المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

للجهالة في الأولى، والإتيان بمن المبعضة في الثانية، وإن تلفت - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[عثمان ابن جامع]

الفصل: للجهالة في الأولى، والإتيان بمن المبعضة في الثانية، وإن تلفت

للجهالة في الأولى، والإتيان بمن المبعضة في الثانية، وإن تلفت الصبرة ونحوها ما عدا قدر مبيع من ذلك تعين، أو قدر بعضه أخذه بقسطه، ويصح بيع صبرة جزافًا (1) لحديث ابن عمر: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا: فنهانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه (2). متفق عليه، ويجوز بيعها جزافًا مع جهلهما أو علمهما بقدرها، ومع علم بائع وحده يحرم عليه بيعها جزافًا نصًّا (3)، لأنه يقصد بذلك التغرير، ويصح البيع مع الحرمة للعلم بالمبيع بالمشاهدة، ولمشتر الرد لأن كتمه ذلك غش وغرر، وكذا يحرم على مشتر علم قدر الصبرة وحده شراؤها جزافًا، ولبائع الفسخ؛ لتغرير المشتري له.

‌تنبيه:

يحرم على بائع جعل صبرة على نحو حجر أو ربوة مما ينقصها، ويثبت به لمشتر لم يعلمه الخيار لأنه عيب، وإن بان تحتها حفرة لم يعلمها بائع فله الفسخ، كما لو باعها بكيل معهودة ثم وجد ما كَالَ به زائدًا. ويصح بيع صبرة علم قفزانها إلا قفيزًا، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم (4)، وهذه

= اليابس من الفاكهة. اهـ واللفظة عامية، والصحيح: البدال. "تاج العروس"(28/ 102).

(1)

الِجزاف: بيع مجهول الكيل أو الوزن. والجُزاف: الحدس والتخمين في البيع والشراء. وهو فارسي معرَّب.

ينظر: "المصباح المنير"(1/ 136)، "التوقيف"(ص 241) و"قصد السبيل"(1/ 384).

(2)

البخاري في البيوع باب ما ذكر في الأسواق، وباب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا، وباب منتهى التلقي (3/ 20، 23، 28) وفي مواضع أخرى، ومسلم في البيوع (3/ 1161).

(3)

"الإنصاف"(11/ 137).

(4)

أبو داود في البيوع باب في المخابرة (3/ 695)، والترمذي في البيوع باب ما جاء في النهي عن الثنيا (3/ 585)، وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي في البيوع باب النهي عن الثنيا حتى تعلم (7/ 296) من حديث جابر. وأخرجه مسلم في البيوع باب النهي عن المحاقلة =

ص: 668

معلومة، وكذا لو استثنى منها جزءًا مشاعًا معلومًا.

ولا يصح بيع ثمرة شجرة إلَّا صاعًا لجهالة آصعها، فتؤدي إلى جهالة ما يبقى بعد الصاع، ولا بيع نصف داره الذي يليه، لأنه لا يعلم إلى أين ينتهي قياس النصف، كما لو باعه عشرة أذرع من ثوب أو أرض، وعين الابتداء دون الانتهاء.

ولا يصح استثناء حمل مبيع من أمة أو بهيمة، أو استثناء شحم مأكول لأنهما مجهولان، وكذا استثناء رطل لحم أو شحم فلا يصح لجهالة ما يبقى، ويصح استثناء رأس مأكول وجلده وأطرافه نصًّا (1) حضرًا وسفرًا، لأنه صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مروا براعي غنم، فذهب أبو بكر وعامر فاشتريا منه شاة وشرطا له سلبها (2)، ولا يصح استثناء ما لا يصح بيعه مفردًا إلا في هذه الصورة؛ للخبر.

ولو أبي مشتر ذبح ما استثنى رأسه وجلده وأطرافه أو بعضها، ولم يشترطه عليه بائع في العقد، لم يجبر على الذبح، وعليه قيمته تقريبًا، فإن باع لمشتر ما استثناه صح كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها لمالك الأصل.

(و) الشرط السابع: (كون ثمن معلومًا) لمتعاقدين حال عقد البيع ولو برؤية متقدمة بزمن لا يتغير فيه، أو وصف كما تقدم في المبيع، لأنه أحد العوضين فاشترط العلم به كالمبيع، أو بمشاهدة كصبرة، ووزن صنجة (3)، ولو جهلا، وبنفقة عبده فلانٍ، أو ولده أو زوجته أو نفسه ونحو ذلك،

= (3/ 1175)، وأحمد دون قوله:"إلا أن تعلم".

