الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقرير شيخ الأزهر
الحمد لله الذي رفع منار السنة النبوية وأعلى مكانها، ووفق من اصطفاه من خلقه لخدمتها فشادوا بنيانها. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،
فإن مولانا أمير المؤمنين، وخليفة رسول رب العالمين، سلطان البرين والبحرين، وإمام الحرمين الشريفين، السلطان الأعظم، والخاقان الأفخم، السلطان ابن السلطان.، السلطان الغازي عبد الحميد خان الثاني نصر الله به الإسلام والمسلمين.، وأيد بدوام شوكته الملة والدين، وأسعد بوُجوده وَجوده عموم رعاياه، وحفَّ الله بألطافه الصمدانية وعنايته الربانية ذاته الملوكانية الشاهانية، وعظمته وسلطته الهمايونية -
قد تعلقت إرادته السنية العلية، بأن يعمل بمقتضى سجاياه الطاهرة الزكية، فيما يعود على السنة النبوية بالصلاح، وعلى ذاته الشريفة بالبركة والفلاح، ففكر أيده الله في أجلِّ خدمةٍ يسديها للسنة النبوية الحنيفية، فلم يرَ وفقه الله أكمل من نشر أحاديثها الشريفة على وجهٍ يصحُّ معه النقل، ويرضاه العقل.
وقد اختار أجلَّه الله من بين كتب الحديث المنيفة كتاب صحيح البخاري، الذي اشتُهر بضبط الرواية، عند أهل الدراية، فأمر وأمره الموفق، بأن يُطبع في مطبعة مصر
الأميرية، لما اشتُهرت به من دقة التصحيح، وجودة الحروف بين كل المطابع العربية، وبأن يكون طبع هذا الكتاب في هذه المطبعة على النسخة اليونينية، المحفوظة في الخزانة الملوكية بالآستانة العلية، لما هي معروفة به من الصحة القليلة المثال، في هذا الجيل وما مضى من الأجيال، وبأن يكون جميع ما يُطبع من هذا الكتاب وقفًا عامًّا لجميع الممالك الإسلامية، وبأن يتولى قراءة المطبوع بعد تصحيحه في المطبعة جمعٌ من أكابر علماء الأزهر الأعلام، الذين لهم في خدمة الحديث الشريف قدمٌ راسخةٌ بين الأنام.
وفي التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، من سنة 1312 للهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، أبلغ صاحب الدولة الغازي أحمد مختار باشا المندوبُ العالي العثماني في القطر المصري هذه الأوامر السلطانية إلينا، لنجمع من حضرات أكابر العلماء الأزهريين من يُعتمد عليهم في هذا الباب، ونقومَ معهم بهذه الخدمة الشريفة، والأعمال المنيفة.
ثم بعث دولته إلينا بالنسخة اليونينية، والنسخ المطبوعة، على يد صاحب السعادة عبد السلام باشا المويلحي للمقابلة عليها، كما قضى بذلك الأمر الهمايوني الكريم، وقد كان.
وجمعنا ستة عشر، ممن فضلهم عمَّ واشتهر، وأبلغناهم هذه الأوامر السلطانية، فتلقوها بصدور رحبة، وأفئدة فرحة، لعلمهم أنها خدمةٌ من أجلِّ الخِدم الدينية، وأعظمها قدرًا، وأكبرها نفعًا. خصوصًا وقد أمر بها جلالة سلطان المسلمين / وحافظ حوزة الدين. وأظهروا غاية القبول، لهذا العمل المأمول.
وعلى ذلك جمعنا أيضًا ما أمكن جمعه من نسخ هذا الصحيح القديمة، من المكاتب العامة والخاصة، مما عُني به المتقدمون ضبطًا وتصحيحًا. وبدأنا مع حضراتهم في العمل بغاية الجد والاجتهاد، حتى تمت قراءته ومقابلته في مدة يسيرة من الزمان، مع بذل ما في الاستطاعة من العناية بضبط الحروف، وشكلها، وتَحَرِّي أسماء الرواة.، وضبطها، وأوجه الروايات. فجاء هذا الكتاب الجليل بحمد الله على غاية ما يُرام، مطابقًا لما أراده مولانا أمير المؤمنين. وحررنا جدولًا بما وُجد من الخطأ، وما بُدِّل به من الصواب.
