الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زكاة الدين
من كان له دين على آخر يبلغ نصاباً وحال عليه؛ واستكمل الشرائط المتقدمة، ففي زكاته تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (1) .
كان غير معد للاستعمال فتجب زكاته إذا بلغ النصاب من جهة الوزن، فإذا بلغ النصاب من جهة القيمة دون الوزن فلا تجب فيه الزكاة، أما الحلي المحرم فتجب فيه الزكاة كما تجب في آنية الذهب والفضة البالغة نصاباً وزناً، وإذا انكسر الحلي، فإن أمكن لبسه مع الكسر فهو كالصحيح لا تجب فيه الزكاة، وإن لم يمكن، فإن كان يحتاج في إصلاحه إلى صوغ، وجبت فيه الزكاة، وإن لم يحتج إلى صوغ، ونوى إصلاحه فلا زكاة فيه.
الشافعية قالوا: لا تجب الزكاة في الحلي المباح الذي حال عليه الحول مع مالكه العالم به. أما إذا لم يعلم بملكه، كأنه يرث حلياً يبلغ نصاباً، ومضى عليه الحول بدون أن يعلم بانتقال الملك إليه، فإنه تجب زكاته، أما الحلي المحرم: كالذهب للرجل؛ فإنه تجب فيه الزكاة؛ ومثله حلي المرأة إذا كان فيه إسراف، كخلخال المرأة إذا بلغ مائتي مثقال، فإنه تجب فيه الزكاة أيضاً، كما تجب في آنية الذهب والفضة، وتجب الزكاة في قلادة المرأة المأخوذة من الذهب والفضة المضروبين إذا لم تكن لها عروة من غير جنسها، فإن كان لها عروة منهما فلا زكاة فيها، ويعتبر في زكاة الحلي الوزن دون القيمة، وإذا انكسر الحلي لم تجب زكاته إذا قصد إصلاحه. وكان إصلاحه ممكناً بلا صياغة، وإلا وجبت
(1)
الحنفية قالوا: ينقسم الدين إلى ثلاثة أقسام: قوي، ومتوسط، وضعيف: فالقوي هو دين القرض والتجارة إذا كان على معترف به، ولو م فلساً، والمتوسط هو ما ليس دين تجارة: كثمن دار السكنى، وثيابه المحتاج إليها إذا باعها، ونحو ذلك مما تتعلق به حاجته الأصلية، كطعامه وشرابه، والضعيف هو ما كان في مقابل شيء غير المال: كدين المهر، فإنه ليس بدلاً عن مال أخذه الزوج من زوجته، وكدين الخلع، بأن خالعها على مال، وبقي ديناً في ذمتها؛ فإن هذا الدين لم يكن بدل شيء أخذه منها، ومثله دين الوصية ونحوه، فأما الدين القوي، فإنه يجب فيه أداء الزكاة عن كل ما يقبض منه إن كان يساوي أربعين درهماً، فكلما قبض أربعين درهماً سواء قبض أقل منها ابتداء، بأن قبض أو دفعة ثلاثين مثلاً أو قبض في الأول أربعين، ثم قبض أقل منها بعد ذلك، فإنه لا تجب عليه الزكاة في كلحال، إلا في الأربعين الكاملة، لأن الزكاة لا تجب في الكسور من الأربعين، فلو كان له دين عند آخر يبلغ ثلاثمائة درهم مثلاً؛ ثم حال عليها ثلاثة أحوال، فقبض منها مائتين، وجب عليه أن يخرج زكاة السنة الأولى عنها خمسة دراهم؛ فيبقى منها مائة وخمسة وتسعون تحتوي على الأربعين، أربع مرات، وذلك يساوي مائة وستين درهماً فيخرج عنها أربعة دراهم، وهي زكاة السنة الثانية، فيبقى مائة وستة وثمانون درهماً؛ تحتوي أيضاً على الأربعين أربع مرات، فيخرج زكاة السنة الثالثة أربع دراهم أيضاً، ولا شيء عليه فيما زاد عن ذلك، ويعتبر حولان الحول في الدين القوي من وقت ملك النصاب لا من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقت القبض، فيجب أداء الزكاة بمجرد القبض، بلا خلاف، أما الدين المتوسط، فإنه لا تجب فيه الزكاة إلا إذا قبض منه نصاباً، فإذا كان الدين خمسمائة درهم مثلاً، وقبض مائتين، وجب عليه أن يخرج خمسة دراهم، ولا يجب عليه فيما دون ذلك،
كما تقدم، والدين المتوسط مثل الدين القوي في حولان الحول عليه، فيعتبر حوله بحسب الأصل، لا من وقت القبض في الأصح؛ وأما الدين الضعيف فإنه يجب أداء الزكاة فيه بقبض نصاب منه؛ بشرط أن يحول عليه الحول من وقت القبض.
