الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف يقف المأموم مع إمامه
إذا كان مع الإمام رجل واحد أو صبي مميز قام ندباً عن يمين الإمام مع تأخره قليلاً، فتكره مساواته (1) ووقوفه عن يساره أو خلفه، إذا كان معه رجلان قاما خلفه ندباً، وكذلك إذا كان خلفه
فرضاً، ويكره ارتفاع مكان الإمام عن مكان المأموم وعكسه من غير حاجة، كأن كان وضع المسجد يقتضي ذلك، فإنه لا يكره الارتفاع حينئذ.
الحنابلة قالوا: تكره إمامة الأعمى والأصم والأقلف، ولو بالغاً، ومن كان مقطوع اليدين أو الرجلين أو إحداهما إذا أمكنه القيام، وإلا فلا تصح إمامته إلا لمثله، وتكره إمامة مقطوع الأنف، ومن يصرع أحياناً، وتكره إمامة الفأفاء والتمتام، ومن لا يفصح ببعض الحروف، ومن يحلن لحناً لا يغير المعنى، كأن يجردال الحمد لله، ويكره أيضاً ارتفاع مكان الإمام عن المأموم ذراعاً فأكثر، أما المأموم فلا كراهة في ارتفاع مكانه وتكره إمامة من يكرهه أكثر القوم بحق لخلل في دينه أو فضله، ولا يكره الاقتداء به، وتكره إمامة الرجل للنساء، ولو واحدة، إن كن أجنبيات، ولم يكن معهن رجل.
المالكية قالوا: تكره إمامة البدوي - وهو ساكن البادية - للحضري - ساكن الحاضرة - ولو كان البدوي أكثر قراءة من الحضري، أو أشد إتقاناً للقراءة منه، لما فيه من الجفاء والغلظة، والإمام شافع فينبغي أن يكون ذا لين ورحمة؛ وكذا تكره إمامة من يكرهه بعض الناس لتقصير في دينه غير ذوي الفضل من الناس، وأما من يكرهه أكثر الناس أو ذو الفضل، فتحرم إمامته، ويكره أن يكون الخصي إماماً راتباً، وكذلك من يتكسر في كلامه كالنساء، وولد الزنا.
وأما إمامتهم من غير أن يكونوا مرتبين، فلا تكره، ويكره أن يكون العبد إماماً راتباً: والكراهة في الخصي وما بعده مخصوصة بالفرائض والسنن، وأما النوافل فلا يكره أن يكون واحد من هؤلاء إماماً راتباً فيها، وتكره إمامة الأقلف - وهو الذي لم يختن - ومجهول الحال الذي لا يدري هل هو عدل أو فاسق، ومجهول النسب، وهو الذي لا يعرف أبوه، ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن في أعلاها، لئلا تدور السفينة، فلا يتمكنون من ضبط أعمال الإمام واقتداء من عل جبل أبي قبيس بمن في المسجد الحرام، وتكره صلاة رجل بين نساء أو امرأة بين رجال، وصلاة الإمام بدون رداء يلقيه على كتفه إن كان في المسجد، وتنفل الإمام بمحرابه، والجلوس به على هيئته وهو في الصلاة، وأما إمامة الأعمى فهو جائزة، ولكن البصير أفضل، وكذلك يجوز علو المأموم على إمامه ما لم يقصد به الكبر، وإلا حرم، وبطلت به الصلاة، ولو كان المأموم بسطح المسجد، وهذا في غير الجمعة، أما صلاة الجمعة على سطح المسجد فباطلة، كما تقدم؛ وأما علو الإمام على مأمومه فهو مكروه، إلا أن يكون العلو بشيء يسير، كالشبر والذراع، أو كان لضرورة، كتعليم الناس كيفية الصلاة فيجوز، ويكره اقتداء البالغ بالصبي في النفل، ويكره اقتداء المسافر بالمقيم وبالعكس، إلا أن الكراهة في الأول آكد
(1)
الحنفية قالوا: لا تكره المساواة
رجل وصبي، وإن كان معه رجل وامرأة قام الرجل عن يمينه والمرأة خلف الرجل، ومثل الرجل في هذه الصورة الصبي، وإذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى وإناث، قدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم الإناث، وهذه الأحكام متفق عليها بين الأئمة، إلا الحنابلة، فإنهم قالوا: إذا صلى رجل واحد مع إمام واقف عن يسار الإمام ركعة كاملة، بطلت صلاته، وإذا صلى رجل وصبي، فإنه يجب أن يكون الرجل عن يمين الإمام، وللصبي أن يصلي عن يمينه أو يساره لا خلفه.
وينبغي للإمام أن يقف وسط القوم، فإن وقف عن يمينهم أو يسارهم فقد أساء بمخالفته السنة؛ وينبغي أن يقف أفضل القوم في الصف الأول حتى يكونوا متأهلين للإمامة عند سبق الحدث ونحوه، والصف الأول أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الثالث، وهكذا؛ وينبغي أيضاً لمن يسد الفرج أن يكون أهلاً للوقوف في الصف الذي به الفرجة، فليس للمرأة أن تنتقل من مكانها المشروع لسد فرجة في صف لم يشرع لها الوقوف فيه، أما الصبيان فإنهم في مرتبة الرجال إذا كان الصف ناقصاً، فيندب أن يكملوه إذا لم يوجد من يكمله من الرجال، باتفاق ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) .
وينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا، ويسدوا الفرج، ويسووا بين مناكبهم في الصفوف، فإذا جاء أحد للصلاة، فوجد الإمام راكعاً أو وجد فرجة بعد أن كبر تكبيرة الإحرام ففيما يفعله في هاتين الحالتين تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (2) .
(1) الحنفية قالوا: إذا لم يكن في القوم غير صبي واحد دخل في صف الرجال، فإن تعدد الصبيان جعلوا صفاً وحدهم خلف الرجال، ولا تكمل بهم صفوف الرجال
(2)
الحنفية قالوا: إذا جاء الصلاة أحد فوجد الإمام راكعاً، فإن كان في الصف الأخير فرجة فلا يكبر للإحرام خارج الصف، بل يحرم فيه، ولو فاتته الركعة، ويكره له أن يحرم خارج الصف، أما إذا لم يكن في الصف الأخير فرجة، فإن كان في غيره من الصفوف الأخرى فرج لا يكبر خارجها أيضاً، وإن لم يكن بها فرج كبر خلف الصفوف، وله أن يجذب إليه واحداً ممن أمامه في الصف بشرط أن لا يعمل عملاً كثيراً مفسداً للصلاة ليكون له صفاً جديداً، فإن صلى وحده خلف الصفوف كره وأما إذا دخل المقتدي في الصلاة، ثم رأى فرجة في الصفوف التي أمامه مما يلي المحراب، فيندب له أن يمشي لسد هذه الفرجة بمقدار صف واحد، فإذا كان المقتدي المذكور في الصف الثاني، ورأى الفرجة في الصف الأول جاز له الانتقال إليه؛ أما إذا كان في الثالث والفرجة في الأول، فلا يمشي إليها ولا يسدها، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، لأنه عمل كثير.
الحنابلة قالوا: إذا جاء إلى الصلاة فوجد الإمام راكعاً. وكان في الصف الأخير فرجة جاز له أن يكبر خارج الصف محافظة على الركعة، وأن يمشي إلى الفرجة فيسدها، وهو راكع، أو بعد رفعه من الركوع إذا لم يسجد الإمام، فإن لم يدخل الصف قبل سجود الإمام، ولم يجد واحداً يكون معه صفاً