المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[عثمان ابن جامع]

الفصل: ‌فصل في بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها

‌فصل في بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها

والأصول (1) جمع أصل، وهو ما يبنى عليه غيره (وإذا باع) شخص (دارًا) أو وهبها أو رهنها أو وقفها أو أقر بها أو وصى بها (شمل البيع) والهبة وما عطف عليهما (أرضها) إن لم تكن موقوفة، وشمل ما فيها من معدن جامد (و) شمل (بناءها) وفناءها إن كان لها فناءً (و) شمل (سقفها وبابًا منصوبًا، وسلَّمًا، ورفًا مسمورين)(و) شمل (خابية (2) مدفونة) ورحى منصوبة، وأجرنه (3) مبنية، وأساسات حيطان، وما فيها من شجر مغروس، ومن عرش (لا قفلًا ومفتاحًا ودلوًا وبكْرَةً (4) ونحوها) ككنز وحجر مدفونين، لأن اللفظ لا يشمله ولا هو من مصلحتها، ولا حجر رحى فوقاني لعدم اتصاله، ولا ما فيها من معدن جار، وماء نبع (أو) باع (أرضًا) أو وهبها ونحو ذلك (شمل) البيع ونحوه (غرسها وبناءها) ولو لم يقل بحقوقها لاتصالهما بها، وكونهما من حقوقها (لا زرعًا) لا يحصد إلا مرَّة كُبُرٍّ وشعير ونحوهما، (و) لا (بذره) أي الزرع (بلا شرط)(5) ويبقى لبائع إلى أول وقت أخذه بلا أجرة، ما لم يشترطه مشتر ونحوه، فإن اشترطه فهو له.

(1) ينظر: "الكليات"(ص 122) و"التوقيف"(ص 69). و"المعجم الوسيط"(1/ 20).

(2)

وعاء الماء الذي يحف فيه. "المعجم الوسيط"(1/ 212).

(3)

هي الموضع الذي يداس فيه البر ونحوه، وتجفف فيه الثمار. "المعجم الوسيط"(1/ 119).

(4)

البَكْرةُ: التي يُسْتَقى عليها -بفتح الكاف- فتجمع على بكَرٌ، وتسكَّن فتجمع على بكراتٍ. "المصباح المنير"(1/ 82).

(5)

في "أخصر المختصرات"(ص 171): (إلا بشرط).

ص: 715

وقصب سكر كزرع (1)، وقصب فارسي كثمرة (2)، وعروقه لمشتر (3)، ويصح أن يشترط مشتر زرعًا في أرض مبيعة، ولو قصيلًا (4) أو ذا حب، وبذره ولو مستترًا في الأرض (فيصح (5) مع جهل ذلك)، لأنه بالشرط يدخل تبعًا للأرض، فهو كأساسات الحيطان (وما يجز أو يلقط مرارًا) كرطبة وقثاء وباذنجان ودُبّاء، أو يتكرر زهره كورد وياسمين (فأصوله لمشتر) ومتهب ونحوه، لأنه يراد للبقاء أشبه الشجر (وجزة ولقطة ظاهرتان) من رطبة وقثاء ونحوه (لبائع) ونحوه، لأنه يجنى مع بقاء أصله أشبه الشجر المؤبر، وعليه قطعها في الحال، لأنه ليس له حد ينتهي إليه، وربما ظهر غير ما كان ظاهرًا فيعسر التمييز (ما لم يشترطه مشتر)، فإن شرطه كان له، لحديث:"المسلمون عند شروطهم"(6).

ويثبت الخيار لمشتري أرض ظن دخول زرع، أو دخول ثمرة على شجر في البيع، والقول قوله بيمينه في جهل ذلك إن جهله مثله، ولا تدخل مزارع قرية بيعت بلا نص أو قرينة.

(ومن باع) أو وهب أو رهن (نخلًا تشقق طلعُه) ولو لم يؤبر (7)

(1) فيبقى لبائع إلى أوان أخذه. "شرح المنتهى"(2/ 208) و"حاشية عثمان على المنتهى"(2/ 371).

