الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم دفن الميت، وما يتعلق به
دفن الميت فرض كفاية إن أمكن، فإن لم يمكن، كما إذا مات في سفينة بعيدة عن الشاطئ ويتعسر أن ترسو على مكان يمكن دفنه به قبل تغير رائحته، فإنه يرتبط بمثقل، ويلقى في الماء، وعند إمكان دفنه يجب أن يحفر له حفرة في الأرض، وأقلها عمقاً ما يمنع ظهور الرائحة ونبش السباع، وما زاد على ذلك، ففيه تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (1) ، أما أقلها طولاً وعرضاً، فهو ما يسع الميت ومن يتولى دفنه، ولا يجوز وضع الميت على وجه الأرض والبناء عليه من غير حفرة، إلا إذا لم يمكن الحفر، ثم إن كانت الأرض صلبة فيسن فيها اللحد، وهو أن يحفر أسفل القبر من جهة القبلة حفرة تسع الميت، والمالكية يقولون: إن اللحد في الأرض الصلبة مستحب لا سنة، وإن كانت رخوة فيباح فيها الشق، وهو أن يحفر في الحنفية، والحنابلة؛ أما المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) ، ويسقف بعد وضع الميت، وهذا حيث تعذر اللحد، ويجب وضع الميت في قبره مستقبل القبلة، وهذا الوجوب متفق عليه إلا عند المالكية، فإنهم قالوا: إن هذا مندوب لا واجب. ويسن أن يوضع الميت في قبره على جنبه الأيمن، وأن يقول واضعه: بسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باتفاق ثلاثة؛ وزاد المالكية أمرين: أحدهما: أنه يندب وضع يده اليمنى على جسده بعد وضعه في القبر، وأن يقول القائم بوضعه: اللهم تقبله بأحسن قبول، وإذا ترك شيء من هذه الأشياء بأن وضع الميت غير موجه للقبلة أو جعل رأسه موضع رجليه أو وضع على ظهره أو على شقه الأيسر، فإن أهيل عليه التراب لم ينبش القبر بقصد تدارك ذلك، أما قبل إهالة التراب عليه،
(1) المالكية قالوا: يكره الزيادة في العمق على ذلك لغير حاجة.
الحنفية قالوا: يسن أن يكون أقل العمق مقدار نصف قامة رجل متوسط، وما زاد على ذلك فهو أفضل.
الشافعية قالوا: يسن الزيادة في العمق إلى قدر قامة رجل متوسط الخلقة باسط ذراعيه إلى السماء.
الحنابلة قالوا: يسن تعميق القبر من غير حد معين
(2)
المالكية، والشافعية قالوا: يستحب الشق في الأرض الرخوة، وهو أفضل من اللحد فليس هو مباح فقط، كما يقول الآخرون.
الشافعية قالوا: يسن أن يقول واضعه. بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم افتح أبواب السماء لروحه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، ووسع له في قبره
فينبغي تدارك ما فات من ذلك، ولو برفع اللبن بعد وضعه، وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية، والمالكية، وقال الشافعية، والحنابلة: إذا دفن غير موجه للقبلة. فإنه يجب نبش القبر ليحوله إلى القبلة، ويستحب أن يسند رأس الميت ورجلاه بشيء من التراب أو اللبن في قبره؛ ويكره أن يوضع الميت في صندوق إلا لحاجة، كنداوة الأرض ورخاوتها، كما يكره وضع وسادة أو فراش أو نحو ذلك معه في قبر - باتفاق الحنفية؛ والشافعية؛ أما المالكية؛ والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) ، ثم بعد دفن الميت في اللحد أو الشق وسد قبره باللبن ونحوه يستحب أن يحثو كل واحد ممن شهد دفنه ثلاث حثيات من التراب بيديه جميعاً، ويكون من قبل رأس الميت، ويقول في الأولى:{منها خلقناكم} ، وفي الثانية:{وفيها نعيدكم} ، وفي الثالثة:{ومنها نخرجكم تارة أخرى} ثم يهال عليه بالتراب حتى يسد قبره؛ وقال المالكية، والحنابلة: لا يقرأ شيئاً من القرآن عند حثو التراب؛ ويندب ارتفاع التراب فوق القبر بقدر شبر، ويجعل كسنام البعير، باتفاق ثلاثة، وقال الشافعية: جعل التراب مستوياً منظماً أفضل من كونه كسنام البعير، ويكره تبييض القبر بالجبس أو الجير، أما طلاؤه بالطين فلا بأس به، لأنه لا يقصد به الزينة، عند ثلاثة، وقال المالكية: طلاء القبر أحجاء أو خشب أو نحو ذلك، إلا إذا خيف ذهاب معالم القبر، فيجوز وضع ذلك للتمييز، أما إذا قصد به التفاخر والمباهاة فهو حرام؛ وهذا متفق عليه، إلا عند الشافعية، فإنهم قالوا: يسن وضع حجر أو نحوه عند رأس القبر لتمييزه، أما الكتابة على القبر ففيها تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (2) .
(1) الحنابلة قالوا: إن وضع الميت في صندوق ونحوه مكروه مطلقاً.
المالكية قالوا: إن دفن الميت في التابوت - الصندوق ونحوه خلاف الأولى
(2)
المالكية قالوا: الكتابة على القبر إن كانت قرآنا حرمت، وإن كانت لبيان اسمه، أو تاريخ موته، فهي مكروهة.
الحنفية قالوا: الكتابة على القبر مكروهة تحريماً مطلقاً، إلا إذا خيف ذهاب أثره فلا يكره.
الشافعية قالوا: الكتابة على القبر مكروهة، سواء كانت قرآنا أو غيره، إلا إذا كان قبر عالم أو صالح، فيندب كتابة اسمه، وما يميزه ليعرف.
الحنابلة قالوا: تكره الكتابة على القبور من غير تفصيل بين عالم وغيره.
فهذه نصوص المذاهب الربعة. فلعل الناس يرجعون إلى دينهم ويتركون التفاخر بكتابة النقوش المذهبة ونحوها على القبور، فإن المقام مقام عظة واعتبار، لا مقام مباها، وافتخار