الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث الأكل من الهدي ونحوه
ويجوز لرب الهدي أن يأكل منه؛ على تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (1) .
هذه الأيام الثلاثة ذبحه أيضاً، وأما مكان ذبحه فهو منى. بشروط ثلاثة: الأول: أن يكون مسوقاً في إحرام الحج، الثاني: أن يقف بالهدي بعرفة جزءاً من ليلة يوم النحر أو يوقف الهدي بغير عرفة من الحل. كالتنعيم ويقوم وقوف نائبه به مقام وقوفه. الثالث: أن يريد نحره في يوم من الأيام الثلاثة السابقة، فإن انتفى شرط من هذه الشروط. كأن ساقه في حال إحرامه بالعمرة أو اشتراه من مكة. أو لم يقف به لا هو ولا نائبه بعرفة ليلة النحر، أو أراد نحره بعد الأيام الثلاثة، فمحل ذبحه مكة لا يجزئ ذبحه بغيرها. وكل نواحي مكة صالحة للذبح فيها. لكن الأفضل أن يكون عند المروة، ولو ذبح ما استوفى الشروط السابقة بمكة أجزأ مع الإثم لتركه الواجب، وهو ذبحه بمنى
(1)
الحنفية قالوا: هدي القران والتمتع، ويسمى هدي الشكر، كما تقدم؛ يندب لربه أن يأكل منه، كما يندب الأكل من هدي التطوع، إلا إذا عطب في الطريق؛ فذبحه قبل أن يبلغ محله فإن الواجب حينئذ تركه في محل عطبه مذبوحاً بعد أن يلطخ قلادته بدمه، ليعلم الفقراء أنه هدي تطوع؛. أما هدي النذر فلا يجوز الأكل منه، لأنه صدقة؛ فهو الحنفية قالوا: للفقراء. فإذا أكل ضمن منه قيمته؛ وهدي الكفارات، وهو ما وجب جبراً لنقص، ومثله هدي الإحصار لا يجوز الأكل منه أيضاً، فلو أكل ضمن القيمة، وحيث جاز له الأكل من الهدي، فيستحب أن يجعله أثلاثاً، فيأكل الثلث، ويتصدق بالثلث، ويهدي الثلث، كالأضحية؛ ويتصدق المهدي بجلال الهدايا وعظامها وجلدها، ولا يعطي الجزار أجرته من لحمها؛ ولا يجوز لرب الهدي أن ينتفع بلبنه، فلو انتفع به ضمن قيمته للفقراء.
المالكية قالوا: ما يذبح في الحج أو العمرة من الهدايا وجزاء الصيد، وفدية الأذى بعضها يجوز لربه أن يأكل منه، وبعضها لا يجوز له الأكل منه، وهي بالنسبة لذلك تنقسم أربعة أقسام: القسم الأول: ما لا يجوز الأكل منه مطلقاً، أي سواء بلغ محل الذبح المعتاد - منى أو مكة، كما تقدم - سليماً ثم ذبح، أو حصل له عطب قبل بلوغ المحُل، فذبح في الطريق، وذلك القسم هو ثلاثة أشياء: الأول؛ النذر المعين المجعول للمساكين باللفظ أو النية، كأن يقول: هذا الحيوان نذر لله علي للمساكين، أو يقول: هذا الحيوان نذر لله علي ونوى أنه للمساكين، الثاني؛ هدي التطوع إذا جعله للمساكين، الثالث: فدية الأذى إذا لم ينو بها الهدي: فهذه الثلاثة يحرم على ربها الأكل منها مطلقاً، وإنما حرم عليه الأكل من النذر المعين الذي جعله للمساكين، لأنه بالتعيين لا يلزم بدله إذا عطب قبل بلوغ محله، فلذا جاز له الأكل منه إذا عطب قبل المحل؛ ولا يجوز له الأكل منه إذا وصل محله سالماً، لأنه جعل للمساكين، كما أن هدي التطوع نظراً لجعله للمساكين يحرم الأكل منه مطلقاً: وأما فدية الأذى إذا لم تجعل هدياً فهي عوض عن الترفيه الذي حصل للمحرم بإزالة الشعث ونحوه، فذلك لم يجز له الأكل منها: القسم الثاني: ما يجوز الأكل منه إذا عطب قبل بلوغ الحل، ولا يجوز الأكل منه إذا بلغ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المحل سالماً؛ وهذا القسم هو النذر غير المعين إذا جعله للمساكين، كأن يقول؛ لله علي هدي للمساكين.
