الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ ولادة البخاري:
ولد البخاري يوم الجمعة بعد الصلاة، في اليوم الثاني عشر من شهر شوالٍ، سنة مائة وأربع وتسعين .. ويبدو أن أباه إسماعيل كان حريصًا على حفظ تاريخ ولادة ابنه، فاعتنى بذلك وقيَّد شهادة ولادته بخطه، ورأى البخاريُّ تلك الشهادة وأخبر عنها. قال أبو عمرٍو المستنيرُ بن عتيقٍ: سألت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل: متى ولدتَ؟ فأخرج لي خطَّ أبيه: "وُلد محمد بن إسماعيل يوم الجمعة بعد الجمعة لثلاثَ عشرة ليلةً مضت من شوالٍ سنة أربع وتسعين ومائة".
أصلُ البخاري:
الإمام البخاري فارسيُّ الأصل، يبدو أن جده الأعلى بَرْدِزْبَه كان فلاحًا، إذ هذا هو معنى الكلمة في لغة أهل بخارى. وكلمة بَرْدِيز تعني بالفارسية القديمة البستان.
ومع دخول الفتح الإسلامي دخل أهل تلك البلاد في الإسلام، فأسلم المغيرة، وهو والد جده على يد والي بخارى: اليمان الجُعفي، فانتسب إليه. وقد نشأ البخاري وأبوه وجده نشأةً عربية، وكانت اللغة العربية لغتَه ولغةَ والديه في الحياة والعلم، في الصبا والشباب والشيخوخة. ولم نجد في الروايات التي بين أيدينا ما يُشير إلى أن البخاري كان يتحدث لغةً أخرى على الإطلاق.
والدُ البخاري:
هو أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، محدث، عالم، ورعٌ، ثقةٌ، رحل في طلب الحديث، وأخذه عن عدد من الأعلام، وروي عنه الحديث. كان مرجعًا لأهل بلده في عدد من أبواب العلم. وكان على الغاية من الورع وطلب الحلال في الكسب.
رحل في طلب الحديث وحج، وروى عن الإمام مالك بن أنسٍ (93 - 179)، والإمام عبد الله بن المبارك (118 - 181)، وحمَّاد ابن زيدٍ (-179)، وأبي معاوية الضرير محمد بن خازمٍ (113 - 195). ويبدو أن له رواية عن سفيان الثوري، فقد كان عنده كتاب الجامع لسفيان الثوري، كما أخبر بذلك ابنه، وقد قرأه البخاري على صديق أبيه الإمام أبي حفصٍ الكبير، وصحح للإمام موضعًا فيه، مما يدل على أنها كانت نسخةً صحيحة.
وكان أبو الحسن إسماعيل وثيق الصلة بكبار علماء مدينة بخارى، وله منهم أصحاب لا يترددون في الرجوع إليه في خواص أمورهم، يُستفاد ذلك من قصة أوردها الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام أبي حفص الكبير أحمد بن حفصٍ البخاري الحنفي (150 - 217)، وهو من كبار أئمة الحنفية، وكان من تلاميذ الإمام محمد بن الحسن الشيباني (131 - 189). فقد رأى أبو حفصٍ النبيَّ عليه الصلاة والسلام في منامه، عليه قميصٌ، وامرأةٌ إلى جنبه تبكي، فقال لها: لا تبكي، فإذا متُّ فابكي. وبحثَ الإمام أبو حفصٍ عن عالمٍ يعبِّر له هذه الرؤيا فلم يجد عند أحدٍ عِلمًا، حتَّى اجتمع بإسماعيل والد الإمام البخاري فقصها عليه، فأخبره إسماعيلُ بتأويلها قائلًا له.:"إن السنةَ قائمةٌ بعدُ"، فاستغنى أبو حفصٍ بهذا الجواب. ويُستفاد من هذه القصة أن والد البخاري كان ذا مكانة عالية بين علماء بخارى. واستمرت الصلة بين أبي حفص وأبي الحسن إلى وفاة الثاني، وقد عاده أبو حفص في مرض موته، وسمعه يقول:"لا أعلم من مالي درهمًا من حرامٍ ولا درهمًا من شبهة".
وروى أبو حفص هذا الكلام وقال عقبه: "فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك". ويبدو لي أن سبب إيراد إسماعيل لهذا الكلام وهو على فراش الموت مقبل على الله تعالى، لا غرض له في شيء من الدنيا هو أن يطمئن أصحابه إلى أن المال الذي سيخلفه لابنيه أحمد ومحمد هو مال حلال خالص عن الشبهة.