الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث سنن الغسل، ومندوباته ومكروهاته
قد ذكرنا في "مباحث الوضوء" تعريف السنة والمندوب والمكروه ونحوها عند كل مذهب فمن شاء معرفتها فليرجع إليها، وسنذكر هنا سنن الغسل ومندوباته مفصلة، أما مكروهاته فإنه عبارة عن ترك سنة من سننه، وإليك بيانها مفصلة في كل مذهب، تحت الخط الذي أمامك (1)
مبحث الأمور التي يسن عندها الغسل أو يندب
قد عرفت مما قدمنا لك في "موجبات الغسل" الأمور التي توجب الغسل وتجعله فرضاً لازماً، وهناك أمور يسن من أجلها الغسل أو يندب، وفي هذه الأمور تفصيل في المذاهب (2)
(1) الحنابلة عدوا سنن الغسل - كما يأتي -: الوضوء قبله، وقد عرفت أن المضمضة والاستنشاق فرض عندهم، إزالة ما على بدن الذي يريد الغسل من القذر؛ تثليث غسل الأعضاء، تقديم غسل الشق الأيمن على الأيسر؛ الموالاة ويعبر عنها بالفور، وهي عبارة عن أن يبدأ في غسل العضو قبل أن يجف الذي قبله، الدلك، إعادة غسل رجليه في مكان غير الذي اغتسل فيه، فلو كان واقفاً في طست، وعمم الماء رجليه، فإنه يندب له أن يعيد غسلهما خارج الطست، وأما التسمية في أول الغسل فهي فرض، بشرط أن يكون عالماً بأحكام الغسل ونحوها، ذاكراً، وتسقط عن الجاهل والناسي، ولذا لم يذكروها من فرائض الوضوء، ولا فرق عند الحنابلة بين المندوب والسُّنة؛ وهم متفقون مع الشافعية في ذلك، كما تقدم في "الوضوء") .
(2)
الحنفية: عدوا سنن الغسل كالآتي: البداءة بالنية بقلبه، وأن يقول بلسانه: نويت الغسل من الجنابة أو نحو ذلك، والتسمية في أوله، وغسل يديه إلى كوعيه ثلاثاً، وأن يغسل فرجه بعد ذلك، وإن لم يكن عليه نجاسة، وإزالة ما يوجد على بدنه من النجاسة قبل الغسل، وأن يتوضأ قبله كوضوء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصلاة، إلا أنه يؤخر غسل رجليه إن كان في مستنقع يجتمع فيه الماء؛ كطست ونحوه، أما إذا كان واقفاً على حجر، أو لابساً في رجليه نعلاً من الخشب - قبقاب - فإنه لا يؤخر غسل رجليه، وذلك لأنه في الحالة الأولى يكون واقفاً في الماء الذي ينزل من بدنه، وربما كان عليه شيء من الأقذار، فلذا كان من السنة تأخير غسل الرجلين في هذه الحالة، والبدء بغسل رأسه قبل غسل بدنه ثلاثاً: أولاها فرض، والأخريان سنتان، والدلك، وتقديم غسل شقه الأيمن على غسل شقه الأيسر، وتثليث كل منهما، وأن يرتب أعمال الغسل على الصفة المتقدمة، وكل ما كان سنة في الوضوء فهو سنة في الغسل، وقد تقدمت.
وأما مندوباته فهي كل ما سبق أنه مندوب في الوضوء، إلا الدعاء المأثور، فإنه مندوب في الوضوء لا في الغسل، لوجود المغتسل في مصب الماء المستعمل المختلط غالباً بالأقذار.
الشافعية عدوا سنن الغسل كالآتي: التسمية مقرونة بنية الغسل، وغسل اليدين إلى الكوعين، كما في الوضوء والوضوء كاملاً قبله، ومنه المضمضة والاستنشاق، وإذا توضأ قبل أن يغتسل، ثم أحدث فإنه لم يحتج إلى إعادة الوضوء، لأنه قد أتى بسنة الغسل، وبعض الشافعية يقول. إذا انتقض وضوءه قبل أن يغتسل تطلب منه إعادته، ودلك ما تصل إليه يده من بدنه في كل مرة، والموالاة، وغسل الرأس أولاً؛ وستر العورة ولو كان بخلوة، وتليث الغسل وتخليل الشعر والأصابع، وترك حلق الشعر، وقلم الظفر قبل غسله، والذكر الوارد في الوضوء، وترك الاستعانة بغيره إلا بعذر، واستقبال القبلة، وأن يغتسل بمكان لا يصيبه فيه رشاش الماء، وترك نفض البلل عن أعضائه، وترك الكلام إلا لحاجة، وأن تضع المرأة داخل فرجها قطنة عليها مسك أو عطر أو غير ذلك من الطيب إن وجد، بشرط أن لا تكون متلبسة بالإحرام وأن لا تكون صائمة، وأن لا تكون في حداد على زوجها الميت، وإلا فلا تفعل ذلك، وغسل الأعالي قبل الأسافل إلا مذاكيره، فإنه يسن غسلها قبل الوضوء حتى لا ينتقض وضوءه بالمس، ويخصها بنية رفع الحدث عنها؛ والسنة والمندوب عند الشافعية واحد، كما تقدم.
