الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(ومن اشترى أرضًا فغرس، أو بنى) فيها (ثم) وجدت الأرض (مستحقة (1) وقُلع ذلك) أي الغرس أو البناء (رجع) المشتري (على بائع بما غرمه) بسبب ذلك، من ثمن أقبضه، وأجرة غارس، وبانٍ، وثمن مؤن مستهلكة، وأرش نقص بقلع، ونحو ذلك، لأن البائع غر المشتري ببيعه إياها، وأوهمه أنها ملكه، وكان سببًا في غراسه، أو بنائه، فرجع عليه بما غرمه.
ولا يرجع بما أنفق على العبد والحيوان، ولا بخراج الأرض، إذا كانت خراجية، لأنه دخل في الشراء ملتزمًا ضمان ذلك.
(وإن أطعمه) أي المغصوب غاصب (لعالم بغصبه، ضمن آكلٌ) لأنه المباشر، ولا غرر، وإن لم يعلم آكل بالغصب، فقرار الضمان على غاصب، لأنه غر الآكل، وإن أطعمه لمالكه، أو لعبده، أو دابته، فأكله عالمًا أنه له، ولو بلا إذنه، برئ الغاصب، لأن المالك أتلف ماله عالمًا من غير تغرير، فلم يكن له رجوع به على أحد.
(ويُضمن) مغصوب تلف، أو أتلفه الغاصب، أو غيره (مثلي) وهو المكيل والموزون (بمثله) كالأثمان، ولو نقرة، أو سبيكة، وكالحبوب، وكالأدهان، يضمن (وغيره) أي غير المثلي، وهو: المتقوم كالثوب والعبد والدابة (بقيمته) لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركًا له في عبد قوّم عليه قيمة العدل"(2) متفق عليه. فأمر بالتقويم في حصة الشريك، لأنها متلفة بالعتق،
(1) في "أخصر المختصرات"(ص 191): استُحقَّت.
(2)
البخاري، في الشركة، باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل، وفي العتق باب إذا أعتق عبدًا بين اثنين أو أمة بين الشركاء (3/ 111، 117) ومسلم في أول العتق (2/ 1139).
ولم يأمر بالمثل، لأن هذه الأشياء لا تتساوى أجزاؤها، وتختلف صفاتها، فالقيمة فيها أعدل، وأقرب إليها، فكانت أولى، وتعتبر القيمة يوم تلفه في بلد غصبه من نقده، فإن كان فيه نقود فمن غالبها، ولا قصاص في المال، مثل شق ثوبه ونحوه، بل الضمان بالبدل، أو الأرش.
(وحرم تصرف غاصب) وغيره ممن علم بالحال (بمغصوب) بما ليس له حكم، من صحة وفساد، كإتلاف، واستعمال، وكذا بما له حكم بأن يوصف بأنه صحيح أو فاسد، ولذا بينه بقولى:(ولا يصح عقد) من بيع، أو إجارة، أو هبة، ونحوها (ولا) تصح (عبادة) لحديث:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(1).
فإن اتجر غاصب بعين مغصوب أو عين ثمنه، وظهر ربح، فهو لمالك مغصوب دون غاصبه، لأنه نماء ملكه ونتيجته (والقول في) قيمة مغصوب (تالف) أ (و) في (قدره) أ (و) في (صفته) أو في حدوث عيبه، أو في صناعة فيه (قوله) أي الغاصب، بيمينه حيث لا بينة للمالك، لأنه منكر، والأصل براءته من الزائد (و) القول (في رده) أي المغصوب، إلى مالكه أو في (و) جود (عيب فيه) بأن قال الغاصب: كان العبد أعور، أو أعرج، ونحوه (قول ربه) بيمينه على نفي ذلك، لأن الأصل عدم الرد أو العيب، وإن اتفقا على أنه كان به عيب، أو قامت به بينة، فقال الغاصب: غصبته وبه العيب، وقال ربه: بل حدث عندك، فقول غاصب بيمينه، لأنه غارم.
(ومن بيده غصب، أو غيره) من رهن أو أمانة (وجهل ربَّه) أو عرف وفقد، وليس له ورثة (فله الصدقة به عنه) أي عن ربه، بلا إذن حاكم لكن (بنية الضمان) لربه إن ظهر، لأن الصدقة عنه بدون ضمان إضاعة له، لا إلى بدل، وهو غير جائز.
(1) أخرجه البخاري، في الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (3/ 167) ومسلم، في الأقضية (3/ 1344) عن عائشة.
(ويسقط إثم غصب) عن غاصب، إثم مسروق عن سارق، ونحوه، بالصدقة به، لأنه معذور بعجزه عن الرد، لجهله بالمالك، وثوابُها لأربابها، وإن حضروا بعد الصدقة بها، خيروا بين الأجر، والأخذ من المتصدق، فإن أخذوا منه فالثواب له، نصًّا (1).
