الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مباحث الوضوء
يتعلق بالوضوء مباحث: (1) تعريفه (2) حكمه (3) شروطه التي توجبه، أو تتوقف عليها صحته (4) فرائضه، ويقال لها: أركانه (5) سننه (6) مندوباته (7) مكروهاته (8) نواقضه (9) الاستنجاء؛ أو كيفية الطهارة من الخارج الذي ينقض الوضوء، وإليك بيانها على هذا الترتيب:
1 - الأول: في تعريف الوضوء
الوضوء لغة معناه الحسن والنظافة. وهو اسم مصدر، لأن فعله إما أن يكون توضأ، فيكون مصدره التوضوء؛ وإما أن يكون فعله وضُؤ: فيكون مصدره الوضاءة - بكسر الواو - فيقال: وضؤ، ككرم، وضاءة بمعنى حسن ونظف، فالوضوء على كل حال اسم للنظافة، أو للوضاءة (وهذا المعنى عام يشمل المعنى الشرعي، لأن المعنى الشرعي نظافة مخصوصة، فتترتب عليه الوضاءة الحسية، والمعنوية، أما معناه في الشرع، فهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة، وهي الوجه واليدان، الخ، بكيفية مخصوصة.
2 - المبحث الثاني: حكم الوضوء، وما يتعلق به من مس مصحف ونحوه
لعلك قد عرفت من صحيفة 29 معنى الحكم، وأنه قد يراد به الأثر الذي رتبه الشارع على الفعل، وهو المقصود هنا، فالشارع قد رتب على الوضوء رفع الحدث، فتؤدي به الفرائض، والمندوبات، من صلاة، وسجود تلاوة، وسجود شكر عند من يقول به من الأئمة، وطواف بالبيت، فرضاً كان، أو نفلاً (1) لقوله صلى الله عليه وسلم:"الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير" رواه الترمذي بسند حسن، ورواه الحاكم، فالوضوء فرض لازم لأداء هذه الأعمال، فلا يحل لغير المتوضئ أن يفعلها، ومثلها مس المصحف، فإنه يجب له الوضوء، سواء أراد أن يمسه كله، أو بعضه، ولو آية واحدة، إلا بشروط مفصلة في المذاهب (2) .
(1) الحنفية قالوا: من طاف بالبيت بغير وضوء فإن طوافه يكون صحيحاً، ولكنه يحرم عليه أن يفعل ذلك، لأن الطهارة من الحدث واجبة للطواف، ومن ترك الواجب يأثم، وليست شرطاً لصحته.
(2)
المالكية قالوا: يشترط لحل مس المصحف، أو بعضه بدون وضوء، شروط: أحدها: أن=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=يكون مكتوباً بلغة غير عربية، أما المكتوب بالعربية، فلا يحل مسه على أي حال، ولو كان مكتوباً بالكوفي، أو المغربي، أو نحوهما، ثانيها: أن يكون منقوشاً على درهم، أو دينار، أو نحوهما مما يتعامل به الناس، دفعاً للمشقة والحرج، ثالثها: أن يتخذ المصحف كله، أو بعضه حرزاً، فإنه يجوز له أن يحمله بدون وضوء، وبعضهم يقول: يجوز له حمل بعضه، حرزاً، أما حمله كله حرزاً بدون وضوء فهو ممنوع، ويشترط لحمله حرزاً شرطان: الأول: أن يكون حامله مسلماً، الثاني: أن يكون المصحف مستوراً بساتر يمنع من وصول الأقذار إليه، رابعها: أن يكون حامله معلماً، أو متعلماً، فيجوز لهما مس المصحف بدون وضوء ولا فرق في ذلك بين المكلف وغيره، حتى ولو كانت امرأة حائضاً وفيما عدا ذلك، فإنه لا يجوز حمله على أي حال، فلا يحل لغير المتوضئ أن يحمله بغلاف، أو بعلاقة، كما لا يحل له أن يحمل ما وضع عليه المصحف من صندوق، أو وسادة، أو كرسي، وإذا كان موضوعاً في أمتعة جاز حمله، تبعاً للأمتعة؛ فلو قصد حمله وحده، دون الأمتعة، فإنه لا يحل، أما قراءة القرآن بدون مصحف، فإنها جائزة لغير المتوضئ، ولكن الأفضل له أن يتوضأ.
الحنابلة قالوا: يشترط لحمل المصحف، أو مسه بدون وضوء، أن يكون في غلاف منفصل منه؛ فإن كان في غلاف ملصق به، كأن يكون في كيس، أو ملفوفاً في منديل، أو ورق، أو يكون موضوعاً في صندوق، أو يكون في أمتعة المنزل، التي يراد نقلها، سواء كان المصحف مقصوداً بالمس أولا، فإنه في كل هذه الأحوال يجوز مسه، أو حمله، وكذا يحل اتخاذ المصحف حرزاً، بشرط أن يجعله في شيء يستره من خرقة طاهرة ونحوها، ثم إن الوضوء شرط لجواز حمل المصحف، سواء كان حامله مكلفاً، أو غير مكلف، إلا أن الصبي الذي لم يكلف لا يجب الوضوء عليه هو؛ بل يجب على وليه أن يأمره بالوضوء عندما يريد الصبي حمل المصحف.
الحنفية قالوا: يشترط لجواز مس المصحف كله، أو بعضه، أو كتابته، شروط: أحدها: حالة الضرورة؛ كما إذا خاف على المصحف من الغرق. أو الحرق فيجوز له في هذه الحالة أن يمسه لإنقاذه، ثانيها: أن يكون المصحف في غلاف منفصل عنه، كأن يكون موضوعاً في كيس أو في جلد، أو ورقة؛ أو ملفوفاً في منديل، أو نحو ذلك، فإنه في هذه الحالة يجوز مسه وحمله أما جلده المتصل به، وكل ما يدخل في بيعه، بدون نص عليه عند البيع: فإنه لا يحل مسه، ولو كان منفصلاً عنه، على المفتى به، ثالثها: أن يمسه غير بالغ، ليتعلم منه، دفعاً للحرج والمشقة، أما البالغ والحائض سواء كان معلماً، أو متعلماً، فإنه لا يجوز لهما مسه رابعها: أن يكون مسلماً، فلا يحل للمسلم أن يمكن غيره من مسه؛ إذا قدر؛ وقال محمد: يجوز لغير المسلم أن يمسه إذا اغتسل، أما تحفيظ غير المسلم القرآن فإنه جائز، فإذا تخلفت هذه الشروط، فإنه لا يحل لغير الطاهر المتوضئ أن يمس المصحف بيده، أي بأي عضو من أعضاء بدنه، أما تلاوة القرآن بدون مصحف، فإنها تجوز لغير المتوضئ، وتحرم على الجنب والحائض، ولكن يستحب لغير المتوضئ أن يتوضأ، إذا أراد قراءة القرآن.