الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يدخل في شيء مما سبق؛ وهو نوعان:
الأول: صور من التدبُّر لا تدخل تحت أحد الأنواع المذكورة:
التطبيق:
1 -
قال تعالى عن المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)} (البقرة).
قال ابن عاشور رحمه الله: «قَوله: {إِنَّا مَعَكُمْ} مع أن مقتضى الظاهر أن يكون كلامهم بعكس ذلك؛ لأن المؤمنين يَشُكُّون في إيمان المنافقين، وقومهم لا يَشُكُّون في بقائهم على دينهم، فجاءت حكاية كلامهم الموافقة لمدلولاته على خلاف مقتضى الظاهر لمراعاة ما هو أجدر بعناية البليغ من مُقْتَضَى الظاهر. فَخُلُوّ خطابهم مع المؤمنين عما يفيد تأكيد الخبر؛ لأنهم لا يريدون أن يَعْرِضُوا أنفسهم في مَعْرِض من يَتَطَرَّق ساحته الشك في صِدْقِه؛ لأنهم إذا فَعَلُوا ذلك فقد أيقظوهم إلى الشك، وذلك من إتقان نفاقهم؛ على أنه قد يكون المؤمنون أَخْلِيَاء الذِّهْن من الشك في المنافقين لعدم تَعَيُّنِهم عندهم، فيكون تجريد الخبر من المُؤَكِّدات مُقْتَضَى الظاهر.
وأما قولُهُم لقومِهم: {إِنَّا مَعَكُمْ} بالتأكيد فذلك؛ لأنه لَما بدا من إبداعهم في النفاق عند لقاء المسلمين ما يُوجِب شك كبرائهم في البقاء على الكفر، وتَطْرُق به التُّهْمة أبواب قلوبهم، احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون علَى دينهِم» (1).
2 -
قال تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)} (البقرة).
(1) التحرير والتنوير (1/ 291 - 292).
3 -
قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)} (البقرة).
قال ابن القيم رحمه الله: «فالمَلَك والشيطان يتعاقبان على القلب تَعَاقُب الليل والنهار؛ فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره، وآخر بضده، ومنهم من يكون زمنه نهارًا كله، وآخر بضده، نستعيذ بالله تعالى من شر الشيطان» (2).
4 -
قال ابن القيم رحمه الله: «فمن ظن بأنه لاينصر رسوله، ولا يُتِم أمره، ولا يُؤيده ويُؤيد حزبه، ويُعليهم ويُظفِرهم بأعدائه، ويُظهرهم عليهم، وأنه لاينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إِدَالَة مُسْتَقِرَّة يَضْمَحِل معها التوحيد
(1) اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 64).
(2)
إغاثة اللهفان (1/ 108).
والحق اضْمِحْلَالًا لايقوم بعده أبدًا؛ فقد ظن بالله ظن السوء، ونَسَبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله، وصفاته ونعوته، فإن حَمْدَه وعِزَّته وحِكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النُّصْرَة المُستقرة والظَّفَر الدائم لأعدائه المشركين به، العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله، وكذلك من أنكر أن يكون ذلك بقضائه وقَدَرِه فما عرفه، ولا عرف ربوبيته ومُلْكَه وعظمته، وكذلك من أنكر أن يكون قَدَّر ما قَدَّرَه من ذلك وغيره لحِكْمَة بالغة، وغاية محمودة يستحق الحمد عليها، وأن ذلك إنما صدر عن مشيئة مُجَرَّدَة عن حِكْمة، وغاية مطلوبة هي أحب إليه من فَوْتِها، وأن تلك الأسباب المكروهة المُفْضِية إليها لايخرج تقديرها عن الحِكْمة؛ لإفضائها إلى ما يحب، وإن كانت مكروهة له، فما قَدَّرَها سُدًى، ولا أنشأها عبثًا، ولا خلقها باطلًا؛ {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)} (ص)، وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظَنَّ السَّوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله، وعرف أسماءه وصفاته، وعرف مُوجِبَ حَمْدِه وحكمته، فمن قَنَطَ من رحمته، وأَيِسَ من رَوْحه، فقد ظن به ظن السوء» (1).
5 -
قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} (آل عمران).
قال السعدي رحمه الله: «وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته والعمل المُوصِل إليه، فلا يُوصَل إلى الراحة إلا بترك الراحة، ولا يُدرَك النعيم إلا بترك النعيم، ولكن مَكَارِه الدنيا التي تُصيب العبد في سبيل الله عند تَوطِين النفس لها، وتَمْرِينها
(1) زاد المعاد (3/ 229 - 230).
