الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ. الربط بين موضوع الآية وخاتمتها:
- قال البقاعي رحمه الله: «ومن تدبر الابتداء عرف الختم ومن تأمل الختم، لاح له الابتداء» (1).
التطبيق:
1 -
قال تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (البقرة: 203).
قال ابن كثير رحمه الله: «فإنه لما ذكر الله تعالى النَّفْر الأول والثاني، وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق، بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف، قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}؛ أي: تجتمعون يوم القيامة» (2).
2 -
قال تعالى: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)} (البقرة).
(1) نظم الدرر (3/ 136).
(2)
تفسير ابن كثير (1/ 562).
(3)
تفسير السعدي (ص 93).
قال في الكشاف: «ورُوي أنّ قارئًا قرأ (غفور رحيم)، فسمعه أعرابي فأنكره -ولم يقرأ القرآن- وقال: إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا الحكيم! ! لا يذكر الغفران عند الزلل؛ لأنه إغراء عليه» (1).
3 -
لما ذكر الله قوامة الرجل على المرأة، وحق الزوج في تأديب امرأته الناشز، ختم الآية بقوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} ، فَذَكَّر بعلوه وكبريائه ترهيبًا للرجال؛ لئلا يعتدوا على النساء، ويتعدوا حدود الله التي أمر بها (2).
(1) الكشاف (1/ 253)، وانظر: الإتقان في علوم القرآن (3/ 347).
(2)
ليدبروا آياته (1/ 74).
(3)
محاسن التأويل (3/ 100).
4 -
قال تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (المائدة: 118).
قال ابن القيم رحمه الله: «ولم يقل: (الغفور الرحيم) وهذا من أبلغ الأدب مع الله تعالى؛ فإنه قاله في وقت غضب الرب عليهم، والأمر بهم إلى النار، فليس هو مقام استعطاف ولا شفاعة، بل مقام براءة منهم» (1).
وكذلك فإنه حينما يعذبهم أو يغفر لهم، فإن ذلك صادر عن عزة وحكمة، وليس عن ضعف وعجز عن المؤاخذة حال المغفرة، أو وَضْع للأمر في غير موضعه.
5 -
قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} (الأعراف).
6 -
قال تعالى في سياق خطاب شعيب عليه السلام لقومه: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} (هود).
(1) مدارج السالكين (2/ 358 - 359).
(2)
مجموع الفتاوى (15/ 26).
قال السعدي رحمه الله: «أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي شيء بحسب استطاعتي، ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}» (1).
7 -
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «من احتمل الهوان والأذى في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله -كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين- كانت العاقبة له في الدنيا والآخرة، وكان ما حصل له من الأذى قد انقلب نعيمًا وسرورًا» (2).
8 -
قال تعالى بعد أن ذكر آيات المُلَاعَنَة: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)} (النور).
قال السيوطي رحمه الله: «فإن بادئ الرأي يقتضي «تواب رحيم» ؛ لأن الرحمة مناسبة للتوبة، لكن عبر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللعان وحكمته، وهي السَّتْر عن هذه الفاحشة العظيمة» (3).
(1) تفسير السعدي (ص 387).
(2)
مجموع الفتاوى (15/ 132).
(3)
الإتقان في علوم القرآن (3/ 352).
9 -
10 -
قال ابن هبيرة رحمه الله: «إنما ذكر السماع عند ذكر الليل، والإبصار عند ذكر النهار؛ لأن الإنسان يدرك سمعه في الليل أكثر من إدراكه بالنهار، ويرى بالنهار أكثر مما يرى بالليل» .
(1) مجموع الفتاوى (15/ 403).
قال المُبَرِّد رحمه الله (1): «سلطان السمع في الليل، وسلطان البصر في النهار» (2).
11 -
«تلحظ هنا توافق النسق القرآني بين صدر الآيات وعَجُزها، ففي الآية السابقة قال سبحانه: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ
…
}؛ أي: يدلُّ ويرشد، والكلام فيها عن قصص تاريخي، فناسبها:{أَفَلَا يَسْمَعُونَ} ، أما هنا فالكلام عن مَشَاهِد مَرْئية، فناسبها:{أَفَلَا يُبْصِرُونَ} ؛ فهذا ينبغي أنْ يُسمع، وهذا ينبغي أنْ يُرى» (3).
12 -
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)} (الشورى).
قال ابن عاشور رحمه الله: «وذكر صفتي الولي الحميد دون غيرهما؛ لمناسبتهما للإغاثة؛ لأن الولي يُحسِن إلى مواليه، والحميد يعطي ما يُحْمَد عليه» (4).
(1) هو: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمُبَرِّد، إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة، ووفاته ببغداد، توفي سنة: 286 هـ. انظر: تاريخ العلماء النحويين (ص 62)، والأعلام للزركلي (7/ 144).
(2)
ذيل طبقات الحنابلة (2/ 148)، وهو تابع للكلام المنقول عن ابن هبيرة. وانظر: مفتاح دار السعادة (1/ 208)، تفسير السعدي (ص 623).
(3)
تفسير الشعراوي (19/ 11866 - 11867). وانظر: فتح البيان (11/ 35).
(4)
التحرير والتنوير (25/ 96).