الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إزالته، ذكره الشيخ تقي الدين (1) (وفعل ذلك) أي: إخراج جناح، وساباط، وميزاب (في ملك جار، و) في (درب مشترك؛ حرام، بلا إذن مستحق) لأن الدرب ملكهم، فلم يجز التصرف فيه إلا بإذنهم.
ويجوز فتح باب في ظهر دار في درب غير نافذ بلا إذن أهله لغير استطراق، كَإضْوَءٍ وهواءٍ؛ لأن الحق لأهله في الاستطراق ولم يزاحمهم فيه، ولأن غايته التصرف في ملك نفسه برفع بعض حائطه، ويجوز نقل باب في درب غير نافذ من أوله إلى آخره، لتركه بعض حقه في الاستطراق، فلم يمنع منه، بلا ضرر، فإن كان فيه ضرر منع منه، كأن فتحه في مقابلة باب غيره ونحوه، ولا يجوز نقل الباب إلى داخل (2) إن لم يأذن من فوقه، فإن أذن جاز، ويكون إعارة لازمة، فلا رجوع للآذن، كإذنه في نحو بناء على جداره.
تتمة:
يحرم أن يحدث بملكه ما يضر بجاره، كحمام يتأذى جاره بدخانه، أو يتضرر حائطه بمائه، ومثله مطبخ، وككنيف (3) يتأذى بريحه، أو يصل إلى
(1)"الاختيارات"(ص 200). وعبارة الشيخ -رحمه اللَّه تعالى-: والساباط الذي يضر بالمارة، مثل أن يحتاج الراكب أن يحني رأسه إذا مرَّ هناك، وإن غفل عن نفسه رمى عمامته، أو شجَّ رأسه، ولا يمكن أن يمر هناك جمل عالٍ إلا كسرت قتبه، والجمل المحمل لا يمر هناك، فمثل هذا الساباط: لا يجوز إحداثه على طريق المارة باتفاق المسلمين، بل يجيب على صاحبه إزالته، فإن لم يفعل كان على ولاة الأمور إلزامه بإزالته حتى يزول الضرر، حتى لو كان الطريق منخفضًا ثم ارتفع على طول الزمان، وجب إزانته إذا كان الأمر على ما ذكر واللَّه أعلم. اهـ
(2)
أي لا يجوز نقل الباب بدربٍ غير نافذ من أوله إلى داخل منه. "شرح المنتهى"(2/ 270).
(3)
الكنيف: الساتر، ويسمى الترس كنيفًا، لأنه يستر صاحبه. وقيل للمرحاض: كنيف، لأنه يستر قاضي الحاجة، واجمع كُنُفٌ. "المصباح المنير"(2/ 744).
بئره، ورَحى يهتز بها حيطانه، وتَنُّورٍ يتعدى دخانه إليه، ودكانِ حِدَادةِ ونحوه، يتأذى بدقه ويهز الحيطان، لحديث:"لا ضرر ولا ضرار"(1) وهذا إضرار بجاره، وله منعه من ذلك، كما له منعه من ابتداء إحياء ما بجواره لتعلق مصالحه به، وله تعلية داره، ولو أفضى إلى سد الفضاء عن جاره، قاله الشيخ تقي الدين (2)، وإن ادعى فساد بئره بكنيف جاره، أو بالوعته (3)، اختبر بالنفط (4) يلقى فيهما، فإن ظهر طعمه أو ريحه بالماء
(1) أخرجه ابن ماجه، في الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (2/ 784) وأحمد (3/ 326 - 327، 1/ 313) عن عبادة بن الصامت. وابن عباس.
وقد جاء هذا الحديث عن جماعة من الصحابة: كأبي سعيد، وأبي هريرة، وجابر، وعائشة، وثعلبة بن أبي مالك، وأبي لبابة رضي الله عنهم.
قال النووي في "الأربعين"(ص 74): حديث حسن، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسندًا. ورواه مالك في "الموطأ" عن عمره بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، فأسقط أبا سعيد. وله طرق يَقْوي بعضها ببعض. اهـ وتابعه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/ 210) وابن حجر الهيثمي في "فتح المبين" (ص 239) والطوفي في "التعيين في شرح الأربعين" (ص 233) وقال العلائي. للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به. اهـ من "فيض القدير" (6/ 432). وينظر:"نصب الراية"(3/ 163 وما بعدها)، "إرواء الغليل" للألباني (3/ 412).
(2)
"الاختيارات"(ص 198).
(3)
البالوعة: ثقب ينزل فيه الماء. "المصباح المنير"(1/ 84) و"المعجم الوسيط"(1/ 69).
(4)
النِّفط بالكسر -وهو أفصح- وقد يفتح، قال الجوهري: دُهنٌ. اهـ قال ابن سيدة: الذي تطلى به الإبل للجرب والدَّبَر والقِرْدان. اهـ وعن أبي حنيافة: النِّفْط. حُلابَةُ جَبَلٍ في قعر بئر توقد به النار. اهـ وقال في "المعجم الوسيط": هو مزيج من الهدروكربونات يحصل عليها بتقطير زيت البترول الخام، أو قطران الفحم الحجري، =
حولتا، إن لم يمكن إصلاحهما.
ومن له حق ماء يجري على سطح جاره، لم يجز لجاره تعلية سطحه، ليمنع الماء أن يجري على سطحه؛ لما فيه من إبطال حق جاره.