وفدية الأذى إذا نوى بها الهدي؛ وجزاء الصيد، فهذه الثلاثة يجوز لربها الأكل منها إذا عطبت قبل المحل، لأن عليه بدلها؛ ولا يجوز الأكل منها إذا بلغت سالمة، لأنه حَق للمساكين بالنسبة إلى النذر، وبدل من الترفه بالنسبة إلى الفدية، وقيمة للصيد بالنسبة إلى الجزاء؛ القسم الثالث: ما لا يجوز الأكل منه قبل المحل، ويجوز الأكل منه بعده، وهو هدي التطوع والنذر المعين إذا لم يجعل كل منهما للمساكين، فلا يجوز الأكل منهما قبل المحل، لأنه لا يجب عليه بدلهما، فلو جاز له الأكل لاتهم بأنه هو الذي تسبب في عطبهما قبل أن يبلغا محل الذبح أو النحر ليأكل منهما، وأما بعد المحل فله أن يأكل منهما، لأنهما لم يعينا للمساكين، القسم الرابع: ما يجوز لربه الأكل منه مطلقاً قبل المحل وبعده: وذلك هو ما عدا الأقسام الثلاثة المتقدمة، كالهدي الواجب عليه لترك واجب من واجبات الحج، والنذر غير المعين إذا لم يجعله للمساكين، وهدي القران والتمتع، فله أن يأكل من ذلك مطلقاً، وحيث جاز له الأكل، فله أن يتزود، ويطعم الغني والفقير، وإذا أكل رب الهدي من الممنوع أن يأكل منه، فإنه يضمن بدل ما أكله هدياً كاملاً، إلا إذا أكل من النذر المعين المجعول للمساكين، فإنه يضمن قدر ما أكله فقط على المعتمد، وحكم زمام الحيوان وجله، وهو ما يجعل على ظهره، حكم اللحم فما لا يجوز له الأكل منه لا يجوز له أخذ زمامه ولاجله، بل يدعه للفقراء، كاللحم، فإن أخذ شيئاً من ذلك رده للفقراء إن بقي، فإن أتلفه ضمن قيمته لهم، وما يجوز له الأكل من لحمه يجوز له أخذ زمامه وجله، ويكره الانتفاع بلبن الهدي بعد تقليده أو إشعاره، لأنه خرج قربة لله تعالى بالتقليد أو الإشعار، ومحل الكراهة ما لم يضر أخذ اللبن بالفصيل، أو بأمه، وإلا كان حراماً، ويكره أيضاً ركون الهدي، والحمل عليه
لغير ضرورة.
الحنابلة قالوا: يندب للمهدي أن يأكل من هدي التطوع، ويهدي للغير منه، ويتصدق بأن يأكل الثلث: ويهدي أهله الثلث، ويعطي المساكين الثلث، كالأضحية، فإن أكل الكل ضمن للمساكين الثلث، أما الهدي الواجب فلا يجوز الأكل منه، سواء كان وجوبه بالنذر أو بالتعيين، بأن قال؛ هذا هدي، أو بتقليده أو بإشعاره، ويستثنى من ذلك هدي التمتع والقران، فإنه يجوز الأكل منه وإن كان واجباً، فإن أكل مما لا يجوز له الأكل منه ضمن مثله لحماً للمساكين، ويحرم على المهدي بيع جلود الهدايا وجلالها ولكن يجوز الانتفاع بها، كما يحرم إعطاء الجزار أجرته منها، ويجوز له أن ينتفع بلبنها، بشرط أن يكون فاضلاً عن أولادها، ويحرم شرب ما لم يفضل عنها وضمنه.
الشافعية قالوا: لا يجوز للمهدي أن يبيع شيئاً من الهدي، سواء كان واجباً أو تطوعاً، ويجب ان يتصدق بجميع الهدي الواجب حتى جلده، ولا يجوز أخذ شيء منه، وإن كان تطوعاً جاز الانتفاع بجلده وادخار الشحم وبعض اللحم للأكل والهدية، ويجب أن يتصدق ببعض اللحم، ولو قليلاً، بشرط أن لا يكون،؟؟ هاً عرفاً، وأن يكون نيئاَ، فالذي يجوز الأكل منه هو هدي التطوع، والذي لا يجوز الأكل منه هو الهدي الواجب