المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَى جِهَةِ صَرْفِهِ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٣

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(فَرْعٌ)جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْبَيْع]

- ‌[بَيَانِ تَصَرُّفِ الْعَبِيدِ فِي الْبَيْع وَغَيْره]

- ‌(فَصْلٌ فِي)بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(بَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(بَابُ الشِّرْكَةِ)

- ‌[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(بَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[فَرْعٌ مُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌(بَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌[أَرْكَانُ الْإِعَارَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌(بَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفْعُ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا قِرَاضًا ثُمَّ أَلْفًا قِرَاضًا وَقَالَ ضُمَّهُ إلَى الْأَوَّلِ]

- ‌ بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ

- ‌ بَيَانِ الْمُخَابَرَةِ

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْجِعَالَةِ)

- ‌(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌بَابُ الْوَقْفِ)

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ وَقْفًا لِيُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ]

- ‌(بَابُ الْهِبَةِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ)

- ‌[فَرْعٌ تَرْكُ الْعَدْلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ وَكَيْفِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[بَيَان اللَّقِيطِ]

- ‌[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

- ‌(بَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]

- ‌ بَيَانِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

- ‌[بَيَانُ الْعَوْلِ]

- ‌ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا فِي الرَّدِّ

- ‌ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ

الفصل: وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَى جِهَةِ صَرْفِهِ

وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَى جِهَةِ صَرْفِهِ الْمَالِكَ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ، وَعَادَتْ مَصْلَحَتُهَا إلَيْهِ (وَنَفَذَا) أَيْ: الْإِعْتَاقُ مِنْهُ وَلَا يَنْدَفِعُ بِالْجَهْلِ وَوَقَعَ عَنْهُ لَا عَنْ الْغَاصِبِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ: أَعْتِقْهُ عَنِّي لِصُدُورِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ أَهْلِهِ (مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ) لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً عَنْ الْمَالِكِ بَرِئَ، وَنَفَذَ سَوَاءٌ قَالَ: عَنِّي أَمْ أَطْلَقَ، وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ يَحْتَمِلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ (لَا بِقَتْلِ) أَيْ: يَبْرَأُ بِمَا ذُكِرَ لَا بِقَتْلِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ (الصَّائِلِ) عَلَيْهِ (دَفْعًا لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ (مِنْ عَالِمٍ) بِأَنَّهُ لَهُ (أَوْ جَاهِلِ) بِهِ فَإِنَّهُ كَقَتْلِ الصَّائِلِ نَفْسَهُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَلَا) يَبْرَأُ (بِإِيدَاعٍ) لَهُ عِنْدَ مَالِكِهِ كَمَا لَا يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِخِلَافِ إيدَاعِ الْمَالِكِ لَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِيجَارٍ) أَيْ: وَلَا يَبْرَأُ بِإِيجَارِهِ لَهُ مِنْ مَالِكِهِ (وَلَا بِالرَّهْنِ) لَهُ (مِنْهُ) لِأَنَّ التَّسْلِيطَ فِيهِمَا غَيْرُ تَامٍّ وَلَا بِالْقِرَاضِ مَعَهُ

(قُلْت) وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (حَيْثُ جَهِلَا) أَيْ: الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ فَلَوْ قَبَضَهُ فِيهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ قَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ مِنْ عَالَمٍ، أَوْ جَاهِلٍ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ

(بَابُ الشُّفْعَةِ)

بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا، وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ، وَمِنْهُ شَفْعُ الْأَذَانِ، وَشَرْعًا: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ» وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ، وَالرَّبْعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَفِي قَوْلِهِ: فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ لِإِشْعَارِ الصِّيغَةِ فِي النَّفْيِ بِلَمْ بِقَبُولِهَا، فَيُقَالُ: لِلْبَصِيرِ لَمْ تُبْصِرْ كَذَا، وَلِلْأَكْمَهِ لَا تُبْصِرْ كَذَا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخِرِ فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ انْتَهَى، وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي الْبَيْعِ فَأَذِنَ لَهُ لَا شُفْعَةَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا تَمَسُّكًا بِبَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِمَ لَا حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؟ قَالَ: وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي إيجَابَ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ أَعْتِقْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَنْك أَوْ عَنِّي، وَمَسْأَلَةُ أَعْتِقْهُ عَنْك فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ اهـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَنْ يَقَعُ عَنْهُ الْعِتْقُ فِي أَعْتِقْهُ عَنْك وَلَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ عَنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْأَوْجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ضِمْنًا إنْ ذَكَرَ عِوَضًا، وَإِلَّا فَهِبَةً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهَلْ قِيَاسُ الْأَوْجَهِ الْمَذْكُورِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً عَنْ الْمَالِكِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: أَعْتِقْهُ عَنْك أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُهُ) أَيْ: أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: يَبْرَأُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبَضَهُ فِيهَا عَالِمًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ مَعَ قَبْضِهِ جَاهِلًا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي أُصُولِهِ وَغَيْرِهَا

(بَابُ الشُّفْعَةِ)(قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ) هَذَا يُفِيدُ نَفْيَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِمَالِ التَّحَمُّلُ بِمَعْنَى التَّسَمُّحِ وَالتَّجَوُّزِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ رُدَّتْ إلَى يَدِ الْمَالِكِ، وَالْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ لَكِنْ مَعَ قِيَامِ صُورَةِ الْعَيْنِ بِصِفَتِهَا إلْحَاقُهُ بِالرُّخْصِ أَظْهَرُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالتَّلَفِ اهـ م ر وَع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا يَعْتِقُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ لَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ: أَعْتِقْهُ عَنِّي فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ، وَلَوْ جَاهِلًا وَهِيَ أَقْعَدُ تَأَمَّلْ

[بَابُ الشُّفْعَةِ]

(بَابُ الشُّفْعَةِ)(قَوْلُهُ: الشُّفْعَةُ) تُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَعَلَى التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى نُقِلَ إلَيْهِ لَفْظُ الشُّفْعَةِ حِينَ الْأَخْذِ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الضَّمِّ، فَالْمَأْخُوذُ أَخَصُّ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْمُغَايَرَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يُقْسَمُ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، إذْ الْأَصْلُ فِيمَا نُفِيَ بِلَمْ كَوْنُهُ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَغَيْرِهِ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ، وَإِجْمَالٌ إنْ لَمْ تُوجَدْ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ كَمَا هُنَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الظَّاهِرِ فِي لَمْ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمُمْكِنِ وَمِنْ الْمُجْمَلِ فِي لَا لِاشْتِرَاكِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ اهـ م ر وَع ش عَلَيْهِ بج وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ) يَعْنِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ لَيْسَ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ مَدْلُولُهُ، بَلْ لِاحْتِمَالِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مَعْنَى الْآخَرِ بِقَرِينَةٍ أَوْ تَسَمُّحًا (قَوْلُهُ: وَلِمَ لَا حَمْلُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّقْيِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِلتَّنْفِيرِ

ص: 265

وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا الْخَبَرُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَقَدْ صَحَّ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عُرْضَ الْحَائِطِ اهـ

وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ صِفَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقْتَضِي إيجَابَ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى الْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ عَدَمِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: آخِذٌ، وَمَأْخُوذٌ، وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَصِيغَةٌ كَمَا سَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ حَيْثُ قَالَ:(وَشُفْعَةٌ فِي ثَابِتِ الْعَقَارِ) أَيْ: فِي الْعَقَارِ الثَّابِتِ (تَثْبُتُ) وَإِنْ بِيعَ مَعَ مَنْقُولٍ فَلَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ، وَإِنْ بِيعَ مَعَ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُومُ، فَلَا يَدُومُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ، وَلَا فِي عَقَارٍ غَيْرِ ثَابِتٍ

كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (لَا) فِي (عُلُوٍّ) مُشْتَرَكٍ بِيعَتْ حِصَّةٌ مِنْهُ (بِلَا قَرَارِ) لَهُ كَأَنْ يَكُونَ عَلَى سَقْفٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا

إذْ لَا ثَبَاتَ لَهُ، وَلَا لِحَامِلِهِ لِيَتْبَعَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُمَا، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قَرَارٌ وَهُوَ الْأَرْضُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِيهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِقَرَارِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِثَابِتٍ الْغَزَالِيُّ لِإِخْرَاجِ الْعُلُوِّ الْمَذْكُورِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ اسْمَ الْعَقَارِ إنْ أُطْلِقَ عَلَى الْبِنَاءِ لَزِمَ ثُبُوتُهَا فِيهِ وَحْدَهُ، وَإِلَّا خَرَجَ بِلَفْظِ الْعَقَارِ، وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهَا فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي كُلِّ عَقَارٍ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: الْعَقَارُ الْأَرْضُ، وَالضَّيْعَةُ، وَالنَّخْلُ، فَإِطْلَاقُهُ عَلَى النَّخْلِ يَقْتَضِي إطْلَاقَهُ عَلَى الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَابِعَةً لِلْمَنْقُولِ بِأَنْ بَاعَ الْأَشْجَارَ، أَوْ الْجِدَارَ مَعَ الْمُغْرَسِ، أَوْ الْأُسِّ لَا غَيْرُ لَمْ تَثْبُتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَوَصَفَ ثَابِتِ الْعَقَارِ بِقَوْلِهِ:(يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) أَيْ: الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِطَلَبِ الْآخَرِ، وَهُوَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ، فَلَا تَثْبُتُ فِي طَاحُونٍ، وَحَمَّامٍ، وَبِئْرٍ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا طَاحُونَيْنِ، وَحَمَّامَيْنِ، وَبِئْرَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَمِصْعَدٍ وَمِنْوَرٍ، وَبَالُوعَةٍ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الضَّرَرُ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ لَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ، لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ تَخْلِيصُ شَرِيكِهِ بِبَيْعِهِ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ صَغِيرَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا، فَبَاعَ حِصَّتَهُ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ لِلْآخَرِ لَا مِنْهُ مِنْ الْقِسْمَةِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا لِتَعَنُّتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ حِصَّتَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ: لَا يَدُومُ) فِي إطْلَاقِهِ تَأَمُّلٌ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكُونَ) أَيْ: الْمُعَلَّقُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ تَبِعَ الْقَرَارَ أَيْضًا وَلَوْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْعُلُوِّ، وَالْأَرْضِ بَيْتٌ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْعُلُوِّ، فَهَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ بِرّ (قَوْلُهُ: لَزِمَ ثُبُوتُهَا فِيهِ) أَيْ: الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْعُلُوُّ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ لِيَتَنَاوَلَ الضَّابِطَ لَهُ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْعَقَارِ) فَلَا حَاجَةَ إلَى قَيْدِ الثَّابِتِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْبِنَاءِ وَحْدَهُ الَّذِي هُوَ قَضِيَّةُ اخْتِيَارِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إطْلَاقَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: هَذَا نَاقِضٌ لِلضَّابِطِ السَّابِقِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: مُحْتَمَلُ الْقِسْمَةِ مَا يَنْتَفِعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ) يُحْتَمَلُ رُجُوعُ هَذَيْنِ الضَّمِيرَيْنِ لِمَعْلُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ الْأَوَّلُ لِلْمَبِيعِ، وَالثَّانِي لِلْمُشْتَرَى، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا رُجُوعُ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعِهِ) أَيْ: الرَّاغِبِ مِنْهُ أَيْ: شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ أَيْ: الرَّاغِبُ سَلَّطَهُ أَيْ: الشَّرِيكُ (قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

عَنْهُ تَأَمَّلْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ قُدِّمَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الثُّبُوتَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ وَاعْتُضِدَ بِالْقِيَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَلَمْ أَظْفَرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهِ وَنَجْرِي عَلَى أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِيعَ إلَخْ) خَالَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فَأَثْبَتَهَا فِيهِ تَبَعًا اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمُحَلَّيْ

(قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْعَقَارِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلُزُومِ ثُبُوتِهَا فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ بِثَابِتٍ خَرَجَ بِهِ تَدَبَّرْ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ بَعِيدٌ عَنْ ذَلِكَ، وَمَعَهُ يَبْعُدُ اعْتِرَاضُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ تَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ مَا خَرَجَ بِثَابِتٍ خَرَجَ بِالْعَقَارِ

(قَوْلُهُ: مَعَ الْمُغْرَسِ، أَوْ الْأُسِّ) أَيْ: صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأُسِّ، وَالْمُغْرَسِ، وَكَانَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إنْ صَرَّحَ بِالدُّخُولِ، وَكَانَا غَيْرَ مَرْئِيَّيْنِ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُمْ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي دُخُولَ الْأُسِّ فِي بَيْعِ الْجِدَارِ، وَإِنْ لَمْ يُرَ قُلْت الْمُرَادُ بِهِ هُنَاكَ بَعْضُ الْجِدَارِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ، فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ اُشْتُرِطَتْ رُؤْيَتُهُ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجِدَارُ عَرِيضًا بِحَيْثُ كَانَتْ أَرْضُهُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَتْبُوعَةُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ) الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ فِي الْحِصَّةِ الْمَأْخُوذَةِ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ق ل (قَوْلُهُ: فَلَا تَثْبُتُ فِي طَاحُونَةٍ إلَخْ) أَيْ: مَا دَامَتْ عَلَى صُورَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْبِئْرِ، وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ بَقَائِهَا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدَا جَعْلَ كُلِّ شَيْئَيْنِ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فَلَوْ غَيَّرَا صُوَرَهَا عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا غُيِّرَتْ إلَيْهِ اهـ ع ش مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إذَا بَاعَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ حَيْثُ كَانَتْ بَيْعًا، وَهِيَ الرَّدُّ وَالتَّعْدِيلُ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْوَقْفِ فَحَيْثُ

