَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ) أَيْ: فَيَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَعَ مِلْكِهِ الْمَذْكُورِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ لِمَالِكِهِ، وَيَكْفِي كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنْ يُعْزَلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَيْ: بِغَيْرِ الْأَرْدَأِ قَدْرُ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي، وَقَوْلُهُ: وَمَعَ مِلْكِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْحَجْرَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي مَلَّكْنَاهُ إيَّاهُ لَا فِي قَدْرِ مِلْكِهِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي خَلَطَهُ بِهِ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ) هَذَا اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ؛ لِأَنَّهُ: لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالصَّبْغِ فِيمَا مَرَّ اهـ وَبِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَتَّضِحُ دَعْوَى الْهَلَاكِ فِيمَا لَوْ غَصَبَ عَسَلًا، وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ حَلْوَى، أَوْ عَسَلًا وَحْدَهُ وَطَبَخَهُ حَلْوَى كَأَنْ جَعَلَهُ عَقِيدًا فَلَا يُقَالُ: أَنَّهُ لَا هَلَاكَ لِأَنَّ الْحَلْوَى لَا يَسْرِي التَّلَفُ إلَيْهَا عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ السَّرَيَانِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَغَيَّرُ وَيَتَعَفَّنُ بِطُولِ الزَّمَانِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ شَاةً، وَذَبَحَهَا رَدَّهَا مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ مَعَ أَنَّ اللَّحْمَ يَفْسُدُ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ بِحَالِهَا وَلَمْ يَزُلْ مِنْهَا إلَّا مَعْنًى وَهُوَ الْحَيَاةُ، وَلَوْ غَصَبَ حَبًّا وَطَحَنَهُ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ بِأَنْ يُقَالَ: الدَّقِيقُ يَتْلَفُ بِطُولِ الزَّمَانِ أَوْ يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّ تَلَفَهُ أَوْ تَغَيُّرَهُ لَيْسَ مَنْشَؤُهُ هَذَا الْفِعْلَ وَلَا بُدَّ بِدَلِيلِ أَنَّ أَصْلَهُ، وَهُوَ الْحَبُّ يَتْلَفُ، أَوْ يَتَغَيَّرُ بِطُولِ الزَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ، هَذَا وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى إطْلَاقِ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَيْ: تَعْلِيلِ ابْنِ الصَّبَّاغِ بِفَرْخِ الْبَيْضِ، وَنَبَاتِ الْحَبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ مَا لَوْ جَعَلَ الْقَصَبَ عَسَلًا أَوْ الْعَسَلَ سُكَّرًا

(قَوْلُهُ: فَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

عَفَنِهِ بِطُولِ مُكْثِهِ، وَقَوْلِهِ: وَمِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَيْ: قَوْلِهِ: لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُمَا إلَخْ) اللُّزُومُ لِلْغَزَالِيِّ ظَاهِرٌ وَلِلْإِمَامِ لِمُوَافَقَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ الْغَاصِبُ فِعْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَمِنْ ذَلِكَ عَفَنُ الْبُرِّ بِبَلِّهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ حَبًّا، وَجَعَلَهُ هَرِيسَةً فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيَنْتَقِلُ الْبَدَلُ إلَى ذِمَّتِهِ كَمَا قَالَهُ م ر، فَالْحَاصِلُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَطَ الْغَاصِبُ مَالَ اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا إذَا فَعَلَ بِهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَلَا بُدَّ فِي مِلْكِهِ لَهُ مِنْ فِعْلٍ مِنْهُ كَأَنْ يَخْلِطَهُ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ، وَأَنْ يَخْلِطَهُ بِمَالِهِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ) وَإِنَّمَا مَلَكَهُ فِيمَا إذَا خَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ تَبَعًا لِمِلْكِهِ وَلَا تَبَعِيَّةَ هُنَا اهـ شَرْحٌ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ) أَيْ: بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ فَإِنْ كَانَ رِبَوِيًّا، وَاسْتَوَيَا قِيمَةً قُسِّمَ بِقَدْرِ كَيْلِهِمَا، أَوْ وَزْنِهِمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً بِيعَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتَيْهِمَا، وَلَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ لِلرِّبَا اهـ تُحْفَةٌ بِبَعْضِ تَغْيِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ آخِذُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَمَانُ غَصْبٍ، وَإِنْ جَهِلَ، وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُتْلِفْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ هُنَا مَا يَشْمَلُ كَوْنَهُ طَرِيقًا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا يُطَالِبُ الْآخِذَ) بَلْ يُطَالِبُ بِهِ الْغَاصِبَ شَرْحٌ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِمَا مَا أَخَذَاهُ مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَضْمَنَاهُ، وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ إنْ كَانَ هُمَا الطَّالِبَانِ لَهُ، أَمَّا لَوْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ لَهُمَا فَيَنْبَغِي بَرَاءَتُهُ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ اهـ حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ) أَيْ: إنْ أَخَذَاهُ لِمَصْلَحَةٍ لِجَوَازِ الْأَخْذِ لَهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَخْذُ إذَا عَلِمَا ضَيَاعَهُ عَلَى مَالِكِهِ بِعَدَمِ الْأَخْذِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ انْتَزَعَهُ لِيَرُدَّهُ إلَخْ) أَيْ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَهُوَ الْغَاصِبُ الَّذِي انْتَزَعَ هُوَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ أَيْ: لَا يُطَالَبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ ضَمَانِ الْغَاصِبِ الْتِزَامُهُ لِلْأَحْكَامِ؛ وَلِأَنَّ عَبْدَ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ شَيْئًا إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ شَيْءٌ، وَعِبَارَةُ