وهذا كله إذا لم يكن عنده ما يبلغ نصاباً سوى مال الدين: أما لو كان عنده مال يبلغ ذلك، ثم قبض من الدين شيئاً، سواء كان كان ما قبضه قليلاً، أو كثيراً، وسواء أكان الدين قوياً أم متوسطاً أم ضعيفاً؛ فإنه يجب ضم ما قبضه من الدين إلى ما عنده من المال، وإخراج زكاة الجميع، لأن المقبوض من الدين في هذه الحالة يكون كالمال الذي استفاده في أثناء السنة، وقد علمت أنه يجب ضمه إلى الأصل.
الحنابلة قالوا: تجب زكاة إذا كان ثابتاً في ذمة المدين، ولو كان المدين مفلساً، إلا أنه لا يجب إخراج زكاته إلا عند قبضه، فيجب عليه إخراج زكاة ما قبضه فوراً إذا بلغ نصاباً بنفسه، أو بضمه إلى ما عنده من المال، ولا زكاة في الديون التي لم تكن ثابتة في ذمة المدين.
المالكية قالوا: من ملك مالاً بسبب ميراث أو هبة أو صدقة أو خلع أو بيع عرض مقتنى، كأن باع متاعاً أو عقاراً أو أرش جناية - تعويض - ولم يضع عليه يده، بل بقي ديناً له عند واضع اليد، فإن هذا الدين لا تجب فيه الزكاة إلا بعد أن يقبضه ويمضي عليه حول من يوم قبضه مثال ذلك: رجل ورث مالاً من أبيه، وعينت له المحكمة حارساً قبل أن يقبضه لسبب من الأسباب، واستمر ديناً له أعواماً كثيرة، فإنه لا يطلب بزكاته في كل هذه الأعوام، ولو أخره فراراً من الزكاة، فإذا قبضه، ومضى عليه حول بعد قبضه وجبت عليه زكاة ذلك الحول ويحتسب من يوم القبض، ومن كان عنده مال مقبوض بيده وأقرضه لغيره، وبقي عند المدين أعواماً كثيرة فإنه تجب عليه زكاة عام واحد، إلا إذا أخره قصداً، فراراً من الزكاة فإن تجب عليه زكاته في كل الأعوام التي قصد تأخيره فيها ويحتسب عام زكاة هذا المال من يوم الملك أو من يوم تزكيته، إن كان قد زكاه قبل إقراضه، فإذا ملك شخص مالاً، ومكث معه ستة أشهر، ثم أقرضه لآخر، فمكث عنده ستة أشهر أخرى فإنه تجب فيه الزكاة عن هذا الحول لأنه يحتسب من يوم الملك، أما إذا مكث بيده سنة، ثم زكاه وأقرضه لآخر، فإن الحول يحتسب من يوم تزكيته، وإنما تجب الزكاة في هذا الدين بشروط أربعة:
أولاً: أن يكون أصله - وهو ما أعطاه للمدين - عيناً، ذهباً أو فضة، أو عرض تجارة لمحتكر - التاجر المحتكر هو الذي لا يبيع ولا يشتري بالسعر الحاضر، وإنما يحبس السلع عنده رجاء ارتفاع الأسواق -، مثال ما أصله عين أن يكون عنده عشرون جنيهاً، فيسلفها لغيره، ومثال ما أصله عرض تجارة لمحتكر أن يكون عنده ثياب للتجارة، وهو محتكر - فيبيعها لغيره بعشرين جنيهاً مؤجلة إلى عام أو أكثر، فإن كان أصل الدين عرضاً للقنية، ولم ينوبه التجارة، كما إذا كان عنده داراً اتخذها لسكناه،