الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركان التيمم
وأما أركانه: فمنها النية (1) ، ولها في التيمم كيفية مخصوصة مفصلة في المذاهب (2) .
(1) الحنفية قالوا: إن النية شرط في التيمم، وفي الوضوء، كما تقدم. وليست ركناً.
الحنابلة قالوا: إن النية شرط في التيمم، وفي الوضوء وليست ركناً
(2)
المالكية قالوا: ينوي استباحة الصلاة، أو مس المصحف، أو غيره مما يشترط فيه الطهارة، أو ينوي استباحة ما منعه الحدث، أو ينوي فرض التيمم فلو نوى رفع الحدث فقط كان تيممه باطلاً، لأن التيمم لا يرفع الحدث عندهم، ويشترط تمييز الحدث الأكبر من الأصغر إذا نوى استباحة ما منعه الحدث أو نوى استباحة الصلاة، فلو كان جنباً ونوى ذلك بدون ملاحظة الجنابة لم يجزه، وأعاد الصلاة وجوباً، أما إذا نوى فرض التيمم، فإنه يجزئ، ولو لم يتعرض لنية الحدث الأكبر، لأن نية الفرض تجزئ عن نية كل من الأصغر والأكبر، ثم إذا نوى التيمم لفرض، فله أن يصلي بتيممه فرضاً واحداً، وما شاء من السنن والمندوبات وأن يطوف به طوافاً غير واجب، ويصلي به ركعتي الطواف الذي ليس بواجب، وأن يمس المصحف ويقرأ الجنب القرآن، ولو كان المتيمم حاضراً صحيحاً، فلو صلى به فرضاً آخر بطل الثاني، ولو كانت الصلاة مشتركة في الوقت، كالظهر مع العصر، ويشترط لمن يريد أن يصلي نفلاً بالتيمم للفرض أن يقدم صلاة الفرض عن صلاة النفل، فلو صلى به نفلاً أولاً صحنفله، ولكن لا يصح له أن يصلي به الفرض بعد ذلك. بل لا بد له من تيمم آخر للفرض وإذا تيمم لنفل أو سنة استقلالاً لا تبعاً لفرض صح له أن يفعل بهذا التيمم كلما ذكر من مس مصحف، وقراءة للقرآن ولو كان جنباً. ونحو ذلك مما يتوقف على طهارة ولكن لا يصح له أن يصلي بهذا التيمم فرضاً. وهذا في غير الصحيح الحاضر. أما الصحيح الحاضر. فإنه لا يصح له أن يتيمم للنفل استقلالاً كما تقدم، وإذا تيمم لقراءة قرآن أو للدخول على سلطان. أو نحو ذلك مما لا يتوقف على طهارة. فإنه لا يجوز له أن يفعل بتيممه هذا ما يتوقف على الطهارة.
الحنفية قالوا: يشترط في نية التيمم الذي تصح به الصلاة أن ينوي واحداً من ثلاثة أمور: الأول: أن ينوي الطهارة من الحدث القائم به ولا يشترط تعيين واحد من الجنابة أو الحدث الأصغر. فلو كان جنباً ونوى الطهارة من الحدث الأصغر أجزأه، الثاني: أن ينوي استباحة الصلاة، أو رفع الحدث. لأن التيمم يرفع الحدث عندهم، الثالث: أن ينوي عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة كالصلاة. أو سجدة التلاوة. فإن نوى التيمم فقط من غير أن يلاحظ استباحة الصلاة أو رفع الحدث القائم به. فإن صلاته لا تصح بهذا التيمم، كما لو نوى ما ليس بعباده أصلاً، أو نوى عبادة غير مقصودة أو نوى عبادة مقصودة تصح بدون طهارة والأول: كما إذا تيمم بنية مس مصحف. فإن المس في ذاته ليس عبادة. ولا يقترب به. وإنما العبادة هي التلاوة. فلو صلى بهذا التيمم لم تصح صلاته، والثاني: كما إذا تيمم للأذان والإقامة فإنهما عبادة غير مقصودة لذاتها، لأن الغرض منهما الإعلام
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فضلاً من أنهما يصحان بدون طهارة. فلو تيمم لهما لا تصح صلاته بهذا التيمم. والثالث: كما إذا تيمم لقراءة القرآن وهو محدث حدثاً أصغر. فإن القراءة عبادة مقصودة لذاتها. ولكنها تجوز للمحدث حدثاً أصغر بدون طهارة ومثل ذلك ما إذا تيمم للسلام. أو لرده فإنه لا تصح صلاته بهذا التيمم.
