الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يشترط في الهدي
يشترط فيه أن يكون سليماً من العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضحية، فلا يجزئ الأعور، ولا الأعمى، ولا العجفاء: وهي الهزيلة التي لا مخ في عظامها، ولا العرجاء التي لا تسير بسير الصحيح من جنسها، ولا المريضة التي مرضها بين ونحو ذلك مما هو مبين في "مباحث الأضحية" الآتية.
إذا امتنع من الحج أو فاته ويقال له: الإحصار والفوات
الإحصار في اللغة المنع، وفي الشرع منع المحرم عن إتمام ما يوجبه الإحرام قبل أداء ركن النسك؛ والفوات هو أن يفوته الوقوف بعرفة، وفي أحكامها تفصيل المذاهب مذكور تحت الخط (1) .
(1) الحنفية قالوا: أسباب المنع من إتمام النسك تنقسم إلى شرعية وحسية: فالشرعية هي أن تفقد المرأة زوجها؛ أو محرمها بعد الدخول في الإحرام بموت أو طلاق، مثل ذلك ما إذا منعها زوجها من حج التطوع، وكذا إذا فقد نفقة، وكان لا يقدر على المشي، والحسية هي كأن يوجد عدو آدمي أو غيره يحول بين المحرم وبين المضي في النسك، أو يعرض له مرض أو حبس، وحكم الإحصار هو أن يبعث المحصر بالهدي أو بثمنه ليشتري به هدي يذبح عنه في الحرم، ولا يجوز له أن يتحلل حتى يذبح الهدي ويجب أن يتفق على يوم معين يذبح فيه الهدي ليكون على بينة منه، فلا يطول عليه الإحرام، ولو فعل شيئاً من محظورات الإحرام قبل ذبح الهدي، فإنه يجب عليه بسببه ما يجب على المحرم إذا لم يكن محصراً، وإن حل في يوم وعده على ظن أن الهدي قد ذبح ثم تبين أنه لم يذبح كان محرماً؛ وعليه دم لإحلاله قبل وقته. أما لو ذبح الهدي قبل يوم الوعد. فإنه يجوز. ولا يشترط في التحلل الحلق ولو حلق فحسن ثم إذا تحلل المحصر بالهدي فإن كان مفرداً بالحج فعليه قضاء حجة وعمرة من قابل إذا لم يرتفع الإحصار قبل فوات حج عامه. وإن كان مفرداً بالعمرة فعليه عمرة مكانها. وإن كان قارناً فإنما يتحلل بذبح هديين. وعليه عمرتان وحجة.
هذا إذا تحلل بالهدي. أما إذا تحلل بالعمرة فإن كان مفرداً فليس عليه سوى قضاء الحج فقط وإن كان قارناً فعليه حج وعمرة؛ وإذا زال الإحصار بعد أن بعث بالهدي فلا يخلو إما أن يتمكن من إدراك ما أحرم به. وإدراك الهدي معاً. أو يتمكن من إدراك أحدهما. أو لا يتمكن من إدراك شيء. فإن كان الأول لزمه أن يمضي في إتمام نسكه. وله أن يفعل بهديه ما يشاء. وإن كان الثاني. فإن كان متمكناً من إدراك الهدي فقط، فلا يلزم الذهاب لفوات المفصود، وله أن يتحلل بعمرة، وإن كان متمكناً من إدراك النسك جاز له أن يمضي في إتمامه، وجاز له أن يتحلل، وإن كان الثالث يتحلل، وله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أن يتحلل بعمرة، ومن فاته الحج بأن وقف في غير زمان الوقوف فعليه أن يطوف ويسعى ويتحلل، ويقضي من قابل، ولا دم عليه.
