الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لحاجة، وأن يرهن ويرتهن، وأن يفعل كل ما فيه حظ للشركة، وليس له أن يكاتب قنًّا من الشركة، أو يزوجه، أو يعتقه ولو بمال، إلا بإذن، ولا أن يهب من مال الشركة، أو يقرض، أو يحابي، أو يضارب، أو يشارك بالمال، أو يخلطه بغيره، أو يأخذ به سفتجة (1)، بأن يدفع من مال الشركة إلى إنسان، ويأخذ منه كتابًا إلى وكيله ببلد آخر، ليستوفي منه، أو يعطيها؛ بأن يشتري عرضًا، ويعطي بثمنه كتابًا إلى وكيله ببلد آخر، ليستوفي منه. ولا أن يستدين عليها إلا بإذن شريكه في الكل. وإن قال: اعمل برأيك، ورأى مصلحة؛ جاز الكل، وما استدان بدون إذن فعليه، وربحه له.
تتمة:
والاشتراط فيها نوعان: صحيح، كشرط أن لا يتجر إلا في نوع كذا، أو أن لا يتجر إلا في بلد بعينه، أو أن لا يبيع إلا بنقد كذا، أو أن لا يسافر بالمال.
ونوع فاسد، وهو قسمان: مفسد لها، وهو: ما يعود بجهالة الربح، كشرط دراهم لزيدٍ الأجنبي، والباقي من الربح لهما، واشتراط ربح ما يشتري من رقيق لأحدهما وما يشتري من ثياب للآخر، ونحو ذلك، فتفسد الشركة، والمضاربة به، لإفضائه إلى جهل حق كل منهما من الربح، أو إلى فواته.
وقسم فاسد غير مفسد: كاشتراط أحدهما على الآخر ضمان المال إن تلف بلا تعد ولا تفريط، أو أن ما عليه من الخسارة أكثر من قدر ماله، أو أن يعطيه ما يختار من السلع برأس ماله، أو أن لا يفسخ الشركة مدة كذا، ونحو ذلك، فهذه الشروط كلها فاسدة، لتفويتها المقصود من عقد الشركة، والشركة، أو المضاربة، صحيحة.
(1) بفتح السين والتاء هي: كتاب لصاحب المال إلى وكيله في بلدٍ آخر، ليدفع إليه بدله، وفائدته السلامة من خطر الطريق، ومؤنه الحمل. "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 193).
وإذا فسدت الشركة قسم ربح شركة عنان ووجوه على قدر المالين، وقسم أجر ما تقبلاه من عمل في شركة أبدان بالسوية، وتوزيع وضيعة على قدر ما لكل، ورجع كل من لشريكين في عنان ووجوه وأبدان بأجرة نصف عمله، ومن تعدى من الشركاء، بمخالفة، أو إتلاف، ضمن كالغاصب، وربح مالٍ لربه، نصًّا (1)، لأنه نماء مال تصرف فيه غير مالكه بغير إذنه، فكان لمالكه.
وعقد فاسد في مضاربة، وشركة، ووكالة، ووديعة، ورهن، وهبة، وصدقة، وهدية، ووقف، كعقد صحيح في ضمان وعدمه، فلا يضمن منها ما لايضمن في العقد الصحيح.
الضرب (الثاني: المضاربة) من الضرب في الأرض، أي السفر فيها للتجارة، وهذه تسمية أهل العراق. وأهل الحجاز يسمونها: قراضًا، من قرض الفأر الثوب أي قفعه، كأن رب المال اقتطع للعامل قطعة من ماله، وسلمها له واقتطع له قطعة من ربحها (2). وحكى ابن المنذر الإجماع على جوازها (3). ولحاجة الناس إليها.
(وهي) شرعًا (4): (دفع ماك) أي نقد مفروب، غير مغشوش كثيرًا، لما تقدم (5) أو ما في معنى الدفع، كوديعة، وعارية، وغصب، إذا قال ربها لمن هي تحت يده: ضارب بها على كذا. (معين) أي المال فلا يصح: ضارب بأحد هذين الكيسين، تساوى ما فيهما أو اختلف، علما ما فيهما، أو
(1)"شرح المنتهى"(2/ 326).