عليها ومعرفة ما تَؤُول إليه تَنْقَلِب عند أرباب البصائر مِنَحًا يُسَرُّون بها، ولا يُبالون بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (1).
6 -
هل سمعت بطفل يتدبر القرآن؟ قال أحدهم: كنت مع ابنتي (7 سنوات)، فَسَمِعَت قارئًا عَبْر الإذاعة يتلو:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ (181)} (آل عمران)، فسَأَلَتْ ببراءة: إذا كان الله فقيرًا وهم أغنياء، فمن الذي أغناهم؟ ! (2).
7 -
8 -
(1) تفسير السعدي (ص 150).
(2)
ليدبروا آياته (2/ 47 - 48).
(3)
تفسير السعدي (ص 185).
قال ابن القيم رحمه الله: «فمن تَعَبَّد الله بِمُرَاغَمَة عدوه، فقد أخذ من الصِّدِّيقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه، يكون نصيبه من هذه المُراغَمة.
ولأجل هذه المُراغَمة حُمِدَ التَّبَخْتُر بين الصَّفَّيْن، والخيلاء والتَّبَخْتُر عند صَدَقَة السر، حيث لا يراه إلا الله؛ لما في ذلك من إرغام العدو، وبَذْل محبوبه من نفسه وماله لله عز وجل، وهذا باب من العبودية لايعرفه إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمه ولَذَّته، بكى على أيامه الأُوَلِ
…
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان، ولَاحَظَه في الذنب، رَاغَمَه بالتوبة النصوح، فأحدثت له هذه المُراغَمة عبودية أخرى» (1).
9 -
قال تعالى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} (النساء).
قال السعدي رحمه الله: «وفي هذه الآية إرشاد إلى المقابلة بين ما يُتوَهَّم من مصالح الدنيا المُتَرَتِّبة على ترك أوامر الله، أو فعل مناهيه، وبين ما يفوت من ثواب الآخرة، أو يحصل من عقوباتها.
فيقول من أَمَرَتْه نفسُه بترك أمر الله: ها أنتِ تركتِ أمره كسلًا وتفريطًا، فما النفع الذي انتفعتِ به؟ ! وماذا فاتكِ من ثواب الآخرة؟ ! وماذا ترتب على هذا الترك من الشقاء والحرمان والخيبة والخسران؟ !
(1) مدارج السالكين (1/ 241 - 242).
وكذلك إذا دعتُه نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات المُحَرَّمة، وقال لها: هَبْكِ فعلتِ ما اشتهيتِ، فإن لذته تنقضي، ويعقبها من الهموم والغموم والحسرات، وفوات الثواب وحصول العقاب ما بعضه يكفي العاقل في الإحجام عنها.
وهذا من أعظم ما ينفع العبد تَدَبُّره، وهو خَاصَّة العقل الحقيقي؛ بخلاف الذي يَدَّعي العقل وليس كذلك، فإنه بجهله وظُلْمه يُؤْثِر اللذة الحاضرة والراحة الراهنة، ولو ترتب عليها ما ترتب. والله المستعان» (1).
10 -
قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} (الأنعام).
قال ابن القيم رحمه الله: «منهم من يكون على أخلاق السِّبَاع العادية، ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب، وأخلاق الخنازير، وأخلاق الحمير، ومنهم من يَتَطَوَّس بثيابه، كما يَتَطَوَّس الطاوس في ريشه، ومنهم من يكون بليدًا كالحمار، ومنهم من يُؤْثِر على نفسه كالديك، ومنهم من يألف ويُؤْلَف كالحمام، ومنهم الحقود كالجمل، ومنهم الذي هو خير كله كالغنم، ومنهم أشباه الثعالب تروغ كروغانها.
وقد شَبَّه الله تعالى أهل الجحيم والغَي: بالحُمر تارة، وبالكلب تارة، وبالأنعام تارة، وتقوى هذه المشابهة باطنًا، حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورًا خفيًّا، يراه المُتفَرِّسُون، وتظهر في الأعمال ظهورًا يراه كل أحد» (2).
(1) تفسير السعدي (ص 200).
(2)
الجواب الكافي (ص 118 - 119).
11 -
قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} (الأنعام).
12 -
قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} (الأعراف).
قال ابن القيم رحمه الله: «ومن تدبر أحوال العالم، وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك، فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن تدبر هذا حق التدبر، وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين؛ وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه، وفي حق غيره عمومًا وخصوصًا، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» (2).
