الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخالف الحنفية فانظر مذهبيهم تحت الخط (1) ؛ ويجزئ القضاء في يوم الشك لصحة صومه تطوعاً، ويكون القضاء بالعدد لا بالهلال، فمن أفطر رمضان كله؛ وكان ثلاثين يوماً، ثم ابتدأ قضاءه من أول المحرم مثلاً، فكان تسعة وعشرين يوماً، وجب عليه أن يصوم يوماً آخر بعد المحرم ليكون القضاء ثلاثين يوماً كرممضان الذي أفطره، ويستحب لمن عليه قضاء أن يبادر به ليتعجل براءة ذمته، وأن يتابعه إذا شرع فيه؛ فإذا أخر القضاء أو فرقه صح ذلك، وخالف المندوب، إلا أنه يجب عليه القضاء فوراً إذا بقي على رمضان الثاني بقدر ما عليه من أيام رمضان الأول؛ فيتعين القضاء فوراً في هذه الحالة خلافاً للشافعية، والحنفية؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط (2)، ومن أخر القضاء حتى دخل رمضان الثاني وجبت عليه الفدية (الشافعية قالوا: تتكرر الفدية بتكرر الأعوام) زيادة عن القضاء، وهي إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء ومقدارها هو ما تعطى لمسكين واحد في الكفارة، كما تقدم في "مبحث الكفارات"، باتفاق ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فقالوا: لا فدية على من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان الثاني، سواء كان التأخير بعذر أو بغير عذر؛ وإنما تجب الفدية إذا كان متمكناً من القضاء قبل دخول رمضان الثاني، وإلا فلا فدية عليه، ولا تتكرر الفدية بتكرر الأعوام بدون قضاء، باتفاق ثلاثة. وقال الشافعية: بل تتكرر الفدية بتكرر الأعوام.
الكفارة الواجبة على من أفطر رمضان، وحكم من عجز عنها
تقدم أن الصيام ينقسم إلى مفروض وغيره، وأن المفروض ينقسم إلى أقسام. صوم رمضان وصوم الكفارات، والصيام المنذور؛ أما صوم رمضان فقد تقدم الكلام فيه، وأما الكفارات، فأنواع: منها كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، ولهذه الأنواع الثلاثة مباحث خاصة بها في قسم المعاملات. "وقد ذكرنا كفارة اليمين في الجزء الثاني وكفارة الظهارة في الجزء الرابع، ومن أنواع الكفارات كفارة الصيام، وهي المراد
(1) الحنفية قالوا: من نوى قضاء صيام الفائت في رمضان الحاضر صح الصيام ووقع عن رمضان الحاضر دون الفائت، لأن الزمن متعين لأداء الحاضر، فلا يقبل غيره، ولا يلزم فيه تعيين النية؛ كما تقدم في "شرائط الصيام"
(2)
الشافعية قالوا: يجب القضاء فوراً أيضاً إذا كان فطره في رمضان عمداً بدون عذر شرعي.
الحنفية قالوا: يجب قضاء رمضان وجوباً موسعاً بلا تقييد بوقت؛ فلا يأثم بتأخره إلى أن يدخل رمضان الثاني
بيانها هنا: فكفارة الصيام هي التي تجب على ما أفطر في أداء رمضان على التفصيل السابق في المذاهب. وهي إعتاق رقبة مؤمنة، باتفاق ثلاثة، وقال الحنفية، لا يشترط أن تكون الرقبة مؤمنة في الصيام، ويشترط أن تكون سليمة من العيوب المضرة، كالعمى والبكم والجنون، فإن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين، فإن صام في أول الشهر العربي أكمله وما بعده باعتبار الأهلة، وإن ابتدأ في أثناء الشهر العربي صام باقيه. وصام الشهر الذي بعده كاملاً باعتبار الهلال، وأكمل الأول ثلاثين يوماً من الثالث، ولا يحسب يوم القضاء من الكفارة، ولا بد من تتابع هذين الشهرين بحيث لو أفسد يوماً في أثنائها ولو بعذر شرعي، كسفر، صار ما صامه نفلاً، ووجب عليه استئنافها لانقطاع التتابع الواجب فيها، باتفاق ثلاثة، وقال الحنابلة: الفطر لعذر شرعي كالفطر للسفر لا يقطع التتابع، فإن لم يستطع الصوم لمشقة شديدة ونحوها، فإطعام ستين مسكيناً، فهي واجبة على الترتيب المذكور باتفاق ثلاثة. وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ، وقد استدل الثلاثة بخبر الصحيحية عن أبي هريرة رضي الله عنه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هلكت، قال: وما أهلكك،! قال: واقعت امرأتي في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا، ثم جلس السائل، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر "العرق: مكتل في خوص النخل، وكان فيه مقداره الكفارة" فقال تصدق بهذا، فقال: على أفقر منا يا رسول الله، فو الله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: اذهب، فأطعمه أهلك" وما جاء في هذا الحديث من إجراء صرف الكفارة لأهل المكفر، وفيهم من تجب عليه نفقته فهو خصوصية لذلك الرجل، لأن المفروض في الكفارة إنما هو إطعام ستين مسكيناً لغير أهله، بحيث يغطي كل واحد منهم مقداراً مخصوصاً، على تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (2) .
