الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مباحث سجود السهو
تعريفه - محله - هل تلزم النية فيه
؟
معنى السجود في اللغة مطلق الخضوع، سواء كان بوضع الجبهة على الأرض أو كان بأمارة أخرى من أمارات الخضوع، كالطاعة، ومعنى السهو في اللغة الترك من غير علم، فإذ قيل سها فلان، فمعناه ترك الفعل من غير علمه، أما إذا قيل سها عن كذا، فمعناه تركه وهو عالم، وبذا تعلم أن اللغة تفرق بين قول سها فلان، وبين قول سها فلان عن كذا، ولا فرق في اللغة بين النسيان وبين السهو، أما الفقهاء فإنهم لا يفرقون بين النسيان وبين السهو أيضاً، بل عندهم السهو والنسيان والشك بمعنى واحد، وإنما يفرقون بين هذه الأشياء وبين الظن؛ فيقولون: إن الظن هو إدراك الطرف الراجح، فإذا ترجح عند الشخص أنه فعل الفعل كان ظاناً، بخلاف السهو والنسيان والشك، فإنه يستوي عند إدراك الفعل وعدمه، بدون أن يرجح أنه فعل، أو أنه لم يفعل.
هذا هو معنى سجود السهو في اللغة، أما معناه في اصطلاح الفقهاء وبيان محله وبيان النية فيه، فانظره تحت الخط (1) .
(1) الحنفية قالوا: سجود السهو هو عبارة عن أن يسجد المصلي سجدتين بعد أن يسلم عن يمينه فقط، ثم يتشهد بعد السجدتين، ويسلم بعد التشهد، فإن لم يتشهد يكون تاركاً للواجب، وتصح صلاته، وبعد الفراغ من التشهد لسجود السهو يجب أن يسلم، فإن لم يسلم يكون تاركاً للواجب، ولا يكفيه السلام الأول الذي خرج به من الصلاة، لأن السجود للسهو يرفعه، كما يرفع التشهد الأخير الذي قبل السلام، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء فإنه يأتي بهما في التشهد الأخير قبل السلام، ولا يأتي بهما في سجود السهو على المختار، وقيل: يأتي بهما فيه أيضاً احتياطاً، وقولهم: يأتي بسجود السهو بعد أن يسلم عن يمينه فقط، خرج به ما إذا سلم التسليمة الثانية، فإنه إذا سلم التسليمتين فقد سقط سجود السهو عنه على الصحيح، فإن فعل ذلك عمداً فإنه يأثم بترك الواجب، وإن سلم التسليمتين سهواً فقد سقط عنه سجود السهو، ولا إثم عليه، كما لا إعادة لسجود السهو مرة أخرى، لأن نسيان سجود السهو يسقطه، وكذا إذا تكلم بكلام أجنبي عن الصلاة عمداً أو سهواً، فإن فعل ذلك سقط عنه سجود السهو، ولا يجب السجود إذا ترك الواجب عمداً أو ترك ركناً من أركان الصلاة أو نحو ذلك عمداً، لأنه إن ترك الواجب عمداً صحت صلاته مع الإثم، وسقط عنه السجود، وإن ترك الركن عمداً بطلت صلاته، ولا يجبره سجود السهو، فالسجود عند الحنفية لا يكون إلا عند السهو، أما الترك عمداً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فلم يشرع لجبره السجود؛ وهل تجب نية لسجود السهو أو لا؟ فقال بعضهم: إن سجود السهو لا تجب له نية، وذلك لأنه قد جيء به لجبر نقص واجب من صلاته، أو لجبر خلل وقع فيها ثم أصلحه، والنية لا تجب لكل جزء من أجزاء الصلاة، فسجود السهو لا تجب له النية؛ وقال بعضهم: بل تجب له النية، لأنه صلاة، ولا تصح صلاة بدون نية، فكما
تجب النية لسجود التلاوة وسجدة الشكر، فكذلك تجب لسجود السهو، لأنها كلها كالصلاة، فكما تجب النية للصلاة تجب لها، وهذا القول الثاني هو الظاهر والاحتياط في العمل بهز
الشافعية قالوا: سجود السهو هو أن يأتي المصلي بسجدتين كسجود الصلاة قبل السلام، وبعد التشهد والصلاة على النبي وآله بنية، وتكون النية بقلبه لا بلسانه، لأنه إن تلفظ بها بطلت صلاته، لأنك قد عرفت أن سجود السهو عندهم لا يكون إلا قبل السلام من الصلاة، فإذا تكلم بطلت صلاته طبعاً، وإذا سجد بدون نية عامداً عالماً بطلت صلاته، وإنما تشترط النية للإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه لا يحتاج للنية اكتفاء بنية الاقتداء بإمامه، ولا يلزم عند الشافعية أن يكون ذلك السجود بسبب السهو، بل يكون بترك جزء من الصلاة على الوجه الآتي بيانه في أسباب سجود السهو عمداً أو سهواً، وإنما سمي سجود السهو، لأن الغالب أن الإنسان لا يترك بعض صلاته عمداً، وإذا كان سببه السهو يحسن أن يقول في سجوده: سبحان الذي لا ينام ولا يسهو، أما إذا كان عمداً، فيحسن أن يستغفر الله في سجوده وبهذا تعلم أن الحنفية متفقون مع الشافعية في اشتراط النية لسجود السهو، ومختلفون معهم فيما عدا ذلك، لأن الشافعية يقولون: هو قبل: السلام، والحنفية يقولون: بل هو بعده، والشافعية يقتصرون على السجدتين؛ والحنفية يقولون: لا بد من التشهد والجلوس.
المالكية قالوا: سجود السهو سجدتان يتشهد بعدهما بدون دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن كان سجود السهو بعد السلام، فإنه يسجد ويتشهد ويعيد السلام وجوباً، فإن لم يعده فلا تبطل صلاته، وقد عرفت مذهبي الشافعية، والحنفية في ذلك، فأما الشافعية، فإنهم يقولون: إن سجود السهو قبل السلام دائماً، فالسلام بعد السجدتين لا بد منه، وأما الحنفية فإنهم يقولون إن السلام في سجود السهو واجب بحيث لو تركه يصح السجود مع الإثم، ثم إن سجود السهو عند المالكية إذا كان قبل السلام فلا يحتاج إلى نية، لأن نية الصلاة تكفي لكونه بمنزلة جزء من الصلاة عندهم، أما إن كان بعد السلام فإنه يحتاج لنية لكونه خارجاً عن الصلاة، وهم في ذلك متفقون مع الحنفية في أن النية لازمة لسجود السهو بعد السلام، ومختلفون مع الشافعية، كما عرفت في مذهبهم.
هذا، وإذا نسي سجود السهو في صلاة الجمعة بسبب نقص ثم سلم فإنه يتعين عليه أن يسجد بالجامع الذي صلى فيه، وأما إذا كان لزيادة فيها فيسجده في أي جامع كان، لأنه بعد السلام، ولا يجزئ سجوده في غير مسجد تقام فيه الجمعة، ثم إن كان سجود السهو نقصاً فقط أو نقصاً وزيادة، فإن محله يكون قبل السلام، فإذا نقص السورة ناسياً مثلاً، ولم يتذكر حتى انحنى للركوع، فإنه لا يرجع لقراءة السورة، وإلا بطلت صلاته إذا رجع، وإذا لم يرجع فعليه أن ينتظر، حتى يتشهد التشهد الأخير،