(1) تفسير السعدي (ص 268).
(2)
بدائع الفوائد (3/ 15).
14 -
قال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا (56)} (الأعراف).
قال ابن القيم رحمه الله: «وذكر الطمع - الذي هو الرجاء- في آية الدعاء؛ لأن الدعاء مبني عليه، فإن الداعي ما لم يطمع في سؤاله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبه؛ إذ طلب ما لا طمع فيه ممتنع» (1).
15 -
قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)} (الأعراف).
قال السعدي رحمه الله: «وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لاينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان، بل لايزال خائفًا وَجِلًا أن يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وألا يزال داعيًا بقوله: «يا مقلب القلوب ثَبِّت قلبي على دينك» ، وأن يعمل ويسعى، في كل سبب يُخَلِّصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد -ولو بلغت به الحال ما بلغت- فليس على يقين من السلامة» (2).
16 -
قال تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا} (الأعراف: 115 - 116)، وقال تعالى:{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا} (طه: 65 - 66).
فما وجه طلب موسى عليه السلام أن تكون البَدَاءَة منهم؟
قال ابن كثير رحمه الله: «لأن موسى أراد أن تكون البَدَاءَة منهم؛ ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده، فيدمغ باطلهم» (3).
(1) السابق (3/ 12).
(2)
تفسير السعدي (ص 298).
(3)
تفسير ابن كثير (4/ 286).
17 -
18 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} (الأنفال).
قال الشنقيطي رحمه الله: «والمُحِب الصادق في حُبّه لا ينسى محبوبه عند نزول الشدائد» (2).
(1) المواهب الربانية (ص 40).
(2)
أضواء البيان (2/ 486).
19 -
قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)} (التوبة)، وقال:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} (التوبة).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} إشارة إلى ما هو لازم لهم في الدنيا والآخرة من الآلام النفسية: غمًّا وحزنًا، وقسوة وظُلمة قلب وجهلًا، فإن للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم؛ ولهذا تجد غالب هؤلاء لا يُطيّبون عيشهم إلا بما يُزيل العقل، ويُلهي القلب ومن تناول مسكر، أو رؤية مُلْهٍ، أو سماع مُطْرب، ونحو ذلك.
وفي مُقَابِل ما حكاه الله عن الكافرين، قوله في المؤمنين:{أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ (71)} (التوبة)، فإن الله يُعَجِّل للمؤمنين من الرحمة في قلوبهم، وغيرها بما يجدونه من حلاوة الإيمان ويذوقونه من طعمه، وانشراح صدورهم للإسلام، إلى غير ذلك من السرور بالإيمان، والعلم، والعمل الصالح، بما لا يمكن وصفه» (1).
20 -
قال السعدي رحمه الله: «وفي هذه الآية أيضًا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف لفائدة مهمة، وهي أن المسلمين ينبغي لهم أن يُعِدُّوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها ويُوفر وقته عليها، ويجتهد فيها ولا يلتفت إلى غيرها؛ لتقوم مصالحهم
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 110 - 111).
وتتم منافعهم؛ ولتكون وِجْهَة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قَصْدًا واحدًا وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تَفَرَّقت الطرق وتعددت المَشَارِب، فالأعمال مُتباينة والقصد واحد؛ وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور» (1).
21 -
قال ابن حزم رحمه الله: «إذا حَقَّقْت مدة الدنيا لم تجدها إلا (الآن) الذي هو فَصْل الزمانين فقط» (2).
22 -
قال ابن القيم رحمه الله: «وفي ذلك تنبيه على أن العلم الدقيق بلطيف الحيل المُوصلة إلى المقصود الشرعي الذي يُحبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
…
صفة مدح يرفع الله تعالى بها درجة العبد» (3).
23 -
(1) تفسير السعدي (ص 355).
(2)
الأخلاق والسير (ص 20).
(3)
إغاثة اللهفان (2/ 119).
قال السعدي رحمه الله: «فما فات أحدًا شيء من الخير إلا لعدم صبره وبَذْل جُهده فيما أُريد منه، أو لعدم توكله واعتماده على الله» (1).
24 -
قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)} (الإسراء).
قال ابن كثير رحمه الله: «وقَد أخذ الإمام الحَبْر ابن عباس رضي الله عنهما من عموم هذه الآية الكريمة ولاية معاوية السَّلْطَنة، وأنه سيملك؛ لأنه كان ولي عثْمان، وقَد قُتِل عثْمان مظلومًا رضي الله عنه» (2).