(2)
ينظر: "القاموس"(ص 138) و (ص 840)، "المطلع"(ص 261) و"الدر النقي"(3/ 511) و"المصباح المنير"(ص 1/ 490) و"معونة أولي النهى"(4/ 717) و"طبة الطلبة"(ص 301).
(3)
"الإجماع"(ص 98).
(4)
ينظر: "الكافي"(3/ 341) و"معونة أولي النهى"(4/ 717) و"التوضيح"(2/ 717).
(5)
(ص 797).
جهلاه، لأنه عقد تمنع الجهالة صحته (معلوم) قدره، فلا تصح بصبرة دراهم أو دنانير، لأنه لابد من الرجوع إلى رأس المال عند الفسخ ليعلم الربح، ولا يمكن ذلك مع الجهل (لمن يتجر فيه) أي المال، وهو متعلق بدفعٍ (بجزءٍ) متعلق (بيتَّجر)(معلوم مُشاع من ربحه) كنصفه أو ربعه.
(وإن ضارب) العامل (لآخر) أي أخذ مضاربة لشخص آخر (فأضر) اشتغاله بالعمل في مال الثاني ربَّ المال (الأول، حرُم) عليه ذلك، لأنه يمنعه مقصود المضاربة من طلب النماء والحظ، فإن لم يضر الأول، بأن كان مال الثاني يسيرًا لا يشغله عن العمل في مال الأول جاز (و) إن ضارب لآخر بحيث يضر الأول (رد) العامل (حصته) من ربح المضاربة الثانية (في الشركة) الأولى، نصًّا (1)، فيدفع لرب المضاربة الثانية نصيبه من الربح، ويؤخذ نصيب العامل، فيضم لربح مضاربة الأول، ويقسمه مع ربها على ما اشترطاه، لأنه استحقه بالمنفعة التي استحقت بالعقد الأول. ورده في "المغني" كما ذكره صاحب "المنتهى" في "شرحه"(2).
(1)"معونة أولي النهى"(4/ 735).
(2)
"معونة أولي النهى"(4/ 735).
وعبارة "المغني"(7/ 160): والنظر يقتضي أن لا يستحق رب المضاربة الأولى من ربح الثانية شيئًا، لأنه إنما يستحق بمال أو عمل، وليس له في المضاربة الثانية مال ولا عمل. وتعدي المضارب إنما كان بترك العمل، واشتغاله عن المال الأول، وهذا لا يوجب عوضًا، كما لو اشتغل بالعمل في مال نفسه، أو آجر نفسه، أو ترك التجارة للعب، أو اشتغال بعلم، أو غير ذلك. ولو أوجب عوضًا لأوجب شيئًا مقدرًا لا يختلف ولا يتقدر بربحه في الثاني. واللَّه أعلم. اهـ
وقال ابن رزين في "شرحه" -كما في "الإنصاف" 14/ 98 - : والقياس أن رب الأولى ليس له شيء من ربح الثانية، لأنه لا عمل له فيها، ولا مال. اهـ
قال في "الإنصاف" -أيضًا-: واختاره الشيخ تقي الدين. قال في "الفائق": هو المختار.
واختاره في "الحاوي الصغير". اهـ وينظر "حاشية ابن قاسم"(5/ 259).
وقول المؤلف: (فأضر اشتغاله. .) يفهم منه أنه إذا لم يكن فيه ضرر على الأول، يجوز أن =
ولا يصح لرب المال الشراء من مال المضاربة لنفسه، نصًّا (1)، لأنه ملكه كشرائه من وكيله وعبده المأذون، وإن اشترى شريك نصيب شريكه؛ صح، لأنه ملك غيره.
ولا نفقة لعامل في مال المضاربة، لأنه دخل على العمل بجزء، فلا يستحق غيره، إلا بشرطٍ، نصًّا (2)، كالوكيل. وقال الشيخ، وابن القيم: أو عادة (3). ويصح شرطها سفرًا وحضرًا، لأنها في مقابلة عمله، وإن شُرطت مطلقة، واختلفا فيها، فله نفقة مثله عرفًا، وإن تعدد رب المال، فهي على قدر ما لكلٍّ.