ص: 266

وَالظَّاهِرُ

فِي الثَّانِي لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ، وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي (بِالتَّوَابِعِ) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الثَّابِتِ مَعَ تَوَابِعِهِ الَّتِي تَنْدَرِجُ فِي بَيْعِهِ كَأَبْنِيَةٍ، وَأَشْجَارٍ ثَابِتَةٍ فِيهِ، وَثَمَرَةٍ لَهَا غَيْرِ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْدَرِجُ فِيهِ كَشَجَرٍ جَافٍ وَزَرْعٍ، وَالْعَقَارُ الْمَذْكُورُ (مِثْلِ الْمَمَرِّ إنْ يُطِقْ فِي الشَّارِعِ فَتْحَ مَمَرٍّ، أَوْ إلَى الْمَمْلُوكِ يَفْتَحُ، أَوْ أَخَّرَ) فَلَوْ بَاعَ دَارًا لَا شَرِكَةَ فِيهَا، وَلَهَا مَمَرٌّ مُشْتَرَكٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ إنْ أَطَاقَ الْمُشْتَرِي أَيْ: أَمْكَنَهُ فَتْحُ مَمَرٍّ آخَرَ إلَى شَارِعٍ، أَوْ مِلْكٍ لَهُ آخَرَ أَيْ:، أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَوَاتٍ، أَوْ وَجَدَ مَمَرًّا آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَتْحُهُ فَلَا شُفْعَةَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ فَقَطْ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ تَتَّصِلَ دَارُ الْبَائِعِ بِمِلْكٍ لَهُ، أَوْ شَارِعٍ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ دَارًا، وَاسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا، وَالْأَصَحُّ فِيهَا الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْبَاقِي وَلِنُقْصَانِ الْمِلْكِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ لَهُ دَارٌ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبَ أَحَدِ شَرِيكَيْنِ فِي مَمَرٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ إنْ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِيَ فَتْحُ مَمَرٍّ لِدَارِهِ، وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهَا مُطْلَقًا لِكَوْنِ الْمَمَرِّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ هُنَا قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى الْمَمْلُوكِ يَفْتَحَ بِنَصَبِ يَفْتَحَ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ عَطْفًا عَلَى فَتْحَ مَمَرٍّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (لِلشَّرِيكِ) وَلَوْ كَافِرًا وَمُكَاتَبًا لِلْجَارِ، وَلَوْ مُلَاصِقًا فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ، وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَشْجَارٌ أَوْ أَبْنِيَةٌ، فَبَاعَهَا مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ إلَّا فِي الْأَرْضِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فِي الْأَشْجَارِ، وَالْأَبْنِيَةِ وَالشَّرِيكُ الَّذِي تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ (كَوَارِثِ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ (إنْ غَبْنًا) أَيْ: بِغَبْنٍ (يَبِعْ) أَيْ: الْمَرِيضُ بِأَنْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُحَابَاةً كَأَنْ بَاعَهُ شِقْصًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَاحْتَمَلَهَا الثُّلُثُ، وَالْوَارِثُ شَرِيكُهُ، فَيَأْخُذُهُ الْوَارِثُ إذْ لَمْ يُحَابِهِ، وَإِنَّمَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا بَاعَهُ مُحَابَاةً، وَرَدَّ الْوَارِثُ صَحَّ الْبَيْعُ بِالْقِسْطِ، فَيَصِحُّ فِي ثُلُثَيْ الْمَبِيعِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ فِي الْمِثَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَإِنْسَانٍ، فَبَاعَ الْإِنْسَانُ حِصَّتَهُ فَلِلنَّاظِرِ الْأَخْذُ لِلْمَسْجِدِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ فِي الثَّانِي إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَتْ إقْرَارًا، فَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا امْتَنَعَتْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِ الثَّانِي) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْوَقْفِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ؛ لِامْتِنَاعِ الْأَخْذِ لَهَا، وَكَمَا لَوْ أَعْرَضَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ يَأْخُذُ الْآخَرُ الْجَمِيعَ

(قَوْلُهُ: بِالتَّوَابِعِ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْمَمْلُوكِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَتْحَ وَهُوَ مَعَ أَنْ الْمُقَدَّرَةِ مَعْطُوفٌ بِأَوْ عَلَى فَتْحَ مَمَرٍّ (قَوْلُهُ: إلَى شَارِعٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الشَّارِعِ مُتَعَلِّقٌ بِفَتْحَ مَمَرٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَمَرًّا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ آخَرَ مَعْمُولٌ لَوَجَدَ مَحْذُوفًا مَعْطُوفًا عَلَى يُطِقْ (قَالَ: بِمِلْكٍ لَهُ أَوْ شَارِعٍ) هَلَّا زَادَ أَوْ وُجِدَ مَمَرٌّ آخَرُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

امْتَنَعَتْ الْقِسْمَةُ امْتَنَعَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ أَمِنَ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّرَرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْعًا بِأَنْ كَانَتْ إفْرَازًا لِاسْتِوَاءِ أَجْزَاءِ الْمُشْتَرَكِ لَمْ تَمْتَنِعْ، فَلِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ، أَمَّا هُوَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ غَيْرُ مَوْقُوفٍ هَذَا مَا فِي م ر وَع ش عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ احْتِمَالِ الْقِسْمَةِ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الشُّفْعَةِ لِشَرِيكِ الْوَقْفِ فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ لِامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا انْتِفَاؤُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيهِمَا بِخِلَافِ انْتِفَائِهَا لَهُ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ لِجَوَازِهَا فِي الْوَقْفِ مَعَ امْتِنَاعِ الشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ أَيْ: لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ أَيْ: بِسَبَبِهِ كَمَا فِي م ر وَع ش أَيْضًا وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الرَّقَبَةُ قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ قِسْمَةِ الرَّدِّ إذَا كَانَ الدَّافِعُ لِلدَّرَاهِمِ صَاحِبَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِبَعْضِ الْوَقْفِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ نَاظِرَ الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الْوَقْفِ بَلْ فِيهِ سُؤَالُهُ

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ اهـ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ) حَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْبَيْعِ ثَبَتَتْ، وَإِنْ أُبِّرَ عِنْدَ الْأَخْذِ، فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ ثَبَتَتْ أَيْضًا إنْ لَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْأَخْذِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَشَجَرٍ جَافٍ) أَيْ: فَلَوْ بِيعَتْ شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ مَعَ الْأَرْضِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ فِيهَا ق ل أَيْ: بِيعَ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ فَلَا تَثْبُتُ فِيهَا، وَلَوْ رَطْبَةً كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ: أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِعُسْرٍ وَمُؤْنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيّ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي هَذَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيعَ مَمَرُّهَا إنْ اتَّصَلَتْ بِشَارِعٍ، أَوْ مِلْكٍ لِمَالِكِهَا (صَحَّ بَيْعُهُ وَثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ) إنْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لِلدَّارِ الْمُشْتَرِي لَهَا أَمْ لَا إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِذَلِكَ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَقَاءِ الدَّارِ بِلَا مَمَرٍّ، فَلَا شُفْعَةَ حِينَئِذٍ اهـ ز ي وَم ر مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَمَرِّ) أَيْ: الْمَمْلُوكِ سَوَاءٌ كَانَ نَافِذًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِلشَّرِيكِ) خَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ كَنَفْسِهِ كَأَنْ مَاتَ عَنْ دَارِ شَرِيكُهُ فِيهَا وَارِثُهُ فَبِيعَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ فِي دَيْنِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، فَهُوَ غَيْرُ شَرِيكٍ اهـ ق ل، وَقَوْلُهُ: فَلَا شُفْعَةَ لِوَارِثِهِ أَيْ: حَيْثُ كَانَ حَائِزًا، وَإِلَّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْإِرْثِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) وَلَوْ مُرْتَدًّا

ص: 267

الْمَذْكُورِ كَمَا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَتَثْبُتُ فِيهِمَا الشُّفْعَةُ، وَإِنْ أَجَازَ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ، وَتَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (وَكَالْوَلِيِّ) إذَا كَانَ أَبًا، أَوْ جَدًّا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ مَا بَاعَهُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ، أَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ، وَوُفُورِ شَفَقَتِهِ فَلَا يَتَّهِمُ (لَا الْوَصِيِّ فَمُنِعْ) مِنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ (فِيمَا الْوَصِيُّ بَاعَ) أَيْ: فِيمَا بَاعَهُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ (لَا فِيمَا اشْتَرَى) لَهُ لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ لِيَعُودَ النَّفْعُ إلَيْهِ دُونَ الشِّرَاءِ

وَكَالْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ، وَقَيِّمُهُ وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ الْآخَرَ بِالْبَيْعِ، فَبَاعَ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ إنْ عَثَرَ عَلَى تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ بَيْتَ الْمَالِ فَلِلْإِمَامِ الْأَخْذُ، أَوْ الْمَسْجِدَ كَأَنْ كَانَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ دَارٍ، وَنِصْفُهَا لِلْمَسْجِدِ تَمَلَّكَهُ لَهُ قَيِّمُهُ فَبَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ، فَلِلْقَيِّمِ الْأَخْذُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ مَاتَ الشَّرِيكُ عَنْ حَمْلٍ، فَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْحَمْلِ إذْ لَا يَتَيَقَّنُ وُجُودُهُ، فَإِنْ كَانَ وَارِثٌ غَيْرَهُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا، فَإِنْ أَخَذَ بِهَا، وَانْفَصَلَ الْحَمْلُ لَمْ يَأْخُذْ وَلِيُّهُ مِنْ الْوَارِثِ شَيْئًا، وَلَوْ وَرِثَ الْحَمْلُ شُفْعَةً، وَلَمْ يَنْفَصِلْ فَفِي الْأَخْذِ لَهُ وَجْهَانِ وَبِالْمَنْعِ قَالَ: ابْنُ سُرَيْجٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَلَوْ أَخَذَ لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ حَيًّا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ

(مِمَّنْ عَلَى مِلْكِهِ) بِتَرْكِ إشْبَاعِ حَرَكَةِ الْهَاءِ (مِلْكُهُ طَرَا) أَيْ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ آخِذٌ، وَالْمُشْتَرِي مَأْخُوذٌ مِنْهُ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ فَلَوْ اشْتَرَيَا دَارًا مَعًا، فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَائِهِمَا، وَأَوْرَدَ عَلَى كَلَامِهِ مَا لَوْ بَاعَ شَرِيكٌ حِصَّتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ، فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ طَرَأَ عَلَى مِلْكِهِ مِلْكُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ الْبَيْعُ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى سَبَبِ مِلْكِهِ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلْكِ سَبَبُهُ مَجَازًا عَلَى أَنَا نَتَبَيَّنُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْإِجَارَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ مَلَكَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، فَمِلْكُهُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَى مِلْكِ الثَّانِي بَلْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْخِيَارِ هَذَا، وَفِي قَوْلِ الْمَوْرِدِ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى سَبَبِ مِلْكِهِ قُصُورٌ، إذْ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: مِمَّنْ طَرَأَ سَبَبُ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِهِ إذْ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ: مَا لَوْ بَاعَا مُرَتَّبًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ أُجِيزَ لِلْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ (بِعِوَضٍ) أَيْ: طَرَأَ مِلْكُهُ بِعِوَضٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ الشِّقْصَ أُجْرَةً، أَوْ جُعْلًا، أَوْ رَأْسَ مَالٍ سَلِمَ، أَوْ عِوَضَ بِضْعٍ فِي نِكَاحٍ، أَوْ خُلْعٍ، أَوْ عِوَضَ كِتَابَةٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا طَرَأَ مِلْكُهُ بِغَيْرِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنْ اسْتَثْنَى بَائِعُ الدَّارِ لِنَفْسِهِ بَيْتًا، فَلَهُ الْمَمَرُّ أَيْ: مِنْهَا إلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِشَارِعٍ أَوْ مِلْكٍ لَهُ فَلَوْ نَفَاهُ أَيْ: الْمَمَرَّ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ اهـ فَقَوْلُهُ هُنَا: وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ الْمَمَرُّ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ، وَكَذَا قِيَاسُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَمَرِّ الْمُشَبَّهَةِ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَعَلَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ فِيهَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ، (قَوْلُهُ: الْأَخْذُ بِالْمَصْلَحَةِ) هَلَّا قَيَّدَ بِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: لَمْ يَأْخُذْ وَلِيُّهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَرِثَ الْحَمْلُ شُفْعَةً) بِأَنْ اسْتَحَقَّ الشَّرِيكُ الْأَخْذَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْأَخْذِ عَنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْفَصِلْ) بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ فَلِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ لَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَبِالْمَنْعِ) قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ م ر، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ قَبُولِ الْوَلِيِّ الْوَصِيَّةَ لِلْحَمْلِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِالْمُضَايَقَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ، فَلَا يَلِيقُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ طَرَأَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: لَا شُفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) بَلْ لِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ) أَيْ: الْأَوَّلُ مِنْهُ أَيْ: الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُضِيِّ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ عَلَى إطْلَاقِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَشَرْطُ أَخْذِ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَأَشَارَ إلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (قَوْلُهُ: لِلْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) إذْ قَدْ طَرَأَ مِلْكُ الْأَوَّلِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَوَّلِ، بَلْ الْأَمْرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَخَذَ فِي رِدَّتِهِ فَتُوقَفُ كَمِلْكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ صَارَ الْحَقُّ فِي الشُّفْعَةِ لِلْإِمَامِ يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ اهـ ق ل مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُضِيِّ الْخِيَارِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَظَاهِرُ قَوْلِ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ أَنَّ الشُّفْعَةَ حِينَئِذٍ مَوْقُوفَةٌ كَالْمِلْكِ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ زَمَنَ الْخِيَارِ، وَتَمَّ الْبَيْعُ لِلْمُشْتَرِي حَكَمَ بِالْأَخْذِ، فَيَكُونُ الْمُمْتَنِعُ زَمَنَ الْخِيَارِ الْأَخْذَ الْمُسْتَقِرَّ لَا مُطْلَقَ الْأَخْذِ، لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّ شَرْطَ الْأَخْذِ بِهَا الْمِلْكُ، وَلَا مِلْكَ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا تَمَّ الْعَقْدُ تَبَيَّنَ الْمِلْكُ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَقَدْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ، وَصَوَّرَ الْأَخْذَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تُوقَفُ وَقْفَ تَبَيُّنٍ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَيْضًا الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِ الْمَوْرِدِ إلَخْ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ: بَلْ يَرُدُّ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ: نَفْسُ الصُّورَةِ الْمُورَدَةِ بِاعْتِبَارِ شِقِّهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَصْدُقُ فِيهَا تَأَخُّرُ مِلْكِ الثَّانِي عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْأَوَّلِ يَصْدُقُ تَأَخُّرُ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْأَوَّلِ بِالْإِجَازَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي، وَهُوَ الْبَيْعُ فَلَا يَنْدَفِعُ الْوُرُودُ بِمَا ذَكَرَهُ، إذْ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، فَقَوْلُهُ: لَوْ قَالَ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى سَبَبِ مِلْكِهِ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ عِوَضِ كِتَابَةٍ) بِأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى دِينَارٍ وَنِصْفِ عَقَارٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا

ص: 268

عِوَضٍ كَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابِ وَارِثٍ وَوَصِيَّةٍ وَفَسْخٍ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الشُّفْعَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِمَا أَخَذَ بِهِ الْمُتَمَلِّكُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ مَقْهُورٌ، فَلَمْ يَضُرَّ الشَّرِيكُ؛ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى تَرَادِّ الْعِوَضَيْنِ، فَلَيْسَ لَهُ أَحْكَامُ الْمُعَاوَضَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعِوَضُ الْأَوَّلُ

(لَا عِوَضٌ تَلَقَّى عَنْ نَجْمِ مَنْ كُوتِبَ) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي شِقْصٍ مُلِكَ بِعِوَضٍ لَا فِي عِوَضٍ أَيْ: شِقْصٍ تَلَقَّاهُ السَّيِّدُ عِوَضًا عَنْ بَعْضِ نُجُومِ مُكَاتَبِهِ (ثُمَّ رَقَّا) أَيْ: الْمُكَاتَبُ بِعَجْزِهِ لِخُرُوجِهِ آخِرًا عَنْ الْعِوَضِيَّةِ، وَكَذَا لَا شُفْعَةَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَتَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا، وَنَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ

(وَمَا بِهِ أَوْصَى لِلْمُسْتَوْلَدَهْ إنْ خَدَمَتْ شَهْرًا مِثَالًا وَلَدَهْ) أَيْ: وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي شِقْصٍ أَوْصَى بِهِ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمَتْ وَلَدَهُ شَهْرًا مَثَلًا، فَخَدَمَتْهُ فَإِنَّهُ وَصِيَّةُ الْخِدْمَةِ شَرْطٌ لَا عِوَضٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مِثَالًا رَاجِعٌ إلَى الشَّهْرِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ: وَلَدَهْ كَانَ أَوْلَى لِيَرْجِعَ إلَى الثَّلَاثَةِ، فَيَكُونُ حُكْمُ غَيْرِهَا حُكْمَهَا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَتَثْبُتُ فِي شِقْصٍ أَوْصَى بِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَإِنْ شَارَكَ التَّطَوُّعُ صُورَةَ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ، لَكِنْ الْمُقَابَلَةُ هُنَا ظَاهِرَةٌ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى التَّعْلِيقِ، وَفِي هَذِهِ إلَى عَدَمِهِ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ التَّعْلِيقَ فِي تِلْكَ، وَأَتَى بِهِ فِي هَذِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ

(وَالشُّرَكَا) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ كَمَا مَرَّ، وَلِلشُّرَكَاءِ فَيَشْتَرِكُونَ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (حَتَّى شَرِيكٍ) أَيْ: حَتَّى تَثْبُتُ لِشَرِيكٍ مِنْهُمْ (اشْتَرَى) شِقْصًا مِنْ أَحَدِهِمْ فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا، فَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ نَصِيبَ آخَرَ فَهُوَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالشَّرِيكِ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لِلْآخَرِ خُذْ الْكُلَّ، أَوْ اُتْرُكْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَشْقِيصِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَزِمَ بِدُخُولِهِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَتَسَمَّحَ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى شَرِيكٍ اشْتَرَى لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ الشُّفْعَةُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْفَعُ شَرِيكَهُ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ بَلْ حِصَّتَهُ (بِحِصَّةِ الْمِلْكِ) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ مِنْ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَرَافِقِهِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَكَسْبِ الْمُشْتَرَكِ وَنِتَاجِهِ، وَثِمَارِهِ، فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا، فَبَاعَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ أَخَذَ الثَّانِي سَهْمَيْنِ، وَالثَّالِثُ سَهْمًا، وَقِيلَ: بِعَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَقَّا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ بِرّ (قَوْلُهُ: عَنْ الْعِوَضِيَّةِ) قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُصَحَّحِ فِي الْكِتَابَةِ، وَالصَّوَابُ الْمَذْكُورُ هُنَا اهـ

(قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ: وَلَهُ الْأَخْذُ، وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ لَا إنْ انْفَسَخَ بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ، وَالِانْفِسَاخُ كَالْفَسْخِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَمَا بِهِ أَوْصَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَخُصَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ لِأَوْلَادِهِ فَجَازَ لَهَا الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ، وَمُبَاشَرَةُ خِدْمَتِهِمْ، وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ إلَى الثَّلَاثَةِ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ أَظْهَرَ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَحْوَ الْقَيْدِ الْمُتَوَسِّطِ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَخْ) أَوْلَى مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: نَظَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجِّ إلَى أَنَّ الْعِوَضِيَّةَ فِيهَا ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَصْدُرُ فِي الْعَادَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ لِتَسَاهُلِ النَّاسِ فِيهَا، وَاحْتِقَارِ شَأْنِهَا، فَكَأَنَّ الشِّقْصَ فِي مَسْأَلَةِ الْخِدْمَةِ مُلِكَ بِمَحْضِ الْوَصِيَّةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا أَيْ: فَلَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَخْ) ذَكَرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوصِي بَلْ لِأَوْلَادِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ اهـ أَيْ: فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِهِ

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ: الْأَخْذُ أَوْ التَّشَفُّعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُقَالُ: إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمُعَيَّنَ، وَأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لِقَوْلِنَا: إنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ هُوَ الْعَقَارُ الْكَامِلُ، أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَمَّا النِّصْفُ، فَأَقَلُّ فَيَثْبُتُ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَلْيُنْظَرْ مَا الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ، وَلَعَلَّهُ مَا قَابَلَ الشِّقْصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: وَفَسَخَ) أَيْ: لَا يَأْخُذُ مَا طَرَأَ مِلْكُهُ بِالْفَسْخِ مِنْ الْبَائِعِ، أَمَّا مِنْ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَأْخُذُ أَيْضًا إنْ عَلِمَ الْبَيْعَ، وَلَمْ يَأْخُذْ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ الرَّدِّ بِإِقَالَةٍ، أَوْ حَلِفٍ، أَوْ عَيْبٍ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَإِبْطَالُ الرَّدِّ مِنْ حِينِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ، فَالزَّوَائِدُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْأَخْذِ لِلْبَائِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الثَّمَرَةَ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ حَالَةَ الْأَخْذِ لِلشَّفِيعِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: وَإِبْطَالُ الرَّدِّ مِنْ حِينِهِ أَيْ: الْأَخْذِ أَيْ: فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ الْأَخْذُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْهُ لَا مِنْ الْبَائِعِ

(فَرْعٌ)

إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَخَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَى بِهِ، وَالْفَسْخِ لَكِنَّ لِلشَّفِيعِ مَنْعَهُ مِنْ الْفَسْخِ وَإِجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِ الْأَرْشِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ خُيِّرَ بَيْنَ الرِّضَى وَالِاسْتِبْدَالِ، هَذَا مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وسم وَغَيْرِهِمَا اهـ قُوَيْسَنِيٌّ اهـ مَرْصَفِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا شُفْعَةَ إلَخْ) مَالَ إلَيْهِ م ر خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: بِعَدَدِ الرُّءُوسِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى سَرَيَانِ الْعِتْقِ كَمَا لَوْ كَانَ

ص: 269

بَيْنَهُمَا سَوَاءً؛ لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِهَا اسْمُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ كَمَا مَرَّ، لَا لِدَفْعِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمُؤْنَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِصَصِ فَأَخَذُوا بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْقِسْمَةِ

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأُمِّ قَالَ: وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَقْوَالِ التَّقَاصِّ: وَالْأَصْحَابُ كَثِيرًا مَا يُخَالِفُونَ الشَّافِعِيَّ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَكِنْ لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى نُصُوصِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا عَجِيبٌ (وَإِنْ تَقَرَّرَا) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَإِنْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ (بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ ثُبُوتِهَا، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَعَفَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ شَارَكَ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ فِي الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَإِنْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ، وَإِنْ تَقَرَّرَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَإِذَا أَخَذَ بِهَا ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ

(وَشِقْصُ الْعَقْدِ لَا يُقَسَّطُ) أَيْ: وَالشِّقْصُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لَا يُفَرِّقُهُ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْإِضْرَارِ بِالْمُشْتَرِي فِي تَفْرِيقِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ، أَوْ يَتْرُكُهُ، وَخَرَجَ بِشِقْصِ الْعَقْدِ شِقْصَاهُ، وَشِقْصُ الْعَقْدَيْنِ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً، وَالشَّفِيعُ فِيهِمَا وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ إذْ لَيْسَ فِيهِ التَّفْرِيقُ الْمُضِرُّ، فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَ الشَّفِيعِ فِي الْآخَرِ، فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْآخَرُ، وَالثَّانِي كَأَنْ اشْتَرَى اثْنَانِ شِقْصًا مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ الشُّرَكَاءِ شِقْصًا لِوَاحِدٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ

(وَالْعَفْوُ) مِنْ الشَّفِيعِ (فِي الْبَعْضِ) أَيْ: عَنْ شُفْعَةِ بَعْضِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ (الْجَمِيعِ يُسْقِطُ) أَيْ: يُسْقِطُ شُفْعَةَ الْجَمِيعِ لِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ كَالْقِصَاصِ (وَحَيْثُ يَعْفُو وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ حَقِّهِ جَازَ (لِلْآخَرِ أَخْذُ الْجَمِيعِ) ، أَوْ تَرْكُهُ وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَوْ مَاتَ وَالْعَافِي وَارِثُهُ وَرِثَ الْجَمِيعَ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي أَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْهِمُ لُزُومَ ذَلِكَ (كَشَرِيكٍ حَاضِرِ) مِنْ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَهُ، فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بِالسَّوِيَّةِ، وَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، وَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَخْذِ حِصَّتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَأْخُذُ الْغَائِبَانِ فَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْله: وَلَوْ مَاتَ) أَيْ: الْآخَرُ وَالْعَافِي إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ السُّدُسُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ فَأَعْتَقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ السُّدُسِ، وَالثُّلُثِ حِصَّتَهُ مَعَ الْيَسَارِ، فَيَسْرِي الْعِتْقُ لِلنِّصْفِ، وَيَغْرَمَانِ لِصَاحِبِهِ سَوِيَّةً لَا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ لَا لِدَفْعِ سُوءِ إلَخْ) هُمَا قَوْلَانِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا أَنَّا لَوْ قُلْنَا: بِالْأَوَّلِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَوْ قَسَمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي ثَبَتَتْ فَانْدَفَعَ مَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ) كَيْفَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَصْحَابِ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمِنْ لَازِمِهِ الِاطِّلَاعُ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا عَجِيبٌ) وَكَيْفَ لَا نَعْجَبُ مِنْهُ مَعَ قُوَّةِ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَعَدَمِ وُضُوحِ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ اهـ عِرَاقِيٌّ عَنْ الْمُهِمَّاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ صَحَّحَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِي تَعْلِيقِهِ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْجَدِيدُ، وَعَكَسَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنَّ الْجَدِيدَ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَ الثَّانِيَ أَيْضًا الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ (قَوْلُهُ: شَارَكَ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ) أَيْ: فِي حِصَّةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) وَلَهُ الْأَخْذُ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ اهـ مِنْهَاجٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرِّقُ الصَّفْقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَإِنْ رَضِيَ سم عَلَى حَجَرٍ أَيْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ قَهْرًا فَلَا مَدْخَلَ لِرِضَى الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يُثْبِتْ الشَّرْعُ هَذَا الْحَقَّ إلَّا فِي جَمِيعِ الْحِصَّةِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ غَيْرُ ظَاهِرِهِ، بَلْ الْقِيَاسُ حَيْثُ رَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّةً

ص: 270

الْمُشْتَرِي، وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرُ إلَى حُضُورِهِمَا، بَلْ لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ، أَوْ تَرْكُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْجَمِيعَ (فَالثَّانِ إنْ يَحْضُرْ يُشَاطِرْ) هـ (شِقْصَهُ) أَيْ: يُنَاصِفُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَفِيعَانِ (أَوْ يَأْخُذْ) مِنْهُ (الثُّلْثَ الَّذِي قَدْ خَصَّهُ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ لَهُمْ أَثْلَاثًا (لَا فِي الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ فَوَائِدِ مِنْ قَبْلُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ: يَأْخُذُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ النِّصْفَ، أَوْ الثُّلُثَ فِي الشِّقْصِ لَا فِيمَا حَصَلَ لَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْ فَوَائِدِ الشِّقْصِ (كَالزَّوَائِدِ) مِنْ الثِّمَارِ وَالْأُجْرَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ كَالزَّوَائِدِ إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ فَوَائِدَ، وَالثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي كَالثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ مُقَاسَمَةَ الثَّالِثِ الْآتِيَةَ عَلَى قَوْلِهِ: لَا فِي الَّذِي حَصَلَ مِنْ فَوَائِدَ

(وَعُهْدَةُ الثَّانِي عَلَى شَفِيعِ أَوَّلَ) بِمَنْعِ صَرْفِهِ لِلْوَصْفِ وَالْوَزْنِ أَيْ: عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ (دُونَ مُشْتَرِي الْمَبِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ مِنْهُ وَعُهْدَةُ الثَّالِثِ عَلَى مَنْ يَأْخُذْ مِنْهُ، وَالْأَوَّلِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ عُهْدَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ الثَّالِثُ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَعْنِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، أَوْ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إذْ التَّمْلِيكُ وَتَسْلِيمُ الثَّمَنِ جَرَى بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ (ثُمَّ لِيُقَاسِمْ ذَيْنِ) أَيْ: الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ (ثَالِثٌ) أَيْ: الثَّالِثُ إذَا (حَضَرْ) فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ الثَّانِي شَاطَرَ الْأَوَّلَ (قُلْت: وَأَيًّا مِنْهُمَا شَاءَ) الثَّالِثُ (يَذَرْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: يَتْرُكْ الْأَخْذَ مِنْهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْآخَرِ ثُلُثَ مَا أَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَخَذَ مِنْ الْأَوَّلِ الثُّلُثَ فَقَطْ فَلِلثَّالِثِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَوَّلِ نِصْفَ مَا بَقِيَ لَهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلثَّانِي، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ مَا أَخَذَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ: مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى مَا مَعَ الْأَوَّلِ، وَيَقْتَسِمَاهُ نِصْفَيْنِ فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا، فَلَا يَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِلثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ، فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبُعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ

(وَيَمْلِكُ) الشَّفِيعُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالثَّانِي أَنْ يَحْضُرَ إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الصَّبْرَ بِالْأَخْذِ إلَى حُضُورِ الثَّالِثِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعُهْدَةُ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلِلشَّفِيعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي الْقَبْضَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ، وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِعِ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ سَوَاءٌ أَخَذَ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْبَائِعِ اهـ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا دُونَ مُشْتَرِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ انْتَقَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَوَقَعَ الْأَخْذُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: مِنْ تِسْعَةٍ) هُوَ مَجْمُوعُ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ) وَهِيَ الثُّلُثَانِ اللَّذَانِ فِي يَدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِي مِنْهَا) أَيْ: التِّسْعَةِ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْأَرْبَعَةُ، وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الثُّلُثِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الثُّلُثِ الَّذِي يُشَارِكُ فِيهِ غَيْرَهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَوْ يُعَيِّنُهُ أَنَّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ لِلثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَوَّلِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ، وَأَنَّ لِلثَّالِثِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثُلُثَ مَا أَخَذَهُ فَيَبْقَى لَهُ الْبَاقِي، قَالَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَنَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَمَّا تَرَكَ الثَّانِي سُدُسًا لِلْأَوَّلِ صَارَ عَافِيًا عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ، فَيَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ حَقُّ الثَّانِي كُلُّهُ فَيَكُونُ الشِّقْصُ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت الْأَصَحُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ: بَلْ سَقَطَ قَهْرًا اهـ فَلَوْ كَانَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا مَا تَأَتَّى هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ كُلُّهُ، أَوْ لَا فَإِنَّ هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي سُقُوطِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَلَا بُدَّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا تَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَرَادَ أَيْ: الثَّالِثُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِي مِنْهُ ثُلُثُهُ، فَإِنْ تَرَكَ الثَّانِي حَقَّهُ حَيْثُ لَمْ يُشَاطِرْ الْأَوَّلَ، فَلَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَتْرُكَ حَقِّي اهـ فَلَوْ كَانَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ لَمْ تَتَأَتَّ نِسْبَتُهُ إلَى تَرْكِ حَقِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: رَأَيْت حَاشِيَةً فِي هَامِشِ بَعْضِ النُّسَخِ غَيْرَ مَعْزُوَّةٍ، حَاصِلُهَا أَنَّ الثَّانِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ لِيَكْمُلَ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ سِتَّةٌ، فَلْيُنْظَرْ ذَلِكَ وَيُحَرَّرْ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ، إذْ كَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْهُ جُزْءُ سُدُسِهِ اهـ وَأَقُولُ أَنَا أَيْضًا رَأَيْت مَضْمُونَ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَعْزُوَّةً لِشَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ، وَنَصُّ مَا رَأَيْته فَلِلثَّانِي مِنْهُمَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ، فَيَصِيرُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّارَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ بِالسَّوِيَّةِ، فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَأْخُذَ أَرْبَعَةً فَقَطْ، وَيَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسَبْعَةٍ هَكَذَا أَفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الشَّارِحِ مُوَهِّمًا الِاقْتِصَارَ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَقَطْ اهـ لَكِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَقَطْ أَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارَ اهـ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ إلَخْ) لَكِنْ لَهُ الصَّبْرُ إلَى ذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: ثُلُثَ مَا أَخَذَهُ) وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ عَلَى مَا يَأْتِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَى مَا مَعَ الْأَوَّلِ) وَهُوَ سِتَّةٌ الْبَاقِيَةُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي يَدِ الْأَوَّلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ) ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُلُثٌ وَثُلُثٌ ثُلُثٌ تِسْعَةٌ اهـ ع ش عَلَى م ر، (قَوْلُهُ: رُبُعُ الدَّارِ) أَيْ: الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الشُّرَكَاءَ أَرْبَعَةٌ بَاعَ وَاحِدٌ، وَأَخَذَ مَنْ بَقِيَ بِالشُّفْعَةِ

ص: 271

(الشِّقْصَ) الْمَشْفُوعَ (بِمَا بَعْدَ الشِّرَا) أَيْ: مَعَ مَا (يَصِيرُ) مِنْهُ (مَنْقُولًا) بَعْدَ الشِّرَاءِ (كَنُقْضٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا أَيْ: كَمَنْقُوضٍ (قَدْ طَرَا) نَقْضُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَأَنْ طَرَأَ انْهِدَامُ شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ، فَصَارَ نَقْضًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الشَّفِيعِ بِهِ قَبْلَ نَقْضِهِ، فَالِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ يَكُونُ النَّقْضُ وَالْعَرْصَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْضُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَوْ جَرَى، وَهِيَ مُنْهَدِمَةٌ وَالتَّمْثِيلُ بِالنَّقْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِلَفْظِهِ) أَيْ: يَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَفْظٍ مِنْهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالثَّمَنِ وَالشِّقْصِ كَمَا فِي الْبَيْعِ نَحْوَ (أَخَذْتُهُ بِالشُّفْعَهْ، أَوْ كَمَلَكْتُ) بِمَعْنَى تَمَلَّكْت (شِقْصَ هَذِي الْبُقْعَهْ) وَنَبَّهَ بِزِيَادَتِهِ الْكَافَ عَلَى أَنَّ الصِّيَغَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ فَيَكْفِي اخْتَرْت الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَمَا أَشْبَهَهُ دُونَ قَوْلِهِ: أَنَا مُطَالِبٌ بِالشُّفْعَةِ إذْ الْمِلْكُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ أَيْضًا بَلْ (بِشَرْطِ كَوْنِ مُشْتَرِي الشِّقْصِ رَضِي بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ) أَيْ: بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الشِّقْصَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُعَاوَضَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارِ عَلَيْهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ عَكْسَهُ وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا كَمَا عُلِمَ فِي بَابِهِ

(أَوْ لَهُ قُضِيَ) أَيْ: أَوْ قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ إثْبَاتِ حَقِّهِ فِيهَا عِنْدَهُ وَطَلَبِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي حَتَّى كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ، وَالتَّرْكِ فَإِذَا طَلَبَ وَتَأَكَّدَ طَلَبُهُ بِالْقَضَاءِ وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ (خِلَافَ إشْهَادٍ) لِعَدْلَيْنِ عَلَى اخْتِيَارِهِ لَهَا، فَلَا يَقُومُ مَقَامَ قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَوْ مَعَ فَقْدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لِقُوَّةِ الْقَضَاءِ (أَوْ الْمِثْلِ لِمَا يَبْذُلُهُ لِمُشْتَرِيهِ سَلَّمَا) أَيْ: أَوْ سَلَّمَ لِمُشْتَرِي الشِّقْصِ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي بَذَلَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَةً) لَهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِحُصُولِ مِلْكِهِ مَعَ اللَّفْظِ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا رِضَى الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ تَسَلَّمَهُ مِنْهُ، وَإِلَّا خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ التَّسَلُّمَ، أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ إذَا مَلَكَهُ الشَّفِيعُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْعِوَضَ سَوَاءٌ تَسَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَمْ بَعْدَهُ فَإِنْ طَالَبَهُ، وَعَجَزَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فِيهَا فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ وَلَوْ قُدِّرَ الْمِثْلِيُّ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ كَقِنْطَارِ بُرٍّ، فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْقَرْضِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا، وَقِيلَ: يُكَالُ وَيَجِبُ بِقَدْرِهِ كَيْلًا، وَحَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَلَوْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ عِنْدَ إرَادَةِ الْأَخْذِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ مَلَكَ الثَّمَنَ نَفْسَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ ثُمَّ اطَّلَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِنَفْسِ الثَّمَنِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ انْتَهَى

وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا بَذَلَهُ (لِيَوْمِ) أَيْ: فِي يَوْمِ (عَقْدٍ) أَيْ: وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ (فِيمَا) هُوَ (كَالْعَبْدِ مِمَّا يَقْتَضِي تَقْوِيمَا) وَتَمْثِيلُهُ الْمُتَقَوِّمَ بِالْعَبْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ أَمْثِلَةً يَصْلُحُ بَعْضُهَا لِلْمِثْلِيِّ فَقَالَ

(كَالْبُضْعِ) بِأَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً شِقْصًا، أَوْ خَالَعَهَا بِهِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْبِضْعِ، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقْتَ الْإِصْدَاقِ وَالْخُلْعِ (وَالْمُتْعَةِ) بِأَنْ أَمْتَعَهَا شِقْصًا، فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمُتْعَةِ مِثْلِهَا إلَّا بِالْمَهْرِ فَإِنَّهَا الْوَاجِبَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَنْقُولِ الَّذِي وَافَقَ عَلَيْهِ م ر، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا

(قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ، وَأَفَادَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا لَفْظُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّقَابُضُ) فِي تَمَلُّكِ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ) أَيْ: يَحْكُمَ لَهُ شَرْعًا أَيْ: وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْقَضَاءِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَبْعُدُ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ حَيْثُ يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهُ هُنَا شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: لِمَا يَبْذُلُهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي، وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ لِمَا (قَوْلُهُ: لِمُشْتَرِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَلَمًا (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةً لَهُ) لَا لِلشِّقْصِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَبَهُ) أَيْ: طَالَبَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ، وَهَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ) أَيْ: الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؟ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ: وَقْتَ الْأَخْذِ لَكِنْ لَوْ فُقِدَ الْمِثْلُ عَقِبَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ، فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ أَيْضًا؟ (قَوْلُهُ: الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ: حِينَئِذٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي يَوْمِ عَقْدٍ) كَالْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: يَصْلُحُ بَعْضُهَا) كَالْمُتْعَةِ وَالنَّجْمِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ مِثْلِيًّا

(قَوْلُهُ: كَالْبِضْعِ) مِثَالٌ لِمَا هُوَ كَالْعَبْدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَيْ: يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مِنْ رُؤْيَةِ الشِّقْصِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ كَمَا فِيهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِالشُّفْعَةِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَقَوْلُهُ، أَوْ كملكت أَيْ: بِالشُّفْعَةِ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّفْظَ مَعَ عَدَمِهِ كِنَايَةٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِفِضَّةٍ) أَيْ: لَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ حَصَلَ التَّقَابُضُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ مُدِّ عَجْوَةٍ اهـ حَاشِيَةٌ

