الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه فعله حال القيام، فإنما يقع في قيام مفروض، وهذا الحكم متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة، أما الحنفية، والمالكية، فانظر مذاهبهما تحت الخط (1) .
الفرض الرابع من فرائض الصلاة: قراءة الفاتحة
يتعلق بقراءة الفاتحة مباحث: أحدها: هل هي فرض في الصلاة باتفاق جميع المذاهب؟، ثانيها: هل هي فرض في جميع ركعات الصلاة، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً؟؛ ثالثها: هل هي فرض على كل مصل، سواء كان يصلي منفرداً، أو كان يصلي إماماً أو مأموماً؟، رابعها: ما حكم العاجز عن قراءة الفاتحة؟، خامسها: هل يشترط في قراءة الفاتحة أن يسمع القارئ بها نفسه بحيث لو حرك لسانه ولم يسمع ما ينطق به تصح أو لا؟، وإليك الجواب عن هذه الأسئلة، أما الأول والثاني: فقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن قراءة الفاتحة في جميع ركعات الصلاة فرض، بحيث لو تركها المصلي عامداً في ركعة من الركعات بطلت الصلاة، لا فرق في ذلك بين أن ت كون الصلاة مفروضة أو غير مفروضة. أما لو تركها سهواً، فعليه أن يأتي بالركعة التي تركها فيها بالكيفية الآتي بيانها في مباحث "سجود السهو". وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: إن قراءة الفاتحة في الصلاة ليست فرضاً وإنما هي واجب.
(1) الحنفية قالوا: القدر المفروض من القيام هو ما يسع القراءة المفروضة، وهي آية طويلة أو ثلاث آيات قصار، وسيأتي بيانها قريباً في مبحث "قراءة الفاتحة" أما ما زاد على ذلك فهو إما قيام واجب إن كان يؤدي فيه واجب كقراءة الفاتحة، وإما قيام مندوب إن كان يؤدي فيه مندوب، على أنهم قالوا: إن هذا الحكم قبل إيقاع القراءة، أما إذا أطال القراءة كان القيام فرضاً، بقدر ذلك التطويل، حتى ولو قرأ القرآن كله، فلا يصح أن يقرأ آية وهو قائم، ثم يجلس ويكمل الباقي. فالخلاف بين الحنفية، والشافعية، والحنابلة في هذه المسألة لا فائدة له، الا من حيث ترتب الثواب؛ فالشافعية، والحنابلة يقولون: إذا أطال القيام، كان له ثواب الفرض؛ وإذا قصر القيام بترك سنة من سنن الصلاة، فإنه يعاقب على تقصير القيام، وإن كان لا يعاقب على ترك السنة، أما الحنفية فإنهم يقولون: إذا أطال القيام بالقدر المطلوب منه، فإنه يثاب عليه ثواب الفرض، وإذا قصر القيام بترك سنة، فإنه لا يعاقب، فإذا وافق الشافعية والحنابلة والحنفية على هذا الرأي فإنه لا يكون بينهم خلاف.
المالكية قالوا: يفترض القيام استقلالاً في الصلاة المفروضة حال تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والهويّ للركوع، وأما حال قراءة السورة فهو سنة، فلو استند حالة قراءة السورة إلى شيء، بحيث لو أزيل ذلك الشي لسقط، فإن صلاته لا تبطل. بخلاف ما لو استند إلى ذلك الشيء حال قراءة الفاتحة، أو حال الهوي للركوع، فإن صلاته تبطل، على أنهم اتفقوا مع غيرهم من الأئمة على أنه إذا جلس وقت قراءة السورة تبطل صلاته؛ وإن لم يكن القيام فرضاً؛ لإخلاله بهيئة الصلاة
وإن شئت قلت: سنة مؤكدة بحيث لو تركها عمداً فإن صلاته لا تبطل. فانظر تفصيل مذهبهم، ودليلهم عليه تحت الخط (1)، أما دليل من قال: إنها فرض فهو ما روي في "الصحيحين" من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": وأما الجواب عن الثالث. وهو هل تفترض قراءة الفاتحة على المأموم؟ فإنه فيه تفصيلاً في المذاهب بيناه تحت الخط (2) ، وأما الجواب عن الرابع. وهو ما حكم العاجز عن قراءة الفاتحة؟ فقد اتفق الشافعية، والحنابلة على أن من عجز عن قراءة الفاتحة في الصلاة، فإن كان يقدر على أن يأتي بآيات من القرآن بقدر
(1) الحنفية قالوا: المفروض مطلق القراءة، لا قراءة الفاتحة بخصوصها. لقوله تعالى:{فاقرؤوا ما تيسرمن القرآن} فإن المراد القراءة في الصلاة. لأنها هي المكلف بها، ولما روي في "الصحيحن" من قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء. ثم استقبل القبلة ثم اقرأ ما تيسر من القرآن". ولقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلة الا بقراءة" والقراءة فرض في ركعتين من الصلاة المفروضة. ويجب أن تكون في الركعتين الأوليين، كما تجب قراءة الفاتحة فيهما بخصوصها. فإن لم يقرأ في الركعتين الأوليين في الصلاة الرباعية فرأ فيما بعدهما وصحت صلاته. الا أنه يكون قد ترك الواجب. فإنه تركه ساهياً يجب عليه أن يسجد للسهو؛ فإن لم يسجد وجبت عليه إعادة الصلاة. كما تجب الإعادة إن ترك الواجب عامداً. فإن لم يفعل كانت صلاته صحيحة، مع الإثم. أما باقي ركعات الفرض. فإن قراءة الفاتحة فيه سنة. وأما النفل فإن قراءة الفاتحة واجبة في جميع ركعاته. لأن كل اثنتين منه صلاة مستقلة. ولو وصلهما بغيرهما. كأن صلى أربعاً بتسليمة واحدة؛ وألحقوا الوتر بالنفل، فتجب القراءة في جميع ركعاته. وقّدروا القراءة المفروضة بثلاث آيات قصار. أو آية طويلة تعديلها. وهذا هو الأحوط
(2)
الشافعية قالوا: يفترض على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام. الا إن كان مسبوقاً بجميع الفاتحة أو بعضها. فإن الإمام يتحمل عنه ما سبق به إن كان الإمام أهلاً للتحمل. بأن لم يظهر أنه محدث أو أنه أدركه في ركعة زائدة عن الفرض.
الحنفية قالوا: إن قراءة المأموم خلف إمامه مكروهة تجريماً في السرية والجهرية، لما روي من قوله صلى الله عليه وسلم:"من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" وهذا الحديث روي من عدة طرق.
هذا، وقد نفل منع المأموم من القراءة عن ثمانين نفراً من كبار الصحابة، منهم المرتضى والعبادلة. وروي عن عدة من الصحابة أن قراءة المأموم خلف إمامه مفسدة للصلاة، وهذا ليس بصحيح، فأقوى الأقوال وأحوطها القول بكراهة التحريم.
المالكية قالوا: القراءة خلف الإمام مندوبة في السرية، مكروهة في الجهرية، الا إذا قصد مراعاة الخلاف، فيندب.
الحنابلة قالوا: القراءة خلف الإمام مستحبة في الصلاة السرية، وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية، وتكره حال قارءة الإمام في الصلاة الجهرية