الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الاستسقاء وسببه
معنى الاستسقاء في اللغة طلب السقيا من الله أو من الناس، فإذا احتاج أحد إلى الماء وطلبه من الآخر، فإنه يقال لذلك الطلب: استسقاء، وأما معناه في الشرع فهو طلب سقي العباد من الله تعالى عند حاجتهم إلى الماء كما إذا كانوا في موضع لا يكون لأهله أودية وأنهار وآبار يشربون منها ويسقون زرعهم ومواشيهم، أو يكون لهم ذلك ولكن الماء لا يكفيهم، فهذا معنى الاستسقاء وسببه.
كيفية صلاة الاستسقاء
إذا احتاج الناس إلى الماء على الوجه الذي ذكرناه فإنه يطلب من المسلمين أن يصلوا صلاة اللاستسقاء بكيفية مفصلة في المذاهب، فانظر تحت الخط (1) .
الصلوات بهذه الصيغة: التكبير المقيد، ويسن أيضاً أن يكبر جهراً في المنازل والأسواق والطرق وغير ذلك بهذه الصيغة. من وقت غروب شمس ليلتي العيدين إلى أن يدخل الإمام في صلاة العيد وإذا صلى منفرداً فإنه يكبر إلى أن يحرم بصلاة العيدين، أما إذا لم يصل العيدين، فإنه يكبر إلى الزوال، سواء كان رجلاً أو امرأة، إلا أن المرأة لا ترفع صوتها بالتكبير مع غير محارمها من الرجال، ويسمى ذلك التكبير بالتكبير المطلق، ويقدم التكبير المقيد على الذكر الوارد عقب الصلاة، بخلاف المطلق، فإنه يؤخر عنها
(1)
الشافعية قالوا: صلاة الاستسقاء ركعتان تؤديان في جماعة، ويشترط أن يكون الإمام حاكم المسلمين الأعلى أو نائبه، فإن لم يوجد فإنه يصلي بهم رئيسهم الذي له نفوذ وشوكة، وكيفيتها كصلاة العيدين، فيكبر الإمام ومن خلفه من المأمومين في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، ويكبران في الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام، ويرفع يديه حذو منكبيه عند كل تكبيرة، ثم يتعوذ؛ ثم يأتي بدعاء الافتتاح، ويستحب أن يفصل بين كل تكبيرتين بقدر آية معتدلة، وأن يأتي بذكر بينهما سراً ثم يقرأ جهراً، ويستحب بعد الفاتحة أن يقرأ في الركعة الأولى سورة "ق" أو "سبح اسم ربك الأعلى" وفي الثانية "اقتربت الساعة" أو "هل أتاك حديث الغاشية" قياساً على الوارد في صلاة العيدين، وبعد الفراغ من صلاة الركعتين يندب أن يخطب خطبتين كخطبتي العيدين، إلا أنه لا يكبر في الخطبتين، بل يستغفر الله قبل الشروع في الخطبة الأولى تسع مرات، وفي الخطبة الثانية تسع مرات، وصيغة الاستغفار الكاملة هي أن يقول:"استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا الله الحي القيوم وأتوب إليه" ولو قال استغفر الله، فإنه يكفي، ويندب أن يحول الخطيب رداءه - ولو كان شالاً أو عباءة - وكيفية التحويل أن يجعل يمينه يساره، ويجعل أعلاه أسفله، فيمسك بيده اليمنى طرف ردائه الأسفل من جهة يساره، ويجعله على عاتقه الأيمن، ويمسك بيده اليسرى طرف ردائه الأيمن، ويجعله على عاتقه الأيسر، ويفعل ذلك بعد مضي ثلث الخطبة الثانية، فإذا فرغ من ثلث الخطبة الثانية فإنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يسن له أن يستقبل القبلة ثم يحول رداءه بالكيفية التي ذكرناها، ويكره له أن يترك التحويل، ومتى حول الإمام رداءه فإنه يسن للمأمومين الحالسين أن يحولوا أرديتهم وهم جلوس، كما فعل الإمام، ويسن أن يكثر من الدعاء سراً
وجهراً، كما يسن أن يكثر في افتتاح دعائه الكرب، وهو:"لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" وكذا يسن للخطيب أن يكثر من الاستغفار، ويقرأ قوله تعالى:{استغفروا ربكم أنهاراً} ويدعو في خطبته بدعاء الني صلى الله عليه وسلم؛ وهو "اللهم اجعلها رحمة لا سقيا عذاب، ولا محق، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق؛ اللهم على الزراب - التلال الصغيرة - ومنابت الشجر، وبطون الأودية، اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً - منقذاً من الشدة - هنيئاً مريئاً مريعاً - ذا ريع وخصب - سحاً - شديد الوقع على الأرض عاماً؛ غدقاً، طبقاً، مجللاً، دائماً، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إن بالعباد والبلاد من الجهد والجوع والضنك مالا نشكو إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً".