الحنابلة قالوا: إذا طلع فجر يوم النحر على من أحرم بالحج ولم يقف بعرفة في وقته لعذر أو لغير عذر فاته الحج في ذلك العام، وتحول إحرامه إلى عمرة إن لم يختر بقاؤه على إحرامه ليحج من العام القابل بذلك الإحرام؛ ولا تجزئ هذه العمرة التي انقلب إليها إحرامه عن عمرة الإسلام، وعلى من فاته الحج قضاء هذا الحج الفائت، ولو كان نفلاً: وعليه هدي من الفوات يؤخر ذبحه إلى حجة القضاء فإن عدم الهدي وقت الوجوب، وهو طلوع فجر يوم النحر صام كما يصوم المتمتع، ومن منع من الوصول إلى البيت الحرام، ويسمى محصراً، سواء منع بعد الوقوف بعرفة أو قبله، أو كان منعه في إحرام العمرة، وجب عليه ذبح هدي بنية التحلل، فإن لم يجده صام عشرة أيام بنية التحلل، وقد حل بذلك من إحرامه، ويباح التحلل من الإحرام لحاجة، كأن احتاج إلى بذل مال كثير لمسلم أو كافر، أو لقتال، أو بذل مال يسيرلكافر لا مسلم، ولا قضاء على من تحلل قبل فوات الحج، وكذلك من جن أو أغمي عليه، فإن لم يتحلل المحصر إلا بعد فوات الحج لزمه القضاء، ومن منع عن طواف الإفاضة وقد وقف بعرفة ورمى وحلق لم يتحلل حتى يطوف طواف الإفاضة، ويسعى إذا لم يكن سعى، وكذا لا يتحلل إن حصر عن السعي فقط، وذلك لأن الشرع جاء بالتحلل من إحرام تام يحرم جميع المحظورات: وهذا لا يحرم إلا النساء فقط، ومن حصر عن واجب أو رمي جمار لم يتحلل، وعليه دم لترك الواجب، كما لو تركه اختياراً، ومن كان محرماً بالحج ولم يتمكن من الوقوف بعرفة أو أمكنه الوصول إلى مكة تحلل بعمل عمرة، ولا شيء عليه، فإن كان من فاته الوقوف بعرفة وأحصر قد طاف وسعى قبل ذلك وجب أن يتحلل بطواف وسعي آخرين، ومن أحصر بمرض، أو بفقد نفقة، أو بعدم اهتدائه إلى الطريق بقي محرماً حتى يقدر على البيت الحرام، لأنه لا يستفيد بالتحلل انتقالاً من حال
إلى أحسن منها، فإن فاته الحج تحلل بعمرة، ولا ينحر هدياً كان معه إلا بالحرم، فليس كمن حصره عدو، والصغير كالبالغ في جميع ما تقدم، ومن قال في أول إحرامه: نويت الإحرام بالسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فله أن يتحلل مجاناً في جميع ما تقدم ولا قضاء عليه.
الشافعية قالوا: إذا طلع فجر يوم النحر قبل حضور المحرم في جزء من أرض عرفة فاته الحج، ويجب به الدم على من كان محرماً بالحج فقط، أو كان قارناً، ويجب على من فاته الوقوف بعرفة أن يتحلل بعمل عمرة بأن يأتي بالأعمال الباقية من أعمال الحج غير الوقوف بنية التحلل، فيطوف ويسعى إن لم يكن سعى، ويسقط عنه بفوات الحج المبيت بمنى وبمزدلفة ورمي الجمار، ويحلق من غير نية العمرة، ولا تغني هذه العمرة عن عمرة الإسلام، وعليه القضاء فوراً من قابل، ولو فاته بعذر ولو كان الحج نفلاً، ولو كان غير مستطيع؛ ولو كان بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر، ويلزمه مع القضاء دم كدم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التمتع، وقد تقدم، ولا يصح ذبحه في سنة الفوات، فإن كان قارناً وفاته الوقوف لزمه ثلاثة دماء: دم للفوات، ودم للقران، ودم له أيضاً في القضاء، وإن أفرد في القضاء لأنه التزم القران بالإحرام؛ أما لو نشأ الفوات عن حصر، كمن أحصر عن إتمام نسك من حج أو عمرة بعدوٍّ، أو حبس من أمير ونحوه ظلماً، أو بدّين لا يتمكن من أدائه، وليس له بينة تشهد بإعساره، ولم يغلب على ظنه انكشاف المانع في مدة يمكنه إدراك الحج فيها إن كان حاجاً، أو في ثلاثة أيام إن كام معتمراً، فإنه إذا أراد التحلل تحلل بالذبح؛ ثم الحلق بنية التحلل بهما إن كان واجداً للدم، وبالحلق فقط إن لم يجد دماً، ولا طعاماً لإعسار أو غيره بنية التحلل، والأولى للمحصر المعتمر الصبر عن التحلل، وكذا للحاج إن اتسع الوقت، وإلا فالأولى التعجيل لخوف الفوات، نعم يمتنع تحلله إن كان في الحج، وغلب على ظنه زوال الحصر في مدة يمكنه إدراك الحج بعدها، أو في العمرة وتيقن قرب زوال المانع في ثلاثة أيام، ومن الأعذار المجوزة للتحلل المرض. فإنه إن شرط التحلل بذلك عند ابتداء الإحرام.
