الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-18 - كتب المتون وما يتبعها في أربعة عشر نوعاً
* بعد ما علمته في الأنواع الثلاثة المتقدمة:
وهي ما كتبه الإمام في ذلك، وهو قليل بالنسبة إلى علمه وفقهه، لكنه كثير البركة لورعه ودقة علمه.
وأن فقهه تنوقل بالرواية عنه، وكان لتلامذته فضل كبير في تدوين فقهه في كتب " المسائل عنه ". وعناية الأصحاب بروايتها طبقة بعد طبقة، وفي ترجمة الحسن ابن حامد ت سنة (403 هـ) ، من " الطبقات " لابن أبي يعلى، نموذج لأسانيدها.
ثم تأليف الكتب الجامعة لها، وتحرير رواياتها، وكان للخلال فضل السبق في ذلك؛ ولهذا أطلق عليه:" جامع علوم الإمام أحمد ".
- بعد ما علمت ذلك، اعلم أن الأصحاب بعد استقرار فقه الإمام بكتب الرواية هذه، اتجهوا إليها ينتخبون من معينها: تَأْلِيْفَ المتون المختصرة، والمتوسطة، والمطولة، ثم ألحقوها بالشروح ونحوها، وتفننوا في ذلك، وقلبوا التأليف على وجوه عدة، قال عنها ابن بدران
- رحمه الله تعالى- في: " العقد الثامن " من " المدخل ": (ص/ 230- 231) : " اعلم أن أصحابنا تفننوا في علومهم الفقهية فنونا، وجعلوا لشجرتها المثمرة بأنواع الثمرات غصونا، وشعبوا من نهرها جداول تروي الصادي، ويحمد سيرها الساري في سبيل الهدى وطريق الاقتداء.
ففرعوا الفقه إلى المسائل الفرعية وألفوا فيها كتباً قد اطلعت على بعض منها.
ثم أفردوا لما فيه خلاف لأحد الأئمة فنا وسموه بفن الخلاف، وتارة يطلقون عليه المفردات.
وضموا المتناسبات فألحقوه بأصول استنبطوها من فن أصول الفقه، وسموا فنها بالقواعد.
وجعلوا للمسائل المشتبهة صورة، المختلفة حكماً ودليلاً وعلة، فنا، سموه بالفروق.
وعمدوا إلى الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان، مما ينطبق على قاعدة المصالح المرسلة، فأسسوها وسموها بالأحكام السلطانية.
وأتوا على ما اختلقه العوام وأرباب التدليس فسموه بالبدع.
وعلى ما هو من الأخلاق مما هو للتأديب والتربية ووسموه بفن الآداب.
ولما كانت كتبهم لا تخلو عن الاستدلال بالكتاب والسنة والقياس،
صنفوا كغيرهم في أصول الفقه.
ثم في تخريج أحاديث الكتب المصنفة في الفروع.
ثم عمدوا إلى جمع الأحاديث التي يصح الاستدلال بها فجمعوها ورتبوها على أبواب كتب فقههم وسموا ذلك: فن الأحكام.
وألفوا كغيرهم كتب الفرائض مفردة.
وكتب الحساب والجبر والمقابلة.
وأفردوا كتب التوحيد عن كتب المتأولين، وأكثروا فيها إقامة الدلائل انتصاراً لمذهب السلف، فجزاهم الله خيراً " انتهى.
إذاً فاعلم أن المتن: وهو ما يكتبه مؤلفه ابتداءاً، أو استخلاصاً من كتب من سبقه، دون الارتباط بشرح كتاب آخر ثم يلحق المتن: الشرحُ وما إليه، فالمتن إذاً يطلق على:" الكتاب " المقابل للشرح.
والإطلاق بهذا المعنى مولد كأنهم شبهوه بظهر الدابة في المتانة والقوة.
ثم هذه " المتون " ويقال: " المختصرات " واحدها " مختصر "(1)، ويقال أيضاً:" الموجز و " الوجيز " وهما مترادفان، وقيل: لا، وبيان
(1) انظر عن آفة المختصرات: مقدمة ابن خلدون: ص/ 470. وعن ذلك وتاريخها: الفكر السامي: 2/ 95، 146- 149، 231، 391- 404. وتاريخ الففه الإسلامي لعمر الأشقر (ص/ 150- 154) . وانظر في: " المزهر " للسيوطي: (ص/ 7) معرفة المختصرات التي فضلت على المطولات. كما في: " كناشة النوادر: 342 " لعبد السلام هارون.
