الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - الحُكْم المُعَلَّق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه
(1):
توضيح القاعدة:
إذا وقع الحمد أو الذم أو الوعد أو الوعيد على جِنْسِ فِعْلٍ من الأفعال أو وَصْف من الأوصاف، فإنه يحصل للمُكَلَّف من ذلك الحمد أو الذم أو الجزاء بقدر نصيبه من ذلك الفعل أو الوصف ومدى تَحَقُّقِه فيه، فيزداد بزيادته وكماله، وينقص بنقصه وضعفه، وينعدم بانعدامه وزواله (2).
التطبيق:
1 -
قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)} (آل عمران).
قال السعدي رحمه الله: «دَلَّت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بِرُّه، وأنه يَنْقُص من بِرِّه بحسب ما نقص من ذلك» (3).
2 -
قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} (آل عمران).
فللعبد من الرحمة بحسب ما يكون له من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
3 -
قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} (آل عمران).
(1) انظر: قواعد التفسير (2/ 629).
(2)
السابق (2/ 629).
(3)
تفسير السعدي (ص 138).
قال ابن القيم رحمه الله: «للعبد من العلوِّ بحسب ما معه من الإيمان! » (1).
4 -
قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)} (آل عمران).
قال ابن القيم رحمه الله: «وعلى قَدْر الشرك يكون الرُّعب، فالمشرك بالله أشد شيء خوفًا ورعبًا» اهـ (2).
5 -
قال ابن القيم رحمه الله: «والتحقيق:
…
أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضعف الإيمان، صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب مانقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى.
فالمؤمن عزيز غالب مُؤَيَّد منصور مكفي مدفوع عنه بالذات أين كان، ولو اجتمع عليه من بأقطارها؛ إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته ظاهرًا وباطنًا؛ وقد قال تعالى للمؤمنين:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} (آل عمران)» (3).
(1) إغاثة اللهفان (2/ 181).
(2)
زاد المعاد (3/ 203).
(3)
إغاثة اللهفان (2/ 182 - 183).
6 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: 67).
قال ابن القيم رحمه الله: «وهكذا المُبَلِّغون عنه من أمته؛ لهم من حِفْظ الله وعِصْمته إيَّاهُم بِحَسب قيامهم بِدِينِهِ وتبليغهم له» اهـ (1).
7 -
قال تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} (الأنعام: 36).
فبقدر الإقبال بالأسْمَاع على الوحي والهدى تكون الاستجابة.
8 -
«دلت الآية على أنه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به» (2).
9 -
قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} (الأعراف).
قال ابن القيم رحمه الله: «فيه تنبيه ظاهر على أن فِعْل المأمور به هو الإحسان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم من الله هو رحمته، ورحمته قريب من المحسنين الذين فعلوا ما أُمروا به من دعائه خوفًا وطمعًا، فَقُرْب مطلوبكم منه -وهو الرحمة-
(1) جلاء الأفهام (ص 415).
(2)
تفسير السعدي (ص 279).
بحسب أدائكم لمطلوبه منكم وهو الإحسان الذي هو في الحقيقة إحسان إلى أنفسكم؛ فإن الله تعالى هو الغني الحميد، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم» (1).
10 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} (الأنفال).
قال ابن القيم رحمه الله: «الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة، فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مُشْتَرَكَة بينه وبين أرذل الحيوانات؛ فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرًا وباطنًا.
فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان؛ ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صلى الله عليه وسلم» (2).
11 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} (الأنفال).
قال ابن القيم رحمه الله: «ومن الفرقان: النور الذي يُفَرِّق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم» اهـ (3).
(1) بدائع الفوائد (3/ 17).
(2)
الفوائد (ص 88).
(3)
أعلام الموقعين (4/ 199).