25 -
قال تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)} (الكهف).
26 -
(1) تفسير السعدي (ص 440).
(2)
تفسير ابن كثير (5/ 73).
(3)
تفسير السعدي (ص 473).
قال ابن كثير رحمه الله: «وشملت كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال؛ وهذا فائدة صُحْبَة الأخيار؛ فإنه صار لهذا الكلب ذِكْر وخبر وشأن» (1).
27 -
قال قَتَادَة رحمه الله: «يَشْتَكِي القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يَشْتَكِ أحد ظلمًا؛ فإياكم والمُحَقَّرَات من الذنوب؛ فإنها تجتمع على صاحبها حتى تُهلكه» (2).
28 -
قال ابن القيم رحمه الله: «ويُشْبِه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العِتَاب لطيف عجيب، وهو أني عاديتُ إبليس؛ إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي، فكانت معاداته لأجلكم، ثم كان عاقبة هذه المعاداة أن عَقَدتُّم بينه وبينكم عَقْد المُصَالَحة! » (3).
29 -
قال تعالى: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)} إلى قوله: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33)} (طه).
(1) تفسير ابن كثير (5/ 144).
(2)
الدر المنثور (9/ 401).
(3)
الجواب الكافي (ص 83).
في هذه الآيات أدب من آداب الدعاء، وهو نُبْل الغاية، وشَرَف المقصد، وقريب منه قوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم اشْفِ عبدك فلانًا؛ يَنْكَأ لك عدوًّا، ويمشي لك إلى صلاة» (1)(2).
30 -
31 -
قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)} (الأنبياء).
32 -
(1) أخرجه أبو داود في سننه (3107)، قال الألباني في الصحيحة:(حديث حسن).
(2)
ليدبروا آياته (1/ 150).
(3)
مختصر منهاج القاصدين (ص 308).
(4)
تفسير السعدي (ص 519).
وقال رحمه الله: «طَلَبَ الرجوع ليعمل صالحًا، لا ليجمع الدنيا، ويقضي الشهوات، فرحم الله امرأً عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب» (2).
33 -
قال تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)} (النمل).
قال الشنقيطي رحمه الله: «ألا ترى أن مَلِكَة سبأ في حال كونها تسجد للشمس من دون الله هي وقومها لَمَّا قالت كلامًا حقًّا صَدَّقها الله فيه، ولم يكن كفرها مانعًا من تصديقها في الحق الذي قالته، وذلك في قولها فيما ذكر الله عنها:{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} (النمل: 34)، فقد قال تعالى مُصَدِّقًا لها في قولها:{وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)} (النمل)، وقد قال الشاعر:
لا تَحْقِرَنَّ الرأي وَهْوَ مُوَافِقٌ
…
حُكمُ الصواب إذا أتى من ناقصِ
فالدُّر وَهْوَ أَعَز شيء يُقْتَنى
…
ما حَط قيمتَه هَوَانُ الغائص» (3)(4).
34 -
(1) تفسير ابن كثير (5/ 494).
(2)
تفسير السمعاني (3/ 490).
(3)
وفيات الأعيان (2/ 188).
(4)
أضواء البيان (1/ 8 - 9).
قال ابن القيم رحمه الله: «فمن كان ظهيرًا للمجرمين من الظَّلَمة على ظُلمهم، ومن أهل الأهواء والبدع على أهوائهم وبدعهم، ومن أهل الفجور والشهوات على فجورهم وشهواتهم؛ ليتخلص بمُظَاهَرَتهم من أَلَم أذاهم، أصابه من ألم الموافقة لهم عاجلًا وآجلًا أضعاف أضعاف ما فرّ منه، وسنة الله في خلقه أن يعذبهم بإنذار من إيمانهم وظاهرهم، وإن صبر على أَلَم مُخالفتهم ومُجانَبتهم، أعقبه ذلك لَذَّة عاجلة وآجلة تزيد على لذة الموافقة بأضعاف مضاعفة، وسنة الله في خلقه أن يرفعه عليهم ويُذلهم به بحسب صبره وتقواه وتوكله وإخلاصه، وإذا كان لا [بد](1)
من الألم والعذاب فذلك في الله وفي مرضاته ومتابعة رسله أولى وأنفع منه في الناس ورضائهم وتحصيل مُرَادَاتهم» (2).
