الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(صحيح البخاري) أو (البخاري الشريف) كما يسميه الأتراك، فقد درج على ذلك الحفاظ في اختصار اسم هذا الكتاب وغيره من المصنفات، مع وجوب التذكير بعنوانه التام الذي وضعه له مؤلفه، لكي لا يُنسى.
معنى الجامع وموضوعاتُه:
قَصَدَ الإمامُ البخاري عندما سمَّى كتابه: (الجامع) معنًى دقيقًا متعلقًا بفنون الحديث، ذلك أن الكتب قبله كانت مقتصرة غالبًا على فنون خاصة من الحديث، فأدخل البخاري جميع الفنون في كتابه، فصار لذلك جامعًا. وكانت هذه الفنون فيما ذكره وليُّ الله الدهلوي (-1176) أربعةً هي: فن السنة ويُراد بها الفقه، ولذلك اقتصرت كتب السنن عليه .. وفن التفسير، وفن السير، وفن الزهد والرقائق.
وقال ابنه عبد العزيز الدهلوي (-1239): "والجامع في اصطلاح المحدثين ما يوجد فيه جميع أقسام الحديث: أي أحاديث العقائد وأحاديث الأحكام وأحاديث الرقائق، وأحاديث آداب الأكل والشرب، وأحاديث السفر والقيام والقعود، والأحاديث المتعلقة بالتفسير والتاريخ والسير، وأحاديث الفتن وأحاديث المناقب والمثالب. وقد صنف أهل العلم بالحديث في كل فنٍّ من هذه الفنون الثمانية تصانيف مفردة
…
فالجامع هو ما يوجد فيه أنموذجُ كلِّ فنٍّ من هذه الفنون الثمانية المذكورة، كالجامع الصحيح للبخاري والجامع للإمام الترمذي. وأما صحيح مسلم فإنه وإن كانت فيه أحاديث تلك الفنون لكن ليس فيه ما يتعلق بفن التفسير والقراءة ولهذا لا يقال له الجامع كما يقال لأخويه" [نقله من الفارسية العلامة عبد الرحمن المباركفوري (-1353) في مقدمة تحفة الأحوذي].
وبذلك تتضح لنا الموضوعات التي أدرجها الإمام البخاري في كتابه، إذ لم يقتصر على
أبواب السنن المتعلقة بالأحكام، بل جمع كل ما يتعلق بأمور الدين. لكنه لم يكن أول كتاب جامع، فقد سبق الإمامَ البخاريَّ في استعمال كلمة الجامع في العنوان جماعة من المحدثين، ألَّفوا كتبًا بعنوان: الجامع، منهم: معْمرُ بن راشد (-154) وسفيان الثوري (-161) وعبد الله بن وهبٍ (-197) وسفيان بن عيينة (-198). وأوليته هي في التزام الصحيح من الحديث.
وقد أوضح الإمام أبو سليمان الخطابيُّ تنوع موضوعات صحيح البخاري في مقدمة شرحه، وعدَّها من جملة محاسنه، فقال:"وغرضُ صاحب هذا الكتاب إنما هو ذِكرُ ما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جليل من العلم أو دقيقٍ. ولذلك أدخل فيه كل حديث صحَّ عنده في تفسير القرآن، وذكرِ التوحيد والصفات، ودلائل النبوة ومبدأ الوحي وشأن المبعث، وأيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحروبه ومغازيه، وأخبار القيامة والحشر والحساب والشفاعة وصفة الجنة والنار، وما ورد منها في ذكرِ القرون الماضية، وما جاء من الأخبار في المواعظ والزهد والرقاق، إلى ما أودعه بعدُ من الأحاديث في الفقه والأحكام والسنن والآداب ومحاسن الأخلاق وسائر ما يدخل في معناها من أمور الدين .. فأصبح هذا الكتاب كنزًا للدين وركازًا للعلوم".
مؤلف الجامع الصحيح:
هو الإمام الحافظ الحجة أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجُعفي (194 - 256).
ونسبة الكتاب إلى مؤلفه متواترة، واشتهر في زمانه أنه له، وعرضه على بعض شيوخه، وحدَّث به أمام الآلاف في مدن عديدة.، ولم يشكَّ أحدٌ في نسبته له. فالشكُّ في نسبة الجامع الصحيح إلى الإمام البخاري يخرج الشاكَّ من دائرة العقل إلى دائرة الجنون،