(1)

"الإنصاف"(11/ 124).

(2)

أخرجه أبو داود في "المراسيل"(ص 167) بنحوه.

وسَلب الذبيحة: جلدها وأكارعها وبطنها. "المعجم الوسيط"(1/ 441).

(3)

ويقال لها: سَنْجةٌ بالسين، وهو أفصح، وسنجة الميزان: ما يوزن به كالرطل والأوقية. ينظر: "تاج العروس"(6/ 49، 73)، و"المصباح المنير"(1/ 395) و"المعجم الوسيط"(1/ 453).

ص: 669

شهرًا أو سنة أو يومًا ونحوه، لأن لها عرفًا يرجع إليه عند التنازع، بخلاف نفقة دابته.

ويرجع بائع مع تعذر معرفة قدر ثمن بأن تلفت الصبرة ونحوها بقيمة مبيع، لأن الغالب بيع الشيء بقيمته، ولو أسَّرا ثمنا بلا عقد ثم عقداه ظاهرًا بأكثر، أو عقدا بيعًا سرًا بثمن وعلانية بأكثر، فالثمن الأول؛ لأن المشتري إنما دخل عليه فلا يلزمه ما زاد. (فلا يصح البيع بما ينقطع به السعر)؛ أي يقف عليه للجهالة، ولا كما يبيع الناس، ولا بدينار أو درهم وثَمّ نقود متساوية رواجًا، فإن غلب أحدها صح وصرف إليه.

ولا يصح البيع بعشرة صحاحًا، أو إحدى عشر مكسرة، ولا بعشرة نقدًا، أو عشرين نسيئة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن البيعتين في بيعة (1)، وفسره العلماء بذلك (2)، ولا يصح بيع شيء بثمن معلوم ورطل خمر أو جلد ميتة نجس، ولا يصح بيع شيء بدينار إلا درهمًا نصًّا (3)، ويصح بيع ما بوعاء جزافًا مع ظرفه أو دونه أو كل رطل بكذا على أن يسقط منه وزن الظرف.

ومن اشترى شيئًا في ظرف كسمن ونحوه فوجد فيه رُبًّا (4) أو غيره صح البيع في الباقي بقسطه من الثمن، كما لو باعه صبرة على أنها عشرة أقفزة فبانت تسعة، وله الخيار لتبعض الصفقة عليه، ولم يلزم البائع بدل الرُّبِّ ونحوه، سواء كان عنده من جنس المبيع أم لا، فإن تراضيا على إعطاء البدل جاز.

(1) أخرجه الترمذي في البيوع باب النهي عن بيعتين في بيعة (3/ 533) وقال: حسن صحيح، والنسائي في البيوع باب بيعتين في بيعة (7/ 395 - 396)، وأخرجه أبو داود في البيوع باب فيمن باع بيعتين في بيعة (3/ 738) بلفظ: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا، قال الحاكم في "المستدرك" (2/ 45): صحح على شرط مسلم، وأقره الذهبي.

(2)

ينظر "معالم السنن" للخطابي (5/ 97 - 98) و"شرح المنتهى"(2/ 152).

(3)

"معونة أولي النهي"(4/ 45).

(4)

رُبُّ السمن والزيت: ثُفله الأسود. "المعجم الوسيط"(1/ 480).

ص: 670

ومن باع معلومًا ومجهولًا لم يتعذر علمه كهذا العبد وثوب لم يعين، صح البيع في المعلوم بقسطه من الثمن، وبطل في المجهول، لأن المعلوم صدر فيه البيع من أهله بشرطه، ومعرفة ثمنه ممكنة بتقسيط الثمن على كل منهما وهو ممكن، لا إن تعذر علم المجهول ولم يتبين ثمن المعلوم: كبعتك هذه الفرس وحمل الأخرى بكذا، فلا يصح لأن المجهول لا يصح بيعه، والمعلوم مجهول الثمن، ولا سبيل إلى معرفته، لأنها إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، والمجهول لا يمكن تقويمه، فإن بين ثمن كل منهما صح في المعلوم بثمنه.