وللعامل التسِّري من مال المضاربة بإذن رب المال، فإذا اشترى أمة للتسري ملكها، وصار ثمنها قرضًا عليه لرب المال، لخروجه من المضاربة، مع عدم وجود ما يدل على التبرع به من رب المال، وإن وطئ عامل أمة من المال بغير إذن عزر، نصًّا (4)، لأن ظهور الربح مبني على التقويم، وهو غير متحقق، لاحتمال أن السلعة تساوي أكثر مما قومت به، فهو شبهة في درء الحد، وإن لم يظهر ربح، وعليه المهر، وإن ولدت منه، وظهر ربح، صارت أم ولد، وولده حر، وعليه قيمتها، وإن لم يظهر فهي وولدها ملك لرب المال.
= يضارب لآخر. وهو صحيح، وهو المذهب مطلقًا، وعليه أكثر الأصحاب. اهـ من "الإنصاف"(14/ 96).
وما قرره المؤلف -تبعًا للمتن- هو من مفردات المذهب. ينظر "المنح الشافيات"(2/ 416) و"الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني"(2/ 19).
(1)
"الإنصاف"(14/ 105).
(2)
"الإنصاف"(14/ 108).
(3)
قال في "الإنصاف"(14/ 109): قال -أي ابن تيمية-: ليس له نفقة، إلا بشرط أو عادة فيعمل بها. وكأنه أقام العادة مقام الشرط. وهو قوي في النظر. اهـ
يظر: "الاختيارات"(ص 213) و"الفتاوى"(30/ 95) و"إعلام الموقعين"(2/ 6).
(4)
"الإنصاف"(14/ 113).
ولا يطأ رب المال أمة من المضاربة ولو عدم الربح، لأنه ينقصها إن كانت بكرًا، أو يعرضها للتلف والخروج من المضاربة، ولا حد عليه، لأنها ملكه، وإن ولدت منه خرجت من المضاربة، وحسبت قيمتها عليه، فإن كان فيه ربح فلعامل حصة منه.
ولا ربح لعامل حتى يستوفى رأس المال (وإن تلف رأس المال أو) تلف (بعضه بعد تصرف) عامل في المضاربة (أو) ربح في أحد سلعتيه و (خسر) في الأخرى (جبر) رأس المال (من ربح) إن كان (قبل قسمة) الربح ناضًّا (1)، أو قبل تنضيضه، مع محاسبة، نصًّا (2). فإن تقاسما الربح والمال ناضٌّ، أو تحاسبا بعد تنضيض المال، وأبقيا المضاربة، فهي مضاربة ثانية، فما ربح بعد ذلك لا يجبر به وضيعة الأول، ولو قسم رب المال والعامل الربح، أو أخذ أحدهما منه شيئًا بإذن صاحبه، والمضاربة بحالها، ثم خسر، كان على العامل رد ما أخذه من الربح، لأنا تبينَّا أنه ليس بربح، ما لم تنجبر الخسارة، نصًّا (3).
وتفسخ مضاربة فيما تلف من مالها قبل عمل، ويصير الباقي رأس المال، فإن تلف الكل، ثم اشترى العامل للمضاربة شيئًا، فهو كفضولي، وإن تلف بعد شرائه في ذمته، وقبل نقد ثمن فالمضاربة بحالها، ويطالب العامل ورب المال، بالثمن لتعلق حقوق العقد برب المال، ومباشرة العامل، وإن دفعه عامل بنية الرجوع، رجع به على رب المال، للزومه له أصالة. والعامل بمنزلة الضامن. وتحرم قسمة الربح والعاقد باق إلا باتفاقهما، لأنه وقاية لرأس المال، فلم يجبر ربه على القسمة، لأنه لا يأمن
(1) نضَّ المال: صار المتاع نقدًا. قال في "معونة أولي النهى"(4/ 737) ينظر: "المصباح المنير"(2/ 838).
(2)
"معونة أولي النهى"(4/ 739).
(3)
"شرح المنتهى"(2/ 323).