12 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)} (الأنفال).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «أي: الله كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنينَ، فلو كانت كِفَايَته للْمُؤْمِنين المُتبعين للرسول؛ سَوَاء اتَّبعُوهُ أو لم يتبعوه لم يكن للإيمَان واتِّبَاع الرَّسُول ثَمَّ أثر في هذه الكِفَايَة، ولا كان لتخصصهم بذلك معنى، وكان هذا نَظِير أن يقال: هو خالقك وخالق من اتبعك من المؤمنينَ، ومعْلُوم أن المُرَاد خلاف ذلك
…
والله تعالى إذا وعد على العمل بوعد أو خص أهله بكرامة فلا بد أن يكون بين وجود ذلك العمل وعَدَمه فَرْق في حُصُول تلك الكرامة، وإن كان قد يحصل نظيرها بسبب آخر، فقد يَكْفِي الله بعض من لم يتوكل عليه كالأطفال، لكن لا بد أَن يكون للمتوكل أثر في حصول الكفاية الحاصلة للمتوكلين، فلا يكون ما يحصل من الكفاية بالتوكل حاصلا مُطلقًا وإن عدم التَّوَكُّل» اهـ (1).
13 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} (التوبة).
قال ابن كثير رحمه الله: «فكلما قام ملك من ملوك الإسلام وأطاع أوامر الله، وتوكل على الله، فتح الله عليه من البلاد، واسترجع من الأعداء بحسبه، وبقدر ما فيه من ولاية الله» (2).
(1) جامع الرسائل (1/ 89، 90)، وفي هذا المعنى قوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر: 36)، فالعبد هنا مفرد مضاف إلى معرفة -الضمير- وذلك بمعنى العموم، ويوضحه قراءة حمزة والكسائي:{أليس الله بكافٍ عِبَادَه} . وذلك يدل على أن للعبد من الكفاية بحسب ما يكون له من تحقيق العبودية.
(2)
تفسير ابن كثير (4/ 239).
14 -
قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} (يونس).
فبقدر ما يكون للعبد من الإيمان والتقوى يكون له من ولاية الله تعالى، وكذلك يكون انتفاء الخوف والحزن عنه بحسب ما له من ولاية الله عز وجل التي مبناها على الإيمان والتقوى.
15 -
قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم: 7).
فعلى قدر تحقيق الشكر تكون الزيادة؛ فـ «الشكر جَلَّاب النعم، ومُوْجِب للمزيد» (1).
16 -
قال تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)} (طه).
قال الشنقيطي رحمه الله: «يعم الشرك وغيره من المعاصي، وخيبة كل ظالم بقدر ما حمل من الظلم» (2).
17 -
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)} (طه).
قال ابن القيم رحمه الله: «فإنه سبحانه رتَّب المعيشة الضَّنك على الإعراض عن ذكره، فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه، وإن تنعَّم في الدُّنيا بأصناف النِّعم، ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب، والأماني الباطلة
(1) ما بين الأقواس من كلام ابن القيم في الوابل الصيب (ص 72).
(2)
أضواء البيان (4/ 644).
والعذاب الحاضر ما فيه، وإنَّما يواريه عنه سكرات الشَّهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة، وإن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر، فسكر هذه الأمور أعظم من سكر الخمر، فإنه يُفيق صاحبه ويصحو، وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحو صاحبه إِلا إذا كان صاحبه في عسكر الأموات.
فالمعيشة الضَّنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم في دنياه وفي البرزخ ويوم معاده، ولا تقر العين، ولا يهدأ القلب، ولا تطمئن النفس؛ إلا بإلاهها ومعبودها الذي هو حق، وكل معبود سواه باطل، فمن قَرَّت عينه بالله قرَّت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطَّعت نفسه على الدنيا حسرات، والله تعالى إنما جعل الحياة الطيبة لمن آمن به وعمل صالحًا» (1).
18 -
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)} (الحج).
قال ابن القيم رحمه الله: «وفي القراءة الأخرى: {إن الله يَدْفَع} (2)، فَدَفْعه ودفاعه عنهم بحسب قوة إيمانهم وكماله، ومادة الإيمان وقوته بذكر الله تعالى، فمن كان أكمل إيمانًا وأكثر ذِكْرًا، كان دَفْع الله تعالى عنه ودفاعه أعظم، ومن نَقَص نُقِص؛ ذِكْرًا بِذِكْر، ونسيانًا بنسيان» (3).