الشافعية قالوا: لا بد أن ينوي استباحة الصلاة ونحوها، فلا يصح أن ينوي رفع الحدث، لأن التيمم لا يرفعه عندهم كما لا يصح أن ينوي التيمم فقط. أو فرض التيمم لأنه كهارة ضرورة. فلا يكون مقصوداً، فإذا نوى استباحة الصلاة ونحوها فله أحوال ثلاثة: أحدها: أن ينوي استباحة فرض. كالصلاة المكتوبة. أو الطواف المفروض، أو خطبة الجمعة؛ ثانيها: أن ينوي نفلاً. كصلاة نافلة. أو طواف غير مفروض أو صلاة جنازة، ثالثها: أن ينوي سجدة تلاوة. أو شكر. أو مس مصحف. أو قراءة قرآن وهو جنب فإن نوى الأول فإنه يستبيح بهذا التيمم فرضاً واحداً من المرتبة الأولى، ولو غير ما نواه، وما شاء من النوافل، ويفعل كل ما يتوقف على طهارة مما ذكر في القسم الثاني والثالث؛ وإن نوى الثاني صح له أن يفعل به ما توقف على طهارة مما ذكر في القسم الثاني والثالث فقط، فيصلي به ما شاء من النوافل، ويمس به المصحف ولكن لا يصلي به فرضاً، أو يخطب جمعة، أو يطوف طوافاً مفروضاً؛ وإن نوى الثالث، فإنه يستباح له أن يفعل به ما ذكر في القسم الثالث فقط، ولو كان غير ما نواه؛ ولا يجوز له أن يفعل شيئاً مما ذكر في القسم الأول والثاني. ولا يجب عندهم في نية التيمم أن يتعرض لتعيين الحدث الأكبر أو الأصغر. فلو تعرض، كأن قال الجنب: نويت استباحة الصلاة المانع منها الحدث الأصغر، ظاناً أنه الذي عليه، فبان خلافه، فإنه يجزئه؛ أما إن كان معتمداً. فإنه لا يجزئه لتلاعبه.
الحنابلة قالوا: إن النية شرط لصحة التيمم؛ وصفتها أن ينوي استباحة ما تيمم له من صلاة أو طواف، فرضاً أو نفلاً، من حدث أصغر، أو أكبر، أو نجاسة ببدنه، فإن التيمم يصح للنجاسة على البدن، ولكن بعد تخفيفها على قدر ما يمكن، أما النجاسة على الثوب، وفي المكان فلا، فإن نوى رفع حدث لم يصح تيممه، لأن التيمم مبيح لا رافع، فلا يكفي التيمم بنية واحد من الثلاثة - الحدث الأصغر، أو الأكبر، أو النجاسة - عن الباقي، فلو كان جنباً، ونوى استباحة صلاة الظهر مثلاً من الجنابة، ولم ينو الاستباحة من الحدث الأصغر، لا يصح له أن يصلي به، لأنه رفع الجنابة فيصح له أن يفعل ما ترفعه، كقراءة القرآن، ولم يرفع الحدث الأصغر، وكذا إذا نوى استباحة ما منعه الحدث الأصغر فقط دون الجنابة، فإن تيممه لا يرفع الجنابة في هذه الحالة؛ أما إن نوى بالتيمم استباحة الصلاة من الجميع، الحدث الأكبر، والأصغر، والنجاسة التي على البدن، أجزأته النية عن الجميع، ولا يكلف نية خاصة لكل واحد، ومن نوى استباحة شيء، جاز له أن يفعل بهذا التيمم ذلك الشيء، وما هو مثله، وما هو دونه فأعلى ما يتيمم له فرض عليه، فنذر، ففرض كفاية، فنافلة، فطواف نفل، فمس مصحف، فقراءة قرآن فلبث بمسجد لجنب، فوطء حائض بعد انقطاع دمها؛ وإن أطلق نية التيمم لصلاة، أو طواف لم يفعل الا نقلهما
ووقت النية (1) عند وضع يده على ما تيمم به.
