الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط صحة الاستنجاء والاستجمار بالماء، والأحجار، ونحوها
فأما الماء الذي يصح به الاستنجاء، فإنه يشترط فيه شرطان: أحدهما: أن يكون طهوراً، فلا يصح الاستنجاء بالماء الطاهر فقط، كما لا تصح إزالة النجاسة به (1) ثانيهما: أن يكون الماء مزيلاً للنجاسة. فإذا كان معه ماء قليل لا يزيل النجاسة عن المحل، بحيث يعود كما كان قبل النجاسة فإنه لا يستعمل الماء في هذه الحالة، وهل يقدم الإنسان غسل قبله أو دبره؟ في ذلك تفصيل في المذاهب (2)
وأما الأحجار ونحوها، فإنها تقوم مقام الماء، ولو كان موجوداً، إنما الأفضل استعمال الماء: وأفضل من ذلك أن يجمع بين الماء والحجر؛ على أن فيما يصح الاستجمار به من غير الماء تفصيل المذاهب (3)
(1) الحنفية قالوا: إن الاستنجاء بالماء الطهور لا يجب، بل يكفي الاستنجاء بالماء الطاهر وقد عرفت الفرق بين الماء الطاهر، والماء الطهور بما ذكرناه لك مفصلاً في "مباحث المياه" الاستنجاء بالماء الطهور الأفضل، للاتفاق على صحة إزالة النجاسة به والتمسك بالمتفق عليه أفضل عند الحنفية
(2)
المالكية قالوا: يندب تقديم قُبُله في إزالة النجاسة، إلا إذا كان من عادته أن يتقاطر بوله إذا مس دبره بالماء، فحينئذ لا يندب له تقديم القبل.
الحنفية: لهم قولان في ذلك، والمفتي به قول الإمام، وهو تقديم غسل الدبر، لأن نجاسته أقذر من البول، ولأنه بواسطة الدلك في الدبر وما حوله يقطر البول، فلا يكون لتقديم غسل لقبل فائدة.
الشافعية قالوا: يندب لمن يستنجى بالماء أن يقدم غسل القبل على الدبر، وأما إذا استجمر بالأحجار، فإنه يندب له تقديم الدبر على القبل.
الحنابلة قالوا: يسن لمن أراد الاستنجاء أو الاستجمار أن يبدأ بالقبل، إذا كان ذكراً، أو أنثى، بكراً، وتخير الأنثى الثيب في تقديم أيهما) .
(3)
الحنفية قالوا: إن السنّة أن يكون الاستجمار بالأشياء الطاهرة من تراب، وخرق بالية، وحجر، ومدر - وهو قطع العين اليابسة - ويكره تحريماً الاستجمار بالمنهي عنه، كالعظم والروث، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استعمالها في ذلك، ومثلهما طعام الآدمي، والدواب، وكره تحريماً الاستجمار بما هو محترم شرعاً لما ثبت في "الصحيحين" من النهي عن إضاعة المال، ويدخل فيما له احترام شرعاً،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جزء الآدمي، ولو كافراً، أو ميتاً، والورق المكتوب، ولو كانت الكتابة حروفاً مقطعة، لأن الحروف احتراماً، والورق غير المكتوب، إذا كان صالحاً للكتابة، أما الورق الذي لا يصلح للكتابة فإنه يجوز الاستجمار به بدون كراهة، وإنما يكره الاستجمار بما له قيمة مالية إذا أدى ذلك إلى إتلافه، أو إنقاص قيمته، فإذا كان غسله بعد الاستجمار، أو تجفيفه يعيده إلى حالته الأولى؛ فإنه لا كراهة فيه، وكره الاستجمار بالطوب المحرق، والفخار، والزجاج، والفحم، والحجر الأملس، وتكون الكراهة تحريمية إذا كان استعمالها ضاراً، إذ لا يجوز استعمال ما يضر، وتنزيهية إذا لم يكن استعمالها ضاراً، وذلك لأنها لا تنقي المحل، والسنة إنقاءه، وكره تحريماً الاستجمار بجدار غيره، لأنه لا يجوز التعدي على مال الغير، أما جدار نفسه فلا كراهة فيه، ومثل جداره الجدار المستأجر، فإن استجمر بشيء مما ذكر أجزأه مع الكراهة التحريمية، أو التنزيهية، على التفصيل المتقدم.
هذا، وقد تقدم ما يتعين فيه الماء، وما يكفي فيه الحجر ونحوه في - أول المبحث -.
الشافعية قالوا: يشترط فيما يستجمر به أن يكون جامداً طاهراً، فلا يصح بمتنجس، وأن يكون قالعاً للنجاسة، فلا يصح بغير قالع، كالأملس، والرخو، وأن يكون غير مبتل، فإن كان مبتلاً بغير العرق، فلا يجزئ، وأن يكون غير محترم شرعاً، فلا يصح بمحترم، كالخبز والعظم، ومن المحترم شرعاً ما كتب فيه علم شرعي، كفقه، وحديث، أو وسائله، كنحو، وصرف، وحساب، وطب، وعروض، وأما ما كتب فيه اسم معظم مقصود منه ذلك المعظم كأبي بكر، وعمر؛ ونحوهما. ومن المحترم أيضاً المسجد، فلا يجوز الاستجمار بجزء منه، كحجر وخشب، ولو انفصل عنه، ما دام منسوباً إليه، ومن المحترم جزء الآدمبي، ولو مهدر الدم، نظراً لصورته، وإن أهدر دمه.
ويشترط في الخارج شروط. منها أن لا يكون جافاً، لأنه لا يفيد الحجر ونحوه في إزالته، وأن لا يطرأ عليه نجس آخر أجنبي. أو طاهر غير العرق، وأن لا يجاوز الصفحة في الغائط؛ والحشفة في البول، والصفحة: ما ينضم من الأليتين عند القيام، والحشفة: ما فوق محل الختان.
هذا إذا كان رجلاً، فإن كان المستجمر امرأة، فإنه يشترط في صحة مسها بالحجر ونحوه أن لا يجاوز ما يظهر عند قعودها إن كانت بكراً، وأن لا يصل إلى ما بعد ذلك من الداخل إن كانت ثيباً، وإلا تعين الماء بالنسبة لهما، كما يتعين بالنسبة للأقلف إذا وصل بوله للجلدة.
ويشترط في المسح بالحجر ونحوه أن لا ينقص عن ثلاثة مسحات، يعم المحل بكل مسحة، ولو بثلاثة أطراف حجر واحد. فلا يكفي أقل من ثلاث، ولو أنقي المحل، وإذا لم يحصل الإنقاء بالثلاث زيد عليها ما يحصل به الإنقاء، بحيث لا يبقى من النجاسة إلا أثر لا يزيله إلا الماء، أو صغار الخزف.