(وإن باع مشاعًا بينه وبين غيره، أو) باع (عبده وعبدَ غيره بغير إذن) شريك (أو) باع (عبدًا وحرًا، أو) باع (خَلًّا وخمرًا صفقة واحدةَ صح) البيع (في نصيبه) من المشاع (و) صح في (عبده، و) صح في (الخل بقسطه) من الثمن (ولمشتر الخيار) بين رد وإمساك إن لم يعلم الحال، لتبعض الصفقة عليه، وله الأرش إن أمسك فيما ينقصه تفريق، كزوجي خف ومصراعي باب، ويقدر خمر خَلًّا وحر عبدًا.

وإن جمع بين بيع وإجارة، أو بين بيع وصرف، أو بين بيع وخلع، أو بين بيع ونكاح بعوض واحد صحَّا؛ لأن اختلاف العقدين لا يمنع الصحة، وقَسَّط العوض عليهما ليعرف عوض كل منهما تفصيلًا، وإن جمع بين بيع وكتابة (1) بطل البيع وصحت الكتابة.

(ولا يصح بلا حاجة (2) بيع) ولو قل المبيع ممن تلزمه الجمعة (ولا)

(1) هي: أن يُكاتِب عَندَه أو أمته على مال منجَّم، ويكتب العبدُ عليه أنه يَعْتُقَ إذا أدَّاهُ.

ينظر: "المصباح المنير"(2/ 719) و"التوقيف"(ص 599).

(2)

قال ابن بدران في "حاشيته على أخصر المختصرات"(ص 164): الحاجة هنا الاضرار، كمن اضطر إلى طعام أو شراب أو غيرهما فوجده يباع وقت النداء، ويخاف من أنه إذا تركه لم يجده بعد الصلاة، أو كان جائعًا وقت النداء. اهـ

ينظر "التنقيح المشبع"(ص 126) و"الإنصاف"(11/ 164) و"كشف القناع"(3/ 180) =

ص: 671

يصح (شراء ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها) أي: أذان الجمعة، أي الشروع فيه (الثاني) أي: الذي عند المنبر عقب جلوس الإمام عليه لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (1)، والنهي يقتضي الفساد، وخص بالنداء الثاني لأنه المعهود في زمنه صلى الله عليه وسلم فتعلق الحكم به.

والشراء أحد شقي العقد فكان كالشق الآخر، وأما النداء الأول فحدث في زمن عثمان (2)، قال المنقح: أو قبله أي لا يصح البيع ولا الشراء ممن تلزمه الجمعة قبل ندائها -لمن منزله بعيد حث إنه يدركها- (3) إذا سعى في ذلك الوقت.

وتحرم الصناعات كلها ممن تلزمه الجمعة بعد الشروع في النداء الثاني للجمعة، لأنها تشغل عن الصلاة، وتكون ذريعة إلى فواتها، ويستمر التحريم إلى انقضاء الصلاة إلا من حاجة، كمضطر إلي طعام أو شراب يباع فله شراؤه، وعريان وجد سترة تباع ونحو ذلك.

(وتصح سائر العقود) من إمضاء بيع خيار وإجارة وصلح وقرض ورهن وغيرها بعد نداء الجمعة، لأن النهي عن البيع، وغيره لا يساويه في التشاغل المؤدي لفواتها.

(ولا) يصح (بيع عصير أو) بيع (عنب) أو زبيب ونحوه (لمتخذه خمرًا) ولو ذميًا.

(ولا) يصح بيع (سلاح في فتنة) أو لأهل حرب أو قطاع طريق ممن

= و"شرح المنتهى"(2/ 155).

(1)

سورة الجمعة، الآية:9.

(2)

أخرجه البخاري، في الجمعة، باب المؤذن الواحد يوم الجمعة (1/ 219).

(3)

"التنقيح المشبع"(ص 126).

ص: 672

علم ذلك من مشتريه ولو بقرائن، ولا بيع مأكول ومشروب ومشموم ممن يشرب عليه مسكرًا، ولا بيع جوز وبيض ونحوهما لقمار، ولا بيع غلام وأمة لمن عرف بوطء دبر، أو لغناء لقوله تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1).

