الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في التصرف في المبيع
(ومن اشترى مكيلًا ونحوه) كموزون ومعدود ومزروع (لزم) البيع (بالعقد) وملكه مشتر، ونماؤه له أمانة بيد بائع (ولم يصح تصرفه) أي المشتري (فيه) أي في المبيع، ببيع ولو لبائعه ولا إجارته ولا هبته ولو بلا عوض ولا رهنه، ولو قبض ثمنه، ولا حوالة عليه (قبل قبضه) لحديث:"من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه"(1) متفق عليه.
وقيس على البيع ما ذكر بعده، ولأنه من ضمان بائعه، فلم يجز فيه شيء من ذلك كالسلم، فإن بيع مكيل ونحوه جزافًا جاز تصرف فيه قبل قبضه، نصًّا (2)، (ويحصل قبض ما بيع بكيل ونحوه) كبوزن أو محمد أو ذرع (بذلك) أي بالكيل أو بالوزن أو العد أو الذرع، لحديث أحمد عن عثمان مرفوعًا:"إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل"(3) ورواه البخاري تعليقًا (4)، بشرط أن يكون ذلك (مع حضور مشتر أو) حضور (نائبه) أي المشتري (ووعاؤه) أي المشتري (كيَدِهِ) لأنهما لو تنازعا ما فيه كان لربه.
(1) البخاري في البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك (3/ 23)، ومسلم في البيوع (3/ 1160) عن ابن عمر.
(2)
"الشرح الكبير"(11/ 493) و"الإنصاف"(11/ 493).
(3)
مسند أحمد (1/ 62) بلفظ: (يا عثمان إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 98) وقال: وإسناده حسن.
(4)
صحيح البخاري في البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي (3/ 21).
المعلق: ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر.
ينظر: "المنهل الراوي" لابن جماعة (ص 49). وينظر: "مقدمة ابن الصلاح مع تعليقات البلقيني عليها"(ص 162).
(و) يحصل قبض في (صبرة) بيعت جزافًا بنقل (ومنقول بنقل) كأحجار طواحين، وفي حيوان بتمشيته (و) فيـ (ما يتناول) كدراهم وكتب ونحوها (بتناوله) وفي نحو أرض وبناء وشجر (بتخلية) بائع بينه وبين مشتر بلا حائل، ولو كان بالدار متاع بائع، لكن يعتبر في قبض مشاع ينقل إذن شريكه، فإن أبي نصب حاكم من يقبض، ولو سلمه بائع بلا إذن شريكه فهو غاصب، وقرار الضمان فيه إن تلف على مشتر إن علم بالحال، وإلا فعلى بائع لتغريره المشتري.
ويكره زلزلة الكيل؛ لاحتماله الزيادة على الواجب بها، وتصح استنابة من عليه الحق للمستحق، ومتى وجده قابض زائدًا قدرًا لا يتغابن به عادة أعلمه بالزيادة وجوبًا، ولم يجب عليه الرد بلا طلب، وإن قبضه ثقة يقول باذل إنه قدر حقه ولم يحضر كيله أو وزنه ثم اختبره فوجده ناقصًا قبل قوله في قدر نقصه، لأنه منكر، فالقول قوله بيمينه، وإن صدقه قابض في قدره برئ مقبض من عهدته، ولا تقبل دعوى نقصه بعد تصديقه، ولا يتصرف فيه قابض قبل اختباره لفساد القبض، لأن من شرط قبضه بكيل ونحوه، حضور مستحق أو نائبه ولم يوجد.
وأجرة كيَّال ووزان وعداد وذراع ونقاد، وتصفية ما يحتاج لتصفية على باذلٍ: بائع وغيره. وأجرة نقل على آخذ، نصًّا (1)، وأجرة دلَّال (2) على بائع إلا مع شرط. ولا يضمن ناقد أمين حاذق خطأ متبرعًا كان أو بأجرة، فإن لم يكن حاذقًا أو أمينًا ضمن كما لو كان عمدًا.
(والإقالة فسخ) لا بيع. يقال: أقالك اللَّه عثرتك؛ أي أزالها (3) (تسن
(1)"الإنصاف"(11/ 516).
(2)
الدَّلَّالُ: من يجمع بين البيعين، ومن ينادي على السلعة لتباع بالممارسة. "المعجم الوسيط"(2/ 294).
(3)
الإقالة: أصلها رفع المكروه، وهي في البيع: رفع العقد بعد وقوعه. "التوقيف" =
للنادم) من المتعاقدين، لحديث ابن ماجه، عن أبي هريرة يرفعه:"من أقال مسلمًا أقال اللَّه عثرته يوم القيامة"(1) وتصح الإقالة قبل قبض مبيع، وفي سلم قبل قبضه، لأنها فسخ، وبعد نداء جمعة.
وتصح من مُضارَب وشريك ولو بلا إذن رب مال أو شريك، ولا تصح من وكيل في شراء. ولا خيار فيها ولا شفعة كالرد بالعيب، ولا يحنث بها من حلف أن لا يبيع، ومؤنة رد على بائع لرضاه ببقاء المبيع أمانة بيد مشتر بعد التقايل، فلا يلزمه مؤنة ردٍّ، بخلاف الرد بالعيب لاعتباره مردودًا، ولا تصح مع تلف مثمن، ولا مع موت عاقد، ولا بزيادة على ثمن أو نقصه أو بغير جنسه، وما حصل قبل التقاتل من كسب ونماء منفصل فلمشتر، لحديث:"الخراج بالضمان"(2).
= (ص 81).
(1)
سنن ابن ماجه، التجارات باب الإقالة (2/ 741)، وأخرجه أبو داود في البيوع، باب في فضل الإقالة (3/ 738)، قال الحاكم في "المستدرك" (2/ 45): صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي. ينظر:"إرواء الغليل"(5/ 182).
(2)
تقدم تخريجه (ص 692).