المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

التدبر العمليُّ نوعان:   ‌ ‌الأول:‌ ‌ التطبيق والعمل والامتثال (1) التطبيق: 1 - من مفاتيح - القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

[خالد السبت]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولالنظر الكلي -الإجمالي- في آيات السورة

- ‌1 - تدبر الآيات إجمالًا للتوصل إلى الموضوع أو الموضوعات التي تدور حولها الآيات في السورة

- ‌التطبيق:

- ‌2 - تدبر الآيات إجمالًا للتوصل إلى مقاصد السورة

- ‌التطبيق:

- ‌1 - (سورة العنكبوت):

- ‌2 - (سورة الرحمن):

- ‌3 - (سورة الليل):

- ‌4 - (سور: الكافرون، الإخلاص، المعوذتان):

- ‌3 - تدبُّر المعنى العام للآية للتوصُّل إلى المعنى الأساسي الذي نزلت لتقريره

- ‌الباب الثانيفي المعاني والهدايات المستخرجةوفق القواعد والأصول المعتبرة

- ‌أولاً: إعمال أنواع الدلالة في استخراج الهدايات من الآيات الكريمة

- ‌توطئة:

- ‌تطبيقات شاملة

- ‌وبعد هذا الإجمال إليك شيئًا من التفصيل في هذه الأنواع:

- ‌النوع الأول: «دلالة المنطوق»

- ‌1 - المنطوق الصريح؛ وهو نوعان:

- ‌(أ) دلالة المطابقة

- ‌التطبيق:

- ‌ب- دلالة التَّضَمُّن

- ‌التطبيق:

- ‌2 - المنطوق غير الصريح (دلالة الالتزام)

- ‌الأول: دلالة الاقتضاء

- ‌التطبيق:

- ‌الصورة الأولى: ما يُسْتَخْرَج من نص واحد:

- ‌التطبيق:

- ‌الصورة الثانية: ما يُسْتَخْرَج من مجموع دليلين فأكثر:

- ‌التطبيق:

- ‌الثالث: دلالة الإيماء والتنبيه

- ‌التطبيق:

- ‌النوع الثاني: «دلالة المفهوم»

- ‌1 - مفهوم الموافقة

- ‌الأول: الأَوْلَوي

- ‌التطبيق:

- ‌الثاني: المُسَاوي

- ‌التطبيق:

- ‌2 - مفهوم المخالفة

- ‌الأول: مفهوم الحصر

- ‌التطبيق:

- ‌الثاني: مفهوم الصفة

- ‌التطبيق:

- ‌ثانيًا: العموم والخصوص

- ‌التطبيق:

- ‌ثالثًا: الإطلاق والتقييد

- ‌التطبيق:

- ‌رابعًا: ما يُسْتَفَاد من بعض القواعد في التفسير

- ‌1 - قاعدة: «عَسَى» من الله واجبة:

- ‌توضيح القاعدة:

- ‌التطبيق:

- ‌2 - الحُكْم المُعَلَّق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه

- ‌توضيح القاعدة:

- ‌التطبيق:

- ‌3 - زيادة المبنى لزيادة المعنى

- ‌توضيح القاعدة:

- ‌التطبيق:

- ‌4 - حذف المُقْتَضَى --المُتَعَلَّق- يفيد العموم النِّسْبِي

- ‌توضيح القاعدة:

- ‌التطبيق:

- ‌5 - الأوصاف المُخْتَصَّة بالإناث إذا أُريد بها الوصف، جُرِّدت من التاء، وإذا أُريد به المُبَاشَرة، أُلحِقَت بها التاء

- ‌التطبيق:

- ‌خامسًا: قواعد قرآنية

- ‌1 - قاعدة: «من تَرَك شيئًا لله عَوَّضَه الله خيرًا منه»

- ‌التطبيق:

- ‌2 - قاعدة: «الجزاء من جنس العمل»:

- ‌التطبيق:

- ‌3 - قاعدة: «من ترك الإقبال على ما ينفعه ابتُلي بالاشتغال بما يضره»

- ‌التطبيق:

- ‌الباب الثالثالنظر والتدبُّر في المناسبات

- ‌أ. الربط بين السورة والتي قبلها، والسورة والتي بعدها (عند القائل بأن ترتيب السور توقيفي):

- ‌التطبيق:

- ‌ب. الربط بين صدر السورة وخاتمتها:

- ‌التطبيق:

- ‌ج. الربط بين الآية والتي قبلها، والآية والتي بعدها:

- ‌التطبيق:

- ‌د. الربط بين الجمل:

- ‌التطبيق:

- ‌هـ. الربط بين موضوع الآية وخاتمتها:

- ‌التطبيق:

- ‌و. الربط بين المقاطع في السورة:

- ‌التطبيق:

- ‌ويلحق بذلك: ‌‌(دلالة الاقتران)

- ‌(دلالة الاقتران)

- ‌التطبيق:

- ‌الباب الرابعما يُتَوَصَّل إليه بالنظر في النواحي اللّغويةوالجوانب البلاغية

- ‌1 - الحقيقة والمجاز (عند القائل به)

- ‌‌‌التطبيق:

- ‌التطبيق:

- ‌2 - ما يتصل بمرجع الضمير:

- ‌3 - ما يُؤْخَذ من الإظهار في موضع الإضمار، وعكسه

- ‌التطبيق:

- ‌التطبيق:

- ‌5 - الفروق اللفظية

- ‌التطبيق:

- ‌6 - المتشابه اللفظي

- ‌التطبيق:

- ‌7 - دلالات الجملة (الاسمية والفعلية):

- ‌التطبيق:

- ‌8 - ما يرجع إلى تصريف اللفظ:

- ‌التطبيق:

- ‌التطبيق:

- ‌10 - التقدير والحذف والزيادة، والتكرار، والتقديم والتأخير، والترتيب بين الأمور المذكورة في الآية:

- ‌التطبيق:

- ‌11 - الإيجاز والبسط والاستطراد

- ‌التطبيق:

- ‌12 - الأمثال والتشبيهات:

- ‌التطبيق:

- ‌الباب الخامسما لا يدخل في شيء مما سبق

- ‌الأول: صور من التدبُّر لا تدخل تحت أحد الأنواع المذكورة:

- ‌التطبيق:

- ‌الثاني: التفسير الإشاري

- ‌التطبيق:

- ‌الباب السادسالتدبُّر العملي

- ‌الأول:‌‌ التطبيقوالعمل والامتثال

- ‌ التطبيق

- ‌الثاني: النظر في الكون والآيات المشهودة:

- ‌التطبيق:

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع والمصادر

الفصل: التدبر العمليُّ نوعان:   ‌ ‌الأول:‌ ‌ التطبيق والعمل والامتثال (1) التطبيق: 1 - من مفاتيح

التدبر العمليُّ نوعان:

‌الأول:‌

‌ التطبيق

والعمل والامتثال

(1)

التطبيق:

1 -

من مفاتيح الرزق (تدبر عملي):

قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طه: 132).

قال ابن جُزَي رحمه الله: «كان بعض السلف إذا أصاب أهلَه خصاصة، قال: قوموا فصَلُّوا؛ بهذا أمركم الله، ويتلو هذه الآية» (2).

2 -

قال عبد الله بن إبراهيم الإسكافي (3) رحمه الله: «حضرت مجلس المُهتدي (4) وقد جلس للمظالم، فاستعداه رجل على ابن له، فأمر بإحضاره، فأُحضر وأقامه إلى جنب الرجل، فسأله عما ادعاه عليه، فأقر به، فأمره بالخروج له من حقه، فكتب له بذلك كتابًا، فلما فرغ، قال له الرجل: والله يا أمير المؤمنين ما أنت إلا كما قال الشاعر:

حَكَّمْتُموه فقضى بينكمْ

أبلجُ مِثْلُ القمرِ الزاهرِ

لا يقبلُ الرشوة في حُكمه

ولا يبالي غَبَنَ الخاسر (5)

(1) وهذا باعتبار أن بعض السلف قد فسَّر التدبُّر بالعمل؛ وهو تفسير له بثمرته.

(2)

التسهيل لعلوم التنزيل (2/ 17).

(3)

لعله عُبَيْد الله بن إبراهيم بن عَبْد المؤمن الإسكافي، عم الوزير: محمد بن أحمد بن إبراهيم القراريطي. انظر: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (2/ 3).

(4)

محمد بن هارون الواثق بن محمد المُعْتَصِم بن هارون الرشيد، أبو عبد الله، المهتدي بالله، العباسي، من خلفاء الدولة العباسية، توفي سنة: 256 هـ. انظر: الوافي بالوفيات (5/ 97 - 87)، والأعلام للزركلي (7/ 128).

(5)

البيت للأعشى، وهو في ديوانه (ص 92).