ص: 261

إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا، أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَكَذَا الزَّوْجُ فَلَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ إنْسَانٍ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ، فَالْمَذْهَبُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُودِع؛ لِأَنَّ كَوْنَ الزَّوْجَةِ فِي حِبَالَةِ الزَّوْجِ لَيْسَ كَحُلُولِ الْمَالِ فِي الْيَدِ

(وَلَا يَرْجِعُ) الْآخِذُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ (إنْ يَعْلَمْهُ) أَيْ: الْغَصْبَ (أَوْ) لَمْ يَعْلَمْهُ لَكِنَّهُ (يُعَدُّ ضَامِنًا) لِمَا أَخَذَهُ (إذَا يَأْخُذُهُ) أَيْ: لَوْ أَخَذَهُ (مِنْ مَالِكٍ) لَهُ كَالْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُسْتَامِ (أَوْ) لَمْ يُعَدَّ ضَامِنًا لَهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِكِهِ لَكِنَّهُ (أَخَذَا مُقَابَلًا) أَيْ: اسْتَوْفَى مِنْ الْمَغْصُوبِ مُقَابِلَ مَا ضَمِنَهُ كَرُكُوبٍ وَلُبْسٍ وَوَطْءٍ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ عَادَ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ، وَحَوَالَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْمُقَابِلَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِمَا فَاتَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِمَنْ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ إذَا غَرِمَهُ لِلْمَالِكِ بِقَوْلِهِ:(كَالْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ مَا غَصَبَهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ جُزْؤُهُ، أَوْ كُلُّهُ، وَغَرِمَ بَدَلَ ذَلِكَ لِلْمَالِكِ