ومن لم يقدر على مباح يأكله، لم يأكل من حرام ماله غنية عنه، كحلوى، وفواكه، ويأكل عادته.
(ومن أتلف) من مكلف، أو غيره، إن لم يدفعه له ربه (ولو يسيرًا)(2) مالًا (محترمًا) لغيره (ضمنه) أي ما أتلفه لأنه فوته عليه، فوجب عليه ضمانه، كما لو غصبه فتلف عنده، وإن أكره على إتلاف مال مضمون، فمكرهه يضمنه، ولو مال نفسه، ولا يضمن المال غير المحترم بإتلاف كإتلاف صائل لم يندفع بدونه، ومال حربي، ومال بغاةٍ حالَ حرب.
وإن فتح قفصًا عن طائر، أو حل قيد قن، أو أسير، أو دفع لأحدهما مِبرْدًا فبرده، أو حل فرسًا ونحوها، أو رباط سفينة، ففات ذلك، أو عقر شيء من ذلك، أو أتلف شيئًا بسبب إطلاقه؛ ضمنه، أو حل وكاء زِقٍّ مائع، أو جامد، وأذابته الشمس، أو باقي بعد حله، فألقته ريح، ونحوها، فاندفق؛ ضمنه.
ولا يضمن دافع مفتاح للص ما سرقه (3)، وإن ضرب يد آخر وفيها نحو دينار، فضاع، أو ألقى عمامته عن رأسه، أو هزه في خصومة، فسقطت وضاعت، أو تلفت، ضمن.
(وإن ربط) شخص (دابة) له أو لغيره أو أوقفها (بطريق ضيق) أو
(1)"معونة أولي النهى"(5/ 357).
(2)
في "أخصر المختصرات": سهوًا.
(3)
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في "الفتاوى"(ص 432) الصواب يضمن الدافع المفتاح للص، لأن هذا من أكبر الأسباب، خصوصًا إذا تعذر تضمين اللص. اهـ
واسع، نصًّا (1)، لما ذكره في "الإقناع"(2)(ضمن ما أتلفته مطلقًا) لتعديه، لأنه ليس له في الطريق حق، وطبع الدابة الجناية بفمها، أو رجلها، فإيقافها في الطريق كوضع الحجر، ونصب السكين فيه، وكذا لو ترك في الطريق طينًا، أو خشبة، أو عمودًا، أو حجرًا، أو كيس دراهم، أو أسند خشبة إلى حائط، ضمن ما تلف بسبب ذلك، لتعديه، ويضمن ما أخذه ظالم بإغرائه ودلالته، لتسببه فيه.
ومن اقتنى كلبًا عقورًا، ولو لصيد وماشية، أو اقتنى كلبًا لا يُقتنى، أو أسود بهيمًا، أو أسدًا، أو غزالًا، أو ذئبًا، أو هرًّا تأكل الطيور، وتقلب القدور عادة، مع علمه، قال المنقح (3): وعلى قياس ذلك الكبش المعلم للنطاح. انتهى. فعقر شيء من ذلك آدميًّا، أو دابة، أو خرق ثوب من دخل منزل المقتني بإذنه، إن لم ينبهه عن الكلب، وكذا لو خرق ثوب من هو خارج منزله، أو نفحت دابة بمكان ضيق من ضربها، فتلف بذلك شيء، ضمنه لتسببه فيه، فإن عقر، أو خرق من أدخل منزل ربه بلا إذنه، فلا ضمان.
ويجوز قتل هر يأكل اللحم ونحوه، إن لم يندفع بدونه، كصائل، ومن أجج نارًا بملكه، أو سقاه، فتعدى ذلك إلى ملك غيره، فأتلفه لا بطيران ريح، ضمنه، إن أفرط أو فرط.
ولا يضمن رب غير ضارية (4)، وغير جوارح، ما أتلفته، إن لم تكن يده عليها، لحديث:"العجماء جرحها جبار"(5). متفق عليه. يعني:
(1)"التنقيح المشبع"(ص 173).
(2)
"الإقناع"(2/ 593، 594).
(3)
"التنقيح المشبع"(ص 173).
(4)
أي غير معروفة بالصَّوْل. "شرح المنتهى"(2/ 429).
(5)
البخاري، في الزكاة، باب في الركاز الخمس (2/ 137) وفي الديات، باب المعدن جبار (8/ 46) ومسلم، في الحدود (3/ 1334) عن أبي هريرة.
هدرًا (1).