(قَوْلُهُ: بِالشُّفْعَةِ) أَيْ: بِثُبُوتِهَا، وَهُوَ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا نَفْسُ الْمِلْكِ اهـ وَقَالَ حَجَرٌ: إنَّ مِثْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ عَلَى الْأَوْجَهِ لِتَضَمُّنِ الْحُكْمِ بِهِ الْحُكْمَ بِالْأَخْذِ بِهَا، فَانْدَفَعَ تَوْجِيهُ مُقَابِلِهِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى حَقٍّ سَابِقٍ وَالسَّابِقُ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَسَلَّمَ) أَيْ: الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ لِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ: يَوْمَ الْبَيْعِ مَثَلًا اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ذ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِالْقِيمَةِ) أَيْ: قِيمَةِ الْمِثْلِ لَا الْمِثْلِيِّ اهـ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَيَّنَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ سم عَلَى

ص: 272

بِالطَّلَاقِ وَالشِّقْصُ عِوَضُهَا

(وَالنَّجْمِ) لِلْكِتَابَةِ بِأَنْ تُعَوِّضَ السَّيِّدُ عَنْهُ شِقْصًا فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِبَدَلِ النَّجْمِ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ (وَدَمْ) بِأَنْ صَالَحَ عَنْهُ بِشِقْصٍ، فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الدَّمِ، وَهِيَ الدِّيَةُ (أَوْ حِصَّةً مِنْهُ) أَيْ: يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ إنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذِمَّتِهِ، أَوْ قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمَ مِثْلَ الثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتَهُ، أَوْ حِصَّتَهُ مِنْهُمَا (إذَا مَا الْعَقْدُ ضَمْ شِقْصًا مَعَ الْمَنْقُولِ) كَسَيْفٍ فَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَأْخُذُ الْمَنْقُولَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَصَالِحِ الشِّقْصِ كَآلَاتِ الْحَرْثِ، وَهَذَا إيضَاحٌ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الشِّقْصِ ثَمَنُهُ، وَمَعَ هَذَا فَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ: مَعَ الْمَنْقُولِ بِقَوْلِهِ: مَعَ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَضْمُومَ إلَى الشِّقْصِ قَدْ يَكُونُ أَرْضًا أُخْرَى كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (أَوْ) إذَا (تَعَيَّبَا) أَيْ: الشِّقْصُ (بِمُفْرَدِ الْعَقْدِ) أَيْ: بِتَلَفِ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِإِتْلَافِ مُتْلِفٍ (كَسَيْلٍ أَذْهَبَا) بَعْضَ الشِّقْصِ، وَحَرِيقٍ أَذْهَبَ بَعْضَ السَّقْفِ، أَوْ الْجِدَارِ فَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ وَتَمْثِيلُهُ بِإِذْهَابِ السَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ بِمَا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَانْكِسَارِ جِذْعٍ وَشَقِّ جِدَارٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْأَخْذُ بِكُلِّ الْعِوَضِ، أَوْ التَّرْكُ (وَلَمْ نُخَيِّرْهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِيَ (لِتَفْرِيقٍ) أَيْ: لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فِي صُورَتَيْ ضَمِّ الشِّقْصِ مَعَ غَيْرِهِ، وَالتَّعَيُّبِ بِمَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ لِعِلْمِهِ بِالْحَالِ فِي الْأُولَى، وَكَمَا فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا لَمْ يُفْرَدْ بِالْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْحَالِ

(وَفِي بَائِنِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمُزَيَّفِ أَبْدَلَهُ) أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ حِصَّةٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَذْكُورِ مِنْ مِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حِصَّتَهُ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَرْضًا أُخْرَى) أَوْ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ (قَوْلُهُ: كَانْكِسَارِ جِذْعٍ) وَكَالِانْهِدَامِ بِلَا تَلَفٍ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُفْرَدْ بِالْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: إذَا لَمْ يُفْرَدْ بِالْعَقْدِ شَيْءٌ زَادَهُ رحمه الله عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي التَّعْلِيلِ هُوَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ خَاصَّةً، وَسَبَبُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَالْحَامِلُ عَلَيْهَا أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا تَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْضٌ يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ الْفَسْخِ، وَبَيْنَ أَخْذِ الْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّالِفُ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ أَوْ الْإِجَازَةُ، وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ الْأَرْشِ مِنْ الثَّمَنِ، فَاحْتَاجَ الشَّارِحُ أَنْ يَزِيدَ مَا زَادَ لِيُطَابِقَ مَا تَقَرَّرَ وَأَقُولُ هَذَا كُلُّهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ رحمهم الله مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ مَا إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ تَلَفًا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا يُخَيَّرُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ وَإِمْضَائِهِ، وَإِنَّمَا الْخِيرَةُ لِلْمُشْتَرِي فَكَانَ ذَلِكَ نَظِيرًا مُطَابِقًا لِمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا بِاعْتِبَارِ أَخْذِ الشَّفِيعِ مِنْهُ الشِّقْصَ بِالْحِصَّةِ، وَعَدَمِ تَخْيِيرِهِ نَظِيرُ الْبَائِعِ هُنَاكَ فِي أَخْذِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بَاقِيَ الْمَبِيعِ الَّذِي يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ بِالْحِصَّةِ، وَعَدَمِ تَخْيِيرِهِ، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُضِرَّةٌ يَجِبُ إسْقَاطُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْت وَقَوْلُهُ: فَاحْتَاجَ الشَّارِحُ أَنْ يَزِيدَ مَا زَادَ لِيُطَابِقَ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ خَفَاءٌ، وَلَمْ تَظْهَرْ الْمُطَابَقَةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَخَيَّرُ بِتَلَفِ الْبَعْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَأَنْ يُفْرَدَ بِالْعَقْدِ أَوْ لَا بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ مُطْلَقًا فَأَيْنَ الْمُطَابَقَةُ؟ وَمَا وَجْهُ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُطَابِقَةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي هُنَا، وَالْبَائِعِ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُ: نَظِيرُهُ فَإِنَّهُ بَائِعٌ الشِّقْصِ لِلشَّفِيعِ، وَرُدَّ أَنَّ الْبَائِعَ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ التَّالِفُ يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَلَا يُتَّجَهُ التَّقْيِيدُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُطَابَقَةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي هُنَا، وَالْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُرِيدُ بِنَفْيِ التَّخْيِيرِ عَدَمَ الْأَخْذِ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ، وَعَدَمِ ظُهُورِ الْقِيَاسِ إذْ كَيْفَ يُلْحَقُ مَا يُفْرَدُ بِمَا لَا يُفْرَدُ؟ ، فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ) فَلَا خِيَارَ إذَا جُهِلَ الْحَالُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تُعَوِّضَ السَّيِّدَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ صِحَّةُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِهَا عَدَمُ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا فَلَوْ قَالَ: بِأَنْ كَاتَبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نِصْفِ عَقَارٍ وَدِينَارٍ مَثَلًا، وَيُنَجِّمُ كُلًّا بِوَقْتٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْكَاتِبُ الشِّقْصَ الْمَوْصُوفَ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ لِسَيِّدِهِ فَيَثْبُتُ لِشَرِيكِ الْمُكَاتَبِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ السَّيِّدِ لَجَرَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا قَابَلَ الشِّقْصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الدِّيَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْإِبِلِ مَعَ أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ فَلَعَلَّ الْمَعْنَى، وَهِيَ قِيمَةُ الدِّيَةِ، وَحَاصِلُ الْمَنْقُولِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْقِصَاصِ عَلَى شِقْصٍ مَشْفُوعٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ وَقْتَ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، أَوْ وَقْتَ الصُّلْحِ عِنْدَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كُلٍّ تَعْبِيرُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: صِفَةُ الْإِبِلِ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَتَأَتَّى التَّقْوِيمُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِهِ إنَّمَا هُوَ قِيمَةُ الْإِبِلِ لَا هِيَ؛ لِأَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ، أَمَّا لِلصُّلْحِ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَبَاطِلٌ؛ لِجَهَالَةِ صِفَتِهَا وَكَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ إنَّمَا يَكْفِي فِي التَّقْوِيمِ دُونَ الصُّلْحِ

اهـ م ر، وَع ش بِتَصَرُّفٍ وَزِيَادَةٍ، وَانْظُرْ لَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ إلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ صَالَحَ عَنْهَا بِشِقْصٍ هَلْ هِيَ مِثْلُ دِيَةِ الْخَطَأِ، فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فَلَا شُفْعَةَ حَرِّرْهُ، (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهِيَ الدِّيَةُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِقِيمَةِ الدَّمِ وَهُوَ الدِّيَةُ، وَهِيَ أَظْهَرُ مِمَّا هُنَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي تَلَفِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَارِحِ الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْجُزْءِ كَفَوَاتِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُفْرَدْ بِالْعَقْدِ) أَيْ: إذَا لَمْ يُفْرَدْ الْبَعْضُ التَّالِفُ بِعَقْدٍ

ص: 273

وَلَوْ بَانَ مَا بَذَلَهُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ، أَوْ مُزَيَّفًا أَيْ: نُحَاسًا أَبْدَلَهُ بِمَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ، وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ كَتَمَلَّكْتُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، وَغَيْرِهِ كَتَمَلَّكْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَعَمْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي بُطْلَانِهَا، حَيْثُ جَرَى عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ لَا مَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ تَبَعًا لِلْقُونَوِيِّ، وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ، فَيَتَمَلَّكُ ثَانِيًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ: أَنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ مِلْكٌ، وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْفَوَائِدِ وَلَوْ بَانَ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي مُسْتَحَقًّا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَطَلَ الْبَيْعُ، وَالشُّفْعَةُ، وَإِلَّا أَبْدَلَ الْمَدْفُوعَ وَبَقِيَا، وَإِنْ بَانَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَى بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَى بِمِثْلِهِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ) مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي، وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ تَبَيُّنَ عَدَمِ الْمَلِكِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْمُعَيَّنِ، وَالتَّمَلُّكِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ فِي التَّمَلُّكِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وِفَاقًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَالرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا سَلَّمَهُ الشَّفِيعُ، أَوْ خَرَجَ نُحَاسًا لَمْ تَبْطُلْ أَيْ: شُفْعَتُهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا نَعَمْ إنْ شَفَعَ بِالْمُعَيَّنِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا لَا إنْ شَفَعَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ خَرَجَ مَا سَلَّمَهُ رَدِيئًا اهـ لَكِنْ قَضِيَّتُهَا فِيمَا لَوْ خَرَجَ مَا سَلَّمَهُ رَدِيئًا عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِلتَّمَلُّكِ الْجَدِيدِ، وَإِنْ تَمَلَّكَ بِعَيْنِهِ وَرَدَّهُ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ) أَيْ: فِي عَدَمِ بُطْلَانِهَا

(قَوْلُهُ: فِي الْفَوَائِدِ) كَأُجْرَةِ الْأَرْضِ عَلَى غَاصِبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ بَانَ الثَّمَنُ رَدِيئًا عُيِّنَ أَوْ لَا، فَلِلْبَائِعِ طَلَبُ بَدَلِهِ، وَالرِّضَا بِهِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ، فَلِلْمُشْتَرِي لَا عَلَيْهِ قَبُولُ مِثْلِهِ اهـ وَشَرْحُهُ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ طَلَبَ بَدَلِ مَا عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ إنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، وَأَمَّا الرَّدُّ، وَطَلَبُ الْبَدَلِ فَلَا فَتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِطَلَبِ بَدَلِهِ طَلَبُ قِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا، وَرَضِيَ بِهِ أَنَّ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَتَهُ سَلِيمًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعِيبًا حَكَاهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ فَالتَّغْلِيطُ بِالْمِثْلِيِّ أَوْلَى، قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَعِيبِ أَيْ: وَجَزَمَ بِخِلَافِهِ فِي الرَّدِيءِ فَقَالَ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ مِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنْ أُفْرِدَ بِعَقْدٍ بِأَنْ تَعَدَّدَ الْعَاقِدُ، أَوْ فَصَلَ الثَّمَنَ، وَتَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ الَّذِي يَخُصُّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدَ الثَّمَنَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مَا هُنَا مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا وَاحِدٌ، فَنَظِيرُهُ مَا إذَا اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَتَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا غُبَارَ عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَمَا فَهِمَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَشَنَّعَ عَلَى الشَّارِحِ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) قَدْ يَشْكُلُ بِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي الْأَخْذِ وَجَبَ الْفَوْرُ فِي التَّمَلُّكِ وَدَفْعُ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ يُعَدُّ تَقْصِيرًا فِي الْفَوْرِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ بِدَلِيلِ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ جَدِيدٍ، أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَفُتْ الْفَوْرِيَّةُ بِأَنْ تَدَارَكَ فَوْرًا اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ، لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْفَوْرِيَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْأَخْذِ بِاللَّفْظِ، وَأَمَّا التَّمَلُّكُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ، أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَرَى عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَإِنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي ثَمَنِ الشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ، وَعَلَيْهِ الْإِبْدَالُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْبُطْلَانِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ: تَمَلَّكْت الشِّقْصَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ

أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ: تَمَلَّكْت بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ نَقَدَ الْمُسْتَحَقَّةَ فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ الْوَجْهَانِ فِي الْحَالَيْنِ قُلْت: الصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ حَيْثُ جَرَى عَلَى الصَّحِيحِ مُرَادُهُ بِهِ قَوْلُ النَّوَوِيِّ قُلْت: الصَّحِيحُ إلَخْ كَمَا ذَكَرَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ: عَلَى الصَّحِيحِ عَنْ قَوْلِهِ: دُونَ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: لَا مَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الْغَزَالِيَّ صَحَّحَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ التَّمَلُّكِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْغَزَالِيِّ تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنْ يَحْتَاجَ لَا سِيَّمَا حَالَةَ الْعِلْمِ اهـ مِنْ النَّاشِرِيِّ ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَخْذَ إنْ كَانَ بِالْعَيْنِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَعَيَّنَ الثَّانِي اهـ م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ

ص: 274

(وَيَلْحَقُ الشَّفِيعَ حَطْ) أَيْ: حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ (زَمَانَ تَخْيِيرٍ) أَيْ: خِيَارِ مَجْلِسٍ، أَوْ شَرْطٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِّ؛ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ بَعْدِ اللُّزُومِ لَا يَلْحَقُهُ، فَإِنْ حَطَّ عَنْهُ الْجَمِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ لَبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ، أَوْ بَعْدَهُ، فَإِبْرَاءٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يَلْحَقُ الشَّفِيعَ (وَ) يَلْحَقُهُ الْحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي (بِالْعَيْبِ) أَيْ: بِسَبَبِ عَيْبِ الشِّقْصِ حَيْثُ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِهِ لِحُدُوثِ عَيْبٍ آخَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ صِفَةِ السَّلَامَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا الشَّفِيعُ كَمَا اسْتَحَقَّهَا الْمُشْتَرِي؛ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ حِينَئِذٍ هُوَ الْبَاقِي فَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَصَالَحَ الْبَائِعَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ؛ لِئَلَّا يَرُدَّهُ بِعَيْبِهِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ، وَلَمْ يَنْحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ لِيَلْحَقَ الشَّفِيعَ (فَقَطْ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: يَلْحَقُهُ الْحَطُّ فِيمَا ذُكِرَ لَا فِي غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (دُونَ تَفَاوُتٍ بِعَيْبٍ فِي الْعِوَضْ) أَيْ: بِسَبَبِهِ (لِقِيمَةٍ) أَيْ: بَيْنَ قِيمَتَيْ الشِّقْصِ وَعِوَضِهِ، فَلَا يَلْحَقُهُ، فَقَوْلُهُ: لَقِيمَة مُتَعَلِّقٌ بِتَفَاوُتٍ وَفِي نُسْخَةٍ لِلْعِوَضِ فِي قِيمَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، فَلَوْ بَاعَ شِقْصًا بِعَبْدٍ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا

ــ

[حاشية العبادي]

الشَّفِيعِ وَلَوْ قَبِلَ أَيْ: مِثْلَهُ الْبَائِعُ مِنْهُ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَزُولُ بِخِلَافِ الرَّدَاءَةِ م ر

(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ الشَّفِيعَ حَطٌّ) مِثْلُهُ الزِّيَادَةُ بِرّ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَاقِيَ) .

(فَرْعٌ)

لَوْ اتَّفَقَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ عَلَى حَطِّ الْبَعْضِ، لَكِنْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْبَاقِي، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ، فَيَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ فَالْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبَيْعِ ثُبُوتُ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَالشَّفِيعُ يَدَّعِي سُقُوطَ بَعْضِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ) لَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْأَخْذِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَيُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ لِيَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ وَهَلْ يُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم. (قَوْلُهُ: وَصَالَحَ الْبَائِعَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِسَبَبِهِ) بَيَانٌ لِلْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: بِعَيْبٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِسَبَبِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ الْعَيْبِ يُتَأَمَّلُ أَنَّ الْعَيْبَ سَبَبٌ لِمَاذَا، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ سَبَبٌ لِتَفَاوُتِ الْقِيمَتَيْنِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ إلَخْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ سَبَبًا لِهَذَا التَّفَاوُتِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، إذْ التَّفَاوُتُ الْمُسَبَّبُ عَنْ الْعَيْبِ لَا يَكُونُ إلَّا نُقْصَانَ قِيمَةِ مَا قَامَ بِهِ الْعَيْبُ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ سَبَبٌ لِلرَّدِّ، فَالرَّدُّ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَالْعِبَارَةُ لَا تَصْلُحُ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَاعَ شِقْصًا بِعَبْدٍ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ.

(فَصْلٌ) اشْتَرَى الشِّقْصَ بِعَبْدٍ، ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ غَرِمَ لَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ، فَلَوْ زَادَتْ، أَوْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ بَاذِلُ الزِّيَادَةِ، وَمَتَى عَادَ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ، وَلَا اسْتِرْدَادُهُ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ فَأَخَذَ الْأَرْشَ أَيْ: مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَفَعَ أَيْ: الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ أَيْ: الْعَبْدِ سَلِيمًا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْعَبْدِ مَعِيبًا لَزِمَ الشَّفِيعَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا، فَإِنْ سَلَّمَ قِيمَتَهُ سَلِيمًا اسْتَرَدَّ قِسْطَ السَّلَامَةِ. اهـ. فَصَرَّحَ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْعَبْدِ مَعِيبًا، وَسَلَّمَ الشَّفِيعُ قِيمَتَهُ سَلِيمًا اسْتَرَدَّ قِسْطَ السَّلَامَةِ، وَسَكَتَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِيمَا قَبْلَهَا فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَلِيمًا رَجَعَ بِقِسْطِ السَّلَامَةِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مَعِيبًا لَمْ يَلْزَمْ الشَّفِيعَ إلَّا قِيمَتُهُ مَعِيبًا، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِ الْمَعِيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ رَدَّهُ، وَرَجَعَ إلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: قَدْ تَكُونُ قِيمَةُ الشِّقْصِ دُونَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعِيبًا، وَذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى الرِّضَى بِأَخْذِ الْمَعِيبِ بَلْ هُوَ دُونَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضِ السَّابِقِ: غَرِمَ لَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ عَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ: لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ فَلَا يُنْقَضُ مِلْكُ الشَّفِيعِ. اهـ. وَبَيَانُهُ أَنَّ قَضِيَّةَ رَدِّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ الرُّجُوعُ إلَى الْمَبِيعِ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ حَقُّ الشَّفِيعِ، فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ لَا قِيمَةِ الثَّمَنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ بِالْعَيْبِ، وَيَأْخُذَ الشِّقْصَ فَمَنَعَهُ الشَّفِيعُ مِنْ أَخْذِ الشِّقْصِ رَدَّ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، وَقَوْلُهُ: غَرِمَ لَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ أَيْ: وَأَمَّا مَا يَغْرَمُهُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ، فَلَوْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُعَيَّنًا، وَمَعْنَى الِاسْتِبْدَالِ فِيهِ أَخْذِ قِيمَةِ الشِّقْصِ؛ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ الشَّفِيعِ

ص: 275

بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُ مِلْكِ الشَّفِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، بَلْ يَأْخُذُ قِيمَةَ الشِّقْصِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ، فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَلْحَقْ الشَّفِيعَ التَّفَاوُتُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ بِمَا بَذَلَهُ، فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِمَا جَرَى، وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِالزَّائِدِ

(وَمَا سِوَى الْبَيْعِ) مِنْ وَقْفٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ (نَقَضْ) أَيْ: نَقَضَهُ الشَّفِيعُ إنْ شَاءَ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِسَبْقِ حَقِّهِ، فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِالْفَلَسِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي، وَحَقِّ رُجُوعِ الْمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْبَدَلِ، وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ الشَّفِيعِ، وَبِخِلَافِ حَقِّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُتَّهَبِ لِرِضَاهُ بِسُقُوطِ حَقِّهِ حَيْثُ سَلَّمَهُ لِلْمُتَّهِبِ، وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْفَسْخَ، ثُمَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فَسْخٌ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ.

(فَإِنْ يَبِعْ) أَيْ: الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ (يَأْخُذْ) أَيْ: الشَّفِيعُ (بِمَا شَا) مِنْ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَيَنْقُضُ الثَّانِي أَوْ مِنْ الثَّانِي، وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ، وَقَدْ يَكُونُ الثَّمَنُ فِي أَحَدِهِمَا أَقَلَّ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ أَسْهَلَ، وَكَالْبَيْعِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شُفْعَةٌ كَالْإِصْدَاقِ

(وَمَنَعْ) أَيْ: الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ (رَدَّا) أَيْ: رَدَّ الشِّقْصِ (بِعَيْبٍ) فِيهِ لِيَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِسَبْقِ حَقِّهِ؛ وَلِأَنَّ غَرَضَ الْمُشْتَرِي اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ وَالرُّجُوعُ إلَى الثَّمَنِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ إبْطَالًا لِحَقِّهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَقُدِّمَ، بَلْ لَوْ رَدَّهُ كَانَ لَهُ فَسْخُ الرَّدِّ، وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ (وَخِيَارٍ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(إنْ وَقَعْ لِلْمُشْتَرِي مُنْفَرِدًا) وَلَوْ زَادَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: (قُلْتُ:) كَانَ أَوْلَى أَيْ: وَمَنَعَ الشَّفِيعُ رَدَّ الشِّقْصِ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ، أَوْ شَرْطٍ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية العبادي]

زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ) فَلَوْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَأَرَادَ رَدَّهُ، وَأَخْذَ الشِّقْصِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يُجِيبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَأَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَسَيُبَيِّنُ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، وَأَنْ لِلشَّفِيعِ مَنْعُهُ، وَيَبْقَى مَا لَوْ رَدَّهُ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى أَنَّ لِلشَّفِيعِ رَدَّ هَذَا الرَّدِّ، وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قِيمَةَ الشِّقْصِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الشِّرَاءِ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَرُدُّهُ، وَيَأْخُذُ بَدَلَهُ سَلِيمًا. (قَوْلُهُ: عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّتِي غَرِمَهَا الشَّفِيعُ) وَتَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الرَّوْضِ أَنَّ اللَّازِمَ لَهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا، فَلَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ سَلِيمًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ يَلْزَمُ أَوْ يَرْجِعُ بِالتَّفَاوُتِ؟ ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ يَحْتَاجُ تَمَلُّكًا جَدِيدًا أَوْ لَا أَوْ يَحْتَاجُ إنْ أَخَذَ بِالْعَيْنِ؟ . فِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ عَيْبٌ، فَأَخَذَ الْأَرْشَ فَإِنْ شَفَعَ أَيْ: الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ سَلِيمًا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ، فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْعَبْدِ مَعِيبًا لَزِمَ الشَّفِيعَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا، فَإِنْ سَلَّمَ قِيمَتَهُ سَلِيمًا اسْتَرَدَّ قِسْطَ السَّلَامَةِ. اهـ. فَقَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالتَّفَاوُتِ فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُوثِ، وَسَكَتَ عَنْ مِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْ الشَّفِيعَ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا غَرِمَهُ. (قَوْلُهُ: يَأْخُذُ بِمَا يَشَاءُ) أَيْ: وَإِنْ اخْتَلَفَا حُلُولًا وَتَأْجِيلًا حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِالْحَالِّ، وَالثَّانِي بِالْمُؤَجَّلِ كَانَ لَهُ تَرْكُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ، وَالصَّبْرُ إلَى الْحُلُولِ فِي الثَّانِي، فَيَأْخُذُ فَلَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ، وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالثَّانِي، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِرَادَةِ الْأَخْذِ بِالثَّانِي سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهَلْ لَهُ حِينَئِذٍ الْأَخْذُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَوْرُ بِالْأَخْذِ لَمْ يَضُرَّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ لَكِنْ حَرَّرْنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وُجُوبَ الْفَوْرِ إذَا شَرَعَ فِي الْأَخْذِ

(قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ رَدَّهُ كَانَ لَهُ فَسْخُ الرَّدِّ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ) ل فِي الرَّوْضِ لَا إنْ انْفَسَخَ أَيْ: الْعَقْدُ بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ: فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ

(قَوْله: كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ: ثُمَّ اطَّلَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى عَيْبٍ فِي الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ: عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ: مَعِيبًا. اهـ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ بِمَا بَذَلَهُ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ مَعِيبًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ) أَخْرَجَ مَا سِوَاهُ مِمَّا فِيهِ شُفْعَةٌ كَالصَّدَاقِ وَالْمُتْعَةِ وَنَجْمِ الْكِتَابَةِ وَعِوَضِ الدَّمِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فَسْخٌ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّفِيعِ هُنَا أَخَذْته بِالشُّفْعَةِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِاسْتِحَالَةِ تَمَلُّكِهِ بِدُونِ لَفْظٍ مُسْتَلْزِمٍ لِفَسْخِ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى

ص: 276

وَحْدَهُ إذْ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَالشَّفِيعُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ بَعْدَ اللُّزُومِ، فَقَبْلَهُ أَوْلَى.