وقد صارت هذه النسخة الجديدة، التي طُبعت بأمر مولانا أمير المؤمنين أيده الله هي المعولُ عليها في الصحة والاعتبار.
ولا ننسى في هذا المقام فضل الأفاضل المصححين بالمطبعة الأميرية، فإنهم بذلوا الوسع في المراجعة والتدقيق في التصحيح بما لا مزيد عليه.
وإن شاء الله تعالى يحصل بنشرها النفع العميم، والخير العظيم، وتعود بركة ذلك النفع والخير إلى من هو السبب الأول فيه، وهو سيدنا ومولانا الخليفة الأعظم، أمير المؤمنين الأفخم، فإن جلالته هو الآمرُ به، والمُسْدي له. جزاه الله عن الإسلام والمسلمين أعظم ما يُجازى به إمامٌ عدلَ في رعيته، وخدم شريعة سيد المرسلين ورفع منار سنته. ولا برحت أياديه البيضاء، في خدمة السنة النبوية الغراء، ما دام النَّيِّران، وتعاقب المَلَوان. آمين
أما حضرات العلماء الأعلام الذين خدموا صحيح هذا الإمام فهم:
حضرة الأستاذ الشيخ سليم البِشري شيخ السادة المالكية بالأزهر
حضرة الأستاذ السيد علي الببلاوي من علماء السادة المالكية بالأزهر ونقيب السادة الأشراف
حضرة الأستاذ الشيخ أحمد الرفاعي من علماء السادة المالكية بالأزهر وشيخ رواق السادة الفيِّمة بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ إسماعيل الحامدي من علماء السادة المالكية بالأزهر وشيخ رواق السادة الصعايدة بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ أحمد الجيزاوي من علماء السادة المالكية بالأزهر وشيخ الجيزاوية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ حسن داود العِدوي من علماء السادة المالكية بالأزهر وإمامٌ راتبٌ بالجامع الأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ سليمان العبد من علماء السادة الشافعية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ يوسف النابلسي شيخ السادة الحنابلة بالأزهر
حضرة الأستاذ بكري عاشور الصِّدفي من علماء السادة الحنفية بالأزهر، مفتي بيت مال مصر والمجلس الحِسبي
حضرة الأستاذ الشيخ عمر الرافعي من علماء السادة الحنفية بالأزهر، مفتي مديرية الجيزة
حضرة الأستاذ الشيخ محمد حسين الأبريري من علماء السادة الشافعية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ محمد أبو الفضل الوراقي من علماء السادة المالكية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ هارون عبد الرازق من علماء السادة المالكية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ حسن الطويل من علماء السادة المالكية بالأزهر
حضرة الأستاذ الشيخ حمزة فتح الله مفتش اللغة العربية بالمعارف المصرية
حضرة السيد محمد غانم من أهل العلم الشافعية بالأزهر الذين لهم دراية بالحديث
هذا وقد احتفلنا بيوم ختام هذا الكتاب المستطاب، في مركز إدارة الجامع الأزهر الأنور، فحضر في ذلك اليوم المشهود، جمع من أكابر العلماء، وتُليت الأدعية الصالحة المقبولة بدوام عرش الخلافة العظمى، وتأييد مولانا أمير المؤمنين. وخطب فيها البعض من أكابرهم، ببيان فضل هذا العمل، وفضل الآمر به والعاملين فيه.
واختتمناها بصالح الدعاء لسيدنا ومولانا أمير المؤمنين، وأمَّنَ جميع الحاضرين، بقلوب سليمة، وأفئدة مليئة، كلها محبةٌ وولاء، وصفاء لعرش الخلافة، خلَّد الله ملك جلالة مولانا أمير المؤمنين فيه على الدوام آمين.
يوم الأحد 20 صفر سنة 1313
محل الختم
الفقير حسونة النواوي الحنفي
خادم العلم والفقراء بالأزهر