الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (الفلق: 5).
قال ابن القيم رحمه الله: «العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد؛ ولهذا -والله أعلم- إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن؛ لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولا بد، وليس كل حاسد عائنًا، فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته» (1).
ثالثًا: الإطلاق والتقييد
(2):
التطبيق:
1 -
قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (الفاتحة: 5).
قال ابن القيم: «وصاحب التَّعَبُّد المُطْلَق ليس له غرض في تَعَبُّدٍ بعينه يُؤْثِره على غيره، بل غرضه تَتَبُّع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تَعَبُّده عليها، فهو لايزال مُتَنَقِّلًا في منازل العبودية، كلما رُفِعَت له مَنْزِلَة، عمل على سَيرِه إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى، فهذا دأبه في السَّيْر حتى ينتهي سَيْره؛ فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العُبَّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم
…
فهذا هو العبد المطلق، الذي لم تملكه الرسوم، ولم تُقيده القيود، ولم يكن عمله على مُرَاد نفسه، وما فيه لذتها وراحتها من العبادات، بل هو على مُرَاد ربه ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه.
(1) بدائع الفوائد (2/ 233).
(2)
المُطْلَق: هو المُتَناوِل لواحدٍ لا بعينه باعتبار حقيقةٍ شاملةٍ لجنسه. انظر: روضة الناظر (2/ 101). والمُقَيَّد: هو المُتَناوِل لِمُعَيَّن أو غير مُعَيَّن موصوف بأمر زائد على الحقيقة. انظر: روضة الناظر (2/ 102).
فهذا هو المُتَحَقِّق بـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} حقًا، القائم بهما صدقًا، مَلْبَسه ما تهيأ، ومأكله ما تيسر، واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليًا، لا تملكه إشارة، ولايتعبده قَيْد، ولا يستولي عليه رَسْم، حُرٌّ مُجرد، دائر مع الأمر حيث دار، يَدِين بدين الآمر أَنَّى توجهت ركائبه، ويدور معه حيث استقلت مَضَارِبه، يَأْنَس به كل مُحِقّ، ويستوحش منه كل مُبْطِل؛ كالغيث حيث وقع نفع، وكالنخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعة حتى شوكها، وهو موضع الغِلْظَة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انْتُهِكَت محارم الله.
فهو لله وبالله ومع الله، قد صَحِب الله بلا خَلْق، وصَحِب الناس بلا نَفْس. بل إذا كان مع الله عَزَل الخلائق عن البَيْن وتَخلَّى عنهم، وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتَخَلَّى عنها، فواهًا له! ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أُنسه بالله وفرحه به، وطمأنينته وسكونه إليه» (1).
2 -
قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (الانفطار).
(1) مدارج السالكين (1/ 111).
(2)
الجواب الكافي (ص 121).