(وَمَا) أَيْ: وَلَا (يَمْنَعُ) رَدَّهُ بِالْخِيَارِ (إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ: لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ خِيَارُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِ (وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ) أَيْ: الْحَاوِي (الْمَنْعُ) مِنْ الرَّدِّ (هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (وَلَمْ يُسَاعِدْهُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا) الْبَارِزِيُّ (وَ) لَا (غَيْرُهُ) مِنْ مُتَقَدِّمِي أَئِمَّتِنَا وَمُتَأَخِّرِيهِمْ، بَلْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ لِمَا مَرَّ وَكَشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى

. (وَيَمْنَعُ) أَيْ: الشَّفِيعُ (الْبَائِعَ أَنْ يَرْجِعَ) إلَى الشِّقْصِ (بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ: بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لِسَبْقِ حَقِّهِ (لَا عَيْبٍ) أَيْ: لَا بِعَيْبِ (الثَّمَنْ) فَلَوْ بَاعَ شِقْصًا بِعَبْدٍ ظَهَرَ مَعِيبًا، وَأَرَادَ رَدَّهُ وَالرُّجُوعَ إلَى الشِّقْصِ لَمْ يَمْنَعْهُ الشَّفِيعُ ذَلِكَ، وَهَذَا طَرِيقَةٌ نَقَلَهَا الْإِمَامُ، وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: إنَّهُ أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ كَمَا يَمْنَعُ الْمُشْتَرِي رَدَّ الشِّقْصِ الْمَعِيبِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ فَأَمْسَكَ الشِّقْصَ انْتِظَارًا لِلشَّفِيعِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ، وَيَبْطُلُ بِالْإِمْسَاكِ خِيَارُهُ، أَوْ حَاضِرًا لَزِمَهُ انْتِظَارُهُ، وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ عُذْرٌ انْتَهَى وَفِي لُزُومِ انْتِظَارِهِ نَظَرٌ

. (وَ) يُمْنَعُ (الزَّوْجُ) أَنْ يَرْجِعَ إلَى شَطْرِ الشِّقْصِ الْمَمْهُورِ (فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ) بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ (كَرِدَّةٍ) مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِسَبْقِ حَقِّهِ، وَقَوْلُهُ: كَرِدَّةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ

. (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ (فِي) جِنْسِ (ثَمَنٍ) لِلشِّقْصِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) فِي (قَدْرِهِ وَفِي) إنْكَارِ (الشِّرَا) كَأَنْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْته بَلْ اتَّهَبْته أَوْ وَرِثْته (وَ) فِي إنْكَارِ (شِرْكَةٍ) بِأَنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ لِلطَّالِبِ شَرِكَةً فِيمَا اشْتَرَيْته يَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّفْعَةَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الشَّفِيعُ (وَ) فِي (جَهْلِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ الثَّمَنِ (إنْ قَدَّرَا) أَيْ: الشَّفِيعُ ثَمَنًا، لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي كَمْ لَك عَلَيَّ؟ . حَيْثُ لَا يَقْنَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ، إذْ الْمُدَّعَى هُنَا هُوَ الشِّقْصُ لَا الثَّمَنُ الْمَجْهُولُ وَبِتَقْدِيرِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ إنْكَارًا لِوِلَايَةِ الْأَخْذِ، فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الشَّفِيعُ ثَمَنًا فَسَيَأْتِي

(وَسَقَطَتْ) أَيْ: الشُّفْعَةُ بِجَهْلِ قَدْرِ الثَّمَنِ لِتَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ بِالْمَجْهُولِ (وَإِنْ شَفِيعٌ يَدَّعِي

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ، وَالِانْفِسَاخُ كَالْفَسْخِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ هُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، رحمه الله وَلَك أَنْ تَقُولَ: قِيَاسُ هَذَا الْأَصَحِّ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ فِيمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا وَرَدَّهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْأَخْذِ بِعَيْبٍ، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الشِّقْصِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَازَ لَهُ رَدُّ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، فَلْيَجُزْ لَهُ رَدُّ الْفَسْخِ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ: عَلِمَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَيْسَ لِامْتِنَاعِ الْأَخْذِ فِيمَا لَوْ وَقَعَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: يُمْنَعُ رَدُّهُ بِالْخِيَارِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ الْمُشْتَرِيَ لَا الْبَائِعَ

(قَوْلُهُ: لِسَبْقِ حَقِّهِ) وَأَيْضًا فَحَقُّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ رَفَعَ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي، وَلَا كَذَلِكَ الْبَائِعُ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: لِسَبْقِ حَقِّهِ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ لَا يَفُوزُ بِهِ الْبَائِعُ، وَإِنَّمَا سَبِيلُهُ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُتَعَيَّنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ) أَيْ: مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الشِّقْصِ بَلْ يَرُدُّ الْعَبْدَ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى الْمَبِيعِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهِ هُنَا تَعَلُّقُ حَقِّ الشَّفِيعِ، فَرَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ، وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَاَلَّذِي يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْعَبْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّمَلُّكُ، فَيَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهُ.

(قَوْلُهُ: الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) وَقِيَاسُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ قَبْلَ الْأَخْذِ فَلَهُ نَقْضُ رَدِّهِ، وَالْأَخْذُ وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْبَائِعُ بِالْإِفْلَاسِ كَانَ لَهُ نَقْضُ رُجُوعِهِ، وَالْأَخْذُ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ مِنْ الْفَسْخِ بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ، وَمِنْ الْإِقَالَةِ، وَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ قَبْلَهُ بِإِقَالَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ إفْلَاسٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ يَأْخُذُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الشِّقْصِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِرّ. (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ انْتِظَارِهِ نَظَرٌ) أَيْ: وَعَلَى هَذَا النَّظَرِ يَبْطُلُ بِالْإِمْسَاكِ خِيَارُهُ

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) كَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ عَرْضًا وَتَلِفَ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَفْظِ فَسَخْت تَصَرُّفَهُ، وَلَا أَبْطَلْته وَأَمَّا ثَمَّ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ إثْبَاتِ الرُّجُوعِ لَهُ لَفْظٌ يَسْتَلْزِمُ فَسْخَ الْعَقْدِ الَّذِي لِلْمُفْلِسِ فَاحْتَاجَ الْبَائِعُ إلَى قَوْلِهِ: فَسَخْته مَثَلًا. اهـ. حَوَاشِي الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ انْتِظَارِهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ

ص: 277

عِلْمًا) أَيْ: عِلْمَ الْمُشْتَرِي (بِقَدْرِ ثَمَنٍ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا (لَمْ يُسْمَعْ) قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْجَوَابُ، فَطَرِيقُ الشَّفِيعِ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا، وَيَحْلِفَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ يَزِيدَ وَيَدَّعِيَ ثَانِيًا، وَيُحَلِّفُهُ إلَى أَنْ يَنْكُلَ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا فِي جَوَازِ الْحَلِفِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ

. (وَإِنْ أَقَرَّ بَائِعٌ) لِلشِّقْصِ فِي صُورَةِ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ (بِبَيْعِ ذَا) أَيْ: الشِّقْصَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَقُلْ: قَبَضْت الثَّمَنَ (يَدْفَعْ إلَيْهِ) الشَّفِيعُ (ثَمَنًا) أَيْ: الثَّمَنَ (وَأَخَذَا) مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ حَقٍّ لِلْمُشْتَرِي، وَحَقٍّ لِلشَّفِيعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَتُهُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ لِتَلَقِّيهِ الْمِلْكَ مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِي (وَفِي) قَوْلِهِ:(قَبَضْتَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ) لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ بَلْ (يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ

(وَهُوَ) أَيْ: لِلشَّفِيعِ (مَتَى أَنْبَاهُ) أَيْ: أَخْبَرَهُ بِبَيْعِ الشِّقْصِ (رَاوٍ) أَيْ: مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا (لَا صَبِيّ وَفَاسِقٌ) وَكَافِرٌ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدُهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ (فَلْيَبْتَدِرْ) بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ (بِالطَّلَبِ) بِالشُّفْعَةِ بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ بِهَا، أَوْ نَحْوِهِ فَطَلَبُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَجْنُونُ، وَإِذَا أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يُعْذَرْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ كَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ يَسْتَوِي فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ، وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ صِدْقُهُ.

(لَا إنْ يُؤَجَّلَ ثَمَنٌ) أَيْ: ثَمَنُ الشِّقْصِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبِدَارُ بَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى وَقْتِ الْحُلُولِ حَتَّى لَوْ حَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي، فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى مَجِيءِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَوْ اخْتَارَ الصَّبْرَ إلَيْهِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ التَّعْجِيلُ فَفِي الْمَطْلَبِ يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ثَمَنًا) سَيَأْتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا) عِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ إنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ كَانَ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: يَدْفَعُ إلَيْهِ ثَمَنًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالدَّرَكِ أَسْهَلَ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْمُكَذِّبُ، وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ هُنَا بَلْ إذَا عَادَ الْبَائِعُ وَادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي طَلَبِهِ مِنْ الشَّفِيعِ اسْتَحَقَّهُ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا فِي مُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَلَوْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ مِنْ الشَّفِيعِ، ثُمَّ عَادَ الْمُشْتَرِي، وَاعْتَرَفَ بِالشِّرَاءِ فَهَلْ يَكْفِي مَا جَرَى؟ فَيَسْتَقِرُّ لِلْبَائِعِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَدَفَعَهُ لِلْبَائِعِ، أَوْ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ، وَيَسْتَرِدُّ الشَّفِيعُ مَا دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَيَدْفَعُهُ، أَوْ غَيْرَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ عُهْدَةُ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَعُهْدَةُ الشِّقْصِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ حَرِّرْهُ

(قَوْلُهُ: حَدَّ التَّوَاتُرِ) شَامِلٌ لِلصَّبِيِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ) لَكِنْ لَا يَأْتِي فِيهِ اسْتِثْنَاءُ بُلُوغِ حَدِّ التَّوَاتُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ) بِأَنْ يَعْتَرِفَ بِاعْتِقَادِهِ صِدْقَهُ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَوْ رَدَّهُ فَلِلشَّفِيعِ رَدُّ ذَلِكَ الرَّدِّ عَلَى أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي رِعَايَةِ مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ) يُمْكِنُ تَعَلُّقُ فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ وَبِالتَّشَطُّرِ بِالرُّجُوعِ أَيْ: الرُّجُوعِ بِسَبَبِ التَّشَطُّرِ الْحَاصِلِ بِالْفُرْقَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ) كَذَلِكَ لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ مِنْ رُجُوعِ كُلِّ الشِّقْصِ لِلزَّوْجِ كَأَنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى نَفْسِهِ أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ: فِي الْجَوَابِ لَمْ أَشْتَرِ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَيَحْلِفُ كَذَلِكَ كَمَا فِي م ر أَمَّا لَوْ قَالَ لَمْ: أَعْلَمْ قَدْرَهُ وَحَلَفَ كَذَلِكَ، فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَزِيدَ وَيَحْلِفُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى خَطِّ أَبِيهِ) أَيْ: إذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ. اهـ. رَوْضَةٌ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ بَائِعِهِ، أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ: إنَّهُ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ: هُوَ مِلْكِي مَعَ إنْكَارِهِ الشِّرَاءَ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرَ ذِي الْيَدِ لَا يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ. اهـ م ر. (قَوْلُهُ: لِتَلَقِّيهِ الْمِلْكَ مِنْهُ) أَيْ: حُكْمًا وَتَنْزِيلًا وَإِلَّا فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ فَيَكُونُ تَلَقِّيه حَقِيقَةً مِنْ الْمُشْتَرِي اهـ س ل (قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) الْأَوْلَى يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى عَيْنٍ تُتْرَكُ فِي يَدِهِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: أَخَذْت بِهَذِهِ الْمِائَةِ مَثَلًا كَافٍ فِي التَّمَلُّكِ بِهَا، وَتَعَيُّنِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَالثَّمَنُ كَمَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ يَكُونُ مُعَيَّنًا ثُمَّ إنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحْتَاجُ فِي التَّمَلُّكِ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ قَضَاءُ الْقَاضِي، وَقَبْضُهُ الثَّمَنَ وَرِضَاهُ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ كَمَا فِي ح ل، وَغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَعَ الْإِنْكَارِ لَا يَتَأَتَّى وَاحِدٌ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) وَيَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَدَمِ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا أَنْكَرَ الشِّرَاءَ، فَكَأَنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ هَكَذَا نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ اعْتِمَادِهِ م ر

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَارِحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ. اهـ. فَقَوْلُهُ: وَكَفَاسِقٍ بِإِعَادَةِ الْكَافِ يُفِيدُ قَصْرَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ. اهـ لَكِنْ عِبَارَةُ شَارِحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَيُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ كَصَبِيٍّ وَفَاسِقٍ ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا بَاطِنًا، فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ. اهـ. وَهِيَ تَشْمَلُ الصَّبِيَّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ إلَخْ) تَأَمَّلْ التَّقْيِيدَ بِالْمُعَامَلَاتِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ) فَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ. اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنَ نَهْبٍ يُخْشَى فِيهِ عَلَى الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعُ. اهـ

