الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يمنع الحاج من فعله
يمنع الحاج من أمور بعضها مفسد للحج بحيث لو فعله بطل حجه، ومنها ما يترتب لعيه هدي وهو من الإبل أو البقر أو الغنم، كما سيأتي في مبحثه، ومنها ما يترتب عليه فدية، وهي صدقة من طعام أو غيره.
مفسدات الحج
يفسد الحج بترك الوقوف بعرفة في وقته المتقدم باتفاق المذاهب، وكذا يفسد بترك ركن من أركانه، على التفصيل المتقدم في المذاهب، وكذا يفسد بالجماع. باتفاق أيضاً، ولكن
يكن حائضاً، أو نفساء، أما هما فلا يندب لهما الغسل، لأنه للطواف بالبيت، ولا يصح منهما، كما تقدم، والدعاء بعد تمام الطواف، والإكثار من شرب ماء زمزم بنية حسنة، فقد ورد "ماء زمزم لما شرب له"، ونقل ماء زمزم، والوقوف مع الناس بعرفة؛ والدعاء، والتضرع، حال الوقوف إلى الغروب، والبيات بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة، والارتحال منها إلى منى بعد صلاة الصبح وقبل الإسفار، ووقوفه بالمشعر الحرام، مستقبلاً يدعو الله تعالى، ويثنى عليه للإسفار، والإسراع ببطن محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى قدر رمية حجر، سمي بذلك لحسر أصحاب الفيل ونزول العذاب عليهم فيه، كما في سورة "الفيل" وإنما يندب الإسراع فيه لغير المرأة؛ وأما المرأة فلا يندب لها إلا إذا كانت راكبة؛ ومنها رمي جمرة العقبة حين وصوله إلى منى، وبعد طلوع الشمس، كما تقدم؛ والمشي في غير جمرة العقبة، والتكبير مع كل حصاة يرميها، وتتابع الحصيات حال الرمي، بأن لا يفصل بين رمي بعضها والبعض الآخر، والتقاط الحصيات التي يرميها بنفسه، وفعل الذبح والحلق قبل الزوال يوم العيد، وتأخير الحلق عن الذبح، وفعل طواف الإفاضة في ثوبي إحرامه وعقب حلقه، ووقوفه عقب رمي الجمرتين الأوليين، وهما الكبرى
والوسطى للدعاء، وجعل الجمرة الأولى خلفه، ونزول غير المستعجل بالمحصب، وهو واد يكثر فيه الحصى جهة مقبرة مكة عند كداء، فإذا رجع من منى إلى مكة بعد رمي اليوم الرابع ندب له النزول بهذا المكان قبل أن ينزل مكة، فإذا نزل به أقام حتى يؤدي به أربع صلوات وهي من الظهر إلى العشاء، فيؤخر صلاة الظهر ليوقعها به إن لم يخف خروج وقتها الاختياري، وإنما يستحب النزول به إن لم يصادف رجوعه يوم الجمعة، وإلا فلينزل إلى مكة، ولا يعرج عليه كما لا يستحب النزول به لمن تعجل، وخرج من منى بعد رمي الثاني من أيام التشريق، وطواف الوداع لمن أراد الخروج من مكة. وقد تقدم، ومن المندوبات عدا ذلك ما تقدم مع الأركان.
الحنابلة قالوا: بقي من مسنونات الحج أمور: منها المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة. ومنها خطبة الإمام للحججاج يوم الثامن من ذي الحجة بالمسجد الحرام، ويوم عرفة بها ويوم الأضحى بمنى. ومنها استمرار التلبية إلى رمي جمرة العقبة. ومنها غير ذلك. كاستقبال القبلة حال رمي الجمار
وقت الفساد بالجماع وشروطه مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1) .