(لَا يَرْجِعُ بِالْجُزْءِ وَالْكُلِّ) أَيْ: بِمُقَابِلِهِمَا الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا دَفَعَهُ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ (وَمَهْرٍ يَدْفَعُ) أَيْ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مُقَابِلَهُ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ جَاهِلٌ بِالْحَالِ، وَوَطِئَهَا لَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ، فَقَوْلُهُ: وَمَهْرٍ إنْ عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ لَمْ يَشْمَلْ هَذِهِ، أَوْ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ شُرَّاحُ الْحَاوِي شَمِلَهَا، وَيَجُوزُ الْأَمْرَانِ فِي قَوْلِهِ:(لَا قِيمَةٍ لِلْوَلَدِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ، فَيَكُونُ إثْبَاتًا أَيْ: لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَرُكُوبٍ إلَخْ) فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ (قَوْلُهُ: الْحُرِّ هُنَا) قَالَ الشَّارِحُ لِكَوْنِهِ جَهِلَ الْأَمْرَ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) خَرَجَ الْمُنْفَصِلُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا تُضْمَنُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَأَنَّ الْمُحْبِلَ أَتْلَفَهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ أَحْبَلَهَا الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ فَهُوَ حُرُّ نَسِيبٍ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ انْفِصَالِهِ حَيًّا لَا مَيِّتًا إلَّا إنْ كَانَ انْفِصَالُهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ، وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إنْ سَاوَى قِيمَةَ الْغُرَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ أَكْثَرَ، فَالزَّائِدُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ كَامِلًا، وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبِلُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَالْغُرَّةُ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ، وَهَلْ يَضْمَنُ أَبُوهُ كَأَنْ يَضْمَنُهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا؟ وَجْهَانِ وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرِكَةِ الْمُحْبِلِ اهـ بِاخْتِصَارٍ، وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ هِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ الرَّقِيقِ أَيْ: بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ إذَا غَرِمَهَا لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ أَيْ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحْبِلِ وَجْهًا وَبِعَدَمِ الضَّمَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْغَاصِبُ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ ضَمِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ إلَخْ) بِأَنْ وَكَّلَهُ الْمَالِكُ فِي تَزْوِيجِهَا، ثُمَّ غَصَبَهَا الْوَكِيلُ وَزَوَّجَهَا اهـ حَاشِيَةٌ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ: إنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَأَرْشَ بَكَارَتِهَا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَدُّ ضَامِنًا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْوَكِيلُ وَالْوَدِيعُ فَيَكُونُ الْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمِينَةً، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا التَّوَثُّقُ فَإِذَا تَلِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ غَرِمَ بَدَلَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي) أَيْ: وَالْمُقْتَرِضِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَاَلَّذِي يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي، وَنَحْوُهُ هُوَ أَكْثَرُ الْقِيَمِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّلَفِ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ: بِمُقَابِلِهِمَا) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ، وَإِنْ نَقَصَ عَمَّا دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ مِنْ الْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ شَرْحٌ إرْشَادٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا تَغْرِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَمْ يَدْخُلْ الْمُشْتَرِي عَلَى ضَمَانِ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُقْتَرِضُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: دَخَلَ كُلٌّ عَلَى الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ) أَيْ: فَيَرْجِعُ بِهَا بِخِلَافِ أَرْشِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ لِلْأَمَةِ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ لِلْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَالتَّعَيُّبِ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ وِلَادَةٍ خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ

ص: 262

لَا قِيمَةَ وَلَدِهِ (الْحُرِّ هُنَا) إذَا غَرِمَهَا بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ (فَهِيَ لَهُ) فَيَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْوَلَدَ بِلَا غُرْمٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَفْوِيتٌ، أَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ الرَّقِيقِ، إذَا غَرِمَهَا لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهَا كَمَا لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ أُمِّهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَيْ: فِي وَلَدِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ فَفِي الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ، وَالْبَائِعَ ضَامِنٌ سَلَامَةَ الْوَلَدِ بِلَا غُرْمٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ افْتَرَقَ فِيهَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَالْغَصْبُ، وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ الْغَاصِبَ غَارٌّ بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا بَاعَ فَاسِدًا انْتَهَى، وَضَعُفَ بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرُورِ، وَقَدْ يَكُونُ الْبَائِعُ بَيْعًا فَاسِدًا غَارًّا أَيْضًا كَمَا إذَا أَقْدَمَ عَالِمًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ (كَأَرْشِ نَقْضِ) الْمَالِكِ (مَا بَنَا) هـ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ لِشُرُوعِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ وَالضَّرَرِ مِنْ تَغْرِيرِ الْغَاصِبِ

(وَهُوَ) أَيْ: الْغَاصِبُ (بِأَكْلِ مَالِكِ مَا غَصَبَا) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ (ضَيْفًا) عِنْدَهُ (بَرِيّ) وَإِنْ جَهِلَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِاخْتِيَارِهِ (وَ) بَرِئَ (بِقِصَاصٍ) أَيْ: بِاسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ (وَجَبَا) عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ أَوْ عَلَى قَاتِلِ الْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) أَيْ: فِي وَلَدِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ الَّذِي أَفْهَمَهُ أَنَّ الْخَارِجَ بِهِ وَلَدُ الْمُشْتَرَاةِ شِرَاءً فَاسِدًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مَعَ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ خَالَفَ حُكْمَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ) بِأَنْ وَهَبَهَا الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ كَالْمُشْتَرَى اهـ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الْفَرْقِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ: الْمَالِكِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَيْعَ هُنَا أَيْضًا فَاسِدٌ

