الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنن الحج
أما سنن الحج: فمنها ما يتعلق بالإحرام، وقد تقدمت في مبحث ما يطلب من مريد الإحرام قبل الشروع فيه، ومنها ما يتعلق بالطواف. ومنها ما يتعلق بالسعي، ومنها ما يتعلق بالوقوف، وقد تقدم جميع ذلك في المباحث السابقة، وبقيت سنن أخرى مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1) .
(1) الحنفية قالوا: بقي سنن. منها المبيت بمنى في ليالي أيام النحر، ومنها المبيت بمزدلفة ليلة النحر بعد الخروج من عرفة، ومنها أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، ومنها الترتيب بين الجمار الثلاث، وقد تقدم لك أن أصل رمي الجمار واجب.
وللحج داب أيضاً، وهي كثيرة: منها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها أن يستشير ذا رأي في سفره ذلك العام الذي يريد فيه أداء الحج، ومنها أن يستخير الله تعالى، وسنة الاستخارة: أن يصلي ركعتين بسورة الإخلاص بعد أم الكتاب؛ ويدعو بدعاء الاستخارة المأثور، ثم يبدأ بالتوبة وإخلاص النية ورد المظالم؛ ومنها أن يستسمح خصومه وكل من له معاملة، ومنها أن يقضي ما قصر فيه من العبادات، ومنها أن يتجرد من الرياء والسمعة والفخر، ومنها أن يجتهد في تحصيل النفقة الحلال، فإنه لا ثواب للحج بالمال الحرام وإن سقط به الفرض حتى ولو كان المال مغصوباً، ومنها أن يتخذ رفيقاً صالحاً يذكره إن نسي، ويصبره إذا جزع، ويعينه إذا عجز.
ومنها أن يجعل خروجه يوم الخميس؛ وإلا فيوم الإثنين أول النهار من أول الشهر، ومنها أن يودع أهله وإخوانه ويستسمحهم، ويطلب دعاءهم، ويذهب إليهم لذلك؛ وأما هم فيسن لهم أن يذهبوا إليه عند فدومه، ومنها أن يصلي ركعتين قبل أن يخرج من بيته وبعد الرجوع إلى بيته، ويقول عقب الصلاة حين يخرج: اللهم غليك توجهت، وبك اعتصمت؛ وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني، وما لا اهتم به، وما أنت أعلم به مني، عز جارك، ولا إله غيرك، اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنوبي، ووجهني إلى الخير أينما توجهت، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال وإذا خرج يقول: بسم الله: ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، توكلت على الله، اللهم وفقني لما تحب وترضى، واحفظني من الشيطان الرجيم، ويقرأ آية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، وإذا ركب الدابة يقول: بسم الله، والحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي جعلني من خير أمة أخرجت للناس، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون الحمد لله رب العالمين.
الشافعية قالوا: سنن الحج كثيرة: منها المبيت بمنى ليلة عرفة، وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة؛ بخلاف المبيت ليالي التشريق، فإنه واجب، كما تقدم ومنها سرعة السير في بطن وادي محسر، وهو مكان فاصل بين مزدلفة ومنى، سمي بذلك لأنه حسر، أي عجز فيه الفيل الذي أراد أبرهة هدم الكعبة به، وهو المذكور في الآية، ومنها الخطب المسنونة فيه، وهي أربع: إحداها: يوم السابع من ذي الحجة، وهي خطبة مفردة يخطبها الإمام أو نائبه: كأمير الحج بعد صلاة الظهر بالمسجد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحرام، يفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم، وبالتلبية إن كان محرماً، والأفضل أن يكون الخطيب محرماً، ثانيها: يوم عرفة بنمرة قبل صلاة الظهر؛ وهما خطبتان، ثالثها: يوم النحر بمنى، وهي واحدة بعد صلاة الظهر، رابعها: يوم النفر الأول بمنى، وهي واحدة بعد الظهر، وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج؛ ومن السنن حلق الرجل، وتقصير الأنثى، ومنها الوقوف بالمشعر الحرام؛ وهو جبل قزح - بوزن عمر - يذكرون الله تعالى عنده، ويدعون ربهم إلى الإسفار مع استقبال القبلة، ومنها أن لا يتعجل من منى، بل يبقى بها جميع ليالي التشريق؛ ومنها الذكر المسنون؛ كأن يقول عند رؤية البيت الحرام ما سبق بيانه؛ ويقول في أول طوافه ما تقدم أيضاً، ويقول قبالة البيت: اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك.
والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار، ويقول بين الركنين اليمانيين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ويقول في الرمي: اللهم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، ويقول في السعي: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ومنها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها إرضاء خصومه، وأن يتوب من جميع المعاصي، وأن يتعلم كيفية الحج. وأن يستسمح كل من كان بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، ومنها أن يكتب قبل سفرة وصية، ويشهد عليها، وأن يطلب رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الحج، وأن يكثر من الزاد والنفقة ليواسي من المحتاجين، ومن السنن الإكثار من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كلما دخله، ومنها دخول الكعبة والصلاة فيها ولو نفلاً، ومنها الإكثار من شرب ماء زمزم مع التضلع منه مستقبلاً القبلة عند شربه قائلاً: اللهم إني بلغين عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لم اشرب له" وأنا أشربه لسعادة الدنيا والآخرة، اللهم فافعل، ثم يسمي الله تعالى. ويشرب، ويتنفس ثلاثاً، ويسن الدخول إلى البئر، والنظر فيها، والنزح منها بالدول، ونضح وجهه ورأسه وصدره بمائها، ويتزود منها عند سفره.
المالكية قالوا: للحج سنن ومندوبات، فأما سننه فهي أولاً: الخطبتان بعد الزوال بمسجد عرفة، كما تقدم؛ ثانياً: جمع الظهر والعصر به جمع تقديم كما تقدم؛ ثالثاً: قصر الظهر والعصر المذكورين لغير أهل عرفة، أما هم فلا يقصرون؛ رابعاً: جمع المغرب والعشاء بمزدلفة بعد الدفع من عرفة إليها، وهذا الجمع يكون تأخيراً في وقت العشاء، وإنما يسن لمن وقف بعرفة مع الإمام، ثم سار إلى المزدلفة مع الناس، أو لم يسر معهم؛ وهو قادر عليه، فإن لم يقف مع الإمام، فلا يجمع بنيهما، بل يصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم يسر مع الناس لعجزه عن السير معهم.
فإنه يؤخر المغرب، ويجمعها مع العشاء عند دخول وقتها في أي مكان شاء، خامساً: قصر العشاء لغير أهل مزدلفة: فالجمع بعرفة ومزدلفة سنة لكل حاج ولو كان من أهلهما، والقصر إنما لا يسن لغير أهل المحل الذي فيه القصر؛ سادساً: تقليد الهدي؛ سابعاً: الإشعار، وقد تقدم بيان معناها، وبيان ما يقلد، وما يشعر من الأنعام، وما لا يقلد منها، ولا يشعر، ومن السنن غير ذلك مما تقدم في خلال الأركان؛ وأما مندوباته فهي النزول بذي طوى لمن وصل مكة ليلاً، فيبيت بها ليدخل مكة نهاراً صحوة، والغسل لمن دخلها إن لم