كأن قال في حال النية: إذا مرضت فأنا حلال، يصير حلالاً بمجرد المرض، وأما إن قال: إن مرضت تحللت فإن كان شرطه في تحلله الهدي تحلل بذبح، ثم حلق بنية التحلل فيهما، ونفاذ النفقة، ويذبح المحصر حيث أحصر ولو في غير الحرم، أو يرسل إلى الحرم ليذبح فيه لكنه لا يتحلل حتى يعلم بنحره؛ ولا يرسل الدم إلى غير الحرم، فلو أحصر في الحرم تعين الذبح فيه، ثم إن كان نسكه تطوعاً فلا قضاء عليه، وإن كان فرضاً بقي في ذمته على ما كان عليه من قبل، وإن أحصر ومنع من عرفة دون مكة وجب عليه دخولها، والتحلل بعمرة، وإن منع من مكة دون عرفة وقت وتحلل، ولا قضاء فيهما على الأظهر، والواجب بالإحصار شاة تجزئ في الأضحية؛ فإن عجز حساً أو شرعاً أخرج بقيمة الشاة طعاماً تجزئ في الفطرة، وفرقه على مساكين ذلك المحل، فإن عجز عنه صام عن كل مدّ يوماً، ولا تجب الفدية لعدم تعديه.
المالكية قالوا: الإحصار هو المنع من أداء النسك، كأن يمنع المعتمر من دخول مكة كما وقع عام الحديبية حين صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم ومنعوه من دخول مكة بعد أن أحرم بالعمرة، وكأن يمنع الحاج من الطواف بالبيت. أو السعي بين الصفا والمروة، أو من الوقوف بعرفة، أو من جميع ذلك سواء كان المنع ظلماً كأن يحول الكفار بين المسلمين وبين مكة، أو تقع فتنة بين المسلمين بعضهم مع بعض، فتتغلب الفئة الباغية وتحول بين الناس وبين الأرض المقدسة - مكة وما حواليها من مواطن النسك - أو كان المنع بحق، كأن يماطل المدين في أداء ما عليه من الدين مع القدرة عليه؛ فيحبس ليؤدي ما عليه، والفوات هو عدم أداء الحج بعدم التمكن من عرفة لمرض منعه من الوقوف بها، أو لخطأ أهل الموسم، كأن يقفوا في اليوم الثامن من ذي الحجة، ولم يعلموا خطأهم حتى مضى وقت الوقوف، وهو ليلة العاشر؛ كما سبق، ولا يتأتى فوات الحج إلا بذلك، لأن الحاج متى أدرك عرفة فقد أدرك الحج فإن ما يبقى بعد الوقوف من الطواف والسعي يصح في كل وقت، وليس له وقت معين ومن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كان معتمراً ومنع عن مواضع النسك، أو كان محرماً بالحج ومنع من البيت الحرام وعرفة معاً؛ فإن كان المنع ظلماً فالأفضل له أن يتحلل من إحرامه بالنية، بأن ينوي الخروج من الإحرام، ومتى نوى ذلك صار حلالاً، فلا يحرم عليه مباشرة النساء، ولا التعرض للصيد، ولا التطيب؛ ولا غير ذلك مما يحرم على المحرم، ويسن للمتحلل أن يحلق، وإن كان معه هدي فينحره بمكانه الذي هو به إن لم يتيسر له بعثه بمكة؛ وإلا بعثه؛ وإن لم يكن معه هدي فلا يجب عليه، وقوله تعالى:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} محمول على ما إذا كان الهدي مع المحصر من قبل، كأن ساقه تطوعاً، إنما يباح له التحلل بثلاثة شروط: الأول: أن لا يعلم المانع قبل الإحرام