35 -
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: «ومن نظر في آيات القرآن الكريم، وجد أن البيوت مُضَافَة إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى، مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن؛ وإنما حصلت هذه الإضافة -والله أعلم- مراعاةً لاستمرار لزوم النساء للبيوت، فهي إضافة إسكان، ولزوم للمسكن، والتصاق به، لا إضافة تمليك.
قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب: 33)، وقال سبحانه:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (الأحزاب: 34)، وقال عز شأنه:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (الطلاق: 1)» (3).
(1) ما بين المعقوفين زيادة، يقتضيها السياق.
(2)
شفاء العليل (ص 246).
(3)
حراسة الفضيلة (ص 58).
36 -
قال ابن القيم رحمه الله: «فمن لم يُورثه التعمير وطُول البقاء إصلاح معائبه، وتَدَارُك فَارِطه، واغتنام بقية أنفاسه، فيعمل على حياة قلبه، وحصول النعيم المقيم، وإلا فلا خير له في حياته
…
فالطالب الصادق في طلبه كلما خرب شيء من ذاته جعله عمارة لقلبه وروحه، وكلما نقص شيء من دنياه جعله زيادة في آخرته، وكلما مُنع شيئًا من لذات دنياه جعله زيادة في لذات آخرته، وكلما ناله هَمّ أو حزن أو غم جعله في أفراح آخرته.
فَنُقصان بدنه ودنياه ولذته وجاهه ورئاسته إن زاد في حصول ذلك وتوفيره عليه في معاده، كان رحمة به وخيرًا له، وإلا كان حرمانًا وعقوبة على ذنوب ظاهرة أو باطنة، أو ترك واجب ظاهر أو باطن؛ فإن حرمان خير الدنيا والآخرة مُرَتَّب على هذه الأربعة» (1).
37 -
قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)} (يس).
(1) الفوائد (ص 189 - 190).
(2)
تفسير ابن كثير (6/ 571 - 572).
38 -
قال ابن القيم رحمه الله: «وتأمل ما في سَوْق الفريقين إلى الدارين زُمَرًا من فرحة هؤلاء بإخوانهم وسَيْرِهم معهم كل زُمْرة على حِدَة، كل مُشْتَرِكِين في عمل مُتَصَاحِبِين فيه على زُمْرَتهم وجماعتهم مُسْتَبْشِرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير، كذلك يؤنس بعضهم بعضًا ويفرح بعضهم ببعض.
وكذلك أصحاب الدار الأُخرى يُساقون إليها زُمرًا يلعن بعضهم بعضًا ويتأذى بعضهم ببعض، وذلك أبلغ في الخزي والفضيحة والهَتِيكَة من أن يُساقُوا واحدًا واحدًا؛ فلا تُهْمِل تدبر قوله سبحانه:{زُمَرًا} » (1).
39 -
قال ابن هبيرة رحمه الله: «هذا من تمام بر الوالدين، كأن هذا الولد خاف أن يكون والداه قَصَّرا في شُكر الرب عز وجل، فسأل الله أن يُلْهِمَه الشُّكْر على ما أنعم به عليه وعليهما؛ ليقوم بما وجب عليهما من الشُّكْر إن كانا قَصَّرا» (2).
(1) حادي الأرواح (ص 52).
(2)
ذيل طبقات الحنابلة (2/ 147).
40 -
لما ذكر مُبتغَى العابدين بعبادتهم هنا قال: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} ، وحين ذكر وعده لهم قال:{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} (فاطر: 30). وفيه «إشارة إلى معنى لطيف؛ لأنَّ الله تعالى إذا قال: (لكم أجر) كان ذلك منه تَفَضُّلًا، وإشارة إلى أنَّ عملكم جاء على ما طلب الله منكم؛ لأنَّ الأُجرة لا تُسْتَحَقُّ إلا على العمل الموافق للطَّلب من المالك، والمؤمن إذا قال: أنا أبتغي فضلك يكون منه اعترافًا بالتَّقصير؛ فقال: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ}، ولم يقل: أجرًا» (1).
41 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} (الحجرات).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدًا بنسبه، ولا يذم أحدًا بنسبه؛ وإنما يمدح بالإيمان والتقوى، ويذم بالكفر والفسوق والعصيان» (2).
42 -
قال تعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)} (النجم).
قال ابن القيم رحمه الله: «قوله سبحانه: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)} (النجم) مُتَضَمِّن لكنز عظيم، وهو أن كل مُراد إن لم يُرَد لأجل الله ويتصل به وإلا فهو
(1) مفاتيح الغيب (28/ 89).
(2)
مجموع الفتاوى (35/ 230).