ومنها الصعيد الطهور (2) ، وهو الذي لم تمسه نجاسة، فإذا مسته نجاسة لم يصح به التيمم، ولو زال عين النجاسة وأثرها، وفي بيان الصعيد تفصيل المذاهب.
(1) الشافعية قالوا: لا يكفي أن تكون النية مقارنة لوضع يده على الصعيد، بل يجب أن تكون مقارنة لنقل الصعيد، ومسح شيء من الوجه، لأنه أوله ممسوح.
الحنابلة قالوا: إن النية لا يشترط فيها المقارنة، بل يصح تقدمها عن المسح بزمن يسير، كما هو الشأن في نية كل عبادة
(2)
الشافعية قالوا: إن المراد بالصعيد الطهور: التراب الذي له غبار، ومنه الرمل إذا كان له غبار، فإن لم يكن لهما غبار، فلا يصح التيمم بهما، ولا فرق في ذلك بين أن يكون التراب محترفاً أو لا، الا إذا صار المحترق رماداً، كما لا فرق بين أن يكون صالحاً، لأن ينبت، أو سبخاً لا ينبت شيئاً، وعدوا من تراب الطفل إذا دق، وصار له غبار، ولو اختلط التراب، أو الرمل بشيء آخر كحمرة، أو دقيق، وإن قل المخالط لا يصح التيمم بهما. واشترطوا أن لا يكون التراب مستعملاً، والمستعمل ما بقي بالعضو الممسوح، أو تناثر منه عند المسح.
الحنابلة قالوا: إن المراد بالصعيد هو التراب الطهور فقط، ويشترط أن يكون التراب مباحاً، فلا يصح بمغصوب ونحوه، وأن يكون التراب غير محترق، فلا يصح بما دق من خزف ونحوه، لأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب، واشترطوا أن يعلق غباره، لأن ما لا غبار له لا يمسح بشيء منه، فإن خالطه ذو غبار غيره، كالجص، والنورة، كان حكمه حكم الماء الطهور الذي خالطه طاهر، فإن كانت الغلبة للتراب، جاز التيمم به، وإن كانت للمخالط، فإن كان المخالط لا غبار له يمنع التيمم بالتراب، وذلك كبرّ وشعير، وإن كثر، ولا يصح التيمم بطين لم يمكن تجفيفه، والتيمم به جائز إن كان قبل خروج الوقت لا بعده.
الحنفية قالوا: إن الصعيد الطهور هو كل ما كان من جنس الأرض، فيجوز التيمم على التراب والرمل والحصى والحجر، ولو املس، والسبخ المنعقد من الأرض، أما الماء المنعقد وهو الثلج فلا يجوز التيمم عليه، لأنه ليس من أجزاء الأرض، كما لا يجوز التيمم على الأشجار والزجاج والمعادن المنقولة؛ وأما المعادن التي في مقرها، فإنه يجوز التيمم بالتراب الذي عليها لا بها نفسها، ولا يجوز التيمم باللؤلؤ، وإن كان مسحوقاً. ولا بالدقيق، والرماد، ولا الحصى، ولا بالنورة والزرنيخ والمغرة. والكحل، والكبريت والفيروزج ويجوز التيمم بالطوب المحترق؛ ولا يجوز التيمم بالتراب ونحوه إذا خالطه شيء ليس من جنس الأرض. وغلب عليه، فإن لم يغلب عليه بأن تساويا أو غلب التراب صح التيمم.