(1) الجواب الكافي (ص 120).
(2)
النشر في القراءات العشر (2/ 326).
(3)
الوابل الصيب (ص 72). وانظر أيضًا: إغاثة اللهفان (2/ 181)، بدائع الفوائد (2/ 245).
19 -
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت: 69).
قال ابن القيم رحمه الله: «علَّق سبحانه الهداية بالجهاد؛ فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادًا، وأفرض الجهاد: جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا؛ فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سُبُل رضاه المُوصِلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عَطَّل من الجهاد» (1).
20 -
فللعبد من الاهتداء بالقرآن بقدر ما يتحقق فيه من وصف الإحسان؛ كما يكون له من الهدى بحسب ما يكون عليه من الاتصاف بالأوصاف المذكورة للمحسنين (2).
21 -
قال تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)} (محمد).
قال ابن القيم رحمه الله: «فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جُنْد من جنود الله، يحفظهم بها ولا يفردها عنهم ويَقْتَطِعها عنهم فيبطلها عليهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم؛ إذ كانت لغيره ولم تكن مُوَافِقَة لأمره» (3).
(1) الفوائد (ص 59).
(2)
انظر: تفسير ابن كثير (6/ 330). وكذا يقال في نظائرها، كما في أول سورة البقرة وغيرها.
(3)
إغاثة اللهفان (2/ 183).
22 -
قال تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} (الحشر).
قال ابن عاشور رحمه الله: «فمن وُقي شُحَّ نفسه؛ أي: وُقِي من أن يكون الشُّح المذموم خُلُقًا له؛ لأنه إذا وُقِي هذا الخُلُق سَلِم من كل مَوَاقع ذَمِّه، فإن وُقِي من بعضه كان له من الفلاح بمقدار ما وُقِيَه» اهـ (1).
23 -
قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} (المنافقون).
قال ابن القيم رحمه الله: «فله من العِزّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حَظّ من العلو والعِزّة ففي مُقَابلة ما فاته من حقائق الإيمان؛ عِلْمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا» اهـ (2).
24 -
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق: 2، 3).
فيكون للعبد من الفرج والخروج من الشدة وحصول الرزق، بحسب تقواه (3).
25 -
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: 3).
فيكون للعبد من الكفاية بحسب توكله (4).
(1) التحرير والتنوير (28/ 95).
(2)
إغاثة اللهفان (2/ 181).
(3)
جامع الرسائل لابن تيمية (1/ 88).
(4)
انظر: السابق.
26 -
قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} (الليل).
27 -
قال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} (الشرح).
قال ابن القيم رحمه الله: «شَرَح الله صدر رسوله أَتَمَّ الشَّرْح، ووَضَع عنه وِزْرَه كل الوضع، وَرَفَع ذِكْره كل الرفع، وجعل لأتباعه حظًّا من ذلك؛ إذ كل مَتْبُوع فلأتباعه حظ ونصيب من حظ متبوعهم في الخير والشر؛ على حسب اتباعهم له.
فأَتْبَعُ الناس لرسوله صلى الله عليه وسلم أشرحهم صدرًا، وأَوْضَعهم وِزْرًا، وأرفعهم ذِكْرًا، وكلما قويت متابعته علمًا وعملًا وحالًا وجهادًا، قويت هذه الثلاثة حتى يصير صاحبُها أشرحَ الناس صدرًا، وأرفعهم في العالمين ذِكْرًا.
وأما وَضْع وِزْره فكيف لا يُوضَع عنه ومن في السموات والأرض ودَوَابّ البر والبحر يستغفرون له؟ ! » (2).
(1) التبيان في أقسام القرآن (ص 61).
(2)
الكلام على مسألة السماع (ص 401 - 402).