مُضمحِل مُنقطع؛ فإنه ليس إليه المُنْتَهى، وليس المُنْتَهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها، فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يُحبّ لأجله فمحبته عناء وعذاب» (1).
43 -
قال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)} (الواقعة).
44 -
قال السعدي رحمه الله: «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وليُعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا وما عليها في دار النعيم المقيم من اللذات والشهوات، وأن الخير والبِر في هذه الدنيا
(1) الفوائد (ص 202).
(2)
مفاتيح الغيب (29/ 166).
مادة الخير والبِر في دار القرار، وبذره وأصله وأساسه، فوا أسفاه على أوقات مضت في الغفلات، ووا حسرتاه على أزمان تَقَضَّت بغير الأعمال الصالحات، وواغوثاه من قلوب لم يُؤَثِّر فيها وعظ بارئها، ولم ينجع فيها تشويق من هو أرحم بها منها. فلك اللهم الحمد، وإليك المُشتكى، وبك المُستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك» (1).
45 -
قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} (الليل).
قال ابن القيم رحمه الله: «وذلك يتضمن تيسيره للخير وأسبابه، فيجري الخير ويُيسر على قلبه ويديه ولسانه وجوارحه، فتصير خصال الخير مُيسَّرة عليه مُذللة له مُنقادة، لا تستعصي عليه ولا تَسْتَصْعِب؛ لأنه مُهيأ لها، مُيسَّر لفعلها، يسلك سبلها ذُلُلًا، وتُقاد له علمًا وعملًا، فإذا خَالَلْتَه قلت هو الذي قيل فيه:
مُباركُ الطَّلْعَة ميمونها
…
يصلح للدنيا وللدينِ» (2).
46 -
قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} (التكاثر).
قال ابن القيم رحمه الله: «وكل من كاثر إنسانًا في دنياه أو جاهه أو غير ذلك، شغلته مُكَاثَرته عن مُكَاثَرة أهل الآخرة. فالنفوس الشريفة العلوية ذات الهمم العالية إنما تُكاثر بما يدوم عليها نفعه، وتكمل به وتزكو، وتصير مُفْلِحة، فلا تُحب أن يكثرها غيرها في ذلك، ويُنافسها في هذه المُكاثرة، ويُسابقها إليها؛ فهذا هو التكاثر الذي هو غاية سعادة العبد
…
وصاحب هذا التكاثر لايهون عليه أن يرى غيره أفضل منه قولًا، وأحسن منه عملًا، وأغزر علمًا، وإذا رأى غيره أكثر منه
(1) تفسير السعدي (ص 894).
(2)
التبيان في أقسام القرآن (ص 61 - 62).
في خصلة من خصال الخير يعجز عن لحاقه فيها كَاثَره بخصلة أخرى، وهو قادر على المُكاثرة بها، وليس هذا التكاثر مذمومًا ولا قادحًا في إخلاص العبد، بل هو حقيقة المنافسة، واستباق الخيرات» (1).
47 -
قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} (الفلق).
قال أبو السعود رحمه الله (2): «الفَلَقُ: الصُّبْحُ كالفرقِ؛ لأنَّه يفلق عنه الليل ويفرق
…
وقيلَ: هُوَ ما انفلقَ منْ عمودِهِ
…
وفي تعليق العياذ باسم الرب المُضَاف إلى الفَلَق المنبئ عن النور عَقِيب الظُّلْمة، والسَّعَة بعد الضيق، والفَتْق بعد الرَّتْق، عِدَةٌ كريمة بإعاذة العائذ مما يعوذ منه، وإنجائه منه، وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره، ومزيد ترغيب له في الجد والاعتناء بِقَرْع باب الالتجاء إليه تعالى؛ ففيه إشعار بأن من قدر أن يزيل ظلمة الليل من هذا العالم قدر أن يزيل عن العائذ ما يخافه» (3).
(1) عدة الصابرين (ص 193 - 194).
(2)
هو: محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، المولى، أبو السعود، مُفَسِّر شاعر، من علماء الترك المُسْتَعْرِبين، وُلِد بقرب القسطنطينية، ودَرَسَ ودَرَّسَ في بلاد متعددة، وتقلد القضاء في بروسة، فالقسطنطينية، فالروم ايلي، وأُضيف إليه الإفتاء سنة 952 هـ، وكان حاضر الذهن، سريع البديهة، توفي سنة: 982 هـ. الكواكب السائرة (3/ 31)، الأعلام للزركلي (7/ 59).
(3)
تفسير أبي السعود (9/ 214).