المالكية قالوا: المراد بالصعيد ما صعد. أي ظهر من أجزاء الأرض. فيشمل التراب. وهو
ومنها (1) مسح جميع الوجه، ولو بيد واحدة، أو إصبع، ويدخل في الوجه اللحية ولو طالت (2) ، وكذا الوترة، وهي الحاجز بين طاقتي الأنف، وما غار من الأجفان، وما بين العذار، وكذا ما تحت الوتد من البياض الذي بين الأذن والعذار، ولا يتتبع ما غار من بدنه.
ومنها مسح اليدين مع المرفقين (3) ، ويجب أن ينزع ما ستر شيئاً منها، كالخاتم والأساور، ويجب أن يمسح ما تحته، فلا يكفي تحريكه في التيمم (4) ، بخلاف الوضوء؛ وزاد بعض المذاهب على ذلك فروضاً أخرى (5) .
أفضل من غيره عند وجوده. والرمل. والحجر. وكذا الثلج لأنه وإن كان ماء متجمداً. الا أنه أشبه بالحجر الذي هو من أجزاء الأرض، والطين الرقيق غير أن ينبغي له أن يخفف وضع يده عليه، أو يجففها قبل المسح، فلا يلوث أعضاءه؛ وكذا الجص، وفسروه بالحجر الذي إذا احترق صار جيراً؛ أما بعد الاحتراق، فلا يجوز التيمم عليه، وكذا المعادن؛ فإنه يباح التيمم عليها، الا الذهب والفضة والجواهر فإنه لا يجوز التيمم عليها، كما لا يجوز التيمم على المعادن المنقولة من مقرها، كالشب والملح، ولا يجوز التيمم على طوب محترق؛ أما إن كان غير محترق، فيصح التيمم عليه إذا لم يخلط بنجس أو طاهر كثير، كتبن، وحد الطاهر الكثير أن يكون هو الغالب، فلو كان التبن مثلاً، مقدار الطين، لا يضر، أما التيمم على ما ليس من أجزاء الأرض، كالخشب والحشيش ونحوه، فلا يجوز، ولو ضاق الوقت، ولم يجد غيره، ورجح بعضهم الجواز إذا ضاق الوقت، ولم يجد غيره.
هذا واستعمال الصعيد الطهور هو الضربة الأولى، بأن يضع كفيه على الصعيد
(1)
الحنفية قالوا: إذا كان المسح بيده، فإنه يشترط أن يمسح بجميع يده، أو أكثرها، والمفروض إنما هو المسح سواء كان باليد، أو بما يقوم مقامها، أما تعميم الوجه واليدين بالمسح، فهو شرط لا ركن، ويكون المسح بضربتين أو بما يقوم مقامهما ركن من أركان التيمم، وإن لم يذكر الضرب في الآية الكريمة، الا أنه ذكر في الحديث حيث قال:"التيمم ضربتان"
(2)
الحنفية قالوا: يجب مسح الشعر الذي يجب غسله في الوضوء، وهو المحاذي للبشرة فلا يجب مسح ما طال من اللحية
(3)
المالكية، والحنابلة قالوا: إن الفرض مسح اليدين إلى الكوعين، وأما إلى المرفقين، فهو سنة، كما يأتي
(4)
الحنفية قالوا: إن تحريك الخاتم الضيق والسوار يكفي في التيمم أيضاً، لأن التحريم مسح لما تحته والفرض هو المسح لا وصول الغبار
(5)
المالكية زادوا في فروض التيمم الموالاة بين أجزائه، وبينه وبين ما فعل له من الصلاة ونحوها، فلو فرق بينهما بزمن طويل، طولاً يخل بالموالاة، ولو ناسياً لا يصح، ففرائض التيمم