(قَوْلُهُ: الْفَاسِدُ وَالْغَصْبُ) أَيْ: فَإِنَّهُ فِي الْغَصْبِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ سَبَبَهُ) أَيْ: هَذَا الِافْتِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَضَعُفَ) أَيْ: أَنَّ السَّبَبَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ إلَخْ) أَيْ: وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ الْبَائِعِ مُبَاشِرٌ بِوَطْئِهِ لِإِتْلَافِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: مُقَدَّمَةٌ) فَلَا يَصِحُّ أَنَّ السَّبَبَ الْغُرُورُ مَعَ وُجُودِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) تَضْعِيفٌ آخَرُ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِافْتِرَاقِ الْغُرُورَ لِوُجُودِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بَرِئَ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مَلَكَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ عَمِلَ فِيهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ ثُمَّ أَضَافَ بِهِ الْمَالِكُ فَلَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ) بِأَنْ جَنَى عَلَى مُوَرِّثِهِ أَوْ قِنٍّ آخَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَاتِلِ الْمَغْصُوبِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَعِبَارَاتُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ، وَنَازَعَ م ر فِي ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ إنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَأَوَّلَ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ بِمَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ ثُمَّ سَرَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَلْيُرَاجَعْ، وَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَمِعَ لِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْقِيمَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ قَتْلِهِ قِصَاصًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ لِلْمَالِكِ بِمَنْزِلَةِ تَلَفِهِ فِي يَدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا، وَإِذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا تَارَةً يَكُونُ بِجِنَايَةٍ، وَتَارَةً يَكُونُ بِغَيْرِهَا فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الرَّقِيقِ، وَإِنْ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ، وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لِمَالِكِهَا أَيْ: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِلْقَاءِ لِأَنَّا نُقَدِّرُهُ قِنًّا فِي حَقِّ الْأَبِ، فَإِذَا غَرِمَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْغُرَّةَ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَعَلَى الْجَانِي عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا أَيْ: الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِذَا غَرِمَهَا أَحَدُهُمَا رَجَعَ عَلَى الْجَانِي، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي هُنَا عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَيْهِ أَيْ: أَبِيهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ اهـ شَنَوَانِيٌّ بِزِيَادَةٍ اهـ مَرْصَفِيٌّ بِزِيَادَةٍ مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا قَالَ م ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ الْغُرَّةَ مُؤَجَّلَةٌ أَيْ: عَلَى الْعَاقِلَةِ فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ حَتَّى يَأْخُذَهَا قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ إلَخْ) فَرَّقَ ع ش عَلَى م ر بِأَنَّ الْمُتَّهَبَ لَمَّا لَمْ يَغْرَمْ بَدَلَ الْأُمِّ لِلْغَاصِبِ ضَعُفَ جَانِبُهُ، فَالْتُحِقَ بِالْمُتَعَدِّي وَالْمُشْتَرِي بِبَذْلِهِ الثَّمَنَ قَوِيَ جَانِبُهُ، وَتَأَكَّدَ تَغْرِيرُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَخْذِهِ الثَّمَنَ فَنَاسَبَ التَّغْلِيظَ عَلَى الْبَائِعِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ اهـ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا هُنَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: فَسَادُ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ مَنْسُوبٌ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ بِخِلَافِ فَسَادِهِ فِي بَيْعِ الْغَاصِبِ لِلْغَصْبِ، فَإِنَّهُ يَتَمَحَّضُ لِلْغَاصِبِ لِسَبْقِ الْغَصْبِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا غَدَرَ فِيهَا بِبِنَائِهَا عَلَى الْغُرُورِ بِعَقْدٍ شَأْنُهُ ضَمَانُ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ الْغُرُورِ بِدُونِهِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ صَاحِبِهِ، فَأَكَلَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْآكِلِ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ: لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ إلَخْ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِقِصَاصٍ وَجَبَ عَلَى الْمَغْصُوبِ) أَيْ: وَكَانَتْ جِنَايَتُهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ، وَإِلَّا فَلَا، وَوَارِثُ