(1) المالكية قالوا: الجماع مفسد للحج. وهو أن يغيب الحشفة أو قدرها في قبل أو دبر آدمي أو غيره. سواء كان الفاعل صغيراً أو كبيراً، وسواء كان المفعول به مطيقاً أو لا. فإذا كان الحاج متزوجاً بصغيرة مرافقة له في حجة. وفعل بها ذلك. بطل حجهما، والكبيرة من باب أولى، ولا فرق في بطلان الحج بذلك بين أن يكون ذاكراً، أو ناسياً أو جاهلاً، ومثل ذلك ما إذا أمنى بتقبيل أو مباشرة، أو نظر أو فكر، أو غير ذلك، إلا أنه يشترط في فساد الحج بالإنزال بسبب النظر أو الفكر أن يطلهما، أما الإمناء بمجرد النظر أو الفكر، فإنه لا يفسد. أما إذا أمنى بسبب القبلة، فإن حجه يفسد، ولو لم يكررها، فمن كانت معه زوجه في الحج فينبغي أن يتجنب مداعبتها أو تقبيلها في الوقت الذي يحظر الشارع فيه إتيان النساء: وإنما يفسد الحج بالجماع أو بإنزال المني بسبب من الأسباب المذكورة إن وقع قبل رمي جمرة العقبة، ووقت رميها هو يوم النحر قبل طواف الإفاضة.
وقبل مضي يوم النحر، ويفسد حجه بالجماع أو الإنزال المذكورين قبل رمي الجمرة المذكورة، سواء حصل قبل الوقوف بعرفة أو بعده؛ أما إذا جامع أو أخرج المني بسبب من الأسباب المذكورة بعد أن قام برمي جمرة العقبة، أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد أن مضى يوم النحر، ولم يكن رمى ولا طاف، فإن حجة لا يفسد، ولكن يلزمه في هذه الأحوال ذبح فداء؛ فلا تحل النساء بجماع أو مقدماته، كما لا يحل عقد النكاح بعد رمي جمرة العقبة، ومن فعل ذلك فإن حجه لا يفسد، ولكن يكون قد فعل ما لا يحل، وعليه الفداء؛ أما إذا فعل ذلك بعد طواف الإفاضة، وقبل الحلق، فإنه يكون قد فعل ما هو حلال له، ولكن يلزمه هدي، فإذا فعل بعد الحلق فقد فعل ما هو حلال، ولا يلزم بشيء بعد ذلك؛ ويجب عليه الهدي أيضاً إذا أمذى، أو أخرج المني بمجرد نظر أو فكر بدون أن يستديمهما، ويجب على من فسد حجه إتمامه، فلو ترك إتمام الحج لظنه أنه خرج من الإحرام يبقى على إحرامه، فلو أحرم في العام القابل إحراماً جديداً كان إحرامه لغواً، ويتم إحرامه الذي أفسده.
هذا، ومن فسد حجه بجماع أو غيره فإنه يجب عليه أربعة أشياء: الأول: إتمام الحج الذي أفسده؛ الثاني: قضاؤه فوراً متى كان قادراً، فإن أخر قضاءه أثم؛ الثالث: نحر هدي من أجل إفساد الحجر؛ أن يؤخر نحر الهدي لزمن القضاء.
الحنفية قالوا: يفسد الحج بالجماع، بشرط أن يكون قبل الوقوف بعرفة؛ أما إذا أتى زوجته بعد الوقوف قبل أداء الركن الثاني وهو طواف الزيارة، فإن حجه لا يفسد، وذلك لأن الحج عند الحنفية لا يكون قابلاً للفساد بعد الوقوف بعرفة؛ ولا فرق في الفساد بالجماع بين أن يكون ناسياً أو عامداً، مستيقظاً أو نائماً، مختاراً أو مكرهاً، فمن أتى زوجته وهو نائم، أو هي نائمة، فإن حجهما يفسد، نعم يشترط لفساد الحج بالجماع أن يكون بالغاً عاقلاً، فإذا جامع الصبي، أو المجنون امرأة عاقلة فسد حجمها دونهما، وكذا إذا جامع البالغ صغيرة أو مجنونة فسد حجه دونهما، ولا يشترط في الفساد الإنزال، بل يفسد الحج بمجرد تغيب الحشفة في القبل أو الدبر، سواء حصل إنزال أو لا، ومن فسد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حجه بالجماع فعليه أن يستمر في إتمامه فاسداً، كما يقول المالكية، ويقضيه في قابل، وعلى كل واحد منهما دم، وتجزئ الشاة في ذلك، فإذا تعدد الجماع فإن كان في مجلس واحد اكتفى بشاة واحدة، أما إذا تعدد في مجالس مختلفة ففي كل واحد منها شاة.