عند المنع، بل يتعين البقاء على إحرامه حتى يؤدي نسكه، ولو ثاني عام؛ لأنه داخل على ذلك، الثاني: أن ييأس من زوال المانع قبل فوات الحج، بأن يعلم أو يظن أنه لا يزول المانع قبل فوات الوقوف بعرفة، فإن لم ييأس انتظر لعله يزول، الثالث: أن يكون الوقت متسعاً لإدراك الحج عند الإحرام به، بحيث إذا لم يمنع يتأتى له إدراكه، أما إذا لم يتمكن من إدراك الوقوف على فرض عدم وجود المانع؛ ثم حصل المنع، فليس له أن يتحلل؛ لأنه داخل من أول الأمر على البقاء للعام القابل، وأما إذا كان المنع لحق، كأن يحبس المدين حتى يؤدي دينه، فإن كان قادراً على دفعه فلا يباح له التحلل، لأنه متمكن من التخلص والسير في نسكه فإذا لم يفعل فهو باق على إحرامه ما شاء الله، وإن كان عاجزاً عن دفعه فهو كالممنوع ظلماً، والأفضل له التحلل بالنية وله أن يبقى على إحرامه، ويكون قد خالف الأفضل،
ومن وقف بعرفة ومنع من البيت الحرام وما بعده من مواضع النسك: كمزدلفة، ومنى، ومكان السعي، فقد تم حجه، ولكن لا يحل من إحرامه حتى يطوف للإفاضة، ويسعى بعده إن لم يكن قدم سعيه عقب طواف القدوم، فإن بقي محصراً حتى فاته النزول بمزدلفة، ورمي الجمار والمبيت بمنى ليالي الرمي فعليه هدي واحد لفوات الجميع؛ وإن كان كل منهما واجباً مستقلاً، ولا فرق في هذا القسم بين أن يكون المنع حبساً أو غيره، وسواء كان الحبس ظلماً أو بحق؛ ويبقى على إحرامه حتى يتمم حجه؛ ولو بقي سنين، وأما من منع من عرفة لأي مانع كان، وكان متمكناً من البيت الحرام، فله أن يتحلل من إحرامه، وله البقاء إلى العام القابل، والأفضل له التحلل إن كان بعيداً عن مكة، فالبقاء على الإحرام خلاف الأولى، فإن كان قريباً من مكة، أو دخلها، كره له البقاء، ثم إن التحلل في هذا القسم يكون بفعل عمرة حيث لم يكن بعيداً عن مكة، فإن كان بعيداً منها تحلل بالنية، ولا يكلف فعل العمرة، ثم إذا تحلل بالعمرة وكان إحرامه بالحج أولاً من الحرم فعليه أن يخرج إلى الحل حال إحرامه بالعمرة، لأن كل إحرام يجب فيه الجمع بين الحل والحرم، ولا يسقط عن المحصر نسك الإسلام من حج أو عمرة، فلو منع من الحج أو العمرة ثم تحلل منهما فعليه القضاء بعد وجوباً في الحج، واستناناً في العمرة، وعليه هدي لأجل الفوات يؤخره إلى القضاء، وكذا لا يسقط عنه النذر الذي لم يعينه، بخلاف المعين، فلا يجب قضاؤه متى منع عن إتمامه لفوات وقته، ولو نوى حين الإحرام بالنسك التحلل منه إن حصل مانع، كما لو قال: اللهم