(2)

فما ظهر منه فلبائع، ويقطعه فورًا. "شرح المنتهى"(2/ 208) و"حاشية عثمان على المنتهى"(2/ 371).

(3)

لأنها تترك في الأرض للبقاء فيها، أشبهت الشجر. "شرح المنتهى"(2/ 208).

(4)

القَصيلُ: ما جُزَّ. "الزاهر"(ص 329).

(5)

في "أخصر المختصرات"(ص 171): (ويصح).

(6)

تقدم تخريجه (ص 678).

(7)

أبَرَ النَّخلُ أبْرًا: لقَّحه. "المعجم الوسيط"(1/ 2).وينظر: "المصباح المنير"(1/ 1).

ص: 716

(فالثمر له مُبقَّى إلى جُداد) ما لم تجر عادة بأخذه بسرًا، أو يكن بسره خيرًا من رطبه، أو (ما لم يشترطه مشتر) لحديث:"من ابتاع نخلًا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع"(1) متفق عليه، بخلاف وقف ووصية، فإن الثمرة تدخل فيهما، نصًّا (2)، أبرت أو لم تؤبر (وكذا) أي كحكم نخل تشقق طلعه (حكم شجر فيه ثمر باد) أي ظاهر لا قشر عليه ولا نَوْر (3) له كتين وتوت وجميز (4)(أو ظهر من نوره كمشمش) وتفاح وسفرجل ولوز وخوخ وإجاص (5) وعنب، وكذا ما بدا في قشره وبقي فيه إلى أكله كرمان، وما بدا في قشرين كجوز (أو خرج من أكمامه) جمع كِمٍّ، بكسر الكاف وهو الغلاف (6)(كورد وقطن) وياسمين وبنفسج، لأن ذلك كله بمثابة تشقق الطلع (وما قبل ذلك) أي تشقق الطَّلْع وخروج الثمر من النور والأكمام وبدو ما يبدو (والوَرَق مطلقًا لمشتر).

ويصح شرط بائع ما لمشتر أو جزءًا منه معلومًا، وإن ظهر أو تشقق بعض ثمرة ولو من نوع فلبائع، وغيره لمشتر، إلا إذا ظهر أو تشقق بعض

(1) البخاري في البيوع باب من باع نخلًا قد أبرت. . . (3/ 35) وفي المساقاة باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط (3/ 81) وفي مواضع أخرى، ومسلم في البيوع (3/ 1172).

(2)

"شرح المنتهى"(2/ 209).

(3)

نور الشجرة: زهرها. "المصباح المنير"(2/ 865).

(4)

الجُمَّيز: ضربٌ من الشجر يشبه ثمره التين. "المعجم الوسيط"(1/ 134).

(5)

قال في "القاموس"(789): الإجاص: المشمش والكمثرى بلغة الشاميين. اهـ

وفي "التهذيب بمحكم الترتيب" لابن شهيد (ص 263) أن العامة يقولون للكمثرى: إجاص. قال أبو بكر: والإجَّاص: ضرب من المشمش. اهـ وردَّه اللخمي في "المدخل إلى تقويم اللسان"(ص 21) بأن أبا حنيفة حكى أذ أهل الشام يسمون الكمثرى إجاصًا. اهـ.

(6)

"المصباح المنير"(2/ 743).

ص: 717

ثمرة في شجرة فالكل لبائع ونحوه، ولكلٍّ السقي لمصلحة عرفًا، ولو تضرر صاحبه لدخولهما في العقد على ذلك.