(وإن كانت الدابة بيد راكب، أو) يد (قائد، أو) يد (سائق) مالكًا كان، أو مستأجرًا، أو مستعيرًا، أو موصى له بنفعها، قادر على التصرف فيها (ضمن جناية مقدَّمها) من لحمها وحدها (و) ضمن (وطئها برجلها) لحديث النعمان بن بشير مرفوعًا:"من وقف دابة في سابلة من سبل المسلمين، أو في سوق من أسواقهم، فوطئت بيد أو رجل فهو ضامن"(2). رواه الدارقطني. ولا يضمن ما نفحت برجلها بلا سبب، لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"الرجل جبار"(3) رواه أبو داود، وخص بالنفح دون الوطء لإمكان من بيده الدابة أن يمنعها وطء ما لا يريد أن تطأه، بتصرفه فيها، بخلاف نفحها، فلا يمكنه منعها منه، ما لم يجذبها باللجام، زيادة على العادة، أو يضرب وجهها، فيضمن ما نفحته برجلها، لأنه السبب في جنايتها.
وإن تعدد راكب ضمن الأول، لأنه المتصرف فيها، أو من خلفه إن انفرد بتدبيرها، لصغر الأول، أو مرضه، أو عماه، وإن اشتركا في تدبيرها، أو لم يكن إلا سائق وقائد، اشتركا في الضمان.
ويضمن رب دابة، ومستأجر، ومستعير، ومودع، ما أفسدت من
(1)"الزاهر"(ص 508).
(2)
سنن الدارقطني، كتاب الحدود (3/ 179) قال الألباني في "الإرواء" (5/ 361): ضعيف جدًا.
(3)
أبو داود، في الديات، باب في الدابة تنضح برجلها (4/ 714).
قال الدارقطني في "السنن"(3/ 179): لم يروه غير سفيان بن حسين، وخالفه الحفاظ عن الزهري، منهم مالك وابن عيينة ويونس ومعمر وابن جريج والزبيري وعقيل وليث بن سعد وغيرهم، كلهم رووه عن الزهري فضالوا: العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، ولم يذكروا: الرجل. وهو الصواب. اهـ
زرع، وشجر، وغيرهما ليلًا فقط، نصًّا (1)، لحديث مالك، عن الزهري، عن حرام بن سعد، عن مُحيصة: أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم (2). ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها نهارًا، وحفظها ليلًا، وعادة أهل الحوائط حفظها نهارًا، فإذا أفسدت شيئًا ليلًا كان من ضمان من هي بيده، إن فرط في حفظها، بأن لم يضمنها، بحيث لا يمكنها الخروج، فإن فعل فأخرجها غيره، أو فتح عليها بابها، فعليه الضمان دون مالكها، لتسببه، ولا يضمن ما أفسدت نهارًا، للخبر (3)، إلا غاصب، فيضمن ما أفسدت نهارًا -أيضًا- لتعديه بإمساكها.
ومن طرد دابة من مزرعته لم يضمن ما أفسدته، إلا أن يدخلها مزرعة غيره، إن لم تتصل المزارع، فإن اتصلت لم يطردها، وصبر، ليرجع على ربها ببدل ما تأكل، حيث لا يمكنه منعها إلا بتسليطها على مال غيره.
ومن قتل صائلًا عليه، ولو آدميًّا، صغيرًا أو كبيرًا، حرًّا أو عبدًا، عاقلًا أو مجنونًا، دفعًا عن نفسه، لم يضمنه، إن لم يندفع إلا بالقتل، أو قتل خنزيرًا، أو كلبًا عقورًا، لم يضمنه، أو أتلف مزمارًا، أو طنبورًا، أو عودًا، أو طبلًا، أو دفًّا بصنوج، أو حلق، أو نردًا، أو شطرنجًا، أو صليبًا، أو
(1)"شرح المنتهى"(2/ 430).
(2)
الموطأ (2/ 747) وفيه عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء. . . الحديث مرسل. ومن طريق مالك أخرجه -أيضًا- أحمد (5/ 435).
وأخرجه أبو داود، في البيوع، باب المواشي تفسد زرع قوم (3/ 829) وابن ماجه، في الأحكام، باب الحكم فيما أفسدت المواشي (2/ 781)، وأحمد (5/ 436) عن محيصة موصولًا.
وأخرجه أبو داود (3/ 829 - 830) موصولًا عن البراء بن عازب وهو حديث صحيح. ينظر: "إرواء الغليل"(5/ 362).
(3)
المتقدم قريبًا.
كسر إناء فضة أو ذهب، أو حليًا محرمًا على ذكر لم يتخذه مالكه يصلح للنساء، أو آلة سحر، أو تنجيم، أو كتب صور خيال، أو أوثانًا، أو كتب مبتدعة مضلة، أو كتب كفر، أو كتبًا فيها أحاديث رديئة، لم يضمن الجميع.