(ولا) يصح بيع (عبد مسلم لكافر) ولو وكيلًا لمسلم (لا يعتق عليه) كالنكاح، فإن كان يعتق عليه كأبيه وابنه وأخيه صح شراؤه له، لأن ملكه لا يستقر عليه، وإن أسلم في يده أجبر على إزالة ملكه عنه، لقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} (2).

(وحرم ولم يصح بيعه) أي المسلم (على بيع أخيه) المسلم، كقوله لمن اشترى شيئًا بعشرة: أعطيك مثله -مثلًا- بتسعة زمن الخيارين، (وشراؤه على شرائه)، كقوله لمن باع شيئًا بتسعة: عندي فيه عشرة زمن الخيارين خيار المجلس وخيار الشرط (وسومه على سومه) أي: المسلم مع الرضا من بائع صريحًا، لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"لا يسم الرجل على سوم أخيه"(3) رواه مسلم، فإن لم يصرح بالرضا لم يحرم، لأن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة، ويصح العقد على السوم فقط، وكالبيع الإجارة وسائر العقود وطلب الولايات ونحوها، كخطبته على خطبة أخيه المسلم إذا أجيب فتحرم هذه كلها بعد الرضا الصريح، للإيذاء.

وإن قدم باد لبيع سلعته بسعر يومها وجهله، وقصده حاضر عارف به، وبالناس إليها حاجة حرمت مباشرته البيع له، لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا:"لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم من بعض"(4)،

(1) سورة المائدة، الآية:2.

(2)

سورة النساء، الآية:141.

(3)

صحيح مسلم في البيوع (3/ 1154)، وأخرجه البخاري في الشروط باب الشروط في الطلاق (3/ 176) بلفظ: نهى. . . أن يستام الرجل على سوم أخيه.

(4)

صحيح مسلم في البيوع (3/ 1157).

ص: 673

وحديث ابن عباس: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد. قيل لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا (1). متفق عليه.

ويبطل بيعه له رضي بذلك أهل البلد أو لا؛ لعموم الخبر، ولأن النهي يقتضي الفساد، فإن كان القادم بالسلعة من أهل البلد، أو ليس منهم وليس ثمَّ إليها حاجة، أو قدم بها ليبيعها بسعر يومها، أو لم يجهل سعرها أو بعثها إلى الحاضر، جاز للحاضر مباشرتها، وصح البيع؛ لزوال المعنى الذي لأجله امتنع بيعه له، وإن استخبر قادم حاضرًا عن سعر جهله أخبره به وجوبًا، لوجوب النصح، ولا يكره أن يشير حاضر على باد بلا مباشرة بيع له.

ومن استولى على ملك غيره بلا حق أو جحده أو منعه حتى يبيعه إياه ففعل، لم يصح البيع لأنه ملجأ إليه، ومن أشهد أنه يبيع ماله أو يهبه خوفًا وتقية عمل به.

ومن قال لآخر: اشترني من زيد فإني عبده، ففعل فبان حرًّا، فإن أخذ شيئًا من الثمن غرمه، وإلا لم تلزمه العهدة حفر البائع أو غاب؛ لأن الحاصل منه الإقرار دون الضمان، وأدِّب هو وبائع نصًّا (2) لتغريرهما المشتري.

وتُحدُّ حرة قالت لرجل: اشترني من زيد فأنا أمته. ففعل ووطئت، لزناها مع العلم، ولا مهر لها لزناها مطاوعة، ويلحق الولد بمشتر لأنه وطئها يعتقدها أمته، فوطؤه وطء شبهة.

(1) البخاري في البيوع باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر، وفي الإجارة باب السمسرة (3/ 27، 52)، ومسلم، البيوع (3/ 1157).

(2)

"شرح منتهى الإرادات"(2/ 157).

ص: 674

ومن باع شيئًا بثمن نسيئة (1)، أو حالًّا لم يقبض، لم يصح شراؤه له من مشتريه بنقد من جنس الأول أقل منه، ولو نسيئة، لخبر أحمد وسعيد، عن غندر (2)، عن شعبة (3)، عن أبي إسحاق السبيعي (4)، عن امرأته العالية (5)، قالت: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: إني بعت غلامًا من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقدًا، فقالت لها: بئس ما اشتريت، وبئس ما شريت، أبلغي زيدًا أن جهاده مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بطل إلا أن يتوب (6)، ولأن ذلك ذريعة إلى

(1) النسيئة: التأخير. "الزاهر"(ص 296) و"المطلع"(ص 239).