(ولا يصح بيع ثمر قبل بدو صلاحه) لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع (1). متفق عليه، والنهي يقتضي الفساد، (ولا) يصح بيع (زرع قبل اشتداد حبه) لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى تزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري (2). رواه مسلم (لغير مالك أصل) أي: أصل شجر (أو) لغير مالك (أرضه) أي الزرع، فإن باع الثمرة قبل بدو صلاحها لمالك أصلها، أو باع الزرع قبل اشتداده لمالك أرضه، صح البيع، وإن باعه على غيرهما لم يصح (إلا بشرط قطع) في الحال، لأن المنع لخوف التلف وحدوث العاهة قبل الأخذ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس:"أرأيت إذا منع اللَّه الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه"(3) رواه البخاري، وهذا مأمون فيما يقطع في الحال (إن كان منتفعًا به) فإن لم ينتفع به كثمرة الجوز وزرع الترمس (4) لم يصح (و) كان (ليس مشاعًا) فإن كان مشاعًا بأن باعه النصف ونحوه بشرط القطع لم يصح، لأنه لا يمكنه قطعه إلا بقطع ملك غيره، فلم يصح اشتراطه، (وكذا بقول ورطبة) فلا يصح بيعها مفردة لغير مالك الأرض إلا بشرط القطع في الحال، لأن ما في الأرض مستور مغيب وما يحدث منه معدوم فلم يجز بيعه كالذي يحدث في الثمرة، فإن شرط قطعه

(1) البخاري في البيوع باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها (3/ 34) ومسلم في البيوع (3/ 1165).

(2)

صحيح مسلم (3/ 1165 - 1166).

(3)

صحيح البخاري البيوع باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع، وباب بيع المخاضرة (3/ 34، 36) وأخرجه أيضًا مسلم في المساقاة (3/ 121).

(4)

الترمس: شجرة لها حب مُفَلْطَحٌ مُرٌّ، يؤكل بعد نقعه. "المعجم الوسيط"(1/ 84).

ص: 718

صح، لأن الظاهر منه معلوم لا جهالة فيه ولا غرر.

(ولا) يصح بيع (قثَّاء ونحوه) كباذنجان (إلا لَقْطَةً لَقْطَةً) موجودة، لأن ما لم يخلق لا يجوز بيعه (أو) إلا (مع أصله) فيجوز، لأنه أصل تكرر ثمرته أشبه الشجر، (وإن ترك ما شُرط قطعه) حيث لا يصح بدونه (بطل البيع بزيادة) لئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها.

ووسائل الحرام حرام كبيع العينة (غير) زيادة (يسيرة) عرفًا، فيعفى عنها لعسر التحرز منه (إلا الخشب) إذا اشتراه بشرط قطعه في الحال فأخر قطعه حتى زاد (فلا) يبطل البيع (ويشتركان) أي البائع والمشتري (فيها) أي في زيادة الخشب، نصًّا (1).

(وحصاد) لزرع اشتراه (ولَقَاطٌ) للَقْطةٍ اشتراها (وجَدادٌ) لثمرة اشتراها (على مشتر) لأن ذلك من مؤنة نقل ما اشتراه، بخلاف أجرة الكيَّال ونحوه، فإنها على البائع لأنها من مؤنة التسليم، وإن شرط ذلك على البائع صح، كشرط حمل الحطب أو تكسيره (وعلى بائع سقي) ما بيع من ثمرة بدا صلاحها وحب اشتد، إن احتيج إليه، لأنه يجب عليه تسليمه كاملًا، ولا يحصل كاملًا إلا به، بخلاف ما إذا باع الأصل، وعليه ثمرة للبائع، فإنه لا يلزم المشتري سقيُها، لأن البائع لم يملكها من جهته، وإنما بقي ملكه عليها، ويجبر البائع على السقي إن أباه (ولو تضرر أصل) بالسقي، لأنه دخل على ذلك.

(وما تَلِف) من ثمر بيع بعد بدو صلاحه قبل أوان أخذه، أو قبل بدو صلاحه بشرط القطع قبل التمكن منه (سوى يسير) منه لا ينضبط لقلته (بآفة) أي جائحة (2)(سماوية) أي لا صنع لآدمي فيها، كجراد وحر وبرد

(1)"شرح منتهى الإرادات"(2/ 212).