ص: 263

فَإِنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ، وَلَا نَظَرَ مَعَ الْقِصَاصِ إلَى تَفَاوُتِ الْقِيمَةِ كَالدِّيَةِ فِي الْأَحْرَارِ، وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ، فَلَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ إذَا قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ، وَعَادَ إلَى مَالِكِهِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوهُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبُوا الدِّيَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَوْا مَجَّانًا (كَذَا) يَبْرَأُ (بِأَنْ أَوْلَدَ مَالِكُ أَمَهْ) لَهُ مَغْصُوبَةً (زَوَّجَهُ بِهَا) جَاهِلًا (الَّذِي قَدْ ظَلَمَهُ) بِغَصْبِهَا، وَسَلَّمَهَا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ أَوْ سَلَّمَهَا لَهُ، وَلَمْ يُوَلِّدْهَا الْمَالِكُ كَالْإِيدَاعِ مِنْهُ وَسَيَأْتِي (أَوْ بِاتِّهَابِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (بِقَبْضٍ) لَهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ لِتَمَامِ التَّسْلِيطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِالشِّرَاءِ وَالِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِعَارَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ إذَا أَعْتَقَهُ نِيَابَةً) عَنْ الْغَاصِبِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْغَاصِبِ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا إذَا تَلِفَ كَمَا لَوْ صَالَ عَلَى الْمَالِكِ، فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ فَقَتْلُهُ قِصَاصًا كَقَتْلِهِ صِيَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ فِي الْأَحْرَارِ) كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ إلَخْ) إذَا جَنَى الْمَغْصُوبُ جِنَايَةً مُسْتَحَقَّةً لِلْمَالِكِ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُوَرِّثِهِ، أَوْ عَبْدِهِ فَاقْتَصَّ الْمَالِكُ، أَوْ وَارِثُهُ فَإِنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَبْرَأْ بِاقْتِصَاصِ الْمَالِكِ، وَلَا بِاقْتِصَاصِ وَارِثِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ قُبَيْلَ الْغَصْبِ بَرِئَ بِهِمَا، وَمَحْمَلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَرَاءَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِهِ، وَمِنْ عَدَمِهَا بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ م ر

(قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْهُ، وَإِذَا قَتَلُوهُ اسْتَحَقُّوا قِيمَتَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ وَجْهًا أَنَّ جِنَايَتَهُ تَكُونُ هَدَرًا اهـ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، وَاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَى فَرْقٍ وَاضِحٍ وَأَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ خَاصَّةٌ بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمَغْصُوبِ الْجَانِي عَلَى سَيِّدِهِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِاسْتِيفَائِهِمْ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ لَكِنْ قِيَاسُ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ فِي هَذَا الشِّقِّ لِأَخْذِهِ الْبَدَلَ بَرَاءَتُهُ بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ فِيهِ لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ بِقَرِينَةِ عَزْوِهِ إلَى الرَّوْضَةِ وَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي الْمَالِكُ وَالْوَرَثَةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَا ذُكِرَ لَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْمَغْصُوبِ حَيْثُ بَرِئَ الْغَاصِبُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ مِنْهُ دُونَ اسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ، وَيُمْكِنُ الْتِزَامُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَا يَبْرَأَ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، وَيُحْمَلُ الْمَتْنُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ فَقَطْ لَا عَلَى اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّ هَذَا الشِّقَّ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ نَعَمْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ عِبَارَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِأَنْ جَرَحَ الْمَغْصُوبُ أَوْ جُرِحَ فِي يَدِهِ، وَحَصَلَتْ السِّرَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالْوَجْهُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْوَرَثَةِ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَكَذَا مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ) أَيْ: الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَهُ) أَيْ: قَتَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بَقِيَ مَا إذَا جُرِحَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ مَالِكِهِ الْغَاصِبَ، ثُمَّ وَقَعَ الْغَصْبُ ثُمَّ هَلَكَ بِالسَّرَايَةِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَةُ الْغَاصِبِ قَبْلَ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَهَا) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ م ر (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ أَيْضًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

يَبْرَأُ مِنْ الْمَغْصُوبِ بِإِطْعَامِهِ الْمَالِكَ، أَوْ إعَارَتِهِ إيَّاهُ أَيْ: أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِهِ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِعَارَةِ) ظَاهِرُهُ الْبَرَاءَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَوْ بِدُونِ قَبْضٍ م ر (قَوْلُهُ: أَعْتَقَهُ نِيَابَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا يَعْتِقُ وَيَبْرَأُ إنْ أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِعِتْقِهِ بِأَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَالِكِ مِثْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَاحِدٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يُقْتَصُّوا مِنْهُ، وَإِذَا قَتَلُوهُ اسْتَحَقُّوا قِيمَتَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَقِيلَ: إنَّ جِنَايَتَهُ تَكُونُ هَدَرًا اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْرَأُ إلَخْ) جَزَمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ بِاسْتِيفَاءِ الْوَارِثِ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ

(قَوْلُهُ: بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ بِأَنْ قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ وَثَبَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فَقَتَلَ الْغَاصِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ وَعَادَ إلَخْ) لَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى تَرِكَةِ الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ

ص: 264