الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم النية في الصلاة غير المفروضة وكيفيتها
في حكم النية في الصلاة النافلة تفصيل في المذاهب (1) .
وقت النية في الصلاة
اتفق ثلاثة من الأئمة، وهم المالكية، والحنفية؛ والحنابلة: على أن يصح أن تتقدم النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير، وخالف الشافعية، فقالوا: لا بد من أن تكون النية مقارنة
المالكية قالوا: لا تبطل صلاته الا إذا كان متعمداً، فلو نوى الظهر خمس ركعات غلطاً صحت صلاته
(1)
الحنفية قالوا: لا يشترط تعيين صلاة النافلة، سواء كانت سنناً أو لا، بل يكفي أن ينوي مطلق الصلاة، الا أن الأحوط في السنن أن ينوي الصلاة متابعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما أن الأحوط في صلاة التراويح أن ينوي التراويح، أو سنة الوقت، أو قيام الليل وإذا وجد جماعة يصلون ولا يدري أهم في صلاة التراويح أم في صلاة الفرض، وأراد أن يصلي معهم، فلينو صلاة الفرض، فإن تبين أنهم في صلاة الفرض أجزأه، وإن تبين أنهم في التراويح انعقدت صلاته.
الحنابلة قالوا: لا يشترط تعيين السنة الراتبة بأن ينوي سنة عصر، أو ظهر، كما يشترط تعيين سنة التراويح، وأما النفل المطلق فلا يلزم أن ينوي تعيينه، بل يكفي فيه نية مطلق الصلاة.
الشافعية قالوا: صلاة النافلة إما أن يكون لها وقت معين؛ كالسنن الراتبة، وصلاة الضحى، وإما أن لا يكون لها وقت معين، ولكن لها سبب، كصلاة الاستسقاء؛ وإما أن تكون نفلاً مطلقاً، فإن كان لها وقت معين، أو سبب، فإنه يلزم أن يقصدها ويعينها، بأن ينوي سنة الظهر مثلاً، وأنها قبلية أو بعدية؛ كما يلزم أن يكون القصد والتعيين مقارنين لأي جزء من أجزاء التكبير، وهذا هو المراد بالمقارنة والاستحضار العرفيين، وقد تقدم مثله في صلاة الفرض، ولا يلزم فيها نية النفلية، بل يستحب، أما إن كانت نفلاً مطلقاً، فإنه يكفي فيها مطلق قصد الصلاة حال النطق بأي جزء من أجزاء التكبير، ولا يلزم فيها التعيين، ولا نية النفليه، ويلحق بالنفل المطلق في ذلك كل نافلة لها سبب. ولكن يغني عنها غيرها؛ كتحية المسجد، فإنها سنة لها سبب وهو دخول المسجد، ولكن تحصل في ضمن أي صلاة يشرع فيها عقب دخوله المسجد.
المالكية قالوا: الصلاة غير المفروضة إما أن تكون سنة مؤكدة؛ وهي صلاة الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء، وهذه يلزم تعيينها في النية بأن ينوي صلاة الوتر أو العيد، وهكذا؛ وإما أن تكون رغيبة؛ وهي صلاة الفجر لا غير، ويشترط فيها التعيين أيضاً، بأن ينوي صلاة الفجر، وإما أن تكون مندوبة كالرواتب والضحى والتراويح والتهجد، وهذه يكفي فيها نية مطلقة الصلاة، ولا يشترط تعيينها، لأن الوقت كاف في تعيينها
لتكبيرة الإحرام، بحيث لو فرغ من تكبيرة الإحرام بدون نية بطلت، وقد ذكرنا تفصيل كل مذهب في وقت النية تحت الخط (1) .
(1) الحنفية قالوا: يصح أن تتقدم النية على تكبيرة الإحرام بشرط أن لا يفصل بينهما فاصل أجنبي عن الصلاة، كالأكل والشرب والكلام الذي تبطل به الصلاة؛ أما الفاصل المتعلق بالصلاة، كالمشي لها؛ والوضوء، فإنه لا يضر، فلو نوى صلاة الظهر مثلاً، ثم شرع في الوضوء، وبعد الفراغ منه مشى إلى المسجد، وشرع في الصلاة ولم تحضره النية؛ فإن صلاته تصح، وقد عرفت مما تقدم أن النية هي إرادة الصلاة لله تعالى وحده؛ بدون أن يشرك معه في ذلك أمراً من الأمور الدنيوية مطلقاً، فمتى نوى هذا، وشرع في الصلاة بدون أن يفصل بين نيته وبينه بعمل أجنبي، فإنه يكون قد أتى بالمطلوب منه، فإذا شرع في الصلاة بهذه النية الصحيحة، ثم دخل عليه شخص، فأطال الصلاة لميدح عنده، فإن ذلك لا يبطل الصلاة ولكن ليس له ثواب هذه الإطالة وإنما له ثواب أصل الصلاة، وذلك لأن نيته كانت خالصة الله تعالى وهذا معنى قول بعض الحنفية؛ إن الصلاة لا يدخلها رياء؛ فإنهم يريدون به أن النية الخالصة تكفي في صحة الصلاة؛ ولا يضر الرياء العارض، على أنه شر لا فائدة منه باتفاق.
وهل تصح نية الصلاة قبل وقتها، كأن ينوي الصلاة، ويتوضأ قبل دخول الوقت بزمن يسير، ثم يمشي إلى المسجد بدون أن يتكلم بكلام أجنبي، ويجلس فيه إلى أن يدخل الوقت فيصلي؟ والجواب: أن المنقول عن أبي حنيفة أن النية لا تصح قبل دخول الوقت، وبعضهم يقول: بل تصح لأن النية شرط والشرط يتقدم على المشروط، فتقدم النية طبيعي.
هذا، وقد اتفق علماء الحنفية على أن الأفضل أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام بدون فاصل، فعلى مقلدي الحنفية أن يراعوا ذلك، ولا يفصلوا بين التكبيرة وبين النية، لأنه أفضل، ويرفع الخلف.
الحنابلة قالوا: إن النية يصح تقديمها على تكبيرة الإحرام بزمن يسير، بشرط أن ينوي بعد دخول الوقت، كما نقل عن أبي حنيفة، فإذا نوى الصلاة قبل دخول وقتها فإن نيته لا تصح، وذلك لأن النية شرط، فلا يضر أن تتقدم على الصلاة، كما يقول الحنفية، ولكن الحنابلة يقولون: إن الكلام الأجنبي لا يقطع النية، فلو نوى الصلاة، ثم تكلم بكلام خارج عن الصلاة، ثم كبر، فإن صلاته تكون صحيحة، وإنما اشترطوا اللنية دخول الوقت، مراعات لخلاف من يقول: إنها ركن.
هذا، والأفضل عندهم أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام، كما يقول الحنفية.
المالكية قالوا: إن النية يصح أن تتقدم على تكبيرة الإحرام بزمن يسير عرفاً، كما إذا نوى في محل قريب من المسجد، ثم كبر في المسجد ناسياً للنية، وبعض المالكية يقول: إن النية لا يصح تقديمها على تكبيرة الإحرام مطلقاً، فإن تقدمت بطلت الصلاة، ولكن الظاهر عندهم هو القول الأول؛