ذلك في: " إضاءة الراموس ": لابن الشرقي (1/287 - 290)، وكتاب:" أخطار على المراجع العلمية " للشيخ عثمان بن عبد القادر الصافي. وأول ما ظهرت فكرة الاختصار على يد عبد الله بن عبد الحكم، المتوفى سنة (214 هـ) الذي ألف ثلاثة مختصرات في فقه الإمام مالك؛ وذلك لما كثر المَلَلُ والكَلَل في القرائح بسبب كثرة الفقه التقديري. وهذه المتون هي في المذهب صياغة وإعدادا على ما يلي:
أما صياغة: فإن الخرقي- رحمه الله تعالى- وهو أول الماتنين في المذهب، قد جرى على طريقة أصحاب الإمام الشافعي فحذا في ترتيب مختصره حذو المزني في ترتيب مختصره؛ إذ جعل الجهاد بعد الحدود، وختم مختصره بالعتق.
قال ابن تيمية في الفتاوى 4/ 450: " وهذا تجده في الأصل، من رأي بعض فقهاء أهل الكوفة وأتباعهم، ثم الشافعي وأصحابه، ثم كثير من أصحاب أحمد الذين صنفوا: " باب قتال أهل البغي " نسجوا على منوال أولئك، تجدهم هكذا، فإن الخرقي نسج على منوال المزني، والمزني نسج على منوال مختصر محمد بن الحسن، وإن كان ذلك في بعض التبويب والترتيب
…
" انتهى.
وجرى الفخر ابن تيمية، المتوفى سنة 622 هـ في:" التلخيص " و " الترغيب " و " البلغة " على نحو طريقة أبي حامد الغزالي الشافعي في: البسيط، والوسيط، والوجيز كما في: " ذيل الطبقات لابن رجب
2/ 53 " ومعجم ابن عبد الهادي.
ثم الماتنون بعد على أمشاج في الترتيب مثل ابن أبي يعلى، وابن أبي موسى، وأبي الخطاب، وغيرهم- رحمهم الله تعالى- ولما جاء " ابن حنبل الثاني ":" الموفق ابن قدامة ت سنة (620 هـ) " وألف المتون الثلاثة: " العمدة " و " المقنع "، و " الكافي " صار الماتنون تبعا له في الترتيب من طبقته المتوسطين، ثم طبقة المتأخرين إلى الآخر واستقر أمر الناس على ذلك.
وأما إعدادا ومضمونا فهي على ستة أقسام:
- القسم الأول: متن اعتمد مؤلفه رواية واحدة وعقدها على أنها هي المذهب.
وأولها بل أول متن في المذهب على الإطلاق: " مختصر الخرقي " استخلصه من كتب الرواية عن أحمد- رحمه الله تعالى-.
ومنها " التذكرة " لأبي الوفاء ابن عقيل ت سنة (513 هـ) جعله على قول واحد مع سرد بعض الأدلة على عادة بعض متقدمي الأصحاب. و " عمدة الفقه " و " الكافي " كلاهما للموفق ابن قدامة ت سنة (620 هـ) . و " بلغة الساغب وبغية الراغب " للفخر ابن تيمية ت سنة (622 هـ) على نمط الوجيز للغزالي. و " المذهب الأحمد في مذهب الإمام أحمد " ليوسف بن الإمام عبد الرحمن بن الجوزي ت سنة (656 هـ) . مطبوع. و " الوجيز " للدجيلي ت سنة (732 هـ) .
و " التسهيل " لابن أَسْبَاسَلار ت سنة (778 هـ) . ولم يذكر فيه خلافاً إلا في مسألة في باب صلاة الجماعة. و " التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع " للمرداوي ت سنة (885) هـ. و " التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح " للشويكي ت سنة (939 هـ) . و " الإقناع " و " زاد المستقنع في اختصار المقنع " كلاهما للحجاوي ت سنة (968) هـ. و " منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات " للفتوحي ت سنة (972) . ومختصره: " دليل الطالب " للشيخ مرعي ت سنة (1033 هـ) . و " عمدة الطالب " للبهوتي ت (سنة 1051 هـ) . و " كافي المبتدي " و " أخصر المختصرات " كلاهما لابن بلبان ت سنة (1083 هـ) . وبهما أقفل باب المتون في المذهب وأسدل الحجاب، فما رأيت من ألف متنا في المذهب بعدهما إلا كتابين لم أعرف عنهما سوى عنوانهما هما:" مختصر في فقه الإمام أحمد بن حنبل " لأبي بكر خوقير المكي ت (سنة 1349 هـ) . و " مختصر في الفقه " لابن بليهد عبد الله بن سليمان، المتوفى سنة (1359 هـ) . والله أعلم.
- القسم الثاني: متن اعتمد مؤلفه ذلك في المسائل التي لا يوجد للإمام فيها رواية أخرى، فما كان فيه روايتان فأكثر ذكرهما، ولا أعلم في هذا القسم على هذا المنوال سوى كتاب:" الإرشاد " للقاضي الشريف الهاشمي محمد بن أحمد بن أبي موسى ت سنة (428 هـ) . وهو محقق في رسائل بالمعهد العالي للقضاء.
- القسم الثالث: متن اعتمد مؤلفه ذلك مع ذكر روايتين فأكثر في الفروع منه.
ومنه: " المقنع " للموفق ابن قدامة ت سنة (620 هـ) .
- القسم الرابع: متن اعتمد مؤلفه ذكر روايتين فحسب مهما وقعت له في أي من الفروع على روايتين، أو قولين، أو وجهين، وأول من علمته ألف في ذلك: غلام الخلال، المتوفى سنة (363 هـ) فألف كتبه في المذهب منها: كتاب القولين ". والشريف محمد بن أحمد ابن أبي موسى ت سنة (428 هـ) . والقاضي أبو يعلى، المتوفى سنة (459 هـ) في كتابه: " الروايتين ". وابنه أبو الحسين محمد، المتوفى سنة (526 هـ) في فائت كتاب والده، وسماه: " التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام، والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام " مطبوع. وأبو الوفاء ابن عقيل، المتوفى سنة (513 هـ) وقد اختصره باسم: " الإشارة "، أو مختصر لكتاب أبي يعلى. والحلواني محمد بن علي ابن المراق ت سنة (505 هـ) كما في معجم ابن عبد الهادي ومقدمة الإنصاف، والموفق ابن قدامة، المتوفى سنة (620 هـ) في كتابه: " المقنع " فإنه اعتنى فيه بذكر الروايتين فأكثر ثم بسطها في شرحه على مختصر الخرقي الشهير باسم: " المغني ".
- القسم الخامس: متن اعتمد مؤلفه ذلك مع ذكر رواية ثالثة
فأكثر ومنه: الجامع الصغير للقاضي أبي يعلى ت سنة (458 هـ) وقد تميز بتصدير أبوابه بآية، أو حديث، أو بهما مع ذكر الروايات في جل مسائله.
ومنه: " الهداية " لأبي الخطاب ت سنة (510 هـ) . مطبوع.
" المستوعب " للسامري ت سنة (616 هـ) . مطبوع إلى نهاية العقيقة في أربعة مجلدات.
" المحرر " للمجد ابن تيمية ت سنة (652 هـ) . مطبوع وحقق بجامعة الإمام عام (1405 هـ) .
- القسم السادس: متن اعتمد مؤلفه استقطاب الروايات ما أمكنه ذلك، وهي:
" جامع الروايات " للخلال ت سنة (311 هـ) . وزاد المسافر ".
و" التنبيه " كلاهما لغلامه ت سنة (363 هـ) . و " جامع المذهب " للحسن بن حامد ت سنة (403 هـ) . و " الإنصاف " للمرداوي ت سنة (885 هـ) - رحمه الله تعالى-.
* ثم هذه المتون منها ما لم نقف له على شيء من الشروح ونحوها، ومنها ما لحقته عناية العلماء بالشروح والحواشي وغيرها.
ثم طريقتهم في الشرح أن الشارح يأخذ المسألة من المتن، فيجعلها كالترجمة، ثم يأتي على شرحها على شرطه، إما بشرح
مذهبي يفك فيه العبارة، أو مضافا إليها الدليل، أو مع ذكر خلاف الأئمة، أو مع ذلك بيان الأدلة وتوجيه الخلاف وثمرته.
وهذه طرائقهم العامة في الشروح
وإما بمزج المتن مع الشرح كما في: " المبدع بشرح القنع " وهذا قليل.
وبالتتبع للمتون التي لحقها شرح، أو اختصار، أو نظم، أو حواش وتعليقات، وما إلى ذلك من خدمتها العلمية وقع لي أربعة وعشرون متنا (1) ، تنوعت خدمة العلماء لها على اختلاف طبقاتهم، وقد لحق- أيضاً- بعض توابعها خدمة أخرى من اختصار وغيره، مثل ما لحق:" المغني " و " الإنصاف " وغيرهما، وهذا جدول يبين كل متن وما لحقه:
(1) هذا في المتون الفقهية التي تنتظم أبواب الفقه من الطهارة إلى الإقرار ولا يشمل ما لحقه خدمة من كتب: أصول الففه، والقواعد الفقهية، والكتب المفردة في باب من أبواب الفقه. فليعلم. أو ما طبع بعضه حديثا لما وجد من أبوابه مثل ما وجد من كتاب الجامع للخلال، كما لا يشمل ما لحقه تحقيق للرسائل الجامعية، أو لعمل طوعي لأنه لا يخرج عن تحقيق إخراج النص، وليس المقصود منه الشرح ونحوه.
جدول
انظر إلى الجدول في النسخة المصورة
جدول
انظر إلى الجدول في النسخة المصورة