ص: 229

فقال له المُهْتَدي: أما أنت أيها الرجل فأحسن الله مقالتك، وأما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت المصحف:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47)، فقال لي عمي: فما رأيت باكيًا أكثر من ذلك اليوم» (1).

3 -

قال ابن مفلح رحمه الله: «قَارِن بين تَأَدّب السلف بهدي القرآن وبين فعل بعض الناس مع علمائهم؛ قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام: ما استأذنت قط على مُحدِّث! كنت أنتظر حتى يخرج إليّ، وتأولت قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (الحجرات: 5)» (2).

4 -

قال أحدهم: كان لي موعد بعد صلاة العشاء مع معصية، وفي صلاة العشاء قرأ الإمام قولَه تعالى:{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: 34)، فتذكرت ما أنا فيه من الخير والنعيم .. واستحييت، فأحمد الله على التوبة (3).

5 -

قال أحدهم: أنا طالب علم، وذات مرة توقَّفْتُ عند قوله تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر: 9)، فبكيت كثيرًا على ضياع ليالٍ كثيرة في هذه الليالي الشاتية الطويلة، وأنا لم أشرّف نفسي بالانتصاب قائمًا لربي ولو لدقائق، فكان هذا البكاء مفتاحًا لبداية أرجو ألا تتوقف حتى ألقى ربي (4).

(1) تاريخ بغداد (4/ 553).

(2)

الآداب الشرعية (2/ 7).

(3)

ليدبروا آياته (4/ 203).

(4)

السابق (4/ 216).

ص: 230

6 -

قال يونس المكي رحمه الله: «زرع رجل من أهل الطائف زرعًا، فلما بلغ أَصَابَتْه آفة فاحترق، فدخلنا عليه نُواسيه عنه فبكى، وقال: والله ما عليه أبكي، ولكني سمعت الله تبارك وتعالى يقول: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} (آل عمران: 117)، فأخاف أن أكون من أهل هذه الصفة، فذلك الذي أبكاني» (1).

7 -

كان أويس إذا نظرَ إلى الرؤوسِ المشويةِ يذكرُ هذه الآية: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)} ، فيقعُ مغشيًّا عليه؛ حتى يظنَّ الناظرون إليه أنه مجنونٌ (2). 8 - وكانَ لطاوس طريقانِ إذا رجعَ من المسجدِ أحدُهُما فيها روَّاس، وكان يرجعُ إذا صلَّى المغربَ، فإذا أخذَ الطريقَ الذي فيه الروَّاس لم يستطعْ أن يتعشى، فقيلَ لهُ: فقالَ: إذا رأيتُ الرؤوسَ كالحةً، لم أستطعْ آكلُ (3).

9 -

وقال الأصمعيُّ: حدثنا الصقرُ بنُ حبيب (4)

قالَ: مرَّ ابنُ سيرين بروَّاسٍ قد أخرجَ رأسًا، فغشي عليه (5).

(1) الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا (ص 50).

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر (34/ 25)، التخويف من النار لابن رجب (ص 172).

(3)

التخويف من النار لابن رجب (ص 171 - 172).

(4)

الصقر -وقيل الصَّعق- بن حبيب، السلولي البصري، شيخ من أهل البصرة. انظر: المجروحين لابن حبان (1/ 375).

(5)

التخويف من النار لابن رجب (ص 172).

ص: 231

10 -

عن عبد الله بن عمر أنه شرب ماء باردًا، فبكى واشتد بكاؤه، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ذكرت آية في كتاب الله وهي قوله: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} (سبأ: 54)، فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئًا، شهوتهم الماء البارد، وقد قال الله تعالى:{أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} (الأعراف: 50)(1).

11 -

وأُتي الحسن بكُوز من الماء؛ ليفطر عليه، فلما أدناه إلى فيه بكى، وقال: ذَكَرتُ أُمنية أهل النار وقولهم: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} (الأعراف: 50)، وذكرت ما أُجيبوا به:{إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} (الأعراف)(2).

12 -

وعن إبراهيم النخعي قال: قَلّما قرأتُ هَذِهِ الآية إلا ذكرتُ بَرْدَ الشَّرَابِ، وقرأ:{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} (سبأ: 54)(3).

13 -

عن عبد الملك بن مروان، أنه شرب ماءً باردًا، فقطعه وبكى، فقيل: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ ! قال: ذكرت العطش يوم القيامة، وذكرت أهل النار وما مُنعِوا من ماء بارد الشراب، ثم قرأ:{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إبراهيم: 17)(4).