الشافعية قالوا: يفسد الحج بالجماع بشروط: أحدها: أن يولج الحشفة أو قدرها إذا لم تكن له حشفة في قبل أو دبر، ولو بهيمة، ولو بحائل؛ ثانيهما: أن يكون عالماً عامداً مختاراً، فإذا كان جاهلاً، أو ناسياً أو مكرهاً، فإن حجه لا يفسد بالجماع؛ ثالثها: أن يقع منه قبل التحلل الأول، وبيان ذلك أن أسباب التحلل عند الشافعية ثلاثة: رمي الجمار، والحلق، والطواف الذي هو ركن، فإذا أتى بأمرين من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه بالجماع، وكذا إذا طاف وحلق أو حلق ورمى.
فإن الترتيب بين هذه الأمور الثلاثة ليس شرطا؛ إنما الأحسن أن يرتبها، فيرمي الجمار، ثم يحلق، ثم يطوف، على أنه وإن كان لا يفسد حجه قبل التحلل الثاني بالجماع ولكنه يحرم عليه كما تحرم مقدماته، كالقبلة، والمباشرة بشهوة، سواء أنزل أو لم ينزل، وتجب عليه في هذه الحالة الفدية، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس، أما الاستمناء باليد فهو حرام أيضاً، إلا أنه لا تجب فيه الفدية عند عدم الإنزال، وكذا النظر واللمس مع وجود حائل من ثوب ونحوه بشهوة، فإنه حرام، ولكن لا تجب فيه الفدية، سواء أنزل أو لم ينزل، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس المذكورين، وشرط الفدية المباشرة بشهوة، وهذه لم تحصل؛ وإذا فسد الحج بالجماع فإنه يجب إتمام جميع أعماله، وعليه أن يجتنب ما كان يلزمه اجتنابه لو كان صحيحاً، فإن فعل محظوراً بعد ذلك لزمته الفدية إن كانت فيه فدية، ويجب قضاء الحج الذي أفسده بالجماع فوراً، أي في العام الذي يليه مباشرةن ولو كان الحج الذي أفسده نفلاً؛ وتلزمه كفارة الجماع المفسد، وهي ناقة أو جمل، بشرط أن تكون متصفة بالأوصاف التي تكفي في الأضحية: وسيأتي بيانها في بابها، فارجع إليه، فإن عجز عنها وجبت عليه بقرة تجزئ في الأضحية، فإن عجز عنها أيضاً وجب عليه سبع شياه تجزئ في الأضحية أيضاً، فإن عجز عنها أيضاً، قومت بسعر مكة، وتصدق بقيمتها طعاماً لا نقداً على مساكين الحرم وفقرائه، ثلاثة فأكثر، ويشترط في الطعام أن يخرجه من الأصناف التي تجزئ في صدقة الفطر. وقد تقدم بيانها في "مباحث الصيام" فإن عجز عن ذلك صام عن كل مد يوماً بنية الكفارة، كأن يقول: نويت صوم غد عن كفارة الجماع.
هذا إذا كان رجلاً، أما المرأة فلا كفارة عليها، وإن فسد حجها مع الإثم إن كانت مميزة مختارة عامدة عالمة بالتحريم وإلا فلا إثم ولا فساد.
الحنابلة قالوا: يفسد الحج بالجماع في قبل أو دبر، من آدمي أو غيره، بشرط أن يقع منه ذلك قبل التحلل الأول. فإن جامع بعد التحلل الأول فإن حجه لا يفسد، كما يقول الشافعية. وأسباب التحلل عند الحنابلة، ثلاثة: وهي الجمار، والطواف، والحلق، والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين منها، كما يقول الشافعية، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق، ثم جامع قبل الطواف لم يفسد حجه، ولكن