المالكية عدوا سنن الغسل أربعة، وهي: غسل يديه إلى الكوعين، كما في الوضوء والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، وهو إخراج الماء من الأنف، ومسح صماخ الأذنين.
وعدّوا مندوبات الغسل عشرة: وهي: التسمية في أوله، والبداءة بإزالة ما على فرجه أو باقي جسده من نجاسة؛ أو قذر لا يمنع وصول الماء إلى البشرة، وإلا وجبت إزالته، وفعله في موضع طاهر، والبداءة بعد ذلك بغسل أعضاء الوضوء ثلاثاً، وغسل أعالي البدن قبل أسافله؛ ما عدا الفرج؛ فيستحب تقديم غسله؛ خشية نقض الوضوء بمسه لو أخره، وألحقت المرأة بالرجل، وإن لم ينتقض وضوءها بمس فرجها، وتثليث غسل الرأس، بحيث يعمها بالماء في كل مرة، وتقديم غسل الشق الأيمن ظهراً وبطناً، وذراعاً إلى المرفق على الشق الأيسر، وتقليل صب الماء بلا حد، بحيث يقتصر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
على القدر الذي يكفيه لغسل الأعضاء؛ واستحضار النية إلى تمام الغسل والسكوت إلا عن ذكر الله أو الحاجة.
المالكية قالوا: الاغتسالات المسنونة ثلاثة: أحدها: غسل الجمعة لمصليها، ولو لم تلزمه ويصح بطلوع الفجر والاتصال بالذهاب إلى الجامع؛ فإن تقدم على الفجر أو لم يتصل بالذهاب إلى الجامع لم تحصل السنة فيعيده لتحصيلها؛ ثانيها: الغسل للعيدين؛ فإنه سنة على الراجح وإن كان المشهور ندبه، ويدخل وقته بالسدس الأخير من الليل؛ وندب أن يكون بعد طلوع فجر العيد، ولا يشترط اتصاله بالتوجه إلى مصلى العيد، لأنه لليوم لا للصلاة، فيطلب ولو من غير المصلي، ثالثها: الغسل للإحرام حتى من الحائض والنفساء.
والاغتسالات المندوبة ثمان، وهي: الغسل لمن غسل ميتاً، والغسل عند دخوله مكة، وهو للطواف، فلا يندب من الحائض والنفساء، والغسل عند الوقوف بعرفة؛ وهو مستحب كذلك من الحائض والنفساء والغسل لدخول المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، والغسل لمن أسلم، ولم يتقدم له موجب الغسل؛ والغسل لصغيرة مأمورة بالصلاة وطئها بالغ، والغسل لصغير مأمور بالصلاة وطئ مطيقة، والغسل لمستحاضة عند انقطاع دمها.
الحنفية قالوا: إن الاغتسالات المسنونة أربعة، وهي الغسل يوم الجمعة لمن يريد صلاتها فهو للصلاة لا لليوم، ولو اغتسل بعد صلاة الفجر، ثم أحدث فتوضأ وصلى الجمعة لم تحصل السنة، والغسل لليدين، وهو كغسل الجمعة للصلاة لا لليوم؛ والغسل عند الإحرام بحج أو عمرة؛ والغسل للوقوف بعرفة؛ ويندب الغسل في أمور: منها الغسل لمن أفاق من جنونه، أو إغمائه أو سكره إن لم يجد أحدهم بللاً، فإن وجده فتيقن أنه مني أو شك في أنه مني أو مذي، وجب الغسل، فإن شك في أنه مذي أو ودي لم يجب عليه الغسل، كالنائم عند انتباهه؛ ومنها الغسل بعد الحجامة؛ وليلة النصف من شعبان، وليلة عرفة وليلة القدر، وعند الوقوف بمزدلفة صبيحة يوم النحر، وعند دخول منى يوم النحر لرمي الجمار، وعند دخول مكة لطواف الزيارة، ولصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء، ولفزع أو ظلمة شديدة أو ريح شديد ولدخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولحضور مجامع الناس، ولمن لبس ثوباً جديداً، ولمن غسل ميتاً، ولمن تاب من ذنب، ولمن قدم من سفر، ولمستحاضة انقطع دمها، ولمن أسلم من غير أن يكون جنباً وإلا وجب غسله وقد عد بعض الحنفية قسماً آخر، وهو الغسل الواجب وجعلوا منه غسل الميت. والصحيح أنه فرض كفاية على المسلمين، وكذا عد بعضهم غسل من أسلم جنباً، أو بلغ بالاحتلام واجباً. والصحيح أنه فرض. وأما من أسلمت بعد انقطاع حيضها فيندب لها الغسل، كمن أسلم غير جنب للفرق بينهما وبين من أسلم جنباً، فإن الجنابة صفة لا تنقطع بالإسلام، أما حيضها فقط فقد انقطع قبل إسلامها.
الشافعية قالوا: إن الاغتسالات غير المفروضة كلها سنة إذ لا فرق بين المندوب والسنة عندهم، وهي كثيرة: منها غسل الجمعة لمن يريد حضورها، ووقته من الفجر الصادق إلى فراغ سلام إمام