الحنفية قالوا: كيفية صلاة الاستسقاء مختلف فيها، فمنهم من قال: إنها دعاء واستغفار بدون صلاة، وذلك بأن يدعو الإمام قائماً مستقبل القبلة، رافعاً يديه والناس قعود، مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه، وهو:"اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً، مريئاً مريعاً، غدقاً، مجللاً، سحاً طبقاً؛ دائماً"، وما أشبه ذلك من الدعاء سراً وجهراً، وهذا القول غير راجح، بل القول الراجح هو أن يصلي للاستسقاء ركعتين، كما يقول غيرهم من الأئمة، غايته أنهم يقولون، إنها مندوبة، وغيرهم يقولون: إنها سنة، كما ستعرفه في بيان حكمها، وكيفيتها، كصلات العيدين، إلا أنه لا يكبر لها تكبيرات الزوائد، بل يقتصر على التكبيرات المطلوبة للصلاة، وبعد الفراغ من الصلاة يخطب الإمام، أو نائبه خطبتين، كالعيد، إلا أنه يقف على الأرض وبيده قوس، أو سيف أو عصا، ويقلب الإمام رداءه بعد أن يمضي جزء من خطبته الأولى، فإن كان مربعاً جعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه، وإن كان مدوراً جعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، وإن كان مبطناً - كالبالطو - جعل باطنه خارجاً؛ وظاهره داخلاً. أما الجماعة الذين يصلون معه فإنهم لا يقبلون أرديتهم باتفاق، بلى يكتفي في ذلك بالإمام.
الحنابلة قالوا: كيفية صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد تماماً؛ فيكبر فيها سبعاً في الركعة الأولى، وخمساً في الثانية، ويقرأ في الأولى "سبح" وفي الثانية "هل أتاك حديث الغاشية" وإن شاء قرأ "إنا أرسلنا نوحاً" في الركعة الأولى، وقرأ في الثانية ما يشاء، ثم يخطب خطبة واحدة لا خطبتين، يجلس قبلها إذا صعد المنبر جلسة الاستراحة، ثم يفتتحها بالتكبير تسعاً، كخطبة العيد، ويكثر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويكثر فيها الاستغفار، ويقرأ فيها "استغفروا ربكم" الآية، ويسن أن يرفع يديه وقت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدعاء حتى يرى بياض إبطيه، وهو قائل، وتكون ظهور اليدين نحو السماء، وبطونهما جهة الأرض، ويؤمن المأمومون على دعائه؛ ويرفعون أيديهم كالإمام وهم جالسون، ويصح بكل ما يراه، ولكن الأفضل الدعاء بالوارد وهو "اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً - منقذا من الشدة - هنيئاً - حاصل بلا مشقة، مريئاً - محمود العاقبة - مريعاً - كثير النبات - غدقاً - بفتح الدال وكسرها، ومعناه كثيراً - مجللاً - المجلل السحاب الذي يعم البلاد نفعه - سحاً - سائلاً من فوق إلى أسفل عاماً، طبقاً - بفتح الطاء والباء؛ وهو الذي طبق البلا مطره - دائماً، نافعاً غير ضار؛ عاجلاً غير آجل، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت. اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم؛ ولا غرق، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء - الشدة - والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك. اللهم أنبت لنا الزرع؛ وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء، وانزل علينا من بركاتك، اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء ع لينا مدراراً.
وإذا دعا الإمام أمن المستمعون، ويستحب أن يستقبل الإمام القبلة أثناء الخطبة ثم يحول رداءه، فيجعل ما على الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، ويفعل المأمومون مثل فعله فيحولون أرديتهم، ويتركون الرداء محولاً، حتى ينزعوه مع ثيابهم، ويدعو سراً حال استقبال القبلة لنزع الرداء فيقول: اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا إنك لا تخلف الميعاد فإذا فرغ من ذلك الدعاء استقبلهم ثانياً وحثهم على الصدقة والخير، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويقرأ ما تيسر من القرآن، ثم يقول: أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، وبذلك ينتهي من خطبته، ولا يشترط لصلاة الاستسقاء أذان، كما لا يشترط الأذان لخطبتها، وينادي لها بقول: الصلاة جامعة، ويفعلها المسافر وسكان القرى؛ ويخطب بهم أحدهم.
المالكية قالوا: كيفية صلاة الاستسقاء كصلاة العيدين، إلا أنه لا يكبر فيها إلا التكبير المعتاد في الصلوات الأخرى، فلا يزيد التكبيرات المطلوبة في العيدين، وفاقاً للحنفية، وخلافاً للشافعية، والحنابلة، ويخطب فيها خطبتين، فإذا فرغ الإمام من الخطبة الثانية ندب له أن يستقبل القبلة، فيجعل ظهره للناس، ثم يقلب رداءه من خلفه، فيجعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن، وبالعطس، ولا يجعل أسفل الرداء أعلاه، ولا أعلى الرداء أسفله، ويندب للرجال الذين يصلون خلفه أن يقلبوا أرديتهم وهم جلوس، بخلاف النساء، ثم يدعو الإمام برفع ما نزل بالناس ويطيل في الدعاء، ويندب الدعاء بالوارد، ومنه ما جاء في خبر الموطأ وهو: كان صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: "اللهم اسق عبادك وبهيمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت".
المالكية: متفقون مع الشافعية، والحنابلة على أنها سنة مؤكدة تلي صلاة العيد في التأكد للرجال إذا أديت جماعة ولكنها تندب لمن فاتته مع الإمام، كما تندب للصبي المميز؛ وللمرأة المسنة. أما الشابة فإنه يكره لها الخروج لصلاة الاستسقاء، وإن خيفت الفتنة بخروجها، فإنه يحرم عليها الخروج