(2)

هي الآفة تصيب الثمر من حرٍّ مفرطٍ أو صِرٍّ أو بردٍ أو بَرَدٍ يعظم حجمه، فينقص الثمر ويلقيه. قاله الأزهري في "الزاهر"(ص 350) وفيه في موضع آخر (ص =

ص: 719

وريح وعطش، ولو كان تلافه بعد قبض بتخلية (فـ) ضمانه (على بائع) لحديث جابر مرفوعًا:"أمر بوضع الجوائح". وحديث: "إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق"(1) رواهما مسلم.

ويقبل قول بائع في قدر تألف، لأنه غارم (ما لم يُبَعْ مع أصل) فإن بيع معه فمن ضمان مشتر (أو يؤخر) مشتر (أخذًا عن عادته) فإن أخره فمن ضمانه، لتلفه بتقصيره (وصلاح بعض ثمرة شجرة، صلاحٌ لجميع نوعها الذي في البستان) لأن اعتبار الصلاح في الجميع يشق، وكالشجرة الواحدة، وكذا اشتداد بعض حب فيصح بيع الكل تبعًا لا إفرادًا، وعلم منه أن صلاح نوع ليس صلاحًا لغيره (فصلاح ثمر نخل أن يحمر أو يصفر، وصلاح (عنب أن يتموه بالماء الحلو) ويطيب أكله، لحديث:"نهى عن بيع الثمر حتى يطيب"(2). متفق عليه.

(و) صلاح (بقية ثمر بُدُوِّ نضج وطيب أكل) وصلاح حب أن يشتد أو يبيض (ويشمل بيع دابة) كفرس (عذارها) أي لجامها (3)(ومِقودها) بكسر

= 399) قال: الجائحة: هي المصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله حتى لا تبقي له شيء. . . اهـ

وفي الجوائح مؤلف جيد للدكتور سليمان الثنيان باسم "الجوائح وأحكامها" قال في تعريفها اصطلاحا: ما لا يستطاع دفعه، ولا تضمينه إذا أتلف أو أنقص العوض قبل تمام قَبْضهِ. اهـ من الكتاب المذكور (ص 28).

(1)

صحيح مسلم، المساقاة (3/ 1190). وأخرج البخاري في البيوع، باب إذا باع الثمر قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع (3/ 34) ومسلم، المساقاة (3/ 1190) من حديث أنس نحوه.

(2)

البخاري، في البيوع، باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة (3/ 32) ومسلم في البيوع (3/ 1167).

(3)

اللجام: الحديدة في الفرس. ثم سموها مع ما يتصل بها من سيور وآلة لجامًا. =

ص: 720

الميم (ونعلها)(1) لتبعيته لها عرفًا (و) يشمل بيع (قنٍّ) ذكر أو أنثى (لباسه) المعتاد الذي (لغير جمال) لأنه مما تتعلق به حاجة المبيع أو مصلحته، وجرت العادة ببيعه معه، وأما الذي للجمال من لباس وحلي فهو لبائع، لأنه زيادة على العادة، ولا تَعَلَّقُ به حاجة المبيع، وإنما يلبسه إياه لينفقه به، ولا يشمل البيع مالًا معه، أو بعض ذلك، إلا بشرط، لحديث ابن عمر مرفوعًا:"من باع عبدًا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع"(2) رواه مسلم.

= "المعجم الوسيط"(2/ 815).

(1)

النَّعلُ هنا: حديد متقوِّسٌ يوقى به حافر الدابة. "المعجم الوسيط"(2/ 935).

(2)

صحيح مسلم البيوع (3/ 1173)، ولفظه: ومن ابتاع عبدًا فماله للذي باعه. . . واللفظ الذي ذكره المؤلف عند أبي داود البيوع باب في العبد يباع. . . (3/ 713) وقد فات المؤلف أن يعزوا الحديث إلى البخاري، أخرجه البخاري في المساقاة: باب الرجل يكون ممر (3/ 81) بلفظ مسلم.

ص: 721