الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً، لم يصلّ مع القوم، فقال:"ما يمنعك يا فلان أن تصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك"، وقد أجمع المسلمون على أن التيمم يقوم مقام الوضوء والغسل، وإن اختلفت آراؤهم في أسباب التيمم، وفيما يصح عليه التيمم من أجزاء الأرض، وسنبينه لك مفصلاً في موضعه قريباً.
أقسام التيمم
ينقسم التيمم إلى قسمين (1)، الأول: التيمم المفروض، الثاني: التيمم المندوب، فيفترض التيمم لكل ما يفترض له الوضوء أو الغسل من صلاة، ومس مصحف، وغير ذلك ويندب لكل ما يندب له الوضوء، كما إذا أراد أن يصلي نفلاً ولم يجد ما يتوضأ به، فإنه يصح له أن يتيمم ويصلي، فالنفل مندوب، والتيمم له مندوب؛ يعني أن يثاب عليه ثواب المندوب، وإن كان الصلاة لا تصح بدون التيمم، فهو شرط لصحة الصلاة مع كونه في ذاته مندوباً، بحيث لو تركه وترك الصلاة النافلة التي يريد أن يصليها به، فإنه لا يؤاخذ.
شروط التيمم
يشترط لصحة التيمم أمور: منها دخول الوقت (2) ، فلا يصح التيمم قبله، ومنها النية (3) ؛ ومنها الإسلام، ومنها طلب الماء عند فقده على التفصيل الآتي، ومنها عدم وجود الحائل على عضو من أعضاء التيمم، كدهن وشمع يحول بين المسح وبين البشرة، ومنها الخلو من الحيض والنفاس، ومنها وجود العذر بسبب من الأسباب التي ستذكر بعد.
هذا، وللتيمم شروط وجوب (4) أيضاً، كالوضوء والغسل، وقد ذكرت الشروط مجتمعة عند كل مذهب في أسفل الصحيفة.
(1) الحنفية: زادوا قسماً ثالثاً، وهو التيمم الواجب، وقد عرفت مما تقدم في "سنن الوضوء أن الحنفية قالوا: إن لواجب أقل من الفرض، فيجب التيمم للطواف، بحيث لو طاف بدون وضوء، تيمم، فإنه يصح طوافه، ولكنه يأثم إثماً أقل من إثم ترك الفرض، وقد بينا لك ذلك في "الوضوء" بياناً وافياً، فارجع إليه إن شئت
(2)
الحنفية قالوا: يصح التيمم قبل دخول الوقت
(3)
المالكية، والشافعية قالوا: النية ركن لا شرط، كما ذكر آنفاً
(4)
المالكية قالوا: للتيمم شروط وجوب فقط، وشروط صحة فقط. وشروط وجوب وصحة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
معاً، فأما شروط وجوبه فهي أربعة: البلوغ، وعدم الإكراه على تركه، والقدرة على الاستعمال، فلو عجز عن التيمم سقط عنه، ووجوب ناقض فإن لم ينتقض لا يجب ضرورة.
أما شروط صحته، فهي ثلاثة: الإسلام، وعدم الحائل، وعدم المنافي - أي عدم ما ينقضه حال فعله - وأما شروط وجوبه وصحته معاً فهي ستة: دخول الوقت، والعقل، وبلوغ الدعوة - بأن يبلغه أن الله تعالى أرسل رسولاً -، وانقطاع دم الحيض والنفاس، وعدم النوم والسهو ووجود الصعيد الطاهر، فلم يعدوا طلب الماء عند فقده من شروطه، وإن قالوا بلزومه في بعض الأحوال، كما يأتي، ولم يذكروا منها وجود العذر اكتفاء بذكره في الأساب، وهذه الشروط هي التي ذكرت في الوضوء، إلا أن دخول الوقت هنا شرط وجوب وصحة معاً، بخلافه في الوضوء، فإنه شرط وجوب فقط.
الحنفية: اقتصروا في التيمم على ذكر شروط الصحة، وكذلك في الطهارة المائية اقتصروا على ذكر شروط الصحة، وقد تقدم في الوضوء أنه لامانع من تقسيمها إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرها المالكية، وهي شروط وجوب فقط، وشروط صحة فقط، وشروط وجوب وصحة معاً، باعتبارين مختلفين، كالحيض والنفاس، فإن عدمهما شرط للوجوب من حيث الخطاب، فإن الحائض أو النفساء لا تكلف بالوضوء فلا يجب عليهما، وشرط للصحة من حيث أداء الواجب فإن وضوء الحائض لا يترتب عليه المقصود منه، وهو أداء ما يتوقف عليه من صلاة ونحوها، فإن الصحة ترتب المقصود من الفعل على الفعل، ثم يستحب الوضوء من الحائض، أو النفساء لتذكر عادتهما، ولكن هذا الوضوء لا يصح به أداء ما شرع لأجله الوضوء.
وحينئذ يمكن تقسيم الشروط هنا كالآتي: شروط وجوب فقط، وهي ثلاثة: البلوغ، والقدرة على استعمال الصعيد، ووجود الحدث الناقض، أما الوقت فهو شرط لوجوب الأداء لا لأصل الوجب، فلا يجب أداء التيمم، إلا إذا دخل الوقت، بكون الوجوب موسعاً في أول الوقت، ومضيقاً إذا ضاق الوقت، وكذلك في الوضوء والغسل، وقد تقدم عده في الوضوء شرطاً للوجوب تسامحاً، وشروط صحة فقط، وهي سبعة: النية؛ وفقد الماء، أو العجز عن استعماله وعدم وجود حائلعلى أعضاء التيمم، كدهن وشمع، وعدم المنافي له حال فعله: بأن يتيمم، ويحدث أثناء تيممه، والمسح بثلاث أصابع، فأكثر إذا مسح بيده؛ ولا يشترط المسح بنفس اليد، فلو مسح بغيرها أجزأه، كما يأتي؛ وطلب الماء عند فقده إن ظن وجوده؛ وتعميم الوجه واليدين بالمسح، وشروط وجب وصحة معاً، وهي الإسلام، فإن التيمم لا يجب على الكافر، لأنه غير مخاطب، ولا يصح منه، لأنه ليس أهلاً للنية، وانقطاع دم الحيض والنفاس؛ والعقل، ووجوب الصعيد الطهور، فإن فاقد الصعيد الطهور لا يجب عليه التيمم. ولا يصح منه بغيره، حتى ولو كان طاهراً فقط، كالأرض التي أصابتها نجاسة، ثم جفت، فإنها تكون طاهرة تصح الصلاة عليها، ولا تكون مطهرة، فلا يصح التيمم بها، كما تقدم في "كيفية التطهير".
الشافعية: عدوا الشروط مجتمعة بدون تقسيم إلى شروط وجوب. وشروط صحة، وهي ثمانية: