الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد عبد الله بنُ أحمدَ بنِ حَمُّويَه السَّرَخْسِيِّ (293 - 381) في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ست سنين.
رواية النساء لصحيح البخاري:
وقد شاركت النساء الرجال في رواية الصحيح، وقلَّما يخلو عصر من امرأة مسندة سمعت الصحيح، منهن: خديجة بنت عبد الله بن سعيد الشنتجيالي الأندلسية سمعت الصحيح مع أبيها من أبي ذر الهروي ذكرها ابن بشكوالٍ في الصلة. ومسندة أصبهان أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أبي سعد ابن الحسن بن علي البغدادي (-539).، حدث عنها السمعاني وابن عساكر. وهدية بنت عبد المجيد بن سعد المقدسي، سمعت الصحيح من الزبيدي. والمسندة الجليلة الشهيرة عائشة بنت عبد الهادي المقدسية (-816) سمعت الصحيح على الحجار، كانت أسند أهل الأرض في عصرها، ونزل الناس بموتها درجة. والشيخة الأصيلة المعمرة أم الخير أمة الخالق (811 - 902) وهي آخر من يروي البخاري عن أصحاب الحجار.
كرسي صحيح البخاري:
ومن جملة مظاهر الاهتمام والاعتناء بصحيح البخاري إقامةُ الكراسيِّ الخاصة لتدريس الصحيح، وكانت هذه الكراسيُّ وظائفُ ثابتةٌ، لها أوقاف مستمرةً، كلما مات عالم عُين مكانه آخر، ويكون عادةً أعلم علماء البلدة.
ومن الأمثلة على ذلك كرسيُّ صحيح البخاريِّ بشرحه فتح الباري في جامع القرويين، أنشأه السلطان أبو العباس أحمد بن محمد بن الشيخ الوطاسي، وحبَّس عليه نسخةً من فتح الباري مكتوبةً بخط اليد منقولة من نسخة الحافظ العسقلاني، قال الدكتور يوسف الكتاني: "وما تزال وثيقةُ التحبيس محفوظةً بخزانة القرويين تحت رقم (100)
إلى الآن. وممن كان يدرِّس على هذا الكرسي الإمام عبد الواحد بن أحمد الوَنْشَريسيُّ (-955)، ومحمد المهدي بن محمد الطالب بن سودة (-1294).
وكان في جامع القرويين كرشيٌّ آخر للحديث تأسس في بداية الدولة العلوية، وممن كان يواظب على تدريس صحيح البخاري فيه الشيخ أبو الفيض حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السُّلمي (-1232) وابنه محمد الطالب (-1273) الذي يروي عنه شيخنا السيد محمد المكي الكتاني بواسطة جده السيد جعفر بن إدريس، كما سيأتي.
وكان في الزاوية الفاسية بمدينة فاس كرسيٌّ خاص بصحيح البخاري أسسه أبو المحاسن يوسف بن محمد الفاسي (-1013).
ومن هذه الكراسيِّ في المغرب: كرسي البخاري بجامع الشرفاء بحيِّ المَوَّاسين في قلب مدينة مراكش أنشأه السلطان عبد الله الغالب السعدي (933 - 982). وكرسي البخاري بالجامع الكبير بمدينة تارودانت حاضرة منطقة سوس الشهيرة بالعلم والعلماء جنوبيَّ المملكة المغربية. وممن درَّس صحيح البخاري فيه الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن محمد التِّمْنَارْتِي (974 - 1060) صاحب ثبت (الفوائد الجمَّة في إسناد علوم الأمة). وقد حكى في ثبته كيف وشى به بعض الحساد إلى الأمير، ولكن الأمير أقره على قراءة البخاري، وقال للواشي:"دعه فإنما فعل صوابًا" ..
وقد رجع المغرب في السنوات الأخيرة بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى إحياء الكراسي العلمية لأمهات الكتب في سائر العلوم الشرعية، في مساجد المغرب الكبرى.
ومن هذه الكراسيِّ المختصة بصحيح البخاري كرسي الجامع الأموي بدمشق تحت قبة النسر، وهي قبة شهيرة بناها ترتفع خمسة وأربعين مترًا عن أرض المسجد، ولم يكن
بناءٌ في دمشق يعلوها. وصفها ابن جُبيرٍ في رحلته فقال: "وأعظم ما في هذا الجامع المبارك قبة الرصاص المتصلة بالمحراب وسطه، ساميةٌ في الهواء، عظيمة الاستدارة، قد استقل بها هيكل عظيم هو غاربٌ لها، يتصل من المحراب إلى الصحن، وتحته ثلاث قباب
…
ومن أي جهة استقبلت البلد ترى القبة في الهواء منيفة على كل علوٍّ كأنها معلقة من الجو".
وأقدم من تولى هذا الكرسي شمس الدين محمد الميداني (-1033)، ولكن اختصاص هذا المكان تحت القبة بتدريس الحديث قديم، فقد عقد الحافظ أبو الفضل العسقلاني في هذا المكان مجالس إملائه سنة 836. وألف الشيخ عبد الرزاق البيطار كتابًا بعنوان:(نتيجة الفكْر فيمن درَّس تحت قبة النسر)، وألف الشيخ جمال الدين القاسمي كتاب:(اللف والنشر في طبقات المدرسين تحت قبة النسر).
وقد تولاه ابتداءً من القرن الثالث عشر علماء آل الكزبري، يدرِّسون فيه الصحيح. منهم العلامة الشيخ أحمد مسلم الكزبري (1241 - 1299)، وتولى وظيفة معيد درسه جماعة منهم: الشيخ صالح السمعوني الجزائري والد العلامة الشيخ طاهر الجزائري.
وآخر من تولى هذا المنصب وقام به بحق هو المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني (1267 - 1354). ومما يدل على أن هذا الكرسي أُحدث في أيام العثمانيين أن مخصصاته كانت تُصرف من الدولة العثمانية، وكان راتب هذه الوظيفة خمسة وعشرين ليرة ذهبية.، وكان التعيين فيها يأتي بقرار من السلطان نفسه، لما لها من مكانة عالية، ومنزلة رفيعة.
وكان بالجامع الكبير بمدينة حلبَ كرسيٌّ خاصٌّ لا يجلس عليه إلا مدرِّس صحيح البخاري، أشار إليه موفق الدين سبط ابن العجمي في تاريخ حلب.