(1) المالكية قالوا: كفارة رمضان على التخيير بين الإعتاق والإطعام، وصوم الشهرين المتتابعين، وأفضلها الإطعام، فالعتق، فالصيام، وهذا التخيير بالنسبة للحر الرشيد، أما العبد فلا يصح العتق منه، لأنه لا ولاء له، فكيفر بالإطعام إن أذن له سيده فيه، وله أن يكفر بالصوم، فإن لم يأن له سيده في الإطعام تعين عليه التكفير بالصيام، وأما السفيه فيأمره وليه بالتكفير بالصوم، فإن امتنع أو عجز عنه كفر عنه وليه بأقل الأمرين قيمة من الإطعام، أو العتق
(2)
المالكية قالوا: يجب تمليك كلواحد مداً بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويكون ذلك المد من غالب طعام أهل بلد المكفر من قمح أو غيره، ولا يجزئ بدله الغداء ولا العشاء على المعتمد، وقدر المد بالكيل بثلث قدح مصري، وبالوزن برطل وثلث، كل رطل مائة وثمانية وعشرون درهماً مكياً، وكل درهم يزن خمسين حبة، وخمس حبة من
وتتعدد الكفارة بتعدد الأيام التي حصل فيها ما يقتضي الكفارة، عند الشافعية، والمالكية؛ أما الحنفية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) ، أما إذا تعدد المتقضى في
متوسط الشعير، والذي يعطى إنما هو الفقراء أو المساكين، ولا يجزئ إعطاؤها لمن تلزمه نفقتهم، كأبيه وأمه وزوجته وأولاده الصغار، أما أقاربه الذين لا تلزمه نفقتهم فلا مانع من إعطائهم منها إذا كانوا فقراء، كإخوته وأجداده.
الحنفية قالوا: يكفي في إطعام الستين مسكيناً أن يشبعهم في غذاءين أو عشاءين، أو فطور وسحور، أو يدفع لكل فقير نصف صاع من القمح أو قيمته، أو صاعاً من الشعير، أو التمر أو الزبيب، والصاع قد حان وثلث بالكيل المصري. ويجب أن لا يكون في المساكين من تلزمه نفقته. كأصوله وفروعه وزوجته.
الشافعية قالوا: يعطي لكل واحد من الستين مسكيناً مداً من الطعام الذي يصح إخراجه في زكاة الفطر، كالقمح والشعير، ويشترط أن يكون من غالب قوت بلده، ولا يجزئ نحو الدقيق والسويق، لأنه لا يجزئ في الفطرة. والمد: نصف قدح مصري. وهو ثمن الكيلة المصرية. ويجب تمليكهم ذلك. ولا يكفي أن يجعل هذا القدر طعاماً يطعمهم به، فلا غداهم وعشاهم به لم يكف ولم يدزئ. ويجب أن لا يكون في المساكين من تلزمه نفقته إن كان الجاني في الصوم هو المكفر عن نفسه؛ أما إن كفر عنه غيره فيصح أن يعتبر عيال ذلك الجاني في الصوم من ضمن المساكين.
الحنابلة قالوا: يعطي كل مسكين مداً من قمح، والمد: هو رطل وثلث بالعراقي، والرطل العراقي مائة وثمانية، وعشرون درهماً، أو نصف صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط، وهو اللبن المجمد، ولا يجزئ إخراجها من غير هذه الأصناف مع القدرة؛ والصاع أربعة أمداد، ومقدار الصاع بالكيل المصري قد حان، ويجوز إخراجها من دقيق القمح والشعير أو سويقهما، وهو ما يحمص ثم يطحن، إذا كان بقدر حبة في الوزن لا في الكيل، ولو لم يكن منخولاص، كما يجزئ إخراج الحب بلا تنقية، ولا يجزئ في الكفارة إطعام الفقراء خبزاً، أو إعطاؤهم حباً معيباً، كالقمح المسوس والمبلول والقديم الذي تغير طعمه، ويجب أن لا يكون في الفقراء الذين يطعمهم في الكفارة من هو أصل أو فرع له، كأمه وولده، ولو لم يجب عليه نفقتهما، ولا من تلزمه نفقته، كزوجته وأخته التي لا يعود لها غيره، سواء كان هو المكفر عن نفسه، أو كفر عنه غيره.
(1)
الحنفية قالوا: لا تتعدد الكفارة بتعدد ما يقتضيها مطلقاً، سواء كان التعدد في يوم واحد، أو في أيام متعددة، وسواء كان في رمضان واحد، أو في متعدد من سنين مختلفة، إلا أنه لو فعل ما يوجب الكفارة ثم كفر عنه ثم فعل ما يوجبها ثانياً، فإن كان هذا التكرار في يوم واحد كفت كفارة واحدة، وإن كان التكرار في أيام مختلفة عما بعد الأول الذي كفر عنه بكفارة جديدة، وظاهر الرواية يقتضي التفصيل، وهو إن وجبت بسبب الجماع تتعدد، وإلا فلا تتعدد.
اليوم الواحد فلا تتعدد، ولو حصل الموجب الثاني بعد أداء الكفارة عن الأول، فلو وطئ في اليوم الواحد عدة مرات فعليه كفارة واحدة، ولو كفر بالعتق أو الإطعام عقب الوطء الأول، فلا يلزمه شيء لما بعده، وإن كان آثماً لعدم الإمساك الواجب، فإن عجز عن جميع أنواع الكفارات استقرت في ذمته إلى الميسرة، باتفاق ثلاثة، وخالف الحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط (1)
الحنابلة قالوا: إذا تعدد المقتضى الكفارة في يوم واحد، فإن كفر عن الأول لزمته كفارة ثانية للموجب الذي وقع بعده، وإن لم يكفر عن السابق كفته كفارة واحد عن الجميع
(1)
الحنابلة قالوا: إذا عجز في وقت وجوبها عن جميع أنواعها سقطت عنه ولو أيسر بعد ذلك