الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الرابع؛ الحضور بأرض عرفة، وكيفية الوقوف
الركن الرابع من أركان الحج الحضور بأرض عرفة، على أي حال من الأحوال، سواء كان يقظان أو نائماً، وسواء كان قاعداً أو قائماً، وسواء كان واقفاً أو ماشياً، باتفاق، وله شروط وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1) .
وسط المسافة ذهاباً وإياباً، وأما في أول المسافة وآخرها فيمشي على حسب عادته، كما أن المرأة لا تهرول مطلقاً؛ سابعاً: أن يقول في حال سعيه: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم؛ ثامناً: اتصاله بالطواف، واتصال أشواطه بعضها ببعض من غير تفريق، ويكره الوقوف أثناءه بغير عذر، وتكراره، وصلاة ركعتين بعده بقصد أنهما سنة للسعي
(1)
الشافعية قالوا: للوقوف بعرفة شروط، وسنن؛ أما شروطه فهي: أولاً: أن يكون ذلك الحضور في وقته؛ ووقته من زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النحر. ويكفي الحضور من ذلك الوقت ولو لحظة؛ ثانياً: أن يكون الحاج أهلاً للعبادة. بأن لم يكن مجنوناً. ولا سكران زائل العقل. فإن كان مجنوناً أو سكران زائل العقل لم يجزئه ذلك الحضور عن الفرض. وأما المغمى عليه فهو كالمجنون إن لم ترج إفاقته، وإلا ظل محرماً إلى أن يفيق من الإغماء، وأما سننه: فمنها أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن سهل عليه ذلك، وإلا اكتفى بالقرب منها بحسب الإمكان، هذا للرجال. وأما النساء فيندب لهن الجلوس في حاشية الموقف إلا أن يكون لهن هودج ونحوه فإن الأولى لهن حينئذ الركوب فيه، ومنها الاكثار من الدعاء والذكر والتهليل. كأن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك. وله الحمد. وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. اللهم لك الحمد كالذي نقول. وخيراً مما نقول، ويندب غير ذلك من الأدعية المعروفة. ويكرر كل دعاء ثلاثاً. ويفتتح بالتحميد والتمجيد والتسبيح. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويختم بمثل ذلك مع التأمين. ويكثر من البكاء، ومن قراءة سورة "الحشر" ومنها أن يحرص على أكل الحلال، وعلى خلوص النية، ومزيد الخضوع والانكسار، ومنها رفع يديه - ولا يجاوز بهما رأسه - وأن يبرز للشمس إلا لعذر، وأن يفرغ قلبه من الشواغل قبل دخول وقت الوقوفن وأن يتجنب الوقوف في الطريق؛ ومنها أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، مستور العورة. مستقبل القبلة. وأن يكون راكباً إن أمكن. وأن لا ينهر السائل. أو يحتقر أحداً من خلق الله.
وأن يترك المخاصمة والمشاتمة، ومنها أن يقف بعرفة إلى الغروب ليحصل بين الليل والنهار.
الحنفية قالوا: للحضور بعرفة شرط. وواجب وسنن، أما شرطه فهو أن يكون في وقته الشرعي. وهو من بعد زوال شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة إلى فجر يوم النحر ولا يشترط النية. ولا العلم والعقل. فمن حضر في عرفة في هذا الوقت صح حجه. سواء أكان ناوياً أم لا، عالماً بأنه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عرفة أو جاهلاً، أو مجنوناً، أو مغمى عليه، أو نائماً، أو يقظان، وأما واجبه فهو أن يمتد إلى غروب الشمس إن وقف نهاراً. أما إن وقف ليلاً فلا واجب عليه.
فإذا وقف بالنهار ودفع من عرفة قبل غروب الشمس عليه دم، وأما سننه فهي: الاغتسال، وأن يخطب الإمام خطبتين، وأن يجمع الحاج بين صلاة الظهر والعصر بالشروط المتقدمة في "مبحث الصلاة" وأن يعجل الوقوف عقبهما، وأن يكون مفطراً، وأن يكون متوضئاً، وأن يقف على راحلته، وأن يكون وراء الإمام قريباً منه بقدر إمكانه، وأن يكون حاصر القلب، فارغاً من الأمور الشاغلة عن الدعاء، وأن يقف عند الصخرات السود، وهي موقف النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تعذر الوقوف عندها اجتهد أن يكون قريباً منها بقدر الإمكان، وأن يرفع يديه مبسوطتين، ويدعو بعد الحمد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويلبي في موقفه، ويكثر الاستغفار لنفسه ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات، وأن يستمر في التلبية والتهليل والتسبيح والثناء على الله بالخشوع والتذلل والإخلاص، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يدعو بقضاء الحوائح لغروب الشمس، ولا يتقيد بصيغة خاصة في دعائه، بل يدعو بما شاء، والأفضل أن يكون أكثر دعائه، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا نعبد إلا إياه، ولا نعرف رباً سواه؛ اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً؛ اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللهم هذا مقام المستجير العائذ من النار، أجرني من النار بعفوك، وأدخلني الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إذا هديتني للإسلام فلا تنزعه عني ولا تنزعني عنه حتى تقبضني وأنا عليه، والسنة أن يخفي صوته بالدعاء.
الحنابلة قالوا: للحضور بعرفة شروط وواجب، وسنن أما شروطه: فمنها أن يكون الحضور إلى عرفة باختياره، فلا يصح حضور من أكره على الوقوف: ومنها أن يكون أهلاً للعبادة، فلا يصح الحضور من مجنون، ولا سكران، ولا مغمى عليه، ومنها أن يكون في الوقت المعتبر له شرعاً، وهو من فجر اليوم التاسع من شهر ذي الحجة إلى فجر اليوم العاشر، وهو يوم النحر، ويجزئه الوقوف، ولو لم يعلم بأن المكان الذي وقف فيه من عرفة، ولو لم يعلم بأن هذا الزمن هو زمن الوقوف. فمتى صادف المكان والزمن صح وقوفه، ولو لم يعلم بهما. وأما واجبه فهو حضوره بعرفة جزءاً من الليل إذا كان قد وقف نهاراً، وأما من جاء الجبل ليلاً، فإنه يجزئه الحصور في وقته المذكور، ولا شيء عليه. وأما سننه: فمنها أن يقف على راحلته، وأن يستقبل القبلة، وأن يكون عند الصخرات وجبل الرحمة، ولا يطلب صعوده، وأن يرفع يديه عند الدعاء، وأن يكثر الدعاء والاستغفار والتضرع وإظهار الضعف والافتقار، ويلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاث مرات؛ ويكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً؛ ويسر لي أمري.
المالكية قالوا: من أركان الحج الحضور بعرفة بأي جزء منها على أي حال كان، سواء لبث بها أو مر، إلا أنه إن كان ماراً شرط فيه أمران. الأول: العلم بأنها عرفة، فلو مر بها جاهلاً لا يكفيه ذلك،