المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الضمان - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[عثمان ابن جامع]

الفصل: ‌فصل في الضمان

‌فصل في الضمان

وهو جائز بالإجماع في الجملة (1) لقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (2)، قال ابن عباس: الزعيم: الكفيل (3). وقوله صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم"(4). رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وهو مشتق من الضم، أو من التضمن، لأن ذمة الضامن تتضمن الحق (5).

وشرعًا: التزام من يصح تبرعه ما وجب أو ما سيجب على آخر (6). فلذلك قال: (ويصح ضمان جائز التصرف) وهو الحر المكلف الرشيد (ما)(وجب)(يصح) وجب (أو) ما (سيجب على) شخص (غيره) مع بقائه على

(1)"المغني"(7/ 72).

(2)

سورة يوسف، الآية:72.

(3)

أخرجه ابن الأنباري في "الوقف والابتداء" كما في "الدر المنثور"(4/ 560) والختَّلى في "مسائل نافع بن الأزرق عن عبد اللَّه بن عباس"(ص 56).

(4)

أبو داود، في البيوع، باب في تضمين العارية (3/ 824 - 825)، والترمذي، في البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة (3/ 556)، وابن ماجه، كتاب الصدقات، باب الكفالة (2/ 804) عن أبي أمامة. قال الترمذي: حسن غريب. اهـ ينظر: "التلخيص الحبير"(3/ 54).

(5)

قول الفقهاء: الضمان مأخوذ من الضم. خطأه جماعة. قال في "المصباح المنير"(2/ 498): وهو غلط من جهة الاشتقاق، لأن نون الضمان أصلية، والضم ليس فيه نون، فهما مادتان مختلفتان. اهـ

والصحيح أن الضمان مصدر ضمِنْتُهُ أضمنه ضمانًا: إذا كَفَلْتُهُ، وأنا ضامن، وضمين.

وقد حكى في "الإنصاف" اختلاف الفقهاء في اشتقاقه.

ينظر: "الكليات"(ص 575) و"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 203) و"المطلع"(ص 248) و"الإنصاف"(13/ 5).

(6)

ينظر: "منتهى الإرادات" -بحاشية ابن قائد- (2/ 426) و"التنقيح المشبع"(ص 144).

ص: 741

مضمون عنه؛ لحديث: "نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يقضى عنه"(1)(لا الأمانات) كوديعة وعين مؤجرة ومال شركة وعين أو ثمن بيد وكيل في بيع أو شراء فلا يصح ضمانها، لأنها غير مضمونة على صاحب اليد، فكذا على ضامنه (بل) يصح ضمان (التعدي فيها) لأنها مع التعدي مضمونة كالغصب، فعلى هذا لا يصح ضمان الدَّلَّالين فيما يعطونه لبيعه، إلا أن يضمن تعديهم فيه أو هربهم به.

(ولا) يصح ضمان (جزية) بعد وجوبها، ولا قبله من مسلم ولا كافر، لفوات الصغار عن المضمون بدفع الضامن، ولا يصح ضمان دين كتابة، لأنه ليس بلازم ولا مآله إلى اللزوم؛ لأن المكاتب له تعجيز نفسه والامتناع من الأداء.

ويحصل الضمان بلفظ: أنا ضمين، وكفيل، وقَبِيل، وحميل، وزعيم، وبلفظ ضمنت دَينك، أو تحملته، ونحو ذلك، ويصح بإشارة مفهومة من أخرس لقيامها مقام نطقه، لا بكتابة مننردة عن إشارة، ومن لا تفهم إشارته لا يصح ضمانه.

(وشرط) لصحة ضمان (رضى ضامن فقط) لأن الضمان تبرع بالتزام الحق، فاعتبر له الرضى، كالتبرع بالأعيان، ولا يعتبر رضى مضمون عنه، لأن أبا قتادة ضمن الميت في الدينارين (2)، وأقره الشارع. ولصحة قضاء دينه بغير إذنه وأولى ضمانه، ولا رضى من ضُمِنَ له، لأنه وثيقة لا يعتبر لها قبض، فلم يعتبر لها رضى كالشهادة.

ولا يعتبر معرفة مضمون له ومضمون عنه، ولا يعتبر العلم بالحق

(1) الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"نفس المؤمن. . . "(3/ 380) وابن ماجه في الصدقات، باب التشديد في الدين (2/ 806).

قال الترمذي: حسن. اهـ وصححه الحاكم في "المستدرك"(2/ 26) وأقره الذهبي.

(2)

أخرجه البخاري في الحوالات، باب إذا أحال دينا لميت على رجل جاز (3/ 55).

ص: 742

لقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (1) وهو غير معلوم لأنه يختلف، ولا وجوبه إن آل إلى العلم به وإلى الوجوب. فيصح: ضمنت لزيد ما على بكر، وإن جهله الضامن، أو ضمنت لزيد ما يداينه بكرٌ (2) وما يقر له به، أو يثبت له عليه، لما تقدم، وله إبطاله قبل وجوبه، لأنه إنما يلزم بالوجوب.

ويصح ضمان دين ضامن فأكثر، فيثبت الحق في ذمة الجميع، فأيهم قضاه برئوا، وإن برئ المدين برئ الكل، وإن أبرأ مضمون له أحدهم برئ ومن بعده لا من قبله.

(ولرب حقٍّ مطالبة من شاء منهما) أي من الضامن والمضمون عنه، لثبوت الحق في ذمتهما، وله مطالبتنهما معًا في الحياة والموت، فأيهما قضاه برئ الكل، كما تقدم، لأن الضمان وثيقة، فإذا برئ الأصيل زالت الوثيقة، كالرهن.

ويصح ضمان عهدة مبيع (3)، وألفاظ ضمان العهدة: ضمنت عهدته، أو ثمنه، أو دَرَكَهُ (4)، أو يقول لمشتر: ضمنت خلاصك منه، أو

(1) سورة يوسف، الآية:72.

(2)

في الأصل: (بكرا) والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(2/ 248).

(3)

قال عثمان بن قائد في "حاشية المنتهى"(2/ 430) وعهدة المبيع لغة: الصك، أي: الكتاب الذي تكتب به المعاملات والأقارير.

واصطلاحًا: ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخر، إن ظهر ما يوجبه. اهـ

ينظر: "المعجم الوسيط"(2/ 634) و"معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية"(2/ 552) و"حاشية ابن قاسم على الروض"(5/ 104).

(4)

الدَّرْك في البغ: التبعة. يقال: ما لحقك من درك فعليَّ خلاصه. وهو ضمان الثمن للمشتري إن خرج المبيع مستحقًّا أو معيبًا أو ناقصًا. ينظر: "النظم المستعذب"(1/ 136) و"المصباح المنير"(1/ 260) و"القاموس الفقهي"(ص 225): و"معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية"(2/ 416) و"نظرية الضمان الشخصي - الكفالة"(ص 245).

ص: 743