الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك مفسدات أخرى مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط (1) .
مكروهات الاعتكاف وآدابه
وأما مكروهاته وآدابه، ففيها تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (2) .
(1) المالكية قالوا: من المفسدات أن يأكل أو يشرب نهاراً عمداً، فإذا أكل أو شرب نهاراً عامداً بطل اعتكافه، ووجب عليه ابتداؤه من أوله، سواء كان الاعتكاف واجباً أو غيره؛ ولا يبني على ما تقدم منه، وأما إذا أكل أو شرب ناسياً، فلا يجب عليه ابتداءه بل يبني على ما تقدم منه، ويقضي بدل اليوم اذي حصل فيه الفطر، ولو كان الاعتكاف تطوعاً ومنها تناول المسكر المحرم ليلاً، ولو أفاق قبل الفجر؛ وكذلك تعاطي المخدر إذا خدره بالفعل، فمتى تعاطى شيئاً من ذلك بطل اعتكافه وابتدأه من أوله، ومنها فعل كبيرة لا تبطل الصوم كاليغبة والنميمة، على أحد قولين مشهورين، والقول الآخر هو: أن ارتكاب الكبائر لا يبطله، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك، ومنها الجنون والإغماء؛ فإذا جن المعتكف أو أغمي عليه، فإن كان ذلك مبطلاً للصوم، كما تقدم، بطل اعتكافه، ولكنه لا يبتدئه من أوله كما تقدم في "الحيض والنفاس" ومنها الحيض والنفاس، كما تقدم في الشروط.
الحنفية قالوا: يفسد الاعتكاف أيضاً بإغماء إذا استمر أياماً، ومثله الجنون، وأما السكر ليلاً فلا يفسده، وكذلك لا يفسد بالسباب والجدل ونحوهما من المعاصي؛ وأما الحيض والنفاس فقد تقدم أن الخلو منهما شرط لصحة الاعتكاف الواجب، ولحل الاعتكاف غير الواجب فإذا طرأ أحدهما على المعتكف اعتكافاً واجباً فسد اعتكافه، وإذا فسد الاعتكاف معيناً، كما إذا نذر اعتكاف عشرة أيام معينة قضى بدل الأيام التي حصل فيها المفسد، ولا يستأنف الاعتكاف من أوله؛ وإن كان غير معين استأنف الاعتكاف، ولا يعتد بما تقدم عنه على وجود المفسد.
الحنابلة قالوا: من مفسدات الاعتكاف أيضاً سكر المعتكف ولو ليلاً، أما إن شرب مسكراً ولم يسكر، أو ارتككب كبيرة، فلا يفسد اعتكافه، ومنها الحيض والنفاس، فإذاحاضت المرأة أو نفست بطل اعتكافها، ولكنها بعد زوال المانع تبني على ما تقدم منه، لأنها معذورة، بخلاف السكران، فإنه يبني بعد زوال السكر، ويبتدئ اعتكافه من أوله؛ ولا يبطل الاعتكاف بالإغماء، ومن المفسدات أن ينوي الخروج من الاعتكاف، وإن لم يخرج بالفعل.
الشافعية قالوا: يفسد الاعتكاف أيضاً بالسكر والجنون إن حصلا بسبب تعديه، وبالحيض والنفاس إذا كانت المدة المنذورة تخلو في الغالب عنهما، بأن كانت خمسة عشر يومياً فأقل في الحيض، وتسعة أشهر فأقل في النفاس، أما إذا كانت المدة لا تخلو في الغالب عنهما بأن كانت تزيد على ما ذكر، فلا يفسد بالحيض ولا بالنفاس؛ كما لا يفسد بارتكاب كبيرة، كالغيبة، ولا بالشتم
(2)
المالكية قالوا: مكروهات الاعتكاف كثيرة: منها أن ينقص عن عشرة أيام ويزيد على شهر،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومنها أكله خارج المسجد بالقرب منه، كرحبته وفنائه؛ أما إذا أكل بعيداً من المسجد، فإن اعتكافه يبطل، ومنها أن لا يأخذ القادر معه في المسجد ما يكفيه من أكل أو شرب ولباس، ومنها دخوله منزله القريب من المسجد لحاجة لا بد منها إذا لم يكن بذلك المنزل زوجته أو أمته، لئلا يشتغل بهما عن الاعتكاف، فإن كان منزله بعيداً من المسجد بطل اعتكافه بالخروج إليه، ومنها الاشتغال حال الاعتكاف بتعلم العلم أو تعليمه، لأن المقصود من الاعتكاف رياضة النفس، وذلك يحصل غالباً بالذكر والصلاة، ويستثنى من ذلك العلم العيني؛ فلا يكره الاشتغال به حال الاعتكاف، ومنها الاشتغال بالكتابة إن كانت كثيرة؛ ولم يكن مضطراً لها لتحصيل قوته وإلا فلا كراهة؛ ومنها اشتغاله بغير الصلاة والذكر؛ وقراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك كعيادة مريض بالمسجد وصلاة على جنازة به ومنها صعوده منارة أو سطحاً للأذان، ومنها اعتكاف ما ليس عنده ما يكفيه.
وأما آدابه: فمنها أن يستصحب ثوباً غير الذي عليه، لأنه ربما احتاج؛ ومنها مكثه في مسجد اعتكافه ليلة العيد إذا اتصل انتهاء اعتكافه بها ليخرج من المسجد إلى مصلى العيد، فتتصل عبادة بعبادة، ومنها مكثه بمؤخر المسجد ليبعد عمن يشغله بالكلام معه، ومنها إيقاعه برمضان، ومنها أن يكون في العشر الأواخر منه لالتماس ليلة القدر؛ فإنها تغلب فيها، ومنها لا ينقص اعتكافه عن عشرة أيام.
الحنفية قالوا: يكره تحريماً فيه أمور: منها الصمت إذا اعتقد أنه قربة؛ أما إذا لم يعتقده كذلك فلا يكره؛ والصمت عن معاصي اللسان من أعظم العبادات؛ ومنها إحضار سلعة في المسجد للبيع أما عقد البيع لما يحتاج لنفسه أو لعياله بدون إحضار السلعة فجائز، بخلاف عقد التجارة فإنه لا يجوز.
وأما آدابه: فمنها أن لا يتكلم إلا بخير؛ وأن يختار أفضل المساجد وهي المسجد الحرام؛ ثم الحرم النبوي، ثم المسجد الأقصى لمن كان مقيماً هناك؛ ثم المسجد الجامع، ويلازم التلاوة والحديث والعلم وتدريسه ونحو ذلك.
الشافعية قالوا: من مكروهات الاعتكاف الحجامة والفصد إذا أمن تلويث المسجد، وإلا حرم؛ ومنها الإكثار من العمل بصناعته في المسجد، أما إذا لم يكثر ذلك؛ فلا يكره فمن خاط أو نسج خوصاً قليلاً فلا يكره.
وأما آدابه: فمنها أن يشتغل بطاعة الله تعالى كتلاوة القرآن والحديث والذكر والعلم، لأن ذلك طاعة؛ ويسن له الصيام؛ وأن يكون في المسجد الجامع؛ وأفضل المساجد الحرام؛ ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ وأن لا يتكلم إلا بخير فلا يشتم، ولا ينطق بلغو الكلام.
الحنابلة قالوا: يكره للمعتكف الصمت إلى الليل، وإذا نذر ذلك لم يجب عليه الوفاء به.
وأما آدابه: فمنها أن يشغل وقته بطاعة الله تعالى، كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة؛ وأن يجتنب ما لا يعنيه