(2)

هو: أبو عبد اللَّه محمد بن جعفر الهذلي البصري، روى عن شعبة بن الحجاج والسفانين، روى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. توفي سنة 193 هـ. "تهذيب الكمال"(25/ 5).

(3)

هو: أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، أمير المؤمنين في الحديث، ثقة ثقة، روى عن أبي إسحاق، وحماد بن أبي سليمان. روى عنه سفيان الثوري وإسماعيل بن عليه، توفي سنة 160 هـ. "تهذيب الكمال"(12/ 479).

(4)

هو: أبو إسحاق عمرو بن عبد اللَّه بن عبيد السبيعي الكوفي، روى عن الأسود بن يريد، وجابر بن سمرة. روى عنه سفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج. توفي 126 هـ. "تهذيب الكمال"(22/ 102).

(5)

هي: العالية بنت أيفع والدة يونس بن أبي إسحاق، تروي عن عائشة. روى عنها ابنها يونس. "طبقات ابن سعد"(8/ 487)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 289).

(6)

أخرجه أحمد -كما في "نصب الراية"(4/ 41) - وعبد الرزاق في "المصنف" في البيوع، باب الرجل يبيع السلعة ثم يريد اشتراءها بنقد (8/ 184) وابن الجعد في "مسنده"(1/ 376)، والدارقطني في البيوع (3/ 52). وقال: أمّ محبَّة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما. اهـ ومال الشافعي إلى تضعيف هذا الأثر، كما في الأم (3/ 79).

قال ابن القيم في "تهذيب السنن"(5/ 100): وقال غيره: هذا الحديث حسن، ويحتج بمثله، لأنه قد رواه عن العالية ثبتان: أبو إسحاق زوجها، ويونس ابنها، ولم يعلم فيها جرحٌ، والجهالة ترتفع عن الراوي بمثل ذلك. =

ص: 675

الربا، وكذا العقد الأول غير صحيح حيث كان وسيلة إلى الثاني، إلا إن تغيرت صفة المبيع، مثل إن كان عبدًا فهزل، أو نسي صنعة، أو عمي ونحوه، فيجوز بيعه بدون الثمن الأول، وكذا إن اشتراه بعرض أو نقد لا من جنس الأول أو قدره أو أكثر منه، وتسمى هذه المسألة مسألة العينة (1)؛ لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينًا؛ أي نقدًا حاضرًا، وعكسها مثلها.

وإن اشتراه أبو البائع أو ابنه ونحوه بناقد من جنس الأول أقل منه، صح ما لم يكن حيلة على الربا، فيحرم، ولا يصح كالعينة.

ومن احتاج لنقد فاشترى ما يساوي مائة -مثلًا- بأكثر؛ ليتوسع بثمنه، فلا بأس، نصًّا (2) ويسمى التورق، وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ثم اشترى من المشتري، بثمنه قبل قبضه من جنسه، أو بما لا يجوز بيعه به نسيئة لم يصح، روي عن ابن عمر (3)؛ لأنه وسيلة لبيع المكيل بالمكيل، والموزون بالموزون نسيئة، فلم يصح حسمًا لمادة ربا النسيئة، فإن اشترى منه

= ثم إن هذا مما ضبطت فيه القصة، ومن دخل معها على عائشة، وقد صدقها زوجها وابنها وهما مَنْ هما؛ فالحديث محفوظ. اهـ

وممن قوى الحديث: ابن الجوزي في "التحقيق"(7/ 129) وأقره الذهبي في "التنقيح"(7/ 127) وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" -كما في "نصب الراية"(4/ 42) - إسناده جيد. اهـ وكذا قواه ابن التركماني في "الجوهر النقي"(5/ 330).

جاء في لفظ عبد الرزاق: (بئس ما اشتريت، وبئس ما اشترى).

(1)

العينة اشتقاق من العين، وحو النقد الحاضر يحصل له عن فوره. "تهذيب اللغة"(3/ 207).

وقد ألف في بيع العينة الشيخ حمد بن عبد العزيز الخضيري بعنوان "كتاب بيع العينة" وهو كتاب متقن.

(2)

"الإنصاف"(11/ 195، 196).

(3)

ذكره في "المغني"(6/ 263).

ص: 676