الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها
اتفق الأئمة على أن الجمعة لا تصح إلا بجماعة، ولكنهم اختلفوا في عدد الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بهم، كما اختلفوا في شروط هذه الجماعة، وقد ذكرنا آراء المذاهب تحت الخط (1) .
الذي لا يصح فيه للمسافر أن يقصر الصلاة متى وصل عنده، وسيأتي تفصيله في مباحص "قصر الصلاة" ومثل الفضاء الخندق الموجود داخل سور البلد إن كان لها سور.
الحنفية قالوا: لا يشترط لصحة الجمعة أن تكون في المسجد، بل تصح في الفضاء، بشرط أن لا يبعد عن المصر بأكثر من فرسخ، وأن يأذن الإمام بإقامة الجمعة فيه، كما تقدم في الشروط
(1)
المالكية قالوا: أقل الجماعة التي تنعقد بها الجمعة اثنا عشر رجلاً غير الإمام، ويشترط فيهم شروط: أحدها: أن يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة، فلا يصح أن يكون منهم عبد أو صبي أو امرأة، الثاني: أن يكونوا متوطنين، فلا يصح أن يكون منهم مقيم ببلد الجمعة لتجارة مثلاً أو مسافر نوى الإقامة أربعة أيام، الثالث: أن يحضروا من أول الخطبتين إلى تمام الصلاة، فلو بطلت صلاة واحد منهم، ولو بعد سلام الإمام، وقبل سلامه هو، فسدت الجمعة على الجميع؛ الرابع أن يكونوا مالكيين أو حنفيين، فإن كانوا من الشافعية أو الحنابلة الذين يشترطون أن يكون عدد الجماعة أربعين، فلا تنعقد الجمعة بهم إلا إذا قلدوا مالكاً أو أبا حنيفة، ولا يلزم عند إقامة أول جمعة في قرية حضور أهل القرية كلهم، بل يكفي حضور الاثني عشر على الراجح؛ ويشترط في الإمام أن يكون ممن تجب عليه الجمعة ولو كان مسافراً نوى الإقامة أربعة أيام، لكن بشرط أن تكون الإقامة بغير قصد الخطبة، فإن أقام بقصد الخطبة فلا يصح أن يكون إماماً.
الحنفية قالوا: يشترط في الجماعة التي تصح بها الجمعة أن تكون بثلاثة غير الإمام، وإن لم يحضروا الخطبة، فلو خطب بحضور واحد، ثم انصرف قبل الصلاة وحضر ثلاثة رجال بعد ذلك وصلى بهم صحت من غير أن يعيد عليهم الخطبة، ويشترط فيها أن يكونوا رجالاً ولو كانوا عبيداً أو مرضى أو مسافرين أو أميين أو بهم صمم، لأنهم يصلحون للإمامة في الجمعة، إما لكل أحد، وإما لمثلهم في الأمي والأخرس بعد أن يخطب واحد غيرهم، إذ لا يشترط أن يكون الخطيب هو إمام الجمعة، فصلاحيتهم للابتداء لغيرهم أولى، بخلاف النساء أو الصبيان، فإن الجماعة في الجمعة لا تصح بهم وحدهم لعدم صلاحيتهم للإمامة بمثلهم فيها ويشترط أن يستمروا مع الإمام حتى يسجد السجدة الأولى. فإن تركوه بعد ذلك بطلت صلاتهم وحدهم وأتمها هو جمعة، وإن تركوه قبل أن يسجد بطلت صلاة الجميع عند أبي حنيفة؛ ويشترط في الإمام أن يكون ولي الأمر الذي ليس فوقه ولي أو من يأذنه بإقامة الجمعة، وهذا شرط في صحة الجمعة، فلو لم يكن الإمام ولي الأمر أو نائبه لم تنعقد الجمعة وصلاها الناس ظهراً، ويجوز لمن أذنه الإمام بإقامة الجمعة أن ينيب غيره، وأن يصرح له بذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشافعية قالوا: يشترط في الجماعة التي تصح بها الجمعة أمور: أحدها: أن يكونوا أربعين ولو بالإمام، فلا تنعقد الجمعة بأقل من ذلك؛ فإن نقص العدد عن ذلك جاز تقليد إمام لا يشترط ذلك العدد بشرط أن يحترز المقلد عن التلفيق، كأن يكون في طهارته موافقاً لذلك المذهب؛ ويشترط فيهم أن يكونوا ممن تنعقد بهم الجمعة، بأن يكونوا أحراراً ذكوراً مكلفين متوطنين بمحل واحد، فلا تنعقد بالعبيد والنساء والصبيان والمسافرين، وأن يستمروا مع الإمام في صلاة صحيحة مغنية عن القضاء، بحيث لا تلزمهم إعادتها لعذر إلى أن تنتهي الركعة الأولى، أما الركعة الثانية فلا يشترط فيها بقاء الجماعة، بمعنى أنهم لو نووا مفارقة الإمام فيها وأتموا صلاتهم لأنفسهم صحت جمعتهم، وكذلك الإمام إذا نوى مفارقتهم فيها وأتم لنفسه. أما إذا فسدت صلاة واحد منهم قبل سلام الإمام أو بعده فإن صلاة الجمعة تبطل على الجميع، لأنه يشترط دوام العدد إلى تمامها، فإن أمكنهم إعادتها جمعة لاتساع الوقت وجبت وإلا صلوها ظهراً؛ ويشترط أيضاً أن يفتتح المقتدون صلاتهم عقب افتتاح الإمام صلاته بدون أن يتأخروا عنه زمناً لا يسع قراءة الفاتحة والركوع قبل رفعه من الركوع، فلو تأخروا عن تكبيرة الإمام حتى صار الزمن الذي بين تكبيرهم للإحرام ورفع الإمام من الركوع لا يسع قراءة الفاتحة والركوع لم تنعقد الجمعة، أما الإمام فإن كان من الأربعين فإنه يشترط فيه أن يستكمل الشروط التي شرطت في المقتدين. وإن كان زائداً عن الأربعين صح أن يكون صبياً أو عبداً أو مسافراً؛ ويشترط أن ينوي الإمام الإمامة وإن كان صبياً أو عبداً أو مسافراً؛ وكذا يشترط في المقتدين أو ينووا الاقتداء. فإن لم ينو الإمام أو المقتدون ذلك لم تنعقد، ويشترط أيضاً بقاء العدد كاملاً من أول الخطبة إلى انتهاء الصلاة.
الحنابلة قالوا: يشترط في جماعة الجمعة شروط: 1 - أن لا يقل عددهم عن أربعين، ولو بإمام.
-2 - أن يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة بأنفسهم، وهم الأحرار الذكور البالغون المستوطنون بالمحل الذي يصح أن تقام فيه الجمعة، وهو البلد المبني بناء معتاداً، فلا يصح أن يكون من جماعة الجمعة رقيق ولا أنثى ولا صبي ولا مسافر ولا مقيم غير مستوطن ولا مستوطن بمحل خارج عن بلد الجمعة وإن وجبت عليه تبعاً، كما تقدم.
-3 - أن يكونوا قد حضروا الخطبة والصلاة ولا يشترط أن يحضروا جميع الصلاة. فلو حضر الأربعون جميع الخطبة وبعض الصلاة ثم انصرفوا بعد مجيء بدلهم صحت، أما لو نقص العدد عن الأربعين في أثناء الصلاة قبل حضور ما يكمله، فإنه تبطل. وتجب إعادتها جمعة إن أمكن؛ ثم نقص عدد الأربعين حتى صاروا اثني عشر. فإن الصلاة لا تبطل عليهم، ويجب على الإمام أن يستخلف منهم من يتم بهم صلاتهم. أما هو فصلاته باطلة حيث كان مذهبه يشترط الأربعين؛ فإن كان المأمومون يرون أنه لا بد من أربعين والإمام لا يرى ذلك، ثم نقص عددهم عن الأربعين قبل حضور ما يتم به العدد المذكور، فإن الصلاة تبطل على الجميع