ص: 278

قَطْعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ وَلَا يَلْزَمُ بِالْأَخْذِ بِالْحَالِ لِلْإِجْحَافِ بِهِ (أَوْ يَغِبْ شَفِيعٌ) آخَرُ فَلِلْحَاضِرِ التَّأْخِيرُ إلَى حُضُورِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ (أَوْ فِي الْجِنْسِ مِنْهُ يَكْذِبْ) أَيْ: وَلَا إنْ يَكْذِبْ الْمُخْبِرُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ دَنَانِيرُ فَبَانَ دَرَاهِمَ، أَوْ فِي نَوْعِهِ كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ سَابُورِيٌّ، فَبَانَ هَرَوِيًّا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ الدَّرَاهِمَ وَالْهَرَوِيُّ دُونَ الدَّنَانِيرِ وَالسَّابُورِيِّ (أَوْ زَادَ) أَيْ: وَلَا أَنْ يَكْذِبَ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ كَأَنْ قَالَ لَهُ: إنَّهُ أَلْفٌ فَبَانَ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرْغَبُ بِالْأَكْثَرِ قَدْ يَرْغَبُ بِالْأَقَلِّ بِخِلَافِ الْكَذِبِ فِي نَقْصِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى، وَلَا أَنْ يَكْذِبَ فِي نَقْصِ الْأَجَلِ كَأَنْ قَالَ: بَاعَهُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَبَانَ إلَى شَهْرَيْنِ (أَوْ) يَكْذِبَ (فِي قَدْرِ مَا قَدْ بَاعَا) أَيْ: الْبَائِعُ كَأَنْ قَالَ: بَاعَ كُلَّ حِصَّتِهِ فَبَانَ أَنَّهُ بَاعَ بَعْضَهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَقَدْ يَرْغَبُ فِي الْبَعْضِ، أَوْ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بَاعَ كُلَّهَا بِأَلْفٍ، فَبَانَ أَنَّهُ بَاعَ بَعْضَهَا بِأَلْفٍ يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِي كُلِّهِ بِأَلْفٍ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى (أَوْ) فِي (مُشْتَرٍ) كَأَنْ قَالَ: إنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عَمْرًا، أَوْ زَيْدًا، وَعَمْرًا فَقَدْ يَرْضَى بِشَرِكَةِ زَيْدٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَذَبَ بِالْحُلُولِ فَقَالَ: اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ حَالٍّ فَبَانَ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْكَذِبِ بِالتَّأْجِيلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ أَيْضًا بِالتَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ، وَحَصَادِهِ إذْ لَا نَفْعَ قَبْلَهُ وَلَا بِتَأْخِيرِهِ لِخَلَاصِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ (بِعَادَةٍ تُرَاعَا) أَيْ: يُبَادِرُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِالْعَادَةِ الْمَرْعِيَّةِ فِي طَلَبِهَا فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ وَنَحْوَهُ

(وَلَوْ) كَانَ الْبِدَارُ (بِنَائِبٍ) لَهُ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (وَلَوْ مُتَمِّمَا نَفْلًا وَأَكْلَا) أَيْ: وَلَوْ أَتَمَّ مَا كَانَ شَارِعًا فِيهِ حِينَ الْإِخْبَارِ مِنْ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ، أَوْ أَكْلٍ أَيْ: أَوْ نَحْوِهِمَا كَقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ حَمَّامٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْبِدَارِ، وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النَّفْلِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْفَرْضُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى وَلَوْ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَةٍ، أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنُ نَهْبٍ يَخْشَى مِنْهُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعَ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَيْ: الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الشِّقْصِ فِي تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَحَلِّهِ فَأَبَى الشَّفِيعُ الصَّبْرَ إلَى الْمَحَلِّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ ابْتِدَاءً فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَغِبْ) لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلَكِنْ لَهُ عُذْرٌ فَهَلْ هُوَ كَالْغَائِبِ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ بِرّ.

(قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهُ بَاعَ بَعْضَهَا بِأَلْفٍ) أَيْ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَذِبِ بِالتَّأْجِيلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُؤَجَّلٌ، فَأَخَّرَ الْأَخْذَ فَبَانَ أَنَّهُ بِالْحَالِ يَسْقُطُ حَقُّهُ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ الْأَخْذُ فِي الْحَالِ، وَلَا إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ فَكَيْفَ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِالتَّأْخِيرِ؟ ، وَقَدْ صَوَّرَ فِي الرَّوْضِ بَقَاءَ حَقِّهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا عَفَا زَادَ فِي شَرْحِهِ أَوْ تَوَانَى قَبْلَ بَيَانِ مَا ذُكِرَ. اهـ. فَاقْتَضَى السُّقُوطُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالتَّوَانِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ بِالْمُؤَجَّلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ عِنْدَ تَأْخِيرِ الْأَخْذِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ التَّوَانِي إنَّمَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُؤَجَّلِ فِي الْوَاقِعِ، أَمَّا الْمُؤَجَّلُ بِحَسَبِ الْإِخْبَارِ كَذِبًا فَيَضُرُّ التَّوَانِي فِيهِ، إذْ لَا اعْتِبَارَ بِالْخَطَأِ مَعَ إمْكَانِ التَّعْجِيلِ، وَلَعَلَّ الْأَصْوَبَ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ التَّأْجِيلِ هُوَ التَّأْخِيرُ عَلَى قَصْدِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْحُلُولِ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ عَلَى وَجْهِ الْإِعْرَاضِ كَمَا هُنَا حَتَّى لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ هُنَا بِقَصْدِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْحُلُولِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ سم. (قَوْلُهُ: لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا زَرَعَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ الْآتِي بَيَانُهَا آخِرَ الْبَابِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ إلَخْ) كَأَنَّ حَاصِلَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّأْجِيلَ أَرْفَقُ بِهِ إذْ لَا إلْزَامَ غَرَامَةٍ فِيهِ فِي الْحَالِّ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِالْأَرْفَقِ فَبِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى، وَتَعَلُّقُ الْغَرَضِ بِالْحُلُولِ لِتَنْقَطِعَ الْعَلَقَةُ فِي الْحَالِّ لَا يُفِيدُ لِإِمْكَانِ التَّعْجِيلِ فِي الْمُؤَجَّلِ، فَتَنْقَطِعُ الْعَلَقَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بِتَأْخِيرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَفِي التَّأْخِيرِ إلَى جُذَاذٍ أَيْ: أَوْ أَنَّ جُذَاذَ الثَّمَرَةِ أَيْ: فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَأْخُوذِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَمِّمًا نَفْلًا) لَوْ كَانَ التَّتْمِيمُ وَالِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا صَادِرًا مِنْ الْوَكِيلِ فِي الْأَخْذِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عُذْرٌ كَالْمُوَكِّلِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ لَا عُذْرَ لَهُ، ثُمَّ وَكَّلَ مَنْ عَلِمَ عُذْرَهُ بِهَذَا، وَنَحْوِهِ فَهَلْ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

ش م ر. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) فَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ بِالْمُؤَجَّلِ وَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا أَصْبِرُ إلَى حُلُولِهِ بَطَلَ حَقُّهُ. اهـ. ش م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: بِالتَّأْخِيرِ) أَيْ: لِظَنِّهِ أَنَّ الْبَيْعَ بِالْجِنْسِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ) أَيْ: أَوْ الصَّبْرِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَمَّا عَفَا دَلَّ عَلَى عَدَمِ رَغْبَتِهِ فَفِي التَّعْلِيلِ قُصُورٌ وَوَجَّهَهُ الْمُحَشِّي بِغَيْرِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: مَا كَانَ شَارِعًا فِيهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُ النَّفْلِ أَوْ، الْأَكْلِ فَلَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ. اهـ. ش م ر قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الشُّرُوعَ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُعَدَّ بِهِ مُقَصِّرًا. اهـ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ الزِّيَادَةُ) قَالَ م ر فِي شَارِحِ الْمِنْهَاجِ الْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ الزِّيَادَةَ مُطْلَقًا أَيْ: نَوَى قَدْرًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ. اهـ ع ش، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ. فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمَا بَطَلَ حَقُّهُ. . اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل وَلَهُ الزِّيَادَةُ فِيهِ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ فِيهِ مُقَصِّرًا عَادَةً. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ

ص: 279

رَكْعَتَيْنِ؟ ، أَوْ لَهُ الزِّيَادَةُ؟ . يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٍ فِي الْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ (كَاشْتِغَالٍ بِهِمَا) أَيْ: بِالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ عَقِبَ الْإِخْبَارِ (وَقْتَهُمَا) فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ كَمَا لَا يَقْدَحُ اشْتِغَالُهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ حَضَرَ وَقْتُ قَضَائِهَا (وَ) كَاشْتِغَالِهِ (بِالسَّلَامِ) عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ (وَدُعَا بَرَكَةٍ) أَيْ: وَبِدُعَائِهِ لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي صَفْقَتِهِ، نَحْوَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك، فَقَدْ يَدْعُو بِهَا لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً (وَبَحْثِ مَنْ تَشَفَّعَا) أَيْ: وَكَاشْتِغَالِ الشَّفِيعِ بِبَحْثِهِ (عَنْ) قَدْرِ (ثَمَنِ الشِّقْصِ) الْمَبِيعِ كَقَوْلِهِ: بِكَمْ اشْتَرَيْت؛ لِأَنَّهُ إنْ جَهِلَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَإِلَّا فَقَدْ يُرِيدُ تَحْصِيلَ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي لِئَلَّا يُنَازِعَهُ (وَلَيْسَ جَيِّدَا) قَوْلُهُ لَهُ:(ابْتَعْتُهُ بِالرُّخْصِ) أَوْ نَحْوِهِ فَيَقْدَحُ؛ لِأَنَّهُ فُضُولٌ لَا غَرَضَ فِيهِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْبِدَارِ بِنَفْسِهِ، وَنَائِبِهِ أَيْ: وَعَنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَصَرَّحَا بِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (أَشْهَدَا) عَلَى الطَّلَبِ فَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، وَتَرَكَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي مَعَ حُضُورِهِ جَازَ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ إذَا سَارَ طَالِبًا فِي الْحَالِ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا، لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وُجُوبَهُ، وَصَحَّحَاهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَقْوَى مِنْ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِذَا أَشْهَدَ فَلْيُشْهِدْ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ أَشْهَدَ رَجُلًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَحْكُمُ بِهِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيِ قُلْت وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ

(وَالتَّرْكُ) أَيْ: تَرْكُ الشَّفِيعِ (لِلْمَقْدُورِ) عَلَيْهِ مِنْ الْبِدَارِ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ، وَالرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، ثُمَّ الْإِشْهَادُ يُبْطِلُ حَقَّهُ كَمَا سَيَأْتِي لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِقَوْلِهِ: أَخَذْت، أَوْ تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ، أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ غَابَ الْمُشْتَرِي، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، وَيَأْخُذَ كَمَا ذَكَرْنَا ثَمَّةَ (لَا) تَرْكُ (تَوْكِيلِ) يَكُونُ (بِمِنَّةٍ، أَوْ مَغْرَمٍ ثَقِيلِ) فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ لِلْعُذْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَا فِي الْوَجِيزِ، وَأَبْدَاهُ الْإِمَامُ مِنْ عِنْدِهِ، وَصَحَّحَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ التَّوْكِيلِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ تَمَكَّنَ بِنَفْسِهِ فَقَصَّرَ، وَالْوَجْهُ فِي حِكَايَةِ الْأَوَّلِ مَا تَقَرَّرَ وَلَا عَكْسُهُ الْوَاقِعُ فِي الْحَاوِي كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:(قُلْت: هُنَا الْمَغْرَمُ خُصَّ بِالثِّقَلْ لَا مِنَّةٍ) فَلَا تَخْتَصُّ بِهِ (وَعَكْسَهُ الْحَاوِي نَقُلْ) حَيْثُ خَصَّ الْمِنَّةَ بِالثِّقَلِ دُونَ الْمَغْرَمِ

وَقَوْلُهُ: (يُبْطِلُ حَقَّهُ) خَبَرُ التَّرْكِ كَمَا تَقَرَّرَ (كَأَنْ يَبِيعَا، أَوْ يَهَبَ) أَيْ: كَمَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِيمَا لَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ (الْبَعْضَ) مِنْ حِصَّتِهِ (أَوْ الْجَمِيعَا) بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ (لَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بِجَهْلٍ) مِنْهُ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ إلَخْ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا لِزِيَادَةِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَعْذَارَ هُنَا أَوْسَعُ مِنْهَا ثَمَّ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ الْبَابَيْنِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَنْ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ إلَخْ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَا وَالِاثْنَيْنِ قَبْلَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ أَخَذْت إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي التَّقْصِيرِ لِإِعَادَةِ الشَّفِيعِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَهُ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَرْكِ الْخِطَابِ كَبَارَكَ اللَّهُ فِيهِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ قَطْعًا بِخِلَافِهِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ وَحُضُورِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَفَهُ قَوْلُ م ر نَعَمْ الْغَائِبُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل، وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ عَلَيْهِ) لَوْ أَشْهَدَ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. اهـ ق ل عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ إلَخْ) وَبِأَنَّ مَا هُنَا وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ التَّمَلُّكُ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ، فَإِنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْفَسْخُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ إلَخْ) بِدَلِيلِ نَقْصِهِ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي، وَهُنَاكَ لَا يُنْقِصُ تَصَرُّفَ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ بَلْ يَدْفَعُ بَدَلَهُ. اهـ بَعْضُ حَوَاشِي الْمُحَلَّيْ.

(قَوْلُهُ: بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ التَّوْكِيلِ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ الْوَكِيلِ لَكِنْ خَصَّهَا حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَيْ: فَتَجِبُ وَلَوْ كَانَتْ ثَقِيلَةً فَإِنْ تَرَكَ الْوَكِيلُ بِهَا بَطَلَ حَقُّهُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ فِي حِكَايَةِ الْأَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَقْصِيرِهِ، وَالثَّانِي لَا وَالثَّالِثُ إنْ لَمْ يَلْحَقْهُ فِي التَّوْكِيلِ مِنَّةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ ثَقِيلَةٌ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَبِيعَا) بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ ق ل. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَبِيعَا إلَخْ) أَمَّا لَوْ بِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ قَهْرًا كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَبِيعَ الْبَعْضُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ قَهْرًا عَلَى الْوَارِثِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ بِزَوَالِ الْبَعْضِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ

ص: 280