ويحرم تصرف في جدار جار، أو جدار مشترك بينه وبين غيره بفتح رَوْزَنَةٍ، وهي الكُوَّة -بفتح الكاف وضمها أي الخرق في الحائط- (1) أو بفتح طاق، أو بضرب وقد ونحوه، إلا بإذن مالكه أو شريكه (وكذا) يحرم (وضع خشب) على جدار جار، أو مشترك (إلا أن لا يمكن تسقيف إلا به ولا ضرر فـ) يجوز نصًّا (2)، و (يجبر) رب الجدار أو الشريك فيه على تمكينه منه إن أبي، لحديث أبي هريرة:"لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة على جداره"، ثم يقول أبو هريرة مرفوعًا: مالي أراكم عنها معرضين، واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم (3). متفق عليه. ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه لا يضره أشبه الاستناد إليه، ولم يجز لرب الحائط أخذ عوض عنه إذنْ، لأنه يأخذ عوض ما يجب عليه بذله.
(و) جدار (مسجد كـ) جدار (دار) نصًّا (4)، لأنه إذا جاز في ملك اللآدمي مع شحه وضيقه، فحق اللَّه أولى، والفرق بين فتح الباب والطاق وبين وضع الخشب، أن الخشب يمسك الحائط، والباب والطاق يُضَعِّفُه، ووضع الخشب تدعو الحاجة إليه، بخلاف غيره.
= وهو سريع الاشتعال، وأكثر ما يستعمل في الوقود. اهـ
ينظر: "تاج العروس"(25/ 147، 148) و"المصباح المنير"(2/ 849) و"المعجم الوسيط"(2/ 941).
(1)
"المعجم الوسيط"(1/ 343).
(2)
"الإنصاف"(13/ 199).
(3)
البخاري، في المظالم، لا يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره (2/ 102)، ومسلم في المساقاة (3/ 1230).
(4)
"الشرح الكبير"(13/ 202).
وإن خيف سقوط الحائط باستمراره عليه لزمه إزالته، ومن وجد بناءه أو خشبه على حائط جاره، أو مشترك، ولم يعلم سببه، وزال، فله إعادته، لأن الظاهر وضعه بحق، وكذا سيل (1) مائه في أرض غيره، أو مجرى ماء سطحه على سطح غيره ونحوه، وإذا اختلفا في أنه بحق أو باطل، فقول صاحبه بيمينه، عملًا بالظاهر.
وله أن يستند ويسند قماشه إلى حائط غيره، ويجلس في ظله بلا إذنه، لمشقة التحرز منه وعدم الضرر. ويجوز نظره في ضوء سراج غيره بلا إذنه، نصًّا (2)، لما تقدم (وإن طَلَب شريك في حائط أو سقف انهدم) مشاعًا بينه وبين غيره أو بين سفل أحدهما وعلوِّ الآخر (شريكه) فيه (للبناء مَعه، أجبر) على البناء معه، نصًّا (3)، (ح) ما يجبر على (نقضـ) ـه معه (خوف سقوط) الحائط أو السقف، دفعًا لضرره، لحديث:"لا ضرر ولا ضرار"(4). (وإن بناه) شريك بإذن شريكه، أو بإذن حاكم، أو بدون إذنهما (بنية الرجوع) على شريكه، وبناه شركة (رجع) عليه، لأنه قام عنه بواجب (وكذا) إن احتيج لعمارة (نهر ونحوه) كبئر، ودولاب (5)، وناعورة (6)، وقناة (7) مشتركة بين اثنين فأكثر، فيجبر الشريك على العمارة إن امتنع، فإن عمرها أحدهم فالماء بينهم على الشركة، ويرجع عليهم بما أنفق كالحائط.
وإن عجز قوم عن عمارة نهرهم أو قناتهم، فأعطوها لمن يعمرها،
(1) في "شرح المنتهى"(2/ 271)، و"معونة أولي النهى" (4/ 476): مسيل.
(2)
"معونة أولي النهى"(4/ 477).
(3)
المصدر السابق (4/ 477).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
هو الآلة التي تديرها الدابة ليستقى بها. "المعجم الوسيط"(1/ 305).
(6)
هي: دولابٌ ذو دلاءٍ أو نحوها يدور بدفع الماء أو جرِّ الماشية، فيخرج الماء من البئر أو النهر إلى الحقل. "المعجم الوسيط"(2/ 934).
(7)
مجرى الماء المحفور. "المصباح المنير"(2/ 711)، و"المعجم الوسيط"(2/ 764).
ويكون له منها جزء معلوم؛ صح، ومن له علو من طبقتين، والسفلى لآخر، أو له طبقة ثالثة، وما تحتها لغيره؛ فانهدم السفل في الأولى، أو السفل أو الوسط أو هما في الثانية، لم يشارك رب العلو في بناء ما انهدم تحته، لأن الحيطان إنما تبنى لمنع النظر (1)، وهذا يختص به من تحته، دون رب العلو، وأجبر علي بنائه مالكه ليتمكن رب العلو من انتفاعه به، ويلزم الأعلى جعل سترة تمنع مشارفة الأسفل، لحديث:"لا ضرر ولا ضرار"(2). إذ الإشراف على الجار إضرار به، فإن استويا فلم يكن أحد الجارين أعلى من الآخر، اشتركا في السترة، فإن امتنع أحدهما من ذلك أجبر، لأنه حق عليه، فأجبر عليه كسائر الحقوق. وليس له الصعود على سطحه قبل بناء سترة حيث كان يشرف على جاره، ولا يلزمه سد طاقه إذا لم يشرف منه على جاره.
ولا يجبر ممتنع من بناء حائط بين ملكيهما، ويبني الطالب في ملكه إن شاء. ومن هدم بناء له فيه شركة خيف سقوطه، فلا شيء عليه، وإلا يخف لزمته إعادته كما كان، لتعديه بهدمه على حصة شريكه.
(1) ولمنع الوصول إلى الساكن، ونحو ذلك. ينظر:"شرح منتهى الإرادات"(2/ 273) و"معرفة أولي النهى"(4/ 481).
(2)
تقدم تخريجه.