(1) تاريخ دمشق لابن عساكر (53/ 211)، التخويف من النار لابن رجب (ص 158)، وبنحوه في التاريخ الكبير للبخاري (7/ 52 - 53).

(2)

التخويف من النار لابن رجب (ص 158)، حلية الأولياء لأبي نعيم (6/ 189).

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (7/ 208).

(4)

التخويف من النار لابن رجب (ص 158).

ص: 232

14 -

استقى محمد بن مصعب العابد (1) ماء، فسمع صوت البرادة فصاح، وقال لنفسه: من أين لك في النار برادة؟ ! ثم قرأ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} (الكهف: 29)(2).

15 -

أُتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعشائه وهو صائم، فقرأ:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)} (المزمل)، فلم يزل يبكي حتى رُفِع طعامه، وما تعشى، وإنه لصائم (3).

16 -

أمسى الحسن صائمًا فأُتي بعشائه، فَعَرَضَت له هذه الآية:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)} فَقَلَصَت يَدُه، وقال: ارفعوه، فأصبح صائمًا، فلما أمسى، أُتي بإفطاره، فَعَرَضَتْ له الآية، فقيل له: يا أبا سعيد، تهلك وتضعف! ! فأصبح اليوم الثالث صائمًا، فذهب ابنه إلى يحيى البَكَّاء وثابت البُنَاني ويزيد الضَّبي، فقال: أَدْرِكُوا أبي، فإنه هالك، فلم يزالوا به، حتى سقوه شربة ماء من سويق (4).

(1) هو: محمد بن مصعب أبو جعفر الدَّعَّاء، العابد، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه ويقول: كان رجلا صالحًا. توفي ببغداد في ذي القعدة سنة: 228 هـ. انظر: طبقات الحنابلة (1/ 320).

(2)

التخويف من النار لابن رجب (ص 159).

(3)

السابق (ص 155).

(4)

رواه أحمد في الزهد (1640). وانظر: التخويف من النار لابن رجب (ص 156).

ص: 233

17 -

عن صالح المُرِّي (1) قال: كان عطاء السَّلِيمِي (2)،

قد أضر بنفسه حتى ضعف، فقلت له: إنك قد أضررت بنفسك، وأنا متكلف لك بشيء، فلا ترد كرامتي، قال: أَفْعَل، قال: فاشتريت سويقًا، من أجود ما وجدت، وسمنًا، قال: فجعلت له شُرَيبة، فَلَتَّيْتُها وحَلَّيْتُها، وأرسلت بها مع ابني وكُوزًا من ماء، فقلت له: لا تبرح حتى يشربها، فرجع فقال: قد شربها، فلما كان من الغد، جعلت له نحوها، ثم سَرَّحْتُ بها مع ابني، فرجع بها لم يشربها، قال: فأتيته فَلُمْتُه، وقلت: سبحان الله! أَردَدْتَّ علي كرامتي؟ ! إن هذا مما يُعينك ويقويك على الصلاة، وعلى ذِكْر الله تعالى، فلما رآني قد وجدت من ذلك، قال: يا أبا بشر، لا يَسُؤك، والله لقد شَرِبْتُها أول ما بعثت بها، فلما كان الغد راودتُّ نفسي على أن أسيغها، فما قدرت على ذلك، إذا أردت شربه ذكرت هذه الآية:{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} (إبراهيم).

فبكى صالح عند هذا، وقال: قلت لنفسي: ألا أراني في واد وأنت في آخر! (3)(4).

18 -

وآخر بكى في وليمة رأى فيها الخدم يطوفون على الحضور بالطعام والشراب، وتذكر قوله تعالى:{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} (الإنسان: 19).

(1) هو: صالح بن بشير بن وادع بن أبي الأقعس أبو بشر البصري، القاص الواعظ الزاهد، المعروف بالمُرِّي، ضعيف الحديث، توفي سنة: 172 هـ، وقيل: 176 هـ. انظر: صفة الصفوة (2/ 207).

(2)

هو: عطاء السَّليمي البصري، العابد الزاهد، من صغار التابعين، توفي سنة: 140 هـ. انظر: صفة الصفوة (2/ 192).

(3)

رواه أبو نعيم في الحلية (6/ 218)، وانظر: التخويف من النار لابن رجب (ص 156، 157).

(4)

للاستزادة من هذه الأمثلة؛ راجع: التخويف من النار لابن رجب (ص 155 - 159).

ص: 234